لم يكن احد في عصر بلاد الاغريق الذهبي بمنأى عن اللعنات، ولا احد حتى كبار القادة السياسيين والخطباء المفوهين.
وكان السحرة يعملون بالسر ويدفنون التعاويذ مع الموتى على امل ان تنقلهم الى العالم السفلي. وبعض هذه اللعنات كانت تخصص للخصوم في الدعاوي وبعضها لجلب النحس لشخصية سياسية ما، واخرى لالحاق الاذى بالاعداء.
تعاويذ اللعن كانت تسمى كتاريس وقد عثر على 55 قطعة منها في الحفريات التي جرت على امتداد التسعين سنة الماضية في مقبرة كيراميكوس القديمة قرب السوق القديمة حيث كان السياسيون يلقون خطبهم، ويحمل بعضها نقوشا تقول: «انني اقيدك بالارض».
ويقول اختصاصيون الان بترميم ودراسة هذه ال«كتاريس»: او اللعنات استعدادا لوضع كتاب عن الدور الذي كان يلعبه السحر الاسود، على الرغم من انه كان محظورا في اليونان القديمة، في مجتمع كان يقدر حق القدر ايضا المنطق والفكر. وسيكون الكتاب العتيد أول مجلد جامع عن تعاويذ اللعن في اثينا القديمة.
وتقول يوتا ستروجيك، رئيسة المعهد الالماني للاثار في اليونان الذي يشرف على الحفريات إن: هذه الممارسات كانت موجودة فعلا، وهي تلقي الاضواء على التاريخ السياسي والثقافي.
واللعنات التي عثر عليها هي نصوص محفورة في الرصاص، وكانت تدفن احيانا مع تماثيل صغيرة. ويقول علماء الاثار، ان تلك الرقائق الرصاصية غالبا ما كانت تدفن في قبور الشباب للاعتقاد آنذاك ان الموت السابق لاوانه سينقل اللعنات الى آلهة العالم السفلى بسرعة اكبر.
وليست مخطوطات اللعن فريدة من نوعها، بل عثر على مثيلاتها في مختلف بلدان البحر المتوسط، إلا ان المجموعة اليونانية تعكس حياة مجتمع كان في اوجه: عصر بريكلس قبل 2500 سنة في المرحلة التي بني فيها البارثينون. وهي توفر ايضا امثلة مدهشة على الصلة المباشرة بين الخرافات القديمة والحياة اليومية
ويقول فليتشي كوستابيلي، خبير المخطوطات القديمة في جامعة ماجنا جراتشيا في كانتزارو بإيطاليا ان الكتاريس كانت الوسيط المناسب للقضاء على الخصوم السياسيين.
والظاهر ان السحرة القدامى، الذين كانت سلطات اثينا تحظر نشاطهم يقيمون شعائر سرية لتحضير التعاويذ. إلا ان الخبراء لا يعرفون شيئا محددا عن تلك الطقوس. ولل الساحر كان من واجبه ان يعثر على الرصاص ويخط عليه اللعنة ويعثر على قبور شباب لم يمض وقت طويل على وفاتهم. وكانت التعاويذ تلقى ايضا في الابار التي تعتبر ايضا طريقا الى العالم السفلي.
وتقول ستروجيك: كانت اللعنة تصب في اللحظة التي تريد ان تؤذي فيها شخصا آخر بالضبط، لاعاقته ولتجميده وربطه بالارض. وواضح ان هذا هو تعبير عن الكراهية.
وقد عثر على بعض التعاويذ المخصصة لصب اللعنة على المحاربين والى جانبها سيوف صغيرة ملتوية، او تمثايل ذكورية ايديها مكبلة وراء الظهر ولها اعضاء ناتئة ورؤس اشبه برؤوس العصافير ومخطوطات متعددة.
وثمة تعويذة من نوع مختلف بشكل اسوارة كانت توضع بين يدي الميت، ربما لينقلها الى العالم السفلي، او ربما لزيادة قوة اللعنة، كما يقول ستروجيك.
وتحمل احدى التعاويذ اسم ليكورجوس. احد المسئولين السياسيين في اثينا، الذي كان يشارك في ادارة الشئون المالية للمدينة وبرنامج البناء فيها، وقد عاش بين العامين 390 و324 قبل الميلاد. وعثر على تعويذة اخرى تحمل اسم «هيبريدس» الخطيب الذي عاصر ليكورجوس والذي قاد معركة اثينا ضد المقدونيين في حرب لاميان في العالم 323 قبل الميلاد.
ومن اهم اللقى رقيم رصاصي خطت عليه ثلاث لعنات، وهي مكتوبة معا وكأنها صفحة كتاب من ثلاثة اعمدة هي تبين كيف كانت النصوص القديمة تخط على البردى.
وتقول ستروجيك انه لا علاقة للتعاويذ بالديانة الرسمية آنذاك، والتي كانت قائمة على الايمان باريان اولمبيا الاثنى عشر بزعامة زيوس.
بعض التعاويذ الافريقية القديمة التي عثر عليها في مقبرة كيراميكوس القديمة في اثينا ويعود تاريخها الى القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد
منقول للافادة
تحياتي للجميع