كاتب الموضوع :
جنان عبدالله
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء السابع
يوماً ما على شرفات الخريف الأصفر ..بزغت شمس الحياه ..على الأوراق الذابلة ...فوق الأشجار الخاوية ...بين جذور الألم ..تنثر لوعة حرمانِ مقيت في عنقٍ مقيدة كانت تبكي بحرقة ..وتصرخ وتصرخ الدنيا معها عند كل نوبة ألم تجتاحها ..بقلبٍ ملاه الآسى والوجع ..وكان هو قربها ..لم يعرف كيف يواسيها ثكلها فالموت بالنسبة له .. عبير ..حبيبته الراحله ..ربت بحنان على كتفها كان يجلس قربها ويرى دموعها المنجرفة على وجنتيها بكل خضوع ..مسح بيديه تلك الدموع ...
وائل: يكفي هذا يانوران ..
نوران : أخي الصغير يا وائل ..أخي الصغير ... لماذا هو ..
لماذا يأخذه الموت مني ..
إبتلع غصته وهو يقول : دائماً يأخذ الموت منا من نحب..
نوران : ليته أخذني بدلاً عنه ....تصور ياوائل لم يكمل عامه العاشر ..ماجد ياوائل صغيري المدلل... إجتاحته رغبة في البكاء وهو يقول في نفسه ..هيا أيضاً صغيرتي المدللة ..أكمل لها: الموت حق ...
نوران: ونعم بالله ...
وائل: من أجلي يانوران كفي عن البكاء ...أعلم أن لاحق لي في طلب ذلك ولكن من أجلي ...
نوران: لماذا نعيش ياوائل ..لماذا نحب ..لماذا لا نموت جميعاً ..
تذكر عبير يوم توفي والدها ..تذكر أسئلتها ..نظراتها إنها نفس النظرات ..تجتر مني الأحتواء تطلب مني يد العون ... كم تشبينها يانوران...
وائل: سأرحل الآن ...
مسحت دموعها المتجدده فوق أوداجها بقوه وهي تقول : مهلاً... قبل أن تغادر أريدك أن تطلقنــــــي الآن...
صرخ وائل: مــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا ؟؟
نوران: ماسمعته ...لم أعد أقوى المضيّ معك ..يوماً معي وعشرة أخرى تتركنــي وحيده ... لحظة تشعرني بحبك مع علمي ويقيني بأنك لا تحبني وفي نفس تلك اللحظة ترميني وترحل ..حتى في أمس إحتياجاتي إليك تريد الرحيل ..أنك مريض.... نعم أنت مريض... وبحاجة للعلاج أنا واثقة من أنك تعاني مرضاً نفسياً و....
باغتها بصفعة مؤلمة على خذها الأيمن وخرج مسرعاً إلى أين ..إلى أي مكان يجد فيه الراحه ..بر كان أم بحراً كان يقود سيارته بسرعة جنونيه مبتعداً إلى شوراع تخلو من الأناره ويزيد فيها الغبار والأتربة ...لم يعد يرى الطريق بوضوح ومع ذلك سار حتى إصطدم بشاحنة نقل كبيرة وغاب في الزحام....
ساعات مرت ووائل راقد فوق التراب ..بعد أن أنقلبت سيارته في طريق نائي ..سائق سيارة الشحن بعد مشاهدته الأنقلاب المروع خاف وترك وائل وأكمل المسير ..ظل ينزف الدم بغزارة وحيداً في البراري ..حتى أصبح الصباح بعد أن هدأت عاصفة الرمال قليلاً وبدا الجو بالصفاء...
نوران كانت غاضبة منه ولم تعلم غيابه ..والداه ظناّ أنه في المستشفى ,,وهكذا لم يجد حتى من يفتقد غيابه ..من يسأل عنه ... أين يمكن أن يكون ....
لم يكن معه سوى الرحمة الإلهية وهيهات أن تغيب تلك العناية و العدالة السماوية.
كان يقود سيارته ذلك الراعي ذاهباً الى المدينه وبعد أن قطع أميالاً قليلة عن قريته ... لاح إلى ناظريه منظر وائل يغرق في دمائه ... وسيارته المنقلبه إلى جواره ..سلّم الأمر ذلك الراعي البدويّ أن صاحبنا قد مات ..أقبل يتأكد منه ..وجده يأن ..بدأ يهزه ويكلمه لا أستجابة منه ..حمله مسرعاً وعاد به إلى مركز الرعاية الصحيه الأوليه في قريته ..إستقبله ذلك المركز ببساطة إمكانياته ..كان قد فقد الكثير من دمه ويحتاج لنقل الدم له .. إضافة لنقص الأكسجين لديه وعدم قدرته على التنفس ..خشي الدكتورأن يموت لو حاول نقله إلى المدينة بوضعه هذا وبقدرة إلهية وعنايةٍ رحمانية إستطاع تأمين الدم له ونقله وذلك بعد أن تبرع أحد أهل القرية البسطاء ..وبدأت مؤشراته الحيويه على العودة طبيعياً بعد أن وضع الأوكسجين على وجهه... إسترخى وهو يقول ..يجب الآن أن نعلم أهله ...
الراعي: هل أذهب لسيارته وآرى أي بطاقة تثبت هويته ...
أبتسم الطبيب إليه:لا نريد أن نثقل عليك يا أبا خالد ...
الراعي : سيكون من دواعي سروري أن أقدم المساعده ...
الطبيب: أنه مدينٌ لك بحياته ...
الراعي : كل ذلك بفضل الله ..سأذهب الآن..
الطبيب: حظاً طيباً ...
من عادة المركز أن يقفل أبوابه عند المغيب ..أما اليوم فقد أختلف الأمر ..وائل يرقد على فراش المرض .. لاوسيلة إتصال ..وليس هناك سيارة إسعاف مجهزة تستطيع نقله إلى مستشفى أفضل ..
تنهد الطبيب وهو في مكتبه ..إقتربت منه الممرضة: يجب أن أذهي يادكتور ..تعلم أني لا أستطيع التأخر أكثر من ذلك ..
الطبيب: إذهـــــــــبي يانهاد ..الوقت تأخر حقاً ...
الممرضة أنا آسفه... حقاً ولكن تعلم أن بيتي يبعد مسافة ساعة ونصف من هنا وليس هناك من يقلني إلى بيتي غير هذا السائق...
الطبيب : لا عليك... إذهبي الآن ونلتقي غداً..
الممرضة: حسناً نلتقي غداً ...
خرجت الفتاة من المركز وبقى وحده مع وائل ... يفكر في حاله ..لو كان هناك تسهيلات أكثر في هذه القرية ... تحتاج لكثير من الأصلاح ..أبراج إتصال ..شبكة كهرباء أفضل ..إمكانيات طبية أرقى .. ماذا لو لم يقاوم جسم هذا المريض ماذا لو لم نستطع إنقاده ..رحماك يارب ...
خرج من أفكاره بعد أن سمع أصواتاً في الخارج ..نهض من مقعده قاصداً الشخص الواصل حديثاً ..
الطبيب: أبا عدنـــــــان !!
أبو عدنان: مروان ياولدي ...جئت لك بالعشاء .
الطبيب: أشكرك كثيراً ..بالفعل أنا جائع ..
أبو عدنان: وكيف حال الشاب ؟؟
الطبيب : أفضل ..لكنه لازال غائباً عن الوعي ..غداً سأنقله للمستشفى ..
أبو عدنان : كان الله في عونك ستبيت الليلة هنا...
الطبيب: نعم ..لا استطيع تركه ...
أبو عدنان: زوجتك ستقلق عليك..
الطبيب: بالتأكيد وصلها خبر الشاب لن تقلق مطلقاً ..
أبو عدنان: سأدع زوجتي تدعوها لبيتنا ..ربما تخاف المكوث وحدها..
الطبيب: القرية آمنه ..ومن ثم أنا أعرفها جيداً..لن ترضى بذلك..
أبوعدنان: لا أعلم سبب رفضها التقرب من أهل القرية ... إنهم أناسٌ طيبون ...
الطبيب: عجزت كل محاولاتي بإقناعها ..
أبو عدنان : لكنها تبقى وحيده طوال اليوم وليس هناك ما يسليها وأنتما لا تغادران القرية إلا في عطله نهاية الأسبوع ..بالتأكيد تقضي ليلك في ضجرٍ معها ,,أعرف النساء جيداً ...
الطبيب: فوضت أمري لله ..لقد تعودت أن تخرج في كل يوم قبل أن يأتيني ترسمي الوظيفي في هذه القرية ...كانت أكثر مرحاً وأكثر حيوية ....
أبو عدنان : أعانك الله يابني.
أنضم إليهم أبا خالد بعدها حاملاً إياه محفظة وائل وبها بطاقاته ... وجلس الثلاثة معاً حتى الصباح فتح مروان الطبيب سيارته الفام ..وجهزها بحيث يسمح لوائل بالمبيت داخلها ... أحضر ماسكاً ..علق به سائل الجلكوز فوقه ... حاول جعل السياره فراشاً مريحاً لوائل الراقد في سكون ..رافقه في رحلته أبا خالد... كان يعلم أن في نقله هكذا خطوره ..ولكن تركه مخاطرةً أكبر ..طوال الطريق كان يحاول الأتصال بزميله في أحدى المستشفيات دون جدى ... فالأتصالات رديئة في مثل هذه المناطق .... يبدو أن وائل أبتعد كثيراً ,,إلى أين كنت تود الوصول بتلك السرعة التي كادت تؤذي بحياتك ...
وفي منزل أحمد:
فاطمة أرجوك يا أبا عماد أبحث عنه في المستشفيات ..في مركز الشرطة ..في أي مكان ....
أحمد بضيق: أنه ليس صغيراً ..إبنك لازال طائشاً ومتهوراً
مريم: فلتذكر الله ..
الجميع : لاإله إلا الله ...
فاطمة : لكن قلبي ينبئني بأن مكروهاً أصابه ..أنا أمه ... وأحساسي لايخيب فيه..
مريم : تفائلوا بالخير تجدوه ....
أحمد: سأذهب الآن ..
فاطمة: ستبحث عنه..
أحمد : لدي أعمال كثيره ..هل أتركها للبحث عن شاب في السادسة والعشرين ..ليس فتى صغيراً كي يضيع ..خرج وتركها في حال يرثى له ومريم قربها تحاول تهدأتها ,,أما أحمد كان يفكر..ماذا أقول يا فاطمة ..أنا أيضاً أحس بأن مكروهاً أصابه ... الشكوى لله.. أعد إليّ أبني سالماً يا ألهي ...لم أجده عند أصحابه ولا في المستشفى ولا بالأماكن التي يتواجد فيها عادة ..مازن وعماد يبحثان عنه هما الآخرين... فهو لم يغيب قبلاً كما الآن آخر من رآه نوران وبعدها أختفى .... وإنقطعت أخباره ...جهازه الخليوي مقفل.. وهو غائب ولا يعرف مكانه ...
نوران التي كانت تبكي أخاها المتوفي أصبحت تبكي حبيبها وخطيبها الغائب ..كانت تلوم نفسها أنا من أغضبه ..أنا من جعله يغادر ..إن أصابه مكروه لن أسامح نفسي ..سأقتل نفسي إن لم يعد ..لا أريد العيش دونه .. رباه أعده إلي .. ولن أعاود جرحه ..لن أتفوه بما يغضبه ..رباه ..أعده إليّ... أعده إليّ ... كان (مازن وعماد ) في السياره يبحثان عنه في الطرقات ..على أرصفة الشارع ..في المطاعم ..المقاهي .. الأسواق ...
مازن: والآن ..أين سنذهب ...
عماد: لا أعلم ..
مازن: هل نخبر الشرطة ..
عماد:نخبرهم ..بماذا ..أنه رجل وليس طفلً..ثم أنه لو أصيب كنا وجدناه بأحدى المستشفيات ..لو أرتكب مخالفة ..سيتصل بالشرطة ...
مازن: أذا ما العمل الآن
عماد : لا أدري ..يكاد رأسي ينفجر من الصداع ..
مازن: أختك أيضاً متعبه ... أنا قلقُ عليها فهي في الشهر الثالث من الحمل ولم تأكل شيءً منذ البارحه ..
عماد: لسنا في صدد مصيبةٍ جديدة ..خذنا إليها ..يجب أن تأكل حتى لا تضعف أو يتأثر حملها ...
كانت تجلس مع رؤى حينما وصل مازن وعماد ..غطت رؤى وجهها لما أقبل الأثنين من مقعدها :
مازن وعماد: السلام عليكم ..
منى ورؤى: وعليكم السلام
منى: ما الأخبار ..هل وجدتماه؟؟؟
عماد: لا ولكنا سنجده أطمئني ..ولكن يا منى إن ما تفعليه الآن سيضرك ويضر إبنك..
منى: أنه أخي ..ألا تعرف ماذا تعني تلك الكلمة ... لا أريد فقد أي منكما ياعماد ...أنتما سندي وعزوتي ...
لاحرمني الله منكما .. لا أتصور حياتي بدونكما ..يكفي بأن لا أخت لي... لا أريد لأي منكما أن يصاب بأذى ..
سارت رؤى مغادرة المكان ..
عماد: إلى أين يارؤى ..
رؤى : سأرى الأطفال ..
أكملت خطاها للغرفة المجاورة و بدأت بالبكاء ما أن وجدت نفسها وحدها ..
(آه ياعبير ..ياشقيقتي الوحيده ..لا أحد ياعبير يستطيع الحل محلك ..لا أحد يقبلني أخته ..ولا حتى منى ياعبير ولا حتى منى تعتبرني أختها ..لو كان أبي حياً... لو كنتي معي ..لو أنجبت أمي لنا أخاً.أستغفر الله العظيم)
عماد: ( رؤى) كنت أعم أنكِ تبكين ..صوتك ومهما حاولتِ جعله طبيعياً أعرفه ..حينما تحزنين قلبي يخبرني بحزنك ..أقترب منها وضمها إلى صدره... وأكمل : كلام شقيقتي ما جعلكِ تتضايقين
رؤى: أريد عبير ..أحتاجها ..إنها أختي ...
عماد: ألا أكفيكِ أنا .. وعبير أبنتنا .. آلا تعوضك عن أختك ...
رؤى : أنتما حياتي كلها ..
عماد: إدعي لها بالرحمه ..وأنا معك دائماً ..أباكِ وأخاكِ وحبيبكِ..أنا كل شيء ..سأكون لك كل شيء فقط أزيلي هذه الدموع ..فإنها تؤلمني ... لا أتحمل رؤيتها ..دموعك غاليه يارؤى ..
أبتسمت وأخذت تشكر الله في صميم قلبها لهذا الزوج الحنون ..هتفت بحب : لاحرمني الله منك ...
قبل يدها: ولامنك ياحبيبتي ....
في مكانٍ أخر,,,,,,,,
أخيرا وصل دكتور مروان إلى المستشفى كان طاقم الأسعاف بإنتظاره ..وتم نقله إلى العنايه المشدده أتصل بالشرطه وأعطاهم إفادته ..وأستطاع أخذ هاتف منزله من جهاز السنترال تولى على عاتقه مهمة تبليغ أسرته بأمر حادثه ...إتصل بهم...
مروان : منزل أحمد العبد الله
فاطمة: نعم ..
مروان: هل هو موجود ...
فاطمة: لا ..
مروان: هل أستطيع محادثة أحد أولاده ..
فاطمة: أحدهما في عمله والآخر علمه عند الله...
مروان: هلا أعطيتيني رقم هاتف السيد احمد او أبنه ...
فاطمة : هل تعرف شيء عن أبني ... هل تعرف أين وائل ؟
مروان : أنه بخير لاتقلقي ...
فاطمة : أين هو ..أستحلفك بالله ..أخبرني أين أبني ...
مروان : أنه معي وهو بخير ...
فاطمه : ومن أنت ..
مروان : أنا صديقه الآن أعطيني رقم زوجكِ أو أبنك الآخر ..
أقفل الهاتف بعد أن عانى صعوبة الموقف ورجع يتصل برقم أحمد والد وائل ...
أحمد: نعم ..
مروان : السيد أحمد ...
أحمد : نعم من المتحدث ...
مروان : أنا أكلمك من المستشفى ...
أحمد: مستشفى ..مالذي أصاب أبني ...مابه ..وفي أي مستشفى ؟؟؟
أنهى مهمته بمشقه وعاد أدراجه يطمئن على صحه مريضه الذي ألفه منذ أن رأى وجهه ..دقائق قليله مالبث أن وصل أحمد وعماد ومازن إليه .. كان قد بدأ يتحسن إلا أنه لم يفيق للساعةِ تلك ..
أمضت العائله يومها مابين ساجد وراكع ..داعِ وتال للقرآن ..أصرت نوران على الذهاب للمستشفى وبعد إلحاحها الطويل أخذها والدها إليه ..وهناك سمح لها الطبيب بزيارته بضع دقائق ..دخلت إليه يدفعها الشوق والحنين ..إقتربت منه وأمسكت يديه ..همست ..وائل ..كن قوياً ..وعد فأنا بحاجتك كلمة ٌ خرجت من فمه ... جعلتها تترك يده وتبتعد عنه ..تريد أن تدرك ..أن تستوعب ماقاله (عبير حبيبتي ) ...
إستدركت نفسها ...إنها الطفله ..إبنة أخيه بالتأكيد ...تعلم كم يحبها ..رجعت إليه ثانيةً..
وبقيت معه حتى جاء حارس الأمن وأخرجها ... ةهكذا بقيت لأيام قليلة ..تذهب إليه فيها وتقضي معه دقائق قليله وتخرج ثانيةً..
إلى أن أكملت إسبوعاً كاملاً ..أقتربت منه هذه المره وأمسكت يده مثل كل يوم ..كانت تقرأ آيات من القرآن حيث أحست بقبضته يشد على كفيها ... رفعت رأسها ..
نوران: وائل حبيبي لقد أفقت الحمدالله ..حمداً لله على سلامتك
وائل: أريد ماءً يكاد العطش يقتلني ..
أخيراً عاد وائل ثانية ً للحياه ..وعادت الضحكه على الوجوده الذي أضناه القلق أياماً وأيام ..أقام أحمد غذاءً فاخراً على سنا خروجه من المستشفى ..دعا فيه كل أصحابه وأقاربه ولم ينسى أن يدعو الدكتور مروان والراعي أبا خالد اللذان أنقذا أبنه وكانا سبباً في بقائه الآن بينهم ..
كان المنزل يعج بالضيوف ..إستقبلت فاطمة القادمات بكل فرح ..كان ممن حضر ( سلمى ) التي لم يكن متوقع حضورها ونهاد الممرضه في المركز وسعاد زوجه مروان ..هنأ فاطمة الجميع عودة إبنها سالماً ..لم تجلس نوران أبداً بل كانت تكرم الضيوف وتساعد رؤى وخالتيها أما منى فأصر الجميع عليها بأن تبقى مرتاحه لاترهق نفسها والجنين ..بدأت تحكي فاطمة عن ولدها وكيف حدث معه الحادث المشؤم وكيف أنقذته العنايه السماويه وساعده الدكتور مروان ...
نهاد : الدكتور مروان مخلص في عمله ومتفاني في خدمة الناس...
نوران: نحن جميعاً ندين له بالشكر ..
نهاد : جميع أهالي القرية يحبونه ويعتبرونه كأبن لهم ..أخذت تتحدث عنه بإعجاب حقيقي والكل يصغي لهذا الحديث عن البطل الشهم المحبوب لذا الناس ولكن فجأةً...
سعاد: ألا تخجلين من نفسك..
نهاد: ماذا ؟؟
سعاد: أنك تتمادين في الحديث عن زوجي وأكرر .. زوجي حتى تفهمين أن لاأمل لكِ فيه آلا تخجلين من نفسك ..
نهاد : لم أقل مايستدعي الخجل ...ثم أن علاقتي به لاتتعدى حدود العمل ..
سعاد: أعجابكِ به واضح ..
نهاد : أعترف أني معجبةٌ به ..كطبيب ليس إلا ولتحترمني ألفاظك وأنتبهي لكلامك ...
سعاد: ماذا تقصدين ..تظنيني بلا أخلاق مثلك ..
مريم: فلتصلوا على النبي محمد ..ليس هكذا ياجماعة ..
سعاد: إنها ..
فاطمة: لا داعي لشتم ,,أنتي في منزلي وهي ضيفتي ولن أسمح لأحد بالتطاول على ضيوفي ...
سعاد: يجب أن تكرميني أنا ,,,ليس هي .. فلولا زوجي لكان أبنكِ في عداد الأموات ...
مريم: إنها مشيئة الله ياإبنتي و..
سعاد: لاتنعتيني باإبنتك ِ ...
نوران : ماذا تظنين نفسك ..أحترمي الكبار على الأقل ,,آلا يوجد لذيك ذرة من الأدب ...
سعاد: كل ذلك بسببك ..ياخاطفة الرجال ياعديمة التربية ...
نهاد: لقد أسئتي كثيراً إلي ..إن لم تصمتي سيكون لي تصرف آخر معك ..
سعاد: ماذا ستفعلين ها....
تعالت الشهقات حيث امتدت يد نهاد لتستقر فوق وجه سعاد بكل قوة ..أخذت الأخيره حقيبتة يدها وغادرت المكان هتفت سلمى : حمداً لله آني جئت وإلا كان قد فاتني الأستمتاع بهذه المضحكة ...
نوران : فلتصمتي يا أمي ....
نهاد: أن أعتذر منكم جميعاً ...توجهت إلى فاطمة وقبلت رأسها إعذريني ياخالة ..وهمت تود المغادره فإستوقفتها ..
مريم: لن تخرجي الأن ...ستبقين هنا ...
نهاد : لكني أفسدت عليكم جلستكم ...
نوران: لاعليك ..تعالي معي ...
وفي نفس الوقت مجلس الرجال ..
وائل : أشكرك حقاً يامروان لتلبيتك دعوتنا ...
مروان : لي الشرف بقبولها ...
وائل : من الآن فصاعداً نريد أن تنير منزلنا بوجودك دائماً ...
مروان : مع صعوبة ذلك وطبيعة عملي ولكن سأحاول ..
وائل: وكيف هو عملك في القرية ..
مروان : نزل خبر ترسيمي كصاعقة ... تعلم أنت العمل في المستشفيات أكثر متعو من ثم أن وظيه في منظقة نائية .. ومكان يبعد مسافه ليست بقصيره أمر أزعجني ... كثيراً خصوصاً بعد إصرار زوجتي امجيء معي ولكني بعدأن ذهبت إلى هناك وتعرفت إلى أناسها الطيبون أصبحت آراهم كعائلتي .. وعملي البسيط يسعدني جداً لاسيما بعد أن يخرج أحدهم ممتناً لي خدمتي البسيظة بوصفي له دواء مسكناً ..لقد ألفتهم وأحببت معشرهم ..
أبا خالد: الدكتور مروان أبننا ..ونحن لانستغني عنه مطلقاً..
وائل: يالحظك الكبير يامروان ..
أبا خالد : تعال أنت أيضاً ولتعملاً معاً في المركز ستحب ذلك كثيراً
وائل : أشكر لطفك وكرمك على دعوتي للعمل مسافه تبعد أكثر من ساعتين في طرق وعره ومكان منعزل..
أبا خالد: ستعتاد المكان ..
وائل: ولكني أحب عملي هنا ...
أباخالد: كنا نريد رؤيتك دائماً بينناً ..
وائل: سأزورك ياعم بكل تأكيد ..
أبا خالد: أعتبره وعداً ..
وائل: وعداً ياعم‘
تتابع رنين هلتف مروان ..أجاب وهو محرج من إتصالها هذا الوقت ...
سعاد: أريد العوده الآن...
مروان : مالأمر ...
سعاد: أنا في الخارج أما أن تأتي وتعود بي وأما أن أبحث عن سيارة أجره تقلني
مروان بغضب: حسناً سأتي...
نهض من مقعده وقال للجميع: الآن أعذروني ياجماعه ..أنا مضطر للمغادره ... حمدلله على سلامتك ياوائل ...وأشكرك كثيراً ياأبا عماد لهذه الدعوة ,,دام عزكم ...
وائل : بهذه السرعه
مروان: نراك في وقتٍ لاحق .
وائل: بالتأكيد ..تشرفت بمعرفتك يا مروان ..
مروان : وأنا أيضا ..والآن إلى اللقاء ..
وائل: رافقتك السلامه ...
أسرع مروان إستقلال سيارته متجهاً إلى حيث تنتظره سعاد التــي ما أن ركبت جواره بالمعقد باغتته بسيل جارفٍ من الأسئلة ..
سعاد: أخبرني الأن ما علاقتك بنهاد؟ ولماذا حضرت هنا معك ؟؟ ولماذا تتكلم عنك هكذا؟؟
هل تحبها بالتأكيد ..هي تحبك ..منذو متى و.....
مروان : يكفي ياسعاد ..رويدك قليلاً ..مابك الآن ومن نهاد هذه ..
سعاد: آه..حقاً لا تعرف ... الممرضة المعجبه بك ..الوقحه عديمة التربية ...
مروان : يكفيك غيبه... من ثم دعي الفتاه وشأنها ولاتدخليها في عقلك الفارغ هذا ..
سعاد: عقلي أنا فارغ ..الآن تقولها ..بعد ماضحيت من أجلك ..بعد تكابدي فراق أهلي وبعد تحملي العيش في قرية نائية وسط أناسٍ متخلفون (أكملت جملتها بنفور بينما دعس على مكابح السياره بقوة يريد إيقافها وتغيير مسارها خشية أن يصتدم لآنه لم يعد قادراً على التركيز في القياده )..صرخ بها ..
(سعاد أنت لاتطاقي ..أين ذهب ذلك القلب الطيب ..أين الفتاة المرهفة ..أين سعاد التي أحببت ) ..
سعاد: الآن أصبحت لا أطاق ..أكيد بعد أن وجدتها ..نهاد الجميله ..الناعمه الرقيقه التي تحبك وتصرح بحبك أمام الجميع دون خجل...
كان مشدوه العقل وهو يسمع كلماتها تلك لطالما أحترم نهاد الفتاة الخجولة التي لم يكن يسمع صوتها إلا وهي تنادي المرضى أو تطلب منه شيئاً بخصوص المرضى ... لم يعرفها يوماً كأنسانة لطالما ً كانت مجرد ممرضة تعمل كما يعمل هو لايربطهما سوا العمل والأحترام المتبادل ..
أكملت سعاد: أريد العوده إلى بيت أبي وأنت أما تتترك عملك في ذلك المركز المقرف وأما أن تتركني أنا ...
نظر لها بقلة صبر وحيله ... فلا خيار له حينما لا تتأثر بكلامه ولا أحاسيسه وهي في قمة ثورانها ..أين سعاد حبيبته ..التي كانت معه دائماً ..في حله و ترحاله والتي مذ أرتبطت بها لم يكن لها هّم سواء إرضاءه ..
لقد تغيرت كثيراً ..تغيرت للأسواء ..أصبحت هجومية وعدائية ..ولم يعد يرى نظرة الحب في عينيها كما قبلاً ... سنوات مرت وهما متزوجان ولم يحاول يوماً أذيتها ..للآن لم ينجباً طفلاً وقد أجرى الفحوصات لنفسه وتبين سلامته ومع ذلك لم يكن يجرؤ على الطلب منها لأن تخضع لتلك الفحوصات خشية أن تكون مصابة بعيب فيؤثر ذلك على علاقتهما ... ولكن رباطهما الزوجي لم يعد كما كان ... باتن كل منهما بعيد عن الآخر ..ولم يعد الحب بينهما كالسابق .. كل شيء تغير ..حتى الحب ..لم يعد كالسابق نعم
تركها في بيت أهلها وعاد أدراجه إلى القرية حيث واجبه المهني ... إلى المكان الذي أحبه و أحس بالإنتماء إليه أما نوران فما إن أنفض شمل المدعوين وراحت الخادمات تنظف المكان بينما ذهبت فاطمة ومريم للنو..ومنى ورؤى عادت كل منهما وجدت نفسها أمامه ..تلك اللحظة التي ‘نتظرتها مطولاً ..إبتسمت له وهي تراه يقرأ في الصحف دون إهتمام .. إقتربت منه وهمست ..
- مساء الخير
وائل: بل قولي صباح الخير ..إنها الثالثه فجراً ..لما لم تعودي لمنزلك ...
نوران : كنت ..صمتت برهة وأردفت ....اقصد ..أردت أن آراك ..
تنفس بعمق وهو يطوي الصحيفة ويضعها جانباً:
نوران لما طلبتِ مني الطلاق ...
خفق قلبها بقوة ..كانت خائفة من أن يعود ويفتح الموضوع مجدداً ..أنها تريده بكل حواسها تريده بكل جوارحها ولا تحتمل عذاب فراقه...
تمتت بأسى : لآني لا أحس بك معي وكأني لم أستطع تملك قلبك ..أنت لاتدعني أدخل إلى عالمك أحسك غامض ... هناك شيء ما يقف حاجزاً بيننا ..شيء لا أفهم ماهيته ..إضافة الى مزاجك المتقلب ..ففي اللحظة التي أريد أن أعيش معك فيها بحب تنقلب فجأه وتهرب منــي كأنك ترفض حبي تعلم... أشك في أنك تريدني زوجة ..مرات يخالجني الشعور بأنك تفضل لو كنت أختك...
قهقه بأعلى صوته : ماهذا الكلام يانوران ..إنك تتخيلين ..وضعت يدها على فمه وأسترسلت في الكلام :تعلم الآن وفي هذه اللحظة سأثبت لك كلماتي
..نظرة إليه بكل شوق وحب فأغمض عينيه بشده وهو يغالب شعوره ..
(عبير) همس بصوت حاني ..لم تدر بالاً للكلمه ..خمنت أنه يريد فتح موضوع آخر فأكملت : لماذا لاتنظر إليّ ..
وفجأه أمسك ذراعها بشدة وهو يهزها ..لاتنظري إليّ تلك النظره تفهمين...
نهض من مكانه موقعاً إياها بحيرتها ..خرجت من المنزل إلى السائق الذي ملّ إنتظارها ونام في السياره ..لم تجد مفراً من العوده إليه وسؤاله أن يعيديها إلى البيت ..
أخذ تفتش عنه حتى وجدته في غرفته التي كان بابها شبه مغلق ..دخلت بهدوء ووجدته جاثياً على ركبيتيه وأمامه الصندوق ... ذلك الصندوق الذي رأته يوم ولم يشأ أن هو أن تعرف مايحويه ..أيعقل أن يكون الحاجز بينهما له علاقة بالصندوق ..رفع رأسه ليراها تقف على عتبة باب غرفته ..أغلق الصندوق بسرعه وقال : لماذا أنتِ هنا ؟؟
نوران: وهل أحتاج إذناً لزيارة زوجي في غرفته ..
وائل : ليس هكذا ولكني معتادُ بأن يطرق باب غرفتي أيا كان من يريد دخولها حتى لو كانت أمي ..
نوران : أنا آسفه ..جئت أطلب منك إيصالي للمنزلي ..
وائل: حسناً سأتي الآن..
فهمت نوران معنى كلماته ... أذهبي لأودع سري قبل أن أوصلك إلى منزلك ..كانت تصرخ في داخلها لماذا يذلني هكذا .. لماذا لايعيرني أدنى أهتمام ولماذا لا يمنحني حبه ويدعني أصل إلى قلبه ..خطر ببالها أن تكون هناك أخرى في حياته ولكنها أستبعدت تلك الفكره ..لأنه لو وجدت أخرى لما تقدم لخطبتها مطلقاً وهكذا ..
أمضت نوران يوماً آخر تغالب فيه صراعات قلبها وتواكب فيه تقلبات وائل وهي في حيره من أمر سره ... الدفين في ذلك الصندوق ..ترى هل سيبصر قلب نوران يوماً ماحقيقة وائل وعبير؟؟
******************
أما مازن فقد عاد بعد رحلته الطويله .. عاد وكله شوق وحنين إليها كما كله خوفا من فراقها ..عاد برغبة في قطع أصل الخلاف بينه وبين منى ..أستقبلته بلهفة وهو يدخل ويغلق الباب وراءه ..أرتمت في أحضانه ضمها هو أيضاً بشوق ..
مازن: أشتقت إليكِ حقاً .
منى : أطلت المغيب هذه المره .
مازن : أين فتاتاي ..
منى: أنهما نائمتان ..
مازن : وأنتي لماذا لم تنامي بعد... غداً سيكون لديك دواماً طويل..
منى: دعك من عملي الآن ولتدخل ..طهوت لك المكرونه التي تحبها وحساء الخضار وعصير البرتقال كل شيء جاهز... بقي أن تتفضل سيدي العزيز ..
مازن: منى يجب أن أتحدث إليك الآن ..
منى: ليس الأن ..أنت متعب ويتوجب عليك الراحه ..
مازن: منى ..أنني ...
أمسكت يديه وجرته إلى حيث السفره ,,وقد أوقدت الشموع وأطفأت الأنوار ..
منى : سأخبرك أمراً ..
مازن : كلــــــي آذان صاغية ..
منى: أحبك ..
أبتسم مازن ولم يعقب :
منى : لهذا السبب فقد قمت بترك العمل ..قدمت إستقالتي لأبقى معك وبقربك أينما ذهبت ..لم أعد أتحمل أمر إبتعادك عنــي ..
أقترب منها مازن وضمها بكل حنان: أنك أفضل زوجة في هذه الدنيا ...
منى: لأنني زوجتك أنت ..وأنت تستحق التضحية ..
مازن: سامحيني حبيبتي..
منى: بل أنت سامحني ولا تبتعد عني ثانية ..
مازن: سأخذك معي أينما ذهبت ..
منى: أحبك
مازن: وأنا أيضاً أحبك ..
هكذا استطاعت منى تخطي سياج المشاكل بتلك التضحية التي قامت بها وإن كان البعض يراها واجباً ..مهما اختلفت وجهات النظر ..تبقى الحياة تنتظر التنازل من قبل الطرفين كي تستمر .
اما انتم فأبقوا معي وانتظروا الجزء الجديد وأحداث أكثر تشويقا مع( وائل) و (كن سعيدا)
|