كاتب الموضوع :
جنان عبدالله
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
G الفصــــــــــــــــــل الثاني G
كان قلبي يبكي .. يشكو البعد .. ويحترق بالآه .. رفضت روحي أن ترتاح وأبت نفسي إلا أن تكتئب حيث تشعر بالوحده .. حيث الحنين يعذبني والشوق يحملني حتى الجنون .. أصل الى نهاياتي
أقف عاجزاً عن كل شيء .. ترتجف الكلمات في فمي هل تخرج أم تبقى في جوفي خجلة ..ترتمي الدموع على وجهي بكل جبروت تحفرهما بكل ألم .. تغرس حزنها المأثور على وهج وجهي المنظفأ ..مضت أربع سنين ... أربع أعوام بدونها دون أن أسمع صوتها وأرى صورتها ...
أتذكر يوم توفي والدها .. عندما كانت بالرابعة عشر من عمرها .. حين رفضت الخروج من غرفتها وأنعزلت عن كلِ من حولها .. لم تستجب لأي أحد ... سوى نداء قلبها أتذكر جيدا يوم سمحت لي خالتي بأن أدخل لغرفتها بعد محاولاتنا العديده.. يومها كانت تبكي واضعه رأسها على ركبتيها وما أن رأتني مقبلاً أنطلقت دون خجل إلى أحضاني ... بكت على ذراعي ... وأن أحاول تهدأتها لن أنسى كلماتها في ذلك اليوم ...
وائل ..أيهما أقوى الحب أم الموت ؟؟
بقيت صامتا لا أعرف ماذا عساي أرد عليها ..لكني الآن أعرف الأجابة لو كنتِ معي فقط لأخبرك ذلك ياعبير ..لأخبرك من منهما يمكن أن يكون أقوى ..أجيبي أنتِ ..إذا كان الحب طريقاً للموت فأيهما أقوى .
إذا أحسستِ العالم ينهار أمامك وأنت تخسرين من تحبين فأيهما أقوى ...
إذا وجدتِ نفسك ِ تعيشين على رفاة ذكرى من تحبين فأيها أقوى ..
إن ظننتي أن الموت يفرقكما ولكنه أبى أن ينسيك كلمة .. بسمه ..نظرة.. مماكان بينكما فأيهما أقوى .
لطالما ظننت أن الموت أقوى لكني الآن أقولها لك لاشيء في هذا الوجود أقوى من حبي لكِ لاشيء ولا حتى موتك أكبر من حبي فأنتي تسكنيني ...
أربع سنوات مضت ..تغيرت فيها أمور كثيره ...تزوجت خلالها (رؤى ) بشقيق (وائل) (عماد) وأنجبت فتاة رائعه (عبير ) كما أختها ... تخرج وائل من كلية الطب في كندا وعاد إلى وطنه ..عاد ولا شيء في باله سوى عمله ... ومساعدته لمرضاه ... لم يكن يعيش حياته كما تحتمه الفطره البشريه ..كرس وقته للمستشفى (منى ) أيضا تزوجت وأنجبت تؤماً مذهلاً(ليان وليال) كانت تجتمع العائلة كل يوم خميس في منزل الجد (أحمد) يقضون يومهم معاً في حبٍ أسري يناقشون مشاكلهم يتبادلون همومهم ويسعون لبقاء روابطهم الأخوية حميمه كما كانت دائماً .. وفي هذا الخميس ..
ـ أمي (فاطمة ) هاقد وصلنا ..تراكضت الفتاتان إلى أحضان جدتهما
ـ جدتي أريد الحلوى التي وعدتني بها
ـ وأنا أريد أن ألعب في الغرفة كما في الأسبوع الماضي ...
أخذت تقبل حفيدتيها بكل حب : عينا جدتكما أطلبا أي شيء سأقدمه لكما بكل طيب خاطر .
أبتسمت الفتاتان بكل رضى فإذا بالباب ينفتح وتدخل عبير .
ـ جدتي ..جدتي ..وقفت في منتصف الصاله وضعت أحدى يديها حول خصرها وتصنعت الغضب .
ـ الجدة ماذا ياعبير ألن تسلمي على جدتك ..
ـ عبير: أكتفي بهما فأنتي تحبينهما أكثر مني ...
أبتسمت الجده وقالت : أحبكم جميعاً كلكن بناتي ..تعالي ..فقد أشتقت إليكِ.
منى : ونحن ياأمي ..آلا مكان لنا في حضنك الدافئ.
الجدة: أنتم الأصل لن يأخذ أحدَ مكانكم ..
عماد : لقد طال أنتظاري واقفاً وأنتي لم ترحبي بي .
رؤى : ولا أنا أيضاً.
تقدمت أم رؤى منهم : لقد مضى زمنكم ولم تعودوا صغارا دعوا الأولاد يجلسون معنا مابقي لنا من عمرنا ..اللهم أرزقنا حسن الختام برحمتك يالله..
هكذا كانت منذ أن توفيت أبنتهما عبير ... أحتضنتها رؤى التي تكره هذا الكلام .
ـ رؤى ... أمي .. تتركيني وحدي .
عماد : ونحن أين ذهبنا ..
رؤى : أنها كل ماتبقى لي ..لاأب ولا أخت ..لا أتحمل أن أسمع منها مثل هذا الكلام
أم رؤى (مريـم) : لنقفل هذا الموضوع لا نريد أن نعكر صفو يومنا ..
فاطمة: صدقتي ياأخيتي تعالي هنا ..تعالي لعبيرك المدللــه ..
أخذت مريم الطفلة ذات الثلاث سنوات تراقصها وتلاعبها ..تركهم عماد ذهب حيث مجلس الرجال وقد أجتمع (أحمد) والده و (مازن ) زوج شقيقته (منى ) و (وائل)
عماد: السلام عليكم
الجميع: وعليــــــكم السلام
أحمد: تعال إلى جانبي ياولدي أود أن أتحدث معك بأمرٍ هام ..
مازن: إذا نغادر أنا و (وائل)
أحمد: لاستبقون جميعكم خصوصاً (وائل) فهو أساس موضوعنا .
أنقبض قلبه ..فهو يعلم فيما سيحدثه والده به ...
وائل : ماذا هناك يا أبي ...
أحمد: سنذهب الليلة أنا و(عماد ) ونزور شقيقي صالح..
وائل : وما دخلي أنا ...
أحمد : سنزوجك أبنته (نوران) .
وائل : ومن قال أني أريد أن أتزوج ...
أحمد : لقد أصبحت في السادسة والعشرين .
وائل : عندما أقرر الزواج سأخبرك ذلك بنفسي ..
أحمد وقد أستشاط غضبا: ً إلى متى ..إلى أن أموت ..أريد أن أعرف رأسك الكبير هذا ألا ينكسر ..أنا والدك ..ألاتحترم كلمتي ..ألاتعتبر لآرائي.
نهض من مقعده توجه إلى والده أمسك يديه وقبلهما وقال: أبي أرجوك أفهمني لا أريد أن أغضبك ولكني الآن منشغل لاوقت لذي للزواج أو لغيره.
أحمد: العمر يمضي والعمل سيبقى كالهم على القلب لو بقيت تنتظر سيفنى عمرك ياولدي .
وائل: أمنحني الوقت يا أبي.
عماد: أبي لاتخشى شيئا سيأتي اليوم الذي يأتي إليك زاحفاً ويخبرك برغبته في الزواج
مازن: لو يسألني كيف كنت أعيش قبل أن أتزوج .
وائل: وكيف كنت تعيش ...
مازن : تصدقني أن أخبرتك أني لا أعلم ..
وائل : أحقاً...
مازن : أختك يارجل تنسي المرء أسمه .
عماد: وتخبرني أن من يعرف ذلك... لا أحد في الدنيا يوازي زوجتي في التميز ..
وائل: فالتصمتا أحس أنكم تعرضون زوجتيكما في المزاد .. وكأنكما أول من تزوج في هذه الدنيا .
مازن : عندما لاتصل يدك للعنب ..
عماد: تقول عنه حامض...
أحمد : ومتى ستحضرون الغذاء ..
عماد: الوالد جائع ..الآن نتصل بهم كي يحضروه إلى هنا ...
حمد(وائل ) نفسه على أن الموقف مر بسلام ..مؤخراً زاد إلحاح والده عليه بالزواج .
كيف ذلك .. كيف ينسى عبير ..آه منك ياعبير ..لماذا لا تأخذيني إليك وتدعينا نرقد معاً فلا أحد يفرقنا ..و لا أحد يتدخل في قراراتنا..أنهم يريدون أبعادي عنك ..أأنساك ولم أشفى من مرض حبك المزمن والذي يمحني السعادة..لماذا لا يفهمون بأن سعادتي بين يديك أنتِ ومع بقاياكِ الكامنة في جوفي والتي تكفيني حتى أمضي أليكِ يسبقني شوقي وحنيني الفائض لنظرة فقط ملأُ عينيك تعيد لأيامي زهوها وأسعد بجوارك السرمدي..فما حاجتي لكل نساء العالم عندما نلتقي في دار القرار ...
تنهد وأكمل طريقه نحو صالة السفرة يتبع من سبقوه إليها...
ومضى انهار ممتعاً كعادته في كل أسبوع وبدأ الكل ينسحب للمغادره ..أخذ مازن (منى) وطفلتيهما وودعا الجميع..
(وائل) رافق عماد إلى الشارع مودعاً وهو يحمل عبير الصغيرة على كتفه ويضحك معها ..
وائل : خذ طفلتك الجميلة ...
عماد: متى يأتي اليوم الذي أحمل فيه أطفالك ...
تغيرت ملامح (وائل) وهو يسلم على عبير لوالدها ولم يعقب على كلامه وتوجه بالكلام إلى (رؤى)
ـ أبنة خالتي فالتنتبهي لزوجك تنتشر هذه الأيام عادة الخيانة لدى الرجال ..
رؤى : لا أنا أثق به فهو لايرى في الدنيا سواي .
وائل: لقد حذرتك فالتقفلي عينيكِ ولكن لا تأتي إلي تبكين إذا وقع الفأس في الرأس .
رؤى : أن تجرأت وفعلتها ياعماد فلن ترى وجهي حينها
أتفهم ..
عماد : سأردها لك أيها الأخ الطيب فاعل الخير وصاحب القول الجميل ..
وائل : فالتركب سيارتك ليلة سعيدة أخي الحبيب..
عماد : لن أغفرها لك ..
وائل: حتى لاتتدخل فيما لايعنيك...
عماد : دعك في منزل والديك .. حرمك الله زوجة جميلة كزوجتي .
وائل : مهما حاولت مسحها بالزبدة لن تصلح الأجواء بينك و بينها ..
رؤى : فلتترك زوجي وشأنه ..
وائل : نطقت جولييت ..أذهبا فقد أثقلتما علينا ..لانريد رؤية وجهيكما الأسبوع القادم ..
رؤى بخبث: ولا حتى عبوره ..
سكت قليلاً ثم أجاب : سآتي إلى عشكما وأخطفها هي فقط..
قبل الفتاة على جبينها: حبيبة عمها أهتمي بنفسك.. أحبكِ جداً..
عبير : وأنا أحبك ..
عماد: أبتعد عن السياره لقد تأخرنا ..
وائل: وداعاً وتصبحان على خير .
عماد و رؤى : وأنت بألف خير
وكما كل ليلة ..يمضي (وائل) ساعاته بين ذكرياته ورسائله القديمة .. وصورها التي جمعتها عندما كانا صغيرين ..أخذ يتأمل ملامحها الطفولية ... أخذها المرض منه وهي صغيرة في السابعة عشر من عمرها ..كانت مدللته وحبيبته ..أبتسم وهو ينقل بصره حول أركان غرفته ... ذلك المكان الذي يعبق برائحتها ..حيث أهدته أغلب رتوش غرفته ..لم يغير شيء فيها ..ترك مابين يديه وأخذ جهازه المحمول غاص في عالمه حتى تعب وأضناه النعاس فنام وهو يحلم بأميرته الراحلة.
نامت عيونه ولكن هل تنام روحه أو يسأم قلبه السهد فيرأف بصاحبه وينقله حيث مكانٍ لا عبيري ..مكانٍ يرجع أنفاسه المغبرة ..مكانٍ لا تتيه الشمس فيه وتبرق إشراقا يحيي جسدا ميتا منذ بضع سنون ..
هو ذا العشق الأحمق الذي يحرمنا كل جميلٍ في الوجود فلا يهبنا إلا الهموم والعيش الكروب بينما تعبق الدنيا بأحلامٍ وطموحاتٍ يمكنها جعلنا بتحقيقها عظماء..
سلسلة لا متناهية من قصص الغرام تنتهي بلا منقوشة بكل جبروت فوق ناقوس قلوبٍ محطمة حتى أخمص الأعماق
وهو (وائل) أين سينتهي معه المقام سجنٍ دنيوي أم جنون أزلي.
|