" اليكس لا اعرف ماذا اقول لك .."
- " لا تقولي شيئا فما فعلته للتو يغني عن أي كلمة .."
اغروقت عيناها بالدموع فما اجمل حديثه و ما اجمل رفقته و اه كم هو وسيم لا تريد فراقه بل ان تبقى معه هنا على هذا الزورق الى الابد لكن الاحلام لا تتحقق بهذه السهوله ..
لم تدرك كايت بأنها ستجد الحب في مكان بعيد عن موطنها .. عاشت مغامرة جميلة اشبه بقصص الخيال لتنتهي بصدمة عاطفية .. فهل سيعود ؟ و من هو ؟
الفصل الأول
-1-
" تك ....تك ....تك... تك ..."
استرخاء تام على صوت القطرات المنتظمة في كل مكان بدءأ بالمطر خارجا حيث شوارع أكسفورد تملأها البرك الصغيرة بفعل الامطار فتتساقط على سقف المنزل محدثة سيمفونية طبيعية فيشاركها العزف حوض الاستحمام المعطر بالرغوة البيضاء التي تغطيه بأكمله و القهوة الساخنة التي ينتهي صوت القطرات عندها فتكتمل المقطوعة الرائعة التي تبعث الدفء بالجسد ... هذا افضل شيء قد يحدث بعد يوم عمل طويل و مليء بالاحداث و الخطط و الرسومات كل ذلك يجب ان يمحى حالا من الذاكرة فعندما يترك الشخص مكتبه المكتظ بالاوراق و يقفله ليعود للمنزل يجدر به ايضا قفل عقله من التفكير بتلك الاشياء التي تنهك النفس و تتعب العقل و كل ما على المرء ان يفعله هو اخذ قسط من الراحة في حوض الاستحمام وتكون قهوته باليد الاخرى فيستمتع بصوت تساقط المطر على النافذة و سقف البيت و تخيل منظر الشارع بالخارج حيث الناس يحملون المضلات الملونة و البعض يهرب من البلل خوفا على بذلته الجديدة او من ان يبلل المطر شعره المسرح وهناك اخرين لا يأبهون بما يحدثه المطر من كوارث فيقفان يتبادلان القبلات تحته الذي يليق بالرومانسية التي يقومون بها ... لكن ما يحدث لها الان في حوض الاستحمام الساخن هو افضل استرخاء قد يحصل عليه المرء بعد يوم شاق ...
اغمضت عينيها تحاول طرد الرسومات الهندسية و المخططات من رأسها و اهم شيء تريد طرده هو صوت مديريها المزعج الذي لا يشك خيط بإبرة الا و أخذ رأيها به و هذا قد يصبح متعبا لها في اغلب الاحيان ... فالبنسبة له هي كل شيء بل هي محور المؤسسة و عمودها كما يطلق عليها فبدونها قد تسقط المؤسسة او تنهار, قد تكون تلك الفكرة رائعة عندما يسمعها البعض اي عندما نجد بان المدير يسلم كل شيء بيد موظفة صغيرة ليس لديها خبرة طويلة الا خمس سنوات قد نراها قليلة , لكن جهدها للوصول الى ما هي عليه كان صعبا في اول سنتين حيث اثبتت وجودها في المؤسسة مما جعل المحيطين و السابقين لها يشعرون بشيء من الغيرة و الحقد فهم يعتقدون بانها تقربت من المدير بجمالها و صباها و بشعرها الاحمر الكثيف و برشاقة جسدها و اناقتها و انسيابها بالحركةعلى الرغم من كعبها العالي و فستانها الضيق و ما الى ذلك من كلام النساء الغيورات و الرجال المعادين لاحتلال المرأة لمناصب قد تعلوهم .. فيتناسون عقلها و منطقها و تفكيرها و لا يصدقون بأن ذلك هو ما جعلها نائب المدير و المستشار العام في شركة ( مارتن كوبر ) و هي احدى الشركات المشهورة في اكسفورد للهندسة المعمارية... تخرجت قبل خمس سنوات من جامعة اكسفورد و عملت بالشركة كمتطوعة قبل تخرجها كعمل جزئي ليزيد من نسبة قبولها في العمل لاحقا, لاحظ السيد كوبر نشاطها و حبها لعملها حتى قبيل حصولها على الشهادة الشيء الذي ساعدها للحصول على الوظيفة في اول مقابلة لها بالشركة و هذا جيد بالنسبة لها لكن الموضوع يختلف الان لكثرة إلحاح السيد كوبر لان تقوم هي بكل عمل فلا وقت لها للراحة ..للاكل للنوم.. و حتى لقضاء الحاجات الضرورية فهي لم تر أصدقائها منذ فترة و لم تجتمع معهم كما ان علاقاتها الاجتماعية قد قلت لكثرة انشغالها انها تحب ما تقوم به لكن الامر تعدى الحدود فهو يعتمد عليها اعتماد كلي منذ ان استلمت الوظيفة و منذ ثلاث سنوات لم تاخذ اجازة للراحة و حتى عندما تمرض,و كل ما تريده الان هو البحث عن (كايت) الفتاة التي اعتادت ان تكون هي لسنوات طويلة انها بحاجة للراحة و النوم اكثر من اربع ساعات يوميا, تريد ان تأخذ حمام شمس في مكان دافيء يحيط به الشبان و يتغزلون بها , تريد ان تخلق علاقات , تحب , تعشق, تخرج في مواعيد مع شباب يقدرون انثوتها تريد ان تفعل كل ما تفعله الفتيات اللاتي في عمرها فهي لم تبلغ السادسة و العشرون بعد و ليس لديها صديق او عشيق.. كل ما تريده هو اجازة في مكان بعيد عن حياة المدينة الروتينية, مكان دافيء, غير ممطر , مكان به نهر و شاطيء و بحر و بحيرات و سماء و ارض و زروع و اشجار و ليس مكان به اوراق و دفاتر و بحوث و اشكال هندسية و مشاريع و مديرين و موظفين و بذل رسمية وحقائب سوداء ثقيلة و عوادم سيارات خانقة كل ذلك لا تريده فقط لفترة معينة تبحث فيها عن ذاتها عن (كايت) ...
رشفت من قهوتها الساخنة و ارخت جسدها في حوض الفقاعات ثم غطست حتى رأسها تاركة انفها خارج الماء تستنشق الهواء لم تسمع شيء بالماء الا ضربات قلبها و صوت ضغط الماء على اذنيها اغمضت عينيها تتخيل نفسها في مكان غير عالمها واقفة و الهواء يطير فستانها الابيض و شعرها الاحمر يتبعثر و لم تكن تفكر في شيء الا بزرقة السماء الصافية و صوت العصافير و دفء اشعة الشمس على جسدها... ابتسمت لهذه الفكرة التي اراحت عقلها و الهته عن التفكير بالاعمال المنهكة ..
بعد ساعة من الاسترخاء اخذت دش سريعا دلكت به رأسها مما اشعرها بالنعاس اخذت المنشفة و لفت بها جسدها المبلل بعدها ارتدت قميص نوم حريري و مشطت شعرها المبلل .. دست نفسها تحت الاغطية الوفيرة و راحت بنوم عميق بمجرد ملامسة رأسها للوسادة الناعمة..
كان نومها مريحا لا تشوبه الاحلام المزعجة لكن نهاية لذتها بالنوم قربت عندما رن جرس الساعة يوقضها لبدء يوم عمل طويل كما الامس, شعرت بالامتعاض و هي توقف الرنين المزعج الذي اعتادت عليه كل صباح و في بعض الايام هي من تقوم قبله لتوقضه او لتطفأه قبل ان يرن تحركت بكسل و هي تتجه للحمام لتغتسل و من ثم تبدل ثياب النوم بثياب عملية عبارة عن بذلة رمادية و قميص عنابي يتماشى و شعرها الاحمر ثم وضعت ظلال عيون بلون رمادي فاتح ليتناسب و بذلتها ثم زينت شفتيها بلون عنابي كلون قميصها لبست حذاءها الاسود ذو الكعب العالي ثم رفعت شعرها للأعلى حتى لا يزعجها و هي تقوم بعملها المنكب على الاوراق نظرت الى الساعة التي بيدها تشير الى السادسة يجب ان تخرج الان لتتفادى زحمة الطريق خاصة بعد ليل ممطر عرقل السيارات و ما الى ذلك من مشاكل الطريق في الصباح ركبت سيارتها الصغيرة و انطلقت بها الى مكان عملها القريب لان منزلها يقع في قلب المدينة حيث ترى الناس يسيرون حتى في وقت متأخر من الليل و تسمع صوت زفير السيارات , صوت سيارات الشرطة و الاسعاف تقريبا كل ليلة لكن بالنهاية يبقى المكان مناسب حيث كل شيء قريب منها بالاخص مكان عملها... توقفت عند مقهى صغير و اخذت معها ثلاثة اكواب من القهوة لها و للسيد كوبر و لصديقتها (أن) دخلت مكتبها مبتسمة تخفي تعبها خلف نظراتها الشمسية القت تحية عليها
-" صباح الخير آن "
رفعت الاخرى رأسها و بادلتها ابتسامة الصباح
- " صباح الخير ..."
لم تعطي كايت فرصة لتتحدث و كانها تريد قول شيء قبل ان تنساه فتكلمت بعجله
- ",خبر عاجل لقد اتصل جورج و اخبرني بأن الرسومات التي طلبتها منه ستصل بعد ساعة "
جلست على الكنبة امامها بتهالك و هي ترفع النظارة عن عينيها فتثبتها بشعرها يا له من صباح يبدأ بالسلام و الاعمال المكثفة.. تنهدت بامتعاض فهذا هو الواقع عمل.. ارهاق و ...جورج
-" و من سيقوم باستلامها ؟"
-" قال بان سيأخذها بنفسه و يقدمها لك "
هزت (كايت) رأسها بانزعاج فذلك المدعو (جورج) يحاول التقرب منها بكل الطرق المتاحة له فيقوم بتوصيل الاوراق لها و الرسومات و يعطيها بعض الملاحظات مع انها ليست وظيفته اسداء الملاحظات فهو مهندس حاله كحال الجميع له مكتب محترم و اوراقه الخاصة لكنه يريد ان يقوم بكل شيء فقط لان يتحدث معها او ليراها .. انها لا تستلطفه فهو بالنسبة لها رجل سطحي و وصولي و هي لا تحب هذا النوع من الرجال فهي صعبة المنال كما يقال عنها و هذا ما يجعل الرجال الذين يعملون معها لان يلعبون لعبة التحدي لكسب رضاها او للتحدث معها او لمجرد ابتسامة صغيرة منها , انها ودودة و لطيفة معهم لكن ليس لديها وقت لعقد علاقات مع الرجال و هذا شيء تفتقده بل تحتاج له لكن عملها و السيد كوبر و وقتها الضيق يجعلها في موقف محرج خاصة لعلاقة طويلة.. شعرت (آن) بانزعاج كايت فابتسمت لها تهون عليها
-" اعرف شعورك يا عزيزتي فأنا ايضا اعاني منه و من تدخله الدائم لكننا لا نستطيع التخلي عن مهندس يعمل بجهد فاذا اخبرنا السيد كوبر سيعاتبنا لاننا سنخسر رجل يعمل باخلاص للشركة "
هزت رأسها توافقها لكن ..
-" لم اقل شيئا يا آن انا فقط انزعج منه و من نظراته انه يستفزني بنظراته تلك أنه ينظر الي و كانني عارية"
ضحكتا لتعليقها العفوي فوقفت و اخذت القهوة الاخرى
-" حسنا اذا اراك لاحقا يجب ان اوصل هذه القهوة للسيد كوبر قبل ان تبرد و استعد نفسيا لمقابلة جورج"
-" حظا طيبا "
غمزت لها و ابتسمت
-" احتاج للحظ فعلا ..ِشكرا "
اتجهت الى مكتب السيد كوبر طرقت الباب و لم تنتظر اجابته ففتحته و ابتسمت للرجل الذي يتحدث بالهاتف و يضحك خلف مكتبه المتواضع فالسيد كوبر رجلا محترم جدا له هيبته التي يقدرها و يحترمها كل الموظفين و بالاخص (كايت) التي اعتادت عليه فهي تراه على حقيقته لكثرة جلوسها معه فهو رجل كسائر الرجال يشعر بالضعف احيانا و احيانا اخرى يبدو قويا و في اوقات يتحدث كأب و يسدي نصائح لها و للموظفين الذين يعملون تحت جناحيه كما انه رجل يهتم بمظهره الرياضي و من يقابله لا يصدق بأنه تخطى الخمسين فاهتمامه بلبسه و جسمه و روحه السمحة و تطور فهمه يجعل من حوله يعتقدون بانه اصغر سنا ..بادلها الابتسامة و اشار لها بالجلوس ريثما ينتهي من مكالمته جلست على الكنبة و هي تنظر الى رئيسها الذي ينظر اليها بين حين و اخرى يشير لها بتعبيرات وجهه بانه منزعج لجعلها تنتظره و ما ان اغلق السماعة حتى تنهد
-" اه كايت عزيزتي لقد اتيت بالوقت المناسب"
اقتربت من مكتبه و هي تضع القهوة التي احضرتها له امامه
-" و احضرت لك قهوة معي "
-" شكرا .. لكن ما اريده فعلا هو تقيم للرسومات التي سيحضرها جورج بأسرع وقت ممكن و انت ..."
قاطعته قبل ان يكمل جملته
-" جورج لم يصل بعد "
-" ماذا ؟ حسنا لا بأس بمجرد ان يأتي اريدك ان تناقشا المشروع و تقومي بتقيمه لقد اتصل صاحب الفندق يسأل عنه و انه من افضل زبائن الشركة و لا اريد ان اخسره لاننا تاخرنا عن تقديم طلب للبدء بالتنفيذ لاننا لم نقم بالتقيم "
-" سيد كوبر سأبذل جهدي لان يبقى السيد ماكموهن من افضل زبائنك لا تقلق و سأستحمل جورج قدر الامكان "
استند على كرسيه بارتياح ملقي ما كان على كاهله لكايت
-" لذلك انت الفضلى يا كايت "
استدارت لتخرج و هي مبتسمة لتعليقه الاخير فهو بذلك يرفع معنوياتها و يجبرها على القيام باعمال لا تحبذها كالصبر على تعليقات جورج مثلا
-" استمتع بقهوتك "
ثم خرجت من مكتبه لتتجه الى حيث مكتبها الصغير فتحت الباب لتدخل لكنها توقفت عندما رأت رجلا عريض ذو شعر أشقر قصير جالسا و الرسومات امامه ابتسم عندما رأها مندهشة فهذا ما توقعه انزعجت لوجوده لكنها اخفت ذلك بابتسامة مصطنعة
-" جورج .. يا لها من مفاجاة "
-" اهلا كايت "
وقفت خلف المكتب تضع حقيبتها و قهوتها
-" هل نبدأ"
اقترب منها و همس
-" بالتأكيد "
مدت الرسومات امامها على الطاولة البيضاء الكبيرة و فوقف بالقرب منها نظرت الى الرسومات التي فوق المنضدة بدقة و بتركيز لكن شيء ما جعلها ترفع بصرها لتصطدم بعين جورج شعرت بالاحراج و التوتر و الاستفزاز مشاعر تصادمت من نظرات جورج المزعجة فتكلمت بشيء من العصبية
-" جورج ماذا ترى بشأن الرسومات ؟"
القى نظرة على الاوراق و المخطوطات و اجاب بشفاة ملتوية و عين ماكرة
-" انها دقيقة التفاصيل "
شدة قبضتها بعصبية و هي ممدودة و تكلمت بهدوء ممزوج برائحة الغضب و ذلك بسبب كلماته اللتي لها مغزى اخر
-" اتعرف شيئا جورج ... اشعر بتوعك قليلا يمنعني من التركيز فهل تتركني مع الرسومات اريد ان ادرسها وحدي و اذا اردت مساعدتك لن اتردد في طلبك "
شعر بخيبة فهو كان يأمل البقاء معها و التناقش حول المشروع لساعات طويلة يشبع بها نظريه لكن ما باليد حيلة كما يقولون فهي المسؤولة هنا و هذا عملها و لا يستطيع ان يعترض او يمتعض.. اومأ برأسه و خرج دون اعتراض ..
وقفت تنظر خلفه لبرهة ثم استدارت لتبدأ عملها الجدي الذي اعتادت عليه و في غضون ساعتين كانت قد انتهت من دراسة المشروع و كتابة تقرير عنه و تقيمه ثم خرجت من مكتبها لتمر على مكتب جورج
-" جورج لقد انتهيت من كتابة التقرير و ما يتوجب عليك هو مراجعته و من ثم اعطائه للسيد كوبر ليقوم بما يراه مناسب "
لم ينطق بكلمة بل اكتفى بالايماء و قبل ان تستدير لتخرج ابتسمت له
-" شكرا لك "
-" على الرحب و السعة "
عادت الى مكتبها و فتحت جهاز الكمبيوتر لتلقي نظرة على بريدها الالكتروني و من ثم تنهي بعض الاعمال و بعد ثلاث ساعات كانت خارج المؤسسة تركب سيارتها لتعود الى المنزل الكائن في احدى ازعج مناطق اكسفورد و مع هذا فهي تعشقه .. كعادة المطر الذي يعوق السير و يحكر السائقين بالسيارات لساعات حتى تصل الى البيت و قد طارت طاقتها بأكملها .. نزلت من السيارة بسرعة لتفادي المطر المنهمر وقفت تبحث عن المفتاح و ما ان وجدته حتى تبللت بالكامل و كانها القيت في بركة ..علقت معطفها المبلل على الكماشة ثم صعدت السلم جهه الحمام نزعت ثيابها و غمرت جسدها بحوض الفقاعات الساخن مثل كل يوم و بيدها كأس (مارتيني) هذه المرة .. استرخاء جميل جعلها تغفو لخمسة عشر دقيقة لكنها افاقت على صوت جرس الهاتف فأخذت المنشفة بسرعة و ركضت لتلتقطه لكنها لم تتلقى المكالمة فجلست على الفراش تنتظر عودة المتصل للاتصال و بينما هي تنتظر غالبها النعاس فنامت بمنشفتها و بشعرها المبلل ..
الهاتف المزعج يرن ليوقضها فتمد يدها تلتقطه و تجيب بصوت ناعس
-" الو "
-" كايت "
جلست لتستوعب صوت المتصل
-" ليلي اهذه انت ؟"
-" نعم كايت انا ليلي اسفة لايقاضك "
نظرت الى الساعة التي تشير الى الثالثة صباحا فرفت خصلة شعرها سقطت على جبهتها ثم فركت عينيها لتستفيق اكثر و تركز مع ليلي التي ارعبها اتصالها في هذا الوقت
-" هل كل شيء على ما يرام ليلي ؟"
تباكى صوت ليلي و هي تجيب
-" لا .. "
ساورها القلق و هي تسمع صوت ليلي
-" ليلي اخبريني ما هناك ؟ ماذا يجري؟"
-" انه جدي يا كايت "
-" ما به اخبريني ارجوك انك تحطمين اعصابي يا ليلي "
بكت الاخرى و حاولت ان تخرج كلمات لكنها لم تستطيع فظلت تبكي و كايت تحترق اعصابها فهناك شيء خطير يجري يجعل ليلي تتصل في هذا الوقت و تبكي و بعد ثلاث دقائق تكلمت ليلي بالكاد
-" لقد فارق الحياة يا كايت جدي توفي "
فتحت عينيها باتساع فمها المنصدم و هي تنظر امامها تحاول ان تفهم اخر جملة قالتها ليلي لقد قالت جدي توفي نظرت امامها و كانها ترى وجه ليلي الباكية سرحت في شيء لا تعرف ما هو كانت عينيها مسمرتين على الجدار امامها تبحث به عن مخرج لاحزانها المفاجئة التي لا تنتهي فمن اين تاتي تلك الاوجاع و المصائب
-" كايت هل انت معي ؟"
اوقضها صوت ليلي من سرحانها و لا شعوريا احست بدمعة تنسل على خدها اومات برأسها تجيب و كأن ليلي معها بالحجرة و ترى وجهها تكلمت
-" متى حدث ذلك ؟"
و اخيرا نطقت بصوت خالي من المشاعر و الاحاسيس فهي مازالت مصدومة اجابتها الاخرى بألم و حسرة تخالطت بصوتها
- " مساء امس.. غدا صباحا ستكون جنازته "
ثم سكنتا لمدة قصيرة تستجمع بها افكارها لكن ليلي سبقتها بالكلام
- " اتمنى ان تكوني معنا يا كايت فجدتي ليست بخير و ستكون افضل اذا رأتك كما انني لا استطيع البقاء معها في كنساس فالاختبارات على الابواب و يجب ان ارحل الى بولدر و لا ليس من الممكن ان اتركها وحدها بهذه الحال "
شعورها بالصدمة طغى على تفكيرها فهي لم تنتبه الى ما قالته ليلي الا كلمة بولدر فتكلمت
- " لم لا تأخذينها معك الى بولدر؟"
- " حاولت معها لكنها مصرة على البقاء في اوتاوا "
- " ماذا عن سكوت الم يقنعها ؟ "
- " لقد حاولنا جميعنا حتى جيرانها لكنها لا تريد ترك المنزل الذي عاشت فيه لسنوات مع جدي فذلك يصعب عليها .. فهل لك ان تأتي لقضاء شهر او شهران معها لحين تقتنع و تأتي معنا الى بولدر او حتى انتهي من الفصل و اعود لاقيم عندها "
فكرت كايت لفترة طويلا حتى قالت
-" دعيني ارى ما يناسبني ليلي فأنا مشغولة كثيرا هذه الايام لكنني سأحاول "
-" حسنا اتصلي بي بأقرب وقت "
-" سأفعل .. اعتني بنفسك و جدتي "
-" و انت كذلك الى اللقاء "
اغلقت السماعة و نظرت الى الساعة التي تشير الى وقت متأخر حاولت ان تسترجع المكالمة المحزنة فهي لم تتوقع ان تسمع خبرا محزنا في هذا الوقت او لان تتقبل فكرة ان جدها لم يعد موجودا في الحياة .. يا الهي كم يصعب عليها فراقهما فجديها هما من تبقى لها في هذه الدنيا و الان خسرت احدهما فبعد وفاة والديها في حادث سير سافر جديها الى اكسفورد و اقاما معها لفترة طويلة حتى انهت الثانوية و دخلت كلية الهندسة و بدأت الاعتماد على نفسها و منذ ثمان سنوات لم يأخذانها الى الولايات المتحدة لكي لا تتعرقل بالدراسة و اختلاف الانظمة هناك بل تركا موطنهما لرعايتها و يوفران لها الحب و الامان , كانا لها ام و اب و جد و جدة و هي ممتنة لهما ما دامت على وجه الارض .. تزاحمت صور جدها في رأسها و كلماته و عادت ثمان سنوات الى الوراء حيث تذكرت جدها اندي الرجل البشوش الذي لا تفارق الابتسامة وجهه رجل حكيم عطوف و يخاف عليها كثيرا حيث كان يأخذها بنفسه الى المدرسة و ينتظرها حتى تدخل ثم يرجع لاخذها و يقف عند البوابة قبل انتهاء الدوام الرسمي حتى لا تنتظره طويلا و لم يكن رجل ذو عادات قديمة بل كان يرحب بصديقاتها و يتركها تخرج بين فترة و اخرى مع شباب و تسهر معهم لكن بحدود لانه زرع الثقة فيها و لم تحب هي ان تدمر هذه الثقة بعمل شيء مخزي قد تندم عليه لفترة فكانت لا تفعل شيء من وراءه و عندما تخطيء يعاتبها بصوته الهاديء ثم يقبلها على رأسها فتشعر هي بالخزي من تصرفها و في عطلة الصيف يسافر بها الى كنساس فيقيمان هناك الصيف كله في منزلهما المتواضع في اوتاوا مسقط رأس والدتها التي تزوجت من رجل الاعمال البريطاني ( ايان فورمر ) و انتقلت معه الى اكسفورد و عندما توفيا تركا لها ثروة كبيرة وضعها جدها لها في حساب خاص كوديعة لتسخدمها لاحقا و علمها ان لا تعتمد على ثروتها في العيش فقد تنبذ او تنتهي بل يجب ان تكافح لتعيش حياة كريمة بعرق جبينها و هي الان تعمل بنصيحته فهي تقوم بعملها بجهد متواصل و تكسب رزقها بنفسها و لم تستخدم ما تركه والديها لها و الفضل يعود الى جدها العزيز بكت كايت بحرقة و هي تتذكر جدها الحنون الذي لم تره منذ سنتين تقريبا عندما زاراها في اكسفورد اخر مرة فبعد عودتهما الى اوتاوا لم تسافر لهما لكثرة انشغالها بالدراسة و العمل الجزئي في المؤسسة بل قاما هما بزيارتها .. بكت لحال جدتها التي اصبحت وحيدة لاول مرة منذ خمسين سنة تقريبا كان لها الزوج و الصديق و الحبيب هون عليها مرضها الذي اصابها قبل خمس سنوات ففقدت بسببه القدرة على الكلام كيف تواجه الحياة الان و انيسها ليس معها .. جدها بذل جهده لتعليمها كل ما يراه مناسبا و كان دائما يقول لها بانه سيعلمها الاهتمام بالحديقة و تعليمها الصيد لكن لم تسنح لها الفرصة لان تراه بعد ذلك فتسير على نهجه او لستفيد من ما يريد تعليمها.. بكت لحالها و لخسارتها .. غفت على الذكريات التي جعلتها تبكي حتى غالبها النعاس لتستيقظ على صوت المنبه اطفأته و قامت من الفراش بتكاسل فقد كان نومها متقطع و رأسها يؤلمها بسبب البكاء غسلت وجهها و بعدها لبست بذلة سوداء و رفعت شعرها على هيئة ذيل حصان و لم تضع مساحيق تجميل على وجهها بل لبست نظارات شمسية تخفي عينيها المتورمتين قادت السيارة الى مكان عملها و لم تتوقف عند المقهى لاول مرة منذ سنتين نزلت من السيارة بتكاسل و مشت حتى مكتب سكرتيرة السيد كوبر
-" هل السيد كوبر موجود ؟"
-" نعم تفضلي "
استغربت السكرتيرة من كايت فهي دائما مبتسمة حتى و ان اخفت غضبها تخفيه بابتسامه لكن اليوم كانت مختلفة و شاحبة.. طرقت الباب بهدوء و فتحته عندما سمعته يناديها فدخلت دون ان تنزع النظارة عن عينيها مما جعل السيد كوبر ينظر اليها بقلق
-" كايت هل انت بخير ؟"
هزت راسها نفيا فهي فعلا ليست على ما يرام جلست على الكنبة امامه عندما اشار لها بالجلوس ابتسم لها
-" الن تنزعي ذلك الشيء الذي يحجب عينيك يا كايت و من ثم تخبريني ما بك ؟"
نزعت النظارة بهدوء و اتسعت عيناه هو عندما رأى عينيها الجميلتين حمراء متورمة
-" يا الهي هل انت مريضة ؟ انت تعرفين بانك تستطيعن اخذ يوم راحة يا كايت بمجرد ان تتصلي لتخبريني "
فتحت فمها لتتكلم من غير نفس بالنطق فهي مازالت مصدومة و منهاره لفقدها اعز الناس لديها
-" سيد كوبر انا لست مريضة لكنني متعبة بجد و اريد ان اخذ اجازة طويلة لارتاح فيها و اصفي ذهني لاعود للعمل بعدها بكامل قواي "
-" بالطبع كم يوم تقريبا ستحتاجين ؟"
-"ثلاثة اشهر"
اختض في مكانه عندما القت قنبلتها الاخيرة فاقترب ليتفحص عينيها و كأنه يستطيع ان يكشف اذا جنت ام لا ؟ ثلاثة اشهر ؟!!! و هي المساعد و المستشار و المهندس الاول بالنسبة له
-" ثلاثة ماذا؟ ؟؟!! كا..."
قاطعته قبلا ان يكمل و اجبره هدوئها على الانصات لها
-" نعم ثلاثة اشهر ... سأسافر بها الى امريكا حيث جدتي المريضة هناك التي فقدت جدي منذ يومين سأذهب لاعتني بها فهي وحيدة الان و لا احد معها ارجوك تفهم وضعي "
سكت لم يعرف ماذا يقول او بماذا يجيبها فلقد تأثربنبرة صوتها المتألمةو بكلامها الذي لم يتوقع ان يكون ذلك السبب في طلب اجازة طويلة جدا التفتت لينظر اليها طويلا فهذه كايت التي ساندته خمسة سنوات قامت باعمال لم يستطع هو ان يقوم بها و قضت ساعات طويلة لحصد افضل النتائج و اسدى القرارات كما انها لم تكثر من اخذ اجازات حتى و هي مريضة كانت تعمل بجهد فهذه مكافاة لها و لجهودها التي ادت بنتيجة كبيرة و مثمرة لمؤسسة كوبر و ذلك كله بفضلها فإجازة لثلاثة اشهر لا تكفي لرد جميلها ...
ابتسم لها بهدوء يواسيها لعل بابتسامته اللطيفة ينشرح صدرها قليلا
-" حسنا يا عزيزتي انا اسف لجدك و جدتك اعذريني "
-" لا بأس "
-" ثلاثة اشهر كثير جدا لكنك تحتاجين بالفعل للراحة و الاعتناء بجدتك و انا موافق بشرط"
-" ما هو ؟"
-" هو ان تاخذي معك احد المشاريع المستقبلية خاصة مشروع بروني التجاري و تعملين عليه في وقت فراغك ليسليك قليلا ... ما رايك ؟"
فكرت فهذا بالفعل وقت كافي لتنهي المشروع و انها اعتادت على العمل الهندسي و المشاريع و لن يضرها ان تأخذ مشروع بسيط تعمل عليه لشهران .. هزت رأسها و هي تجيب
-" حسنا "
وقف ليمد يده يصافحها و يربت على كفها يساندها كوالدها او اخوها الكبير
-" اذهبي يا كايت ... حظا طيبا .. اتصلي بي "
- " سأفعل شكرا لتفهمك سيد كوبر و اوعدك بان انهي المشروع و اجعلك فخور "
فغر فاه و ابتسمت عيناه
-" انا فخور بك منذ اول يوم استلمت به العمل هنا "
شعرت بالسعادة بالرغم من حزنها الدفين مما جعلها تظهر اسنانها بابتسامة رائعة بعدها استدارت و اتجهت لمكتب آن فتحت الباب و دخلت بكل هدوء فكانت ردة فعل آن مناسبة تماما لمظهر كايت الحزين ..وقفت تلك على رجليها بقلق
-" عزيزتي انت لست بخير "
اومات لها كايت و الحزن باد على ملامحها بشكل رهيب
-" جدي توفي قبل يومان و اتصلت قريبتي بالامس تخبريني بانني يجب ان اذهب الى اوتاوا حيث جدتي المسكينة هناك و سأقيم معها لشهرين او اكثر "
نظرت اليها (آن) تتفقدها انها متعبة و تحتاج لراحة نفسية و جسدية اقتربت منها و ربتت على كتفها
-" انا اسفة لخسارتك .."
حضنتها كايت و بعدها و دعتها و اتجهت الى مكتبها لتضع اوراقها و بعض اغراضها في صندوق كرتوني .. مر جورج بالقرب من مكتبها و القى نظرة فتكلم بصوته المتغطرس الذي جعلها تهتز من الداخل
-" الى اين يا كايت ؟"
التفتت عليه و هي توضب الاوراق
-" الى اوتاوا .. كنساس"
كتف ذراعيه و دخل الحجرة اكثر
-" تعنين الولايات المتحدة ؟؟"
-" نعم"
استغرب و سألها بصوته الثقيل
- " ما الذي يجري ؟ هل هي سفرة عمل؟"
- " لا بل لدي بعض الامور العائلية "
قهقه و لوى شفتيه كوجها سؤال آخر
- " هل لديك عائلة في الولايات المتحدة؟!"
انزعجت من اسألته التي لا تتوقف فهي مشغولة جدا و وجوده هنا يعرقلها فأجابته بحدة
- " نعم .. جدتي "
- " اممم .. و كم يوم ستغيبين ؟"
اكملت عملها بتوضيب اغراضها متجاهلة سؤاله لفترة لكنها تنبهت لوقوفه خلفها يترقب اجابتها لسؤاله الفضولي الاخر
- " شهران الى ثلاثة اشهر "
سكت يستوعب جملتها الاخيرة التي جعلته يشعر بخيبة امل فهو يريدها ان تبقى حيث يستطيع ان يراها كل صباح فهي تملك جذابية غير طبيعية تؤثر فيه كثيرا انه معجب بها منذ اول يوم استلمت به العمل اي منذ خمس سنوات لكنها لا تنفك تبعده عنها فهي لا تريد التورط بعلاقة معه خاصة و انهما يعملان معا بنفس الشركة فبذلك ستتعقد الامور بينهما لكنه لطالما تمنى ان يخرج معها و يسهران معا و ينشئا علاقة وثيقة قد تنتهي يوما ما بالزواج .. لكن لا ليست كايت من ترضى بذلك.. رضخ للواقع و هز رأسه و هو يخرج
- " اذن اتمنى لك رحلة سعيدة.. الى اللقاء يا كايت "
لم تلتفت عليه هذه المرة لانشغالها بالاوراق التي بيدها لكنها اجابته
- " الى اللقاء"
حملت الصندوق ودعت الموظفين و بعدها استقلت سيارتها و اتجهت الى مكتب سفريات قريب من الشركة ابتسمت لها موظفة الاستقبال بابتسامة ما ان دخلت
- " مرحبا .. بماذا اخدمك؟"
تكلمت كايت بسرعة تريد ان تنتهي من موضوع السفر باسرع وقت لترتاح
- " اهلا .. متى ستقلع اقرب طائرة الى كنساس ؟"
- " امريكا ..؟"
- " هذا صحيح "
- " سأرى امهليني دقيقة واحدة"
جلست كايت تنتظر المرأة و هي تبحث في الجهاز امامها عن اقرب طائرة ستقلع اليوم الى كنساس
- " هناك طائرة ستقلع غدا في السابعة صباحا الى نيويورك و من هناك ستاخذين طائرة اخرى الى كنساس "
- " جيد جدا.. اريدها"
- " هل لي بجواز سفرك يا انسة ؟"
- " بالطبع "
اخرجت كايت الجواز من حقيبتها و قدمته للموظفة التي اخذت تطبع البيانات على الشاشة امامها
- " كم تستغرق الرحلة ؟"
- " من اكسفورد الى نيويورك ثمان ساعات و في الرابعة مساءا ستأخذين الطائرة المتوجه الى كنساس التس تستغرق اربع ساعات تقريبا .. "
- " يا الهي ستكون رحلة طويلة اذا "
لم تعلق الموظفة بل اكتفت بابتسامة مهذبة و بعدها اخرجت التذكرة من الجهاز الموضوع بالقرب منها التي كتب عليها كافة بيانات الرحلة دفعت كايت ثمن التذكرة و اسرعت بالذهاب الى المنزل لتوضيب حقيبتها التي انتهت منها بثلاث ساعات بعدها استحمت و اندست تحت الاغطية لتنام حتى الرابعة صباحا لكن كما الليلة السابقة تقلبت بالفراش لساعات طويلة حتى اجهدها التعب فنامت بسكون ..
-2-
اراضي كنساس الخضراء ترحب بها في موطنها الثاني الذي اشتاقت له كثيرا حيث تركت اجمل الذكريات في المنزل الصغير المليء بالحب و شقاوة الاطفال و رائحة النعناع الخاصة بجدتها..و حديقة جدها الخضراء .. و سيارته القديمة .. حجرتها , فساتينها ,البحيرة , الارجوحة... و كل ما يحمل اجمل معنى في حياتها ...ابتسمت لصورتها المنعكسة على زجاج الطائرة فهذا المكان الذي احتاجت لان تتواجد فيه فترمي بهمومها و تعبها في البحيرة الصغيرة و تريح جسدها و نفسيتها تحت اشعة الشمس الدافئة بعيدا عن مطر اكسفورد و شوارعها المبللة... ارخت رأسها على الكرسي بينما حطت الطائرة في مطار كنساس ...
كانت واقفة عند الباب الخارجي عندما رفعت يدها لتنظر و تلفتت تبحث عن شخص مؤلوف اتى ليصطحبها و نعم وجدته كانت ليلي تركض باتجهاها لتغبطها بقوة كادت تكسر ضلوعها بادلتها كايت العناق و البكاء فهي لم تراها منذ ثمان سنوات
- " اوه كايت عزيزتي .. اشقت لك بدرجة لا تتصورينها "
تكلمت كايت بصوت حزين و متألم
- " و انا كذلك يا ليلي اشتقت لك و لجدتي و سكوت و المنزل و الحديقة الصغيرة و البحيرة و كل قطعة هنا اشتقت لها "
ابتسمت ليلي و هي تمسح دموعها و كأنها طفلة صغيرة
- " حسنا هيا اذا فكل قطعة تنتظرك .. "
قادت السيارة الى (اوتاوا) التي تبعد ساعة عن المطار تقريبا لم تسكت ليلي طول الطريق كانت تحدثها عن حال جدتها و عن مرض جدها المفاجيء الذي قضى اسبوع في المستشفى و من بعدها لاقى حتفه دون سابق انذار ... كما سألت كايت عدة أسألة متعلقة بعملها و مديرها و اصدقائها .. و كايت كانت تجيبها و هي غير مصدقة بأنها مع قريبتها المفضلة ليلي التي لم تتغير منذ ثمان سنوات فهذه هي بشعرها الذهبي القصير و عيناها الواسعتان الزرقاوان و قامتها الطويلة الممتلئة بعض الشيء لكنه يضفي عليها شكلا انثويا .. و مازالت ترتدي الفساتين التي بلا اكمام و الضيقةعند الصدر و الواسعة عند منطقة الوركين انه جميل عليها و اصبح جزء من شخصيتها المرحة و العفوية .. ركنت السيارة في الكاراج الصغير و اسرعت كايت بالنزول من السيارة لتنظر حولها و ترى المنزل الابيض الذي قضت به أروع اللحظات و تركت به اجمل الذكريات البريئة قد اصبح رمادي متآكلة أطرافة تشققت زواياه كأنه مهجور ..التفتت ناحية الحديقة التي كانت خضراء و مثمرة قد تحولت الى ارض جدباء صفراء لا حياة فيها تحاكي ذلك المنزل الرمادي المخيف و سيارة جدها القديمة تكمل الصورة الكئيبة آلمها قلبها فما يحدث هنا شيء محزن شيء لم تعتاد على وجوده فهذا المكان قد حواه الحب و ملأ ارجائه الضحك و المرح دمعت عيناها لهول المنظر الذي رأته لكنها سرعان ما مسحت دموعها عندما رأت المراة العجوز الهزيلة تخرج لاستقبالها بالاحضان ركضت الى احضان جدتها و بكت على صدرها الحنون الذي لطالما نامت عليه و هي تستمع الى قصصها و اغانيها المؤثرة شمت بجدتها رائحة النعناع التي ذكرتها بايام جميلة اخذت كف جدتها و قبلته ثم قبلت رأسها الابيض تكلمت بتلعثم و هي تحضن جدتها بقوة
- " انا .. جدتي ..انا اسفة ... لقد اشتقت له كثيرا و.. كنت.. اتمنى ان اراه لكن..."
منعها بكاؤها من الكلام لكن جدتها بدت اقوى منها و رفعت رأس حفيدتها لتبتسم لها و تقول لها بعينيها ان جدها اشتاق لها ايضا ولا داعي للبكاء الان فما حدث اصبح من الماضي و ان جدها مازال معهم بروحه الطيبة , مسحت دموعها بيدها و طبعت قبلة على وجنتيها ثم جرتها بهدوء للداخل و اجلستها على الطاولة بالمطبخ هذا المطبخ الذي لم يتغير منذ سنوات بلونه الخشبي .. وضعت امامها بسكويت و قهوة ساخنة مما جعل كايت تقهقه
- " لقد تذكرتي بسكويتي المفضل .. كم احبك جدتي "
تكلمت ليلي بصوتها العالي تحاول ان تبعد الجو المشحون بالذكريات السالبة
- " بدات اشعر بالغيرة من كايت يا جدتي "
ضحكن لتعليقها الذي اتى بالوقت المناسب ليلطف الجو الحزين
بعدها جلست كايت تحدثهن عن عملها و روتينها اليومي و عن السيد كوبر كيف لا يقوم بشيء وحده و ما هي بالنسبة للشركة .. كانت تلتفت بين حين و اخرى الى جدتها و ترى وميض الاعجاب و الفخر بعينيها اللتان اخذ الدهر بريقهما و سحرهما ..
التفتت كايت الى ليلي تهمس باذنيها تخبرها بانها تريد الذهاب الى المقبرة لتزور جدها وافقت على طلبها فاتجهتا الى السيارة و اتت جدتهما معهما كان الطريق الى المقبرة ليس ببعيد فبعشرة دقائق كانت ليلي تركن سيارتها بدت المقبرة مسورة بسور قديم جدا كما كانت صغيرة بالنسبة للتي رأتها في اكسفورد دق قلبها بضربات الخوف هل لان جدها موجود تحت هذا الشاهد العريض الذي كتب عليه
( اب و جد محب .. هنا يرقد اندي بريستون بسلام .. )
جلست على ركبتيها تسكب الماء على القبر و تبكي بهدوء دون ان تصدر أي صوت
- " جدي الحبيب .. كنت اتمنى رؤيتك .. فاعذرني على تقصيري ..."
لم تستطع كبح غصة انفجرت بموجة بكاء القت برأسها على صدر جدتها فضمتها و بكت معها حتى جذبتهما ليلي الى السيارة و انطلقت عائدة الى المنزل قبل غروب الشمس ..
رضخت للواقع فالجد اندي ذهب بلا رجعة لذلك توقفت عن البكاء جالسة على الكنبة تبدا بحديث جديد مليء بالذكريات و القصص المضحكة و المواقف الظريفة لها و ليلي لتخفف من وطاة الحزن التي اكتسحت قلبها و المكان باكمله...
بعد ذلك الحديث الطويل ودعت جدتها الشابتين لتصعد حجرتها ترتاح ., فجلست هي و ليلي تكملان حديثهما
-" اخبريني ليلي كيف حالك ما هي اخر اخبارك؟ "
-" انا بخير عزيزتي "
لكزتها كايت بخفه و ابتسمت لها و كان وراء هذه الابتسامة شيء مخفي
-" اعني مستجداتك العاطفية "
هزت ليلي رأسها تكبح ضحكة خجل
-" اها فهمتك .. امم ..يوجد شاب تعرفت عليه قبل شهرين و .. انه رائع و انا مولعة به"
شعرت كايت بالسعادة فهي منذ فترة لم تتحدث مع امراة اخرى عن تلك الامور العاطفية
-" هل يدرس معك ؟"
هزت ليلي رأسها نفيا
-" لا انه يعمل بالجامعة التي ادرس بها "
-" رائع "
سكتا لثانيتين لتتلكم ليلي
-" ماذا عنك يا كايت ؟ الم يقبل عليك الرجال بفعل شامتك الساحرة انني احسدك عليهاا"
ضحكتا لتعليقها فليلي صاحبت مقالب مضحكة و عفوية لكن الحديث كان جدي فأكملت
-".. لم اجد من يناسبني الى الان .. لكن هناك جورج المزعج الذي لا ينفك يدعوني للخروج "
-" و لم لم تقبلي دعوته المسكين..."
-" لانني اراه سطحي و وصولي و مخادع و منافق و لا يعجبني بتاتا"
فتحت عينيها باندهاش
-" كل تلك الصفات به .. المسكين "
قهقهت بصوت خافت و هي ترشف ما تبقى من قهوتها التي اصبحت باردة
-" اخبريني ليلي ماذا تفعل جدتي هنا ؟ اقصد ليس لديها صديقات ؟"
-" لديها السيدتان الثرثارتان السيدة سلندر و كوري تأتيان كل يوم تقريبا لزيارتها و يتكلمان حول كل شيء و تشاركهما جدتي بهز رأسها "
-" جيد اذا هناك من يأنسها عندما كان جدي مريض "
-" نعم انها تحب مجالستهما كثيرا و كما هناك السيد كالفاني انها تحبه و تتحدث عنه كثيرا لكنني لم اصادفه الا مرتين و لثانيتين فقط .. هذا هو منزله"
و اشارت على منزل حجري كبير يختلف عن المنازل الخشبية التي حوله كما يقع بعيدا بعض الشيء عن باقي المنازل في تلة مرتفعة لكنه قريب من منزل جديها اكثر من المنازل الاخرى رفعت كايت بصرها عندما لمحت من بعيد رجل يدخل منزل السيد كالفاني و يساعد رجلا مسنا يرتكز على عصا بصعود الدرجات الامامية لمدخل المنزل فأيقنت بان ذلك المسن هوالسيد كالفاني و بعد ان دخلا و اطفأت الانوار انتبهت كايت الى وجود ليلي التي كانت تتحدث عن ذلك السيد ..
غيرت كايت الموضوع وضعت يدها بيد ليلي لتهزها بحزن و قد نزلت شفتها السفلى لا شعوريا و عقدت حاجبيها ..
- " لم تذهبين اليوم يا ليلي؟ لقد تأخر الوقت كثيرا "
اخذت ليلي نبرة الضيق و اجابتها
- " بعد غد يوم حافل بالنسبة لي "
- " ماذا لديك ؟"
- " يوم دراسي .. ككل يوم .. و لا استطيع التغيب اكثر من اللازم .. سبق و كنت بالجامعة و تعرفين القوانين .. "
- " نعم اعرفها جيدا .. لكن الا يختلف طلبة الماجستير عن الطلبة العادين ؟ "
- " لا ابدا .. الا بالمنهج المكثف .. انه يختلف بعض الشيء "
- " من الجيد يا ليلي انك فكرتي بتكملة دراستك "
- " نعم .. اوافقك "
مسكت يدها مرة اخرى تشدها و قد ضاقت عيناها
- " هل انت مصرة على الذهاب اليوم ؟ ارتاحي و اذهبي بالغد الباكر"
- " اود ذلك صدقيني .. ان سكوت قادم ليقلني الى بولدر.. كما انه يود رؤيتك "
- " ماذا يفعل هناك ؟"
- " زوجته و ابنائه و عمله "
سكتت كايت تستوعب اخر كلمتين
- " ماذا ؟ سكوت تزوج و لديه اطفال ؟ لم لم يخبرني احد ؟"
- " اعتقدت بانني اخبرتك منذ فترة .. نعم لقد تغير سكوت كثيرا.. اتصدقين بان سكوت سيتزوج يوم من الايام ؟"
ضحكت كايت غير مصدقة و فتحت عينيها باتساعهما
- " لا ابدا.. فهو لا يليق به .. اذكر بأنه كان يعارض مبدأ الزواج المبكر "
- " اتعتقدين بأن الثالثة و الثلاثون سن مبكرة للزواج يا كايت ؟ "
- " بالنسبة لسكوت نعم .. و من هي المحظوظة التي تزوجت ابن خالتي الوسيم ؟"
- " انها زميلته بالعمل ..انجب منها ثلاثة اندي, دوغ و مونا الصغيرة يجب ان تقابليها ان لطيفة "
انه خبر رائع جعل كايت تبتسم بانشراح
-" اريد ان اراهم "
-" ستفعلين في عطلة الرابع من يوليو سيأتيان هنا ليقلبوا الدنيا راسا على عقب... انظري ما ان تكلمنا عن الشيطان حتى ظهر ... انه سكوت "
رفعت رأسها لتنظر الى رجل ضخم طويل و عريض يقترب منهم لتبين ملامح وجهه انه وسيم جدا و تغير كثيرا كما قالت ليلي
صاح بصوت مبتهج
-" قريبتي العزيزة "\
وقفت لتضمه فرفعها بذراعيه و كاد ان يكسرها بقوة ساعديه ا بدت كلعبة صغيرة بين يديه و اكمل بصوته المبتهج و هو ينزلها لتقف على قدميها
-" يا الهي لقد تغيرت كثيرا و نضجت و اصبحت عارضة ازياء جميلة و مثيرة .. ليلي لم لم تخبريني بانها خلابة و ساحرة ؟؟!! انظري لتلك النقطة على خدها انها اجمل من مارلين مونرو بذاتها "
احمر وجه كايت خجلا فضربته على ذراعه فانفجر ضاحكا
-" و انت ايضا تغيرت و اصبحت عملاقا كدت تهشمني بقبضتك "
-" اسف فهذا من شوقي لك يا كايتي ... اخبريني كيف حالك ؟ "
-" انا بخير ... لكن انت اخبرني اذا كل هذا الشوق تكنه لي فلم لم تاتي لزيارتي في اكسفورد ؟ او تتصل بي ؟"
سكت يفكر بشيء يقوله فعلا لم لم يزورها في اكسفورد ؟
-" لم افكر بذلك و لدي ثلاثة اطفال لا استطيع اخذهم معي صدقيني ستطرديني من اول يوم "
-" اه صحيح لقد سمعت عنهم و اريد ان اقابلهم "
اخرج محفظته ليريها صورة له و زوجته و ابنائه الثلاثة
-" انها جميلة جدا "
- " اعرف لذلك تزوجتها "
ضحكت كايت بهدوء و هي تنظر الى الصورة
-" اذا لا تتاخر بالعودة اليها "
-" اه صحيح هيا يا ليلي سنتأخر الطريق سيأخذ منا ساعتين "
عبست كايت و شعرت بالضيق لانها ذكرت سكوت بالمغادرة فهي تريدهم ان يبقوا لفترة اطول
-" انها بعيدة جدا .. قد بهدوء و لا تسرع يا سكوت لا تنسى اريد ان اراكم قريبا "
ودعتها ليلي و ركبت السيارة و طبع سكوت قبلة على وجنتها و اجابها و هو يركب سيارته
-" اذا نراك في عطلة الرابع من يوليو .. اعتني بنفسك و بجدتي "
-" سافعل الى اللقاء"
انطلق بالسيارة ليختفي بين الاشجار الكثيفة .. دخلت المنزل و اوصدته بالاقفال صعدت الطابق العلوي بأطراف اصابعها كي لا توقظ جدتها فتحت باب غرفتها القديمة وقفت تنظر اليها و الدموع تحجب عنها الرؤية انها كما كانت نفس الاثاث الخشبي الفاتح و العابها و دببها قد وضعوا على الفراش و البعض على رف فوق مكتب صغير علقت عليه رسومات اطفال .. حملت دب بني و ضمته الى صدرها لقد اعتادت النوم بينهم على فراشها الصغير فتحت باب خزانتها و رأت فساتينها الرائعة .. اغروقت عيناها بالدموع فكل ذلك يعيدها الى اثني عشر سنة الى الوراء عندما كانت هنا تلعب مع ليلي وتتصارع مع سكوت فيأتي جدها اندي و يبعد سكوت عنها و يأنبهم جميعا جلست على حافة الفراش تتذكر ذلك الموقف بكل حرف و كلمة مرت عليها ساعة و هي جالسة هكذا و شيء ما نبهها بأن حان موعد النوم و الراحة بعد رحلة مهلكة ...
فتحت حقيبتها و اخرجت فستان النوم و بعد ان غيرت ملابسها اندست في فراشها القديم و نامت على الذكريات السعيدة ..
فتحت عينيها على ضوء الشمس الذي تسلل الى غرفتها عبر الستائر الشفافة قامت من فراشها بكل نشاط و فتحت باب الشرفة و خرجت تتمدد ..اغمضت عينيها تستمتع بالنهار و اشعة الشمس على بشرتها التي افتقدتها منذ فترة الامطار في اكسفور فتحت عينيها انه منظر خلاب فشكل المنازل مرتفعة و منخفضة و مزروعة بشتى انواع الزهور شيء ما لفت انتباها ناحية منزل السيد كالفاني فنظرت باتجاهه انه منزل حجري رائع و كبير جدا رفعت عينيها اعلى من السور لتجد رجل يرتدي قبعة رعاة البقر يقوم بالتقاط الاوراق المتساقطة و يضعها في كيس يحمله بيده الاخرى انتبه لوجودها فرفع نظره الى حيث تقف و رآها من بعيد فرفع جسده المنحي يحاول ان يدقق اكثر فيها ايقنت بأنه كان ينظر اليها فاسرعت و دخلت الغرفة و اغلقت النافذه و الستائر ضرب قلبها بقوة لقد شعرت بالخجل فرجل لا تعرفه رأها بفستان النوم الحريري القصير انه شيء مخزي فكرت هل سيراها لاحقا ؟؟ هل سينتبه بأنها هي التي رآها ؟؟ ضحكت للموقف و تحسست حرارة وجهها انه كاللهب ..
نزلت الدرج بعد ان ارتدت ثيابها بملابس عمليه تصلح لنهار الاستكشاف الذي ستقوم به فلبست بنطال قصير و قميص ابيض يلتصق بجسدها ليبرز جمال خصرها النحيل و رفعت شعرها الاحمر بهيئة ذيل حصان ..
دخلت المطبخ قبلت رأسها جدتها التي ابتسمت لها و وضعت امامها طبق الفطائر المحلاة و قهوة ساخنة تنشطها في هذا الصباح
-" شكرا لك جدتي "
جلست جدتها و شربت قهوتها نظرت الى وجهه جدتها انها تبدو سعيدة بوجودها قربها
-" انت سعيدة لوجودي اليس كذلك ؟!"
هزت رأسها ايجابا و هي تبتسم
-" و انا كذلك.. سعيدة لوجودي في هذا المكان الرائع "
عندما انهت من طبقها حملته لتغسلة لكن جدتها وقفت و اخذت الصحن منها و هزت رأسها
-" حسنا كما تريدين ... ساخرج لاستكشف المكان اتأتين معي ؟ "
هزت رأسها مرة اخرى تقصد النفي و اشارت لها بالخروج.. خرجت كايت و مرت بالقرب من حديقتهم الصغيرة التي كانت حديقة فيما سبق انها تحتاج للاهتمام و ستقوم هي بذلك ستعيد لهذه الحديقة جمالها السابق الذي اعتاد جدها على الاهتمام بها مشت حتى توقفت عند منزل السيد كالفاني انه يملك بستان رائع و كبير و يبدو ان ذلك الرجل الذي يعمل هناك هو من يقوم بالاهتمام به كانت تنظر الى الازهار الملونة و تفكر بانها ستتلائم حديقتها الصغيرة .. رأها من بعيد و اقترب منها رفعت رأسها عندما احست بحركة حولها فشعرت بالتوتر فهي لم تقصد ان تنبه ذلك الرجل بوجودها ارادت ان تبتعد لحرجها فهو رأها هذا الصباح بقميص نومها تراجعت الى الخلف لكن خطواته الواثقة و جسده العريض الذي يفرض حضوره و اقترابه منها جعلها تقف كالتمثال تنظر بملامح وجهه الرجولية يا الهي لم تر رجلا بتلك الوسامة من قبل بتلك الملامح الحادة .. اقترب اكثر و لولا وجود السور بينهما لالتصق بها بللت ريقها بتوتر عندما تكلم بصوت رجولي هاديء مع ابتسامة لطيفة
-" صباح رائع اليس كذلك؟"
لم تستطع ان تتكلم فأومأت برأسها ايجابا .. ابتسم لها بطريقة ساحرة و كأنه احس بتوترها كان ينظر الى ملامح وجهها و يدقق بتلك الشامة السوداء على خدها .. اعتادت على تلك النظرات لكن هذه المرة مختلفة من هذا الرجل ذي الوسامة الطاغية و لا تعرف السبب
-" أنا أليكس "
مد يده يصافحها لكنه جرها بسرعة قبل ان تصل يديها و لوى شفتيه بابتسامة شقية اظهرت غمازة ساحرة
-" اسف لم اخلع القفاز "
و عندما خلعه مد يده مرة اخرى يصافحها .. في البداية ترددت لكنها رفعت يدها و صافحته فقبض عليها بقوة احاطت بيدها الصغيرة الناعمة و كأنه يحاول ان يسحقها بقبضته, لمسته جعلتها ترتعد فجرت يدها بهدوء .. سكت ينتظرها تتكلم و عندما لم تفعل تكلم هو دون ان تفارق الابتسامة الجميلة وجهه
- " لم تخبريني باسمك يا آنسة ؟"
و اخيرا نطقت بخجل هي لم تعتاد على سحر كهذا فهي من قبل تتكلم مع الرجال و كأنهم اصدقائها او تعرفهم من قبل و بحدود عملها و لكن هذا الرجل ليس ككل الرجال .. اثر بها من مشيته و ابتسامته و صوته و لمسته و نظراته الثاقبة التي احست بها دون ان تنظر الى عينيه بسبب تلك القبعة التي حجبتها ..لم يؤثر بها احدا كهذا منذ ايام الثانوية !! فمن هذا الرجل الذي يملك كل تلك الجاذبية ؟؟!!
تحشرج صوتها لحبسها اياه فترة ليست بوجيزة
- " كايت .. كايت فورمر"
نظر اليها بامعان
- " اذا انت حفيدة السيدة برستون القادمة من اكسفورد لقد لاحظت ذلك من لهجتك "
اومات و هي تبتسم بخجل بادلها الابتسامه و رحب بها بلكنة اهل كنساس
-" اهلا بك في اوتاوا "
-" شكرا لك "
-" على الرحب و السعة "
كان ينظر اليها يتفحص وجهها و عينيها بطريقة رائعة و لو كان جورج من يفعل ذلك لركلته بقوة لكن هذا الرجل يختلف و لا تعرف السبب ابتعدت خطوات للخلف و هي تلعب بخصلات شعرها بتوتر ودعته بيدها فرفع يده و فعل مثلها
-" الى اللقاء يا كايت "
كان قلبها ينبض بشدة و اضطراب ذلك الشاب الوسيم له جاذبية و سحر لعب بمشاعرها فظلت صورته في بالها بمشيته و جسده العريض و صوته الدال على تعقله و هدوئه و ..
مشت بين المنازل الصغيرة ولتتجه ناحيه الاشجار الكثيفة كانت تبحث عن مكان البحيرة التي اعتادت اللعب عندها و هي صغيرة مشت حتى توغلت بين الاشجار و اخيرا وجدتها انشرح صدرها ما ان رأت المكان الذي لطالما استحمت فيه و لعبت مع اقربائها و والدتها كما كان جدها يجلس على الجسر الخشبي و يلقي بصنارته فيصطاد سمكة كبيرة يشويها لتكون وجبة لذيذة للعشاء كانت تجلس بقربه تنظر الى الماء و كيف يقوم بالقاء الصنارة فتسقط بانسياب و بنغمة تصدرها حال ملامستها لسطح الماء فيلتفت اليها بوجهه الباسم و يشير على فمه قاصد الهدوء كان يخبرها بان السمك لا يحب الازعاج و يشعر بوجود الصيادين لذلك يجب التزام الهدوء و بالفعل التزمت الهدوء كما يفعل هو دائما فحياته كانت ساكنة و يقوم بكل عمله بلا حس كي لا يزعج من حوله انه انسان محترم يراعي مشاعر الاخرين و يحبه الناس بالاخص هي ..
جلست تحت جذع شجرة و اغمضت عينيها تتذكر الايام السعيدة التي قضتها هنا تذكرت عندما كان سكوت يدفعها لتسقط بالماء فتصيح هي و تشكيه عند والدتها التي تقوم بدورها باللحاق بسكوت و دفعه بالماء فينتهي بهم الامر بالضحك .. كما تذكرت المغامرات التي قامت بها هي و ليلي و سكوت بتسلق الاشجار و الاختباء فيها من عقاب والدها او والدتها او عندما يسرقون الحلوى و يضعونها فوق الجذع و يأكلونها بعيدا عن الانظار ..و كانت اجمل ذكرى بالنسبة لها هي الارجوحة الكبيرة التي صنعها جدها لهم كانت تجلس هي و ليلي و تقوم والدتها بأرجحتهما بينما تغني جدتها و تصفق لهم دمعت عيناها فوالدتها ليست هنا لتارجحها كما في السابق و جدتها فقدت صوتها الذي عشقوا غناءه الحنون فالذي يستمع لها لابد و ان تدمع عيناه ..
رفعت رأسها و نظرت الى الناحية الاخرى لتجد الارجوحة التي صنعها جدها قامت من مكانها و اقتربت منها انكسر قلبها عندما رأت مكانها المفضل مكسور حاولت اصلاحه لكن دون فائدة قررت ترك الموضوع خلفها فخلعت حذاءها و غمست رجليها بالماء كان دافئا كدفء تلك الايام نست نفسها و جدتها التي تنتظرها بتلك الذكريات و تأخر الوقت كثيرا و هي واقفة بالماء تنبهت للوقت فأسرعت بالخروج مشت بخطوات سريعة و هي قلقة بشأن جدتها لقد تأخرت عليها كثيرا مشت بين الاشجار تبحث عن مخرج دون ان تيقن بانها بالطريق الخاطيء و بدل ان تخرج كانت تتوغل اكثر فاكثر بالغابة بدأ الليل يرخي ستاره و هي تبحث عن مخرج او علامة تدلها الى منزلها او المدينة او أي شيء يخرجها من هنا شعرت بالخوف و القلق فجدتها وحدها و لابد انها قلقة عليها الان ركضت لعلها تختصر الطريق و تصل الى المنزل و تطمأن قلب جدتها المسكينة لكن الحظ لم يحالفها عندما لم ترى الصخرة الكبيرة امامها فتصدم رجلها بها و تسقط على الارض ليضرب رأسها بصخرة اخرى فتغيب عن الوعي ..
فتحت عينيها بتثاقل شعرت بدوار رهيب و ألم برأسها رأت نفسها محاطة بالظلام لا تعرف ماذا تفعل حاولت رفع رأسها لكنه كان اثقل منها تحسسته بيدها لتجده ملفوف بشء خشن استغربت الوضع فهي بالغابة وحدها و هذا الشيء الذي يشبه ملمس الضماد على رأسها يفزعها حاولت ان ترفع جسدها عن الارض لتشعر بشيء يضغط على صدرها وكأنه غطاء حاولت دفعه بيدها فكل شيء غريب و مخيف دفعت ذلك الشيء عنها لكنها صرخت لألم احست به برجلها قامت بكل ما لديها من قوة فأحست بان رجلها قد حطت على أرض دافئة .. أين حذائي ؟؟! قالت في سرها .. و ما هي الا لحظات حتى ايقنت بأنها فوق فراش صغير و مغطاة بملاءات مدت يدها على الطاولة التي قرب السرير و شعرت بوجود مصباح انارته فعرفت انها بغرفتها بمنزل جدتها لكن من احضرها الى هنا و اهتم بجرحها؟!! .. آلامها منعتها من التفكيرو شعرت برغبة لاطفاء النور و العودة للنوم و بالصباح تستفسر عن كل شيء ..
استيقظت من نومها في وقت متأخر من الظهر رفعت جسدها بصعوبة و بالكاد حركت رجليها نظرت الى قدمها اليمنى انها مضمدة بشاش ابيض ,بخطوات متثاقلة وقفت امام المرآة و نظرت الى شعرها الاحمر مسدول و رباطة لفت على رأسها من الاعلى تحسست مكان الالم فتأوهت بصوت خافت القت بقميص نومها على الفراش وجدت بان يدها اليمنى و ركبتيها ملفوفتين ايضا لكن الرباط لم يكن سميك , اخذت فستان اصفر فاتح بلا اكمام و يصل الى اسفل ركبتيها بقليل و بعد ان رتبت من شكلها نزلت الدرج بصعوبة كبيرة تألمت و تأوهت و كادت تصرخ الما حتى وصلت دفعت باب المطبخ لتدخل و تجلس على المائدة امام جدتها كانت لا تزال تشعر بدوار فتكلمت بصوت خافت
-" صباح الخير جدتي "
قامت جدتها من مكانها تتفحصها لكن كايت اشارت لها بالجلوس
-" لا داعي جدتي انا بخير "
ابتسمت الجدة ارتياحا لسماعها ذلك فدفعت بطبق الخبز المحمص و المربى التي تعدها جدتها بنفسها امامها و سكبت لها فنجان من شاي
-" شكرا لك "
دهنت كايت المربى على الخبز و هي تتساءل كيف وصلت الى هنا انها لا تتذكر شيئا مما حدث امس فتوقفت و رفعت رأسها تنظر الى جدتها
-" لقد شعرت بالقلق امس اليس كذلك ؟"
اومات جدتها ثم ابتسمت لها كانت تعلق بالاشارات المفهومة و تنهي بها بابتسامة مما جعل كايت تشعر بالندم و الاسف
-" انا اسفة جدتي اسفة جدا لانني جعلتك تنتظرينني بقلق لكنني ظللت طريق العودة و لا اعرف ماذا اصابني فاعذريني "
رفعت يدها بان لا تكترث فما حدث قد حدث و الان هي معها تأكل بسلام و لا خوف عليها .. التساؤلات مازالت في عقل كايت تمنعها من الاستمتاع بوجبتها الخفيفة
-" كيف عثرتي علي ؟ و من احضرني الى هنا و قام بتضميد الجروح "
كتبت جدتها على ورقة تضعها فوق المائدة امامها دائما للضرورة
" السيد كالفاني "
استغربت كايت فالسيد كالفاني رجل مسن يرتكز على عصا بمشيته كما رأته قبل ايام فكيف له ان يحمل شخصا بالغا و هو بالكاد يستطيع حمل نفسه ؟؟!!
قاطعتها جدتها من افكارها عندما سكبت لها فنجان اخر و كتبت بالورقة امامها
" ما رأيك بحساء ساخن على العشاء؟ "
اومأت كايت و اشارت على بطنها
-" لا امانع ابدا .."
ثم وقفت و بالكاد مشت الى الشرفة جلست على الارجوحة و نظرت ناحية منزل السيد كالفاني لتجد ذلك الشاب المدعو اليكس يعمل بتسميد التربة فكرت لابد بانه المزارع الذي يهتم بحديقة ذلك الرجل المسن فهذا ما يجعله يعمل بكل وقت في الحديقة .. لكن فكرها تغير الى السيد كالفاني و الي تذكر الحادثة لكن لا شيء غير انها احست بنفس لاهث يضرب عنقها كما انها احست بالاغصان على جسدها ..
-" مساء الخير"
انتبهت على الصوت الرجولي الذي ايقضها من سرحانها و رات اليكس واقف خلف السور ينظر اليها ان وقفته تجعلها تتوتر و تضطرب اجابت بصوت رقيق
-" مساء سعيد لك ايضا "
فتح باب السور ودخل اكثر الى حيث تجلس لكنها كانت مرتفعة على الشرفة بينما هو واقف بالقرب منها رافعا رأسه ينظر اليها بحيث لم تستطع هي النظر الى عينيه لوجود قبعة رعاة البقر فوق رأسه تحجب النور عن عينيه التي تساءلت كيف تبدو تلك العينين؟؟ و ما لونهما يا ترى ؟؟
اشار الى رأسها و هو يتساءل
-" هل تشعرين بتحسن ام انه يؤلمك ؟"
رفعت يدها على رأسها و ابتسمت له
-" انه يؤلمني قليلا لكن لا بأس سأعتاد عليه"
- " هل استطيع ان القي نظرة على الجرح ؟"
بللت ريقها فلم تعرف بماذا تجيبه انها اذا وافقت سيقترب منها لدرجة انه سيلمسها مجددا و ستذوب هي من لمسته و ان رفضت سيشعر هو بالاحراج فكل ما طلبه هو المساعدة و لعله يكون عارفا بنوعية الجرح لوجوده في بيئة كهذه, اومات برأسها بتردد فصعد الى الشرفة بقفزة واحدة و جلس على ركبتيه امامها ليستطيع موازية رأسها برأسه انزلت عينيها على جسده كي لا تنظر اليه فتتوتر او تظطرب خاصة و انه رجل غريب لم تصادفه الا مرة لكنها لم تستطع ابعاد عينيها عن ياقة قميصة المفتوحة فنظرت الى اسفل رقبته يا الهي ان سمرته الذهبية تجذبها و تشعرها برغبة بلمس جسده المفتول العضلات كما ان رائحة عطره تدوخها .. رفعت بصرها الى وجهه الغير حليق و دققت بملامحه الصارمة انه يبدو كعارضين الازياء الذين يقومون بعرض زي رعاة البقر فلباسه لا يختلف عنهم خاصة ببنطاله الازرق (الجينز) و قميصه الاحمر.. وضع يده على رأسها و قام بفتح الرباط بكل رقة ثم نظر الى الجرح النازف وقف بسرعة نظرت اليه و هو يبتعد لطرق باب المطبخ و يطلب حقيبة اسعافات اولية من السيدة بريستون ثم رجع الى موضعه السابق بحركته هذه التي افتعلت الاعاصير و قلبت الدنيا ..اخرج مطهرا و قطنا و قام بتنظيف الجرح و بينما هو يقوم بذلك لا شعوريا نظر الى تعابير وجهها المتألم فتكلم بصوت حنون حرك مشاعرها
-" اسف "
رفعت بصرها و نظرت الى وجهه كانت تريد ان ترى عينيه جيدا لكنه ارتفع بسرعة ليقف فضرب عطره بأنفها مجددا فأغمضت عينيها تحفظها في مستودع ذكرياتها
-" انتهيت .. خذي بعض المسكنات و سيزول الالم قريبا مع الايام "
ابتسمت له بامتنان
-" شكرا لك.. ايها الطبيب "
ابتسم لها بطريقة اظهرت غمازا لتغطس بخده الايسر جعلتها تعض شفتيها السفلى
-" على الرحب و السعة "
بعدها استدار و ذهب بعيد خلف السور يكمل ما بدأه كانت لا اراديا ترمقه بين فترة و اخرى بطرف عينيها فكل شيء به يجعلها تنجذب له و ترمقه و كانت تشعر انه يبادلها النظرات بخفية كما انه احس بذلك ايضا .. بعدما طال بهم الامر بتبادل النظرات رفع جسده و استدار ناحيتها و ابتسم لها غامزا بعينيه مما جعلها تهتز بمكانها من قوة ضربات قلبها شعرت بالخجل و الاحراج فقامت من مكانها و دخلت المطبخ تعد العشاء مع جدتها
نهتها جدتها من عمل اي شيء لكن كايت اصرت فأعطتها وعاء الخضراوات المغسولة لتقوم كايت بتقطيعها و بينما هي تقوم بتقطيعها خطرت فكرة في بالها
-" جدتي ..."
قفزت جدتها من المفاجاة فضحكت كايت
-" اسفة لم اقصد .. لم استطع حبس فكرة خطرت ببالي "
وضعت يدها على صدرها تتحس نبضات قلبها و تنتظر كايت تخبرها عن تلك الفكرة التي ارعبتها
-" لقد فكرت بالامس بزرع الحديقة الامامية و الاهتمام بها فما رأيك؟"
رفعت جدتها ابهامها مشيرة على انها فكرة جيدة
-" سأطلب من اليكس ان يعلمني .. لن يمانع اليس كذلك؟"
ابتسمت الجدة و هي تهز رأسها نفيا فكيف يمانع شابا نبيل كأليكس بمساعدة امراة جذابة ككايت
-" جيد .. ساخبره "
وقفت و عرت بمشيتها الى ان وصلت الى الخارج بحثت ببصرها عنه لم تجده قريبا فمشت اكثر الى ان اقتربت من سور المنزل حيث وجدته جالسا القرفصاء و ظهره امامها حاولت ان ترى ما يقوم به لكن جسده العريض حجب عنها الرؤية فظلت واقفة حتى استقام و اخذ شبلا ليبدأ الحفر فقاطعه صوتها المتنحنح التفتت ناحية الصوت حيث وقفت مستندة على سور الحديقة تبادله النظرات و الابتسامات فاقترب منها كثيرا و لولا وجود السور لالتصق بها مرة اخرى لوى شفتيه و تكلم بنبرة متعجبة و عينيه مسمرة على خدها الذي تعلوه نقطة سوداء جميلة
-" اهلا بك من جديد انسة كايت "
-" اهلا بك"
كالتمثال وقفت امامه تفكر بجملة او كلمة تلقيها او حتى حرف فتوترها يمنعها من التفكير و وجود هذا الرجل صاحب الحضور الطاغي انساها ما ارادته شعر هو بانها تريد ان تتكلم لكنها مترددة فتكلم عنها
-" انستي .. اتودين قول شيء؟"
يا الهي كيف لفظها برقة ( آنستي ) و كأنه يملكها بأسلوبه الراقي طبقت شفتيها بقوة تستعد للنطق فتكلمت بهدوء
-" لا اعرف كيف أبدأ .."
كان صبورا ترك لها المجال لان تأخذ راحتها فلم يتأفأف او لم يبدل وقفته الرزينة بل هز رأسه و ابتسم يشجعها على التكلم
-" تفضلي "
كانت تشعر بالاحراج من طلبها لرجل لا تعرفه ان يقوم بتعليمها الزراعة و الاهتمام بالحديقة فابتسمت بدلال و هي تطلبه
-" كنت اود ان اعرف اذا كان باستطاعتك ان تعلمني الاهتمام بالحديقة .. الاساسيات فقط و انا سأقوم بالباقي "
فتح عينيه باتساع و كانه مستغربا او مندهشا من سؤالها و في نفس الوقت بدا مسرورا لانها طلبت منه هو بالذات تعليميها فسألها بمكر
-" ما الذي جعلك تلجئين إلي ؟"
اجابته بعفوية
-" انني اراك كل يوم تعمل بالحديقة .. فنحن جيران اتتذكر؟"
ضحك لردها العفوي الذي وجده لطيف جدا
-" يسعدني يا انسة ان اعلمك كل شيء و أي وقت يناسبك بالتأكيد سيناسبني "
اسلوبه الراقي يخجلها و يجعل قلبها ينبض بسرعة جنونية فلولا مظهره البسيط لقالت انه رجل من الطبقة الراقية
-" شكرا لك "
-" لا داعي للشكر .. متى تحبين ان تبدأي الدرس الاول ؟"
اجابته بسرعة و كأنها تعرف متى سيلقي سؤاله
-" غدا صباحا "
اندهش لكن علامات المرح مازالت مرسومة بملامحة الجادة
-" غدا صباحا ؟! ماذا عن اصابتك ؟ "
-" استطيع ان اسيطر على الألم بتجاهله "
-" اتعتقدين بأن ذلك العمل سهل ؟ انه يتطلب مجهود بدني كبير "
اجابت بثقة
-" اعرف ذلك لكنني اريد ان اتحدى "
رفع حاجبا واحدا
-" تتحدين من ؟"
دون اكتراث و بنفس الثقة اجابته
-" اتحدى نفسي و الألم "
رفع يديه باستسلام و قهقه بجاذبية لا تختلف عن الباقي
-" حسنا كما ترين لكنني احذرك بان العمل سيكون شاق جدا و ان اصابتك ستعوقك "
-" اعرف ذلك و انا مستعدة "
اومأ لها و اطبق شفتيه
-" اذا اراك صباح الغد الباكر "
-" شكرا لك مرة اخرى "
-" على الرحب و السعة دائما يا انسة كايت"
رجعت بخطوات الى الخلف بينما هو لا يزال ينظر اليها و قد اشغلته برقتها و بحركاتها الانثوية استدارت و مشت خطوتين لكنها توقفت لتلتفت اليه قهقه و هو يراها تقترب مجددا و تقف عند السور
- " كنت اود ان اسألك .."
سكتت لبرهة فتكلم هو
- " تفضلي .."
ابتسمت بعفوية و هي تسأله
- " هل بإمكاني رؤية السيد كالفاني ؟"
لوى شفتيه و احست بانه عقد حاجبيه لان تلك القبعة اللعينة تحجب عينيه فما فوق
- " بماذا اخدمك ؟"
دارت بعينيها و كانها تبحث عن اجابة تليق بإسلوبه المحترم
- " اريد ان اشكره ... فقد اخبرتني جدتي عن ما حدث بالامس "
كتف يديه و ابتسم بشقاوة هازا برأسه
- " اعتبري بأن شكرك وصل ... هل من خدمة اخرى يا انسة ؟!"
طبقت على شفتيها و نظرت اليه مطولا مازالت اثار الشقاوة على شفتيه الغليظتين و هو ينطق بجملته الاخيرة بنبرة لا تقل شقاوة فاجابته بالمثل
- " نعم .."
رفع كتف و ادخل هواء الى صدره ينتظر طلبها فأجابته بمكر
- " ناديني باسمي ... كايت "
بلل شفتيه مبتسما ليتبرز تلك الغمازة من جديد فتذوب احشائها
- " حسنا .. كايت .. يروق لي "
اكتفت بابتسامة ممزوجة بدلال حركت مشاعره الدفينة و احس بشيء من الاعجاب ناحيتها فلديها كل المؤهلات لذلك بشعرها الاحمر و رشاقة قوامها و اشراقة ابتسامتها و انسيابية حركتها و رقة اسلوبها و ضحكتها و صوتها و بالاخص تلك الشامة التي تزين بشرتها البيضاء الصافية .. ظل واقف ينظر اليها بافتتان بينما ابتعدت و دخلت المنزل بعدها استدار و اكمل عمله ..
-3-
وضعت يدها على رأسهها تتحس ألمها المفاجئ هذا الصباح فتحت عينيها و رأت ان المكان يدور حولها و اصوات مزعجة تتدفق من كل مكان و بالكاد رفعت رأسها عن الوسادة و اخذت الروب لتتستر به رتبت خصلات شعرها بأناملها , فتحت النافذة ووقفت على الشرفة تنظر ناحية ذلك الصوت الغير طبيعي مصدر الضوضاء و التلوث و رأته غير مصدقة ما يقوم به شعرت بامتعاض فصاحت بصوت عال كي يسمعها لكن دون فائدة كان مندمج فيما يقوم و تلك الالة التي امامه تصدر اصوات خيالية تصدع الرأس و تمنعه عن سماع أي شيء اخر التفت يمينا و يسارا تبحث عن شيء تلقيه كي ينتبه الى وجودها فلم تجد غير حصى صغيرة في أصيص الورود فأخذتها و القتها حيث يقف و سقطت على الارض امامه عبس " من اين اتت تلك الحصيات؟" استدار بهدوء و ابتسم عندما وجدها واقفة بلباس النوم تتستر بروب ابيض يظهر اكثر مما يجب ان يخفي اوقف الالة التي امامه فشعرت بارتياح في اذنينها و قد خف الم رأسها لكنها لم تنسى ما ارادت منه عندما وقف بتلك الوقفة ينظر اليها و كأنه لم يرى امرأة في حياته ارتفع صوته بسخرية
- " ا هكذا تنادين العاملين معك في اكسفورد يا انسة ؟ "
عضت على شفتيها لتكبح ضحكة كادت ان تفجر فعلا فما قامت به ليس حضاريا و خاصة مع رجل بالكاد تعرفه, لكنها تذكرت بأنها هي من يجب ان يسأل السؤال لا هو ..عبست مرة اخرى و قالت بعصبية
- " ماذا تفعل هنا ؟ "
استغرب سؤالها و ظل ينظر اليها دون ان يجيب لكنه تكلم بسخرية مرة اخرى
- " لابد بان الاصابة قد محت ذاكرتك ؟"
صرت على اسنانها ما به هذا الصباح عبست اكثر و تخصرت بعصبية ففتح عينيه باتساع مستغرب تصرفاتها انها ليست على عادتها لكنها مع ذلك تبدو جذابة اكثر من قبل فبادل غضبها بابتسامة ملتوية
- " لقد اتفقنا ان تقوم بتعليمي يا اليكس لا ان تقوم بكل شيء بمفردك "
قهقه ثم استدار بظهره لها و اتجه الى الالة و قال بلهجة امره و هو يبتعد
- " اذا هيا انزلي "
فتحت عينيه و زاد غضبها تصرفه ؟ يامرها ؟ فهي من تامر العاملين .. صوت الالة منعها من التفكير باي شيء الا بالالم الذي ينبض برأسها غيرت ملابسها بسرعة لترتدي بنطال قصير جدا يظهر رشاقة ساقيها و فخذيها و قميص ابيض ربطت طرفه الامامي الى الاعلى فظهر بطنها مشدود و تزين بسرتها و رفعت شعرها الاحمر كما تفعل دائما كي لا يعيقها عن العمل فكت الرباط عن يدها اليمنى و عن رأسها و ركبتيها اقتربت من المرآة تتحسس الجرح البشع الذي اخذ اثره اعلى جبهتها اخفته بضماد صغير و نزلت الدرج بهدوء متجاهلة الالم الذي يصدر من رجلها خرجت دون ان تمر لتسلم على جدتها في المطبخ فكل ما تراه امامها هو ذلك الرجل و تصرفه الغريب هذا الصباح... اتجهت ناحيته فاوقف الجهاز و نظر اليها من رأسها الى اخمص قدميها بجرأة كادت ان تصفعه لجراته هذه لكن ابتسامته الساحرة و صوته الهاديء جعلها تهدأ
- " صباح الخير .. "
احس بأنها منزعجة من شيء فعله هو عندما تكلمت بحدة
- " بماذا ابدأ ؟ "
اقترب منها خطوتين فاضطربت و نظرت اليه عندما جاءها صوته الهاديء مرة اخرى
- " اول درس هو الاستيقاظ مبكرا... فأنا لدي اعمال اخرى اقوم بها ...."
فتحت فمها لتجيب و تدافع عن نفسها لكنه تكلم قبلها ليكمل جملته
- " ثانيا .. الاكل .. تحتاجين الى طاقة خاصة و انك مبتدئة .. ثالثا و اخيرا انا لم اقوم بكل شيء لانني وعدتك باني ساعلمك و لقد بدات للتو و انت ستكملين ما بدأته انا.. فلا داعي لذلك الوجه العابس منذ الصباح الباكر "
اشار الى وجهها و هو يبتسم شعرت بان الدم كله ارتفع الى وجهها و اذنيها لقد احرجها باسلوبه المقنع احتارت نظرتها اين تستقر افي ابتسامته ام في غمازته ام في الظل الذي حجب عينيه بسبب تلك القبعة اللعينة التي منعتها من رؤية لون عينيه .. انزلت رأسها و ناولها الألة التي بيده شارحا لها كيفية استعمالها استمعت الى ارشادته و عندما همت لتشغيلها اوقفها نظرت اليه
- " ماذا الان ؟"
قالتها له بامتعاض فلقد اخذت ارشادته و كل شيء تحتاجه فماذا يريد , نظرت اليه بتحدي لكن كل ما فعله هو ان وقف و خلع قبعة رعاة البقر التي على رأسه واضعا اياها على رأسها لتظلل على عينيها بدت خلابة بتلك القبعة التي اخفت الكثير من ملامح وجهها لكن تلك النقطة السوداء لا يمكن اخفاءها فظلت مشعة على خدها وقف ينظر الى الوجه الجميل و بالاخص تلك النقطة بتمعن.. بينما هي تسمرت في مكانها عندما رات عينان واسعتان زرقهما كلون السماء الصافية تحددهما اهداب ساحرة و حاجبان كثان زادا من رجولته و شعر بني كثيف نزلت خصلتين منه على جبهته العريضة البارزة لتسطع منها اشعة الشمس الذهبية و تتألق لون بشرته الحنطاوية .. ابتسم لها فتجمعت خطوط عند طرف عينيه زادته نضج و رجوله اهتز قلبها عندما قطع عليها سرحانها بصوته الهاديء
- " سأراقبك من هناك .. ان احتجت شيئا "
اومات برأسها و أشاحت عنه بسرعة فهي لا تريده ان يرى توترها او ما يحدث بها عندما تكون بحضرته .. اشغلت الالة و بدات العمل كانت افكارها متعلقة به ناسية الارض التي تقوم بحرثها عاد لها منظر عينيه و ابسامته و تجمع الخطوط حولهما ..
كان واقفا عند شجرة يرقبها و هي تعمل دون اكتراث باصابتها و تبدو مستمتعة بما تقوم به الا عندما بدا حركتها تتباطأ و ذلك ما اقلقه القى بسيجارته و اتجه نحوها بخطوات سريعة وقف خلفها و مد يده يوقف عمل الالة التفتت عليه و قد عقدت حاجبيها
- " لم فعلت ذلك ؟ "
نظر اليها بقلق لكنه اجابها بصوت آمر
- " يكفي هذا لليوم "
امتعضت من اسلوبه هذا فمن هو الذي يامرها .. نعم انه من سيعلمها لكنه يبقى رجل غريب عنها او كما احست بضعفها امامه ارادت ان تثبت لنفسها عكس ذلك بانها تستطيع مقاومته كما تقاوك كل رجل تصادفه فأجابته باسلوب متحدي
- " لا .. لم ابدا بشيء بعد .. دعني ... اك .. م..ل"
و ما ان انهت جملتها حتى كادت تسقط ارضا لولا وجوده بالقرب منها فيمد يده بسرعة يلتقطها حملها بين ذراعيه و مشى بها الى الشرفة انزلها على الارض بهدوء و احضر وسادة وضعها تحت رجليها دخل المطبخ بقوة جعلت الجدة تقفز فزعا
- " اسف سيدتي .. احتاج الى كوب ماء بارد .. و ليمونادة مع سكر .."
استغرب الجدة من القلق الذي ارتسم على ملامحه فألقت نظرة على الشرفة لتجد ( كايت ) ملقاة على الارض
- " لا تقلقي .. انها مجهدة قليلا .. ستكون بخير "
اخذ منشفة مبللة وضعها على رأسها و اخذ يمررها على رأسها بهدوء اقتربت جدتها منها و بيدها كوب اليمونادة اخذ الكوب منها و رفع رأس كايت لترشف منه انزل رأسها مرة اخرى ففتحت عينيها لتلتقي بعينيه الجميلتين التي ابتسمت ما ان رأها تفيق تكلم بصوت رقيق
- " كيف تشعرين الان ؟"
رفعت جسدها لتجلس شعرت بألم فظيع برأسها فقطبت جبينها و مدت يدها الى رأسها توقف الالم
- " رأسك ؟"
اومأت واضعة يدها تتحس الالم قام من مكانه ليغيب لدقيقتين فيحضر و معه قرصين دواء و كوب ماء
- " خذي هذه و ستشعرين بتحسن ... ارتاحي و لا تجهدي نفسك "
قامت من الارض بمساعدة جدتها و صعدت الى حجرتها ساعدتها جدتها لتغير ثيابها و جلست معها على السرير وضعت كايت راسها على صدرها فهنا تشعر بالامان الذي شعرت به و هي طفله هنا اخذت الحنان هنا يركن الحب على هذا الصدر الرحب ...
استيقظت بعد ساعات من السبات العميق كانت السماء مظلمة بالخارج الا من ضوء القمر شعرت بحركة في المنزل نزلت الدرج بخطوات صعيرة فرجلها مازالت تؤلمها كانت تسمع صوت رجل و عرفت من هو عندما فتحت باب المطبخ لتجده جالسا مع جدتها رفع رأسه ينظر اليها بعين فاحصة لم يكن يرتدي تلك القبعة و بانت ملامحه اكثر انه فعلا وسيم و يصلح لان يكون نجما تلفزيوني وقف عندما اقتربت لتجلس
- " كيف حالك الان ؟"
- " انا بخير الان لم يعد رأسي يؤلمني .. شكرا لك "
- " اهلا بك في كل وقت "
فتح الباب ليخرج القا نظرة عليها قبل ان يخرج كانت تحمل العديد من المعاني التي لم تستطع تفسير أي شيء منها تسمرت عينها بالفارغ الذي تركه و هو يخرج ثم التفتت على جدتها
- " منذ متى و هو هنا جدتي ؟ "
حركت شفتيها قائلا انه كان هنا قبل ساعة و اتى ليطمئن على كل شيء و اشارت على قلبها (أي ان له قلب كبير )...
في الصباح التالي استيقظت بنشاط نزلت الدرج بسسرعة اكبر من قبل لكن الالم لا يزال موجود بدرجة اخف و تستطيع تجاهلها .. دخلت المطبخ و لثمت خد جدتها بحرارة
- " صباح الخير "
ابتسمت جدتها ووضعت امامها كوب قهوة و شطيرة التهمت منها جزء صغير و انهت قهوتها بسرعة و خرجت لتصطدم بجسد عريض احاطها بذراعه التصقت به و رفعت نظرها لتلقفها عينيه و ابتسامه على شفتيه .. بين احضانه لدقيقتين حتى استوعبت و ابتعدت عنه لتخرج الى الشرفة و تنزل الى الحديقة نظر اليها مرحبا بما تقوم به فاقترب ليقف بالقرب منها و يرفع كيس ابيض كان يحمله بيده
- " كيف حال رأسك اليوم ؟"
- " باحسن حال .. قلت لك استطيع تجاهل الالم "
- " ليس من المفروض ان تجهدي نفسك يا كايت ... لقد اخبرتك بان العمل سيكون شاق جدا خاصة و انك مصابة "
- " صدقني استطيع ان اقوم بكل شيء فانا لا اشكو الا من جروح بسيطة "
- " هذا ليس صحيح .. قد يكون ارتجاج خفيف .. لا داعي لعنادك "
- " الراحة لن تنفعني فأنا اعرف نفسي "
- "هل انت عنيدة هكذا دائما ؟! "
لم تجبه بل اكتفت بابتسامة شيطانية و اقتربت لتأخذ منه الكيس الابيض الذي يمده ناحيتها بإذعان لاصرارها
- " هذه البذور .. ستغرسينها .. و تعتني بها .. أ يناسبك ذلك ؟"
- " بالطبع "
ابتسمت له و هي تجيب و قبل ان يبدأ بعمل اليوم اقترب منها ليلبسها قبعته رفعت رأسها شاكرة له لطفه بدآ العمل معا كانت سريعة التعلم تحب ما تقوم به بينما هو كان استاذ صبور جدا و جيد بالفعل و القول ..
- " حسنا لقد انتهيا لليوم .. استأذنك فلدي اعمال اخرى اقوم بها .. كما يتوجب عليك اخذ قسط من الراحة بعد ذلك اليوم الطويل "
اوقفه صوتها و هي تنادي عليه
- " انتظر .."
التفتت ناحيتها و نظر اليها باستغراب فلقد انهى كل ما عليه فماذا تريد الان اقتربت منه وهي تمد قبعته له
- " اشكرك اليكس "
دفع يدها التي تمسك القبعة بهدوء
- " انها لك .. ستحتاجينها اكثر مني .. "
ثم دار ليهم بالذهاب لكنها اوقفته بلمسة منها هذه المرة
- " ما رأيك بحساء اليقطين .. "
اراد ان يشكرها و يذهب لكنها سبقته بالكلام
- " اليكس .. اريدك معنا اليوم .. اعتبره رد للجميل فانت قمت بالكثير من اجلي فدعني اقوم بشكرك على طريقتي "
عض شفته السفلى و تنهد بهدوء كعادته و اومأ برأسه فهو لا يستطيع ان يرفض طلبا من تلك العينين الجميلتين , تبعها الى حيث جدتها تقف في المطبخ , وضعت الثلاثة اطباق و ناولتهما ملعقتين و جلست معهما على الطاولة , استطاعت ان تشعر بتوتر الجو بينهما و نظرات الاعجاب التي كانت تتطاير امامها لكن سرعان ما توقف كل شيء ما ان هم الكس بالنهوض ليضع طبقه بالمجلى و يتجه ناحية باب الخروج نظر الى السيدة برستون
- " حساء لذيذ .. شكرا لكما "
القى نظرة اخيرة عليها و خرج , رات جدتها عبوسها و هي تراه يغادر فربتت على كفها بهدوء
تقلبت كايت تلك الليلة لم تستطع النوم فهناك ما يشغل بالها كل يوم و بالاخص هذه الليلة فتلك النظرة عذبتها اتشعر بشيء ناحية ذلك الشاب ؟؟!! هذا ما تخشاه ..
استيقظت متاخرة هذا الصباح و بعد ان ارتدت فستانها الاخضر و اسدلت شعرها الاحمر اتجهت الى الشرفة حيث تجلس جدتها و سيدتان اوقفا حديثهما ما ان القت كايت التحية عليهما
- " صباح الخير عزيزتي لابد انك كايت ابنه مليسا .. لقد حدثتنا جدتك عنك "
ابتسمت كايت و جلست معهن تتجاذب اطراف الحديث لكن بالها مشغول بذلك البستاني الذي يقف عند منزل السيد كالفاني غير آبه بوجدها في الشرفة شعرت بوخزة برأسها فقامت من مكانها
- " الى اين يا عزيزتي ؟"
وجهت السيد سلندر لها الحديث عندما راتها تقف
- " قهوة.. اتريدان قهوة ؟"
- " لا نمانع ابدا "
تعذرت كايت بالقهوة لم مجرد ان تترك تلك الثرثة التي اوجعت رأسها و كما انها لا تشعر بانها على ما يرام فتحت الموقد و وضعت القهوة لتسخنها شيئا ما لفت انتباها و صرف ذهنها عن القهوة التي على الموقد ليذهب في تلك الليلة التي اصيبت بها و بالسيد كالفاني الذي لم تقابله ابدا اغمضت عينيها لتتذكر ما حدث تلك الليلة لكنها لم تتذكر الا قبضة يد قوية و رائحة دخان انها رائحة قوية تشعر بها الان و كانها تعيش اللحظة نفسها مرة اخرى بتلك الرائحة و فجاة يد قوية كاللتي احست بها تدفعها على الارض فتحت عينيها و اذا بالكس يسكب كوب ماء على فستانها الذي اشتعل نارا و رات القهوة و قد فارت على الارض و دخان يتصاعد بالغرفة و رات جدتها و السيدتان مرعوبين دارت عينيها بالمكان لا تعرف ماذا حدث بالضبط كان الكس يلهث نزل على الارض و اقترب منها لتضرب انفاسه اللاهثة عنقها و كانها احست بذلك الشيء من قبل
- " كايت ...كايت .. "
كانت مصدومة لم تتغير تعابير وجهها الجامدة لا يعرف ماذا يفعل فجذبها اليه و ضمها الى صدره انها اول مرة تذوب بأحضان شخص كالشمعة و الان عرفت ماذا جرى لها و من حملها الى غرفتها تلك الليلة بادلته العناق و هي ترتجف فلولا وجوده لاحترقت و احرقت المطبخ بأكمله .. لكنه من اين اتى ؟ و كيف وصل الى هنا بهذه السرعة ليتلاحق على الموقف ؟
هدأت فابتعد عنها ليساعدها عن النهوض وضعت يدها على فمها عندما رات جدتها المرعوبة تنظر اليها بقلق فركضت ناحيتها و حضنتها و بكت لا تعرف لم بكت لكنها متأكدة بانها تحتاج لان تبكي
- " اسفة جدتي .. اعذريني .. لا اعرف ماذا اصابني .. انا لست كايت التي اعتدت ان اكون .. ارجوك سامحيني "
ضمتها جدتها بقوة و قبلتها بحرارة كان الكس واقفا يرقب ما يحدث ينظر الى كايت التي كانت تبكي كطفلة في الخامسة في حجر جدتها لا يعرف لم جذبه هذا المنظر و جعل قلبه معلقا بهذه المرأة التي في وقت هي قوية كالصخر و في وقت اخر هي ضعيفة كطفلة بريئة شعر بالفضول لمعرفة هذه الانسانة التي تحيره بكل شيء تقوم به فلم يستطيع ان يقف هكذا يرقب ما يحدث دون ان يفعل شيء فترك المكان و خرج حتى تهدا الامور ..
كان يمشي في وقت متأخر من الليل بين المنازل يفكر بما حدث اليوم او لم حدث ما حدث ؟ قاد به تفكير الى البحيرة نظر الى شخص يجلس عند حافة البحيرة من بعيد .. من يكون يا ترى ؟! فهو اعتاد على القدوم الى البحيرة في هذا الوقت المتاخر من الليل و لم يصادف شخص قط بحياته يجلس عند الضفة اقترب قليلا و دقق النظر رأى امراة جالسة و رأسها منخفض عن جسدها قليلا اقترب اكثر و عرفها من شعرها احست بوجوده فرفعت رأسها و نظرت اليه غير مندهشة جلس بالقرب منها دون ان يبعد عيناه عنها همس و كان احدا سيسمعه
- " لم انت هنا ؟ "
همست مثله وهي تنظر الى سطح الماء المتلألأ بفعل انعكاس النجوم
- " استمتع بالمنظر الخلاب .. انظر "
و اشارت على الماء فاختلس نظرة على الماء ثم ارجع بصره على وجهها و بتلك النقطة التي تزيد بشرتها صفاء و جمال
- " اهناك ما يضايقك كايت ؟ انت لست على ما يرام .. ام انك هكذا على الدوام ؟"
لم تعلق على سؤاله فأعاد صيغة السؤال
- " هل رأسك يؤلمك ؟ "
- " لا .."
- " اذن اخبريني ما الذي يزعجك .. هل ما حدث صباح اليوم ؟"
سكتت لبرهة ثم بادلته النظرات كان يبحث في عينيها عن اجابة لتساؤلاته فأردفت
- " لا اعلم ماذا اصابني .. انا لست انا .. منذ قدومي الى هنا تخبطت حياتي .. اتصدق باني مدمنة على عملي و مع هذا لم افتح الاوراق التي احضرتها معي .. اشعر بالضياع و كاني شخص اخر في هذا البلد ..."
لم يجب بل اكتفى بالنظر الى عينيها الحزينيتين حبست دمعة ارادت ان تنزل فأرادت ان تغير الموضوع الى شيء اخر فابتسمت بحسرة
- " اتعلم كنت آتي الى هنا طوال الصيف و كانت هذه الارجوحة مكاني المفضل كنت اجلس عليها و تقوم والدتي بدفعي .. جدي صنعها ...و الان هي مكسورة و لا استطيع الجلوس عليها ...اه كم اشتاق الى تلك الايام .."
اغروقت عيناها بالدموع انزلت رأسها فما فعلته غبي ارادت تغير موضوع حساس لتفتحه بموضوع آخر ؟! همس بهدوء يشد من عزيمتها
- " قد تعود هذه الايام في مخيلتنا يا كايت .. فأنا ايضا افتقد اشخاص عزيزين قد فارقوا الحياة "
لم تنطق بكلمة بل اكتفت بالنظر الى تلك الارجوحة التي كسرت قلبها هز يدها بلمسة منه
- " لم انت هنا يا كايت ؟ "
نظرت اليها باستغراب هل من المعقول بأنه لا يعرف سبب وجودها هنا
- " لاعتني بجدتي .. "
- " اعرف ذلك .. لكن لم انت ؟"
- " لان ليلي لا تستطيع الاعتناء بها فلديها دراسات عليا تقوم بها .. "
- " اليس لجدتك ابناء ؟ "
- " لا فلقد انضم جدي أندي اليهما "
- " اتعنين والدتك و والدة ليلي ؟"
- " نعم .. لقد توفيت والدة ليلي قبل سنتين لكن والداي توفيا منذ ازل طويل لم اعد اذكر و كانت جدتي و جدي اندي هما من قاما بالوصاية علي حتى اصبحت قادرة على الاعتماد على نفسي .."
- " و كيف توفيا والديك ؟"
- " توفيا اثر حادث بالطريق .. كنت صغيرة وقتها .. لكني مازلت اتذكرهما جيدا بالاخص والدتي .."
تجمعت الدموع في عينيها و اختلطت عليها افكارها فمجرد ان تتذكرهما يعتصر قلبها الما ارتجفت
بينما هو جلس في مكانه لا يعرف ماذا يفعل فهو السبب ..شيء جال برأسه بان يجرها الى صدره و يضمها اليه حتى تنزل دموعها فترتاح و بالفعل دنى اكثر منها بهدوء فرفعت رأسها تنظر الى المسافة الصغيرة التي تفصل بين جسده و جسدها فأخذ برأسها و وضعه على صدره شعرت بأن جسدها متصلب و ما ان مسح على راسها و خلل اصابعه بين شعرها حتى تراخت و تركت لدموعها ان تنزل فنزلت بصمت .. بقيت على صدره لفترة ليست بوجيزة عندها ايقنت بأنها تمادت خاصة و انها لا تعرف هذا الغريب فابتعدت عنه ووقفت رفع رأسه ليرى هذه اللحظة المفاجأة تكلم بدهشة
- " الى أين انت ذاهبة ؟ "
مشت الى حيث الطريق المؤدي الى المنزل مجيبة دون ان تلتفت
- " سأعود ... لقد تأخر الوقت .."
قام من مكانه بسرعة و تبعها بخطوات كبيرة حتى يصل اليها فأوقفها من ذراعها بخفة
- " اتعرفين طريق العودة ؟ "
نظرت اليه بعنين رطبتين جمليتين تفرقت رموشها الطويلة مما جعله يمعن النظر فيها و اجابت بابتسامة واثقة تخفي بها ضعفها امامه
- " نعم .."
و استدارت تخطو عائدة لكنه تبعها
- " لكنك ظلت الطريق بالمرة السابقة و ..."
قاطعته بصوت هاديء به قليل من الحدة دون ان تلتفت اليه
- " اعرف ذلك "
ظل خلفها يتبعها حتى خرجت الى الشارع العام من بين الاشجار متجهة الى منزل جدتها احست بانه مازال يتبعها حتى الى منزل جدتها فمشت دون ان تعره اهتمام حتى توقفت عند باب المنزل و التفتت اليه
- " تستطيع ان تتوقف الان .."
انزل رأسه و ابتسم ابتسامة ملتويه اظهرت احدى غمازته كان يقف عند درج الشرفة ينظر اليه بلل شفتيه قبل ان يتكلم
- " كنت اريد ان اطمان لوصولك بخير الى المنزل .. سأذهب الان "
- " انا بخير شكرا لك .."
رفع يده دون ان ينظر اليها و هو يستدير عائدا الى منزل السيد كالفاني
- " على الرحب و السعة "
استندت على الباب ما ان اغلقته لتتنهد شيء ما جعلها تلتفت و تنظر من خلال النافذة حيث رأته يدخل المنزل و يطفيء الانوار شعرت بشيء يرقص بقلبها مشت على اطراف اصابعها و هي ترقص على ترنيمات يصدرها رأسها صعدت الدرج و هي تدور و ترقص حتى دخلت حجرتها و اطلإأت الانوار لتأخذ قسط سلام و راحة بال ...
كل ما حلمت به هو اوراق و مصطلحات مشوشة برسومات هندسية مثلثات و مكعبات رسم تخطيطي و وجه السيد كوبر غير سعيد ثم احست بضمة الكس ليلة امس الدافئة التي جعلتها ترقص لاشعوريا ثم قبلة من جدتها و صنارة جدها يلقيها في البحيرة و والدتها تدفعا بالارجوحة فتنكسر ثم تعود الوجوه جميعها و تغدو الاشكار الهندسية اكثر وضوح لتقترب منها فتركض هي باتجاه جدتها و عندما تضمها لتجد السواد محلها بعدها تركض في الظلام فتتعثر و تسقط ثم دخان و يدفعها الكس ثم ورد و بوق سيارة يقوى يقوى اكثر فأكثر فأكثر يصم اذانها حتى وضعت يدها على رأسها و سقطت على الارض ... طااااخ
فتحت عينيها و هي على الارض و الغطاء فوقها مسحت وجهها و تمتمت
- " يا الهي .. حلم مزعج .. لم هذا التشويش "
قامت من الارض متجهة الى الحمام تنعش نفسها بحمام بارد بعدها ارتدت فستان ابيض فاليوم لديها مخططات تقوم بها و اللون الابيض يناسب نفسيتها و هذا اليوم الذي ستبداه بابتسامة و تنسى كل ما حدث بالامس و قبل عمدت الامر ستنسى ..
رات جدتها بالمطبخ كالعادة تقرا ورقة فابتسمت و تركتها ما ان دخلت كايت و القت التحية و قبلة على رأسها
- " تبدين جميلة اليوم جدتي .. ما رأيك بنزهة في المدينة ؟! "
ابتسمت سيدة بريستون و أشارت بيدها ناحية الباب الخارجي ما ان التفتت كايت حتى رأت السيدتان تدخلان بضجة حاملتين سلال مصنوعة من قش وضعوهم فوق الطاولة
- " مرحبا عزيزيتي كايت .. تبدين بخير هذا الصباح "
ابتسمت كايت فيبدو ان جدتها ستلهي نفسها مع السيدتان بالحياكة و هو شيء لا تجيده كايت بل لا تهتم به ابدا اذن ستقضي وقتا لوحدها بالمدينة اليوم و هو شيء لا تمانعه ابدا
- " اهلا سيدة سلندر كيف حالك ؟ "
- " بخير عزيزتي .. ما رأيك ان تقومي بحياكة غطاء لنفسك "
قهقت كايت و ربت على كتف سيدة سلندر
- " اشكرك لكني لا اجيد الحياكة كما ان لدي اشياء يجب الاعتناء بها لذا ساودعكن الى اللقاء .. جدتي اراك لاحقا و اذا تاخرت لا تنتظريني على الغداء "
خرجت كايت الى المرآب حاولت ان تدور محرك السيارة لكنه لم يتحرك او يصدر أي صوت حاولت مرة اخرى فصدر منه صوتا مزعجا اطفأته ثم حاولت فتحه مرة اخرى و لكن هذه المرة صدر منه صوتا اعلى ثم دخان شعرت بالفزع فاطفاته و خرجت بسرعة من السيارة
- " ماذا يجري ؟"
التفتت و بوجهها علامات الرعب كانت واضعة يدها على فمها ارتاحت عندما راته يقترب منها
- " لا اعلم .. السيارة انها ..."
قهقه الكس و هو يجيبها
- " بالطبع انها لم تعمل منذ سنوات "
استغربت من جوابه
- " ماذا تعني .. اذن ماذا كان جدي يستخدم للتنقل ؟ و اتذكر بأن ليلي اصطحبتي الى هنا بسيارة "
قدم لها ابتسامة كبيره و وجه حسن و خدمة اكبر عندما اجابها
- " الى اين تودين الذهاب يا كايت ؟ استطيع ان آخذك الى حيث تريدين ؟ "
شكرته على عرضه بامتنان
- " شكرا لعرضك لكني ساذهب برجلي الى المدينة "
هذه المرة ضحك بصوت عال انوعجت منه و بدأت تبتعد لتذهب برجلها الى المدينة تبعها و هو يضحك اوقفها بهدوء من ذراعها كما فعل امس اقشعر بدنها من لمسته فتوقفت
- " يبدو انك جننتي فالمسافة الى المدينة بالسيارة تاخذ ثلاثون دقيقة اما برجلك قد تأخذ ساعات ..قلت لك سأصحبك الى حيث تريدين و لا تقلقي لن تكون خدمة اخرى اقدمها لك لاني اريد ان اذهب فعلا الى المدينة لشراء بعض الحاجيات .. ماذا قلت ؟"
يبدو انه عرض مغري فمن الغباء رفضه كما انها ستسمتع بصحبه كيف و ان كانت الصحبه هو الكس الرجل الذي يبدو انه سيطر على عقلها و عواطفها برجولته و رقته و اسلوبه في الاقناع
- " حسنا اذا لنذهب "
ابتسم فهي تبدو كمن ارغمت على القبول
- " انتظريني هنا ريثما احضر السيارة "
اومأت و ركض هو مبتعدا عنها ان له جاذبية غير طبيعية , ما هي الا دقائق و الكس سقود السيارة المرسيدس نازلا الى المدينة .. لم تنطق بأي كلمة منذ خمسة دقائق بل كانت عيناها مسمرتان امامها على الطريق و بين فترة و اخرى تلقي بنظر خاطفة على يده التي تسيطر على المقود كانت تشعر به بين فتره و اخرى يلقي بنظره عليها و يبتسم , لكن هذه المرة اصطدمت نظراتهما فانفجر ضاحكا
- " اذا كايت تنظر الي بنظرات خاطفة "
شعرت بالحرارة بجسدها و العرق يتصبب من ظهرها ضحكت و اجابته
- " و السيد اليكس يوجه الي ابتسامات غريبة "
ضحك لتعلقها البريء ثم التفتت اليها و هو يبتسم
- " حسنا كايت سأبدأ بالحديث انا .. ماذا تعملين في اكسفورد ؟! "
شعرت بارتياح لتغير الموضوع بتغير الجو المتوتر بينهما فأجابته بفخر
- " اعمل مستشارة ونائبة المدير العام في شركة للهندسة المعمارية "
رات نظرة الاهتمام و التعجب بعينيه
- " رائع اذن انت مهندسة معمارية .. لم اتخيل ذلك "
ابتسمت و سالته بمكر
- " ماذ كنت تتخيل ؟ "
اصطنع التفكير فضاقت عينيه و ارتفع حاجبه بينما نزل الاخر و كأنه يفكر بعمق ثم ابتسم
- " لا اعلم لم شعرت بأنك كاتبة , صحفية , ناقدة اعلامية "
ضحكت بصوت مكتوم و هي تردد كلمته الاخيرة ( ناقدة اعلامية ) ضحك معها و هو يدافع عن نفسه
- " نعم .. لكنني لم اتخيلك تعملين برسومات و مخططات و تنشغلين بمجسمات لمشاريع كبيرة لا اعلم فأنت رقيقة اكثر من اللازم لتقومي بذلك العمل.. كما اعتقد بان الهندسة شيء يبرع فيه الرجال اكثر من النساء الحسناوات "
تنهدت و اجابت بفخر
- " استطيع ان اقوم بأشياء لا يقوى بعض الرجال على القيام بها صدقني "
اومأ برأسه زاما شفتيه لتظهر غمازته بشكل لم تستطع ابعاد نظرها عنها انتبه لها و هي تنظر الى غمازته فغمز لها ارتبكت فأبعدت عينيها لتنظر الى الطريق امامها فتح فمه و القى كلمته
- " اوافقك الرأي .."
كان قد تكلم بعد فترة سكون وجيزة و ابتعدا عن محور حديثهما فشعرت بتشتت بالحديث فسالته
- " ماذا تعني ؟!"
تكلم بثقة
- " اعني عندما تبرز غمازتي لا تستطيع النساء ابعاد نظرهن عنها "
ثم انفجر ضاحكا و شعرت هي بالخجل لكنها ضحكت معه تسايره بإخفاء خجلها .. فجأة توقفا عن الضحك لانه كان ينظر اليها بطريقة مختلفة هذه المرة استعاد ملامح الرجل الجاد و اكثر هدوءا من قبل ركز على الطريق و قال
- " اوافقك الرأي بانك تستطعين القيام بكل شيء "
ثم نظر اليها مرة اخرى و ابتسم بهدوء و اعاد عينيه الى الطريق امامه لكنها لم تبعد عينيها عن وجهه ذو الملامح الحادة فمن هذا الرجل الذي اعجبت به دون ان تعرف عنه شيء انه بستاني اسمر يتصرف كسيد راقي ... ركن السيارة عند احدى المحلات
- " هذه هي المدينة .. هنا المقاهي على الميناء و في الجهة الاخرى ترين الاسواق و الدكاكين الصغيرة "
شعرت باختلاف كبير بين هذه المدينة الصغيرة بمقاهيها الطيفة على الميناء الخشبي و اسواقها البسيطة و بين مدينتها اكسفورد فلا يوجد أي تشابه بينهما و كأنها اتت من عالم آخر يختلف عما هي فيه الان لكن مع ذلك الاختلاف شعرت بانها بين اهلها في مكان يرحب بها و كل من يمر بقربها يلقي التحية بابتسامة كما ان الهواء هنا مختلف فهو انظف و أنقى من شوارع اكسفورد المزدحمة و المبللة
- " مكان رائع "
رفع حاجبيه بسرعة موافقا على كلامها
- " ما رأيك ان نشرب فنجان قهوة قبل ان يذهب كل منا لشراء حاجياته "
فكرت قليلا بتردد قبل ان تجيبه فهل هو موعد اذن ام مجرد جاران يحتسيان القهوة افي هذا الجو الساحر بوجوده قربها يبتسم بين حين و آخرى؟!
- " كايت ؟! "
اوقضها صوته فاجابت بسرعة
- " لا امانع ابدا "
مشى امامها متجها ناحية المقاهي انتقى طاولة بعيدة قليلا عن الطاولات الاخرى و بنفس الوقت قريبة من الميناء الذي ترسو عليه اليخوت و القوارب المختلفة الاحجام كان المنظر كلوحة لفنان ازاح الكرسي لها قبل ان تصل يدها اليه لتجلس رمقته بنظرة امتنان ثم جذب الكرسي امامها و جلس تقدم النادل ليأخذ طلبهما نظر الكس الى كايت فأجابت النادل
- " اسبريسو لو سمحت"
- " و انا كذلك بالاضافة الى كعكة الفراولة "
ما ان ابتعد النادل حتى وضع عينيه بعينيها ارتبكت و مع ذلك لم تبعد عينيها عنه نطق بهدوء
- " اذن مهندسة تحتسي اسبريسو ؟ّ اعتقد بانه يليق بامراة قوية ذات رأي حازم "
ضحكت بهدوء و ارادت ان تغير الحديث عنها اليه
- " ماذا عنك ؟"
- " ماذا عني ؟ رجل يحب الاسبريسو .. تستطيعي ان تقولي باني ايطالي الاصل "
فتحت عينيها و اجابت بثقة
- " لقد خمنت ذلك .."
- " كيف ؟!"
- " لا اعلم .. ربما لانك اسمر و لك شعر فاتح و .. لذلك خمنت "
ضحك من قلبه لقد اصابت بطريقة تفكيرها المنطقي ..
- " كيف حال السيد كالفاني ؟! "
- " انه بخير .. كيف حالك انت بعد تلك الليلة؟ "
كان يقصد الليلة التي بكت فيها على صدره و شعرت بانها ضائعة تغيرت ملامح وجهها الى الحزن شعر بانه غبي فقد فتح باب لا يجدر به الاقتراب منه
- " اشعر بتحسن فقد بدات اعتاد على الوضع هنا .. لكني بعد تلك الاصابة احلم بكوابيس و غالبا ما يكون نومي متقطع فأقوم باليوم التالي منهكة "
هز راسه تجاوبا لكلامها فهو يعرف تماما ما تعنيه
- " ماذا عن حديقتك الجديدة؟ "
- " ستكون جميلة .. نتناوب انا و جدتي بريها "
- " و هل مازالت الاصابات تؤلمك ؟"
قبل ان تجيب اتى النادل بكوبين قهوة و كعكة مثلثة وضعها امامهما مد اليكس ملعقته الى الكعكة ثم مدها الى فم كايت نظرت الى عينيه ثم الى الملعقة القريبة من فمها و يده المدوده اقتربت بهدوء و تذوقت القطعة الصغير من كعكة الفراولة .. لم تشعر بطعمها ففكرها متشوش و قلبها ينبض بشدة فلم فعل ذلك رات يأكل قطعة بنفسه و يتلذذ بها
- " انها من اشهى ما تذوقته في حياتي .. الا توافقينني ؟!"
لم تسمع ما قاله لكنها اومات رأسها بصعوبة فهي لم منذ فترة طويلة لم تخرج برفقة شاب طويل اسمر و بشوش و له ابتسامة راحة و خطوط تتجمع حول عينين زرقاوين جلست تفكر بملامحه اهي ما سحرتها ام تصرفاته و اسلوبه و كيف انه يدير النقاش حولها بكل سهولة فتستطرد هي بالحديث عن نفسها كما لو انها تعرفه منذ سنوات و ليس منذ اسابيع
بعد ان انهى قهوته نظر الى ساعته فوضع الكوب على الطاولة
- " يجب ان اذهب فلدي اشياء يجب ان اهتم بها .. متى اراك ؟ بعد ساعة ايناسبك ؟"
هزت رأسها ايجابا فوقف و اخرج محفظته تاركا بعض الاوراق النقدية و ابتعد مشيرا لها بيدها فرفعت يدها تودعه, قامت من مكانها و مشت للجهة الاخرى حيث الدكاكين الصغيرة المتقاربة و بعد ساعة و عشرة دقائق كانت واقفة عند السيارة المرسيدس التي يقودها اليكس مع العديد من الاكياس و الكراتين رأته كان يركض اتجاهها توقف امامها يترجع انفاسه المتلاحقة قال لها و هو يلهث
- " اسف لتأخري .."
لوت شفتيها و رفعت حاجبها بمكر
- " ثلاثة عشرة دقائق .. انك لست دقيق بمواعيدك سيد اليكس "
ضحك بقوة بأنفاس متقطعة
- " و ماذا عنك يا انسة ؟ "
لقد كشفها فهي ايضا تاخرت عن الساعة بعشرة دقئق فلا تفرق الثلاثة الاخرى لكنها كسبت هذه الجولة لوصولها قبله , جلست بالقرب منه و هو يقود عائدا الى التل حيث المنازل البعيدة عن بعضها اوقف السيارة عند منزل جدتها فتحت الباب و نزلت ساعدها بانزال الاكياس من الدولاب الخلفي للسيارة و عندما رجع الى المقود استندت على النافذه
- " شكرا لك اليكس لقد استمتعت اليوم كثيرا "
ابتسم فظهرت غمازته
- " و انا كذلك .. لا تقلقي سنتردد معا الى هناك كثيرا "
ثم خلل اصابعه بشعره و ابتعدت هي عن النافذة لقد وضعت جملته الاخيرة بمذكرتها الرأسية , ركن سيارته بالمرآب خرج و استدار ناحية منزل السيدة بريستون و كانه افتقدها بتلك الثانيتين رآها تحمل الاكياس تضعهما في المرآب ان لها شخصية فريدة من نوعها فهي بالوقت نفسة رقيقة و صلبة لها ذكاء و نظرة ثاقبة و حب للتعلم و التعرف على كل شيء و هو سعيد لان يكون هو تختاره لبعض المساعدة
دخلت الى المطبخ حيت جدتها و السيدتان يجلسن على الكنبة امام التلفاز الذي يعرض برنامج (جيبوردي ) يجيبان على معضم الالغاز و الاسألة ضحكت لانهن لم ينتبهن لدخولها غرفة الجلوس
- " مرحبا .."
التفتت جدتها و اشارت لها بالجلوس قربها فاقتربت و جلست تابعت معن نهاية البرنامج فوقفت سيدة سلندر
- " هيا بريندا لنذهب .. وداعا كايت وداعا كارلا عزيزتي نراك غدا "
اصطحبتهم السيدة بريستون الى الباب ثم عادت الى حيث كايت تجلس بانهلاك على الكنبة تفكر بهدوء هزتها كي تفهمها فلقد كانت تسألها كيف كان يومها
- " لقد اصطحبني اليكس معه الى المدينة احتسينا اسبريسو باحدى المقاهي .. ان المدينة رائعة جدتي و منظر الميناء اروع ما فيها بعدها ذهب كل منا لاداء مهماته و من ثم اعادني الى هنا .. ارى انك قمت بعمل رائع بحياكة هذا الغطاء "
اقتربت جدتها و قدمت لها الغطاء و رسمت شفتيها كلمة ( لك ) ضمتها كايت بقوة
- " انه رائع جدتي احب لونه الزهري ... احبك "
تحدثت مع جدتها عن اليوم و ماذا اشترت من الشوق و ماذا تنوي ان تفعل بالفناء الامامي و المرآب و بسيارة جدها القديمة كما اخبرتها بان لديها مشاريع احضرتها معها من اكسفورد يجب ان تعمل عليها بعد ان تنهي من مخططاتها بالاول و اخبرتها بأن اليكس رجل مذهب و لم يقصر معها بشيء و يساعدها كثيرا .. سعدت الجدة لهذا الحديث فوجود كايت هنا قد احدث تغير كبير بحياتها و هي مسرورة لكنها لم تنسى ...
اخبرتها جدتها بانها تريد زيارة قبر جدها فمشت معها مسافة طويلة حتى وصلت الى المقبرة كانت تحمل معها ورود من الحديقة وضعتهم فوق القبر و ابتسمت
- " كنت تريد ان تعلمني كيف اهتم بحديقتي فقد فعلت ذلك بحديقتك التي لطالما كانت خلابة بالزهور و الورود بمختلف الوانها و ها انا احضرت لك وردتين منها .. احبك جدي "
جلست جدتها بالقرب منها تتكلم بلا صوت بل بهمسات القلب الحزين كانت عيناها تدمع الما استندت على الشاهد و قبلته من فوق بعدها وقفت لتعود مع كايت بنفس المسافة الطويلة ..
شعرت براحة تامة بعد زيارتها جدها و احست بوجوده بالقرب منها انها لم تعتقد يوم بأنه بعيد بل كانت دائما تقول بان قد ذهب برحلة او بشيء من ذلك فهذه الاشياء التي تصبرنا على فراق احبتنا.
-4-
\
مر ثلاثة اسابيع على وجودها في ( اوتاوا ) قامت بالعديد من الاشياء هنا و تعدلت نفسيتها اكثر و اعتادت على الاجواء و الهدوء و البحيرة و وجود اليكس بالجوار يمر كل صباح ليلقي التحية و نصيحة صغيرة على الحديقة و في بعض الاحيان يقوم هو بالاعتناء بالحديقة بنفسه .. لكن في هذا الصباح كانت هي من يقوم بسقاية الزهور وقفت ببنطالها القصير الذي اعتادت على ارتدائة للقيام بالاعمال فاليوم هو ( يوم العمل ) بالنسبة لها و بهذا تقصد العمل الشاق فكما ذكرت لجدتها فهي ستقوم بتغيرات كثيرة هنا ابتداء بالمرآب الذي القت اغلب صناديقة و الاشياء التالفه منه و بالاخص انها جعلت من سيارة جدها القديمة تحفة أثرية بهذا المرآب كما انها وضعت رفوف جديدة و اشترت ادوات للاعتناء بالحديقة و علقتهم على الحائط كان اللون الابيض هو اللون الذي استخدمته لطلاء المرآب فأصبح اكثر اشراق و اتى اليوم لان تغير غرفة الجلوس ما ان انهت من الحديقة حتى اسرعت باخراج كل الاثاث القديم لتضعه بالشرفة ثم اخذت علبة طلاء تحمل لون الأزرق الفاتح و قامت بمده على حائط غرفة الجلوس كانت جدتها تحاول ان تنظر لكنها تمنعها بحجة المفاجأة و بثلاث ساعات و ثلاثون دقيقة كانت قد انهت من دهن حائط غرفة الجلوس باللون الازرق و الابيض ... بعد نصف ساعة من القاء الاثاث القديم و اخذ ما قد ينفع مرت بالقرب من منزل السيد كالفاني رات حركة بالداخل و وجود أشخاص لم تشعر بوجودهم من قبل توقفت بالقرب من السور عندها خرج اليكس باندفاع من الباب الرئيسي و الغضب يكتسح ملامحه لم ينتبه لوجودها بكامل زينتها واقفة امامه فشعرت بانها يجدر بها الذهاب بعيدا فهو لا يبدو بمزاج رائق اليوم للتحدث او لان تطلب منه خدمة بسيطة كما اعتاد ان يلبي لها خدماتها فخطت الى الوراء لتشرع بالذهاب
- " كايت ؟!"
توقفت و استدارت تنظر اليه كان يبدو متوترا على غير عادته لكنه مع ذلك اقترب و رسم ابتسامه رقيقة على شفتيه بادلتها الابتسام
- " تبدو مشغول سآتي بوقت لاحق .. الى اللقاء "
مشت بسرعة مبتعدة لكنه اسرع منها فجذبها كعادته من ذراعها بقوة لكنه ارخى من قبضته
- " هيا اخبريني ماذا اردت ؟! "
توترت كان لا يزال عصبيا
- " لا شيء مهم ..صدقني "
تغيرت ملامحه لتصبح اكثر جدية و صار صوته اكثر رسميه
- " كايت .. انا لست مشغول الان .. فماذا اردت ؟ "
بلعت ريقها و نظرت اليه بتوتر فمن هذا الرجل انه ليس الكس فمن هؤلاء الاشخاص الضين جعلوه يخرج بانزعاج و غضب
- " اردت فقط ان استعير منك السيارة اذ لم تمانع ؟"
عادت ملامحه الى سابق عهدها بهدوء و ابتسامة مشرقة
- " بالطبع.. هل تريديني ان آتي معك ؟ "
- " اعرف الطرق شكرا لك "
القى مفتاح السيارة لها فاتجهت و ادارتها و انطلقت بها في هدوء الى المدينة ... اعادت السيارة بعد ساعتين شكرته مرة اخرى و ذهبت الى المنزل كان هناك ما يزعجه فضايقها تغير ملامحه و صوته هذا الصباح و هو ما جعلها تفكر طول الليلة فلم تستطع النوم و شيء ما جال برأسها ان تخرج و تذهب الى البحيرة فهي لم تذهب الى هناك منذ تلك الليلة التي بكت فيها نظرت بالخارج فرات اضواء منزل السيد كالفاني مطفاة لكن هناك سيارة لم ترها من قبل تركن امام الباب لعلها تعود للأشخاص الذين لم تقابلهم خرجت و توغلت بين الاشجار حتى وصلت الى البحير خلعت حذائها و خلعت فستانها لتغمس جسده بالماء فتتذكر تلك الايام الجميلة التي قضتها هنا برفقة سكوت و ليلي و جدها الذي يجلس على الضفة يلقي بسنارته و والدتها تتحدث مع جدتها بأمور مختلفة لم تكن مهتمة بها بذلك الوقت .. كان باردا شعرت بسعادة تغمرها بمجرد عودة الذكريات اليها استرخت و جعلت عيناها تدور بين البحيرة و الاشجار المحيطة حولها و فجاة سقطت عيناها على الشجرة المعلقة عليها الارجوحة المكسورة التي لم تعد كذلك الان ركضت خارجة من الماء باتجاها حافية القدمين شبه عارية اقتربت منها فرحتها جعلتها تقفز بمكانها كالطفلة الصغيرة ارادت ان تصرخ من السعادة جلست لتتارجح كان الهواء يضرب جسدها الشبه عاري المبلل بالماء كانت تدفع نفسها بقوة فترتفع اعلى و يطير الهواء شعرها المشبع بقطرات الماء لم يكن الجو دافئا خاصة و انها مبللة
- " سيصيبك المرض اذ لم ترتدي فستانك "
فتحت عينيها و توقفت عن التأرجح نظرت اليه و الصدمة اعتلت وجهها رأته يحمل فستانها و ابتسامة شيطانية اقترب منها ليوقف حبل الارجوحة فتثبت و تستطيع النزول جرت فستانها من يده دون ان تنظر اليه ارتده و اسرعت لتاخذ حذائها كان يستند على الشجرة ينظر اليها و هي تتصرف بتوتر بفعل الخجل الذي سبب لها وجوده ابتعدت ناحية الاشجار لتعود لكنها لمسها بأطراف أصابعه
- " إلى اين انت ذاهبة ؟!"
لم تجبه بالطبع فياله من سؤال أيتوقع منها ان تبقى معه حيث احرجها و كيف تجلس معه و تنظر في عينيه التي رأتها شبه عارية يا للعار .. خطت تبتعد عنه لكنه جذبها بقوة إليه من ذراعيها فألصقها بصدره كانت مشوشة التفكير تنظر بين عينيه التي تحدق فيها بإعجاب كان وجهه بالقرب منها حتى احست بانفاسه تضرب وجهها و تخترقه كالسهام الجارحة .. ألا تكفي عينيه التي تلتهمها بتلك النظرات؟ أيقنت مكانها فأبعدته عنها و تكلمت بحدة
- " لقد تاخر الوقت يجب ان اعود .. "
كانت نظراته الحارقة مازالت تحدق فيها أجابها بصوت يخلو من الاحاسيس
- " ابقي معي .. اكملي ما بدأته "
لم تفهم ما يقول .. لم تعهده هكذا انه مختلف جدا منذ هذا الصباح بل لا يبدو على طبيعته انه يتصرف الان كمن تخدر او سكر بشراب او شيء ما .. فماذا يعني بجملته الاخيرة ؟ رفعت حاجبها باستغراب
- " اليكس هل انت بخير .. ما بك اليوم ؟"
وضع يدة على رقبته يدلكها بهدوء ينظر الى البحيرة .. تنهدت بارتياح لابتعاد عينيه عنها لتتحول الى مكان اخر
- " لا شيء .. كنت اريدك ان تتأرجحي فقط "
شعرت بقلبها ينقبض بقوة كانه سقط بأحشائها نبرة الحزن هذه عصفت بكيانها ايقنت بانه هو من قام بإصلاح الارجوحة التي صنعها جدها في يوم من الايام اقتربت منه بهدوء وضعت يدها على كتفه فمها من اذنه و همست بحنان
- " هل لك ان تدفعني لاتأرجح ؟! "
التفتت اليها و الابتسامة تعلو شفتيه الغلضتين و تجمعت الخطوط التي تغار منها لقربها من عينيه لتتبعها الى الارجوحة , دفعها بهدوء و كانت ضحكتها تعلو كلما ارتفعت بالسماء وقف يضحك معها فهي كالطفلة الصغيرة البريئة التي تحب اللعب شعر بقلبه يذوب على رنين ضحكاتها فما تفعله به يفوق قدرته كم يتمنى ان ياخذها بين ذراعيه و يقبلها بحرارة .. مرت فترة و هي تتأرجح و هو يدفعها بعدها توقفا و ما ان نزلت حتى تعلقت برقبته تضمه بالبداية تسمر في مكانه فهو لم يكن مستعدا او لانه اانصدم لكنه بادلها العناق فهذا ما امل له.. يا لسرعة الاستجابة .. ابتسم في سريرته و اغمض عينيه كي يستمتع برائحة شعرها الاحمر بينما هي وضعت انفها بين رقبته لتستنشق رائحته الرجولية التي كلما مر من امامها ترك أثرا لعبيرها ليصطدم بقلبها و يرتسم بفكرها جعلتها تلك الرائحة تقرب شفتيها و تطبع قبلة ناعة و رطبة على رقبته فسرت قشعريرة بدنه جعلته يهتز فيبتعد بهدوء عنها نظرت الى الارض بخجل و هي تبعد خصلات شعرها الذي لعب به الهواء كان شكلها تحت ضوء القمر بشعل شبه مبلل يلعب به الهواء يمتزج برائحة الاوركيد بشعرها الاحمر لا يقاوم و بقبلتها الناعمة على جلده أثارته فاقترب منها و احاط خصرها جاذبا اياه ليلتصق بجسده العريض بادلته نظرات الاعجاب و اقتربت معه عندما لثم شفتيها بعنف مثير فقبلها بحرارة تخيلها فيما سبق ذابت كقطعة شوكولا بفمه شعرت بانها تطير بعالم آخر فيا لها من قبلة طويلة و لذيذة ابعد فمه عنها لكنها بقيت ملتصقة به لا تريد الابتعاد عن صدره الدافيء فلطالما تمنت ان تكون هنا بين ذراعيه فهو الرجل الذي تريده و هي المراة التي يود تقبيلها كل ثانية قرب شفتيه و هذه المرة قبلها بهدوء جعلها تشعر بدوار و افترت الارض تحت رجليها كادت تسقط لكنه ممسك بها بقوة ابعد شفتيه و نظر الى عينيها المغمضتين لم يقلق فهذا ما يحدث غالبا حملها بين ذراعيه و مشى بها بين الاشجار خطر ببالها ليلة الاصابة عندما احست برجل يحملها و تضرب الاغصان يديها شعرت بتلك الليلة اليوم فايقنت بأن من حملها الى المنزل هو اليكس ارتاحت لهذه الفكرة فأرخت نفسها اكثر بين يديها و رفعت يديها لتحيط بعنقه فتحت عينيها و ابتسمت له نظر اليها غامزا بعينه انزلها عند باب المنزل
- " هل ستكونين بخير ام احملك الى فراشك ؟"
ابتسم لها بعذوبة و صوته الهامس جعلها ترتجف كانت كالمخدرة تركت عنقه بصعوبة فهي تريد ان تتعلق به لفترة اطول لكن ... نظرت الى عينيه بدلال كانت تغازلانها تجعلانها تشعر بانوثتها المفرطة أرادته ان يحملها الى الفراش لكن .. هذه الكلمة (لكن ) اقتربت منه و طبعت قبلة صغيرة و سريعة على شفتيه بعدها فتحت الباب و دخلت
- " أراك غدا "
بعدها أغلقت الباب و صعدت الى حجرتها تترنح بفعل قبلاته و سحره الذي جعلها تهوي و تسقط على الفراش لتنام و تحلم بأجمل الاحلام و تستعيد الليلة بأكملها ..
بينما هو مشى بهدوء و شيء منه ارتفع معها الى حيث هي شيء يفتقده و يريده بكل قوة يريدها ان تعود لتتعلق بعنقه و تذوب بقبلاته و تلتصق بصدره لعلها تطفيء ذلك اللهيب الذي اشعلته ...
لم ينم تلك الليلة جيدا فلقد اعاد المشهد باكمله اكثر من مرة ليعيش اللحظة و يشعر باللذة تذكر ملامح وجهه الجميل بتلك النقطة السوداء انه يعشق رؤيتها و التمعن فيها أ لانه لم يقابل امراة من قبل لها نقطة فوق خدها .؟ سهر طويل حتى اوجه الفجر لذلك لم يستيقظ باكرا هذا الصباح لكن ما أوقظه هو صوت مزعج بالخارج هز الارض القى بالغطاء ليقوم من مكانه فتح النافذة و عينيه بتثاقل فالنعاس يطغي عليه تمتم بشتيمة
- " تبا .. ما هذا ؟"
كانت شاحنة كبيرة تحمل اثاث مغلف و كايت واقفة بكل رشاقة و إشراقة تبتسم للعمال الذي يحملون قطع الاثاث الجديد الى الداخل لم يتسطيع ان يبقى بفراشه و ذلك العامل يقف يحدق بقوام كايت شعر بالغيرة منه ! الغيرة !! أرعبه هذا التفكير .. انه يحب تواجده بقربها بل يعشقه و يحب ابتسامتها بالصباح بل في كل وقت و يحب مشيتها و غنجها و اسلوبها و تصرفاتها و الشامة .. الشامة .. و كل شيء فيها يحبه .. انه .. ترددت الكلمة بفمه قبل ان يلفظها .. احبها .. نعم احب كايت
ارتدى قميصه بسرعة و نزل الدرج قفزا حتى وصل الى الباب الخارجي هرول باتجاه منزل السيدة بريستون كانت الشمس تضرب بعينيه عندما القى بنظرة داخل الشاحنة ثم دارت عينيه على الاثاث القديم و الجديد رآها تخرج من الباب مبتسمة تشير الى العمال الى مكان وضع كل قطعة اقترب منها ينظر اليها بنظرات تساؤل ابتسمت له بشيء من الغنج و الخجل فما حدث بالامس بينهما خطوة كبيرة تنم عن بدء شيء جديد علاقة جديدة و هذا ما خشيته فعلا فهي معجبة به على اقصى الحدود و تود ان تتطور الامور بينهما لكن المسافة طويلة و لن ينجح الامر بالنسبة لهم
- " ماذا يجري هنا يا كايت ؟"
بللت شفتيها قبل ان تجيبه و ضحكة مختفية وراء صوتها
- " انها مجرد تغيرات اقوم بها في المنزل .. يجب ان اذهب سأريك كل شيء لاحقا .. و بالكامل .. عن اذنك اليكس "
ذهبت ناحية ذلك العامل الذي يحب ان يرمقها بنظراته التي ازعجت اليكس فاقترب منها مجددا هامسا في اذنيها دغدغ همسه بدنها
- " استطيع ان ابقى و اساعدك "
نظرت اليه من رأسه الى اخمص قدميه ثم قهقهة بصوت غير مسموع بالكاد انتبه عليها رفع حاجبيه ينتظر ردة فعلها فهمست له بإذنه فانتصب شعر جسده حتى كاد يأخذها بين ذراعيه لولا وجود ذلك العامل واقفا بينهما يشهد الغرام و العشق الذي يحدث بين هذين الاثنين
- " اشكرك .. لكن يبدو انك مازلت بلباس النوم يا اليكس فلم لا تعود الى فراشك و بعد ساعة تعال لترى النتيجة الاخيرة .. ما قولك ؟"
انزل عينيه ليرى لباسه ... كان شورت (بنطال قصير ) بالكاد يصل الى منتصف فخذيه وبلوزة (قميص) رماديه لا تتطابق مع لون البنطال .. كما يرتدي برجله نعلة سوداء .. شعر بالاحراج فالغيرة اعمته جعلته يهب للنزول من حجرته حتى يقف هنا معها دون ان يعرف ماذا يفعل كي يبعد نظرات ذلك العامل الوقح عنها شعر انه من الغباء مجادلتها فرجع بخطواته الى المنزل ليختفي و ينزل مرة اخرى بعد ساعتين ...
طرق الباب قبل ان يسمع صوت كايت
- " تفضل اليكس"
ابتسم و هو يفتح الباب فكيف عرفت انه هو الطارق ؟! دخل ليجدها تجلس مع جدتها على الكنبة الجديدة كان المكان مختلف جدا فالحائط الاصفر اصبح ازرق فاتح و الاثاث القديم تغير ليصبح اكثر حداثة و رقي كانت كنبات لونها ترابي تزينهما وسادات زرقاء ممزوجة باللون البني تتناسب مع باقي قطع الاثاث و لاحظ ايضا التلفاز الكبير معلق على الحائط و بعض التحف التي اضافت على المكان رونقه هز رأسه مبتسما بعد ان وقف لتدور عيناه على المكان كانتا تنتظران تعليق منه
- " انه .. رائع .. ينم عن ذوق راقي يا كايت "
- " اشكرك "
اشارت له السيدة بريستون بالجلوس لكنه نظر الى ساعته ثم اجاب
- " يجب ان اذهب .. فلقد اتيت لالقي نظرة على ما احدثته كايت من تغير .. شكرا لدعوتك "
رافقته كايت الى الباب الخارج استدار ينظر اليها قبل ان يذهب انها جميلة و هي ترمقه بنظرات الاعجاب اقترب منها فقبل شفتيها بقبلة صغيرة ثم استدار ليذهب ظلت واقفة بمكانها حتى استقل سيارته و انطلق بها ..
لم يعد الا بوقت متأخر من الليل صوت سيارته اوقضها من نومها الخفيف فاقتربت من التافذة لتراه ينزل من السيارة صافعا الباب خلفه لم يبدو على طبيعته فهناك ما يشغله لم يدخل المنزل بل جلس عل الدرج ينظر امامه يفكر كان مشغول البال شيء تألم بداخلها لمنظره فهي لا تعرف بماذا يشعر .. هل تذهب إليه لعله يريد شخص يتحدث معه ام تتركه لنفسه يتحدث ؟1 لم تفكر مليا فلقد غيرت ملابسها بسرعة و خطت الدرج نزولا فتحت الباب و مشت مرورا بمنزل السيد كالفاني كانت تسير بالاتجاه المؤدي للبحيرة فهي لم ترد ان تتطفل عليه بل ارادته ان يراها فينده عليها و بالفعل هذا ما حدث صاح بها
- " كايت "
ابطأت من مشيتها فهب اليها كالمشتاق الذي وجد حبيبته وضع يده في جيب بنطاله كان شكله صبياني اكثر من رجولي بتلك الحركة ابتسمت له و سألته بدلال
- " أتود مرافقتي الى البحيرة ؟!"
- " بالطبع "
مشى بالقرب منها دون ان ينظر اليها فالحزن يبدو على ملامحه الحادة ازاح الاغصان لتعبر هي دون احتكاك ثم اقترب من الضفة فجلس رافعا رجليه الى اعلى جلست بالقرب منه فالتصق زندها المكشوف بذراعه المفتولة العضلات و كالشحنات الكهربائية اصبح هناك التماس نظر اليها بطرف عينيه فبادلته النظرات تكلمت بهدوء
- " هل انت بخير يا اليكس ؟"
رجع بظهره الى الوراء ليرى وجهها الجميل الابيض عن قرب تكلم بنفس نبرة الهدوء
- " ماذا تعنين ؟"
- " هل تعاني من شيء ؟ هل هناك ما يزعجك ؟ تبدو شاحبا و حزينا "
تنهد كانه يطرد كل الطاقة السلبية التي بجسده من خلال انفاسه شعرت بأنه يحمل هموم العالم بتلك التنهيدة فدنت منه اكثر لتلتصق بذراعة
- " والدي مريض و أنا قلق عليه هذا كل ما في الامر "
اراحها ذلك الكلام على الرغم من انه محزن بالفعل لكن هذه اول مرة يتحدث فيها عن شخص يهتم به او عن حياته الشخصية فهي لا تعرف عنه أي شيء ما عدا ان اسمه اليكس و هو بستاني عند السيد كالفاني الذي لم تره الا من بعيد ؟؟ اسندت رأسها على كتفه حركتها بعثت الدفء في نفسه فارخى عضلات وجهه المتشنجة فارجع ظهره اكثر حتى لامس الارض جذبها بهدوء ليضع رأسها على صدره ينظرون الى السماء الصافية المزينة بالنجوم المتلألأة .. تكلم بهدوء بعد فترة السكون
- " عندما كنت صبيا صغيرا كانت والدتي تأخذني الى سطح المنزل لنرى النجوم في كل مساء قبل موعد نومي كانت تضع رأسي في حجرها تلعب بخصلات شعري و تطلق اسماء على النجوم .. اعتقد باني مازلت اتذكر بعضها "
رفع يده ليشير الى نجمه ساطعه لها بريق يختلف عن الاخريات
- " هذه نجمة كيوبيد .. اترينها ؟ "
هزت رأسها ايجابا دون ان تنطق فأسرد
- " لا يرى هذه النجمة ببريقها الابيض الى المغرمون "
سكتت تسترجع كلامه فرفعت رأسها لتستطيع ان تنظر الى ملامح وجهه اهو جاد فيما يقول ام انها طريقة لاثارة اعجابها به لكن ما رأته بملامح وجهه كانت اكثر اثارة فهي ترى علامات تشير الى انه جاد فهل هو مغرم بها ؟ اهي مغرمة به ؟ كان قلبها بضرب بقوة بين اضلعها و هو ينظر اليها كالعاشق الذي لا يستطيع مقاومة حبيبته مسكها من ذراعيها و جذبها الى صدره مرة اخرى لكن هذه المرة اصبحت فوقه بلعت رقيها عندما تسمرت عينهما ببعضهما و بحركة قوية ادارها لتصبح هي بالاسفل و هو المسيطر فوقها كل ما ارادته في هذه اللحظة هو ان تبقى بتلك الوضعية الى الابد تنظر بزرق عينيه اللامعتين .. امطر اشهى القبلات على شفتيها و رقبتها حتى طال بهما الوقت ليدرك اليكس بأن عليه التوقف و الا تطورت الامور بينهما بشكل سريع فابتعد عنها بينما هي لم تتحرك من مكانها كان كالمصعوقة بكهربة الغرام .. رأته يجلس و يخلل يده بخصلات شعره كما يفعل دائما عندما يتوتر جلست فساعدها على الوقوف مادا يده لها مشيا معا دون ان يتبدلا الكلمات او النظرات بل كانت اصابعهما مشبكة ببعض توقف عند باب منزلها ترك يده بصعوبة ثم اقترب من اذنيها و همس
- " تصبحين على خير كايت "
طبع قبلة على رقبتها و استدار ليذهب فتدخل هي المنزل بترنح انها تعشقه .. تحبه ... مغرمة به الى حد الجنون ..
كان هذا الصباح اسعد يوم بالنسبة لها فحياتها تحسنت بمجرد اعتيادها على هذا المكان و الجو و العمل الذي تقوم به .. فكانت تستيقظ بوقت مبكر تتفطر مع جدتها ثم تسقي الحديقة و بعدها اما تذهب الى المدينة مع جدتها او تجلس مع السيدات الثرثارات او تقوم بدهن سور المنزل و الابواب و سور الشرفة و اطارات النوافذ و في اليوم بالذات قررت ان تكمل طلاء سور الشرفة و باقي اطارات النوافذ عندما مر اليكس بالقرب منها
- " نهار سعيد "
التفتت ناحية الصوت الذي اسعدها فهي لم تره منذ يومان غاب عنها و لا تعرف اسبابه لكنها شعرت بمدى اشتياقها له بمجرد سماع صوته ابتسمت له بسعادة فبالفعل اصبح النهار اكثر سعدا بمجرد قدومه و اقترابه منها
- " صباح الخير اليكس "
- " صباح الخير يا كايت "
اقترب من علبة الدهان و اخذ فرشاة وقفت هي تنظر اليه دون تعابير اقترب منها و عندما رآها تنظر اليه بتلك الطريقة غمز لها بعينيه و بدأ بالدهن
- " كنت اتساءل يا كايت .. لم تقومي بكل شيء ؟"
- " ماذا تعني .. اقوم بكل شيء مثل ماذا ؟"
- " اعني تعلم كيف تزرعين ثم كيف تهتمين بالحديقة و تقومين بسقايتها كل يوم .. و على فكرة لدي طريقة افضل من ان تسقينها سأوصل لك انابيب و مرشات لتقوم عنك بعملية الري "
- " رائع شكرا لك "
- " لم تجيبيني ! تهتمين بالحديقة و بعدها تغيرين المنزل .. و تدهنينه .. و ماذا ايضا لم تقومي به ؟"
ضحكت ضحكة خفيفيه لكنها اسعدته فابتسم لها ينتظر اجابتها
- " قبل ان آتي الى هنا وضعت قائمة بكل ما انوي القيام به هنا "
بدت على وجهه دهشة ممزوجة بابتسامة
- " قائمة ؟! و اين تلك القائمة ؟ هل تسمحين لي بالاطلاع عليها ؟"
هذه المرة ضحكت بصوت اعلى شعر بالاحباط فهو لا يعرف ما يضحكها
- " ان القائمة موجوده هنا "
و اشارت على رأسها أي ان لا يوجد قائمة مكتوبة بالفعل بل هي مخططات بما ستقوم به فضحك معها
- " و هل قمت بكل شيء ؟"
- " لا .. انوي تعلم الصيد كما كان جدي يفعل .. و اريد ان اجدف بقارب .. "
رفع حاجبيه متعجبا من تفكير هذه المراة انها بالفعل تسحره بكل ما تقوم به و بكل طريقة تفكر فيها فهي تختلف عن كل امراة قابلها انها رقيقة و بنفس الوقت تقوم بما يقوم به الرجال دون ان يخدش ذلك انوثتها بل يزيدها جمالا و رصانة
اكمل عملية الدهان و هو يفكر بقائمتها هذه التي اوشكت على التحقيق الا من شيئين ..كان يعتمد ان ياتي بالقرب منها لتلتصق ذراعه بذراعها و هي تزيح عنه ثم يرجع ليفعل نفس الحركة مجددا و بالخطأ و من دون قصد اسقط قليل من الطلاء على قميصها الاصفر فاتسعت عينها من الصدمة بلع ريقه هو و اقترب ليمسح البقعة التي احدثها فزاد الامر سوءا مما جعلها تأخذ الفرشاة التي بيدها و تلطخ بها قميص اليكس و بعدها بدات معركة الطلاء كانت تركض حول الحديقة و هو خلفها بالفرشاة ينشر عليها الطلاء البني و بعدها تلحقه هي لتقوم بالمثل و هكذا تصرخ راكضة
- " توقف ... اليكس .."
و كانت صرخاتها ممتزجة بضحك بريء و هو يضحك معها رفعت جدتها رأسها لتنظر من نافذة المطبخ ما يجري بينهما رسمت ابتسامة على شفتيها فمن الجميل رؤية كايت تتصرف كفتتاة صغيرة تعيش قصة حب جديدة تملأها الشقاوة و البراءة .. كانت تركض و تقفز و هو خلفها ثم تنقلب الاية ليصبح هو من يركض مبتعدا عنها حتى فجاة يتعثر بحجر خلفه فيتهوى للسقوط اسرعت كايت لتمسكه من يده كي لا يسقط لكنه اثقل منها وزنا فبدل ان تساعده عاونته على السقوط فسقط و سقطت فوقه على الارض .. سكتا من الدهشة و ما حدث فقبل دقائق كان الصراخ و الضحك يملأ المكان و الان سيطر الهدوء و التأوهات فتح عينيه ليرى وجهه كايت يطل عليه بقلق من فوقه
- " يا الهي اليكس هل انت بخير ؟"
كان يتأوه بصوت خافت و يده اسفل رأسه رفعت نفسها من فوقه تبتعد لكنه جذبها و اعادها مكانها فوقه شعرت بالخجل لان يده تمسك بخصرها ابتسمت فقد كشفت حركته الشقية انه بخير لكنه يصطنع الالم فجارته بلعبته و مسحت على رأسه ثم قربت شفتيها و قبلته هذه المرة هي التي لم تقاوم جاذبية و من يراه لا يلومها فهو كما قالت له وسامة حادة تميزة عن سائر الرجال كما له رائحة عطرة تزيده رجولة تجاوب مع قبلاتها باكثر حرارة و لانه هو الرجل اسند جسدها على الارض و احاط خصرها بذراعيها و بثانية اصبح هو شبه فوقها يستلذ بقبلاتها التي قطعت بسبب جدتها التي خرجت قلقة فقد شاهدتهما يسقطان و شعرت بالخوف فكايت لها سوابق .. شعرت بالاحراج لتطفلها عليهما وقفت كايت بسرعة ترتب شكلها بعدها وقف اليكس و كان يشعر بالخزي اكثر من كايت نفسها فشكله مغطى باللون البني و شعره مبعثر باعث لان يشعر بذلك من تصرفه الصبياني فاعتذر من السيدة بريستون و ذهب الى منزل كالفاني ليغتسل كما فعلت كايت التي اسرعت بالدخول الى المنزل لتأخذ حمام سريع تنظف به بقع الطلاء من على وجهها و جسدها و شعرها و بعد دقائق كانت بكامل اناقتها و شكلها الانثوي بفستان زهري قصير و بلا اكمام و بشعر احمر مسدول على الكتفين و حذاء ابيض بلا كعب يليق بالحزام الابيض الذي على خصرها نزلت الدرج لتتلاقى بجدتها في غرفة الجلوس كانت لاتزال تشعر بالاحراج من ما حدث بالخراج و من تصرفها الغير لائق فابتسمت لجدتها التي ربتت على كتفها بهدوء و تشكل فمها بكلمتين ( لا بأس ) .. هنا شعرت كايت بالارتياح فقامت تحضر اوراقها و تفرشهما على طاولة الطعام و تبدأ بالعمل الجدي الذي يجب ان تنهيه قبل عودتها الى اكسفورد ..
كانت مندمجة بعملها حتى امسى الليل و صعدت جدتها لتنام بحجرتها اصرت كايت على ان تنهي جزء من عملها الذي تهاونت بأدائة و بينما هي في وقت الراحة خرجت لترتب الفوضى التي احدثتها اليوم صباحا حملت علبة الطلاء و الفرش و بينما هي تقوم بالترتيب رأت اليكس ينطلق بسيارته دون ان ينبه اليها .. احزنها بأنها لا تعرفه عنه شيئا و الى اين يذهب في وقت متأخر من الليل كل مساء و لا يعود الا بالصباح الباكر ؟!
دخلت الى حجرتها و استلقت بالفراش تفكر باليكس الذي يحيرها بغموضه و قد لاحظت كثيرا بانها كل ما ارادت ان تسأله سؤال يدير الحديث عنها .. لم يفعل كل ذلك ؟!
بصباح اليوم التالي استيقظت قبل جدتها و هذه المرة هي من اعدت الفطور .. فمنذ حادثة القهوة لم تفتح الغاز بعدها لكن اليوم تشجعت و فعلت و حضرت الفطائر المحلاة و زينتها بفراولة و صلصة العسل من فوقها دخلت جدتها تستشق الرائحة الزكية و اصطنعت الاندهاش اكلتا معا باستمتاع فعلا كانت فطائر جيدة و لذيذة رفعت جدتها ابهامها اشارة لنجاح فطائر كايت المحلاة شعرت كايت بالاطراء فالسيدة بريستون بالنسبة لها هلي افضل طباخة على وجه الارض ...
- " حسنا جدتي سأذهب لاسقى الحديقة اتريدين شيء "
هزت رأسها نفيا فخرجت كايت لترى منظر ادهشها و جعلها تصيح بفرح و تقول
- " يا الهي ... انها رائعة .. جدتي .. انظري .. انها رائعة .. من قام بذلك ؟!"
كانت تنظر الى اصيصات الورد المنتشرة على مدخل المنزل لتنتهي الى الشارع و بعضها حول الشجرة بالمنتصف و ارجوحة جديدة وضعت بالشرفة بدل القديمة كما هناك اصيصات صغيرة تعلقت فوق الشرفة ليبدو منظرها رائع كانت تقفز غير مصدقة ما ترى فلا غيره هو من قام بذلك نظرت الى حيث منزل السيد كالفاني و رأته يمشي باتجاهما فركضت اليه حتى تعلقت برقبته و اخذت تقبل وجنته و عينيه تمطره بقبلات رفعها هو الى الاعلى مستمتع بهذا المطر اللذيذ بعدها انزلها على الارض ضربته ضربة خفيفة
- " هل انت من قمت بكل هذا ؟ "
ضحك بصوت عال و هو يجيبها
- " اذن لم هذه القبلات ان كنت غير متأكدة ؟"
اقتربت الجدة ناحيتهما مبتسمة فما فعله اليكس رائع
- " لم فعلت ذلك يا اليكس ؟"
نظر الى السيدة بريستون و قال
- " لنقول انه عربون سلام للسيدة بريستون للفوضى التي افتعلتها بالامس "
ضحكت السيدة لسعادتها و من الرائع ان يقوم شخص بشيء جميل لها ثم اقترب و امسك يد كايت و قبلها
- " و لاخبرها بان حفيدتها جميلة و تستحق كل هذه الزهور فالورد .. للورد "
صعد الدم الى وجنتي كايت و هي تبتسم بخجل ربتت السيدة بريستون على كتفه ثم عادت الى منزلها ترك يد كايت حتى تلحق بجدتها فدخلت المنزل بعد ان القت بنظرة عليه قبل ان تدخل فهذه النظرة الصغيرة عبرت عن ملاين الاشياء التي تجول بخاطرها سعد بتلك الخاطرة التي ظهرت من عينيها ...
عندما دخلت المنزل اتجهت بسرعة الى اوراقها تتصفحهم بهدوء فلقد نسيت ما ارادت القيام به هذا الصباح ركزت على اوراقها لفترة طويلة دون ان تشعر ...عندها عد اليوم على خير و راحة بال
باليوم التالي كانت منهمكة بترتيب اوراق المشروع على طاولة الطعام عندما سمعت طرقا خفيفا على الباب اقتربت و فتحته و الا باليكس واقفا ينظر اليها مبتسما بادلته النظرات و الابتسامات ثم تكلمت
- " صباح الخير يا كايت"
- " اهلا اليكس صباح النور .. بماذا اخدمك ؟!"
اوما برأسه ثم نظر خلف كايت يبحث عن شيء ما
- " هل السيدة بريستون هنا ؟ "
استغربت فهي اعتقدت بأنه اتى من اجلها و ماذا يريد بجدتها ؟
- " نعم انها تشاهد التلفاز .. تفضل بالدخول "
دخل و مشى حتى غرفة الجلوس رفعت السيدة بريستون بصرها عن التلفاز لتقابل اليكس بابتسامة وقفت كايت خلفه حتى تشاهد ما اراد من جدتها جلس و همس بإذن السيدة بريستون التي اجابت بإيماء برأسها مع ابتسامة كبيرة شعرت كايت بالفضول و ارادت ان تسأل لكنها توقفت فكل شيء بحينه و لابد انه سيخبرها او جدتها ستفعل مر بالقرب منها ليخرج تبعته الى حيث الباب و وقفت تنتظره ان يخبرها لكنه ابتسم و اشار بيده مودعا اغلقت الباب عابسة اقتربت من جدتها المشغولة بمشاهدة برنامج على التلفاز .. اذا لا احد ينوي اخبارها بشيء يا له من شيء مزعج تركت الغرفة لتكمل مشروعها حاولت ان تركز على الاوراق و التصاميم بكل اصرار لكن الفضول يقتلها و بعد ساعتين سمعت طرقا على الباب فتجاهلته فجدتها ستفتحه و بالفعل فتحته ...
- " ماذا تفعلين ؟!"
رفعت رأسها لتجد اليكس يقف عند رأس طاولة الطعام حيث التصاميم منتشرة على عرض الطاولة يرفع احدى الاوراق يحاول ان يفهم ما رسم او كتب لكن دون فائدة فألقى بالورقة و نظر الى كايت التي تنظر اليه بدورها و شعرها معقوص الى الاعلى تجاهلت سؤاله و اكملت كتابة شيء ما فاقترب منها كثيرا حتى تلاصقت ذراعه اليمنى بذراعها فمنعها من التفكير ام من عمل أي شيء كأن يدها قد شلت حاولت دون ان تعيره انتباه فهي منزعجة مما حدث قبل ساعات لكنها لم تستطع عندما حاوط خصرها بيده القويتين و الصق جسدها به و نظر في عينيها
- " ما رأيك بان نذهب الى الميناء .. المقاهي و المطاعم ..لنأكل وجبة غداء ..انا و انت فقط ..ماذا قلت؟ "
و كيف ترفض له طلبا خاصة و هو قريب منها لدرجة ان انفاسه تضرب بوجهها فابتسمت بغنج
- " لا مانع لدي "
امسك بيدها الممسكة بورقة و قلم و وضعها على الطاولة لتترك ما بيدها ثم رفع ذراعيها على رقبته و حاصر خصرها بيده القويتين شعرت بنظرات الحادة تدخل كيانها و تزحزح فتشعر بأنها ملك له يستطيع ان يفعل بها ما يشاء .. انزل رأسه و طبع قبلة صغيرة على شفتيها ثم همس
- " هل نذهب ؟"
رأت ثيابها العملية جدا التي عبارة عن بنطال جينز ازرق و بلوزة بلا اكمام خضراء و قرطين صغيرين فضيين و شعر معقوص كذيل حصان
- " حسنا لكن اعطني فرصة لاغير ملابسي "
جذبها من يدها للخارج
- " لا داعي .. هيا لنذهب.. اسرعي . هيا "
تعجبت من اصراره للاسراع بالذهاب و عند الباب جذبت حقيبتها .. و بالسيارة جلست بالقرب منه دون ان تتكلم طول الطريق مجرد نظرات و ابتسامات و همهمات و لمسات بالاصابع حتى توقفت السيارة عند اول الميناء الذي يكظ بالناس من جميع الاعمار .. اقتربا من احدى المطاعم التي تقدم الاكل البحري جلسا بطاولة قريبة جدا من الماء و القوارب المختلفة الالوان و الاحجام بمنظرها الخلاب و بعضها بأشرعة ملونة و اخرى بأعمدة خشبية كان المكان بسيط جدا يدل على الحياة الجميلة هنا و كل ما تتذكر بان موعد عودتها الى اكسفورد قد اقترب كلما ضاق صدرها فهي لا تنوي ترك هذا المكان الرائع و هذا الرجل بالذات الذي احبته بصدق .. تنهدت فرفع رأسه عند قائمة الطعام بقلق
- " ما بك ؟"
ابتسمت له و اجابته بشيء من الحزن
- " لا شيء .. لكنني كنت افكر بأن موعد عودتي الى اكسفورد قد اقترب جدا و لا انوي الرجوع "
ترك القائمة و مد يده عبر الطاولة ليشبك اصابعه بأصابعها
- " اذن ابقي هنا و لا تعودي"
قهقهة بهدوء
- " لا استطيع اليكس "
- " لم ؟! "
- " لان كل شيء هناك .. عملي .. منزلي .. سيارتي .. اصدقائي .. حياتي كلها هناك "
انزل رأسه بحزن لكنه رفعه مجددا بابتسامة
- " ماذا عن منزلك هنا و جدتك ؟! ماذا عني ؟"
لقد ضرب على الوتر الحساس فهو اكثر شخص لا تود مفارقته فجدتها تستطيع مرافقتها الى أي مكان بمجرد اقناعها لكن اليكس الانسان الذي تعشقه لقد خافت من هذه اللحظة من ان تقترب فالفراق صعب و لا تنوي الوقوع اكثر في غرامه لكن الوقت قد فات و الخوف من الغد زاد و لا فائدة من كل شيء .. لم تستطع ان تنظر الى عينيه المتلهفه لجوابها فضغطت على يده و اصطنعت ابتسامة صغيرة
- " دعنا من هذا الحديث .. ماذا تريد ان تاكل ؟ "
ترك يدها بعد فترة من التحديق بها فسؤاله كان جريء و ليس بوقته اخذ قائمة الطعام
- "يبدو طبق السالمون المدخن شهيا "
- " اوافقك "
اومات برأسها ايجابا و بعد دقائق كان النادل يحمل طبقين من السالمون المدخن .. و بعد الوجبة اللذيذة اخذها بجولة على الميناء لكن هذه المرة بالقرب من اليخوت و القوارب قفز الى زورق ابيض متوسط الحجم
- " هيا اقفزي .."
فتحت عينيها باتساع و هي تهز رأسها نفيا لكنه مد يده باصرار و جذبها فقفزت و هي تصرخ باسمه
- " اليكس .. امسكني جيدا .. سأقع "
اندفعت نحوه و بالفعل كانت ستقع عليه لكنه صدها بجسده العريض فتعلقت به
- " امسكتك .. انت بين يدي .. لا تقلقي لن تقعي"
و انتهز الفرصة لان يحاوطها بين ذراعه و يقبلها مجددا بعدها رفع رأسها و اوقفها على رجليها
- " ما رأيك بجولة على متن الزورق ؟ "
ابتسامتها كانت دليل على الرضا فقفز عن الزورق ليتكلم مع رجل ثم اعطاه شيء بيده قد تكون نقود ورقية او شيء من ذلك القبيل بعدها عاد الى متن الزورق ثم الى حجرة القيادة تبعته لتجلس امامه ادار المحرك و انطلق بهدوء على الامواج الخفيفة كان شعور رائع شعرها يتطاير مع الهواء وقفت و اقتربت منه واضعة يدها على كتفه فحاوطته ذراعه خصرها الايسر ظلت ممسكة به و تنظر اليه انه وسيم جدا فرموش عينيه سحر بحد ذاته و شعره البني الغامق يتطاير مع الهواء الى الخلف كاعلان لعطر رجالي رأت الميناء يختفي شيئا فشيئا وراء الامواج و اصبحا بعدين عن المدينة و عن بقية الزوارق و القوارب ازاح قليلا عن المقود فدفعها بكتفه بخفة لتمسك به ثم وقف خلف ظهرها مادا يده امامها على المقود أي حاصرها بجسده
- " لك زمام الامور كابتن كايت "
شعرت بالاطراء فهو سيدعها تقود الزورق بنفسها ترك المقود لها و جلس اماها ينظر اليها و الى جمال وجهها تحت اشعة الشمس كانت سعيدة و بنفس الوقت خائفة فوقف و اقترب منها
- " اليس ذلك افضل من التجديف ؟"
كان يلمح الى القائمة التي اخبرته عنها قائمة الاشياء الي ارادت ان تقوم بها في اوتاوا و من بينهما التجديف فضحكت و اسعدها انه تذكر كلامها ..اوقف المحرك و فجاة التفت اليها و حملها بين ذراعيه كانت تصرخ بهدوء و تحاول ان تفلت من يديه فوضعها على الكنبة عند مقدمة الزورق حنى عليها ليقبلها فتجاوبت مع قبلاته التي انتهت بسرعة لانه ابتعد عنها ليدخل الى حجرة في وسط الزورق جلست تنظر اليه و يخرج بيده كأسين و زجاجة شراب من النوع الفاخر ضحكت عندما سكب لها بالكأس فرشفت منه قليلا
- " من اين لك هذا ؟"
لم يجب على سؤالها لانه مستمتع بمذاق المشروب و بالجو اللطيف و بالرفقة الساحرة اخذ يلعب بخصلات شعرها الاحمر و فجأة نزع الرباط عن شعرها لينسدل كالحرير على كتفها أثارتها حركته فنظرت اليه و قلبها يدق بقوة فاقتربت منه لتضع رأسها على كتفه .. لحظة سكون طويلة ..تلتها قبلات طويلة زادها الجو حرارة التصق بها اكثر حتى حملها بين ذراعيه و مشى بها الى حيث الحجرة الداخلية وضعها على الفراش بهدوء ثم القى بجسده بالقرب منها ليكمل ما بدأه بالخارج ...
لا تعرف لم كانت تبتسم عندما فتحت عينيها لتجد نفسها على فراش غريب و بمكان غريب و الاغرب من ذلك بانها كانت عارية و مغطاة بلحاف ابيض خفيف و لا احد مستلقي بجنبها .. فتبدلت الابتسامة بعبوس قامت من الفراش و لفت جسدها باللحاف الابيض و خرجت من الحجرة لفحتها الشمس بحرارتها و النسيم العليل اعاد الابتسامة مجددا الى محياها مشت تبحث عن الحبيب الذي ترك الفراش دون ان تشعر به .. سمعت صوت شيء يتحرك بالماء اقتربت من الحافة و نظرت بالاسفل و بالفعل هذا ما اعتقدته
- " ماذا تفعل ؟"
رفع رأسه الى اعلى الزورق فرأى ما يسعده وجه احلى من الشمس المشرقة يطل عليه بابتسامة و باستغراب ففتح ذراعيه
- " صباح الخير يا شمسي المشرقة .. انضمي إلي "
- " لابد انك جننت "
- " لم ؟! هيا اقفزي الى الماء لنستحم سوية .. انها منعشة "
- " انني لا ارت..د... لا اريد .. فالماء يبدو باردا "
سكت قليلا و كأنه يفكر بحل لعضال و فجأة مد يده الى اعلى يصعد السلم
- " حسنا اذا ساعديني ... اريد الصعود "
مدت يدها اليه و ما ان مسكها حتى جذبها اليه فسقطت معه بالماء جرها خارج الماء حتى تفتح عينيها رفع شعرها الذي تبلل الى الخلف و عندما رآى منظرها انفجر ضاحكا فهي لم تتوقع ان يجرها الى الماء .. حنقت عليه فتسلقت كتفه و اغطست رأسه بالماء فجرها من رجلها الى الاسفل و تحت الماء تقابل وجههما و كلاهما مبتسم اخرجت رأسها من الماء و حاولت ان تغطي جسدها العاري باللحاف الذي اصبح ثقيل قد الامكان
- " اتركي اللحاف و شانه و اقتربي مني "
جذب اللحاف بعيدا و الصقها بجسده شعرت بالاحراج لكنه تبدل الى مشاعر اخرى عندما تعلقت برقبته و حاوط خصرها و بدأ بتقبيلها ... بقيا بالماء لفترة طويلة حتى انهكهما الجوع فصعد السلم الى سطح الزورق مادا يده لها فجرت اللحاف حولها و مدت يديها ليرفعها الى الاعلى و ما ان اصبحت على السطح حتى اسرعت بدخول الحجرة لترتدي ملابسها بينما هو استلقى بصدره المكشوف تحت الشمس و بيده نبيذ اخذ يرشف منه .. خرجت لتنضم اليه و رشفت منه قليلا قام من على الارض مادا يده لها لتتبعه
- " اريد ان اريك شيئا تعالي معي "
مشت معه الى الجانب الاخير من الزورق و رات سنارتين مثبتيتن على الارض حمل واحدة و اعطاها اياها لم تصدق ما راته فلقد تذكر حديثهما عن الصيد انه لا ينفك يحقق احلامها اه كم تحبه و بدل ان تأخذ السنارة منه ضمته بقوة تعبير عن امتنانها لكل ما يقوم به من اجلها وقبلته على خده بحرارة اذابته
- " اليكس لا اعرف ماذا اقول لك .."
- " لا تقولي شيئا فما فعلته للتو يغني عن أي كلمة .. لا اريد الا ان تسعدي و تقضي اجازة سعيدة "
اغروقت عيناها بالدموع فما اجمل حديثه و ما اجمل رفقته و اه كم هو وسيم و اه كم هي تعشقه و لا تريد فراقه بل تريد ان تبقى معه هنا على هذا الزورق الى الابد لكن الاحلام لا تتحقق بهذه السهوله ..
تناولت السنارة منه و بدا تعليمها كيفية الامساك بها و القائها بالماء و سحبها و بعد المحاولة العاشرة اصبخت تتقن ما تقوم به .. كادت ان تغير رأيها عن فكرة الصيد عندما طال بها الامر دون اصطياد سمكة صغيرة بل اكتفى هو باصطياد ثلاثة اسماك كبيرة لكن الحظ حالفها و اهتزت سنارتها ارتبكت و مسكتها بقوة بين يديها و جذبتها كما علمها و بالفعل سمك صغيرة قفزت كالطفلة الصغيرة التي حققت انجازا بتلوين صفحة كاملة
- " اليكس ... انها سمكة ... لقد اصطدت سمكة ... انظر "
كان يضحك معها مبتهج لفرحتها باصطياد سكة صغيرة
- " هي لناكلها فانا اتضور جوعا "
توقفت عن الابتسام و نظرت اليه غير مصدقة ما يقول
- " انها سمكتي .. لن تأكلها .. لم تريد اكل سمكتي فلقد اصطدت ثلاثة اسماك تكفي .. لكن سمكتي سآخذها معي "
ضحكت حتى سالت الدموع من عينيه بالضبط فهي تتصرف كالاطفال لكن بطريقة مثيرة
- " حسنا كما تريدين .. هيا دعينا نأكل "
وضعت سمكتها التي اصطادتها في إناء مملوءة بالماء المالح بينما هو قام بتنظيف السمك و تتبيله بعدها شوحه تحت النار ثم وضعه بطبق ابيض حاملا اياه الى الخارج حيث طاولة صغيرة مرتبه وضع عليها طبقين و ملاعق و سكاكسن و نبيذ احمر جلست بإحدى الكرسين كايت تنتظر الطبق الذي وصلته رائحته الشهية الى انفها فصدر صوت الجوع من بطنها وضع الطبق امامها و سمكة على طبقها انزلت رأسها تشم الرائحة اللذيذة
- " يبدو شهيا "
اكتفى بابتسامة صغيرة ثم انتظر حتى تلتهم لقمتها ليشرع بالاكل و عندما رأى نظرة الاستحسان شعر بالراحة فشرع يأكل
- " لم اعلم انك طباخ ماهر يا اليكس "
قهقه بصوت خافت و تكلم بعد ان بلع لقمته و شرف من كأسه
- " صدقيني انا فاشل بالطبخ .. لكني اجيد طهي السمك "
- " انت تجيد كل شيء "
كانت جملتها الاخيرة تشير الى العديد من المصطلحات التي فهمها اليكس فغمز لها و لوى شفتيه بطريقة شيطانية جعلت كايت تضحك منزلة رأسها لتأكل من الطبق اللذيذ
- " الن تخبرني من اين تعلمت الزراعة و الطهي و الصيد و كل تلك الامور "
مد يده عبر المائدة بقطعة صغيرة لتذوق من يده فتحت فمها و قضمت القطعة كان لها طعما مختلف بل الذ ابتسمت له و كررت السؤال فهي تريد ان تعرف عنه بعض الاشياء من الكثير الذي تجهله
- " اجبني .. كيف تعلمت كل هذا ؟"
- " جدي .. لقد كنت قريب منه جدا فانا حفيده الوحيد و كنت اقرب اليه من والدي .. لذلك كان يصحبني معه الى كل مكان و علمني كل شيء منها الصيد و السباحة و ركوب الخيل و الزراعة و كل تلك الامور .. فأنا اكثر شخص اشبه جدي كما تقول والدتي بصفاته و شخصيته و اسمه ايضا"
ابتسمت له فهذه معلومات كثيرة بالنسبة لها جعلته اقرب منها مما كان قبل فشعرت بانها تحبه اكثر و تريد معرفة الكثير عندما يريد ان يخبرها
- "ركوب الخيل .. اود ان اتعلم هذا ايضا .. لا اعرف لم لم ادرجه في قائمتي "
ضحك لخفة ظلها فهي امرأة بسيطة و تحب التعلم و هذا ما يعشقه فيها بل يعشقها كلها
- " اذن سأخذك متى اردت "
صفقت بيدها و قالت ببهجة
- " رائع "
بعد الانتهاء حملت الاطباق الى المطبخ الصغير وقفت لتغسلهم لكن دخل بسرعة و ابعد يدها عن المجلى
- " اتركي هذا و تعالي معي فهناك من يهتم به "
اطاعته و خرجت معه الى مقدمة الزورق جلس تحت الشمس فاستلقت بالقرب منه و همست بطريقة اثارته
- " يوم ممتع "
انزل بصره اليها فاستلقى بالقرب منها بعد ان خلع قميصه و بقي عاري الصدر التفت تنظر الى جسده البرونزي الذي لمع تحت اشعة الشمس الدافئة اخذ يدها بهدوء يمرر اصابعه بين اصابعها ثم رفع يده على وجهها يمررها بين تقاطيع وجهها و توقف اصبعة على نقطة الحسن التي تعلو خدها فهمس لها
- " جميلة .."
ارتعشت و ابتسمت له بخجل و دلال فضمها الى صدره فارخت اعصابها ليهمس مجددا بأذنها
- احب وجودك بالقرب مني "
شعرت باحشائها تنقبض شعرت بشيء من الخوف فهاك من نبهها بكلمته بأن ما يجري بينهما سينتهي بفراق صعب و هذا ما خشيته اول لقاء لهما هو ان تقع بحبه فيصعب عليها الامر .. نظر اليها وهي مشغولة البال فاستدار يواجهها
- " ما الذي يشغل بالك ؟"
اخفت قلقها بابتسامة مصطنعة ثم تكلمت
- " جدتي .. لابد انها تنتظرني فلم اخبرها باني ساغيب لهذه المدة "
- " لا تقلقي .. فهي تعلم بكل شيء "
- " ماذا تعني تعلم بكل شيء ؟ هل خططت لهذا من قبل ؟"
- " تستطعين ان تقولي صدفة خطط لها "
- " و كيف هذا ؟"
- " لقد اخبرت جدتك تلك الليلة عندما قتلك الفضول لمعرفة ماذا همست بأذنها بأني سآخذك الى الميناء و بعدها لصيد السمك و قد نتاخر ليوم .. هذا كل ما في الامر "
- " و ما هي الصدفة في الموضوع ؟"
لوى شفتيه و رفع حاجبا فبدا شكله شقي ووسيم لابعد درجة
- " الصدفة هو ما حدث بين المخطط "
احرجها بطريقته فاستقامت و وقفت لترتدي قميصها اقترب منها محاوط خصرها من الخلف ملصقا ظهرها بصدره و همس باذنها
- " اذا اردت العودة فلا مانع لدي "
اومات برأسها دون ان تجيب فهي تريد ان تعود لجدتها لكن لا تريد ان تفارق هذا المكان الجميل برفقة هذا الوسيم الذي تحبه لدرجة تصعب عليها ان تقترب منه اكثر كي لا تتألم عندما تودعه لتغادر اوتاوا عائدة الى موطنها اكسفورد ..
ابتعد عنها ليذهب الى حجرة القيادة فانطلق بالزورق عائدا الى الميناء دخلت بعد فترة وجيزة الحجرة ووقفت بجانبه تنظر اليه انه رجل بمعنى الكلمة بوقفته و شخصيته و بملامح وجهه و جسمه و خصل شعره و نظرته الحادة حين يرمقها بين حين و اخرى .. رأت المقاهي تظهر شيئا فشيئا من بعيد كلما اقتربا من الميناء و بعد دقائق كان الزورق قد توقف بنفس المكان الذي انطلق منه باول مرة نزل قبلها ثم مد يده ساعدها ثم اقترب من نفس الرجل يسلمه مفتاح الزورق و يشكره شيء جعلها تفكر فاليكس كونه بستاني بسيط من اين له كل تلك النقود ليستأجر زورق بذلك الحجم و ليومين ؟..
توقفت عند باب منزل جدتها فلحق بها ليقف امامها يودعها قبل ان تدخل قرب رأسه ليطبع قبلة على شفتيها لكن الباب خلفها فتح لتخرج منه جدتها المبتسمة ضمت جدتها بقوة فرفعت يدها تسألها عن رحلتها فأجابت كايت بسعادة
- " لقد استمتعت كثيرا و الفضل يعود لك اليكس شكرا لك "
- " على الرحب و السعة .. سيدة بريستون لقد اعدت لك امانتك "
ضحكوا جميعا قبل ان يدير ظهره عائدا الى سيارته مبتعدا دون ان يترك أثر لشفتيه على خدها او أي شيء من ذلك الشعور الجميل فشعرت بالخيبة لانها املت بقبلة صغيرة قبل ان ينتهي ذلك الحلم لتستفيق ...
دخلت المطبخ مع جدتها و جلست على الطاولة اعدت لهما كوبين قهوة رشفت منها قليلا
- " كيف قضيتي يومك من دوني ؟"
ابتسمت الجدة و كتبت على الورقة التي امامها
- " مع السيدتان سلندر و كوري و رافقتهما السيدة دولوريس .. قمنا بصناعة مزيد من الاغطية لنتبرع به للسوق الخيري الذي سيقام في الاسبوع القادم "
- " رائع جدتي لم اعلم بانك مشاركة بالسوق الخيري "
اومأت الجدة مع ابتسامة عريضة و ذهبت لتحضر الملاءات لتريها كايت التي ابدت اعجاب بصنعهما .. قاطع رنين الهاتف حديثهما الهاديء فأسرعت كايت تلتقط السماعة
- " الو .. ليلي عزيزتي كيف حالك ؟"
- " انا بخير ماذا عنك يا كايت ؟ و كيف هي جدتي ؟"
- " نحن بخير و جدتي افضل مني حالا انها تقضي وقتا رائعا برفقتي "
- " جيد .. لقد اتصلت لاطمأن عليكما و اخبركما باننا سنكون في أتوا غدا "
- " خبر رائع يا ليلي فأنا متشوقة لرؤية ابناء سكوت و زوجته .. نحن بانتظاركم "
اغلقت سماعة الهاتف و ركضت باتجاه المطبخ
- "جدتي اخبار رائعة .. ليلي و سكوت و ابناءه و زوجته سيكونون هنا غدا "
سعدت السيدة بريستون لهذا الخبر فهي لم ترهم منذ شهرين مرا بسرعة كيومين بالنسبة لها و لكايت فبقي اقل من شهر و ترجع الى اكسفورد .. حزنت لتلك الفكرة فهي متعلقة بحفيدتها التي ملأت حياتها بالابتسامات خاصة بعد وفاة زوجها لقد تغير المكان ليصبح اكثر ترحيبا و اشراق من قبل بمجرد قدومها و فراقها سيكون صعب ..
صعدت مع كايت لترتيب الحجرتين الاخرى بالمنزل فاحدهما لسكوت و زوجته و الثانية لأبناءه الثلاثة بينما ليلي ستنام بغرفة كايت ...
قررت ان تلقي نظرة على المشروع الذي تعمل عليه منذ اسبوع ثم تدخل الى فراشها فهي منهكة من التنظيف و الترتيب تصفح الاوراق و ضبتهم كي لا يعبث به ابناء سكوت غدا .. دخلت حجرتها و اتردت قميص نوم خفيف فتحت الغطاء لتندس تحته لكن ضوء في الطابق العلوي لمنزل السيد كالفاني نبها بوجود اليكس بهذا العالم و بانها مشتاقة له و تريد الاستلقاء على صدره كاليومين السابقين اقتربت من النافذة لتلقي نظرة و كعادته اليكس يستقل سيارته بوقت متأخر من الليل و يختفي .. انه غامض و مع ذلك تحبه و تشعر بالراحة و هي قريبة منه ..
-5-
استيقظت على صوت بوق سيارة مزعج و صياح رجل و اطفال ايقنت بأن ذلك الصوت مالوف لديها ( سكوت) فاسرعت بلبس روبها و نزلت الدرج بقفزات تستقبل ليلي و سكوت و الاطفال لكنها توقفت فلباسها غير ملائم عندها رجعت الى الحجرة لتبدل ثيابها بفستان ابيض و مشطت شعرها المبعثر و زينت عينيها بكحل اسود و ملمع شفاة مسدلة شعرها الاحمر على كتفيها و هذه المرة نزلت الدرج بخطوات صغيرة حتى توقفت امام ذلك الضخم لتحتضنه
- " اه سكوتي اشتقت لك "
و طبعت قبلة صغيرة على رقبته بعده التفتت على المراة الجميلة صغيرة الحجم الواقفة خلفه تبتسم بطريقة عذبة
- " اعرفك على ام ابنائي و حبيبتي .. ليندسي "
صافحتها و ابتاسمة مشرقة على محياها
- " اهلا و سهلا سعدت بمعرفتك "
- " و انا كذلك "
د جذب صبيين بين يديه بقوة و هو يضحك كان الكبير خجلا فتورد خداه و مد يده يصافح كايت
- " هذا اندي الصغير و هذا دوغ .. و تلك الصغيرة هي مونا "
قبلتها فألقت الصغيرة برأسها على صدر كايت التي انقبض قلبها فهي لم تحمل طفلة من قبل أي لم يحدث هناك تقارب جسدي هكذا جعل مشاعرها تبتهج و سمعت اصواتهم المتأثرة من هذا المشهد
- " اوووه "
شعرت بانها تعلقت بهذه الصغيرة منذ اول عناق لهما اقتربت ليلي منها و احتضنتها
- " و انا الا احضى بعناق من ابنة خالتي العزيزة "
و بغرفة الجلوس اجتمعوا جميعا ياكلون الحلوى بعد الغداء الشهي الذي اعدته جدتهما كانت سعيده لتجمع عائلتها الصغيرة بهذا المنزل الذي احتضنهم و هم صغار تكلم سكوت و هو يحرك عينيه بالهواء يدقق بالتغيرات التي احدثتها كايت بالمنزل
- " لقد قمت بعمل رائع يا كايت فكل شيء ينم عن ذوق رفيع "
وافقته زوجته و ليلي
- " نعم لقد تغير المكان كليا .. لا اود العودة الى بولدر فالمكان اجمل هنا "
ضحكت كايت لتعليقات ليلي العفوية .. كانت الصغيرة مونا لا تزال بحضن كايت اطعمتها قليلا من الحلوى مما اسعد الطفلة لكن ليندسي اخذتها من حضن كايت لتبدل ثيابها المتسخة و تأهبها للنوم بعدها قامت كايت و سكوت يتمشيان بالخارج بالحديقة الجميلة
- " بالفعل كايت لقد اصلحتي الكثير بالاخص جدتي "
كلمته ( اصلحتي ) اثرت بها كثيرا فهي تحتاج الى هذا الدعم من اهلها فدمعت عينيها لكنها مسحتها قبل ان يلتفت سكوت و يراها .. لكن من راها هو اليكس الذي اقترب من حديقتهم ليلقي التحية على سكوت و ليلي
- " مرحبا جميعا "
فرحتها برؤيته لا تختلف عن فرحتها برؤية عائلتها فهو له هيبة و حضور قوي لقلبها .. صافح سكوت و ابتسم لها و بعدها استدار ليبتعد ملوحا بيديه
- " اذا اراكما لاحقا .."
عادت لها خيبة الامل فهو لم يتكلم معها حتى بل اكتفى بنظرة خاطفة و ابتسامة صغيرة .. ظلت تفكر بهذا البرود الذي بان عليه ناحيتها طيلة اليوم حتى و هي بالفراش فلم تعر لحديث ليلي أي اهتمام التي تكلمت عن جامعتها و دراستها و علقت عن تغيراتها و عن صديقها الجديد و انها بدات ترتاح له لدرجة اصبح لديها مفتاح لمنزله و هكذا من االاشياء التي لم تتوقف ليلي عن الحديث عنها...
وبصباح اليوم الثالث من قدومهم كان مليء بشقاوة الاطفال استمتعت بصحبتهم كثيرا خاصة آندي الذي كان يساعدها بري الحديقة كل مرة و يحمل معها الصناديق و الاصيصات و يقوم بكنس الاوراق المتساقط كما انه بدأ يرتاح ليتحدث معها عن كل ما يجول بخاطره بينما الاصغر منه دوغ كان شقي لدرجة تجعلها تركض خلفه كانت تلعب معهم كانها بعمرهم فأندي بلغ الثانية عشر و دوغ التاسعة بينما الصغيرة مونا فهي بالثانية التي بدات تكن لها عاطفة تختلف عن الباقي لا تعرف السبب فقد يكون لانها الاصغر ام لانها طفلة حنونة تطعمها و تبدل ثيابها احيانا تشعر بأن هناك شيء ينبعث منها كعاطفة الامومة و هو شعور غريب بالنسبة لها لكن شيء مرحب به دائما... ركضت خلف دوغ لتسكب ماء على رأسه كما فعل بها فجعل شعرها يلتصق بجبتها و كذلك قميصها الزهري الفاتح ان ذلك الصغير اسرع منها ركض حتى الاشجار فتوقفت عن اللحاق به عندما احسنت بان هناك من يراقبها استدارت قليلا لتنظر اليه كان واقفا خلف سور منزل السيد كالفاني يقوم باعماله كالعادة بالزراعة و سقي الاشجار او بتنظيف الحديقة الصغيرة بادلها ابتسامة صغيرة ازعجتها و ألمتها اكثر مما ابهجتها فهي لا تريد منه ابتسامة هي تريده ان يكون هنا واقفا معها يلعب معها و الاطفال يركض خلفها ثم يعانقها و يقبلها كما السابق لكن ماذا حدث ؟! اشاحت عنه دون ان تعره انتباه فأكمل عمله هو ايضا دون ان يلتفت و هكذا دام الامر لاسبوع تقريبا بعد تلك الرحلة التي بالفعل كانت حلما ليوم فقط .. كان يقترب من منزل جدتها يلقي تحية على الجميع ثم يبتعد حتى وعده لها بتركيب طريقة الري بالتنقيط لم يفي بها و لا تعرف السبب و باغلب الاوقات كان يغيب ليومين او ثلاثة بعدها تراه يركن سيارته بالليل و لا تراه باليوم التالي و هكذا .. ازعجها الامر بل اوجع قلبها فعلاقتهما كانت سعيدة لكن ماذا جرى بعد رحلة الزورق هذا ما كان يشغل بالها معظم الاوقات ,,,
و في مرة من المرات اقترب منهم جميعا عندما كانوا يقومون بحفلة شواء بالحديقة الخلفية لمنزهلم وجد كايت تجلس مع الصبيان و الصغيرة مونا بحضنها في حوض صغير مليء بالماء و تصيح بمرح عليهم ان يوقفا رش الماء عليها فأغمضت عينيها و ضمت الصغيرة تمنع الماء من ان يصيب الصغيرة فتبكي لكن ضحكات الصبيان جعلها هادئة احست بهم يتوقفون عندما سمعا صوت اليكس يناديهم
- " اهلا يا شباب .. كيف حالك اندي ؟ و انت يا دوغ ؟"
ضربا كفه و هما يضحكان فجره دوغ الى الحوض ليدفعه لكن اليكس استطاع ان يتوازن دون ان يسقط القى نظرة خاطفة على الجميلة التي ترتدي شورت قصير جدا و تي شيرت قصيرة بلا اكمام و شعرها الاحمر مبلل كليا فتموج بشكل جميل على بشرتها البيضاء كانت عينيه تسألانها عن حالها فأجابته عينياها بأنها مشتاقة له و لاحضانه ..
- " العب معنا يا اليكس هيا .. رش الماء على خالتي .. انظر ان مونا تضحك فهي تحب الماء "
اقترب بهدوء عندما وجد خطوط التوتر على وجهها لكنه مع ذلك رش الماء برقة على مونا الصغيرة و هو يبتسم لكايت التي تحملها بيدها دون ان تنظر اليه .. لم يعجب الامر الاولاد فقفزوا بالماء و اخذا يرشانه على اليكس الذي كان يضحك من هول المفاجأة فضحكت هي بدورها لانه لم يتوقع ان يبتل بالماء و ان يصبح ندا للشقيقين الاشقياء ...
- " يا اولاد كفا عن ذلك .. "
اقتربت ليندسي و مع منشفة ناولتها الى اليكس الذي اخذ يمسح بها وجهه و شعره المبتل
- " آسفة فلا اعرف ما الذي اصاب هذين الشقيين "
- " لا عليك انهما يمزحان لا اكثر كما انني استمتع بصحبتهما و يبدو ان كايت ايضا كانت تتمنى رشي بالماء لاسباب اجهلها "
التفت الى كايت التي انزلت رأسها خجلا فابتسامته هذه تأجج النار بصدرها .. انضم سكوت اليهم
- " اليكس .. ارى بان الصبيان اغرقاك بالماء كما فعلا بكايت .. فما رأيك ان تنضم الينا على العشاء و تساعدني بالشواء فأنا الرجل الوحيد هنا كما ترى "
- " لا امانع ابدا .. لكن دعني اغير ملابسي بأخرى جافة "
- " حسنا سأنتظرك لتشوي اللحم معي "
لا يعرف لم نظر الى كايت فكل ما أراد ان يراه هو ردة فعلها فهل هي سعيدة لانه سيكون قريب منها هذا المساء ام اها ستنزعج لذلك .. و بالفعل هذا ما خشيه ان لا يجد في عينيها أي ردة فعل..
و بعد ان اسبدل ثيابه اتى و بيده مشروب وضعه امام السيدة بريستون التي ابتسمت له بسعادة فهي تحبه كثيرا و ترى بانه رجل مناسب لحفيدتها .. اخذ يتلفتت بعينيه يبحث عنها فلم يجدها
- " ماذا يا اليكس هل ستجلس هنا مع النساء ام ستقوم بمساعدتي كالرجال ؟"
- " لا داعي للتجريح يا سكوت ... استأذنكن "
ضحكن على تعليقه اللطيف و ما ان استدار لينضم الى سكوت اصطدم بعينيها ترمقانه على درج الشرفة فنظر اليها حنين و رغبة بمعانقتها بقوة لكن سكوت اللحوح جعله يقطع هذا التجاذب و الاشتياق الى الاحضان فيما بينهما فتركها واقفة ليأخذ مشبك و قطع لحم و يبدأ بوضحها على المشواة
بعد العشاء جلس الكبار على الشرفة يستمتعون بالجو الدافيء اشعل سكوت سيجارة له و لاليكس الذي لم يبعد بصره عن الجميلة الجالسة امامها بفستانها المشجر و بشعرها الاحمر المنسدل على كتفها بنعومة الحرير و اه لنقطة الحسن فوق خدها كم يود تقبيله ..
- " ما رأيكم ان نعيد هذه الجلسة اللطيفة على البحيرة "
- " البحيرة ؟ فكرة "
قالت ليندسي باشراق
- " نصيد سمك و نقوم بشويه .. ما رأيك يا سكوت ؟ ام انك لا تجيد الصيد "
- " و كيف لا اجيد الصيد و جدي اندي ابرع صياد هنا "
- " جيد اذن اراكما غدا على البحيرة "
بادل كايت نظرة طويلة ثم وقف و ودعهم عائدا الى منزل السيد كالفاني و ما ان توارى عن الانظار حتى وقفت كايت تودعهم بدورها لاخذ قسطا من الراحة فما بذلته اليوم من مجهود لكبح رغبتها و عواطفها ناحية اليكس اتعبها جدا و النوم افضل وسيلة لاعادة الطاقة اليها لتبدأ غدا بكبح العواطف من جديد و لا تعرف السبب لهذا البرود المتبادل بينهما ..
في اليوم التالي على ضفاف البحيرة اجتمع اليكس بعائلة بريستون التي استقبلت دعوته الخلاقة بصدر رحب ولان الغرض من فكرته هو الاستمتاع بيوم دافيء تحت اشعة الشمس .. كان الصبيان يقفزان من الجسر الخشبي الصغير ليغطسا بالماء و يعيدانها مجددا .. بينما ليندسي كانت جالسة و مونا الصغيرة بحجرها تصفق بمرح لاخويها .. اما الجدة بريستون فكانت تحيك احدى الملاءات التي تصنعها للسوق الخيري الذي اقترب وقته .. بينما كايت التي جلست تأخذ حمام شمس دافيء يلوح بشرتها البيضاء لتصبح اكثر احمرار و من حين الى اخرى كانت ترمق اليكس الذي يعمل مع سكوت باصطياد السمك .. لم تنتبه له يقترب منها الا عندما حجب اشعة الشمس عنها فتحت عينيها و نظرت اليه باستغراب لانه كان يحدق فيها و ابتسامة على شفتيه
- " ما بك ؟"
رفع يده التي تحمل سنارة و تكلم بمرح
- " اعتقدت بأنك ستصطادين السمك معنا لذلك احضرت لك سنارة اضافية .. لم لا تنضمين الينا انا و سكوت ؟ "
لم تعرف بما تجيبه لقد عقد لسانها و اختفى كل ما لديها من منطق حتى تجيبه بعقلانية دارت بعينيها تفكر بأي شيء يخطر على بالها ..
- " لكنني لا اجيد صيد السمك "
رفع حاجبه استنكارا لما تقول
- " ألم اعلمك ؟ سأساعدك اذا اردت .. و ذلك من دواعي سروري "
اراد ان يسألها عن سبب ابتعادها عنه و هذا الجفاء المزعج لكنه لم يشأ ان يختلج مشاكل او حوارات هو في غنى عنها بالوقت الحالي فكل ما ارده الان هو الاستمتاع بصحبتها و هذا يندرج بالمقام الاول بالنسبة له
- " حسنا "
اخذت السنارة من يده مبتسمة له سائرة امامه الى حيث سكوت يجلس لكن اليكس اوقفها من ذراعها بخفة
- " لا .. من هنا "
جرها الى الجسر الخشبي حيث يركن قارب صغير جدا بالكاد يتسع اثنان قفز الى القارب و مد يده لها حتى تقفز بدورها و هذا ما فعلته
- " اليس التجديف و الصيد و ركوب قارب صغير في قائمتك ؟"
ان هذا الرجل يسحرها بلطفه و تفكيره ابتسمت له بخجل و امتنان لجميله
- " بلى "
- " اذن هيا نجدف بالقارب الى منتصف البحيرة "
جدفت مع فتحرك القارب بانسيابه على سطح الماء كان المنظر رائع حولهما خاصة عندما رأت الصبيان يقفزان مجددا من الجسر و يلوح لهما سكوت من بعيد
- " عودا و معكما درزن من الاسماك "
ضحك اليكس ثم توقف عندما تلاقت عيناهما انها تكن له مشاعر دفينة و تود الافصاح عنها و لا تدري لم لا تستطيع التحدث مع هذا الغامض بحرية مشاعرها .. القى اليكس بسنارته بالماء و فعلته مثله و دقائق حتى صرخت
- " سمكة .. اصطدت سمكة "
رأت سكوت يصفق لها من بعيد و يؤشر لها فضحكت لتصرفها الصبياني .. القت بسنارتها مجددا و ما ان لامست السنارة الماء حتى اهتزت فصرخت كايت مرة اخرى
- " يا الهي .. سمكة اخرى "
ضحك اليكس من قلبه فهي غير مصدقة بل سعيدة جدا
- " ما هذا يا كايت ؟ ان الحظ حليفك اليوم ... "
و بعد نصف ساعة عادا الى الضفة محملين بأحجام مختلفة من الاسماك
-" لنسمي وجبة اليوم بصيد كايت "
غمز لها بعينيه فرفعت كتفها بعفوية جلعتها تبدو جذابة و مثيرة له بطريقة لا تقاوم .. حاول ان يبعد تركيزه عنها ليركز اكثر بصيد اليوم فحمل الاسماك واضعا اياهم على طاولة ليقوم بتنظيفها ..
و بينما هو يقوم بشوي السمك التي انبعثت رائحة الزكية في الجو كان يبادل كايت التي تتأرجح بنظرات الغزل و الاعجاب..
تناول الجميع الوجبة التي اعدها اليكس بنفسه فلاقت استطعامهم و مدحهم و اطرائهم لها
- " انك طباخ ماهر يا اليكس "
قالت ليلي
-
- " اوافقك الرأي يا شقيقتي العزيزة " قالها سكوت بمرح
- " و ما رأيك انت سيدة بريستون ؟ "
رفعت ابهامها مشيرة الى استحسانها بابتسامة لطيفة ثم التفتت الى معذبته الجميلة
- " و انت .. مع انك تذوقتها فيما سبق لكن لا ضير من سماع رأيك ؟"
اعجابة بان من طريقة حديثة و توجيهه السؤال لها مما جعل ليلي تنتبه لوجود شيء بين هذين الاثنين خاصة عندما احمر وجه كايت خجلا و هي تجيبه
- " كما قالت ليلي .. وجبة لذيذة .. شكرا لك "
- " على الرحب و السعة "
كان اليكس و السيدة بريستون يتحدثان عن السوق الخيري الذي يقام في كل سنة بالحديقة المركزية و كيف انها تقوم بحياكة الملابس الصوفية طوال الوقت الامر الذي جعل اناملها تحمر بسبب الاحتكاك فنصحها بدهنيدها بمرهم قبل البدء بالحياكة ثم غسل اليد جيدا و دهنا مرة اخرى و ذلك سيخفف الاحمرار انتبه لكايت تبتعد لتتمشى وحدها بين الاشجار فتحرك بهدوء ليسير معها اضطربت عندما احست بوجوده بالقرب منها فتوقفت و ابتسمت له
- " هل استطيع الانضمام اليك ؟"
- " بالطبع "
سار بالقرب منها و ما ان توغلا اكثر بين الاشجار حتى انزل يده و شبك اصابعه بأصابعها الناعمة و بمجرد ملامسته لها سارت قشعريرة بكل جسدها جعلها ترتجف
- " ماذا ؟ هل تعرين بالبرد في وسط الصيف يا كايت ؟"
بللت ريقها فلقد احرجها بسؤاله فعضت شفتيها تفكر بإجابة تنقذها لكنه لم يترك المجال لها اسندها على جذع شجرة بخشونة و لثم خدها كأنه لم يرها منذ سنوات بالبداية حاولت مقاومتة لكنه سيطر عليها فأرتخت بيد يديها و تجاوبت معها متعلقة برقبته اخذ يقبل رقبتها بحنين و لهفة فصدر منها تنهيدة ألم جعلته ينتبه لها فتوقف و نظر اليها
- " ما بك ؟ "
اخذت وجهه بيد يهيا و اكتفت بالنظر الى عينيه الجذابتين فعاد الى تقبيلها لكن هذه المرة بحنية و رقة اكثر اذابتها بين احضانه الدافئة كان يتمتم بكلمات عندما ركزت فيهم ايقنت بأنه يقول
( اشتقت لك ) ..
دفعته قليلا الى الخلف فابتعد عنها تركته واقفا بمكانه بينما هي عادت ادراجها الى حيث يجلس الجميع استغرب تصرفها المفاجيء فلقد اخذتهما العاطفة الى ما كا يجب ان يحدث منذ ايام بدل ذلك الجفاء الذي لا ينتهي .. سار خلفها يريد ان يستفسر عن تصرفها الغريب لكن الحظ لم يحالفه ..
انتهى اليوم بوجبة شهية و لعب اطفال بريء و ضحكات نساء مثيرة و شحنات حب متوترة تتطاير بالجو...
بعد ايام بدأت التحضيرات للسوق الخيري الذي سيقام صباح غد في الحديقة الكبيرة للمدينة خلف مبنى البلدية الذي اعتاد عليه سكان هذه المنطقة فأصبح من التقاليد و الاعراف الرسمية و هدفه هو جني المال للمساعدة بتطوير المدارس و دور الايتام و المستشفيات و شارك بهذا السوق مختلف الاعمار من كبار و صغار و جدتها من احدى المشاركات..
ساعد الجميع جدتهم و السيدات سلندر وكوري و السيدة دولوريس بترتيب المكان و تعليق اللوحات , قامت ليندسي و كايت بتعليق الزينة على الطاولة و تثبيت الاعلان الضخم الذي كتب عليه اسعار البطانيات و باقي الملابس التي حيكت بيد تلك السيدات البشوشات كما وضعت بعض الاكسسوارات البسيطة... بينما قام الاطفال بحمل الاغراض و صفهم بطريقة مرتبة كما تأمرهم ليلي و بجزء اخر وضعت الجدة بريستون فطائرها المحلاة التي تعد اشهى فطائر بالمنطقة.. و مع تقدم الوقت كان كل شيء قد انتهى ليبدا الاحتفال الكبير بالغد الباكر..
ارتدت كايت فستان مشمشي ضيق عند الصدر و الخصر و واسع بطريقة برميل عند الارداف ليعطيها منظر ريفيا جميلا كما اسدلت شعرها الاحمر على كتفها العاري واضعة وشاح بنفس لون الفستان على رأسها و زينت يدها باساور خشبية و اقراط متدلية لها نفس اللون و زينت عينيها بظلال بني و احمر شفاة زهري تاركة نقطة الحسن فوق خدها تبرز فهي تلفت نظر الجميع بم فيهم النساء و خاصة الرجال ..
تجمع الناس بالحديقة المركزية و كان هناك احتفال كبير جمع اهالي المنطقة كلها فاجتمعوا مع بعض يتسامرون حول المائدات و يتمشون بين السوق البسيط و هدفهم هو التبرع بالمال بشراء الاشياء البسيطة التي يصنعها المشاركين بهذا الاحتفال الذي شمل الى العديد من الفعاليات بالاضافة الى السوق العاب للاطفال و رسم على الوجوه و بعض الاشياء الترفيهية و على مدار الحديقة وضعت النساء طاولاتهم عارضين منتجاتهم فجدتها و السيدات يعرضون البطانيات و الملابس المحاكاة باليد و الفطائر الشهية التي تصنعها الجدة التي لم يبق منها شيئا الا طبقين و و العديد من الطاولات التي تحمل منتجات مختلفة بصنع يد اهالي المنطقة ...
اقترب اندي من كايت لتتبعه الى لعبة سباق الحصن
- " هيا كايت لنتبارى .."
جلست معه على الكراسي الممتدة يتسابقون بالقاء كرات صغيرة لادخالها بثغرات فيتحرك الحصان و الاسرع يكون الفائز كانت ليلي تصفق لكايت كي تفوز بينما دوغ وقف خلف اخيه يشجعه و يدعو لكايت بالخسارة فالتفتت لتجذبه بقوة و تمطره بقبلات كان يحاول الافلات منها لكنه لم يستطع بل هي ابتعدت عندما رات اليكس من مسافة و معه السيد كالفاني الذين كانا يقتربان من طاولة جدتها لكن عيون اليكس كانت تمعن النظر فيها ابتسم لها فسرحت بوجهه الجميل عندها علا صراخ اندي معلن الفوز فهي من تركت يفوز
- " فزت .. فزت "
و كان يرقص مع اخيه بطريقة مضحكة فضحك اليكس لتصرفها الطفولي ابتسمت له عندها قامت من مكانها و اتجهت الى حيث يقف السيد كالفاني و اليكس و هذه اول مرة تقابل السيد كالفاني كان رجل هزيلا عريض المنكبين و طويل القامة و له وجه وسيم على الرغم من كبر سنه .. مدت يدها تصافحه فقال اليكس بطريقة فخورة و كأنه تكلم عنها فيما سبق مع السيد كالفاني
- " هذه هي كايت حفيدة السيدة بريستون "
ابتسم الرجل العجوز لتختفي عيناه وراء التجاعيد التي تجمعت حولها و هو يأخذ يدها بيده يصافحها
- " انها جميلة يا اليكس "
لم يشك اليكس بالامرفهي فعلا جميلة دون منازع نظر اليها باعجاب كأنه يلتهمها بعيناه كبح جماح قبلة كادت ان تطير على شفتيها فأوما برأسه مما جعل خدها يتورد ..
استدار السيد كالفاني يتحدث مع باقي السيدات و تبرع بمبلغ كبير دون ان يشتري شيئا لكن اليكس توقف عند الفطائر اغمض عينيه يستمتع بالرائحة الشهية ثم وجه الحديث الى السيدة بريستون التي تقف خلف الطاولة
- " انها فطيرة قرفة بالتفاح اليس كذلك ؟"
اومات السيدة بريستون و ابتسامة مشرقة على شفتيه اختلس نظرة على جنبه حيث تقف كايت ترمقه فهو دبلوماسي و يعرف كيف يكسب حب الناس كما فعل بها فهو يجيد لغة التخاطب و لغة العيون
- " سآخذ واحدة "
عندها اخرج النقود من محفظته و كانت اكثر من ما تستحق شكرته السيدة بريستون و لفت له الفطيرة بشرائط جعلتها تبدو شهية اكثر ..
و في المساء بدات الالعاب النارية بالسماء و الاغاني و المعزوفات و كلما تنفجر بالسماء سمعت تصفيق الناس و السرور باد على وجههم فالالعاب النارية يحبها الكبار قبل الصغار .. و عند انتهاء الالعاب النارية صاح مأمور البلدية بالمذياع عن مسرحية يقوم بتمثيلها طلاب ثانوية اوتاوا على مسرح مبنى البلدية فتجمع الناس عند المدخل لشراء تذاكر بخيسة الثمن لكنها بالقابل تؤدي الى مشروعات خيرية لها اثرها على الناس و هذا ما عجبت به كايت فأهالي هذه المنطقة على قلب واحد كل شخص يعرف الاخر و يرحب به و لا غيظ او حقد بل مود و ألفة .. العمل و تكوين رباطات هي هدفهم و من نها تنحدر سلاسلة ال بريستون التي تعتبر والدتها جزء منها اذا هي جزء من هذا المجتمع الامريكي الكنساسي و هي فخورة بأصول والدتها.. جلس الجمهور على الكراسي امام المسرح الكبير ينتظرون بدا مسرحية كوميدية
دارت عيناها تبحث عنه فرأته جالسا بالسطر الثالث مع السيد كالفاني الذي بدا مبتسما بينما اليكس كان يضحك من قلبه عندها احس بعينيها ترقبه فالتفت و توقف عن الضحك لتصبح ملامحه هادئة و عينيه تلمع ببريق الاشتياق لم تنتبه الى حديث اندي لها لان تفكيرها و عينيها مركزتان على ذلك الوسيم الذي يبادلها نظرات تحرقها و تعذبها .. لم هذا الفراق يا اليكس بينما انا مازلت هنا ؟ اتاهبني للعودة ام انك مللت صحبتي ؟ او اخطات عندما اقمت علاقة معي ؟ ام انك ندمت على كل شيء ؟! اشاحت عنه بهدوء فرفع رأسه يحاول ان يجذب عينيها مرة اخرى دون جدوى .. انتهت المسرحية و خرج الجمهور فرحين بأداء الطلاب الذي استحق تكريم من المحافظ اضلت كايت جماعتها و هي تخرج من باب المسرح لانشغالها بالبحث عن الشاب الوسيم الذي تعشقهالذي اختفى بين الحشود ..
قاد سكوت السيارة عائدا الى المنزل و هو يعلق على احداث اليوم و بالاخص بالمسرحية بينما تكلمت ليلي بالارقام و بكم ربح السوق الخيري بفضل جدتها التي استطاعت بيع جميع البطانيات و الفطائر .. لكن كايت لم تشاركهم الحديث ففكرها كان بأليكس و شكله اليوم و بالسيد كالفاني الذي اعاد لها ذكرى سقوطها و حملها و مداواتها تلك الليلة التي اختلطت عندها الامور و كذلك بحادثة القهوة التي جعلتها تدرك بأن حاملها هو اليكس لكن الى الان لا تعرف من قام بتطبيب جراحها فقد يكون السيد كالفاني كما قالت جدتها ...
مر اسبوع على قدوم سكوت و عائلته و ليلي و اتى يوم الرابع من يوليو و هواليوم القومي للولايات المتحدة .. عاد الجميع الى المنزل بعد زيارة لقبر جدهما يهنئونه باليوم ليشعروا بانه مازال معهم يحتفل بهذا اليوم كما حرص دائما .. و بمناسبة العيد القومي اعدت جدتها لهم فطيرة التفاح و هي ايضا من التقاليد التي اعتادت ان تلتزم بها ما حيت قطعتها و قدمتها للجميع و هم جالسين بالشرفة يستمتعون برؤية الالعاب النارية التي اضاءت سماء اوتاوا كما تلك الليلة بالسوق الخيري الذي يعتبر ايضا من العادات المبهجة.. فتح سكوت التلفاز الذي كان يعرض الاحتفالات بنيويورك و (التايم سكوير ) و بعض المشاهد لباقي الولايات .. كانت الصغيرة مونا تجلس على حضن كايت تصفق كلما طقطق صوت المفرقعات النارية ضحكت كايت لتصرف الصغيرة و خفة ظلها .. شعرت بأنها منهم فرحت بهذا اليوم و ما زاد فرحها هو في المساء عندما مر اليكس بالقرب منهم فدعته جدتها لان يتناول قطعة من فطيرة التفاح اللذيذة فرحب بتلك الدعوة و انضم اليهم على الشرفة جلس امامها ينظر اليها باشتياق اراد ان يعبر فوق الطاولة التي بينهما ليصل اليها فياخذ بين يديه امام الجميع و يقبلها بحرارة لكن هذه كانت مجرد خاطرة تذوق الفطيرة
- " انها لذيذة ككل شيء تعدينه سيدة بريستون .. انت تعرفين جيدا بأني اعشق فطيرة التفاح التي تعدينها "
ابتسمت السيدة بريستون و تشكل فمها بكلمة ( شكرا )
غمز لها و قال بنفس طريقتها بتشكيل احرف دون ان ينطق ( على الرحب و السعة )
كان الجو متوترا بين اليكس و كايت احست به ليلي و اخذت ترمقهم ظلت كايت ساكته معظم الوقت بينما هو كان مندمج بالحديث مع سكوت عن اشياء متفرقة و كان بين فترة و اخرى ينظر الى كايت و يرسم ابتسامة صغيرة على شفتيه بينما هي بدت متألمة ...
قطع سكوت عليه النظرات ليساله عن السيد كالفاني
- " اين السيد كالفاني يا اليكس ؟"
- " اعدته الى المنزل منذ اسبوع تقريبا "
- " لماذا ؟ الا يقيم هنا ؟"
- " لا انه ياتي بين حين و اخرى مجرد ان يغير جو ثم يعود بنفس اليوم و هكذا "
- " لقد اعتقدت بانه يقيم هنا "
عاد اليكس لتبادل النظرات مع كايت لكنها اشاحت بنظرها عنه مدعية الاهتمام برسم دوغ حتى و هي تتصنع عدم الاهتمام بوجوده تكون مثيرة و جذابة عندها.. وقفت ليندسي لتذهب و حملت مونا و جرت دوغ سألها سكوت
- " الى اين يا حبيبتي ؟"
- " يجب ان آخذ الاطفال للنوم فلقد تأخر الوقت كثيرا .. تشرفت بمعرفتك اليكس "
وقف و صافحها فوقت كايت بدورها و حملت الصغيرة و هي تبتسم لها و تقبلها كل ثانية فسألها سكوت هو ايضا
- " و انت الى اين ؟ "
- " اساعد ليندسي "
بعدها القت نظرة خاطفة على اليكس الذي نظر اليها مطولا انهما يتغازلان بلغة العيون و هذا ما لاحظته ليلي ...
بعد ان ساعدت ليندسي مع الاطفال نزلت المطبخ لتساعد جدتها و ليلي بغسل الاطباق فاقتربت ليلي منها و تكلمت بصوت خافت حتى لا تنتبه جدتها على حديثهما
- " ما الذي يجري بينك و بين اليكس؟"
لم تعر حديثها اهتمام بل اكملت جلي الاطباق
- " لا شيء "
- " انظري الي كايت .."
شعرت كايت بان ليلي تعرف شيء بسيط فنظرت اليها و ضغطت على اسنانها
- " ليلي ..ليس الان"
فهمت ليلي ما تقصده كايت لانها عندما نظرت خلفها رأت اليكس يحمل باقي الاطباق بمساعدة سكوت الى المطبخ كان ينظر الى كايت التي اعطته ظهرها دون ان تلتفت لوجوده فانزعج وودع الجميع و خرج .. بعد ان ذهب الجميع للنوم و للفراش بدا حديث ليلي لكن هذه المرة عن كايت و اليكس
- " هيا الان اخبريني .. ما الذي يجري بينكما ؟"
اسندت كايت رأسها على الوسادة و تنهدت بصوت مسموع
- " لا اعرف حقا ما الذي يجري "
- " و كيف هذا ؟ "
- " صدقيني لا اعرف .. في البداية كان هناك اعجاب متبادل و تطور الامر لان ياخذني برحلة على متن زورق كبير قضيت به يوم ساحر بعدها اختفى كل شيء .. اصبح اكثر برود تجاهي لكنه مع ذلك لا ينفك يألمني بنظرات الاشتياق و الحنين و في تلك الليلة جذبني اليه و قام بتقبيلي ثم لم يعاودها "
- " اتعنين ان هناك علاقة بينكما ؟"
- " قلت لك ليلي لا اعرف فهذا الرجل غامض لا اعلم عنه الا اسمه و انه بستاني .. انه لا يتكلم عن نفسه ابدا و لا عن عائلته بل دائما يوجه الحديث نحوي لكنني اشعر برباط قوي بيني و بينه و بعد ذلك اليوم لم يعد يقترب مني بل يكتفي بابتسامات و نظرات بدات تزعجي .."
- " و لم تزعجك؟ انه غزل يا معتوهة "
- " لا بل انه يتهرب مني و اريد ان اعرف السبب "
- " لم لا تسالينه ؟"
- " لا اريد ان القي بنفسي عليه .. ربما انه خاف ان يتورط بعلاقة معي عندما احس بأن الامور بدات تتعقد بيننا فقرر ان يتركني اتعذب بهجري .. لقد خشيت هذا اليوم من البداية يا ليلي و الان بعد ان القيت بنفسي في النار لا اعرف كيف اخرج منها "
- " اتحبينه يا كايت ؟"
سكتت لمدة طويلة ثم تنهدت و اومات برأسها ايجابا بعدها دمعت عينيها فحضنتها ليلي و بكت على صدرها و هي تمتم
- " احبه لكني لا اريد ذلك فذلك سيجعل الامر اصعب علي عندما اودعه لاعود الى اكسفورد"
- " اتفهم ذلك يا عزيتي لكن ما باليد حيلة .. "
بعد بكاء طويل ارتاحت لتترك عينيها تغفي حتى صباح اليوم التالي .. استيقظت بتكاسل فرأسها يؤلمها فتحت حقيبتها تبحث عن اقراص مهدئة فلم تجدها سألت جدتها اذا كان لديها (اسبرين ) فهزت رأسها نفيا سالت ليندسي فأجابتها بنفس الشيء فقررت ان تأخذ كوب قهوة لينعش و يسكن رأسها من الالم خرجت الى الشرفة حيث ابناء سكوت يلهون بالخارج بلعب كرة بينما جلست الصغيرة تلعب بمكعباتخشبية جلست تنظر اليها تحمل بيدها الصغرتين قطعه و تضعها فوق الاخرى ثم ترفع رأسها تبتسم لكايت فصفقت كايت بيدها تشجع الصغيرة التي حققت انجاز بالنسبة لها .. مر اليكس بالقرب من المنزل فطارت الكرة اليه أخذها برجله و ركض بها الى الصبيان لعب معهم قليلا ثم تركهم ليقترب من كايت عندما راى بان السبيل امامه قد خلا صعد درجات الشرفة و توقفت
- " هل تسمحين لي بالجلوس؟ "
ازاحت قليلا له حتى يجلس لكن مونا الصغيرة مدت يدها اليه كي يحملها فرحب بها و حملها بين ذراعيه و اخذ يمرر يديه على انفها مصدرا اصواتا جعلها تضحك بطريقة اول مرة تسمع بها كايت كانت تضحك بصوت عالي على الاصوات التي يصدرها اليكس فوضعت كايت يدها على فمها تضحك على تلك الضحكات تلاقت عينيها لتحدث شرارة جعلته يتوقف فجلس ووضع الصغيرة على حضنه تلعب بخصلات شعره .. تمنت كايت ان تكون مكان هذه الصغيرة تمد اصابعها و تخللها بشعره الناعم و تشم رائحة رقبته الرجولية نظر اليها و فتح فمه ليتكلم
- " لم انت شاحبة ؟ "
ازاحت عنه قليلا ثم رشفت قهوتها دون ان تنظر اليه و اجابت
- " رأسي يؤلمني هذا كل ما في الامر "
دنا منها قليلا حتى التصق فخذه بها ثم لمس جبهتها ارتعش جسدها كله للمسته الناعمة كما فعل بها سابقا عندما طبب جرحها فتذكرت ذلك اليوم
- " انك ساخنة .. اتريدين دواء .. اسبرين ؟ "
- " لا شكرا ساكون بخير "
- " ما الذي يجري يا كايت ؟"
شكت في سؤاله فأجابته بسؤال اخر
- " ماذا تعني ؟ لا شيء يجري "
- " انت تعرفين جيدا ماذا اقصد ...نحن.. انا و انت .. ماذا يحدث ؟"
- " لا اعلم .. اخبرني انت "
نظر اليها و هي تتحدث اليه بلا مبالاة و ببرود دون ان تختلس عليه نظرات حتى, بل كانت تنظر امامها الى الاطفال و هم يلعبون انزعج من تصرفها هذا فجذب وجهها لتنظر اليه نظرت اليه بسرعة ثم انزلت بصرها و لا يزال وجهها بيده جذبت الصغيرة مونا يده فأنقذت الموقف و بتلك اللحظة خرج سكوت من الباب ينده على ابناءه ليساعدونه بوضع الاغراض بالسيارة وقف اليكس حاملا مونا بيده فخرجت ليندسي لتأخذه منه
- " انها رائعة و جميلة "
- " شكرا لك "
اقترب من سكوت الذي يقف عند دولاب السيارة الكبيرة يضع الحقائب
- " هل من خدمة سكوت ؟ "
- " شكرا اليكس "
- " ستغادرون جميعا ؟! "
- " نعم فاجازتي انتهت و يجب ان اعود كذلك الاطفال لديهم نوادي صيفيه "
- "فهمت .. لقد سعدت بمعرفتك سكوت .. و بالمرة القادمة سنقضي اوقاتا اكثر معا "
صافحه ثم ضمه و ابتسم
- " اتمنى ذلك .. سأعود قريبا لاقنع جدتي لان تأتي معي الى بولدر "
- " و متى سيكون ذلك؟ "
- " لا اعلم .. عندما تغادر كايت بالضبط "
- " اذن ساراك لاحقا"
و قبل ان يغادر التفتت الى حيث كايت تجلس على الشرفة تحتسي قهوتها و الحزن باد على ملامحها لفراق عائلتها نظرت اليه ثم وقفت لشيح عنه و تدخل المنزل تساعد ليلي على التوضيب
و عند السيارة ودعت الجميع و ضمتهم و قبلت الصغيرة التي تعلقت بها كثيرا لقد مر اسبوعان على وجودهما بسرعة دون ان تشعر مما جعل امر العودة الى الوطن اصعب عليها مما فات تعلق اندي برقبتها و قبلها و سألها ببراءة
- " الديك صديق يا كايت ؟"
رفعت رأسها تبحث عن اليكس الذي توقف عندما سمع سؤال الصديق و مشى بخطوات صغيرة حتى يسمع اجابتها فهمست بأذن اندي كي لا يسمعها اليكس
- " لا ليس لدي صديق "
فهم اليكس خطتها الى لا امل بمعرفة الجواب منها الذي اراد ان يعرفه عندما بردت علاقتهما دون اسباب واضحة فاكمل مشيته عائدا الى المنزل استدار يرمقها بنظرة خاطفة
- " هل استطيع ان اكون صديقك ؟"
ضمته بقوة و هي تقبله
- " بالطبع يا حبيبي"
كشفت ابتسامة كبيرة عن اسنانه و هو سعيد
- " سأخبر اصدقائي عنك و سيشعرون بالغيرة "
ضحكت و هي تقبله ثم صادت دوغ قبل ان يهرب منها و قبلته
- " و انت هل ستخبريني بأنك تحبني ؟ "
- " احبك كايت "
قبلته بقوة و ضحكت ثم ضمت الصغيرة مونا التي القت برأسها على صدرها كما تفعل دائما شمت رائحة الطفولة بعدها اخذتها ليندسي و ضمت ليلي بقوة بين ضلوعها
- " سأتي الى هنا قبل ان تغادري .. اذن ساراك قريبا .. و حاولي ان ترتاحي "
كانت تلمح الى اليكس بجملتها الاخيرة .. اومات كايت و ضمتها مجددا ثم قبلت سكوت و زوجته
انطلقا بالسيارة لترى خلف ذلك المشهد اليكس واقفا خلف سور الحديقة يحدق بوجهها الحزين فتركت المكان و دخلت المنزل مع جدتها الذي اصبح خاليا و هادئا بطريقة لم تعتاد عليها منذ اسبوعين صاخبين قضتهما مع الاطفال ...
نثرت الاوراق امامها لتضع اللمسات الاخيرة على المشروع قبل ان تعود الى اكسفورد فلم يبق الا ايام قليلة و تترك هذا المكان الذي تعلقت به كثيرا و لاتنوي تركه ابدا فهنا جدتها و منزلها و ذكرياتها و رائحة جدها و ... اليكس الذي دائما يشتت انتباهها في كل مرة تذكر به اسمه او يخطر ببالها شكله او رائحته و لمسته و كل شيء جميل به يؤلمها. ..
صباح ياتي وليل يمسي و هي هكذا بين نار الحب و الم الفراق و الخوف مما سيأتي بقي يومان و ستغادر غدا مساء الى موطنها و عملها و منزلها و حياتها لتصبح هذه الرحلة ذكرى كباقي الذكريات السعيدة و المؤلمة طرا اليكس على بالها عندما سمعت صوت سيارته تركن في مراب منزل السيدة كالفاني فقررت ان تبقى بمكانها دون ان تلقي نظرة عليه اخرجت حقيبتها و بدأت بتوظيب اغراضها داخل الحقيبة لكن بالها لم يهدأ فهي لم تره منذ ذلك اليوم الذي ركب به نظام الري بالتقطير للمزروعات فبعد ان تغادر كايت من سيقوم بسقي الحديقة عمل لساعات طويلة تحت الشمس و حبست هي نفسها داخل المنزل تنهي ما استطاعت من اعمال حتى تلهي نفسها عنه فمنذ ذلك الحديث و البكاء الذي جرى عندما تحدثت عنه مع ليلي ايقنت بانها يجب ان تبتعد عنه قدر الامكان ليصبح الفارق بينهم اسهل و بعد ذلك اليوم لم تره الى من نظرات خاطفة كما انه غاب لمدة ثلاثة ايام و هذه اول مرة يغيب و لا ياتي الى المنزل لهذه المدة لكنه اتى بالامس و لم تره الى من فوق حجرتها ... فكرت مليا به ثم قررت ان تذهب اليه و تودعه قبل رحيلها غدا مساء فتركت ما بيدها و تزينت قليلا حتى تقابله بعد فترة من الغياب تعطرت و نزلت الدرج و خرجت بلهفة عبرت الشارع الى حيث منزل السيد كالفاني و توقفت عند الباب الكبير مترددة عندما رات سيارة حمراء فارهة لم ترها من قبل تركن عند المدخل اقتربت بتردد و طرقت الباب و بعد ثانيتين فتح لتخرج منه امراة مسنة ترتدي فستان رمادي فوقه مريلة بيضاء و شعرها الابيض مرفوع بطريقة مرتبة انها اول مرة منذ ثلاث اشهر ترى هذه المراة استغربت وجودها و نظرت اليها من رأسها الى اخمص قدميها ابتسمت لها كايت بتوترفتكلمت بطريقة فضة
- " هل من خدمة يا انسة ؟ "
- " اردت ان اقابل اليكس اذا سمحتي "
فتحت الباب اكثر ثم قالت
- " تفضلي "
دخلت كايت الى المنزل الكبير الفخم و الفاره من الداخل رات ممر واسع به تماثيل و صور كبيرة نعلقة لرجال و نساء من القرن السابق يرتدن ثياب و مجوهرات تبدو باهضة التفتت لتجد ثلاثة ابواب كبيرة بكل جنب دخلت احدهما المرآة المسنة لتخرج منه بعد دقيقة
- " من هنا يا انسة "
اشارت لها على الباب الذي خرجت منه فدخلت كايت و هي تشعر بالخوف من شيء ما وقفت بمكانها عندما راته جالسا بقميص بذلة ابيض دون ربطة عنق و بنطال بذلة رمادية و شعره الناعم قد سحب للخلف بطريقة تجعله يبدو سيدا مهذبا شكله رجل مختلف رجل ارستقراطي من الطبقة العليا وقف متعجبا عندما رآها دارت عينيها بالغرفة الكبيرة التي كانت عبارة عن مكتب خشبي كبير و كنبات تجلس عليها امراة شابة بدت باواخر العشرين جميلة جدا لها شعر اسود طويل و كثيف و عينان كبيرتان و فم دقيق كانت تضع رجلها فوق الاخرى بطريقة اظهرت ساقين ناصعتين البيضاء يتزينان بحذاء اسود ذو كعب عال نظرت اليها كايت باستغراب ثم نظرت الى اليكس مرة اخرى تريد توضيح لما يحدث هنا اقترب خطوة منها
- " كايت ..."
رجعت خطوة للوراء و هي تسال اليكس
- " ما الذي يجري هنا اليكس و من هذه ؟"
ضحكت المراة فالتفتت اليها اليكس يرمقها لتتوقف فالامر لا يدعي للضحك لكن كايت احست بسخرية من هذه المرأة خاصة نظراتها المحدقة
- " اخبرها يا عزيزي من انا ؟ هيا اخبرها.."
حدق اليها بنظرة غاضبة فتكلمت كايت بعصبية
- " اليكس تكلم ما الذي يجري هنا ؟"
تكلمت المراة بتعجرف و سخرية
- " انا ساخبرك بكل شيء اذا اردت .. فيبدو عليه الخوف .."
تكلم بصوت حاد ليوقفها
- " توقفي .."
فصرخت المراة بوجهه
- " لا دعني اخبرها من انا يا اليكس دعها تعرف حقيقتك ... انا زوجته يا عزيزتي .."
فتحت كايت عينيه و حدقت بوجه اليكس الذي انزل رأسه و ضغط على اسنانه بغضب نظرت اليه كايت بالم
- " اصحيح ما تقوله ؟ "
رفع رأسه اليها و عبس ثم هز رأسها ايجابا وضعت يدها على رأسها غير مصدقة ثم انزلتها على فمها و استدارت تخرج من الباب
- " كايت انتظري.."
ركضت بسرعة و دموعها تسقط بغزارة على وجنتيها دخلت منزل جدتها و صعدت غرفتها قفلت الباب القت بنفسها على الفراش تبكي بحرقة الم غير مصدقة ما رأته و ما سمعته فقد اوجعها ذلك كثيرا ان يكذب عليها و يجعلها تقع في حبه و بعد ذلك يختفي دون ان يخبرها بشيء جاعلا اياها معلقة تفكر بأي ذنب فعلته ليتركها هكذا دون ان يتكلم معها هل اخذ مأربه منها ثم تركها تتألم بحسرة سمعت طرقا بالباب و صوته ينادي عليها بقيت بمكانه تغلق اذانها بالوسادة كي لا تسمع صوته
خرجت الجدة له توقفه عن الصراخ فاقترب منها و مسك كتفيها بهدوء
- " سيدة بريستون اريد ان اتحدث مع كايت اين هي ؟"
لم ترها جدتها تدخل المنزل فأشارت بيدها انها لا تعلم اين هي فهي ليست بالمنزل على اعتقادها
ضرب على رجله تاركا السيدة لحالها ثم ركض باتجاه البحيرة كان ينادي باسمها و رأته من خلال نافذتها يبتعد عندها نزلت الى جدتها التي ارتعبت ما ان رأت كحلها الاسود قد ساح على وجنتيها و عينيها مورتمين بفعل البكاء ضمتها و هي تهزها و تأشر بيدها أي ( ما بك ؟ )
هزتها اكثر كي تجيبها كايت فقالت بصوت بالكاد فهمت منه
- " لقد خدعني .. لا تدعيه يدخل هنا جدتي لا اريد رؤيته "
اومات جدتها و هي تمسح على رأسها تهدأها ثم صعدت معها الى حجرتها و استلقت معها فوق الفراش واضعة راسها على صدرها نامت بعد البكاء المرير..
بينما اليكس ظل يبحث عنها حتى في الميناء و بالمدينة بين المقاهي و المطاعم لم يجد لها اثرا و اظلمت السماء كما اظلم قلبه رجع ادراجه الى المنزل و هب داخل المنزل بغضب ينظر الى تلك المرأة ( زوجته ) التي وقفت تنظر اليه باستهزاء
- " لم تجد الحبيبة الضائعة اليس كذلك ؟ "
كاد ان يصفعها لكنه تمالك نفسه فابتعد عنها ليدخل المكتب وضع رأسه بيد يديه يفكر بكايت التي كذب عليها و الحق بها الاذى دون قصد منه فهو لم يشأ للامور ان تحدث هكذا اخذ يتمتم و يضرب رأسه بكفه
- " يا لك من غبي .. يا لك من غبي .."
ترك تلك الحسناء تضيع من يديه و تذهب و هي متالمة متكسرة و هو السبب لو يستطيع ان يجدها كي يشرح لها و يبرر موقفه لها لقد اخطأ لكنها سبقت الامور دون ان تتفهم ..
ذهبت زوجته تاركة المنزل عندها خرج اليكس متجها الى منزل السيدة بريستون ذو الانوار المطفاة اراد ان يطرق الباب لكنه خشي ان يوقظ السيدة العجوز فالوقت قد تعدى موعد النوم اذن لابد ان كايت بالمنزل فجدتها لا تنام اذ لم تطمان عليها اخذ حصى صغيرة و ضرب بها نافذة غرفتها لكنها لم تفتح كرر المحاولة و نفس النتيجة كررها فأحس بضوء المصباح يفتح ابتهج قليلا فوقف ينظر راى ظلها من وراء الستائر ثم اختفت و اغلقت الضوء مرة اخرى شعر بخيبة امل حادة ضربت حنجرته بغصة حاول مرة اخرى بالقاء حجر صغير على النافذة لكن باءت بالفشل فقرر ترك المكان و العودة الى المنزل .. لم ينم هذه الليلة بل كان يفكر بكايت المتألمة.. النوم سلطان كما يقولون فغالبه النعاس و غط بنوم عميق بملابسه و حذائة ..
فز من نومه ينظر الى الساعة بمعصمه التي تشير الى الحادية عشر صباحا خرج من حجرته بسرعة فتح الباب و ركضا الى منزل السيدة بريستون ضرب الباب مرة و مرتين لكن لا احد يجيب بعدها ركض اتجاه باب المطبخ و فعل المثل لكن ما من مجيب جلس على العتبة ينظر الى الفارغ امامه و الى حياته التي انقلبت رأسا على عقب وقف مجددا يدق الباب بقوة هذه المرة و يصيح
- " كايت .. كايت .. اعطني فرصة ارجوك .. كايت .. افتحي الباب ..دعينا نتحدث .. كايت "
و ظل هكذا لمدة يصيح باسمها لكن لا حياة لمن تنادي ظل جالسا بمكانه عند باب المنزل لساعتين و لا احد خرج او دخل .. الى اين ذهبتا ؟ حاول فتح الباب للمرة الاخير لكنه كان مقفل و كذلك الباب الخلفي حاول بالنوافذ كلها لكن دون فائدة تهالك على الارض و هذه المرة بكى كالطفل الصغير الذي يحتاج الى صدر امه لتضمه و تخبره بان كل شيء على ما يرام .. لم يبك بتلك الطريقة منذ ان فتره لكن القهر استطاع ان يغلبه و يجعل عيناه تزخ دموعا بغزارة ...
و في تلك الاثناء كانت كايت بالمطار تدخل حقائبها فلقد ابكرت طائرتها مودعة جدتها و ليلي و سكوت الذين اصطحباها الى هناك بكت و هي تضم جدتها و تقبلها كانها لن تراها الى الابد و همست بأذنها
- " اراك جدتي قريبا .. ساتصل بك "
ضمت ليلي ة دموعها تغالبها
- " سأشتاق لك يا عزيزتي .. اعتني بنفسك و لا تتضايقي يا كايت فالامور يجب ان تأخذ مجراها "
- " سأحاول ان انسى يا ليلي قدر الامكان ... احبك .. اعتني بجدتي "
- " سأفعل .."
دخلت كايت بين الحواجز الى نقطة الجوازات فاستدار سكوت و ليلي يخرجون و اخذا جدتهما معهما الى بولدر لتقضي فترة ثم تعود مرة اخرى متى ما انهت ليلي دراستها لتعود معها الى اوتاوا ...
فتحت النافذة لتلقي نظرة اخيرة على كنساس (اوتاوا) و المكان الذي قضت فيه اجمل مراحل حياتها و في كل مرة تترك ذكرى لشيء و ترحل و هذا هو الواقع الذي تعيشه لكن هذه المرة الوداع اصعب من ما تصورت ليتها بقيت في حجرتها توضب حقيبتها بدل من ان تدخل لتجده شخصا اخر شخص لم تألفه من قبل لماذا خدعها ؟ اكل الرجال هكذا ما ان يصلون الى الهدف ؟!بل ليتها لم تلتقيه او تقابله لتقع بحبه ثم تذهب مجروحة لم يجب على كل شيء سعيد ان ينتهي بنهاية مأساوية و الان ماذا ؟ ستمضي و جرحها الى موطنها و لن تعود ..
- " الوداع .. اوتاوا.. الوداع اليكس"
اسندت رأسها و اغمضت عينيها لترى صورته تتحرك برأسها مرة يضحك و مرة يبتسم و مرة يقبلها و مرة تراه بلباس رسمي مع امراة غيرها ..