كاتب الموضوع :
mostafaageg
المنتدى :
سلاسل روايات مصرية للجيب
د. نبيل فاروق في حفل توقيع كتابه "يا عيني يا مصر"
"الشعب المصري بات ينتظر التغيير.. ولا يُشارك في صنعه"!
في أمسية ثقافية شبابية جداً احتضنتها مكتبة البلد مساء الثلاثاء 16 يونيو، استضافت المكتبة الدكتور نبيل فاروق في أول حفل توقيع لكتابه الجديد "يا عيني يا مصر" والذي يختلف تمام الاختلاف عن سابق إصداراته من السلاسل المختلفة التي اعتدنا عليها منه، إذ يشتمل الكتاب على مقالات تنتقد الأوضاع الحالية في مصر وخاصة الفساد الذي استشرى في قطاعات مصر المختلفة.
وقد اكتظت المكتبة بحضور هائل من جمهور الشباب من قرّاء دكتور نبيل الذين جاءوا يحاورونه في هذا التحوّل في كتاباته، وكان الدكتور نبيل في حالة جديدة تماماً على معظم جمهوره إذ بدا ساخطاً تماماً على أوضاع مصر الحالية، وكان شديد الجرأة في وصف بعض تلك الأوضاع وبشكل ساخر أضحك الكثيرين، وفي الوقت ذاته لم يُنكر تفاؤله بالمرحلة القادمة في ظل ارتفاع لهجة ولغة المعارضة خاصة داخل مجتمع الشباب وتحديداً على الإنترنت.
وقد بدأت الأمسية بكلمة للدكتور نبيل تناول فيها أسباب صياغته لهذا الكتاب وما كتبه فيه وجاء فيها قوله:
"إننا وصلنا لمرحة من الفساد شديدة الوضوح، وإذا ما كنا نملك في بلدنا حرية حقيقية وحكومة تخشى صحف المعارضة بحق؛ لسقطت الحكومة بفاسديها، لكننا صرنا نقرأ أخباراً وتحقيقات تكشف أوضاع فاسدة في مصر ولا أحد يعلّق عليها وكأنها أخبار عادية في صفحة الحوادث..
ومع ذلك أرى أننا في مرحلة انتقالية سننتقل منها إلى وضع أفضل حتماً، لكن ربما نحن نتعجّل هذا التغيير من فرط ما نعانيه من فساد.. لكن مشكلتنا أننا لا نملك كوادر قادرة على قيادة هذا التغيير، كما أننا نفتقد إلى التآزر القبلي حول شخص بعينه يقود التغيير ودوما مشتتين وراء أراء كثيرة متناقضة..
وربما مشكلتنا الأكبر في هذا أننا اعتدنا أن الحلول لمشاكلنا تأتي فجأة؛ فنحن كشعب مصري بات يوم 22 يوليو على وجود الملك، ليُصبح يوم 23 يوليو فيجد جيشاً صنع انقلابا وبتنا في عام 71 على رجال أقوى من الرئيس لنجد في اليوم التالي وقد دخلوا المعتقلات، وفي 6 أكتوبر عام 81 وفي احتفالنا بأعياد نصر أكتوبر وبقائد هذا النصر فوجئنا باغتيال الرئيس.. لذلك التغيير عندنا دوما يأتي فجأة..!
حتى اعتدنا أن ننتظر التغيير ولا نُشارك في صنعه، حتى في قصص التراث لدينا، ستجد هذا المعنى موروث شعبي لدينا.. فمثلا (علي بابا) الذي أصبح ثرياً بعد أن فتح المغارة وقصة (علاء الدين ومصباحه السحري) وكذلك (علي جناح التبريزي) الذي وجد خاتماً جعله ثرياً، وكل نوعية هذه القصص لا تحثّ على العمل ولا على الكفاح وتشعرك أن النجاح يأتي فجأة، حتى السينما رسّخت لهذا المعنى فتجد في كثير من الأعمال الدرامية أحدهم كتب كتاباً أو مطرب جديد "طلّع غنوة" جديدة وبعدها يُصبح ثرياً ويملك السيارات الفارهة والفيلات الفاخرة.. وهذا عكس ما يجب أن نكون عليه من صبر وبذل جهد حقيقي حتى ننال النجاح..
وأنا يؤسفني أمام هذه الأحوال أن أجد تكالباً من الشباب على الإفراط في استخدام الكمبيوتر بلا فائدة، فكثيراً من الناس يجلسون أمام الكمبيوتر بلا فائدة تُذكر سوى أنهم يُحدّثون بعض البعض عبر الشات أو يُحمّلون الأغاني والأفلام.. ثم ما النتيجة هل سيصبحون خبراءً في تحميل الأغاني أو الشات.. لذلك أنا دوماً أكرر أنني أحترم الشاب الذي يعمل كديلفري عن الذي يطلب الديلفري؛ لأنه يخرج ويتحرّك ويبذل مجهوداً يخالف من يجلس أمام الكمبيوتر.
ونحن بسبب ثورة التكنولوجيا لدينا نوعاً من "هرجلة الفكر" بل أصبح لدينا عشوائية في التسميات، حتى أنني أتعجب مما يطلقون عليه الهاتف الإسلامي؛ فهل لأنه يُقال فيه مواد دينية أصبح هاتفا إسلاميا بمعنى لو تم تصنيعه في إسرائيل ووضع عليه صوت الأذان أصبح هاتفا إسلاميا..!!
لقد أصبحت قضيتنا في أي تطور مرتبطة بالاسم فقط، وكلما كان الاسم دينياً كان أكثر جذباً للناس، مثلما نطلق اسم الإيمان على كل شيء مع أن صاحب هذا الشيء قد لا يكون ممن يراعون الله في معاملاتهم..!
والغريب أننا عندما نواجه مثل هذه النوعية من الناس نواجَه بكمّ من الانتقاد الحاد، وكأن الجميع أصبحوا علماءً وقد مرّ على مصر فترة من السيطرة الدينية وصل الحال فيها إلى ظهور موجة من التشدد المبالغ فيه، تقول إن التفكير حرام رغم أن كل آيات القرآن الكريم تحثنا على التفكير..
لذلك مشكلتنا دوما في أسلمة الأشياء لصبغها بصبغة إسلامية وهذا ما حدث مثلا أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما أطلقوا على الفكر الاشتراكي الإسلام الاشتراكي.. أو مثل أيام الانفتاح في أول عهد السادات عندما أطلقوا على الرأسمالية الإسلام الرأسمالي.. والحقيقة أن الإسلام لا علاقة له بالأمرين، وبريء من هذه المسمّيات تماماً.."
وقد أضاف د.نبيل حول صور الفساد مقارنة بين الماضي والحاضر بقوله "زمان كان الإقطاعيون لما نقول عندهم فدادين كثيرة كان الواحد بيبقى عنده ألف فدان، أما الآن فنحن نعلم أن هناك من يملكون مليون فدان..!!! فأي عصر أكثر فساداً؟!..
وإذا كنا كما تدّعي الحكومة في عصر الحرية والديمقراطية فدعوني أسوق لكم هذه القصة التي ترصد الفرق بين ديمقراطية ما قبل الثورة وديمقراطية اليوم، فقد حدث ذات يوم فيما قبل الثورة أن قصد مصطفى باشا النحاس -رئيس وزراء مصر آنذاك- محطة مصر للسفر إلى الإسكندرية، ولاحظوا أول نقطة أنه وقف على محطة القطار وسط العامة من الناس دون أي حراسة ثم تأخّر القطار فذهب ليصلي في مسجد المحطة وهذه النقطة الثانية وهي حرصه على الصلاة، وعندما خرج واجهه أحد الشباب بقوله هل أنت مصطفى باشا فقال له نعم فإذا بالشاب يضربه على وجهه فالتفّ حول الناس يقبضون عليه وهذه النقطة الثالثة..
ثم قرر مصطفى باشا أن يذهب به إلى قسم الأزبكية ويُحرر ضده محضراً وهذه النقطة الرابعة أن رئيس وزراء مصر يحرر محضراً ضد من اعتدى عليه بالضرب ولم ينكل به..
وبالطبع القطار فاته واضطر لأخذ القطار التالي وهذه النقطة الخامسة، أما السادسة والأخيرة أنه وفي تحقيقات النيابة علم أن لهذا الشاب مظلمة ما ولم تحل وأنه فعل هذا من غضبه وأنه لو استمر التحقيق معه فسوف يضيع مستقبل الفتى.. لذلك سامحه مصطفى باشا وتنازل عن التحقيق.
وتعالوا معي نتخيّل لو أن المثل حدث اليوم مع أحمد نظيف فكيف سيكون الحال..؟؟
لذلك المدهش والذي لا تعيه نظمنا الأمنية أن النزول العشوائي للرؤساء في الشوارع أفضل أمناً لهم، خاصة إذا لم يعلم أحد بخط سيرهم، أما غلق الطرق وتعذيب المواطنين فيها فهو مع أمور كثيرة ما أدى إلى تصاعد حدة الغضب العام والذي يجهله الأمن أنه على مر التاريخ لا يوجد أمن عرف يقف في وجه شعب ثائر..
لكن ماذا بعد الغضب؟! هذا هو السؤال.. لكننا يمكن أن نقول إلى ماذا سينتهي الحال وهذا هو الخوف الحقيقي على مستقبل مصر.. فالخطر القادم والحقيقي هو ثورة الجياع بعد تفاقم الأزمات الاقتصادية وانحدار مستويات الدخول لأدنى مستوياتها بجانب ارتفاع الأسعار لأعلى مستوياتها وهو ما خلق نوعاً من الفساد العلني وغير العلني، بل أصبح الواقع أن النظام الحاكم يفسد ويترك الناس تفسد هي الأخرى لتنسى فساده..
وعلى كل حال أنا متفائل بالمرحلة القادمة؛ لأننا صرنا نجد شباباً قادراً على المواجهة يكتب بجرأة لا مثيل لها ولم يعد يخشى عصا الأمن الغليظة..!!
وهذا هو الأهم..
وعلى مدار ما يفوق ساعتين ونصف ظلّ الحوار بين الشباب والدكتور نبيل دائراً إلى أن اختتمه بتوقيعه على الكتاب الجديد مع وعد بلقاء جديد قريباً.
هذا ما نشرته أحد المجلات الألكترونية الشهيرة عن وقائع حفل توقيع كتاب "يا عينى يامصر" للدكتور نبيل فاروق
|