كاتب الموضوع :
فراولة2008
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
هذي الرواية كاملة من غير تجزئة لتسهيل الحفظ والقراءة لاني اتوقع الرابط اللي حطيته خطأ
رواية قيد الرمال من روايات أحلام 113
الملخص:
أنها ذاهبة إلى مصر!إنها ذاهبة لرؤية الأهرامات !وتغلب شعور بالبهجة على سيليا فلم تفكر في ما عدا هذا ....
ولكن كل ما رأته فعلاً في مصر هو موري بروكس وممنوع عليها أن ترى شيئا أو تفكر في شيء آخر ...هل
تستطيع أن تحتج!أن تطالب بحقوقها !هذا مستحيل فموري يريدها أداة عمل فقط وحذار يا سيليا أن تقرري
أن تكوني أنت أمامه !حذار أن تخونك عواطفك!
فراولة2008
أبدأ باسم الله
1ـ مشكلة في القاهرة
اعترفت سيل لنفسها أنها لا تشعر برغبة في الخروج مساء ذلك الاثنين...ولم تكن قادرة أن تقول لماذا لم يرق لها فريق بيكون المسرحي مساء تلك الليلة من أيام شباط ..فصب لنفسها ثاني فنجان قهوة ..وهي لا تعتقد أن للطقس الكئيب القاتم علاقة بما تشعر.
احتست القهوة بصمت .وبعد دقائق حملت أطباقها المتسخة من غرفة الطعام إلى المطبخ الأنيق العاجي اللون الذي يتخلله اللون الأخضر الشاحب وكانت تعرف أنها ستخرج لأنها غير معتادة على خذلان احد ..فصديقتها بحاجة إلى من يرفع معنوياتها بعد ابتلائها بليستر آثمور .
بدأت سيل بغسيل الصحون وهي تفكر في أن ليستر لم يطلب من باتي حتى الآن الخروج معه .ولكن زياراته المتكررة لفريق بيكون المسرحي وهو فرع من نادي بيكون الرياضي الاجتماعي تعطي ثمارها ..وهي واثقة أنها لمحت بريق الاهتمام في عيني ليستر في أثناء التجارب ..يعمل ثلاثتهم في شركة بيكون للنفط في لندن هي وباتي في قسم السكرتارية إما ليستر فيعمل في شؤون الموظفين .
فكرت في يوم الجمعة الماضي فوجدت انها تشعر بما تشعر به اليوم ولعلها بدأت تشعر بحاجة إلى ما هو أكثر إثارة من وظيفتها الحالية فقد أدركت أنها كانت غير مازحة عندما سألت ليستر عما إذا كانت دائرته قد تلقت علما باب وظيفة مثيرة الاهتمام شاغرة في قسم السكرتارية وقد سألها يوماك:
أتجدين دائرة الحسابات مملة ؟
أجابت:
لها مميزاتها لكنا لم تعد تثير التحدي
قال ليستر:ليس هناك الآن ما هو أكثر بعثا للتحدي من الانتقال إلى دائرة النفقات
ـ أظن من الأفضل لي البقاء في مكاني إنا ..فلا أرى أن النفقات تختلف عن الحسابات فراولة2008
تركت مطبخها الأنيق المرتب وتأهبت للذهاب إلى منزل باتي.أنها تعرفها منذ 3سنوات أو بالأحرى منذ وضعت قدمها على أول درجة في عالم السكرتاريا في شركة بيكون للبترول وكانت يوماك في العشرين من عمرها.
حاولت لترفع من معنوياتها المحبطة أن تعدد النعم التي تتنعم بها.. لديها وظيفة جيدة بل جيدة جدا نعم لقد عملت جاهدة لتنجح وكان إن كوفئت على إخلاصها بالترقية عدة مرات في سنوات عملها الثلاث في شركة بيكون للنفط ..وها هي الآن تعمل عند السيد روبرتس رئيس دائرة المحاسبة .
كانت السرية جزءا من عملها وهذا ما وسع من قدراتها ..لكن بعد العمل مع السيد روبرتس مدة سنة باتت لا تشعر بان قدراتها تتقدم .
غادرت شقتها وهي تقول لنفسها أن عليها ألا تصاب باليأس وان تحافظ على قناعتها فأجرها جيد بالنسبة لعملها ..فالراتب المرتفع الذي تدفعه لهل الشركة مكنها من شراء شقة صغيرة أنيقة وسيارة مقبولة.
كنت وباتي تتبادلان الأدوار في استخدام سيارتيهما وفيما كانت سيل تقود سيارتها إلى منزل صديقتها حاولت إقناع نفسها بأن طقس شباط هو الذي يجعلها تحس بعدم الاستقرار ..وربما كان الجميع بما تشعر به.
كانت سيل قد انضمت إلى الفريق المسرحي بسبب إلحاح باتي ولكنها تدرك أنها غير قديرة في التمثيل وهذا ما جعلها تكتفي بالجلوس لتخيط الثياب أو لتقوم بأي شيء آخر أما باتي وسائر الفريق فكانوا ينكبون على تمارينهم
عندما دخلت الصديقتان إلى القاعة صاحت باتي صيحة مكتومة ملؤها خيبة الأمل:انه ليس هنا !
فأسرعت سيل تحاول إبهاج باتي :
ـ ربما كان في الخلف في مكان ما
لكن سيل نفسها لم تكن ترى شيئا في ليستر آثمور.أخذت باتي تنظر إلى باب خارجي آخر وكأنها تأمل أن يدخل ليستر منه: أراهن أنه غير موجود هنا.
تبين فعلا أنه غير موجود وبعد مضي نصف ساعة من التمرين وفيما سيل تلقن باتي الكلمات التي نسيها رفعت رأسها فرأت أن باتي لم تنس في الواقع بل وصول ليستر هو الذي انتزع الكلام من رأسها
قال بصوت طنان معتذرا :
ـ آسف على تأخري ..تأخرت في العمل.
علق رجل بالقرب من سيل تعرفه باسم جيري:
ـ ألسنا نحن من ينشغل دائما!
مع أنها اضطرت إلى إخفاء ابتسامتها لم تستطع سوى الموافقة على الكلام فعلى الرغم من أنهم يعملون جميعا في المؤسسة صور ليستر الأمر وكأن وظيفة أهم من وظيفة أي واحد منهم.
عندما أعلن المخرج استراحة وأخذ بالتداول مع باتي ومجموعة أخرى تقدم ليستر إلى سيل فابتعد جيري عنها لاحظت سيل نظرة الاهتمام التي صوبها ليستر إليها .. ولكنها عرفت أنه يحاول التظاهر عندما قال لها:
ـ آه.. سيليا أما زلت تبحثين عن رأيها ثم عادت وترددت .. فقد لاحظت أنه ناداها باسم سيليا لا سيل وهو ما يناديها به الجميع فأدركت أنه ألقى نظرة على ملفها الشخصي ..ترى ألديه أسباب جوهرية تدفعه للتأكد من قدراتها ومن الاطلاع على سجلها الذي يضم عن عملها في السنوات 3 المنصرمة ؟
قالت بعدما وجدت أنه لا يتطرق إلى هذا الموضوع بغية التأثير فيها :
ـ هذا ممكن
ـ أنا واثق أنك ستهتمين حين أخبرك..
اتسعت عينا سيل وهي تصغي إليه وهو يقول لهل كيف وصلت رسالة بالتلكس في وقت متأخر من بعد الظهر من مكتب مؤسسة بيكون في القاهرة تفيد أن إحدى السكرتيرات الماهرات في الفرع ستعود إلى انكلترا وإنهم يطلبون سكرتيرة أخرى عندها المستوى ذاته لإرسالها فورا.
سرعان ما أصبح عقل سيل شبكة مشوشة من الأفكار ..لكن وبما إن أفضل رغبات قلبها كانت دائما رؤية أهرامات الجيزة التي تعرف أنها لا تبعد كثيرا عن القاهرة لم تستطع سوى إن تشهق:
ـ القاهرة !أتعرض علي وظيفة في القاهرة؟
سارع ليستر يقول:إنها وظيفة مؤقتة
ثم تابع يشرع لها أن مفاوضات دقيقة تجري في القاهرة بشأن عقد تكرير كمية من النفط الخام ..وتابع:
ـ أصيبت السكرتيرة المالية هناك ما ..وهذا يذكرني بان عليك التوجه إلى القسم الطبي غدا لتسالي عن اللقاحات التي ستحتاجين إليها قبل ...
أوقفته سيل قبل أن يتابع :
ـ مهلك لحظة !إلى متى هي مؤقتة؟ وماذا سأفعل فيما بعد؟ فراولة2008
فجأة خبا بعض انفعالها ..فمن الروعة أن يسافر المرء بسرعة إلى الشرق الأوسط لكن ماذا سيحدث لهل بعد انتهاء هذه المهمة المؤقتة؟ما زال عليها تسديد أقساط شقتها لذا لن تقبل بسرعة بدون التفكير في طريق تسديد هذه الإقساط الشهرية .
يبدو أن لدى ليستر ردا على كل السؤال.
ـ سيرحب السيد روبرتس بك بذراعين مفتوحين
وعاد شعور سيل بالبهجة يرتفع مجددا .
عادت إلى منزلها تلك الليلة وعقلها يدور بالأسئلة والردود التي جرت بينها وبين ليستر ودخلت إلى شقتها حيث راحت تعيد التفكير في كل شيء ؟
العقد الذي تكلم عنه ليستر موافق عليه تقريبا لان أقامتها في القاهرة ستكون شهرا ونيف. وهذا الأمر كما فكرت فيه و هي تدخل إلى مطبخها لتعد لنفسها شرابا ساخنا هو أفضل ما يمكن التوصل إليه من وجهة نظر رئيسها السيد روبرتس الذي لن يسمح لها بالذهاب ...ولكن ربما لن يعترض كثيرا أن كانت المدة التي ستتغيبها شهرا.. وهذا غياب لا يتعدى زمن عطلتها السنوية.
ولكن عليها ألا تفكر في هذه الوظيفة وكأنها عطلة لأنها اضطرت إلى إنفاق مدخراتها لتأثيث الشقة وأصبحت العطلة في خبر كان .أبعدت أفكارها عما له علاقة بالعطلات ولو من بعيد .
كانت غير متأكدة أن لليستر القدرة على إن يعرض عليها وظيفة مؤقتة في القاهرة فهو لا يملك مركزا عاليا في دائرة شؤون الموظفين ..لكن أقلقتها حتى اضطرت إلى التساؤل بلباقة :
ـ أيعرف السيد تراير أنك تعرض علي هذه...
أدركت أنها لم تكن لبقة لأن ليستر رد مدافعا عن وقاره وقاطعها :
ـ يستمع السيد تراير بأشعة الشمس في مكان ما في الهند.. وفي غيابه بت المسئول عن المكتب .
ـ أهو في إجازة ؟
ووجدت أنها شغلته عن كرامته المهانة حين أجاب إن رئيسه يبتعد دائما عن شواطئ انكلترا عن شهر شباط ثم يقول إن عليها معها غدا جواز السفر ليحصلوا لها على إذن الدخول إلى مصر .
ذهبت سيل إلى النوم وهي تحاول كبت إثارتها ..فلقد طلب منها ليستر إلا تذكر شيئا للسيد روبرتس حتى يتصل بها غدا .. وهذه ما جعلها تتساءل مجددا عما إذا كان متأكدا بمقدار ما أوحى إليها .تذكرت أنه قال بان التلكس وصل متأخرا بعد الظهر ولم تستطع إلا إن تفكر في إن مطالبتها بالتريث يعني اضطراره إلى إقناع شخص ما أولا في مكتبه بأنها الشخص المناسب لهذه المهمة..
فجأة شعرت أحست بالفخر بنفسها .. ولماذا لا تذهب ؟فشركة بيكون للبترول منتشرة في العالم كله.. وغالبا ما ترسل الموظفين والسكرتيرات في مهمات حول الأرض كلها ..مثل تلك السكرتيرة العائدة من القاهرة ..فلماذا لا تذهب هي ؟
احست بإثارة منعتها من إغماض عينيها ومرت سلسلة من الأفكار قبل أن تغفو. أخيرا تلبدت أفكارها بسبب النعاس.. بحصولها على الوظيفة بغية التأثير في باتي بقوة أو لأنه يريد التفريق بينها وبين باتي فهما يفعلان كل شيء معا ؟أتراه ملهوفا لتنحيتها عن الدرب ليخلو له الجو مع باتي ؟
طرأت على بالها الفكرة ذاتها في الصباح وهي قاعدة في المكتب . كانت من خلال نظرات ليستر إلى باتي من انه مهتم بصديقتها ولكن من الغريب إلا يقدم رجل له تباهيه على الطلب من باتي الخروج معه .
ـ صباح الخير سيل
حياها السيد روبرتس المديد القامة المعقوف الأنف الأبوي الوجه فشعرت سيل فجأة بالذنب يغمرها ..
ردت: صباح الخير سيد روبرتس
أرادت إن تخبره بنقاشها مع ليستر ليلة أمس ولكنها تذكرت ماطليه منها .
بعد ساعة ظنت أنها أحسنت صنيعا لأنها لم تخبر السيد روبرتس بشيء .. فعلى ما يبدو انه ليس هناك ما تخبره به. وبدأت تدرك إن الوظيفة المؤقتة قد تحولت إلى سكرتيرة أخرى فانزعجت .. أنها مؤهلة كالكثيرات ولا بد أنها من أفضل السكرتيرات .. وإلا لماذا عهدوا إليها بهذه الوظيفة التي تقوم بمهماتها ؟
بعد دقيقة رن جرس هاتفها وقال ليستر :
ـ من الأفضل إن تحاولي الحصول على إذن دخول
ـ أتعني .. أني ذاهبة
رد متباهيا :ألم أعدك بها ؟
لكن سيل ساعتئذ باتت غير مهتمة بتباهيه فهي ذاهبة ..إلى مصر !أنها ذاهبة .. لترى الأهرامات
لكن السفر لم يكن بالسرعة التي كانت المطلوبة.فقد كان عليها عدا إذن الدخول والرسميات الأخرى اخذ اللقاحات التي نصحوها بها
لكن شخصا في شؤون الموظفين اخبر السيد روبرتس بان سكرتيرته توشك إن تسافر في مهمة إلى مصر .وعلى ما يبدو إن الاتصال تم في ما كانت تتكلم مع ليستر . لكن رئيسها لم يبد مستاء عندما دخل إلى مكتبها ووجدها تعيد السماعة إلى مكانها
ـ ما هذا الذي سمعته عن سفرك إلى القاهرة في مهمة ذات أهمية قصوى ؟
سألته بهدوء: ألديك اعتراض؟
رد ساخطا:اجل ولكنني لن اعترض لان المهمة مؤقتة
ـ سأعود قبل إن تلاحظ غيابي
قامت بكل الترتيبات اللازمة لتحل محلها سكرتيرة أخرى وبترتيبات السفر وما هو إلا أسبوع حتى كانت جاهزة .أمضت سيل عطلة الأسبوع مع والديها في منزلهما الكائن في ايستبورن ثم عادت إدراجها إلى لندن بعد غداء يوم الأحد لتضع في الحقائب كل ما جهزته في أمسيات الأسبوع
لم تفارقها الإثارة قط حتى بعدما حطت الطائرة في مطار القاهرة بعد الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر الاثنين وما إن استلمت حقائبها ومرت بدائرة الجوازات حتى كانت الساعة تقارب الخامسة أخذت سيل تفتش عن الشخص الذي أرسل لملاقاتها فراولة2008
مضت فترة لم تتعد الدقائق خلت فيها منطقة الانتظار من المنتظرين ففهمت إن من أرسل إلى ملاقاتها تأخر بعد مرور 15 دقيقة وجدت أنها إمام معضلة ماذا لو نسي الشخص المكلف باستقبالها أمرها أو وقعت له حادثة ؟الساعة ألان الخامسة ولا تعرف إن كان المكتب في القاهرة يعمل من 9 حتى 5 يوميا .. رأت أن من الأفضل إن تتصل بطرقة ما بمكاتب الشركة
لم تجد صعوبة في إيجاد تاكسي حتى خرجت من المطار ولكنها وجدت صعوبة في إبعاد عيني سائق التاكسي عن شعرها الأشقر الطويل
سالت وهي تأمل إن يفهم الانكليزية :
ـ أيمكنك إن تقلني إلى شركة بيكون للنفط في القاهرة ؟
من حسن حظها ان يتكلم الانكليزية وليس هذا فحسب بل عرف فورا أين تقع مكاتب شركة بيكون للنفط وضع السائق حقائبها في صندوق السيارة بسرعة وانطلق وسيل كلها أمل إلا تجد المكاتب مقفلة إن ساءت الأمور بإمكانها المبيت ليلة في فندق .. لكنها أملت إلا يبلغ الأمر إلى هذا الحد وأغلقت عينها عن التفكير في إن يكون شهر شباط هو ذروة الوسم السياحي وان تكون كل الفنادق محجوزة
بعدما توقفت عن التفكير عن المشكلة راحت تنظر إلى الشوارع المزدحمة الذي اقل ما يصفه المرء بالرهيب . السير في مصر هو إلى جهة اليمين عكس انكلترا ولكن السيارات كانت تتجه إلى اقل شق صغير للمرور .بلغ قلبها حنجرتها حين بدا إن السائق اتجه بسيارته نحو رجل جالس على حمار لم يصب بأي أذى والتفتت لتنظر إلى الخلف فشاهدت انه كان غافلا عما حوله
نسيت كل شيء وهي تنظر للإمام مجددا لاحظت إن التاكسي يبطئ المسير وتنفست الصعداء عندما توقف السائق أخيرا إمام مبنى أنيق زجاجي الواجهة .نظرت من النافذة فقرات لوحة مدون عليها بيكون للنفط .ارتدت إلى السائق تطلب منه انتظارها ريثما تتحقق من المكاتب .
لكن السائق كان إن خرج من السيارة ودار حول السيارة ليخرج حقائبها فغادرت السيارة بسرعة واتجهت نحو أبواب الشركة استجابت الأبواب لحسن الحظ فدخلت وسائق التاكسي يلحق بها
ما إن وصلت إلى داخل المبنى حتى رأت رجلا في أواخر 20 من عمره فسألته : أتتكلم الانكليزية ؟
رد بلكنة لندنية صرفة : معظم الأوقات ...من أنت؟
ـ إنا السكرتيرة البديلة من لندل وصلت للتو من المطار
رأت رغم ذهوله الشديد انه استطاع استعادة وعيه بسرعة ..تناول حقائبها من السائق وجرى بينهما جدال بالعربية وقبل إن تعرف شيئا نقده ثمن أجرة التاكسي وابعد السائق .
ارتد إليها يقول:
ـ القعدة رقم واحد : لا تدفعي المبلغ الأول الذي يطلبونه في الواقع كان عليك الاتفاق على الأجرة قبل دخولك التاكسي
ـ كم أدين لق ؟
ـ انسي الأمر سأضيف المبلغ إلى النفقات العامة .. اسمي إيفان جونز ومد يده إليها
ـ سيل سوفتنغ. لم ادر ما افعل حين وجدتني بفردي في المطار..
صمتت لدى انفتاح باب يصل إلى مكتب داخلي وخروج رجل في مثل عمر إيفان الواضح انه خرج عندما سمع الأصوات .
قال إيفان بلهجة تنم عن دهشة لوجودها أصلا :
ـ انظر ماذا لدينا هنا !هذه سيل من مكتب بيكون من لندن .. سيل هذا مدير مكتب بيكون في القاهرة اليكس بايرد .
قال اليكس وهو يمد يده أيضا :
ـ تشرفت بمعرفتك سيل
ـ ألم تتوقعوا وصولي ؟
رد اليكس:انتظرنا في الأسبوع الماضي بديلة .كان على فرع لندن إن يعلمنا .. ولكنك هنا الآن وأهلا بك .. متى تناولت طعاما ؟
لم تتوقع سؤالا كهذا ولكن بسبب خمود خمود الاثارة التي اختبرتها ساعات انها جائعة .
تناولت وجبة في الطائرة .
ـ أي منذ ساعات ..كنت إنا وايفا على وشك تناول الطعام .. اتركي حقائبك هنا
نظر إلى ساعته وقال لايفا :
ـ لن يكون هنا قبل ساعتين .. ومن الأفضل إن نذهب الآن
كان الثلاثة جالسين في مقهى فندق وسيل منكبه على طبق عجت بالجبن حين علمت المزيد عمن يتوقعون وصوله بعد ساعتين.
لم تكن على علم بالمكان الذي ستلقي رأسها عليه تلك الليلة ولكنها على أي حال في صحبة رجلين من مواطنيها وهما يعرفان القاهرة جيدا فقد أمطراها بملاحظات عما عليها إن تفعله أو لا تفعله مثلا قالا لها انه في الوقت الذي يجب ألا تحاول الحصول على تخفيض للسعر من المحلات الكبرى من الضروري الجدال في الأسواق الشعبية ... والأكثر إن ما يفسد متعة تجار الأسواق لا ليدخل الزبون معهم في لعبة التفاوض والجدال فراولة2008
على أي حال لم تعد مسالة المكان الذي تبيت فيه الليلة امرأ مهما بعدما عرفت إن اليكس هو الشخص الذي يدير المفاوضات بشان عقد تكرير النفط الخام لذا لا شك أنها ستعمل معه .
كانت تهم بطرح سؤال عليه عن الجرثومة التي أصيبت بها سكرتيرته السابقة فدفعتها للعودة إلى البلاد ولكن إيفان قال فجأة إن وصولها اليوم توقيت جيد فاليوم أفضل من الغد
فسالت:
ـ لماذا بالتحديد؟
ـ لأننا نقفل في الخامسة ونترك العمل اليومي
ـ وهل من سبب جعلكما لا تغادران اليوم في الخامسة
ـ صحيح ...اتصل موري بروكس قبل وصولك مباشرة ...
ـ موري بروكس ؟
كان الاسم كالأسطورة في شركة بيكون في لندن صحيح انها لم تقابله أبدا ولكنها تعرف اسمه جيدا ..فهو إضافة إلى مركزه في مجلس الإدارة (حلال المشاكل)في الشركة أينما وجدت في العالم ..سالت وهي تشعر بالإثارة مرة أخرى:
ـوهل موري بروكس هنا .. في مصر ؟
ازدادت إثارتها حين سمعت رد اليكس
ـ ليس في مصر وحسب بل في طريقه إلى القاهرة في هذه اللحظات .
ـ من أين هو آت ؟
ـ من الإسكندرية
وعرفت الآن إن سبب وجود اليكس وايفا في الشركة هو اتصال موري بروكس الذي هو في طريقه ليوقع أوراقا ليجهزاها له
عادت برفقتهما إلى المكتب ..في ذلك الوقت كان نور النهار قد ولى وبدأت تشعر بأنها لن تعترض أبدا إن أعطاها احدهما ولو تلميحا عن المكان الذي ستخلع فيه حذاءها تلك الليلة .. لكنها قررت إلا تسال فمن الواضح إن اليكس وايفا متوتران بسبب زيارة السيد بروكس .
كانت الساعة تقارب الثامنة عندما قال اليكس الواقف قرب النافذة :
ـ انه هنا
هب إيفان واقفا فانتقلت العدوى إليها لأنها ما إن انفتح الباب الخارجي حتى هبت واقفة.اعترفت لنفسها أنها كانت منفعلة بسبب فكرة اللقاء بالسيد موري الذي طالما سمعت به.
بعد دخول الرجل المديد القامة العريض المنكبين الأشقر الشقر إلى الغرفة لم تعد سيل واثقة من أحاسيسها فقد بدا لها موري في 37 حوله حاله من المعرفة والسيطرة على كل شيء إما عيناه الرماديتان فلا تفوتان شيئا أبدا .
دخل وحقيبة أوراقه في يده .احني رأسه للرجلين ثم ركز عينيه الحادتين على عينيها البنيتين الواسعتين وقال ببرود:من أنت ؟
لم تكن سيل معتادة على إن يكلمها احد بهذه الطريقة لكنها لم تجتز هذه المسافة كلها لتتجادل مع احد أعضاء مجلس الإدارة .. فكان أن جمعت شتات نفسها كي لا تتأثر بسرعة وقالت بصوت واضحة النبرات :
ـ اسمي سيليا سوفتنغ .. أنا بديلة السكرتيرة التي عادت إلى انكلترا في الأسبوع الماضي
قاطعها بفظاظة :أتقولين إنهم غضوا النظر عن تعليماتي وأرسلوك بديلة عن ديان ماكفرسون ؟
ـ أعتقد أن هذا ما فعلوه
لكن هذا لم يكن ما اعتقدته فما أن رنت كلمته (تعليماتي )في أذنها حتى تلاشت بسرعة كل الإثارة التي شعرت بها نحوه .. إذ أنها علمت أنها اخط الظن عندما اعتقدت أنها ستعمل مع اليكس بايرد فجأة تلقت ذبذبات مؤكدة بأنه سكون رئيسها المؤقت .
فيما كانت عيناه الحادتان تحدقان إليها شعرت إن وظيفتها المؤقتة لت تدوم أبدا لأنها وهي تنظر إليه قرأت الدلائل بشكل صحيح فان موري سرعان ما سيأمرها بالعودة إلى انكلترا على متن الطائرة القادمة !
2ـ لا أريدك أنثى
لم تعرف كم من الوقت ظل موري وسيل يتبادلان النظرات الحدة فقد كانت ساخطة منه مرتبكة من تصرفه ومن كونه الرجل الذي أرسلت إلى مصر للعمل معه حتى إن هناك من يراقبهما .
لكن موري لم ناسيا .. فمع أنها كانت تتابع التحديق إلى عينيه الباردتين الفولاذيتين نقل بصره إلى الشاهدين الآخرين ثم أمرها بفظاظة :
ـ الحقي بي .
ارتد على عقبيه دون ان يستأذن من مدير فرع القاهرة ودون التأكد من أنها تلحقه ودخل إلى مكتب اليكس .
أقفلت سيل الباب خلفهما ان كان لديه ما يقوله من كلمات فظة فهي تفضل الا يسمعها احد.
صاح قبل ان تترك أصابعها الباب :
ـ من عينك لهذه الوظيفة؟
ـ ليستر... ليستر آثمور .من شؤون الموظفين انه يعمل هناك
أملت أن تبدو الأمور أفضل حالا ولكنها اكتشفت أنها جعلتها أسوء بكثير ..إذ سألها بلهجة اتهام :
ـ هل هذا الآثمور صديق لك؟
أحست سيل للمرة الأولى بأنها حشرت في الزاوية ولم يعجبها هذا الإحساس
ـ أجل ..ولكنني حصلت على العمل بجدارتي وليس بواسطة شبكة الصداقات
ـ هل أنت واثقة من هذا ؟
ترددت سيل قليلا .. ولكنها أدركت أن الرجل الحاد العينين الذي تقف أمامه قد لاحظت ذلك التردد..
ـ اجل .. كل الثقة
ـ لقد استدعيت إلى قسم شؤون الموظفين أليس ذلك؟
أدركت سيل ان امامها رجل ينتزع الحقيقة من أي كان اراد الكشف عن الظروف ام لم يرد ..فسألت:
ـ وهل هذا مهم ؟ اخبر ليستر آثمور عن هذه الوظيفة الشاغرة تلك الليلة لاننا كنا معا بعد التلكس الذي وصل ولكنني أعمل في شركة بيكون منذ ثلاث سنوات . ولاشك أنه قرأ ملفي الشخصي ورأى .. كفؤة ومؤهلة لهذه الوظيفة
ظل موري ينظر اليها مدة ثانيتين ببرود ثم هز جسمه قليلا وسالها مجددا :
ـ هل تشمل كفاءتك الفائقة الطلاقة في اللغة العربية ؟
ـ أنا ..لا لم يقل لي ليستر..
عرفت انها ستعود سريعا الى انكلترا .. وأنها بقولها هذا لا تسدي لليستر خدمة.
ـ لم أعرف انك تطلب سكرتيرة تجيد اللغة العربية
ولكنها بدأت تحس بالسخط ..ففي الوقت المحدود المتوفر كان من الصعب جدا ان يجد ليستر سكرتيرة تتقن العربية .
قال موري وشظايا الثلج تومض في عينيه:
ـ الواضح انه لم يخبرك كذلك انني طلبت رجلا من أجل المهمة !
ردت: لاشك انه الامر التبس عليه بسبب التلكس .. مع انني أظن أن علي أن أشير في حال مرور زمن طويل على غيابك عن بريطانيا ان هناك شيئا اسمه المساواه بين الجنسين ساري المفعول الآن في بلادنا وليس من..
وهذا كل ما استطاعت ان تقول لان رئيس مفاوضي الشركة قاطعها:
ـ تبا لهذه المساواة ! فراولة2008
ـ فجأة أغضبها أن يصيح بها هكذا شخص ما فردت بحدة:
ـ وهذا أمر مثالي من رجل مثلك !
ـ انت لا تعرفين شيئا عن رجل مثلي !ولن تعرفي!
ـ ولا أريد ان اعرف
في كلماته تأكيد انها لن تبقى هنا فشعرت بغضب لم يسبق ان شعرت بمثله واردفت بحرارة:
ـ لا استغرب ان تعود ديان ماكفرسون الى بلادها مريضة العجب الوحيد ..
قاطعها بصوت عاصف : اعلمي ان ديان ماكفرسون لم ترجع الى انكلترا بسبب المرض بل لانني طردتها حين أظهرت أنوثتها وتركت مشاعرها تقف في وجه عملها
وقفت سيل مصدومة دهشة :
ـانت ارسلتها الى بلادها ؟ انت طردته؟
لرد بفظاظة:هذا ما قلته
لم تستطع تصديق ما سمعت:
ـ بسبب عواطفها؟
ـ لقد استدعيت الى هنا بعدما تعثرت المفاوضات مع شركة اوزوريس وجئت للعمل وجاءت هي من اجل العمل ايضا ..العمل الذي اتولاه متع بما فيه الكفاية هذا دون اضطراري الى التعامل مع انثى تعمل هرموناتها بشكل زائد
صاحت تكرر مذهولة : تعمل هرموناتها بشكل زائد
قال بقسوة : لا ادري كيف تصفين المراة التي تاخذ على عاتقها اعلان حبها الذي لا يموت ؟
اتسعت عيناها في وجهها وسالت باسى :لك انت ديان قالت لك انها تحبك؟
ـ اذا كنت سكرتيرة امينة لن تكرري ما سمعته خارج هذه الغرفة
ـ وكانني سوف ...
صمتت هل تتصور ما رات اهناك اشارة الى انه قد يسمح لها بالبقاء لاتمام العمل الذي ارسلت من اجله؟
لم ينتظر حتى تتم جملتها بل حتى هدد:
ـ من الافضل لك الا تفعلي ! وان كنت بتحسين مستقبلك في الشركة فعليك الا تتركي هرموناتك تخرج عن سيطرتك وانت تعملي معي
ـ حسنا من الافضل لي....
ـ لدي متاعبي التي تكفيني في تسوية المصاعب التي يضعها بديع حسني يوميا في طريقي هذا دون اضطراري الى قضاء وقت اضافي لاعيد النظام الى موظفة تقرر ان تكون انثى امامي
لم تعرف سيل من هو بديع حسني ولكنها لم تكن مهتمة وقتئذ بمن هو فقد كانت تنظر الى موري بذهول كامل ..الرجل يرهق اعصابها هذا الرجل يحذرها من التفكير فيه على نحو رومانسي وهو فعلا يحذرها من هذا
قالت عندما استردت انفاسها :اؤكد لك سيد بروكس ..
ولكنها صمتت مجددا لقد عرفت انها باقية شرط ان تحسن التصرف تسارعت الى عقلها ذكرى رغبتها الشديدة في رؤية اهرامات الجيزة وسرت اثارة معهودة في نفسها وعرفت انها رغم اضطرارها للعمل لهذا الجلف الظالم ترغب في البقاء .
سال بقسوة :نعم؟
ذكرها تساؤله بانها لم تقل له ماذا تؤكد له فكررت :
ـ اؤكد ل كان النفط قد ينقلب الى الماء قبل ان تحتاج الى فرض قواعد السلوك علي في هذا المجال .
هل املت بهذا ان تصيبه ولو قليلا ..اذن اصيبت بخيبة املل انه لم يتاثر بل جرأ ومن ثم امرها :هه اخرجي وانتظري في المكتب الخارجي وقولي لبايرد أن يدخل
فكرت سيل هل سمع بكلمة ارجوك ؟لكنها قالت لاليكس : يود السيد بروك سان يراك
هرع اليكس الى مكتبه اما ايفان فقال بعد اقفال اليكس الباب وراءه:
ـ كان من المفترض بي ان اذكر ل كان السيد بروكس يريد رجلا ليحل مكان ديان ماكفرسون .
سرعان ماعادت سيل الى طبيعتها التي لا تتاثر :ليس الامر مهما لا اظن ان احدا كان يدرك ما هو طلب السيد بروكس.
قال ايفان شارحا : لقد طبعنا التلكس هنا
ابتسمت سيل :هكذا اذن .. هل من مكان استطيع فيه غسل يدي؟
بعد تهربها راجعت في فكرها المقابلة مع موري فازداد غضبها ان الطرد التعسفي من العمل طريقة خبيثة لفرض آداب السلوك على أي انسان كان ! مسكينة ديان ماكفرسون !
غادرت سيل غرفة الملابس بعدما قررت العمل الى درجة الانهيار لئلا يستطيع موري انتقاد عملها لاشك انه وافق على بقائها بسبب حاجته اليائسة الى السكرتيرة ومن المؤكد انه يبادلها الاحساس بالكراهية
فجأة خطر ببالها انه ليس بحاجة للاعجاب بها أليس كذلك ؟ في تلك اللحظة بالذات رسخ ببالها ان السبب الوحيد الذي جعله لا يامرها بالعودة حاجته اليها في مضمار عمله فانتظار سكرتير قد يستغرق اسبوعا آخر
في هذا الوقت ادركت سيل انها متعبة مرهقة وانها كانت شاكرة ايفان على الكرسي الذي قدمه لها اثناء انتظارها موري واليكس بايرد لينهيا عملها في المكتب الاخر
سالها ايفان بعفوية وهما منتظران :كيف كانت لندن حين غادرتها ؟
فكرت حزينة :لندن حاولت ان تتذكر لماذا كانت ملهوفة الى مغادرتها وتذكرت الاهرامات وابتسمت لايفان وهي تساله :منذمتى وانت بعيد عنها ؟
لم تسمع لرده لان الباب الداخلي انفتح وخرج موري وحقيبة اوراقه بيده . رات سيل نظره الحاد يتحول من ثغرها الملوي الى ايفان ثم اليها مجددا فعلمت من نظرته انها نالت نقطة سوداء اخرى .الاولى انها انثى والثانية لانه ظن انها تمضي الوقت بالعبث مع ايفان .
قال يامرها بصرامة :تعالي معي
اتجه الى الباب الخارجي بخطى ثابتة
تحرك اليكس وايفان بسرعة لاعطائها حقيبتها لكنها سبقتهما اليها في هذا الوقت كان موري قد خرج من الباب القت تحية عابرة على الرجلين لانه لم يتسن لها الوقت لتحييهما كما يجب
ـ اراكما كما يجب
نظرا الى الحقيبة ثم هرع ايفان ليفتح لها الباب ولحقت بالرجل الذي تكرهه فعلا بدل الاعجاب به.
بعد الدقيقة على لحاقها به احست بغضبها يغلي ويطفو الى السطح من جديد فتوقفت فجاة ورمت حقيبتها من يدها مقررة:تبا له هذا يكفي!
ولكن وقت هذا التحدي كان قصيرا ففي تلك اللحظة وصل الرجل الى سيارة سوداء انيقة وتوقف هو ايضا التقطت سيل حقيبتها مجددا وحتى وصلت اليه كان قد فتح الباب وارتد ليفتح الصندوق .
مد يده وتناول الحقيبة الثقيلة التي وضعها في المؤخرة وكانها لا تزن شيئا .
سالته بعدما اغلق الصندوق وتذكر شيئا من ادب الكياسة ليفتح لها الباب الاخر: الى اين نحن ذاهبان ؟
ـ الى الاسكندرية!
تركها تحدق اليه بذهول ولكنه عاد وارتد الى مقعد السائق. الاسكندرية!
جمعت نفسها قليلا وجلست في السيارة واغلقت الباب في هذا الوقت كان موري قد جلس وادار المحرك رات سيل ان الازدحام في الشارع مازال مجنونا مع ان الوقت تجاوز الثامنة .
انتظرت فقط ولاحظت انه يقود سيارته بين ذلك الكابوس من السيارات والابواق المرتبكة فكرت ان اسئلتها لن تؤثر في قدرته على القيادة فراولة2008
سالته ببرود:كم تبعد الاسكندرية؟
تنازل وادار راسه نحوها:حوالي 200 كم
200كم ابتلعت ريقها بصعوبة وكتمت صسحة تعجب لان هذا يعني ان الوصول قد يستغرق 4 ساعات.
ـ ظننت انني ساعمل في القاهرة
شخر موري وقال ساخرا:بدات تتذمرين
استطاعت السيطرة على نفسها ولكن ملاحظته تلك جعلتها تفكر في انها تفضل الموت على ان تمنح هذا الرجل المثير فرصة لانقادها ثانية من تستطيع ان تقع في حب رجل كهذا ؟ لاشك ان لدى ديان ضعف في عقلها
اخذت سيل ترغي وتزبد بصمت بسبب الرجل الذي قادها سوء طالعها الى الجلوس قربه. ثم خمد تدريجيا غضبها ... لاحظت انهما تركا القاهرة خلفهما وسارا بسرعة على الطريق الرئيسية وعادت الاثارة تتصاعد الى نفسها مجددا فابعدت مؤقتا أي تعب تحس به ..انها هنا ..في مصر حقا ولم تعد مهتمة بهذا الرجل الحقير الذي يقود سيارته انها ماهرة في عملها وسيرى ذلك بام عينه
لم تدر كيف تسلل موري مجددا الى افكارها ولكنها سرعان ما تحته بعيدا وركزت بصرها على سلسلة متعقبة من اللوحات الاعلانية الضخمة .
سرعان ما اصبح لانوار لوحة القيادة تاثير المنوم فيها اذ بدات تغمض عينيها تدريجيا فحاولت ان تبعد النوم عنها لكن التعب جمع قواه وفجاة خسرت المعركة
عندما استيقظت وجدت ان السيارة متوقفة ففتحت عينيها لما عادت الى كامل وعيها احست بالرعب لاكتشافها انها جنحت اثناء نومها وان راسها يستند براحة على كتف موري!
فكرت اعليها ان تعتذر لاستخدامها كتفه كوسادة ام تحجم عن ذلك وتساءلت نظرا لمعرفتها برأيه بديان عما اذا كان يظن ان عندها النوايا ذاتها .لملمت نفسها قطعة واحدة وقررت الا تعتذر
سالته بتحفظ: اين نحن؟
فقدت تقريبا كل تحفظها وكل آثار برودتها حين لرد عليها وهو يخرج من السيارة
ـ امام شقتي
خرجت من السيارة وانضمت اليه الى حيث كان يخرج حقيبتها وسالت :لماذا؟
قال بتحد:ماقصدك بهذا السؤال؟
لم ترد بل وقفت تحدق اليه فنظر اليهانظرة تثير التوتر ثم قال بصوت عدائي:
ـ الساعة الآن 11 وانا اعيش هنا ان تظنين انني سادور الاسكندرية بك بحثا عن مثل هذا الوقت من الليل فقد وقعت في خطا
سالت:أتقول انني ساقيم هنا ؟
لم يكن هناك مبرر للرد بسبب وجود حقيبتها في يده واقفاله لصندوق السيارة تقدمها الى البناء السكني ولكنها لم تشكرة فاقل ما قد يفعله هو ان يحمل حقيبتها لكنها كانت مسرورة لانه على ما يبدوفهم من كلامها انها تفضل الفندق على ضيافته.
لكن بدا ان من غير المعقول ان هذا القذر الذي يلقي تحية على حارس المبنى باللغة العربية قائلا: مساء الخير حسنين ينوي اختبارها . بطريقة ما سمعت نفسها تقول :هل هناك سيدة بركس؟
كانا قد وصلا الى منبسط الدرج في الطابق الاول وكان يدس مفتاحا في احد الابواب حين رد بعجرفة :
ـ لدي أم ....في انكلترا
تمتمت وهي تحس بوخز عجرفته عجرفته المتعالية :
ـ لن اسالك عن والدك !
فجاة طفح الكيل بها واحست انها متوترة توترا يجعلها لاتهتم بما اذا كان سمعها ام لم يسمعها
لكنه سمعها ولم تكن لتدهش ان سمعت ردا لاذعا مؤلما يرتد اليها بسبب ايحاءها بانها تشك في ان يكون له اب ابدا فجاة رات شفته تلتويان .. ولم تصدق انها اثارت روحه المرحة اذ سرعان ما عاد الى تجهمه وتلاشى المرح الذي بان
قال:قد اكون اسوأ مما تظنين آنسة سوفتنغ لذا لا تجربي حظك كثيرا
وفتح الباب ليدخلا الى الشقة فراولة2008
كانت واسعة فيها اثاث يدل على الترف كانت الشقة شقة رجل بكل ما للكلمة من معنى فلا اثر فيها للزهور او للمسة امراة احست احساسا بدائيا بانه لو كان متزوجا لفرض على زوجته مرافقته اينما حل .
سالت قبل ان تفكر:
ـ انت لسيت متزوجا ؟
وتمنت لو ادخرت انفاسها اذ قال بقسوة اصبحت تعرفها:
ـ فليهنأ بالك أنا لا اخلط ابدا عملي بهذا النوع من التسلية!
تسارعت عدة انواع من الردود الى شفتيها ولكنها كبحتها كلها في الوقت المناسب انها متعبة ولاشك انه متعب بعد قيادة السيارة مدة 8 ساعات من والى الاسكندرية .
عندما سمعته يقول انها غير مضطرة لاقفال باب غرفتها عليها تلك الليلة اثار هذا سؤالا آخر فسألته ببرود:هل لي غرفة نوم أذهب اليها ؟
ـ من الافضل لي ان اريك المكان
وتلقت رسالة ثانية مفادها انه لا يريد منها ان تقترب من غرفته في الليل بحثا عن الحمام
ربما انا مفرطة الحساسية هذا ما فكرت فيه وهو يريها المطبخ والغرف الاخرى ... كان المطبخ حسن منسجما مع سائر ارجاء الشقة . ولكنها عرفت بان الشقة قد تكون ملكا للشركة بدا له ان يسال عند انتهاء جولتهما في الشقة:
ـ هل انت جائعة؟
هزت راسها نفيا:
ـ أريد سريري فقط فانا مستيقظة منذ...
تلاشى صوتها بسبب نظرته الشرسة واقتنعت انه على وشك ان يرميها بقول مفاده : انقذيني من تذمر النساء فصرت على شفتيها وتقدمت لتحمل حقيبتها فسالها ساخرا:هل انت متعبة تعبا يجعلك لا تتمكنين من تحضير فراشك ؟
لما هزت راسها نفيا حمل اليها الشراشف واقتادها الى احدى الغرف ثم قال لها :عمت مساء
ردت سيل ببرود وسرعان ما اقفل الباب عليها يا له من متغطرس !
فتحت الشراشف التي اعطاها اياها انه غير متمدن !
بعدما حضرت الفراش دخلت الى الحمام عبر ممر في الخارج فغسلت وجهها ونظفت اسنانها وكم شعرت بالراحة لانها لم تقابل مضيفها فقد رات منه في يوم ما يكفيها العمر كله !
لقد حذرها من الاقتراب منه لقد حذرها فعلا وبدأت تحس بمزيد من الغضب قاومت لتبقى هادئة لئلا تخرج بحثا عنه لتقول له ماذا يمكنه ان يفعل بوظيفته !
بعدما استكان غضبها تذكرت تصميمها وعزمها على ان تريه مهارتها في العمل فهل ستهرع هاربة الى انكلترا عند اول حجر عثرة يواجهها ؟
لا ستبقى ولن تهرب مهما فعل موري تعلم انه لن يتوقف عن اهانتها ولكنها غير مستعدة للعودة على أي حال لا لن تعود قبل ان ترى الاهرامات
3ـ لا تساوي شيئا عنده
نامت نوما متصلا لم تستيقظ الا في صباح يوم الثلاثاء فتذكرت انها ليست في انكلتر بل في مصر ابتسمت مبتسمة ولكن ابتسامتها تلاشت حالما تذكرت رئيسها الذي ينوي طردهما بصفاقة ان وقعت في حبه.
انها هنا للعمل لا للاستلقاء في الفراش ولكنها تنمت لو تحل به مصيبة كالوقوع عن الدرج او كسر ساقه او ما شابه!كان موري يحتل حيزا كبيرا في راسها ولبرما هذا امر طبيعي دفعت الاغطية عنها ومدت يدها الى المبذل انها لا تسمع له حركه ولكن احساسها ينبئها بانه من الاشخاص الذين لا ينمون الا قليلا وثبت انها على حق في هذا فلقد اكتشفت ما ان غادرت فراشها وتوجهت الى الحمام بانه نهض وبدا الحركة في المنزل واستحم كذلك فعندما تقدمت الى باب الحمام تفتحه خرج مرتديا روبا وفيما تتامله ادركت انه يتاملها هو ايضا فتمتمت : صباح الخير
قال بفظاظة : استخدمي الماء الذي في الزجاجة لتنظيف اسنانك
ثم تجاوزها فدخلت الى الحمام اما هو فتوجه الى غرفته عندما مدت يدها لتفتح صنبور المياه رات يدها ترتجف من جراء مقابلتهما وهذا امر غريب لكنها غير معتادة على كره احد ما ان عادت الى غرفتها حتى ارتدت بسرعة بذلة عملية مؤلفة من قطعتين خفيفتين ووضعت بسرعة بعض المكياج على وجهها علمت انها لن تنام الليلة القادمة في هذه الشقة فرتبت السرير وطوت الشراشف ولم يبق امامها الا شد رباط حقيبتها الخروج لتعرف ماذا سيجري الآن
تركت حقيبتها في الوقت الحاضر واخذت حقيبة الكتف ثم خرجت تبحث عن موري الذي وجدته جالسا في المطبخ كان يرتدي بزة لا شائبة فيها وقميصا حريريا ابيض وربطة عنق حريرية لاحظت انه بهي الطلعة وانه قد بدا العمل فهو يراجع بعض الملاحظات المطبوعة التي يحملها باحدى يديه بينما اليد الاخرى تحمل فنجان قهوة .
رفع راسه وقال لها : في الابريق قهوة
بدا انه يستحسن ما ترتدي ثم قطب وعاد الى الصفحات المطبوعة قائلا : اصنعي لنفسك التوست
وجدت الخبز الذي وضعت منه قطعتين في الة التحميص ثم صبت لنفسها فنججان قهوة ساد الصمت في المطبخ وهي تمسح الخبز بالزبدة والمربى اكلت الخبز بصمت ولم تحاول ان تقاطع تركيزه
افرغ كوب قهوته ايضا وبدل الجلوس والنظر اليه جمعت الاطباق المتسخة وغسلتها ثم جففتها حينما التفتت اليه وجدت انه توقف عن دراسة الاوراق واخذ يراقبها !قالت باختصار :انا مرتبة بطبعي
رد بجفاء: انا مسرور بما اسمع
رفع حقيبة اورقه ودس فيها ما كان يدرسه من اوراق واقفلها ثم سالها : جاهزه ؟
عرفت سيل من لهجته ان حياتها لا تساوي شيئا عنده فاسرعت تتبعه عندما توقف فجاة عند الباب كادت تصطدم به نظر اليها نظرة فوقية وقال :لم انو تكوني ضيفة دائمة عندي
سالت مستغربة:ماذا؟
ـ حقيبتك ...آنسة سوفتنغ... حقيبتك!
امتقع وجهها وقد تذكرت حقيبتها فهرعت تجلبها وعلمت ان بشرة يديها ستصبح قاسية بعد العمل معه تمتمت ما ان عادت اليه : الحمد لله لان الامر لن يتعدى الشهر
ومرة اخرى لم تكن تابه ان سمعها ام لم يسمعها , تناول الحقيبة منها بلا تعليق ثم سار بخطى ثابته نازلا الدرج ولكنها لم تلمح في الافق ساقا مكسورة سارت سيل برشاقة وهي غير مستعجلة للحاق به وضع حقيبتها في الصندوق وكان على وشك الجلوس وراء المقود حين وصلت امام الباب الاخر
خطر ببالها وهما ينطلقان ان تسال الى اين ولكنها شعرت انها تفضل انتزاع لسانها على طرح أي سؤال عليه فلياخذها الى حيث يريد بالامس اعتقدت انها ستعمل في القاهرة لكنها اليوم في الاسكندرية فهل سيقومان برحلة طويلة اخرى قبل ان تصل الى مكان عملها؟
ابعدت تفكيرها عن نفسها وعن رئيسها المشاكس وراحت تراقب المناظر التي تمر بهما . كان السير في الاسكندرية مزدحما كحاله في القاهرة وكانت ابواق السيارات تنطلق بقوة وكان من المثير للاهتمام ان ترى الملابس الغريبة تمتزج بالملابس الشرق اوسطية ورات سيل نساء يتشحن بالسواد ويضعن الحجاب على رؤوسهن كانت الشمس تشع بشدة واحست بحرارتها الشديدة فجاة رات رجلا يرتدي ملابس سميكة ومعطفا !
كانت تفكر في انه يستحيل على هذا الرجل العيش في انكلترا ان كان يظن ان مثل هذا الطقس بارد حين خفف موري سير السيارة وبدا انه يفتش عن مكان يقف فيه ما ان ترجل حتى ترجلت وتبعته كظله الى داخل مبنى يشبه المبنى الذي كانت فيه مكاتب مؤسسة بيكون للنفط في الاسكندرية .. بدأ ولدهشتها يعرفها الى الجميع .
قدمها الى امراة مصرية جميلة : هذه جميلة التي تعمل على الاتصالات وهذه الآنسة سوفتنغ التي ستبقى معنا مدة ..
التفت الى سيل ثم تابع :شهر فقط أهذا ما قلته؟
ابتسمت سيل لجميلة التي مدت يدها اليها : هذا صحيح
ثم قدمها الى رجل ظهر حالما سمع صوته وقد عرفت انه سمير سائق المؤسسة الرسمي والمرسل العام ثم ادخلها موري الى المكاتب الاخرى حيث التقت رجلا في الثلاثين من عمره يغتبر صلة الوصل مع الشركات المصرية المحلية وهو هيوغو مارتن واكمل موري التعارف مناديا اياها سيليا سوفتنغ ولكنها اسرعت تختصر اسمها الى سيل عندما صافحها هيوغو ولم تهتم بنظرات رئيسها الحادة فهي تريد منه ان يفهم ان عليه هو شخصيا بسيليا او بالآنسة سوفتنغ
قال هيوغو مبتسما ابتسامة دافئة :لم يكن في مركز لندن من تمتلك نصن جمالك عندما كنت اعمل فيه .
قاطعه موري بحدة: لو انهيت حديثك اللبق مع الآنسة سوفتنغ يامارتن لتمكنا من متابعة عملنا
ابتعد هيوغو عم سيل مرتاعا ثم قال بشجاعة بينما موري يجرها الى الخارج :اراك فيما بعد
أدخلها موري الى المكتب التلي الذي كان فيه ممثل الشركة القانوني دافيد اوربوري الذي يبلغ حوالي 44 ويحمل درجة جامعة في القانون الانكليزي واساس قوي في القانون المصري علمت سيل انه وموري يعملان معا ً
ابتسم دايفد وقال : سرني التعرف اليك سيليا
فكرت سيل ان الطلب منه استخدام اسمها المختصر امام موري مبالغة كبيرة فلاذت بالصمت بعد بضع دقائق من النقاش الذي دار بين الرجلين صحبها موري الى مكان عملها كان مكتبها في الطابق الاول يعمه النور والهواء وفيه احدث الألات
قال موري : مكتبي عبر هذا الباب
دخل الى مكتبه ثم عاد بعد لحظة حاملا حفنة من الشرائط المسجلة قائلا : هدية لك
ووضعها على مكتبها وفي عينيه نظرة تقول ستتركك هذه الكمية صامتة فترة لكنه قال : يجب ان اخرج الآن
وتركها تعمل . فراولة2008
ابتهجت سيل عندما راته ولكنها فكرت ان امامها عملا كثيرا بسبب طرده ديان بدون مقدمات وهذا يناسبها اخيرا ستبدا العمل , بعد ساعة وفيما كانت غرقة في مهمتها اكتشفت ان نبرة صوت موري رائعة وان رنته اعجبتها لم يكن ذلك الاعجاب قويا لكنها اعجبت بطريقة عمله اذ لا عيب في جمله الحازمه الواضحة ووجدت حقا انها تاثرت بقدرته على املاء مقاطع طويلة عالية التقنية دون تردد او همهمة , سرعن ما غرقت مجددا في عملها ولم تدرك ان ساعة اخرى مرت حتى انفتح الباب ودخلت جميلة حاملة فنجان قهوة ابتسمت الشابة المصرية الجميلة: أظنك بحاجة الآن الى فنجان قهوة آنسة سوفتنغ
شكرتها سيل : ناديني سيل
أمضتا بضع دقائق في حديث ودي عرفت خلاله سيل انه نال مصرفا قريبا فهي بحاجة الى عملة مصرية وكانت جميلة تقول لها :لكنه يقفل في الثانية عشرة والنصف
حين رن جرس الهاتف الذي تركته مفتوحا قبل ان تترك مكتبها فصاحت:يجب ان اذهب لدي مخابرة واختفت بسرعة .
في فترة الاستراحة توجهت سيل الى البنك وعادت الى مكتبها وهي تشعر بانها افضل حالا بسبب وجود المزيد المال معها بدا الكمية القليلة التي سمح لها بادخالها الى البلاد مازال امامها الكثير من العمل ولانها لم تشاهد موري منذ خرج فقد عادت الى عملها مرة اخرى وكانت تعمل على انجاز ما لاحظت انه وثيقة سرية حين انفتح الباب الذي ولج منه هيوغو وهو يقول :وقت الغداء
صاحت مستغربة :حقا ! كيف مر الصباح بسرعة !
قال هيوغو مبتسما : افترض من قولك هذا انك مستمتعة بعملك
ادركت سيل مصدومة انها استمتعت فعلا بالعمل الذي قامت به هذا الصباح ووجدته اكثر اثارة وحماسه من العمل الذي تقوم ب هبه للسيد روبرتس في لندن
أردف هيوغو :جئت اصحبك الى الغداء
ردت عن غير وعي وعقلها مازال غرقا في الوثيقة التي كانت تطبعها :غداء ؟
ابتسم:ألن تتناولي الغداء معي سيل ؟
فكرت سيل في القبول ولكنها لم تتمكن من قول شيء له لان الرجل المرهف السمع وقف في الباب فجاة واجاب هو نيابة عنها:لدى الآنسة سوفتنغ موعد غداء مارتن
ـ أوه!
ارتد هيوغو بحدة ثم التفت الى سيل مبتسما :اراك فيما بعد اذن
ما ان دخل موري الغرفة حتى غادرها هيوغو بسرعة ,لم تجادل سيل فالسكرتيرة الماهرة احكم من ان تجادل ولم تنس انها قالت له ان هذه الوظيفة عهدت اليها بسبب كفاءتها ولم تنس انه سالها ساخرا هل انت واثقة من هذا؟
هكذا سالت :الدي وقت كاف لانهاء هذا الصفحة ؟
اجاب باختصار :هذا وقف على سرعتك في الطباعة
عادت الى عملها بسرعة فتقدم ليتناول ما طبعته في الصباح وجدت وجوده مثيرا للاضطراب لكنها تابعت طباعة الصفحة حتى اخرها وضعت الصفحة على المكتب ثم رتبته
علمت انه سيعلق على شيء ما عندما اعاد الصفحات المطبوعة اليها مع انها تشك في تلقي المديح منه ولم تتلق شيئا لكنها وجدت في نبرته دهشة ما
:حسنا.. سكرتيرة تعرف ان تهجيء اطول الكلمات التقنية اللزوجة المتحركة !
تمتمت ببرود:يجب ان تلرى كيف تعاملت مع ما هو اصعب منها !
كادت تتغلب عليها رغبة في الضحك فاحنت راسها لتاخذ الشرائط المسجلة وسالت :
ـ ألديك خزانة حديدية؟
ـ ثمة واحدة في مكتبي ولدى دايفد اوربوري واحدة
اشاراليها لتلحق به
رات مكتبه كبيرا كطاولته ولكنها دهشت حين رات طاولته نظيفة لانها في الصباح رات الاوراق مكدسة معه وضع الحقيبة في الخزنة الحديدية وارتد لياخذ الاشرطة والنسخ المطبوخة التي انجزتها ادركت فجاة انه كذلك يحمل الكثير من العمل في راسه فراولة2008
اقفل الخزنة ثم التفت لينظر اليها في تلك اللحظة تغلب عليها فضولها فرغم عزمها على عدم السؤال عما هو موعد الغداء الذي يمنعها من قبول دعوة هيوغو لم تستطع منع نفسها من السؤال :هل انا بحاجة الى جلب شيء؟
وجدت انه لم يجد صعوبة الى اللحاق بقطار افكارها :
ـ لدينا غداء عمل ولكن بامكانك ترك دفتر ملاحظاتك
كانا في السيارة حين سالته:
ـ هل ل كان تقول لي ما هو دوري في غداء العمل هذا؟
رد بتحفظ :دورك يا آنسة سوفتنغ انك سكرتيرتي
ردت ببرود قدر المستطاع:فهمت
ولكنها رغبت في صفعه كيف لهذا الرجل القدرة على ان يسلبها رباطة جاشها ؟تعتقد انه يفعل ذلك هذا عامدا متعمدا
أردفت: سيد بروكس ربما لديك ملاحظات تبديها بشان...
قاطعها:باختصار عليك ابقاء عينيك واذنيك مفتوحة
سالت : وهل ستقابل شخصا من مؤسسة بريطانية؟
توقعت ان يكون الضيف انكليزيا لانه يعرف انه لا تتكلم العربية ولكنه سرعان ما بدد افكارها :ضيفي على الغداء هو السيد بديع حسني
ـ آه !
ولانها سمعت اسم السيد بديع حسني من قبل ولانها سمعته أكثر من مرة في عملها هذا الصباح سرت لانها ستتعرف اليه سالت : يعمل السيد حسني في مؤسسة اوزوريس أليس كذلك؟
ـ بل هو المؤسسة نفسها
فتحت سيل فمها ثم اطبقته مؤسسة اوزوريس هي الشركة التي تتفاوض معها مؤسسة بيكون لتوقع عقد التكرير وهي ستتناول الغداء مع الرجل الذي مؤسسة اوزوريس واو...!
لم تطل الرحلة اذ سرعان ما اوقف رئيسها السيارة امام فندق ضخم يطل على مياه المتوسط فيما كان موري يرافقها الى الفندق بدات سيل تشعر بالفخر لانها تسير جنبا الى جنب مع رئيس المفاوضين في شركة بيكون للنفط ولان رئيسها كان المضيف وصلا قبله وفيما كانا ينتظران وصوله بدات سيل تحس بالاثارة لانها ضمن هذا اللقاء
ما طبيعة هذا العمل الذي سيدور حوله النقاش انها تتوق الى معرفته فبعدما شاهدت بنفسها ان رئيسها تعمد ترك حقيبة اوراقه في المكتب استنتجت ان ما سيناقشانه الآن لن يكون رسميا.وصل بديع حسني الذي وجدته رجلا مكتنزالجسم في 50 من عمره كانت ملابسه انيقة فخمة وهكذا كان الرجل الذي يرافقه والذي في 25 من عمره.
حيا حسني موري بانكليزية تامة :
ـ صديقي ! لقد ابقيناك منتظرا !
رد موري وهو يصافحه:
ـ أبدا بديع
أشار بديع الى الشاب الذي معه :
ـ تعرف ابني حسين لن تمانع ان انضم الينا ؟
ـ بالتاكيد لن امانع
وصافح حسين ثم التفت ليقدم المراة النحيلة الى جانبه.
ـ وصلت سيليا من لندن بالامس لتساعدني في اعمالي المكتبية
أحست سيل ان قلبها يتخلى عن خفقة غريبة سخيفة لانه ينوي استخدام اسمها الاول
سأل بديع:أرحلت الآنسة ماكفرسون؟
ـ اضطرت الى العودة الى انكلترا بشكل طارىء بسبب مسالة لا علاقة لها بالعمل
فجاة تدخل حسين حسني :
ـ ألن تقدماني الى سيليا ؟
كادت عيناه تاكلان وجهها وشعرها الاشقر
ابتسم والده: فراولة2008
ـ لا تكن لجوجا يا بني
ولكن الشاب كان نافذ الصبر لانه لم ينتظر ان يقوم احد بالتعارف اذ صافحها :
ـ أنا حسين حسني يرسلني والدي الى بلدان مختلفة دائما لاوسع معرفتي بصناعة النفط لكنني سعيد بوجودي الآن في مصر
احست سيل بشء من الارتباك بسبب طريقةهذا الرجل في مصافحتها لكن طبيعتها الباردة التي لا تتاثر دعمتها فردت ببرود:
ـ لاشك ان عملك مثير للاهتمام
قال موري:هل لنا ان نذهب الى غرفة الطعام؟
نظر اليها موري بسرعة وعرفت انها سجلت علامة سوداء اخرى في سجلها عنده
لانه كان مضيفا جديرا بالاعجاب مرت الوجبة بدون ان يحس احد دون سواها بانها ارتبكت هفوة قررت ان تضع المسالة جانبا لتركز على العمل الذي امامها ولكن ما استغربته انهما رغم ذكر شركتي اوزوريس وبيكون لم يتطرقا الى العقد الذي هو السبب الرئيسي لهذا الغداء.
لكن كان عليها الاعتراف بانه لم تستطع التقاط كل شيء يقال فحسين الجالس قربها بدا غير مهتم بالعمل وكان دائم التعليق على امور خارجة عن الموضوع .
سالها وهم يشربون القهوة بعد الغداء :
ـ هل سمعت انك وصلت بالامس فقط ؟
ـ أجل .. أنا ...
قاطعها: هذا يعني انك لم تشاهدي شيئا من الاسكندرية؟ وساهتم بهذا فورا!
لم تفارق عيناه بشرتها العاجية اللون او عينيها البنيتين, بذلت سيل جهدها لئلا تبدي امتعاضها من حماس الشباب المفتوح .هو أكبر منها بسنتين تقريبا ولكنه يبدو اصغر منها كانت مدركة بان عليها الا تفعل ما يغضبه مع انها لا تعرف ما اذا كان موري من وجهة نظر عملية سيوافق على قبولها ما تظنه دعوة من حسين والذي طلب منها أن تستخدم اسمه الاول.
قالت بخفة بعد لحظات :
ـ في الواقع حسين أنا هنا للعمل
ـ لكن لا يمكنك العمل طوال الوقت !ساريك شيئا من الاسكندرية بعد ظهر اليوم ساصحبك الى المتحف الاغريقي الروماني
بدات تحس بانها واقفة على شفير الهاوية ..فنظرت الى موري وكلها امل ان يتدخل ليساعدها ولكن املها خاب لانه قال ساخرا لها :
ـ يجب الا تهملي ثقافتك سيليا
تمسك حسين بما اعتبره اذنا من رئيسها :
ـ هاك ! لقد انهينا الغداء ....وسنذهب الآن و ....
قاطعته سيل بسرعة وتكلمت باندفاع دون ان تمهل نفسها فرصة للتفكير
ـ آسفه حسين لدي عمل كثير ينتظرني في مكتبي .ومن المستحيل ان أخرج معك اليوم ..شكرا ....
قاطعها : اذن غدا
هب واقفا :اظن لدي والدي وموري امورا يناقشاها ولا تهمنا ... فهل نتمشى في الخارج؟
لم يكن أمامها سوى الموافقة فلربما رافق حسين اباه لهذا السبب بالذات لابعاد سكرتيرة موري عن الطريق ليتمكن الرجال من المناقشة بعيدا عن اسماع احد على أي حال كان بديع يبتسم موافقا ولكنها وجدت رئيسها لا يبتسم ولا يامرها بالبقاء قالت لحسني بخفة:انه لطف منك
اعتذرت من الرجلين وتركت المائدة لتخرج مع حسين من الفندق القابع في مكان معزول , تساءلت سيل عما تتكلم مع حسين لكن ما كان عليها ان تقلق فقد قام هو بكل الكلام الضروري مع ان معظم كلامه كان على شكل اسئلة تتعلق بحياتها في انكلترا . فراولة2008
قال وهما يسيران في حدائق الفندق :
ـ اذن لا رجل محدد في حياتك في انكلترا؟
ـ أخرج مع مجموعة اصدقاء
وابعدته عن الموضوع حين لاحظت سيارة متوقفة في ارض الفندق مزينة بالشرائط الملونة وباقات الزهور :
ـ هل هذه سيارة زفاف؟
ـ اجل
لكنه لم يبد اهتماما بما كانت اهتمت به, كانا راجعين الى الفندق حين ظهر لهما في البهو فجاة موري وبديع فدنت سيل من موري الذي كان يصافح بديع وودعتهما هي ايضا وهي تشعر بالراحة لانها خرجت من غداء العمل هذا بدون ان تلزم نفسها بشيء مع حسين سارت بسرعة تتبع خطوات موري الى السيارة
كانت جالسة في مقعدها و موري يقود السيارة مبتعدا عن الفندق حين تساءلت عما اذا كان اتفق على أي شيء مع بديع فكرت في الامر قليلا قم قررت ان عليها كونها سكرتيرته حاليا ان تبدي اهتماما
ـ هل تمكنتما من تقريب وجهات النظر في المفاوضات ؟
سرعان ما تنت لو لزمت الصمت لانه لاد عليها بعنف ساخر :وهل انت مهتمة لهذه الدرجة؟
ـ وماذا تقصد بكلامك هذا؟
ـ لاحظت انك كنت اكثر اهتماما بتشجيع تحرشات ابن بديع
احتجت بشدة:لم اكن اشجعه اذ كان ما فعلته انني حاولت ان اكون مؤدبة ... ان...
ـ لم تستطع عيناه مفارقة وجهك؟
ـ انا لم افعل شيئا كي...
قاطعها مرة اخرى : لم تكوني مضطرة لفعل شيء... انه مظهرك
ـ ليس لي يد في مظهري
وتمتمت في نفسها غاضبة ياللوقح! واشاحت بوجهها عنه فيما كان فكه يشتد بعدوانية ويظهر عدم تاثره بغضبها كانا على وشك الوصول الى المكتب حين خطر لها ان تتساءل عما اذا كان هناك اطراء ولو خفي في كلامه حين قال لها انه مظهرك ولكنها ابعدت الفكرة وكانما هذا يهمها فالرجل متوحش
حيت موظفة الاستقبال بمرح : مرحبا جميلة !
ابتسمت الفتاة الاخرى :مرحبا سيل صعدت سيل الى مكتبها غير عابئة برئيسها الذي اتجه الى مكتب دايفد اوربوري وكانت بتصرفها هذا تقول لنفسها : فليدعني وشاني انما ليس قبل ان يفتح خزانته ويعيد اليها العمل الذي تقوم على انهائه.
توقعت ان يصعد الى مكتبه في اية لحظة فجلست ترغي وتزبد فترة ..فكرت :يا له من رجل قذر رهيب ! ثم تذكرت ان حقيبتها ما تزال في صندوق سيارته وان لا فكرة عندها عن المكان الذي ستنصب خيمتها فيه تلك الليلة ولكنها لن تساله لا لن تساله ! مرت ربع ساعة أدركت انها طوال هذا الوقت لم تفعل شيئا رغم كثرة العمل الذي ينتظرها وتوصلت الى قرار ان هذا كله مناف التقطت السماعة بيدها وسالت جميلة عما اذا خرج السيد بروكس فردت :
ـ انه في اجتماع مع السيد اوربوري ساصلك به
قالت سيل عندما رد السيد اوربوري :
ـ معك سيل سوفتنغ هل السيد بروكس معك ؟
ـ لحظة من فضلك
وفي أقل من لحظة كان رئيسها معها
ـ بروكس
ـ سيليا ..هل لي ان احصل على الاوراق الموضوعة في خزانتك أرجوك؟
كرهته أكثر حين أعاد السماعة الى مكانها بدون ان يرد يا له من متعجرف ! ونهضت لتقف امام النافذة المشرفة على الخارج واقفة في المكان ذاته عندما سمعت وقع قدميه سمعته يدخل الى مكتبه عبر باب اخر ولم تجد ما يدعوها الى التحرك حتى انفتح الباب الموصل بين المكتبين ودخل حاملا اوراقها
قالت بادب : شكرا لك
ووجدت ان ادبها يضيع على شخص مثله فقد خرج بدون ان يرد, جلست تصب جام غضبها على الآله وبما انها طابعة ماهرة فقد حققت حتى في غضبها عملا كثيرا خاليا من الاخطاء ,توقفت لتناول فنجان شاي في الساعة الرابعة ولكن بسبب علمها ان امامها عمل مكدس سرعان ما عادت الى آلتها وفكرت ان موري لم يعطها أي تسجيل اليوم نظرا لكثرة العمل امامها وسوف يضاعف لها العمل غدا هذا ان لم يكن في هذه اللحظات بالذات يملي حملا آخر على المسجلة .
أصابتها لحظة إرهاق فتوقفت لتمدد ظهرها وبرزت لها الفكرة مجددا أين ستنام الليلة ؟وعادت الى الآلة وهي على رايها بعدم طرح أي سؤال ولكن فجاة صدمتها فكرة أخرى انها موظفة جديدة لا يعرفها أحد اذن ما أسهل ان ينسوها ! فكل ما تعلمه ان موري ربما أنهى نقاشه القانوني مع دايفد وغادر المبنى منذ ساعات .
كانت على وشك ان تكون متاكدة من ان الجميع رحلوا عن المكتب ذلك المساء وانها ستمضي الليل في مكانها ولكن فجاة انفتح الباب. فراولة2008
تقدم موري لينظر الى كمية العمل المنجز ثم قال :
ـ كفاك عملا اليوم . نظفي طاولتك.
بذلت جهدا لتمنع تعليقا ساخرا وبدات ترتب طاولتها وبما ان هناك 7دقائق حتى 5 لم تجد ما يدعوها الى شكره لانه أنهى عملها اليوم ولكنها تظنه سيعمل حتى المساء اما هنا واما في منزله.أعطته كل مايجب ان يوضع في الخزنة تلك الليلة وكانت مشغولة في وضع غطاء الألة الكاتبة حين عاد الى مكتبها :
ـ جاهزة؟
ردا على سؤاله التقطت حقيبتها ولم يكن لديها فكرة عن المكان الذي سيتوجهان اليه ولكنها تعرف انه المكان الذي ستبيت فيه ليلتها.مازالت مصممة على عدم طرح أي سؤال فهي لن تتفوه الا بما هو ضروري .كانت تتوقع ان تقيم في مكان سكن هادئة محترم سعره مقبول لذا ذهلت عظيم الذهول عندما اوقف سيارته امام فندق فخم .حين خرج من السيارة واتجه الى الصندوق لحقت به وسالت بذهول :
ـ هل ساقيم هنا ؟
ـ لن نجعل حسين يظن اننا فقراء حين ياتي لزيارتك
رفعت ذقنها بغضب واطبقت شفتيها بشدة ثم دخلت معه الى الفندق لو فكرت ان تسال جميلة عن مكان اقامتها لاخبرها ان موري اتصل بهذا الفندق في وقت ما من النهار .انتظر موري الوقت الكافي ليتاكد من حجزها ولكنها رفضت ان تكون شاكرة صنيعة هذا ثم قال لها :
ـ سياتي سمير ليصحبك في الصباح ويعيدك في المساء
وخرج
كانت غرفتها ممتازة لكن السعادة التي كانت لتشعر بها في مثل هذا السكن الرائع تلاشت في اللحظة التي تذكرت فيها موري الساخرة عن عدم السماح لحسين بان يظننا فقراء
قررت ان تبعد لسانه السليط عن ذهنها واخذت تفرغ حقيبتها وبما ان مؤسسة بيكون للنفط قطعا غير فقيرة قررت ان القليل من الخدمة الى الغرفة لن يفلسها فاتصلت تطلب ابريق شاي.وصل الشاي وكانت تكتب رسالة لوالديها اللذين سيقلقان ان شكا في انها لا تعيش في نعيم حين رن الهاتف فجاة
توقعت ات يكون الرقم خطا فتقدمت ترد وتلقت صدمة حياتها لانها سمعت صوت حسين .كانت تفكر كيف تمكنمن معرفة مكان اقامتها عندما ادركت انه يطلب منها الخروج معه الى العشاء فردت بلطف:
ـ أوه ..أنا أسفة حسين ...لكن لم يمض وقت طويل على وجودي هنا وهذا يعني ان امامي عمل أتمه كتوضيب الثياب وما شابه
ـ يمكننا ان نتعشى في الفندق ان كنت متعبة .
ـ في الواقع لست جائعة
لقد اعجبها الرجل لكنها لا تريد ان تذعن لالحاحه .
ـ لقد تناولت وجبة كبيرة وقت الغداء
أخيرا وافق:
ـ حسنا سأنتظر بفارغ الصبر يوم غد لاريك المتحف كما اتفقنا فهل ازورك في المكتب؟
في تلك اللحظات لم تعد تذكر حقا ما اذا وافقت على الذهاب معه الى المتحف لكن بما ان والده هو مؤسسة اوزوريس وبما انها لا تعرف ما اذا كان حسين سيبلغ اباه ان موظفا من موظفي من موظفي بيكون للنفط قد اخلف في وعده له لم تر شيئا آخر تفعله .
ـ سيكون هذا لطفا كبيرا منك
في الواقع لم تكن تفهم كيف لسكرتيره ان تخلف باتفاق قد يؤثر في العقد الذي يحاول موري الوصول اليه لكنها لم تشأ ان تكون هي الشخص الذي يضع ولو اصغر العراقيل في وجه العمل ..
سالها حسين:
ـ هل الساعة واحدة مناسبة؟
أقفلت السماعة بعد دقائق وهي تعرف أنها ألزمت نفسها ولكنها أملت ان تنتهي من زيارة المتحف في فرصة الغداء, أمسكت قلمها الذي تركته وما ان كتبت نصف سطر تقريبا حتى رن جرس الهاتف مجددا . رفعت السماعة وكلها أمل بالا يكون حسينا وكان ان تلقت صدمة أخرى
سالها موري بروكس:مع من كنت تتكلمين قبل قليل؟
تساءلت مذهولة كيف عرف بانها كانت تتكلم مع احد
أردف : اتصل حسين يريد عنوانك فهل ستتعشين معه ؟
ارادت سيل ان تترك موري بروكس يلهث وراء الرد لكن هذا قبل ان تدرك ان من حقه بسبب المفاوضات حول العقد ان يحيط بكل ما له علاقة به
هكذا ظنت انه سيسر ان علم بموعدها مع حسين على الغداء
ـ لا .... لقد رفضت ...
قاطعها بحدة وبدا غير مسرورا أبدا :
ـ هل أغضبته؟
ـ بالتاكيد لم أغضبه ...ساراه غدا ..
أرادت ان تكمل ان حسين لم يغضب ولكن الخط انقطع بعدما ضرب موري سماعته بقسوة يقفلها
تمتمت سيل وهي تضرب سماعتها ايضا يا للرجل البغيض انه شخص كريه يرى كل تصرفاتها خاطئة.
4ـ مشاعر خاطئة
في الصباح التالي تناولت سيل الفطور المؤلف من كرواسان ومربى مع القهوة ثم عادت الى غرفتها لتتأكد من مظهرها تساءلت بسرعة عما إذا كان عليها ان تحمل معها محفظة الوثائق التي تقفل بواسطة سحاب ووجدت ان لا ضير في اخذها الى المكتب علما بانها قد لاتحتاج اليها ولكنها لن تاخذ حيزا كبيرا إن تركتها في المكتب وبهذا تكون مستعدة لأي طارئ .
في الثامنة والنصف غادرت غرفتها واستقلت المصعد نزولا الى الطابق الارضي لقد قال لها موري بروك سان سمير آت لاصطحابها ولكنه لم يحدد الوقت الذي سيجيء فيه .
كان اول من وقعت عيناها عليه بعد خروجها من الباب الزجاجي المتحرك آليا وردت على تحيته مبتسمة
سألها : هل احمل حقيبة اوراقك ؟
ابتسمت مجددا: استطيع حملها
عندما رافقها الى سيارة انيقة وفتح لها الباب اتسعت ابتسامتها إنها في الاسكندرية ياللروعة؟.
ولكن هذا الاحساس لم يقدر له الدوام فسمير هذا ليس ذلك السائق البارد كرئيسها وفكرت سيل ان تجرة صانعي ابواق السيارات في المدينة رائجة جدا . لقد سمعت ان بعض الناس يقودون سياراتهم بالمكابح ولكن في مصر يبدو ان الجميع يقودون السيارات بالابواق .
بفضل قيادة سمير وصلت الى المكتب قبل التاسعة بوقت يسير .قالت له : شكرا سمير
فأجاب مبتسما ابتسامة عريضة : سانتظرك هنا في الخامسة
وماذا يمكنها ان تفعل امام هذه المعاملة ؟تمتمت مرة اخرى :شكرا لك وخرجت من السيارة الى مبنى الشركة .
حيتها جميلة صاحبة البسمة الدائمة :صباح الخير سيل
عندما تقدمت لتتبادل معها بعض الكلمات انفتح الباب الخارجي ودخل هيوغو الذي وجه اليها الكلام وبلا مقدمات :
ـ قولي انك ستتناولين الغداء معي اليوم فراولة2008
فضحكت :لقد تناولت الفطور منذ قليل
ـ اعرف ولكنني اشعر بان علي دعوتك باكرا ان كنت اريد الحصول على امتياز رفقتك
أبهجها تصرف هيوغو المرح . لقد قابلت امثاله من قبل وتعرف انه مسالم
ـ لم تبكر بما فيه الكفايه . سبق ان دعيت الى الغداء .
كانت في طريقها الى الطابق الاول حين استعاد وعيه فناداها :
ـ وماذا عن العشاء الليلة ؟
ردت عليه :ماذا عن الغداء غدا ؟
ابتسم: اتفقنا
عرفت انها سارت طوعا الى هذا الفخ
كان على وجهها طيف ابتسامة حين دخلت الى مكتبها لكنها عقدت حاجبيها ما ان اصبحت في الداخل ورات ان الباب الداخلي مفتوح وعرفت ان موري بروكس وصل قبلها .تذكرت الطريقة الغاضبة التي صفق الهاتف في وجهها ليلة امس وكانت مشتتة الفكر أتلقي عليه التحية ام تحجم ..ثم رفع رأسه فوجدت نفسها فجاة تحدق الى عينيه الشرستين وقالت ببرود : صباح الخير ثم ارتدت الى طاولتها .
كانت قد اخفت محفظة الوثائق ومحفظتها في الادراج حين لاحظت ان العمل الذي اودعته في الخزانه بالامس على طاولتها الآن .. من الواضح ان هذا يعني ان تبدا به حالا وهذا ما فعلت ظل الباب المشترك مفتوحا وعندما جاءت جميلة في الحادية عشر تحمل صينية عليها فنجانان من القهوة توقفت عن العمل حملت جميلة أحد الفنجانين الى موري بروكس ثم عادت الى مكتب سيل ولكنها لم تبق كما بالامس لتبادل الاحاديث .
ارتشفت سيل قهوتها ثم بسبب حاجتها الى الاستفسار عن عدة امور دخلت الى المكتب المجاور وسألت:
ـ هل من المناسب ان اراك لأستفسر عن بعض الامور ؟
وجدت مكانا فارغا على طاولته ووضعت عليها اوراقا مطبوعة لا خطأ فيها .. فسألها سؤالا لا يضم تشجيعا ولكنه يحمل بين جنباته أدبا : ما مشكلتك؟
أجاب عن أسئلتها العملية في وقت لا يذكر . وحينما لم تتحرك فورا نظر اليها ببرود فادركت انه يريد العودة الى العمل .
ـ هل هناك من شيء آخر يقلقك؟
ـ لا يقلقني بالضبط المسالة ان حسين آت في الساعة الواحدة ليصحبني الى المتحف ولست متاكدة من قدرتي على العودة الى المكتب في تمام الساعة الثانية .
رات وجهه يظلم فعلمت انها توشك ان تتلقى انتقادا لاذعا من لسانه السليط ولكنه ابتلع ملاحظته اللاسعة بشكل مدهش .
ـ وماذا تريدين مني ان افعل بهذا الخصوص ؟
ردت بغضب : لاشيء
ثم استعادت سيطرتها على اعصابها وأضافت :
ـ كنت اتساءل عما اذا كان بالامكان ان احصل على ساعة غداء اضافية ومن الطبيعي ان اعوضها في المساء .
مال في كرسيه الى الخلف وحدق اليها بعينيه الشرستين الرمادتين اللتين اسرتا عينيها البنيتين .. ثم قال : يمكنك ذلك بالتاكيد فراولة2008
فهمت من هذا انه وافق على تمديد ساعة الغداء مد يده ليأخذه العمل المنجز الذي اعطته اياه
ـ تعملين بسرعة .. آنسة سوفتنغ
عادت سيل الى مكتبها وهي تعرف ان الرجل الذي قادها سوء طالعها الى العمل عنده لم يكن يطريها على سرعتها في العمل بل على سرعتها في الحصول على موعد للخروج مع ابن الرجل الذي يعتبر بحد ذاته شركة اوزوريس.
انكبت ثانية على الآلة الكاتبة ولأن العمل الذي بين يديها اسهل من ذاك الذي انجزته وجدت أفكارها تدور . افترضت ان حسين يعتبر صيدا ثمينا ولكن هذا لا يعني أبدا انها مهتمة به .. كان في غاية اللطف ولكنه غير ناضج بالنسبة لها .
انما لماذا قفزت افكارها على حين غرة الى موري ؟اكتشفت فجأة ان موري ايضا صيد ثمين ..وكأنني مهتمة به
في الثانية عشرة والنصف ادخلت المزيد من العمل له . وكانت واثقة بالرغم من جدارته بأنها تشفق على اية امراة مسكينة ضعيفة الدماغ قد تهتم به ..
سالها بوقاحة وهي على وشك العودة الى مكتبها :
ـ الديك عمل كثير تنجزيه بعد عودتك؟
ابتلعت ردا لاذعا وتمكنت من القول بهدوء :
ـ سأنهي كل شيء واظنني في منتصف الطريق لإنهاء كل ما هو متراكم.
قال وهو يقف:
ـ لا اريد منك ان تضجري ..أنا ذاهب الأن للغداء وقد لا اعود قبلك.
فيما كان يرتب مكتبه عادت الى مكتبها غاضبة . ولم ترفع نظرها حين سمعت باب مكتبه ينفتح نحو الممر الخارجي ثم يقفل .. ليته لايعود تغضن جبينها وهي تفكر .. ألديه هو ايضا ساة غداء مطولة للعمل ام للمتعة؟
عندما غادرت مكتبها في الواحدة كانت مذهولة لأنها امضت تفكر وقتا طويلا في موري خارج عمله .. وكأنها تهتم ..! حتى ولو صاحت بهذا عاليا ! نزلت الدرج فوجدت حسين بانتظارها في باحة الاستقبال.
قال مبتسما وهو يدنو منها: سيليا
ـ مرحبا حسين وصافحته بطريقة ودود.
وما ان خرجا من المبنى حتى ادخلها الى مقعدها في سيارته الفخمة وكان يتحدث عن اصطحابها للغداء.
قالت بحزم انما بعيدا عن اغضابه :
ـ اخشى ان وقتي لا يسمح لي بالغداء وبزيارة المتحف .
احتج: انما يجي ان تأكلي ..ثم لقد حجزت مائدة
قبلت سيل ان تكون الوجبة سريعة ..فوافق حسين ..ولكن المشكلة المعقدة ان لا احد كان على عجلة من امره .فلدى حسين بكل تاكيد كل الوقت اللازم في العالم . والمطعم الانيق الذي صحبها اليه بدا انه مؤمن بان زبائنه يفضلون اطالة الوقت على وجبة سريعة .. لذا كانت الساعة تقارب الثانية حين تركا المطعم .
احست بالراحة لوجودها في السيارة والانطلاق نحو المتحف لكنها اكتشفت ان ارتياحها سابق لاوانه فقد أوقف حسين السيارة في الموقف الخاص وسالته:
ـ أين ...؟
ـ فكرت انك قد ترغبين في رؤية نصب القائد الروماني بومباي التذكاري
ورافقها نحو نصب مرتفع بدا ان ارتفاعه يبلغ 90 قدما
قالت له: شكرا لك
ولانها احست انه فعلا مهتم بها فتشت في عقلها محاولة ان تتذكر ما اذا كانت قد سمعت ببومباي أو بنصبه
سألت : بومباي .. منافس يوليوس قيصر ؟
لكن حسين المبتسم دائما هز رأسه :
ـ لا ..
وراح يوسع من معرفتها قائلا ان النصب الغرانيتي المرتفع اقيم بعد زمن طويل من بومباي وذلك على شرف الامبراطور ديو كليتان .امضيا عشر دقائق يتجولان في الحديقة الصغيرة حيث بساط من الزهور الصفراء .
حين اعلن حسين انهما ذاهبان الى المتحف نظرت سيل الى ساعتها واحست بالراحة مجددا .لكنها نسيت الوقت بعد دخولها الى المتحف فقد وجدت ان الاثار العائدة الى العهد اليوناني والروماني مثيرة للاهتمام. تجولا ببطء من قسم الى قسم يتأملان التماثيل والمدافن الحجرية والنقوش النافرة واللوحات القديمة .
كانا في القسم الذي يضم عملات معدنية قديمة حين نظرت سيل الى ساعتها فعرفت بذهول وذعر انها مددت فرصة الغداء فوق الساعة ساعة ونصف ..وصاحت :
ـ إنها الثالثة والنصف!
سألها حسين:وهل يقلقك الوقت ؟
نظرت حولها بحثا عن المخرج :
ـ لدي عمل
سألها : وهل موري بروكس ....آه...مستبد؟
ـ لا . ليس مستبدا .
ادركت انها تمثل بيكون للنفط وان قولها هذا اشارة الى ولائها .
عادا الى سيارة حسين في طريق العودة الى مكاتب الشركة .. وتمنت لو احجم عن ذكر اسم موري ..فالرجل المتوحش يرفض الان ان يخرج من عقلها .
انه مستبد ولكن عليها ان تعترف انه لا يرحم نفسه كذلك .مع ان من الانصات القول انها هي التي نفسها الى العمل بقسوة وتستمع به .في الواقع تركها موري بمفردها تكمل عملها وهذا لا يعتبر استبدادا باي كان .
كان حسين يوقف السيارة قرب مكاتب الشركة حين فكرت سيل في انها قد لا ترى موري اليوم فهذا يتوقف على موعد غدائه ..فجأة اكتشفت انها لا تعرف ما هي حقيقة احساسها تجاه هذا .فكرت بعد لحظات كم ان تفكيرها هذا غريب فكيف تشعر باي شعور تجاه ذلك الرجل؟
ـ أتتعشين معي الليلة؟
فكرت سيل ان بيكون للنفط تطلب ولاءها لكنها قارنت هذا بالمشاكل التي قد تثيرها لنفسها فيما بعد .. انها مدة شهر واحد!
ـ أنا آسفة حسين .. لدي ماأقوم به الليلة .
أحست براحة شديدة حين قبل حسين رفضها بدون غضب وتمتم بحزن :
ـ اعتقد ان الامور دائما هكذا بالنسبة لك .. سأتصل بك
قالت سيل مرحبا لجميلة وهي تدخل .كانت ملهوفة لتسأل عما اذا كان السيد بروكس قد عاد من الغداء .لكنها ابعدت السؤال وقررت ان تتمنى فقط عدم عودته بل ليته لا يعود هذا اليوم.
ثار توترها وخفق قلبها بشدة بعد دخولها الى المكتب ورؤيته من الباب المشترك قاعدا وراء مكتبه .واجهت نظرته العبوس ولكنها دخلت الى مكتبه لتعتذر :لم اتوقع ان اتاخر هكذا ..أنا آسفة .
رد ساخرا: هذا ما يجعلنا اثنين اجلبي دفتر الاختزال وعودي
يالحسن حظي! فراولة2008
فكرت سيل في هذا وهي تخرج بعد ساعة من مكتبه ..كيف انكرت انه مستبد !قعدت وراء مكتبها وهي تأمل ان تعيد قراءة مااملاه عليها بسرعة فائقة في 60 دقيقة الماضية .
لو بدات عملها في الوقت المحدد لما انهت هذا العمل المتراكم حتى السابعة ..في السابعة والنصف كانت اصابعها لاتزال تعمل بسرعة على الالة الكاتبة وكان موري يعمل ايضا . استحوذ العمل الذي تقوم به على انتباهها فلم تع الوقت وكانت تهم بإخراج صفحة من الالة حين شعرت به يترك مكتبه ويقف بالباب .
بدا انه يتاملها بإمعان فحافظت على هدوئها نظرت اليه فلاحظت انه يسد الباب بجسده الذي لا لا وجود لاونصة من اللحم الزائد فيه اذهلها المسار الذي انجرفت اليه افكارها فهي لا تذكر انها لاحظت مثل هذه التفاصيل في رجل من قبل اشاحت بعينيها بسرعة وفي اللحظة ذاتها تحرك الى الامام يقول لها :
ـبامكانك ترك هذا الى الصباح
نظرت الى ساعتها ثم اليه وقالت شاهقة :أهذا هو الوقت فعلا ؟
قال بتحد وبلهجة عدوانية :
ـ لماذا..؟أذاهبة الى مكان ما ؟
ـ ليس الليلة
احست بانزعاج جعلها لا تابه وان كان رئيسها فاضافت : منذ مجيئي الى القاهرة وانا افضل ان اكون وحدي على صحبة احد .
لاتعتقد انها اغضبته فجلده اسمك من ان يؤثر فيه شيء نظرت اليه بعداء اما هو فنظر اليها بعجرفة ثم رات طيف ابتسامة ام تراها تتوهم ؟ذهلت كما حدث لها مرة وهي تظن انها ترى دليلا على ان لسانها السليط قد سلاه ولكن كما حدث من ذي قبل سرعان ما تلاشى كل اثر للتسلية
أمرها :رتبي مكتبك وعاد الى مكتبه
بعد 5 دقائق انتهت سيل من ترتيب طاولتها وتنظيفها ومن وضع الاوراق التي عملت عليها في ادراجها فهي اوراق غير سرية لا حاجة الى وضعها في الخزنة والدخول الى مكتبه وهذا ما جعلها تحس بالارتباك حين سارت في مكتبها وانتظرت حتى اقفل حقيبة اوراقه ثم رفع راسه فقالت : انهى سمير يوم عمله على ما اعتقد؟
نظر موري اليها بدون ان يتكلم ثم قال بكبرياء :
ـ عليك إما الذهاب بمفردك الى الفندق ..أو ..القبول بصحبتي .
التوت بسرعة شفتاها وارتدت عنه لم تتوقع منه هذا الرد واملت الايلاحظ تسليتها
كان الصباح التالي يوم الخميس حافلا بالعمل وكان موري في اسوء حالاته احست بالسرور لحلول الغداء وغادرت مكتبها لتلتقي بهيوغو في قاعة الاستقبال ثم انطلقت معه الى الغداء لكن ما ان جلسا في المطعم حتى اكتشفت انها ليست الوحيدة التي عانت من لسان موري السليط ذلك الصباح..اذ قال هيوغو متذمرا :ما ان قلت له صباح الخير حتى انهال علي توبيخا
ـ لمجرد قولك صباح الخير ؟
ـ حسنا اعتقد ان لديه سببا شخصيا انه يعمل بكد ليعيد انطلاق المفاوضات مع اوزوريس وما لم يكن يحتاجه هو الا اتصل بالسيد فوزي
كان الاسم مالوفا من خلال المطبوعات الاخيرة فسالت :
ـ السيد فوزي ؟هل هو يوسف فوزي؟
ـ هو عينه
ـ اليس هو احد ممثلي شركة اوزوريس ؟
ـ نعم هومنهم ومن سوء حظي انني كنت مشغولا امس حين عاد السيد بروكس من اجتماعه ليطلب مني ان احضر موعدا بين فوزي ودايفد لبحث عقدة قانونية
ـ يا لهذة الورطة
تصورت ان موري سال هيوغو عقب تحية الصباح عن الموعد فاكتشف انه لم يفعل شيئا...
ـ اعتقد انك رتبت اللقاء الآن؟
ضحك هيوغو :أتمزحين ؟ ما هي الا دقيقتين حتى جعلت سمير يقلني الى مقر اوزوريس لأقابل فوزي شخصيا وكان ان تقرر الموعد بعد الظهر . اعلم ان السيد بروكس يحصل دائما على ما يريد
ـ اتعتقد انه سيحصل على الاتفاق الذي يسعى اليه ؟
ـ ان لم يستطع الحصول عليه فلن يستطيع احد
وتحدث عن بعض الصعوبات يجب التغلب عليها لدفع المفاوضات الى الامام ولكنه قال ان العقبات توالت العقبة تلو العقبة لذا استدعي موري حلال المشاكل.
بعد ظهر الخميس كان اسوء مزاجا من الصباح عدت سيل الى فندقها ذلك المساء وكلها امل الا يتصل بها حسين فكل ما تريد ان تفعله هو رفع قدميها الى الاعلى لتسترد انفاسها وطاقتها فهي لاتعتقد ا ناديها طاقة لتجد طريقة لبقة ليتقول له انها لاتريدالخروج معه
على أي حال لم يتصل حسين ودخلت سيل الى فراشها لتنام ثم عادت الى العمل صباح الجمعة لتوجه يوما مسعورا كسابقه..تلك الليلة اتصل حسين ولكنها في هذا الوقت كانت قد استراحت قليلا
وقال لها :اجبرت نفسي على عدم الاتصال بك الليلة السابقة لئلا تضجري مني
ردت برقة :آه حسين
سرعن ما ندمت على الدفء الذي عم نبرة صوتها فقد بدا حسين بعد هذا وكانه لا يريد مفارقة الهاتف ولكنها رفضت دعوته للخروج تلك الليلة وقبلت يوم السبت دعوة من ليندا زوجة دايفد للذهاب الى منزلهما للعشاء لذلك كانت مسرورة حين اتصل حسين ليطلب منها العشاء معه وكن ان تذرعت بحجة صادقة
فقال باصرار: اذن يجب ان تتعشي معي غدا
فكرت في الامر لكنها لم تجد سببا للرفض انه لجل لطيف
ـ ايمكن ان تتناول العشاء في فندقي ؟
ـ لك ما تريدينه فراولة2008
مع ذلك اتصل بها حسين صباح الاحد ليتاكد انها لم تنس
اعجبت سيل بليندا حين تناولت العشاء معها ومع زوجها ليلة السبت وكان عشاؤها مع حسين افضل بكثير مما توقعت نعم لاتنكر انها فضلت الا يحاول الامساك بيدها اليسرى وهي تحول اكل الارز والسمك والبطاطا لكنه سرعان مافهم الرسالة ما ان نظرت اليه بوقار وقالت:
ـ انا احتاج الى يدي حسين
صباح الاثنين كان سمير موجودا ليقلها الى المكتب دخلت الى المبنى رافعة قامتها استعدادا للعمل الذي قد يرمية موري بوجهها ذلك الاسبوع . كان في المكتب كالعادة قبلها ولكنه للمرة الاولى بدا مؤدبا وهو يلقي عليها تحية الصباح .على ما يبدو ان كليهما امضى عطلة اسبوع جيدة .هذا ما ادركته وهي ترد عليه باشراق صباح الخير وترى ان عينيه لم تفارقا وجهها ولكن سرعان ما وجد موري انه كان متمدنا اكثر من اللازم اذ اعطاها تعليمات باردة : ادخلي ودفتر الاختزال .
تمتمت لنفسها وهي تدخل : ان قال لي يوما ارجوك فقد اقع ميتة من شدة ذهولي اتخذت مقعدا ونظرت اليه نظرة فاتنة بعينين بريئتين ولكنها ادركت انه التقط تمتمتها بسمعه الخارق .لم يعلق لكنه بدا عازم النية على الرد على وقاحتها وقد ظهر ذلك في الدقائق الاربعين التالية اذ راح يملي عليها ما يريد بسرع تفوق سرعته العادية. وكنت تتمكن من اللحاق به لاهثة ولم تكن قط ممتنة لرنين الهاتف كما اليوم .
سالت برقة وهي تعرف ان جميلة ستتصل بالمكتب اذا لم ترد على الهاتف الخارجي :
ـ هل اذهب لارد؟
ـ هاك
رفع سماعته التي اعطاها اياها فسالت
ـ الو جميلة هل اتصلت بي؟
ـ السيد حسيني يتصل بك
وحولت جميلة المخابرة اليها فقال برقة فائقة :
ـ سيليا انا مدمر
وبينما كان كل همها ان تنهي المخابرة اردف يقول انه منذ التقاها نسي امر السفر الى اليابان اليوم وانه اعتقد ان السفر في الاسبوع القادم ثم تابع مطولا يشرح لها ان الوقت غير مناسب للسفر . الوقت غير مناسب اطلاقا ايضا للاتصال هذا ما تاكدت منه وهي ترمق موري وتلاحظ الجليد المتجمع من نظرته
سالت حسين حين توقف ليلتقط انفاسه
ـ كم ستطول غيبتك؟
ـ اسبوعا وربما اسبوعين
ـ اذن ستجدني هنا حين تعود
واتعدت لتقول له أي شي للخلاص منه
سال بلهفة اهذا وعد؟
آه .. النجدة رمقها موري بنظرة غاضبة وبدا على استعداد لانتزاع الهاتف منها في أي لحظة
أجبت بتهور : أجل .. أعدك
سارعت الى انهاء المكالمة لئلا يجد رئيسها حجة الى طردها
قال موري بسخرية وتجهم :
ـ لعلك لم تنهي الكالمة بسببي؟
ـ انه حسين .... حسين حسني وهو مسافر الى اليابان اسبوعا وربما اسبوعين.
رد بسخرية:
ـ جيد ربما الان استطيع ان اتطلع الى استئثار انتباهك الكامل في ساعات العمل
وقبل ان ترد بانها تعتبر ملاحظته اجحافا انطلق يكمل املاءه فاضطرت الى دفع قلمها لتستطيع تدوين كلماته
مر يوم الاثنين بسرعة وكانت سيل فيه مشغولة حتى تبين لها ان عملها مع السيد روبرتس كان عملا سهلا ولكن ما حيرها ان تفكر في انها لن تستبدل هذا اليوم مقابل يوم اخر من ايام السيد روبرتس
علام يدل هذا بالضبط ؟ وعادت بعد العشاء تلك الليلة الى غرفتها تفكر ايعني هذا انها من النوع الذي يستمتع بتعذيب النفس وانها فعلا تستمتع بالعمل لدى ذلك البغيض موري؟
عندما اتصل حسين بها في 3 من بعد ظهر اليوم التالي خالت للوخلة انه لم يسافر ولكنه قال لها انه يتصل من اليابان سالت:اتتصل من اجل شيء محدد؟
ـ اتصل من اجل ان اسمع صوتك
ان الوضع يخرج عن سيطرتها كانت مسرورة من كل قلبها لان موري غير موجود في المكتب قالت بصوت معتدل : هذا لطف منك حسين
ثم استخدمت كل لباقتها لتقول له انها تفضل الا يتصل بها في الشركة لكنها اكتشفت ان المشكلة في هذا انه اعتاد الاتصال بها بعد ذلك كل مساء في الفندق وما ان حل يوم الجمعة حتى اصبحت اكثر لباقة في التعمل مع ملاحظاته الحارة
وفي يوم الجمعة ايضا كانت قد اصبحت اكثر اعتيادا على عملها في مصر واحست بتقدم في المساعي مع اوزوريس في صباح يوم وجدت ان الخطوات تتقدم فقد كانت جالسة وراء الالة تنهي مسودة تحضيرية تتعلق بالمشاورات التي جرت بين فوزي ودايفد وكانت ان بدات بهذه المسودة بعد ظهر الامسوعملت حتى وقت متاخر ولكن بما ان عدد صفحاتها كبير لم تستطع ان تكملها
في الواقع كانت توشك ان تنهي طباعة اخر صفحة في 12والنصف اخرجت الصفحات الاخيرة من الالة والقت نظرة اخيرة عليها فلم تجد شيئا عرفت ان الوقت لن يطول قبل ان يبلغ موري مرماه
جمعت اوراق المسودة وتوجهت الى المكتب الاخر رفع موري راسه فراى الاوراق مرتبة
ـ اهي تامة؟
ـ اجل
احست بالبهجة عندما راح يقلب الاوراق ويقول احسنت صنيعا
تمتمت بفظاظة: ابذل جهدي
ـ اذن ابذلي جهدك لتعرفي ان كان بديع حسني حرا بعد الظهر سآخذ هذه ......
وتوقف فقد راى في ملامحها ما اوقفه سالها بهدوء :
ـ ماالذي تعرفينه ولا اعرفه ؟
ـ السيد حسني موجود في الاقصر رات من الطريقة التي مال فيها الى الخلف بانه يريد معرفة ماهو اكثر
ـمن اين لك هذه المعلومات ؟ اظنني عرفت
ـاخبرني حسين
ـوهل عاد من اليابان ؟
ـلقد اتصل...
رمى العمل الذي سلمته اياه ووقف بطريقة عدوانية :
ـمتى؟
ـليلة امس
ـاتصل بك ليلة امس من اليابان ؟
ردت بتحد رافضة تهويله: اجل
عرفت من عينيه ان لهجتها لم تعجبه وكذا ما قالته وهي بدورها لم تعجب بنظرة التفكير البارد التي صعدت الى عينيه
ـليست المرة الاولى التي يتصل بك من اليابان اليس كذلك؟
ـانه يتصل كل ..
وتلاشى صوتها بسبب توتر فك موري فجاة ثم اكملت :
ـ لا ليست المرة الاولى
قال لها وعدائيته الان مكشوفة :
ـ بل قولي انه يتصل كل يوم في الفندق كل ليلة منذ اعطيته التشجيع بانه سيجدك هنا كل ليلة لدى عودته
نظرت اليه سيل بذهول لانه تذكر بدقه تفاصيل ما قالته لحسين في الهاتف
حاولت ان تنكر : لم اكن اشجعه
صاح ساخرا : لا ادري ماتسمين هذا اذن ولكن ربما لا تعترضين لانه يسعى للحصول عليك واظنك تجدين سعيه مناسبا لك. فراولة2008
قاطعته بغضب:لا اجد ذلك مناسبا لي انا ابذل جهدي لاسير في خط وسطي فلا اريد ان اغضب الرجل الذي هو ابن الرجل الذي قلت انه يمثل اوزوريس ولا اريد ان اكون غير وفية لشركتي وفوق هذا ان حسينا يعجبني ولكنني لا انوي ابدا الذهاب معه بعيدا عن الحد
ابتعد موري عنها خطوة كلامها في ذروته ثم ارتد اليها ليقول بفظاظة :لن اسمح لك بان تفسدي الجهود التي بذلتها في العمل بان تقولي لحسين بان يهدئ من ثورة غرامه
ردت ببرود: لن يصل الامر الى هذا الحد
قال ساخرا
ـ هه ان كنت تصدقين هذا حقا فانت اكثر سذاجة مما تبدين
ولكنه على ما يبدو لا يصدق انها ساذجة ابدا فكر لحظات ثم توصل الى قرار جعلها تشهق :
ـ من الافضل ان تقولي له حين يتصل انك في غيابه اغرمت بي قولي له....
شهقت شهقه ملؤها الصدمة فصمت ولكنها رغم ذهولها ردت بسرعة:
ـ لن افعل شيئا كهذا" لماذا انا غير معجبة بك حتى ولا حتى اميل اليك
وارتدت مبتعدة عنه
افترضت ان موري لا يهتم ابدا بمن يتركه ويبتعد عنه وسط مناقشة ولكنه جعلها تدرك عكس ذلك حين ادارها لتواجهه
قال بصوت راعد:
ومن يريد منك ان تميلي الي؟
سؤاله اصابها بصدمة وابقاها بال حراك وفجاة جن جنونها من يظن نفسه ليملي عليها ما تفعله بحياتها الخاصة
صاحت مذعورة :لا بد انك تهذي
ـ لا انا في كامل وعيي وستفعلين ماطلبته منك وإلا......
مرت سيل في الدقائق 10 الماضية بسيل من المشاعر الحادة ولكنها احست فجاة بشعور اخر ...العنف فجاة فقدت مناعتها الذاتية لمنع ذلك وفي لمح البصر طارت يدها اليمنى في الهواء،آلمتها يدها من قوة الصفعة الرهيبة الشرسة التي وقعت على وجهه ولكنها لم تكن نادمة رفعت راسها في الهواء وعادت الى مكتبها كالعصفة اخذت حقيبتها لتخرج من المكتب ومن المبنى ... النذل ليتها آلمته.
5ـ فجاة ابتسم ....
بعد نصف ساعة كانت سيل جالسة في مقهى فندق مجاور وفنجان قهوة امامها انه وقت الغداء ولكنها بسبب الغضب الشديد لم تستطع تناول الغداء ..كيف تجرأ ؟ ياله من شخص حقير انها مسرورة لانها ضربته
مرت نصف ساعة اخرى طلبت فنجان قهوة اخر قررت ان ترمي الوظيفة في وجهه فهي لاتريدها ستعود راسا الى انكلترا نعم هي لم تشاهد الاهرام ولكن اشاهدتها ام لم تشاهدها سترحــــــــــل
عندما مرت 10 دقائق ولم تتحرك للعودة الى بلدها ادركت انها هدات لكنها مازالت غاضبة منه وبعد5 اخرى راحت تفكر بعقلها لا بقلبها وغضبها المشتعل
ادركت عندئذ انها ستسدي لموري خدمة ان تركت الوظيفة وكم سيعجبه ذلك لقد كان حاقدا على السكرتيرات الاناث قبل ان تصل
في الدقيقتين التاليتين قررت عدم المغدرة فقد تذكرت انها صممت في البداية على البقاء مهما فعل موري بروكس . بدات تبعد عن التشبث برايها لن تهرب انها لن تهرب انها ماهرة في عملها نهضت لتسدد فاتورتها ثم خرجت هذه مسالة لا علاقة لها بمواهبها السكرتارية
كانت جميلة مشغولة بمكالمة حين دخلت سيل الى مبنى الشركة شامخة الراس ابتسمت لجميلة ثم راحت تصعد الدرج ، كان الباب المشترك بين المكتبين مقفلا وصلت الى مكتبها حيث وضعت حقيبتها ولكنها لم تدرك حتى ذلك الحين ان كان موري في الداخل لم يطل بها الوقت لتعرف فما ان تناولت دفتر الاختزال لتبدا بالطباعة حتى انفتح الباب المشترك
رفضت النظر اليه بعناد وتابعت العمل حين اقفل الباب مجددا لم يتقدم الى الامام ظنت انه مستند الى الباب يراقبها فتعثرت اصابعها وتوقفت عن الطباعة
املت ان تخفي عذاب مشاعرها المفاجئ تحت واجهه باردة فجاة تذكرت ديان ماكفرسون
نعم هي تشك في انها حاولت كسر عظام خده كما فعلت هي ولكنها شعرت بانه ليس في يدها قرار العودة الى لندن او البقاء في مصر لم تكن متوهمة من قبل لكنها الان تعرف انها ستواجه مصير الفتاة لو اصبحت انثى اكثر من اللازم امامه وتذكرت مجددا ما حصل في مكتبه فجاة اصبحت متاكدة من انها ستتلقى اوامر الرحيل.72
استقام موري وقال ببرود :
ـ من الافضل ان تعودي الى فندقك لتوضبي حقائبك فلقد..
قاطعته بحدة: هذا اجحاف....
ووقفت غاضبة ترفض السماح له بان يتم كلامه وتابعت :
ـ انت من بدات هذا ضربتك لانك ..لانك .. بسبب ما قلته كنت تستحق ذلك ..انت ..
ولكنه لم يسمح لها ان تكمل .. فقد صاح بصوت راعد:
ـ لا شأن لعدم قدرتك على كبح طبعك الناري في كل هذا اذهبي واجمعي اغراضك
ـ ايها النذل ايها الحقير
وهرعت نحو الباب عدوا وفتحته ولكنها لم تخرج منه لانه تكلم فجأة بصوت ساخر:
ـ توقفي عن الاطراء آنسة سوفتنغ ..والا غيرت رايي بشان الشقة التي وجدتها لك
وقفت فاغرة الفم ثم ما لبثت ان اغلقت الباب وارتدت اليه بعد ان طار غضبها وغمرها الخجل لانها لو تركته ينهي ما بداه بدل مقاطعته لما كان لديها سبب يدعوها لفقدان اعصابها
ـ وجدت لي ..شقة
ـ اذهبي واجمعي اغراضك
اتقلت سيل الى الشقة التي وجدها موري في ليلة الجمعة ذاتها وكان ان امضت يومي السبت والاحد مستمتعة بمسكنها الجديد .. فالاقمة في الفندق صالحة لقضاء يوم او يومين في بعض الاحيان كانت تتذكر سوء ظنها بموري فتشعر بعقدة الذنب تغمرها لقد اخطات عندما اتهمته بالاجحاف لقد شاهدت منه الان ما يجعلها تعرف انه انسان عادل
كانت محبطة نفسيا بسببه وتشعر بانه من الواجب ان تعتذر منه صباح الاثنين وخرجت الى نور الشمس الساطع فابتسمت لحارس المبنى ثم رات امامها سمير المخلص
ـ صباح الخير سيدتي
ردت بحبور : صباح الخير سمير
بدات اسبوعها بقول جميلة لها ان السيد موري في اجتماع مغلق مع دايفد وحين وصلت الى مكتبها كان اول ما تلقته اتصال من حسين في اليابان
سرعن ما سالها :
ـ لماذا لم تخبريني بانك ستتركين الفندق ؟ حاولت الاتصال بك هاتفيا
بدا في غاية الاستياء ..قالت له بحبور:
انتقلت الى شقة جديدة يوم الجمعة
ـ اذن عليك ان تعطيني رقم هاتفك
ـ لا اظن ان لدي هاتفا
حين انتهت من المكالمة وضعت السماعة من يدها ..وبدا لها ان لاجدوى مما اقترحه فكيف تطلب هاتفا لشقتها وهي لن تمكث في هذا البلد طويلا
مر اسبوع كان فيه حسين يتصل بها يوميا في المكتب وفي احد الايام قال لها بصوت درامي انه لن يعود الى مصر قريبا كما كان يعتقد .في ذلك الاسبوع خرجت سيل الى العشاء مع هيوغو فعرفت انه طلق زوجته منذ مدة غير بعيدة وحاول عدم الكشف عن الجرح الذي ما زال يؤلمه اما في المكتب فبدات تحس بضجيج محدد للمفاوضات نعم لم تجري الامور دون عقبات مفاجئة .فقد طرأ على المسودة التي طبعتها تعديلات كثيرة وفي النهاية اضطرت الى طبعها من جديد
حين اوشك ذلك الاسبوع على الانتهاء شعرت بالارهاق ولكنها سرعان ما استردت نشاطها وكانت مسرورة برد ضيافة ليندا ودايفد اذ دعتهما الى العشاء
ما ان دخلت الى مكتبها يوم الاثنين حتى خرج موري من مكتبه اليها . حدجها بنظرة طويلة فظنت انه يتاهب لتوبيخها على شيء فعلته اونسيته
قال بفظاظة: صباح الخير .. يجب ان اسافر الى القاهرة . فراولة2008
تمتمت: ساجد مايشغلني
وبدات بالبحث في اوراقها فاستغربت من اين ياتي هذا الكم من العمل
قال ساخرا:هه ! توقفي عن التفتيش ..انت قادمة معي الى القاهرة
كانت سيل قد سافرت الى القاهرة من قبل ولكن ذلك تم ليلا اما هذه المرة فكانت الرحلة نهارا لذا رات انه نال فعلا صحراء على جانبي الطريق وان الشمس تسطع بحرارة شدسدة فوق الرؤوس .بين الحين والآخر كان يطالعهما الاخضرار والاراضي الزراعية لكن سرعان ما كانت تعود الصحراء الى الظهور لم يحدث شيء أثناء الرحلة ولكنها لاحظت ان موري يركز افكاره على امور عملية ويستحسن صمتها ما استغربته في هذا الجو
لازمها هذا الشعور الى مكاتب شركة بيكون للنفط وكم شعرت بالسرور لرؤية إيفان جونز الذي بعدما حيا رئيسها ابتسم لها وبدا مسرورا برؤيتها : سيل كيف تسير الاحوال ؟
قاطعه موري هل بايرد في مكتبه ؟
وقبل ان تدرك اقتادها الى مكتب اليكس واقفل الباب حيث بدا ثلاثتهم بالعمل ..
حين غرق الرجلان فيما بعد في بحث بعض الارقام خرجت سيل من الغرفة بحثا عن القهوة التقت بعزيزة مثيلة جميلة في فرع القاهرة كانت عزيزة تتحدث الانجيليزية بطلاقة مثل جميلة ولكن ايفان اراد احتكار سيل
قال: ان هيوغو رجل محظوظ
سالت ببراءة :لماذا؟
ـ لان مركزه الاسكندرية
ثم انفتح باب اليكس ووقف موري هناك لاحظت نظرته الساخطة فظنت ان هناك خطأ ما لكنها ادركت وهو يخرج الى الباب الخارجي انه لم يكن ساخطا بل مشغولا فكره بشيء ما
نادت عزيزة وايفان:
ـ وداعا
وتبعت موري الى الخارج فكرت انه سياتي يوم لن ينفتح لها الباب بل سيتركها تتدبر امرها وتركض خلفه ولكنها لم تدرك انها كانت تبتسم لافكارها حتى سألها بتحد :
ـ ما الذي يسليك؟
لو عاملها بهذ الطريقة في يوم آخر لرفعت صوتها احتجاجا ولكن الاحساس بالرضى ما زال يلازمها لذا تشعر برغبة ولو ضئيلة في الرد بغضب . فكان ان واجهت نظرته الشرسة بهدوء ثم ابتسمت فجاة:لقد شربت القهوة اما انت فلم تشربها
أدار المفتاح بالباب وانفتحت الابواب الاربعة
ـ اصعدي
احنت راسها لتصعد ولكنها لمحت فمه يتحرك بما يشبه الابتسامة
كانا على الطريق من القاهرة الى الاسكندرية لمدة سلعة حين انعطف موري عن الطريق وتوجه نحو مطعم حديث لم تستطع سيل اخفاء فرحتها ليس من اجلها فقط بل من اجله ايضا فهي ترى ان عليه ان يستريح قليلا
سألها وهو يرافقها الى المطعم : جائعة؟
ـ اجل بعد انتهاء الطعام اقترح ان يتنزها على الاقدا على مروج خضراء معتنى بها جيدا .توقفت فترة قصيرة حين وصلا الى قفص ببغاوات وسرها ان موري لم يظهر نفاذ صبره بسبب توقفها هناك بعد ذلك تقدم ليتفرجا على بضع دجاجات . وفي اثناء العودة الى السيارة ادركت سيل انها استمتعت بيومها وهذا ما جعلها تدرك انه حان وقت الاعتذار منه خاصة وهو في احسن حالاته
ـان لم ... اقل حتى الآن انني آسفة
ـ لانك تناولت القهوة في مكتب القاهرة وتركتني اموت عطشا؟
اعترفت ضاحكة وقالت بجد:
ـ لا ..لاني ظننتك مجحغا بحقي
ـ اعتذارك مقبول
ـ اما زال حسين يتصل بك كل مساء من اليابان؟
ـ لا لا هاتف في الشقة
ـ لكنه عرف بانتقالك من الفندق ؟
ـ اتصل بي في المكتب عندما عرف من الفندق انني رحلت
ـاذن عاد الى الاتصال بك في المكتب يوميا ؟
ردت بحدة وقد تلاشى كل رضاها النفسي :
ـ ليس كل يوم معظم الايام
ـ وهذا امر كنت تحتفظين به لنفسك
ـ لا شأن له بالعمل
رعد صوت موري : بل له كل الشأن فما دمت مسؤولا عن المشروع اريد معرفةكل ما يدور حولي وكل ما يتعلق بأحد أفراد اوزوريس ان ولاءك الاول ياأنسة هو لي لانك تعملين في الشركة
ـانت غير عادل انا وحسين مجرد اصدقاء لذا لا شان للعمل بصداقتنا
صاح كالعاصفة:
ـ لاتكوني حمقاء هكذا انه ابن الرجل الذي يدير اوزوريس ..
شعرت بالغضب لانه نعتها بالغباء حمقاء نظرت من النافذة الجانيبية ومنذ تلك اللحظة وحتى بلوغ الاسكندرية لم تتفوه بكلمة . عندما وصلا كان غضبها قد فتر فقد تذكرت ان حسينا هو ابن بديع الوحيد وهذا ما دفعها الى التساؤل عما اذا احتج حسين لابيه في شانها لسبب ما ان امرا كهذا قد يدفعه الى تغيير رايه في صفقة تقدر بملايين من الجنيهات .
وجدت صعوبة كبيرة في ابتلاع اتهامها الثاني لموري بالظلم ولكن عندما اوقف سيارته قرب مكاتب الشركة لم تستطع دفع نفسها للاعتذار فهي ماتزال ساخطة من نعته اياها بالحمقاء .. اضف الى ذلك انها اعتذرت مرة في هذا اليوم وهذا برايها اكثر من كاف .
كانت عند رايها عندما اقلها سمير الى شقتها تلك الليلة ولم تغير رايها حينما اعادها الى المكتب الصباح التالي مع انها حين ذهبت معه الى اجتماع سيعقد بينه وبين بديع لم تستطع الا الاعجاب بموري فقد شهدت بام عينها الطريقة التي تعامل بها مع كل معضلة . تصورت ان حلال المشاكل يدخل المفاوضات شاهرا سلاحه لكن الامر لم يكن هكذا ولم يكن هناك شك في ان موري قد يصبح قاسيا اذا استدعى الامر ذلك ولكن صبره اللامتناهي اذهلها اما دبلوماسيته فمن ارفع المستويات وهي ظاهرة في رفضه او لينه .
رات سيل بوجه عام ذلك الصباح لماذا كانوا يرسلون موري الى كل مكان حين تفشل المساعي ففي نهاية اللقاء حقق موري اختراقا مؤكدا. فراولة2008
امضت بعد الظهر تطبع صفحة بعد صفحة عن امور شديدة السرية احست انها قادرة على مسامحة موري بعدما فقد اعصابه معها كما حصل بالامس ولكنه ما زال يثق بها فهو لم يصحبها فقط الى الاجتماع معه بل كان يسلمها ارقاما واسرارا لو حصل عليها أي منافس لدفع ثمنا باهضا .
ولانها تعلم ان العمل طارىء عملت عليه تلك الليلة حتى وقت متاخر ولكنها لم تكن قد طبعت غير نصف ما امامها عندما حلت الساعة8 ودخل عليها موري الذي كان يعمل مثلها ليقول باختصار: كفى اليوم.
قضت كل صبيحة الاربعاء في الطباعة ثم حملت ما طبعته الى موري الذي استدعى دايفد الى مكتبه وعندما استدعاها الى مكتبه في 4 من بعد الظهر كان بمفرده وكانت الاوراق التي طبعتها امامه فاتضح لها عندئذ انه ودايفد كانا يراجعان الاوراق بدقة
قال لها : هلا عملت حتى وقت متاخر الليلة ايضا؟
ان يطلب منها هذا امر ايجابي مع انها تعرف انه سيعلق بشيء لاذع لو رفضت . احست ان للطلب علاقة بالعمل الذي تنجزه
أجابت بجد: بالتاكيد هل من خطب ؟
رد: لا ابدا نحن على الدرب السوي
أملي عليها في الساعتين التاليتين مواد اضيفت الى العمل الذي يشغلها سيل التي اصبحت على معرفة تامة بالطريقة التي يبني فيها موري جماه عرفت انه طلب راي دايفد القانوني في مسائل محددة
كانت تشعر بالاثارة بسبب ما يجري ثم ما لبثت ان بدات تشعر بالتوتر عندما املى موري آخر نقطة . حاولت ان تبقى هادئة ولكنها لم تستطع منع نظرة الاشراق والانفعال عن عينيها حين رفعت راسها لتقول :
ـ هذا هو اليس كذلك ؟العقد اعني .. لقد حققت مآربك انت
وتلاشى صوتها بسبب نظرته الممعنة اليها
مال الى الخلف في كرسيه وقال لها مبتسما فجأة :
ـ صحيح .. الآن علي ان اتوجه الى المطار
ـ المطار ؟ انت .. ستقابل طائرة قادمة ؟
ـ بل سألحق بطائرة ما .. لانني مسافر الى انكلترا
خفق قلبها فجأة ..لقد انهى عمله ..ولن يعود استدعت طبيعتها التي لاتتاثر بسهولة لتقول له:
ـ لا شك في انك سعيد بما انجزت . فراولة2008
ابتسم لها مرة اخرى فشعرت بسعادة لاتوصف
ـ لن اعتبر عملي منجز حتى ارى توقيع بديع قرب توقيعي على العقد البدائي
هب على قدميه ثم قال لها ان دايفد سيعمل حتى وقت متاخر ايضا وانه سيقلها الى المنزل ..ثم وبعدما فكر في كل شيء راح ينظر الى وجهها بثبات ويقول :
ـ اراك لدى عودتي
سار الى الباب وهناك ارتد اليها مجددا :
ـوداعا سيل
بعد خروجه ظلت سيل تحدق في الباب الذي اغلقه و راءه..ولم تستطع ان تتماسك فبل بضع دقائق لانها ادركت انها ستشتاق اليه انما ما خخطبها ؟اتلقت ضربة شمس؟
اخيرا تركت مكتب موري وعادت الى مكتبها ونظرت الى ما عليها طباعته من اضافات الى التعديلات وتعليمات على العقد فقررت البدء فورا.
مضت الساعة التالية كلمح البصر ولكنها لم تكن كافية لتقلل من كمية الحمل امامها ثم دخل دايفد ليقول لها انه سيتوقف عن العمل فقالت وهي تلملم الاوراق:
ـ هل استطيع وضع اوراقي في خزنتك؟
ـبالتاكيد
طال الوقت بسيل تلك الليلة فقد وجدت افكارها تتجه مرارا ومرارا الى موري بروكس الذي هو في طريقه الى انكلترا افترضت ان لديه اجتماع مجلس الادارة في الصباح الباكر وتساءلت عما اذا كان سيجد فرصة لينام قليلا خلال تلك الرحلة بعد قليل تساءلت عما يهمها في هذا كله ؟ على أي حال لقد عملت مع هذا الرجل الذي تعرف انه لا يحتاج الى النوم .
اجبرت نفسها مدة قصيرة على ابعاد افكارها عنه فراحت تفكر في الرجل الذي وضع الكثير من العراقيل في درب موري . انها في مصر منذ 3اسابيع وان كانت قد قد عرفت شيئا في تلك الفترة فهي ان بديع لم يجعل الوصول الى الاتفاق سهلا .بعد بلوغ الاتفاق اخيرا انه رجل شريف مثل موري مع ان بعض التديلات قد تضاف قبل التوصل الى الصيغة النهائية .
كان التفكير في بديع وفي ما سيؤدي العقد في النهاية من ازدهار لشركتي بيكون واوزوريس آخر ما فكرت فيه قبل ان يطرق النوم جفنيها فهي في ذلك الوقت باتت غير قادرة على كبح تلك المشاعر المجنونة التي استولت عليها حين كانت مع موري . شدت الاغطية فوق راسها لتنام .
كان يوم الخميس يوما عملت فيه حتى ارهقت نفسها وكان يوم الجمعة مماثلا اخيرا دفعت عنها الالة الكتبة وذلك في الساعة 3 واخذت تلقي نظرة على العقد الذي امضت يومين في طباعته وسامحت نفسها على الاحساح بالفخر حين دفعت اخيرا الملف الذي لا اثر فيه للخطأ من يدها ثم رن الهاتف على مكتبها وكان المتصل هيوغو قال ممازحا:
ـ اليس لديك منزل تذهبين اليه؟
نظرت الى ساعتها فوجدت انها تجاوزت 5 فاجابت :
ـ قل لسمير ان ينتظرني . يجب ان اعطي لدايفد شيئا حتى يضعه في الخزنة ثم اكون مستعدة لــ
ـ سمير هنا ولكن دايفد ليس هنا
ـليس هنا؟
ـقال شيئا عن رغبة ليندا في السفر الى اسوان في نهاية الاسبوع لهذا خرج باكرا.
فكرت سيل لحظات .. في المبنى خزنتان فقط وليس لديها مفتاح لاي منهما ولكن هناك محفظة الوثائق التي عليها استخدامها وقت الحاجة ..
ـساكون معك بعد5 دقائق
فتحت درج مكتبها واخذت حافظة الوثائق الجلدية التي لم تبصر النور في الاسابيع الاربعة السابقة . فكرت وهي تخرج من المكتب في يدها انها ربما تبالغ ففكرة اقتحام احد المنافسين المكاتب بعيدة الحدوث ولكن التجسس الصناعي امر واقع في جميع الاعمال وهي لم تكسر ظهرها جلوسا في طباعة التفاصيل الحددة لتسرق وضعت كتدبير اضافي اضافة الى نسختين من العقد ملاحظاتها ودفتر اختزالها في الحقيبة ايضا .
ما ان انزلها سمير قرب منزلها حتى دخلت الى شقتها ثم دخلت الى الحمام لتغتسل شعرها مقررة تركه يجف بمفرده وفيما كانت ترتدي مبذلها دخلت الى المطبخ لتحضر لنفسها وجبة طعام.
تناولت طعامها ورفعت الصحون عن المائدة وكانت تفكر ما اذا كان عليها كتابة رسالة اخرى الى ذويها ولكنها في الوقت عينه كانت تفكر في انها قد تصل الى انكلترا قبل ان تصل الرسالة فعملها في مصر اوشك ان ينتهي . فجأة رن احدهم باب الشقة. فراولة2008
عرفت ان لا احد مشبوه قد يسمح له الحارس بالمرور لذا تاملت روبها فوجدت انه مربوط باحكام ثم فتحت الباب قليلا فجاة خفق قلبها بجنون فقد رات موري واقفا بالباب ففتحت الباب اكثر وهي تصيح استغرابا:
ـ مو.... سيد بروكس ؟متى عدت؟
كان رده ان تفهرس بها من قمة راسها الاشقر الى اخمص قدميها ثم ابتسم ببطء ابتسامة دافئة وقال برقة:
ـ موافق .. لقد حان الوقت لتستخدمي اسمي الاول
ـ ادخل
فجاة ادركت ان شعرها المغسول حديثا كان ناعما كالزغب وان وجهها خال من المكياج وانها بحجة الى لحظات وربما دقائق لترتب نفسها
ارتدت تبتعد عنه ولكنها ارتدت عنه مجددا عندما لحق بها الى غرفة جلوسها وراحت تنظر اليه بدا عزيزا بشكل غريب هذا الرجل الطويل عريض المنكبين الذي بدات تعترف انها اشتاقت اليه في اليوميين الماضيين لكن فيما هي مشغولة في رفض فكرة اشتياقها اليه رات عينيه تجولان في غرفة الجلوس ثم سالها :
ـ هل استقريت هنا؟
ـ اوه اجل
ابتسمت له بود:
ـ هل اقدم لك شرابا؟
احست بالراحة حين وافق على فنجان قهوة فما لديها من مرطبات قليل تركته وذهبت الى المطبخ لتفكر فيما اذا كان عليها ان تذهب لتغير ثيابها اعدت القهوة وهي تتساءل عما اذا كان سيظنها غبية ان غيرت ثيابها فهو لن يمكث طويلا اكثر من الوقت اللازم لشرب قهوته ثم احست بالغضب من نفسها فكيف تتوتر هكذا وهي المراة التي تسيطر دوما على انفعالاتها .
حينما حملت الصينية الى غرفة الجلوس كانت في روبها المنزلي وبعدما وعظت نفسها باختصار عادت لتسيطر على اعصابها ثم قدمت اليه فنجانه
ـ كيف حال انكلترا؟
ـ ممطرة
ـ ملهوفة للعودة ؟
ضحكت : الى المطر
ـ بل الى رجل
اعترفت بخفة : ليس لدي رجل محدد
ـوليستر آثمور؟
ـ صديقتي باتي اكثر مني اهتماما به
وجدت نفسها تخبره عن المسرح ودرها غير التمثيلي وكيف اتفق ان كانت في صحبة ليستر في الليلة التي وصل فيها التلكس من القاهرة
علق موري حين انتهت :
ـ ان ذلك من حسن حظنا
نظرت اليه وهي ترى انه مسرور لانها من ارسل الى مصر .. ابتسم فجاة.. ففتنت ابتسامته سيل مرة اخرى لكنها تذكرت انه لا يرغب في سكرتيرة انثى تمتمت وهي ترتشف قهوتها :
ـ هل افهم من هذا ان سكرتيرة انثى ليست سيئة على أي حال ؟
تجاهل سؤالها بسهولة :
ـ بمناسبة عن العمل اتصل بي بديع حال وصولي
سالت بلهفة:
ـ امازال كل شيء على ما يرام ؟
رد بثقة رجل يعرف عمله وانه قام به بطريقة صحيحة
ـ بالتاكيد. ما ان نوقع ذلك العقد حتى يصبح مؤكدا مع ان مكاتبنا القانونية قد تحدث به بعض التعديلات القانونية.
همت سيل بسؤاله عما اذا كان عليها ان تهنئه الانولكنها تذكرت شيئا فجاة فصاحت بسرعة :
ـ آه اضطررت الى احضار نسختي العقد معي الى هنا
ـ صحيح
ـ لم تسنح لي الفرصة لوضعهما في الخزنة قبل خروج دايفد الليلة
أحست بالدفء بسبب رد موري :
ـ انها غلطتي .. كنت في طريقي الى المطار عندما تذكرت امر مفاتيح الخزنة التي كنت اريد تركها معك .
جعلها هذا الاطراء تنسى نيتها في احضار الحقيبة التي تضم الوثائق وسامحته على نسيانه
ـ كنت مشغولا كثيرا ذلك اليوم
صحح لها:
ـ بل كان كلانا مشغولا والانا عود عن الحديث عن بديع الذي اتصل بي منذ قليل ليدعونا الى منزله في الاقصر لقضاء بضعة ايام .
ـ الاقصر " نحن"
فخأة بدات بالحماس ولكن ما لبث حماسها ان بدا يخبو حين رات عبوس موري المفاجىء ففهمت ان خطبا ما في الامر .
سألت :
ـ ليس .....نحن ؟
رد بشيء من البرود في تصرفه :
ـ لقد وافقت على ذهابنا الى الاقصر لكنني رفضت دعوته للاقامة في منزله
سألت وهي لاتفهم السبب :
ـ رفضت ؟ لان الامر غير مناسب من الوجهة العملية ؟
رد بنفاذ صبر :
ـ ما ان نوقع ذلك العقد حتى نصبح معا في الجانب نفسه من الاعمال والآن اعلم كان ابنه عاد
أثار انقلاب موري من رجل مرح الى رجل قاس ساخر ارتباك سيل ولم تفهم ما يقول :
ـ وما شأن وجود حسين في المنزل بـــــــــ.....؟
كان هذا كل ما قالته لانه انفجر يقاطعها:
ـ اين امضيت حياتك ؟ فكري في الأمر يا امراة .. الا ترين انه يسعى لاهثا ورائك؟
ردت بحرارة وان بارتباك بسبب غضبه:
ـ بالتاكيد لا
ـ بل نعم ...الم تتمكني من فهم هذا ؟ هل انت بريئة كما تبدين ؟
لم يعجبها الاحساس بانه يستجوبها في امر خارج مضمار العمل فاجابت:
ـ وما شان هذا في كل شيء ؟
عندما كانت تراقبه رات نظرة الاستغراب تنقلب الى ذهول كامل فعرفت انه قرا كل الحقيقة دون الحاجة الى رد
ـ آه"
سالت وقد عادت كراهيتها له من تلك اللحظات :
ـوماذا افهم من هذا ؟
اكتشفت انه لم يكن معجبا بها كذلك فقد وقف استعدادا للخروج
وقفا وجها لوجه ينفثان نار الغضب والعداء على بعضهما بعضا نظرت سيل الى عينيه الرماديتين فقرات انه سيكون سعيدا لو خنقها ثم وهي تشعر انها لن تمانع ابدا لو هاجمته ادركت فجأة سخرية الموقف الرحة في تلك اللحظة رات شفتيه تلتويان ثم في الوفت نفسه اغرقا في الضحك .
لا تدري من تحرك اولا بعد انقطاع الضحك لكن فجأة وفيما موري ينظر اليها وهي تنظر اليه ابتعد عنها واتجه الى الباب ليقول ما ان وصل اليه :
ـ اراك في الصباح
ـ عائد لتراني ؟
تمتم: قلت لك اننا ذاهبان الى الاقصر
كان قد رحل حين خرجت سيل من حالة الذهول مع ذلك بدت ابتسامة طفيفة بطيئة تعلو وجهها انها ذاهبة الى الاقصر غدا ... ومعه "
بعد دقائق تذكرك انه قال ان الرحلة قد تستغرق بضعة ايام ففكرت انه عليها توضيب حقيبتها .
6ـ أي جنون هذا ؟"
استيقظت سيل باكرا صبا يوم السبت مدعية امام نفسها ان سبب استيقاظها المبكر توقعها قدوم موري مع بزوغ الفجر فعليه اجتياز 500 ميل حتى الاقصر
عندما انبلج الفجر كانت مستيقظة وكان الوقت بالتحديد 5 والنصف والواقع انها تركت فراشها بسبب قلة النوم
استحمت وارتدت ملابسها في وقت قصير ثم تذكرت موري ولكنها لم تشا التفكير فيه فليس فيه ما هو مميز على أي حال ولا تريده ان يكون مميزا
ابعدت الذكرى بحزم عن تفكيرها قررت ان ما انساها تسليم العقد هو ذكره الاقصر وليس لطفه في بداية زيارته فكرت في ما اذا كان عليها حمل الوثائق معها في حقيبة ملابسها وكانت في النهاية قد قررت حملها ربما سيذهبان الى الاقصر بالقطار او بالطائرة ومن اجل الامان قررت ان تكون الحقيبة الجلدية الهامة في مكان تراه دائما . القت نظرة الى شقتها فوجدتها مرتبة نظيفة ثم جلست تنتظر موري ولكنها تمنت انها سالته عن موعد قدومه اليها
كانت الساعة 8 والنصف حين رن جرس الباب هرعت بسرعة الى الباب الخارجي .بعد القائها محاضرة على نفسها تقدم الى الباب لتفتحه وهي تتذكر كيف افترقا امس حبيبا .أخيرا فتحت الباب
قال موري ساخرا:
ـ لقد اخذت وقتك؟
سرعان ما تلاشت ابتسامتها وابتلعت الكلمات التي مفادها انها لن ترافقه الى الاقصر تذكرت في الوقت المناسب انه رئيسها فرفعت راسها اليه فطالعها وجه غير مبتسم عبس قد يكون اليوم هو يوم السبت ولكنها لم تعتبر انها سكرتيرة من 9الى 5 ومن الاثنين الى يوم الجمعة هكذا تراجعت لتاخذ حقيبتها ومحفظة الوثائق وحقيبة الكتف وقالت برقة:
ـ نسيت متى قلت انك قادم
نظر اليها ساخرا:
ـ ارى انك تسافرين خفيفة اليوم
تناول حقيبتها من يدها وتركها تقفل شقتها
كانت سيل تفكر في انه وغد عندما انضت اليه في سيارته لكنها لن تشرح له انها لم تستطيع الخروج ليلة امس لشراء اية حقيبة اصغر من التي تحملها واخذت ترغي وتزبد وهما يبتعدان .لاحظت بعد قليل انهما يتجهان الى المطار ولكنها قررت عدم التفوه بكلمة .
الوقع ان صمتها لم يؤثر فيه شيئا فلقد تجاهلها كليا ولم يكلمها كليا الا بعدما اوقف السيارة وحمل حقيبتها وحقيبته وحقيبة اوراقه ثم التفت يشير الى حافظة الوثائق :
ـ أحملت معك العقد ؟
ـ نعم النسختان
كانت تمسك بالمحفظة وهما يدخلان الى مبنى المطار فتمنت لو تضربه بها على راسه ماذا جرى في ساعات الليل حتى تحول من رجل مرح الى رجل متوحش نكد؟
لم يطل بها الوقت لتعرف الرد لم يحدث شيء وهل كان يوما مختلفا ؟ الم يكن على هذه الحال دائما ؟ لطيفا او تقريبا في دقيقة ثم بدون سبب معروف يصبح شرسا معها
كانت تفكر كيف استطاع موري ان يخاطر بالعقد الذي تعب في تحقيقه برفضه دعوة بديع للاقامة في منزله ولكن مما شاهدته فهمت ان الرجلين موري وبديع يكنان لبعضهما بعضا احتراما مشتركا احتراما يبلغ حد الصداقة . لذا ليس من المستغرب ان يدعوه بديع الى منزله بدافع الاحساس بالصداقة .
ان لدى موري قدر كبير من اللياقة ولكنه لايضيع شيئا من اللباقة عليها . فراولة2008
وجدت سيل القصر اشد حرارة من الاسكندرية لذا شعرت بالراحة لانها ترتدي ملابس قطنية خفيفة عندما غادرا الى المطار بواسطة سيارة الاجرة كانت حافظة الوثائق معها . كان الاقصر صاخبا ونشط الحركة كالاسكندرية وتساءلت عما اذا كانت ستتاح لها رؤية معبد الاقصر ولكنها بدات تشك في هذا فهي في مصر منذ شهر ولم تر حتى الان الاهرامات
وقف التاكسي امام فندق صغير انيق ولان موري متوحش تمنت سيل وهو يسير بخطى واسعة نحو مكتب الاستقبال ان لا يكون هناك غرفة شاغرة بسبب كثرة السواح
قال موظف الاستقبال حالما انتهت الاجراءات :
ـ سانادي حمالا يحمل حقائبكما
والتفت موري الى سيل وقال باختصار :
ـ انا مشغول بعد الظهر .. تناولي بعض الغداء
صمت فجاة وهو يدرس وجهها فلمحت وميض رقة في تعابير وجهه او هذا ما ظنته لانها عرفت انها اخطات حالما اختفت تلك النظرة وقال لها بصوت فظ:
ـ سنتعشى في منزل بديع هذا المساء من الافضل ان تستريحي بعد الظهر
ارتدت سيل وسارت خلف الحمال تفكر : شكرا لأنك أخبرتني بانني ابدو متعبة " لكنها لا تريد ان تستريح ولا تحتاج الى الراحة .. تبا لماذا يداب على تكديرها
شكرت الحمال واعطته البخشيش المتوقع ولانها لاحظت ان غرفتيهما متلاصقتان تاكدت ان تكون الحقيبة الصغيرة في واحدة منهما وحملت هي الاخرى .
تذكرت انه لم يقول انه سيعمل بل قال انه مشغول بعد الظهر وعندما بدات تطالعها صور عن الامر الذي هو منشغل به طلبت خدمة الغرف وكانت الساعة تقارب الثالثة حينما قررت ان تفرغ حقيبتها .
لم يدم افراغ ملابسها طويلا فخرجت الى الشرفة حيث راحت تتامل المنظر باعجاب . كان يتدفق عصب الحياة في مصر : النيل فراحت تراقبه. رات فيه عبارة مزدحمه تتجه الى الجانب الاخر من النهر حيث العشب الاخضر النابت واشجار البلح
ظلت على شرفتها ماخوذة بالعظمة التي امامها تراقب كل ما هو منتشر على مد البصر ثم وصل النادل حاملا طعامها . على الشرفة كرسيان وطاولة فراحت تتناول الطعام هناك وتتامل في الوقت ذاته اشجار النخيل .
بدات تفكر بموري و اخلاقه الشرسة ذلك اليوم وبدات تتوتر . تبا لهذا الرجل لحظات الارتياح لم تكن كافية لكن بانتهاء وجبتها وتلاشى سعادتها تركت الشرفة وقررت ان تغير ملابسها وفي نفس الوقت ان تتحدى طلبه منها ان ترتاح وتخرج فمنذ متى يهتم لو استمرت متعبة حتى تقع ؟ فراولة2008
خلعت ملابسها ففضلت ان تستحم بعد الحمام نظرت الى اظافرها فعلمت انها بحاجة الى قليل من التقليم وضعت روب المنزل حول جسمها وجلست تعتني بأظافرها لم يكن لديها فكرة متى تثاءبت بالضبط فقررت لحظات وعندما استيقظت وجدت الظلام قد حل أضاءت مصباحا ثم اطفاته حين تذكرت البعوض ثم تقدمت لتقفل باب الشرفة وعادت لتضيء الغرفة ثم راحت تبحث عن ساعتها
احست بالراحة وهي ترى ان الساعة لم تتجاوز 7 .المصريين الذين تعرفهم يتناولون العشاء في وقت متاخر ومع ان صاحب السعادة في الباب الجاور لم يعطيها فكرة عن الوقت الذي سيصطحبها فيه اعتقدت ان عليها ان تكون جاهزة قبل 8.
قبل 8بعشرين دقيقة كانت جاهزة وكانت قد استحمت مجددا وارتدت فستانا حريريا عاجي اللون ثم وضعت بعض الماكياج على وجهها بعد دقائق كانت تلقي نظرة على شعرها الطويل الاشقر الشاحب حين سمعت الباب القريب من بابها ينفتح ثم ينغلق .
عرفت ان اذنيها لم تخدعاها حينما سمعت شخصا يمر ببابها ويرمي تحية متمدنة ثم صوت موري يرد :
ـ مساء الخير
بدا قلبها يسيء التصرف بشكل غير معقول لكن لم يكن امامها سوى ثانيتين لتتمالك نفسها بعد هذا سمعت قرعا على بابها فتمهلت سيل قليلا لتلقي نظرة اخرى على المرآة فوجدت ان فستانها مناسب ثم تقدمت الى الباب ولكنها تذكرت محفظة الوثائق التي ما تزال معها فعادت تاخذها بعد ذلك فتحت الباب .
نسيت كل ماشعرت به من قلق بشان فستانها فقد رات ان موري الذي حلق لحيته والذي يرتدي سترة سهرة اصبح شيئا آخر .. لماذا على قلبها البدء بالسباق وكانه قطار سريع ؟ لا وقت لديها لتحلل السبب ولكنه كان يتسارع .. سرعان ما احست بصدمة قوية من ان تتكلم .. احست بعينيه عليها تحدقان الى شعرها البراق ووجنتيها المتوردتان قليلا ثم ما لبثتا ان وقعتا على قدها الرشيق فوجهها اخيرا نظرت عيناه الرماديتين على عينيها البنيتين .. فسالت ببرود:
ـ هل أنفع؟
ـ تعرفين انك تبدين مذهلة
سالته ببرود مجددا وهي ترفع حافظة الوثائق:
ـ هل اجلب معي هذه ؟
قال ساخرا :
ـ من غير المجدي ان نذهب بدونها اليس كذلك؟
اقفلت سيل الباب وراءها بشدة فتردد الصدى في الممر .. اسفت على فعلتها ولكنها في ما ستضرب هذا الحيوان على راسه
كان بديع قد ارسل سيارة مع سائقها الى الفندق لتقلهما ففيلا بديع تبعد 20 دقيقة في السيارة في هذا الوقت تمكنت سيل من السيطرة على اعصابها .
كانت تحمل حقيبة الوثائق في يديها حين فتح خادم الباب منزل فخم كثير الغرف . ثم وصل بديع :
ـ صديقي " آنسة سوفتنغ ..ادخلا لتقابلا زوجتي
دخل الثلاثة الى غرفة فخمة حيث كانت امراة ساحرة انيقة في 50 من عمرها ترتدي ثياب سهرة سوداء تقدمت إلى الامام تقول لهما:
ـ اهلا بكما في منزلي
ثم فجاة وصل حسين وصاح راكضا :
ـ سيليا " لقد امضيت عدة دقائق اصغي إلى ترقبا لقدوم السيارة مع ذلك لم اسمعها .
سالته بلطف:
ـ كيف حالك حسين ؟
تدخل والده يذكره بحسن الاخلاق :
ـ انت تتذكر موري يا بني؟
فصافح موري..
ابتسمت زوجة بديع : ارج وان تجلسي هنا آنسة سوفتنغ
ردت سيل الابتسام:
ـ شكرا لك . نادني سيل فبهذا يناديني الجميع
تدخل حسين وهو يجلس قربها على الاريكة الفخمة :
ـ لم تقولي لي هذا قط
علق موري بفظاظة :
ـ انها لا تقول ذلك لاي كان
تجاهلته سيل وسرعان ما انشغلت في حديث مع ام حسين التي طلبت مناداتها باسمها الاول ناديا وامضى الجميع وقتا ممتعا في غرفة الجلوس ولكن موري الذي كان يتصرف بشكل متمدن ما فتىء يرمقها بنظرات فولاذية
لم يكن احد قادرا على مشاهدة تلك النظرات سوى حسين ويبدو ان موري لم يكن ليهتم لو ان حسين رآه ام لم يره لكن حسين لم يكن مهتما بالنظر الى احد سواها ولعل هذا هو سبب نظارت موري المتوترة ولكنها لا تعرف كيف تتصرف معه .
سالته عندما تحرك بضعة إنشات تجاهها :
ـ هل اعجبتك اليابان ؟
وارتدت عنه بضعة انشات ..
ـ لم تكوني هناك
لمحت عبوس موري وتمنت لو رفضت المجيء
تخلصت من حسين فترة قصيرة وذلك حين دخل الجميع الى العشاء كانت جالسة الى يمين بديع وكان حسين في الجهة المقابلة اما موري فإلى يمين ناديا .
قال بديع في اثناء تناول الوجبة الرئيسية :
ـ يوسف فوزي هنا في الاقصر اقترحت عليه زيارتي في وقت لاحق من هذا المساء
قال موري
ـ اظنها فكرة ممتازة فراولة2008
عرفت سيل انه يتوقع من المحامي المصري ان يظهر فبل توقيع العقد وانه كان سيدهش لو امتنع عن الحضور
سال حسين باهتمام :
ـ أتريدين بعض السلطة ؟
ـ شكرا لك لدي ما يكفي
فيما بعد تلقت الاهتمام نفسه وذلك هندما انهت طبق الحلوى من المشمش المجفف وخليط من الكسرات والزبيب عرفت انه يدعى قمر الدين وطبق اخر من المهلبية ..
سالها :
ـ هل استمتعت بالحلوى ؟
ابتسمت :
ـ كثيرا
ـ أتريدين المزيد؟
قالت انها اكتفت ثم عادوا الى غرفة الجلوس وكانوا يحتسون القهوة حين ادركت ان لموري دخل كبير في كل شيء ربما هي مفرطة الحساسية بالنسبة لموري لانهما الانجليزيان الوحيدان في المنزل المصري لكنها بكل تشعر بذبذبات العدائية تتصاعد منه . وفيما كان يتجوب مع بديع كانت تتلقى منه نظرات صارمه لانها جالسة مجددا على الاريكة مع حسين .. لكن هذا لم يكن تدبيرها لان حسين هو من تحايل للجلوس هناك فيما كانت امه تعطي تعليمات ما الى الخدم . هكذا بدات تشعر بان حسينا مضجرا قليلا .
والواقع انها بدات تحس بالارهاق من الجهد الذي تبذله في صد اهتماماته ومن المحفظة في الوقت نفسه على اللياقة لئلا تسيء الى والديه لم تكن لتعترض البتة فيما لو اعلن عن رغبته في العودة الى الفندق . اخذت تزداد املا في ان يغادرا قريبا لكن بعد لحظات دخل خادم وقال بعض كلمات بالعربية ادركت ان موري فهمها وحفاظا على الاحترام لها قال بديع بالانجيليزية :
ـ فوزي في مكتبي فهل ننضم اليه موري؟
رد موري بسهولة:
ـ بالتاكيد
القى موري نظرة الى سيل ثم نهض . خالت لوهلة ان نظراته تعني ان عليها مرافقتهم الى المكتبة لكن الامل خاب عندما شاهد موري حركتها فأوقفها سائلا بهدوء :
ـ هل العقد معك .. سيل ؟
ابتسمت وانحنت الى جانب المقعد حيث المحفظة وتمنت لو لم تبتسم فلقد ناداها بسيل لئلا يعرف الاخرون انها لا تلاقي حظوة في عينيه ذلك المساء
انحنى الى ناديا بعدما اخذ المحفظة :
ـ اعذرينا ناديا
وانسحب هو و بديع من الغرفة
مع ان زوجة بديع بدت فاتنة جدا الا ان الساعة التالية مرت ثقيلة بالنسبة لسيل ولو كانت مع ناديا بمفردهما لما كان هناك مشكلة وتكدرت بسبب وجود حسين الذي ما انفك عن التحرش بها رغم صدها اياه ولكنه فهم صدا على ما يبدو تشجيعا .
اختلست نظرة الى ساعة حسين فوجدت ان الرجال الثلاثة في المكتبة منذ اكثر من ساعة ..
سالت سيل ناديا :
ـ لقد زرت انكلترا على ما اعتقد ؟
ردت ناديا :
ـ عدة مرات
وتحدثا لبعض الوقت عن اماكن مختلفة في بريطانيا الكبرى ولكن حسينا فاض به الكيل بسبب تجاهلهما اياه تدخل فاقترح :
ـ ربما تكرمت في مرافقتي على معالم بريطانيا خلال زيارتي القادمة ؟ لكن في البداية يجب ان تسمحي لي ان اجول بك في بلدي .
ردت سيل بلباقة:
ـ امامنا اماكن كثير نراها
وسمعت اصواتا تنبئ بان الاجتماع في المكتبة انتهى وقال حسين :
ـ يجب ان تسمحي لي بان اريك بلادي سيل .. سأتصل ..
وسرعان ما وقف موري بهيمنة فوقهما ليدفع محفظة الوثائق اليها
وجدت انها مجرد سياسة لإبقاء شي في يديها . تمسكت سيل بالمحفظة ثم نظرت الى وجه بديع الذي كان مسرورا ثم الى موري الذي كان مسرورا ايضا لكن مع علمها انها على لائحته السوداء لم تعد تنظر اليه.
قال بديع مبتسما ومؤكدا ان كل شيء سار على ما يرام :
ـ يجب ان نحتفل ..دعوني اقدم إليكم بعض المرطبات
لكن موري رفض العرض بلباقة ثم أشار الى ان الوقت حان لعودتهما الى الفندق مضت نصف ساعة اخرى قبل ان يتركهما بديع يغادران منزله وتصافح الجميع ثم تاخرا 10 دقائق أخرى بسبب خروج حسين ليوصل سيل الى السيارة التي ما لبثت ان انطلقت عائدة الى الفندق .
شعرت سيل بمزيج من الراحة لابتعادها عن حسين ومن التكدر المتزايد بسبب تصرفات موري وهذا ما جعلها لا ترغب بتهنئته على ما حققه . تركته يتحدث الى السائق حين وصلا الى الفندق ودخلت بسرعة الى مكتب الاستقبال ..
ـ هل لي بمفتاح غرفتي رجاء؟
ولأنها ظنت ان من المؤسف الا تفعل طلبت مفتاح غرفة موري الذي كان متوهجا الى مكتب الاستقبال عندما ارتدت . مدت له يدها بالمفتاح دون ان تتفوه بكلمة ووقفت جامدة بشجاعة فيما كانت نظرته المتجهمة تجول عليها وعلى فستانها
تساءلت عما اذا كان ما زال عند رأيه بأنها مذهلة رفع يده ليتناول المفتاح منها يبدو انه لا يقول كلمة أرجوك فقط بل لا يقول شكرا كذلك .. فجأة أحست أنها تود البكاء فقالت عمت مساء بسرعة وتوجهت الى المصعد .
ما رد على تحية المساء وما لحق بها انما لا باس في هذا بالنسبة لها واضطرت لابتلاع ريقها في المصعد ضربت الرقم 6 وهي واثقة ان الامر لا يهمها .
كانت تغادر المصعد عندما ادركت صدمة كادت تهوي بها أرضا إنها تهتم بل انها تهتم كثيرا كانت تفكر غاضبة عما دهى ذلك الرجل ليكون جهم الوجه بدل التهلل فرحا بسبب ما أنجزه ثم توقفت عن التفكير .
سرعان ما خفق قلبها خفقة جبارة فعرفت وبوضوح تام أنها لا تريد لهذا العمل ان ينتهي " ثم عرفت فجاة بالضبط ما دهاها هي . إنها تحبه "
آه" يا لهذا الجنون المطبق "
7ـ سعادة قصير العمر
طلع الفجر وسيل على فراشها تعرف انها فعلت ما لا يجب ان تفكر فيه لقد فعلت ما حذرها منه موري عند لقائهما الاول لقد وقعت في حبه .
تركت السرير واستحمت ثم ارتدت سروالا خفيفا بلون الليمون الشاحب والتي شيرت ثم لتفعل شيئا رتبت السرير ولكي تتهرب من الجدران الاربعة وع حرصها على عدم اصدار صوت في الممر تركت غرفتها .
لم تكن تحس بالجوع ولكنها كانت مسرورة لانها وجدت مطعم الفندق فاتحا ابوابه لتقديم الفطور حياها نادل مبتسما :
ـ صباح الخير مدام
ـ صباح الخير
تقدمت إلى منصة الطعام تخدم نفسها بنفسها فتناولت كوبا من عصير الفاكهة ثم جلست في اقرب مكان وفكرت في ان الامور لا تبدو هنا افضل مما كانت في غرفتها . فراولة2008
تقدم النادل منها حاملا ابريق قهوة
ـ قهوة سيدتي ؟
ـ شكرا لك
لكن القهوة بردت وهي تشرب العصير وتفكر في موري ما أشد ما كانت غبية اذ وقعت في حبه .. لا شك ان حبها له بدا منذ وقت طويل ولكنها لم تعترف به حتى الان الآن تمكنت من فهم الدلائل التي كانت موجودة والتي كانت عمياء عن رؤيتها .
شعرت بالتوتر خشية ان تكون قد فضحت نفسها امامه .. ومرت بعذاب شديد واعترفت انها اكتفت من كل هذا نقلت افكارها إلى حسين فشعرت بانها غير قادرة على تحمل صحبته اليوم لكنها عرفت انه سيتصل بها هاتفيا ما ان تصل إلى غرفتها .
هذا اذا عادت إلى غرفتها احست بروح التمرد لماذا تعود إلى غرفتها ؟ انه يوم الاحد . بعد دقائق تركت المطعم واستقلت المصعد إلى غرفتها لم تكن تعرف خطط موري لهذا اليوم لكنه المح إلى انهما سيمضيان بضعة ايام هنا لذا لا يمكن ان يفكر بالعودة إلى الاسكندرية ذلك اليوم .
عندما مرت بغرفته احست بانها تريد ان تراه فكادت تقرع بابه ثم اصبح احساسها رعبا لانها ادركت ان مشاعرها نحوه كادت تجرح كبريائها فسارعت إلى غرفتها تدرك عمق تلك المشاعر وقوتها
بعد عشر ثوان سيطرت على نفسها بحزم والتقطت الهاتف وطلبت رقم غرفته وفيما كانت تنتظر نظرت إلى ساعتها فوجدت انها 7 والنصف .. أكان يوم احد ام غير احد لا تجد ما يجعلها تترك ما يؤرقها ليلا دون ان تزعجه .
ـ أيوه؟
تعرف الصوت الذي سمعته يسال بالعربية مهما كانت لغته وقالت ببرود:
ـ انا سيليا سوفتنغ .. كنت اتساءل عن الخطط التي وضعتها هذا اليوم ؟
كان الصمت هو الرد للحظات ثم :
ـ لماذا ؟
انها تحبه ولكنها في الوقت نفسه تكره عدوانيته سحبت نفسا عميقا ثم ردت ببرود قدر المستطاع :
ـ ان لم نكن عائدين إلى الاسكندرية وان كنت لا تحتاجني اطلب يوم عطلة . كانت تتحدث بادب وهدوء ..
كان رده فظا وسريعا :
ـ ولماذا ؟ فراولة2008
ـ لأنني في مصر منذ 4 أسابيع ولم أر غير المطار والمكتب
ـ شاهدي ما تريدين من مناظر أنا لا احتاج إليك
وأغلق السماعة فعلقت انفاسها في حنجرتها .
حاولت تعزية نفسها بأنه في الواقع بحاجة إلى براعتها في حقل السكرتارية ولكنها عادت ففكرت بان أي سكرتيرة تناسبه انظري كيف استبدل ديان ماكفرسون بسهولة .
تبا له ترفض ان يقلل من قيمتها هكذا كانت على وشك الخروج من غرفتها حين لمحت محفظة الوثائق فشهقت . تقدمت اليها ورفعتها لتواجه معركة صامتة أتقرع الباب عليه لتعطيه اياه ؟ لكن لماذا تفعل هذا ؟ لقد دفعها اليها دفعا ليلة امس .
حلت المسالة حالما سمعته يغدر غرفته ويقفل بابه خالت في لحظة ذعر انه قادم ليراها فخفق قلبها لكنها سمعت وقع قدميه اشارة إلى توجهه نحو الجهة الاخرى .
حسنا لن تنتظره حتى يعود من المطعم فتحت المحفظة والقت نظرة على الوثائق متوقعة ان ترى نسخة واحدة بعد توقيع العقد ولكنها رات نسختين كانت اوراقها ودفتر ملاحظتها وكل شيء على حاله ونسخة من العقد موقعة من الرجلين.
اقفلت المحفظة مجددا وعرفت انها لن تتركها هناك فكرت ان لا فرق بين غرفتها وغرفته اذا من الافضل ان تخبئها في غرفتها بدل انتظاره حتى يعود وياخذها . فراولة2008
بعد خمس دقائق تركت غرفتها وتوجهت نحو المصعد وهي تعرف ان المحفظة التي لفتها في فستانها الذي ارتدته ليل امس ثم وضعته في حقيبتها آمنة قدر الامكان .
نزلت قي المصعد تتساءل عما اذا كانت مسؤولية الحفاظ على سرية تلك الوثائق تعتبر الزامية لها .. كانت واثقة ان موري لا يهتم كثيرا بهذا لانه الان مشغول بتناول طعامه خرجت من المصعد وما ان سارت 5 ياردات في البهو الواسع حتى وجدت موري في مكتب الاستقبال يطرح بعض الاسئلة .
احست باضطراب داخلي وكان امامها مجرد ثانية لتقرر ما اذا كانت مستعدة للمرور ام لا ارادت تسليم مفتاح غرفتها ولكنه كان واقفا في الموقع الذي كانت تسير اليه فترددت في تلك اللحظة انهى اسئلته وارتد فرآها احست بالجمود وحاولت السيطرة على قسمات وجهها وهو يتقد نحوها
ماذا توقعت منه ان يقول ؟ لكنه نظر وجهها وقال بلطف:
ـ خارجة لمشاهدة الاقصر ؟
ـ اجل
ـ ومن اين تبدئين ؟
ـ انا .. لست متاكدة حتى الآن
تسارعت خفقات قلبها كثيرا بعدما ابتسم لها
ـ اذن ..من الافضل ان ارافقك . هذا ان لم يكن معك رفيق؟
هزت راسها فابتسم لها مجددا ولم يكن هناك سبيل لمنع ابتسامتها التي بدات من اعماقها من ان تظهر على وجهها
سالها :
ـ لماذا ننتظر؟
كان صعبا لسيل ان تصدق ما يحصل يحصل فعلا . كانت جالسة مع موري في التاكسي المتجه إلى وادي الملوك .. بعد دقائق استعادت وعيها قليلا ووجدت ان الصدفة هي التي قررت ان تقضي بعض الوقت معه .. لامجال ابدا لاشاحة ضهرها لهذه المكافاة غير المتوقعة لذا ستستمتع بكل لحظة تقضيها معه . صحيح ان عندها ذكريات سعيدة معه ولكنها ببساطة ترغب في المزيد .
قالت عندما توقف سائق التاكسي في موقف السيارات :
ـ يبدو المكان مزدحما
رد موري:
ـ ستشتد حرارة الشمس بشكل لا يطاق بعد قليل
ادركت ان الجميع يسعى إلى التجول في تلك التلال المرتفعة الغائصة في اشعة الشمس باكرا قبل ان تصل الحرارة ذروتها.اعطى موري السائق بضع تعليمات بالعربية ورافقها بعيدا .
انها الآن لا تهتم بشيء فها هي في وادي الملوك وهي اكثر سعادة . كانا سائرين في منطقة يستدعي فيها بائعو التذكرات كل من تقع عليه عيونهم ليشتري شيئا .
واشتريا شيئا قبل انتهاء سلسلة بائعي التذكرات ..
تمتم:
ـ مهلك لحظة
واقتادها إلى مصري مبتسم بمرح يبيع القبعات وقال وهو يمسك قبعة قطنية بيضاء :
ـ هذه .. اظن
وقبل ان تعرف شيئا انطلق يساوم بمرح البائع قبل ان ينقده الثمن ثم عاد ووضعها على راسها فارتفعت يداها إلى راسها تسويها:
ـ اتبدو مناسبة ؟
وجدت انها تعاني صعوبة في التنفس فقد جعلته بقولها هذا يتاملها بعينين رماديتين جادتين
علق وهو لا يبتسم
ـ لقد سبق ان قيل لك من قبل انك جميلة .. بالتاكيد
استحوذت عليها الاثارة لانه يظنها جميلة ولكنها لا تريده ان يكون جادا ليس الآن ليس في هذا الوقت وهي تختزن الذكريات السعيدة معه ..
ردت مبتسمة :
ـ بالتاكيد
ابتسم يرد ابتسامتها ففاضت كاس السعادة . كان الصعود إلى مدفن الملوك شديدة الانحدار ولكن لم يكن احد على عجلة من امره . كانت الطرق مشقوقة على جوانب التلال الصخرية التي لا ينمو فيها أي عشب .
ـ هل سبق ان جئت إلى هنا ؟
ـ يستحق المكان من المرء زيارة ثانية وثالثة
وجاء دورهما لينزلا الدرج العميق حيث الرسوم الرائعة المرسومة على الجدران التي يزيد عمرها عن 3آلاف سنة وكان عليهما الوقوف في الصف مرة اخرى لينزلا إلى مدفن اصغر حجما هو مدفن توت غنح آمون
اغمضت سيل عينيها ازاء نور الشمس الساطع بعد خروجها ولم لديها اعتراض حين قال :
ـ ضعي نظارتك الشمسية
ولاول مرة استمتعت بان يامرها
اشتدت حرارة النهاركثيرا بحيث لم يبقيا في وادي الملوك اكثر مما يلزم لزيارة بضع مدافن معروفة القى نظرة على بشرتها الشقراء ثم اقترح ان يعودا من حيث اتيا . فراولة2008
ـ سنقف لنروي ظمانا في مكان اقل ازدحاما
ـ عظيم
كان سائق السيارة منتظرا . لما راهما ترك السائقين الذين كان يتحدث اليهما بسعادة وجاء مهرولا إلى سيارته .
ربما اكتشافها لحبها هو الذي جعل من وقتها مع موري غالبا على قلبها ولكن بدا ان ذلك يمر بسرعة فسرعان ما كانت قاعدة قربه في غرفة حديقة مفتوحة في احد الفنادق ترتشف كوبا من الليموناضة الباردة . اسعدها ان تجد موري غير مستعجل وكان كل الوقت في العلم امامه كانت شديدة اللهفة لتعرف المزيد عنه ولكنها هي من تلقت الاسئلة وردت عليها
ـ هل تعيشين في منزل ذويك؟
ـ لا. يعيش اهلي في ايستبورن ولقد تركت منزلهما منذ بضع سنوات
ـ ألديك شقة؟
ـ شقة صغيرة . اشتريتها بالتقسيط
ارادت يائسة ان تساله عن اهله وعما اذا كان لديه شقة منزل او مهما يكن . لكنها فجاة احست باعصابها تتوتر ماذا لو ظنها تتعمد اطالة مدة شرب الليموناظة لمجرد محادثته ؟ بسبب هذه الفكرة التي تهدد كبرياءها انهت كاسها ثم وكانها تسمع الموسيقى في اذنيها سمعته يسال بلطف :
ـ اين تريدين الذهاب الآن ؟
ترددت تتساءل عما اذا كان بالامكان ان اخذ المزيد من وقته . لكنها تحبه ولا يمكنها ان ترفض ما يقدمه لها ربما كانت جشعة ولكنها في صحبته صحبته اللطيفة منذ ساعتين تقريبا وهي تريد المزيد ..
قالت له:
ـ لم ازر سوقا شعبية حتى الان ..اعني سوقا حقيقية لا سوقا سياحية .
ابتسم:
ـ اعرف ما تعنين
وليبرهن عن هذا كان التاكسي ينزلهما إلى مكان لم تر فيه اثر لاي اوروبي .. وكالبخيل الذي يكنز مالا راحت سيل تكنز الذكريات خلف الذكريات .. رجل يرتدي جلبابا امراة متشحة بالثياب السوداء من راسها حتى اخمص قدميها منصات بيع البرتقال والموز الاخضر رات شوارع ضيقة مغبرة واخرى رملية وكان هناك منظر اللحم المكشوف على طاولة جزار .
ثم تتويجا لسعادتها جاءت اجمل تجربة فقد وصلا إلى جزء من السوق حيث علق سجاد رائع من مختلف الالوان والاحجام .قالت لموري:
ـ تكاد تلك السجادة تصرخ بي مطالبة بالذهاب إلى منزلي من اجل غرفة الطعام.
وقبل ان تعرف ما يجري اقتادها إلى داخل المتجر وقبل ان تلاحظ وجود رفوف من الحرير والقطن كان في يد كل منهما كوب شاي وعلى الارض السجادة التي اعجبها
كانت السجادة اكبر حجما مما ظنت اعترفت بشعور الاندفاع بسبب حماسة التاجر واحست بالسرور لوجود موري المهدئ حين سالها :
ـ أمازالت تصرخ مطالبة بالذهاب إلى منزلك؟
ـ انها جميلة
رفعت عينين بنيتين اليه فوجدته يحدق اليها بصمت وظنت انها احست بتوتر مفاجئ في الجو ثم انتقل التوتر اليها وخشية ان يلاحظ اهتمامها به صوبت اهتمامها إلى السجادة واضافت :
ـ جميلة حقا .. ولكنني لا استطيع شراءها .
تبع هذا لحظات صمت طويلة وظنت ان موري لن يعلق لكن عندما ظنت انهما سيشكران البائع على الشاي ويرحلان قال موري :
ـ اظن ان بامكانك الحصول عليها ب60 جنيها انكليزيا
ـ حقا ؟ لكن كيف انقلها إلى البلاد؟
ـ دعي الامر لي
وكم احبته ..بعد الكثير من الاخذ والرد مع بائع السجاد ومساعده اشترت السجاد التي لم يكن في نيتها شراؤها ثم اخذها موري إلى مكتب سفريات لتشحن السجادة إلى انكلترا وكانت ما تزال تشعر بالحماس عندما اقترح عليها الغداء.
كانت جالسة إلى الطاولة عندما ادركت لماذا كان لطيفا معها طوال اليوم بعد توقيع ذلك العقد اطمان باله على العمل وبات بامكانه اليوم الاسترخاء والاستمتاع بالراحة .
جعلتها هذه الفكرة حساسة تجاهه وجعلتها ترغب في ان يستمتع بيومه كما تستمتع هي به . هكذا قررت تنحية كل تحفظ من خجل وكبرياء جانبا وتحدثت اليه بود طوال غداء اكتشفت بدون ان تعرف كيف اثير الموضوع انها تخبره عن شوقها لرؤية الاهرامات.فسالها بدهشة :
ـ الم تري الاهرامات حتى الان؟
قالت مبتسمة:
ـ لم ازر القاهرة غير مرتين ورئيسي مستبد و.....
قاطعها وعيناه مثبتان على حنايا وجهها الجميل :
ـ لا تقولي المزيد .. ان سمحت لي كلمته لارى ان كان بالامكان ترتيب زيارة إلى الاهرامات في يوم قريب .
رات سيل الضحكة تتراقص في عينيه وازداد حبها له عمقا
ما ان انهت وجبتها حتى بدات تفكر في ان يومها معه قد انتهى .. لم تستطع ان تصدق حظها الطيب حين بدا لها ان هذا غير صحيح.
عندما سالها :
ـ هل اكتفيت ؟
لم تكن واثقة مما اذا كان يعني من الطعام ام منن التعرف إلى معالم المدينة ..
ردت بهدوء :
ـ كنت في غاية اللطف
ـ وهذا يعني انك راغبة في رؤية المزيد ولكنك خائفة من التطفل على وقتي .
تمتمت:
ـ شيء من هذا القبيل
وكم احبته عندما اجاب:
ـ بعد الطريقة التي دفعتك بها إلى العمل اظن ان وضع نفسي في خدمتك مدة يوم كامل هو اقل ما افعله
كانا في الطريق لزيارة معبد الكرنك عندما تساءلت عما اذا اعجب في هذه الفترة يجب ان يعجب بها اليس كذلك؟
ارادت ان تبحث عن أي دليل يشير إلى اعجاب موري بها .. ولكن بما انه من غير المحتمل اطلاقا ان يقول لها شيئا ستقنع بما لديها وتقوم بما تستطيع لتتاكد من ان لا شيء سيفسد ذلك اليوم الرائع .
كان معبد الكرنك ضخما ومؤثرا كان المكان يعج بالسياح وفيما كانت سائرة مع موري في ممر تبرز منه رؤوس صخرية على كلا الجانبين احست بالرهبة والروعة .
قال موري وهو يمازحها وقد ابتعدا عن المعبد:
ـ سترهقين نفسك ان استمريت على هذا المنوال مارايك لو نعود إلى الفندق ساعة اوساعتين ثم نعود إلى هنا لنشاهد برنامج الصوت والضوء الليلة ؟
حاولت الاتظهر تمسكها باقتراحه:
ـ يبدو لي هذا رائعا
ازدادت اثارتها حين استاجر مركبة يقودها جواد اقتادهما إلى الفندق بدا انه لا يطيق مفارقتها ولكنها عرفت انها تخدع نفسها بهذه الفكرة . اقترح ان يتشاركا ابريق شاي في احد صالونات الفندق قبل الذهاب إلى غرفتيها .
ما ان حل ذلك الوقت حتى كان المغرب قد ازف
قال وهما يفترقان :
ـ اراك بعد ساعة
ذهبت إلى غرفتها واقفلت الباب عليها ولكنها لم تستطع ان تصدق انها امضت نهارا كاملا مع موري بدون كلمة فظة او غاضبة .استحمت بسرعة وتساءلت ان كان حبها الذي اكتشفته حديثا هو الذي جعلها لا تشعر بانزعاج ام عدم رميه اياها باي انتقاد لاذع اليوم ؟ولكن ما ارو عان تكون مع موري وهو في مزاجه هذا .
قدر لمشاعرها ان تصاب بنكبة بعد هذا الوقت بقليل .. ارتدت سروالا وكنزة خفيفة ثم قررت تغييرهما لان موري قال انهما سيتناولان العشاء بعد عرض الصوت والنور . وفيما كانت تسرح شعرها نظرت بدون سبب يذكر إلى ناحية الباب فلاحظت ما كانت مشغولة عنه بسبب افكارها الصاخبة ..
شخص ما .. في وقت ما .. دس ورقة تحت الباب . فراولة2008
ذهبت بسرعة لتلتقط الرسالة التي هي من حسين .. غاصت معنوياتها وهي تقرا انه حاول الاتصال بها طوال ذلك اليوم ولكن الم تدرك انه سيتصل بها ؟ اتراه الان كما قال ينتظر قرب الهاتف بانتظار اتصالها ؟
تقدمت إلى الهاتف مع انها غير راغبة في الاتصال بحسين ولكنها لا تريد منه ان يقضي المزيد من الوقت منتظرا قرب الهاتف . نعم لاتصدق انه سينتظر ..لكن..توقفت عن التفكير حالما غادر موري غرفته . اسرعت إلى طاولة الزينة ودست رسالة حسين في الدرج وفي الوقت نفسه رفعت المشط لتكمل ترتيب شعرها .
تعالى صوت الجرس قرب بابها فتقدمت لترد كان موري قد غير ثيابه كذلك فخفق قلبها بجنون لانه راح ينظر إلى وجهها لثوان طويلة ثم ابتسم لها ابتسامة جذابة تكسر القلوب..
ـ ستحتاجين إلى سترة
ـ لن اتاخر ثانية
وعادت إلى غرفتها لتخرج من خزانتها سترة خفيفة واقية من الهواء .
لم يكن موري مخطئا عندما قال انها تحتاج إلى سترة فما ان عادا إلى معبد الكرنك حتى هبت ما يشبه عاصفة رملية وكانت مسرورة بسترتها الواقية من الهواء حين ثبت لها ان عرض برنامج الصوت والضوء ليس كاي عرض مماثل .. في البداية وقف الجميع يصدهم حبل طويل ثم ارخى الحبل وسمح لهم بالتحرك إلى الامام نحو الممر المحفوف بالرؤوس المحفورة على جانبيه .. ثم ساروا بين عواميد ضخمة محفورة عليها قصص الملوك كانت سيل مسحورة حين اخفض الحبل ايضا وامسك موري بذراعها لئلا يفترقا في زحمة الناس المندفعين إلى الامام ..هبت ريح عاصفة طيرت شعرها وادخلت الرمال إلى عينيها .انحنى موري يسال :
ـ هل احضرت قبعتك معك؟
ـ قبعة الشمس ؟
ـ هذا ليس وقت الغرور
في الظلام كانت واثقة انه كان يبتسم . فابتسمت وهي تدس يدها في حقيبتها الكبيرة انها في وقت ما لم تنتبه لروحه المرحة ابدا.ما هي الا هنيهة حتى اخرجت القبعة التي اشتراها لها ووضعتها على راشها .
ظنت انهما ساروا حوالي الساعة ومع انها احست بضيق من الرمال لم تشا ان يفوتها شييء ولا شك ان موري يستمتع بالعرض ايضا فهو لم يتقدم باقتراح للمغادرة .
انتهى عرض الصوت والضوء عند البحيرة التي كان في مواجهتها صفوف متراصة من المقاعد . امضت سيل اجمل نصف ساعة من الراحة بقرب موري فكان ان فاتها الشرح النهائي وهي تستمتع بقربه منها في الظلام حيث لا يمكنه ان يرى الحقيقة في عينيها ..
سالها ما ان انتهى العرض :
ـ هل استمتعت؟
قالت صادقة:
ـ ما كنت لافوته مقابل أي شيء .. وماذا عنك؟
ـ وماذا يهم قليل من الرمال بين صديقين ؟
آه موري ..كم احبك
ضحكت:
ـ هذا صحيح
ـ اريد ان استحم قبل تناول العشاء فماذا عنك ؟
توقف التاكسي الذي اقلهما امامهما كانت سيل تبتسم وقالت مبتسمة وهي تدخل إلى التاكسي :
ـ انه افضل اقتراح سمعته اليوم
لم يكن يومهما قد انتهى فما ان يعودا إلى الفندق لغسلا المل عنهما حتى يلتقيا مرة اخرى لتناول الطعام
عندما اصبحا قرب غرفتيهما سالته :
ـ كم من الوقت ؟نصف ساعة؟
ـ لديك عقل امراة .. فلتكن 20 دقيقة
كانت سيل تضحك عندما دخلت إلى غرفتها حيث مشطت الرمل من شعرها ثم نزعت ثيابها ودخلت إلى الحمام كم تحبه !
كانت خارجة من الحمام عندما ادركت انها امضت وقتا اطول مما كانت تنوي ثم سمعت جرس بابها .جففت بشرتها ورمت المنشفة إلى الحمام ثم تناولت روبها . أكانت مثل معظم النساء ام لا سوف تتوسل إلى موري من اجل المزيد من الوقت .
قالت وهي تفتح الباب :
ـ لست ...
ولكن صوتها تلاشى .. فلم يكن الطارق موري بل حسين الذي بدا مستاء جدا .. فجاة احست بقدوم المتاعب ..فقالت وهي تحاول الابتعاد :
ـ حسين ..
سالها غاضبا :
ـ لماذا لم تتصلي بي؟
ـ لم يكن لدي الوقت
ـ تلقيت رسالتي لكن لم يكن لديك الوقت .. الم اخبرك بالرسالة انني منتظر قرب الهاتف ؟
ـ اجل ..لكن..
حاولت تهدئته ولكنها رات ان الامور تزداد سوءا اذ صاح وهي تتراجع خطوة إلى الوراء:
ـ انتظرت طوال اليوم اتصالك .
اصبحا معا داخل الغرفة وكان حسين يفقد سيطرته على نفسه
ـ الا تعرفين ما اكنه لك في قلبي ؟
وقبل ان تستطع منعه تقدم منها بسرعة . دفعته بكل قوتها لتتخلص منه ثم سمعت هديرا عظيما ولم يكن ذلك الصوت خارجا من حسين كان هناك موري فجاة ووجدت في لمح البصر انها طليقة .
نعم لم يبتعد عنها طوعا ولكن حين امسك به موري به لم يكن لديه خيار .لقد اثبت موري ظنها بقوته ..اذ ابعد حسينا عنها وكانه لا يزن شيئا
انفجر حسين بسيل من الكلام العربي وسرعان ما رفع موري قبضته وطرحه ارضا .. كان حسين جالسا ارضا عندما دنا منه وجره إلى الخارج . فراولة2008
رات ما حدث بعينين مذعورتين ولكنها لم تكن تدري ما تفعل اولا:أتذهب لتفقد حال حسين ؟أم تشكر موري على تدخله في الوقت المناسب؟
اتخذ موري القرار نيابة عنها اذ صفق الباب في وجه حسين وارتد اليها ..لكن حين فتحت فمها لتشكره ارتجفت ذلك انها راته في مزاج شرس . كانت نظرة واحدة إلى وجهه الغاضب كافية لتقول لها بانه غاضب اضعافا مضاعفة وعرفت ان من الافضل ان لا تقول شيئا .
8ـ عقلها أم قلبها!
حدقت سيل بذهول إلى تعابير وجه موري العدائية فغاصت معنوياتها إلى الحضيض كيف املت او فكرت في لا تراه هكذا معها مرة اخرى كانما لم يتبادلا كلمة ود واحدة طوال ذلك النهار الرائع .. كان واقفا ينظر اليها وشظايا الكرهية تتطاير من عينيه . ارتد اليها فاذا نبرة صوته الجافة تؤكد لها ان روعة ذلك اليوم كانت من جانب واحد:
ـ لقد حذرتك!
أكانت في نعيم المغفلين !
اضاف ساخرا :
ـ قلت لك انه يلهث وراءك ومع ذلك دابت على تشجيعه !
لقد جرحت في الصميم لكنها ليست ممسحة ارجل لاحد فردت بحدة:
ـ لم اشجعه ! كل ما ...
صاح يقاطعها:
ـ بل شجعته كما تشجعيت أي رجل يقترب منك ! انت..
انفجرت في وجهه:
ـ هذا اجحاف مطلق ! انا ...
ـ صحيح؟اهو اجحاف!طوال هذا اليوم وانت تعطينني الضوء الاخضر..مثلا!
شهقت سيل وكادت تدافع عن نفسها حين تقم اليها وفكه مشدود بقسوة .
قالت:
ـ لم افعل شيئا من هذا !وان تصورت للحظة انني كنت اعطيك قليلا من الضوء الاخضر الشاحب فاعلم انك ذو مخيلة خادعة!
صاح:
ـ وهخل كنت اتصور ؟
وما هي الا لحظة حتى اقترب منها بشكل خطير مهدد..
حاولت التراجع:
ـ لا!
ـ آه ..بلى
ـ آه ! موري
سرى حبه في كيانها كله . وفجاة اكتسحتها موجة من المشاعر فشهقت مصدومة:
ـ أنا ..
تحررت من ترددها فحاولت الاعتذار ولكن لم يكن لاعتذارها ضرورة لان موري تسمر فجاة فنظرت إلى وجهه .. كانه تذكر فجاة كم هو شرس معها . ثم امام حيرتها الكاملة عاد اليه غضبه .
سالت :
ـ ماذا..ماذا فعلت ؟
ـ فعلت ؟ لقد فعلت الكثير !شكرا لك ولتصرفاتك افسدت ما استغرقني عدة اشهر لانجزة !
شهقت :
ـ أنا ..
ولم تصديق ما تسمع .. مع انها ادركت انه يشير إلى حسين الذي عاد بال شك إلى منزله ليشكو إلى ابيه فكه المتورم .. هبت في لمح البصر وتمسكت بما تبقى لها من كبرياء لتقول:
ـ لست من ضرب حسين حسني .
ـ حسنا ..لدي اخبار لك ..آنسة سوفتنغ..
رات نبضا ينفض بشدة في صدغه لكنها لم تكن مستعدة لصدمه قوله:
ـ اعتبري انك لم تعودي موظفة في الشركة !
كانت تحدق اليه فاغرة فاها وهو ينسحب فبل ان يفتح الباب كان الغضب يطلق عقال لسانها من الصدمة التي عقدته . ربما كانت بحاجة إلى هذه الصدمة لتثوب إلى رشدها .
صاحت بصوت حاد يزيد من غضبها انه طردها من العمل كما فعل بديان ماكفرسون :
ـ لا يمكنك طردي من العمل لانني انا التي ساستقيل .. يمكنك الاحتفاظ بوظيفتك .
تلاشى صوتها لانها ادركت انها تتحدث إلى الفراغ .. فقد خرج موري وصفق الباب وراءه .
كيف يجرؤ ذلك الوغد ؟! من يظن نفسه ؟ كيف يقول لها انها مطرودة من العمل ؟ كيف لرجل ان يثير فيها اعذب المشاعر في لحظة كما فعل ثم يقول لها في اللحظة التالية انها مطرودة من العمل؟
ظلت مدة 5 دقائق مشتتة الفكر ثم تحركت فجاة في وقت لا يذكر جمعت كرامتها بقوة واخذت ترمي اغراضها في الحقيبة استعدادا لمغادرة المكان . فراولة2008
سالها سائق سيارة الاجرة بعد لحظات:
ـ تاكسي ؟
اعطته حقيبتها :
ـ إلى المطار كانت في ذروة غضبها حين اعطاها السائق حقيبتها مجددا في مطار الاقصر وتقدمت لتسال عن اول رحلة إلى الاسكندرية .
كانت رحلة الاسكندرية قد الغيت والطائرة التالية تقوم برحلتها مؤخرة إلى القاهرة عرفت ان العاصفة الرملية هي السبب في هذا ولكنها احست فجاة ان من المهم مغادرة الاقصر في اسرع وقت ممكن فكان ان حجزت إلى القاهرة .
انطلقت الطائرة وهي على متنها فبل ان تفكر بانها لا تفكر بطريقة منطقية . ثم فجاة تذكرت ان اغراضها المتبقية ما تزال في شقة الاسكندرية .
بعد ثوان اخرى عانت احظات تمرد فجاة وجدت ان لا باس في بقاء ملابسها وممتلكاتها الاخرى في الاسكندرية .. لانها راجعة إلى بلادها إلى انكلترا .
ظلت على زعمها بعدم الذهاب إلى الاسكندرية لاخذ ما تملكه من الشقة ولكن فترة تمردها لم تدم طويلا حاولت جاهدة البقاء غاضبة بالتاكيد على نفسها ان موري سافل حقا .. فاين كانت دبلوماسيته الشهيرة حين انقض على حسين ضربا؟ هذا ما تريد ان تعرفه!
انتزع وصول المضيفة وهي تحمل سندويشات الجبن سيل من افكارها فتذكرت انها لم تتناول العشاء وهذا بدوره ذكرها انها كانت ستتعشى مع موري وكم كانت تتوق إلى ذلك العشاء. فراولة2008
تصاعدت الغصة إلى حلقها فابعدتها ورفرفت عينيها عدة مرات ..لن تبكي ..آه!كيف تمكن من التصرف بهذه الطريقة معها ؟ يا له من يوم غريب الم تمض يوما رائعا معه ؟ وهاهو ينتهي بكل هذا البؤس .
دامت الرحلة إلى القاهرة 50 دقيقة . بعدما حطت الطائرة قررت السؤال عن اقرب رحلة إلى لندن وكانت افكارها ما تزال مشغولة بموري انما هذه المرة في تهديده بطردها من العمل منذ البداية .
لم يطردها لانها اغرمت به اذ لا فائدة لديه عما تشعر به نحوه لا ما طردها من اجله هو لافسادها عمل اسابيع شاقة من اجل الحصول على العقد .
فجاة توقفت افكارها عند كلمة العقد وتسمرت في مكانها فوقعت حقيبتها ارضا . قد يمزق بديع في فورة غضب نسخته الموقعة من العقد ..ولكن هناك نسخة اخرى ..وهي معها ..في حقيبتها!
التقطت حقيبتها وجلست على كرسي تحاول جمع افكارها .. بدات عدة افكارها تتجمع دفعة واحدة احداها كانت : ان بديع وان غضب من موري لضربه ابنه الحبيب الوحيد لن يمزق العقد لانه رجل شرف..
ولكن ان لم يمزق العقد لا تستطيع غض النظر عن النسخة التي لاتزال في حوزتها ربما طردت من عملها مع انها تفضل الاعتقاد انها استقالت .. لكن لا سكرتيرة كفؤة تستحق اسمها قد تخفي وثائق كهذه مهما كانت الطريقة التي عوملت بها ..حسنا ربما يحصل هذا انما ليس اذا كانت تلك السكرتيرة مغرمة بالوغد الذي طردها من العمل .
تشتت افكار سيل التي لا تريد رؤية موري مجددا فلن تنسى ابدا قوله لها كنت تعطيني الضوء الاخضر ولا الطريقة التي حاولت ان تنكر فيها قوله .
ابعدت افكارها عن ذكرى ذاك الحديث المؤلم ولكن بمقدار ماكانت تتهرب من رؤية موري مرة اخرى بمقدار ما كانت تعرف انها لا تستطيع العودة إلى بريطانيا بدون ان توصل الوثائق إلى احد.
ما ان توصلت إلى هذا الاستنتاج حتى بدا القرار جاهزا امامها تركت مبنى المطار بحثا عن تاكسي ثم راحت تخطط لما ستفعل . ستوصل العقد إلى اليكس بايرد في مكتب القاهرة غدا وستطلب منه ان يخبر موري ان المحفظة معه . وتطلب منه كذلك ان يبقيها في خزنته حتى يجيء موري لياخذها او يرسل احدا .
سالها رجل مصري كهل ابوي المظهر :
ـ تاكسي !
كانت سيل تفكر في الذهاب إلى فندق ما اذ لا يمكنها قضاء ليلتها في المطار ولا يمكنها البقاء على عتبة المكتب حتى يصل احد ويسمح لها بالدخول اعطت السائق حقيبتها وقالت بطريقة لا واعية :
ـ إلى الجيزة .
ادركت ان تفكيرها لم يكن صافيا كما تظن .. مع انها بعد ان اقفل السائق الباب وادار سيارته هزت كتفيها وقررت ان فندقا في الجيزة كاي فندق آخر . فراولة2008
بدا ان السائق يحب الكلام ويتحدث الانكليزية إلى درجة ما .. ولكن سيل شعرت بالضجر فاقتصر حديثها معه بقولها انها تريد الذهاب إلى فندق جيد فرد عليها بانه يعرف ما يناسبها .
سالها:
ـ هل انت في اجازة ؟
لكنه لاذ بالصمت عندما ردت بكلمة واحدة "لا "
بعد نصف ساعة تقريبا حين توقف خارج فندق في الجيزة بدات سيل تدرك مدى ارتباكها . قالت للسائق وهي تحمل حقيبتها إلى الفندق :
ـ شكرا لك
وخشية ان تكون قد جرحت مشاعره بصمتها اعطته بخشيشا سخيا . فابتسم قائلا:
ـ استمعتي باقامتك هنا
تقدمت سيل إلى مكتب الاستقبال وكلها رجاء ان تستطيع البقاء هنا .. فبسبب انشغال افكارها لم تفكر في احتمال عدم ايجاد غرف فارغة .
لم يكن قلقها اساس بدا موظف الاستقبال لطيفا فقد غض النظر عن قدومها في وقت متاخر فالساعة تبلغ 2 صباحا .
ـ بالتكيد سيدتي .. كم ستمكثين عندنا ؟
ـ ليلة واحدة فقط .. هل من الممكن ان احجز تذكرة إلى انكلترا من هنا؟
ابتسم :
ـ بكل تاكيد .. لك فقط
بعد نصف ساعة وبعد تردد في مكتب الحجز حجزت مقعدا في رحلة بعد الظهر .دخلت إلى الفراش مع انها لا تشعر بالنعاس
اخرجت المحفظة الجلدية من فستانها الحريري وتفحصت محتوياتها .. كل شيء في مكانه . اعادت المحفظة إلى الحقيبة واقفلت الغطاء ثم اغتسلت وغيرت ملابسها قبل ان تاوي إلى الفراش .. ولكن ما ان اطفات النور حتى طالعتها الكوابيس فاضاءت النور ثانية واستلقت في السرير مستيقظة يضج راسها بكل ما جرى بشكل ماساوي هي لم تقد حسين إلى ذلك المدى رغم ما قاله موري ..الم يقل لها بنفسه ان عليها الا تغضبه !آه!هذا غير عادل .. غير عادل !
وقعت في احضان اغفاءة خفيفة وهي تتمنى لو تستطيع ان تكره موري باقل قدر من الالم لكنها تحبه وهذا الحب اجحاف بحقها. فراولة2008
استيقظت من جديد بعدعشرين دقيقة بعدها قامت بجهود حثيثة لتعود إلى النوم واطفات المصباح قرب السرير . في هذه المرة كان نومها اكثر عمقا واطول بقليل مع ان الظلام كان شديدا حين استيقظت مرة اخرى في الخامسة الا ربعا على صوت الاذان الذي يدعو إلى الصلاة .
طوال فترة الاذان الشجي الصوت كانت تحاول ابعاد موري عن افكارها .. بعد الخامسة بقليل انتهى الاذان ولم تتح لها فرصة التركيز على أي شيء اخر .. وظل موري موري موري يدور في عقلها وكيانها .
بعد الخامسة والربع رن الهاتف في غرفتها فسرت لانه قطع عليها افكارها التقطته وهي تعلم مسبقا ان شخصا ما طلب ايقافه باكرا وان المسؤول الليلي سجل رقم الغرفة الخاطئة .
كانت تهم بذكر رقم غرفتها عندما سمعت من يقول :
ـ الو
كادت تتهاوى من فرط الصدمة وظنت انها بسبب تفكيرها الشديد بموري قد خالت انها تسمع صوته فالصوت الذي قال الو صوت الرجل الذي تحب ! غير معقول .. انه موري !
قال بصوت معقول:
ـ سيل .. اود ان اراك
موري.. !انه..!ماذا ؟ سحبت نفسا عميقا وقفز قلبها .. موري يريد رؤيتها . بدات تقول :
ـ انا..
ثم هوت معنوياتها إلى الحضيض ..آه ما اشد حماقتها بالتاكيد يريد رؤيتها .. انما ليس لاجلها هي بل من اجل العقد .. لقد قام بالاتصالات اللازمة ليستعيد العقد.
الكرامة التي ظنت انها هجرتها سارعت إلى انقاذها ..قالت بخفة :
ـ هذا صعب
لم تعجبه للهجتها اذ كان كل شيء واضحا في سؤاله الحاد:
ـ لماذا؟
ـ انت في الاقصر وانا في القاهرة ..
صدمها تاثير ما حصل ..كيف عرف انها غادرت الاقصر وانها جاءت إلى القاهرة ؟بل كيف عرف في أي فندق نزلت ؟
جاء صوته بعدما انتظر طويلا لتكمل كلامها :
ـ في الواقع لست في الاقصر
ـ لست في الاقصر؟
ـ لا
ـ انت في القاهرة ؟
رد مرة اخرى :
ـ لا
تنفست سيل الصعداء ولكنه اضاف ببرود :
ـ انا في الجيزة
امسكت يدها بالهاتف بقوة موري في الجيزة نضحت يداها عرقا وجف حلقها . عندما حاولت الكلام خرج صوتها اجش وهي تسال ما بدات تعرف الرد عليه.
ـ في ..اي.. فندق؟
ـ في الفندق الذي انت فيه
ـ الذي...
ـ انا على مسافة الممر منك
اردف بطريقة رجل الاعمال الذي لا يضيع وقته:
ـ لدي اجتماع في 8 .. فهل من المناسب ان اراك الان؟
الآن ! سبب طلبه المفاجئ الاضطراب لسيل . لا..لا..لا صاح عقلها بها .. ولكن قلبها كان يقول .. اجل . تذكرت كيف كان في المرة الاخيرة التي راته فيها وتذكرت اتهامه اياها بانها اعطته الضوء الاخضر فصاحت كرامتها.. أبدا .
ولكن عليها ان تسلمه العقد الذي سبب له متاعب جمة حتى حصل عليه . صاح بنفاد صبر:
ـ حسنا ما ردك ؟
ردت بحدة:
ـ نعم من المناسب
وصفقت السماعة .
قبل ان تتمكن من انهاء تزرير روبها واخرج المحفظة من حقيبتها سمعت قرع موري الخفيف على بابها .. افترضت ان عليها ان تكون شاكرة له لانه اخذ بعين الاعتبار وجود نزلاء اخرين اتجهت بسرعة الباب فبل ان ينفذ صبره ويقرع مرة اخرى .
ترددت عند الباب فاضطرت إلى سحب نفس عميق قبل ان تمد يدها إلى المقبض .
المفترض ان تهدىء هذه الانفاس العميقة روعها .. ولكنها كانت هباء .. فما ان فتحت الباب ووقفت في وجه موري حتى تلاشى لونها ووهنت ساقاها ..اوه.. ما احبه إلى قلبها !بدا حليقا ولكن في عينيه نظرة توتر اقلقتها .. راحت عيناه تستوعبان كل حنايا وجهها كانت تعرف انه جاء بسبب محفظة الوثائق التي تحملها في يدها الان ولكنه لم يتحرك لياخذها منها. فراولة2008
فجاة شحب وجهها ورات ان لا حاجة للكلمات .. فكل ما يجب ان يقال بينهما قيل وانتهى الامر .
عندما رفعت محفظة الوثائق ودفعتها اليه تركت عيناه عينيها ونظر إلى الحقيبة .. اعتقدت ان من دواعي سروره ان يستعيد وثائق الشركة السرية ولكنه ويا للمفاجاة رفع يده ودفعها مرة اخرى اليها .
ولعل اكثر ما اذهلها طريقته في الدخول إلى غرفتها لقد اقتحم الغرفة اقتحاما .
وفيما كانت ترتد إلى الخلف اقفل الباب وراءه .
ثم راحت عيناه تطوفان بها من راسها إلى اخمص قدميها . اخذ المحفظة منها ورماها على السرير . ثم قال بحدة :
ـ لم آت بسبب هذه !
فجاة لاحظت خطورة الوميض في عينيه .. فارتعش جسمها .انها لم تعرف اذن لماذا جاء .. ولكنها لم تره اشد قسوة او اكثر تصميما!
9ـ مفتاح القلب كلمة
لم تكن سيل قط بحاجة يوما إلى رباطة جاشها كالان . في ما كانت نتظر إلى موري شعرت بعذاب داخلي ..ولكنها تمكنت اخيرا من ايجاد صوتها .
ـ كان يجب ان تقول هذا .. لكنت وفرت على نفسك عناء الزيارة
ـ ارت.. رؤيتك.
ان كلماته هذه لا تعني شيئا ولكنها مع ذلك جعلت قلبها يخفق بسرعة .
ـ لاشك .. ان الامر في غاية الاهمية لانك لحقت بي من الاقصر ..آه! لاشك انك كنت قادما إلى القاهرة على أي حال
صمتت بسبب حركة بدرت منه تدل على نفاذ صبره لم ينكر انه كان يخطط للمجيء إلى القاهرة بل اكتفى بالقول :
ـ كان وما زال الامر مهما
انتزعت عينيها عنه اخيرا وسالت :
ـ هل انت واثق من انك لم تات بسبب العقد ؟
تعرف انه لا يكذب ولكنها ولكنها شعرت بالارتباك الشديد فجاة ولا تعرف ردا اخر
بعد لحظات صمت قال:
ـ جئت من بين اشياء اخرى لاعتذر
لم تفكر في الاشياء الاخرى لكن :
ـ انت ..تعتذر ؟ اسمح لي ان يغمى علي !
ـ وهل انا سيء إلى هذا ؟
ـ ما هو اذن الشيء المحدد الذي تود الاعتذار عنه ؟
لاحظت ان تعابيره عادت إلى القسوة وكان لهجتها اللاذعة بدات تخزه
ـ اسمعي! هلا جلسنا؟
ـ لن يطول الامر الذي جئت من اجله إلى هذا الحد بالتاكيد؟
كانت تحبه وتكرهه ولكنها كانت تخشى ان تفضح حبها الذي تصغر عنده كراهيتها له .
قال:
ـ لست ذاهبة إلى أي مكان قبل ساعات
احست انه لايعرف فقط بموعد ذهابها إلى الشركة في 9 بل يعرف كذلك موعد سفرها إلى انكلترا . وهذا ما جعلها ندرك ان عليها ان تحذر منه لانه قادر على قراءة افكارها . اتجهت نحو كرسيين صغيرين تفصلهما طاولة منخفضة . فراولة2008
تمتمت:
ـ كنت تعتذر على ما اعتقد
كم تتمنى لو كان لديها الوقت الكافي لترتدي شيئا من الثياب .. رات عينيه تتجهان إلى شعرها الاشعث فتمنت لو وجدت وقتا لتمشطه
قال بعد لحظات :
ـ كنت اعتذر .. لقد خرجت عن طوري عندما اتهمتك بتشجيع حسين .. في الوقت الذي كنت فيه تتجنبين اغضابه خشية ان تكوني السبب في افشال المساعي التي كنا نبذلها من اجل العقد .
وثب قلبها وثبة عالية لانها سمعته يتكلم معها بتفهم كامل للصعوبات التي واجهتها .. لكن مقابل هذا كان هناك الجرح الذي سببه لها بسبب معاملته اياها بتلك الطريقة .. فهل هي مخلوق مثير للشفقة لذا قرر الاعتذار عن تصرفه معها ؟ وهل يجب ان تبتسم له طالبة منه عدم التفكير في الامر بعد الان ؟
اخيرا وجدت اللهجة الباردة التي كانت تريدها :
ـ في الواقع اعجبت كثيرا بحسين .
راته يعبس اسبب عبوسه لهجتها ام كلماتها؟ لكنه لم يتردد في مقاطعتها بقسوة :
ـ لم ارك معجبة به حين هاجمك !
ـ ذلك امر مختلف ..على أي حال شكرا لاعتذارك
ولكي تلمح إلى انتهاء المقابلة هبت على قدميها .. ولكنها عادت للجلوس ثانية لانه شدها .
ـ لم انته .. بل الواقع انني لم ابدا
غاصت في مقعدها مجددا وسالت :
ـ في هذه الحالة .. هل افترض انك نادم على طردي ؟
ـ استحق ان ترمي أي كلام في وجهي مع ان لدي اسبابا تعذرني ! انت غير مطرودة بالتاكيد من العمل لانك ثمينة جدا للشركة .
لكنها لم تكن تريد ان تكون ثمينة للشركة بل ان تكون ثمينة له .
ـ ام زلت ثمينة للشركة مع انني السبب في خسارتها ذلك العقد؟
ـ خسارة ؟
ـ اعرف ان نسختنا معنا.. واعرف انها سرية بسبب محتوياتها .. ولكن ان كان بديع قد مزق نسخته ..
ـ ولماذا تظنينه قد يفعل شيئا كهذا ؟
فقدت سيل السيطرة على اعصابها . فصاحت :
ـ انت لا تطاق ! اكرر ما قلته لي بسبب تصرفاتك دمرت لي ما احتجت إلى اشهر لانجزه!
شتم بصوت خفيض:
ـ استطيع شرح كل هذا .. قد يطمئن بالك ان عرفت انني قبل ان اغادر الاقصر تلقيت اتصالا هاتفيا من بديع الذي كان قلقا جدا
ـ قلقا؟
ـ الواضح ان حسينا ذهب إلى المنزل واخبره ببضع كلمات حادة انني طردته من غرفتك
تذكرت انه طرده وهو يوجه له كلاما قاسيا بالعربية
ـ اذكر انك وجهت له ما بدا لي اقسى من الطرد
ـ كان يستحقه !
ـ ارجوان يقدر والده هذا الواقع
وفغرت فاها بسبب رده الرزين :
ـ لفد فعل.. اتصل بي ليقول ان حسينا لا يدرك ما هي الامور بيني وبينك ...
صاحت تقاطعه:
ـ بيني وبينك
وتمنت لو لم تقل هذا فهي تعرف انه لا شيء بينهما . على الاقل ليس من جهته..
قال وعيناه لا تفارقان عينيها :
ـ ارج وان تسامحيني سيل .. لكنني انا الذي رميت حسينا إلى الخارج ثم قلت له .. انك لي .
نظرت اليه بذهول .. ثم قامت بجهد جبار للمحافظة على تماسكها اذ لم تفهم قوله لحسين انها له علما انه كان في ذروة غضبه . وظل قلبها يخفق بحيرة حتى رست على الرد الذي خفف ضربات قلبها المتسارعة .. ان موري مستعد لفعل أي شيء لانقاذ العقد .. حتى في غضبه ..
قالت بتحفظ :
ـ من الطبيعي ان تقول له شيئا يعذرك على ضربه ومن الطبيعي كذلك ..
جعلتها نظرته القاتمة تصمت.
ـ لم اكن مجبرا على القول له..
وصمت فجأة فظنت انه متوتر الاعصاب مرة اخرى ولكنها صرفت النظر عن الفكرة السخيفة . ثم لاحظت انه سحب نفسا عميقا قبل ان يردف :
ـ عندما استعاد حسين حسن الادراك كما قال بديع وحاول ان يتجاوز خيبة امله لانك مرتبطة اصبح خائفا من ان يكون قد اساء إلى زبون مهم وان يكون قد هدم ساعات من عمل والده في سبيل العقد ..
فغرت فاها وهي تسال :
ـ هكذا اتصل بك بديع ليتاكد من انك لم تغير رايك بشان العقد!
اكد لها كلامها :
ـ صحيح
نظرت اليه سيل باحتقار
ـ هه! لو وقعت في بالوعة اقذار لخرجت ورائحتك كالورد.
رات شفتيه تلتويان .. ولكنها لم تشعر بمودة كبيرة نحوه لحتئذ.
ـ ستقول لي الان انك بعدما تاكدت من عدم خسارة العقد احسست ان عليك ان تقول لي شخصيا انني غير مطرودة من العمل !.. حسنا . لدي اخبار لك ايها السيد الذي لا يعرف قول اجوك ولا شكرا ابدا .. لن اعمل ل كاو لشركة بيكون ولو ...
قاطعها :
ـ ماذا قلت لك ؟
لكنها امضت ساعات طويلة من العذاب بسببه وليست مستعدة حتى الان للهدوء
ـ لقد قلت اكثر مما يكفي ! لولا اتصال بديع بك هذه الليلة لما فكرت في مرة اخرى ولما حاولت بالتاكيد ان تتصل بي ..ولكنت غادرت الاقصر غير عابئ بي ..ولكنت...
صاح موري :
ـ هلا صمت؟
وكانت هذه الطريقة الوحيدة لينجح في اسكاتها .
جعلتها هذه المقاطعة الفظة تشعر بالذعر فقد تكون كشفت في كل ما قالته عن رغبتها في ان يفكر فيها .
لكنها قالت بتحد:
ـ ماذا؟
ـ لو تركت لي فرصة قول كلمة لقلت لك اني فكرت فيك بكل تاكيد ..يا امراة ..لقد جبت الاقصر طولا وعرضا بحثا عنك قبل مخابرة بديع .
اذهلها ما سمعت فجلست تنظر اليه بدهشة :
ـ بحثت عني قبل اتصال بديع .. انت ..
جاءت وتيرة صوتها منخفضة .
ـ لقد ارعبتني حتى الموت بفرارك هكذا
ـ أنا .. صحيح؟
ثم اضافت يائسة وهي تحاول جمع شتات نفسها :
ـ لا اظنك خلتني اخذت ملاحظاتك على محمل الجد ورميت نفسي في النيل ؟
تحولت نظرته مرة اخرى إلى تساؤل فخشيت للمرة الثانية ان تكون كشفت عن شيء من مشاعرها
لم يعلق على ما قالت بل رد بعد لحظة :
ـ لا .. لم اظن هذا .. بعدما تركتك .. تركت غرفتك .. خرجت اتمشى خطرت على بالي افكار كثيرة ولكن اول ما قمت به بعد عودتي هي التوجه إلى غرفتك .
قالت ببطء:
ـ فهمت..
فكرت : اذن لقد ادرك في اثناء سيره ذاك انه كان مجحفا بحقها فقرر التوجه إلى غرفتها للاعتذار
اردفت :
ـ لكنني لم اكن هناك .. هكذا ..
صمتت وبوقار إلى عينيه الرمايتين الثابتتين . بطريقة ما لم تستطع تكذيب انه كان يجوب الاقصر بحثا عنها .
اضاف :
ـ هكذا .. بدات ابحث عنك . كنا سنذهب إلى العشاء مها .. ثم ادركت انك تفضلين الموت جوعا على تناول كسرة خبز معي بعد تصرفي ذاك . وهذا ما يعني انك كنت ستسقلين سيارة اجرة إلى فندق اخر بدل المخاطرة في مشاركة المكان ذاته معي .
بدات مقاومتها نحوه تتداعى فما تسمعه منه يجعلها تعيد التفكير مرارا مرارا.
قالت :
ـ نسيت انني لم آكل
قال بصوت هامس :
ـ آه ! اكنت منزعجة مني إلى هذا الحد .....؟
قالت بسرعة :
ـ المحزن!
لكنه اضاف :
ـ استقليت سيارة اجرة لابحث في الاماكن التي من الممكن ان تذهبي اليها .. ثم عدت إلى غرفتك مجددا .
كانت عيناها تتسعان استغرابا وهي تصغي إلى المتاعب التي مر بها في بحثه عنها ولكن استغرابها لم ينته عند هذا الحد .
ـ عندما لم تردي او تفتحي الباب عدت إلى مكتب الاستقبال لاسال ان شاهدك احدهم فاخبرت عندئذ انك سلمت مفتاح الغرفة واخبرني احدهم انه راى حقيبتك بيدك .
صاحت استغرابا :
ـ كيف لاحظ ذلك مع دخول وخروج الكثيرين
قاطعها :
ـ كان رجلا ولست ممن يمكن لرجل الا يلاحظه سيل
ـ آه ! ماذا فعلت بعدئذ ؟
ـ وماذا يمكن ان افعل ؟ اخذت المفتاح والقيت نظرة على غرفتك
ازداد اتساع عينيها امام ما تسمعه :
ـ فعلمت انني رحلت ؟
هز راسه :
ـ ولكنني لم اكن اعرف إلى اين .. وكنت في غرفتي ارمي ثيابي في حقيبتي حين اتصل بديع بي
ادركت الصورة كلها :
ـ آه .. لقد عرفت انك امضيت ما يكفي من وقت في البحث عني وانك اذا ضيعته وقتا اخر فاتتك طائرة القاهرة ؟
ـ في هذه المرحلة لم اكن إلى اين اطير إلى القاهرة ام إلى الاسكندرية .. او إلى جهة اخرى .
ـ لكن الاجتماع ؟ الاجتماع الذي قلت انك ستحضره في القاهرة في السعة 8
ـ لقد كذبت في هذا
ـ كذبت ؟
ـ وماذا يمكنني ان افعل غير هذا .. لقد كنت محظوظا لانني وجدتك .
عانى الامريين في الوصول اليها وبما ان لا موعد لديه في القاهرة ذلك الصباح فهذا يعني بالتاكيد انه لحق بها عن عمد إلى القاهرة ! فجاة اخذ قلبها يخفق بشدة مرة اخرى .. وعرفت ساعتئذ انها تريد سماع كل ما يريد قوله لها ولانه قادر على الاتصال بها في أي مكان في العالم ليعتذر لم تفهم لماذا سعى اليها شخصيا .. ايعني هذا ان هناك اكثر مما بدا لها؟ تذكرت اليوم الرائع الذي تشاطراه .. حتى ظهر حسين على المسرح .. ابتلعت ريقها.. أكان الامر جيدا ام سيئا تريد منه ان يعدد اسباب سعيه اليها . فراولة2008
ـ لقد .. قلت انك كنت محظوظا
قال بلهجة صادقة :
ـ الحمد لله على العاصفة الرملية ! فقد اثرت تلك العاصفة على مواعيد الطيران .. ولولا هذا لما عرفت إلى اين سافرت .حين بدات اسال في المطار اتضح لي بسبب اختلاف المواعيد ان الطائرة الوحيدة التي قد تستقلينها كانت إلى القاهرة
ـ اذن سافرت إلى القاهرة ورائي ؟
ـ وامضيت معظم الرحلة متسائلا عما اذا هدات قليلا لتتذكري انك تحتفظين بالعقد.
ـ انا.. لم اتذكر العقد حتى هبوط الطائرة . الهذا السبب لحقت بي؟ عرفت ان العقد ما زال معي ...و....
اصمتتها الصدمة اذ رات من التعبير الغضب الذي ظهر على وجهه انها اغضبته كثيرا
قال بصوت راعد عاصف :
ـ الم تصغي إلى كلمة واحدة مما قلت ؟ تبا لذاك العقد فلا شان له بقدومي إلى هنا بل ما فكرت فيه لحظة عندما كنت اجوب الاقصر بحثا عنك ! في الواقع السبب الوحيد الذي جعلني افكر فيه وانا قادم إلى هنا هو رجائي ان تكوني قد تذكرته
ـ لا افهم كيف
ـ اذن حاولي فهم هذا ..! لقد فتشت غرفتك جيدا وانا ابحث عنك ولكن بعد اتصال بديع ادركت انك لو تركته لوجدته .. انك لو مزقته ورميته لشاهدته في سلة المهملات
صاحت بذهول :
ـ اتصورتني امزقه؟
ابتسم فجاة ثم قال بلطف :
ـ ما كنت لالومك
وبينما قلبها يتراقص قامت بما في وسعها لتسيطر على خفقات قلبها التي تثب بين ضلوعها بسبب ابتسامته ولطفه .
تابع :
بدا لي ان من الاسلم ل كان تتجهي إلى القاهرة وبما انك لم تنتظري طائرة الاسكندرية فهذا يعني انك لن تذهبي إلى هناك وهذا يعني انك كنت تنوين السفر إلى انكلترا على اول طائرة . وهناك قد تختفين وتعيشين مع اناس لا اعرفهم وقد يمر دهر قبل ان اجدك . فراولة2008
ايقول انه سيلحق بها إلى انكلترا ؟
اردف :
كان هذا ..الا اذا..
سالت حائرة :
ـ الا اذا ...
ظل صامتا لحظات لكنه كان ينظر اليها وكانما مجرد رؤيتها تجعله مطمئنا وكان قلبها يعصف بين ضلوعها :
اردف بعدما جمع شتات نفسه :
ـ الا اذا تذكرت الوثائق السرية .. فقد عرفت طوال تلك الاسابيع التي عملتها معك انك اضافة إلى طبعك الناري مخلصة وكفؤة .
وجدت انها غير قادرة على الاصغاء بدون ان تعلق :
ـ اتقول لي هذا الان؟
عابثها:
ـ لست بحاجة إلى من يخبرك ذلك.. لقد فتشت مطار القاهرة بحثا عنك وعندما لم اجدك رحت اعتمد على وفائك للشركة
ـ قلت بينك وبين نفسك انني ان تذكرت الوثائق امتنعت عن مغادرة القاهرة قبل ان اضع العقد في ايد امينة ؟
قال بهدوء :
ـ اردت رؤيتك ايتها العزرزة سيل . ولهذا املت من كل قلبي ان تتذكري العقد وان تشعري بعد الثقة بالبريد فتقررين وضعه بنفسك في مكتب القاهرة حالما تفتح الشركة ابوابها
ابتلعت ريقها :
ـ فكرت في ملاقاتي في مكتب الشركة ..حين ..
ـ كنت انوي ان اكون هناك قبلك .. ولكنني كنت نافذ الصبر فلم استطع الانتظار
ـ لم تستطع ؟
هز راسه معترفا
ـ فتشت في عدة فنادق في القاهرة ثم تذكرت شوقك إلى زيارة الاهرامات وكانت رمية من غير رامي .. ولكنني تخليت عن البحث عنك في القاهرة واتنقلت للبحث في الجيزة .
ـ حقا .. الواقع انني لم افكر بالاهرامات حين طلبت من سائق التاكسي ان يقلني إلى الجيزة .
نظر اليها وكانه منتعش القلب بمعرفته انها لم تفكر في الاهرامات حتى بعد وقت طويل على شجارهما . ولكن بدل الضغط عليها لتقول له سبب عدم تفكيرها ابتسم بلطف وقال لها :
ـ لا يهم .. وجدتك اخيرا بعدما وجدتك حجزت غرفة في هذا الفندق ولكنني اكتشفت انني غير قادر على الانتظار حتى طلوع النهار.
ـ وهل كنت مستيقظا وقت الاذان ؟
ـ ياعزيزتي لم اذق طعم النوم ولم استطع الانتظار وقتا اطول فاملت ان يكون صوت الاذان قد ايقظك وعندما سمعت صوتك عرفت انك لم تستطيعي النوم ايضا فتشجعت
نظرت اليه فظنت انها ستنهار قريبا تحت ضغط التوتر الذي ترزح تحته فجاة ..
ثم سالته :
ـ تشجعت .. لماذا موري ؟
ـ الا تعرفين حتى الان ؟
تملكها الخوف الشديد من ان تكون مخطئة في ما فكرت فيه . على أي حال وجدت ما يكفي من الشجاعة لتقول :
ـ ان لم يكن العقد هو المهم لك ...
ولم تستطع قول المزيد
تولى موري الكلام نيابة عنها.
ـ ما دام ذاك العقد غير مهم لي فما المهم اذن ؟ كي اهرع من الاقصر إلى القاهرة بحثا عنك المهم ياعزيزتي سيل انت .
ـ آه !
ـ وماذا تعني هذه الــ آه؟
بدا انه مستعد لتلقي ماهو اسوأ فقالت :
ـ تعني ..انني ..خائفة
ـ مني ؟
ـ مما لم تقله
ـ مما لم ... لكنني كنت اقول لك انني احبك كثيرا سيليا سوفتنغ .. فهل ستقولين لي انك لم تفهمي هذا ؟
ـ تحب المراة سماع الاشياء بالتفصيل .
ـ تحب..؟ لن تعطي رجلا مثل هذا التشجيع دون ان تعني شيئا .. اليس كذلك ؟
كادت تساله أي صنف من النساء يظنها ؟ لكن نظرة إلى تعبيره المتشدد اخبرتها بانه جاد فعلا
فردت ببساطة :
ـ لا لن افعل هذا
وقف ثم قال آمرا :
ـ رددي ما قلت
تركت كرسيها بهدوء وهمست اسمه :
ـ موري!
ـ آه موري لن أسألك الآن عما دفعك للاهتمام بي .. ولكن بما انني لا امانع في معرفة كل شيء بالتفصيل فهل هناك ما تودين البوح به؟
ان ما يحدث الآن امر لا يصدق اهو بحاجة حقا إلى سماعها تعترف بحبها ؟ ..ولكنها تذكرت انها كانت متوترة الاعصاب بحيث لم تكد تصدق انه يحبها .. سحبت نفسا مرتعشا .
ـ آه موري .. احبك كثيرا !
صاح صيحة انتصار ثم قال هامسا:
ـ ياللعذاب الذي سببته لي ياحبي العزيز وياللغيرة التي اختبرتها منذ قدومك إلى القاهرة بشعرك الاشعر الشاحب ووجهك الرائع الذي لم اكن اريدة
قاطعته :
ـ الغيرة ؟
ابتسم :
ـ امامنا امور كثيرة نتحدث عنها .
كان يريدها اقرب ما تكون اليه فتحركا ليجلسا قرب بعضهما البعض على مقعد طويل .
ـ ليس لديك فكرة عما كنت اشعر به تجاهك ايتها الشابة
ـ لم اكن أعرف .. ولكنني اريد ان اعرف .
ـ مجنونة لكن محبوبة .. لقد بدانا بالتخصم منذ اليوم الاول .تجرات على تحذيرك من الاعجاب بي ولكن ما لم احسب حسابه هو ان تظهري الاعجاب باحد سواي .
سالت :
ـ أتشير إلى حسين ؟
ـ مثلا
ـ ومن غيرة ؟
ـ هيوغو مارتن أيضا ؟
ـ هيوغو مارتن !
ـ لا يمكنك ان تكوني دهشة بمقداري
ـ لكن لا سبب يجعلك تغار منه
ـ كيف لا اتوتر وانا اراه يحاول التودد اليك امام عيني ؟
ـ وهل توترت ؟
ـ جدا .. كما توترت عندما دعاك إلى الغداء
ـ كان ذلك في اليوم الذ خرجنا فيه معا للغداء مع بديع حسني
ـ لم يكن في نيتي اصطحابك معي يومذاك .. ولم يخطر ببالي انني قداحتاج اليك الا بعدما بدا لي انك ستتناولين الغداء معه ..
ـ لم ييكن في نيتك اصطحابك ذلك اليوم ..كنت تغار! أمنذ ذلك الوقت .. وانت..
جعلتها الدهشة تعجز عن اضافة كلمة اخرى
ـ منذ ذلك الوقت البعيد وانا اشعر بالغيرة . منذ ذلك الوقت وقعت في شباكك ولكنني كنت انكر المشاعر التي تعتمل في نفسي والتي اصرت على الظهور إلى العلن .
ـ أي نوع من المشاعر ؟
ونسيت السؤال حين تظهر نظر بحب إلى وجهها المتورد.
هزت راسها ثم ضحكت فقال مجددا :
ـ كم احبك اين؟
بدا صوته عميقا جافا. فهمست:
ـ كنا نتكلم عن الغيرة
ـ آه ..اجل الغيرة وعن انكاري وجودها . ولكنها رغم كل ما فعلت كانت تواجهني . بعد مارتن كان علي مقاتلة الوحش حتى اتصل حسين يطلب عنوانك .
ـ حدث ذلك يوم وصولي إلى الاسكندرية حين حجزت لي في الفندق .
ـ وكنت يومذاك واثقا بانني لا اهتم البتة بمن يعرف في أي فندق تقيمين فاعطيته الرقم ثم بدون سبب اتصلت بك فوجدت خطك مشغولا . فراولة2008
تمتمت:
ـ لكنك اتصلت مرةاخرى وطلبت ان تعرف ما اذا كنت ساتناول العشاء مع حسين وظننت انه سيسعدك ان تعرف انني لم اكن ساتعشى معه
ـ اسعدني ذلك بالتاكيد ! ولم يعجبني ما شعرت به من فرح . فقد كنت يا حبي العزيز قد بدات اتشوش بالنسبة لك .
قالت بحرارة :
ـ لم يظهر عليك ذلك
ـ اعتذر من كل قلبي الآن على كل مرة التي يحدث لي شيء كهذا . لا لم ارتاب بما اشعر به او ارفضه فقط بل لم في تصديقه .
سالت ممازحة :
ـ أكان سيئا إلى هذه الدرجة ؟
ابتسم :
ـ بل قاتل ..ز لم اكد اعرفك تقريبا بعد ظهر ذلك اليوم الذي ذهبت فيه إلى المطعم مع حسين . مع ذلك حين عدت إلى العمل ولم اجدك اكتشفت انني اركز على سماع وقع خطواتك اكثر مما اركز على عملي
شهقت بذهول :
ـ حقا.. وعدت إلى بيتي تلك الليلة وانا اقول لنفسي انك لا تعنين لي شيئا ولكن ماذا افعل وقد رايتك في منامي واحلامي ؟ انت ياحبي الصغير سبب لي اوقاتا عصيبة
ابتسمت :
ـ وهل يجب ان اكون آسفة ؟
ـ اجل .. كيف تجرأت على تدمير راحة بالي بالقول لي اكثر من مرة انك معجبة بحسين ؟
آخر مرة قالت له فيها ذلك حين دخل إلى غرفتها .
سالت :
ـ متى كانت اول مرة ؟
ـ ايتها المراة الخالية من القلب ..كيف لك ان تنسي ؟ كان في اللحظة ذاتها التي قلت فيها انك غير معجبة بي
صاحت آسفة :
ـ اوه موري .. وهل جرحت احساسك ؟
رد بحبور :
ـ ليس كثيرا فانت قلت ايضا ان لا نية لديك في الذهاب بعيدا في هذه العلاقة
توقف قليلا ثم اضاف بهدوء :
ـ عليك مسامحتي على امور كثيرة ...
ـ لم تكن لطيفا معي تلك الليلة
ـ واستعدت معيي صباح السبت حيث ادركت ان التاثير الذي لتلك الشقارء علي لا يعجبني ابدا
تنهدت سيل ولكنها تذكرت كم كان مشاكسا عندما رآها في المرة التالية .
ـ اذن لهذا ..
قاطعها :
ـ بالضبط .. ولكن ان عدنا إلى الامسية السابقة إلى الليلة التي اكتشفت فيها انك لا تعبثين ابدا .. اعذريني على تعصبي الرجولي حبيبتي ولكنني احسست بالرضى بمعرفة هذا
لكنها كانت مستعدة لمسامحته على كل شيء
ـ كان هذا يوم الجمعة .. في الليلة التي جئت تقول لي فيها اننا ذاهبان إلى الاقصر
ـ تقصدين الليلة التي عدت فيها من انكلترا وبينما كان من السهل ان ارسل لك رسالة لاطلب منك ان توظبي حقيبتك وجدت نفسي وانا انكر انني اشتقت اليك مضطرا للمجيء بنفسي
ـ لانك اشتقت الي
ابتسم ثم اعترف :
ـ لم تكن المرة الاولى عزيزتي .. وكنت ارفض ان اصدق .. اتذكرين اليوم الذي سافرنا فيه إلى القاهرة الاثنين الماضي ؟
ـ بالتاكيد . مع انني لا استطيع القول انك كنت بحاجة الي في تلك الرحلة .
ـ لم اكن احتاجك من وجهة النظر العملية ..لكن .. يا امراة كنت قد امضيت نهاية اسبوع كاملة دون ان اراك . حتى وان لم اعترف لنفسي اشتقت اليك ورغبت في صحبتك بضع ساعات
تنهدت:
ـ اووه.. ان كنت في حلم فلا توقظني ابدا
ـ انت لا تحلمين حبيبتي .
ـ متى عرفت حقيقة مشاعرك تجاهي ؟
ـ تقصدين متى سحبت راسي من الرمال واعترفت بحبي لك ؟ بالامس في اللحظة التي قلت فيها انني لا احتاج اليك وان بامكانك الخروج لمشاهدة الاقصر كما يحلو لك ..فجاة احسست بحاجة لاريك المكان بنفسي .
ـ انت!
ـ اجل .. ولهذا هرعت إلى مكتب الاستقبال وانتظرتك لتخرجي من المصعد .
ـ كنت تنتظر ..! لم تكن تطرح اية اسئلة ؟ لكن كان بالامكان الاتراني ..فانت..
ـ لا مجال .. لقد رايتك حالما انفتح باب المصعد وتظاهرت انني لم ارك .. كنا في السوق ونظرت إلى السجادة وقلت انها جميلة وانا انظر اليك عرفت انني لم اشعر قط بسعادة اعظم من هذه كلها ..وانني استمتع بكل دقيقة اقضيها معك ..ساعتئذ بت غير قادر على التهرب من الحقيقة والحقيقة انني وقعت في حبك مع انني حذرتك في البداية من الوقوع في حبي
ـ اوه موري!
ـ عرفت لحظتئذ يا قلبي ويا غاليتي لماذا شعرت بالاسى العميق حين اضطررت إلى السفر إلى انكلترا يوم الاربعاء
همست:
ـ كنت ستترك لي مفتاح الخزنة
ـ وهل يدهشك ان انساه وانا سافارقك؟ مع ذلك لم افهم سوى الاحد أي بالامس مالذي دفعني إلى اصطحابك إلى شقتي في الليلة التي جئت فيها إلى مصر .. ولم اتقبل ان تكون الغيرة هي الدافع إلى ايجاد شقة لك خالية من هاتف والسبب انك قلت لي ان حسينا اعتاد على الاتصال بك في الفندق كل مساء .
ـ حقا..؟ لكن .. ولكنني اذكر انك سالتني ان عاد إلى الاتصال بي كل مساء .. مع انك تعرف ان لا هاتف عندي !
رفض موري ان يبدو خجلا :
ـ لكن هذا لم يمنعه من الاتصال بك في المكتب صحيح؟ وما منعني من محاولة القول لك انني بحاجة إلى معرفة كل شيء لانه ابن بديع .. فيما بعد تساءلت من كنت احاول ان اقنع : انت ام نفسي ؟
ـ وعرفت بالامس انك كنت تقنع نفسك ؟
فقال هامسا :
ـ اوه ..اجل حبيبتي . عرفت ونحن ناخذ السجادة لنشحنها بالطائرة انني لا اريد لهذا النهار ان ينتهي وانني لم اعرف مثل هذا الفرح في داخلي .. لذا وجدت ان افضل طريقة لاطالة اليوم هو اصطحابك إلى الغداء. فراولة2008
تنهدت وتمتمت:
ـ وبعد ذلك إلى الكرنك
ـ وفي المساء إلى الكرنك ثانية من اجل عرض الصوت والضوء
همست :
ـ كان كل شيء جميلا
ـ ولكنني بسبب غيرتي العملاقة افسدت كل شيء حين سمعت وانا في غرفتي صوت حسين .
ـ دخلت.. بسرعة
ـ ودفعتني غيرتي إلى تجاوز الحد فقد رايت بام عيني رجلا اخر يجرؤ على الاقتراب منك ويفرض نفسه عليك ..ياعزيزتي .. ياحبي! هل ستسامحينني يوما على هذه الكلمات والافعال التي بدرت مني بعد ذلك؟
ـ لانك .. ضربت حسين ؟
سخر منها:
ـ هه..! كان هذا ينتظره ! لا حبيبتي . بل لانني اتهمتك باعطائي الضوء الاخضر ذلك اليوم وهذا ما كنت ارجوه في الواقع .. ثم اندفعت الى اتهامك بالعبث مع حسين .. وفوق كل هذا .. طردتك من العمل
سالت بهدوء :
ـ لماذا فعلت هذا؟
ـ لماذا طردتك ؟
هزت راسها :
ـ كل شيء
ـ كنت قد فقدت عقلي في ما يتعلق بك حبي العزيز ! في الوهلة الاولى تجاوزت مرحلة الغضب من جرأة حسين بالدخول إلى غرفتك .. بدات افقد سيطرتي على نفسي كليا ولولا التحفظ الذي ابديته لضعفت . في لحظة التردد تلك سمحت للتعقل بالدخول إلى راسي .. ولم اكن اعرف ما ان ارغب فيه .
قالت بلطف :
ـ واصبحت لطيفا
ـ لا ..بل في تلك اللحظة من عودة التعقل الشارد كنت خائفا
ـ خائفا ..؟انت
ابتسم:
ـ صديقيني .. كنت اريدك بشدة ولكنني خفت واحتجت إلى المساعدة
ـ آه ..! احتجت إلى الغضب لا إلى الاذعان
هز راسه موافقا :
ـ اضطررت ان اتهمك بتخريب عملي وبالعبث ..ولكنني.. خفت ان اكون في لطفي الذي بدر مني قد كشفت عن حبي لك .. واعترف يا سيل ان التفكير المنطقي قد هجرني حين قررت انك سرعان ما ستعرفين انني لا احبك اذا طردتك من العمل
ـ اوه موري .. يا حبيبي المسكين !
ـ أتسامحينني ؟
ابتسمت :
ـ طبعا
ساد صمت في الغرفة ثم سالها :
ـ هل قلت لك يوما انك فعلا جميلة محبوبة وانني احبك من كل قلبي ؟
ضحكت :
ـ لا اظن هذا .. اذا كنت مصمما ان لا اعرف كم .. فما الذي...؟
ـ ما الذي جعلني اقرران اقول لك؟
هزت راسها:
ـ قلت انني ارعبتك بفراري ..أكان السبب ان ..
ـ كنت قد قررت قبل هذا ان احاول معرفة رايك لاتاكد ان كان لدي فرصة .. ما ان تركت غرفتك حتى خرجت من الفندق وان بامس الحاجة إلى لملمة شتات افكاري . ويبدو انني سرت اميالا قبل ان ادرك انني بدات اتعلق بفكرة انك قد تكنين لي بعض المشاعر .. ففكرت انه ربما لا ضرورة لاخفاء ما اشعر به تجاهك . استقليت تاكسيا بسرعة ورجعت إلى الفندق
ـ لكنني لم اكن هناك
ـ فكان ان بدا الكابوس فعلا .. وبدات تنتقمين مني آنسة سوفتنغ أتعرفيت ذلك ؟
ضحكت:
ـ واثقة ان هذا لم يظهر عليك سيد بروكس .. متى بالضبط ؟
ـ كنت اقود السيارة باتجاه الاسكندرية يوم وصولك إلى مصر فغفوت وبدا راسك يميل هممت بمطالبتك بتقويم جلستك لكنني لما نظرت اليك لم استطع اخراج الكلمات . وجدت انني اعجبت بنظرتك البريئة وضد كل قناعاتي الداخلية وقبل ان ادري اكتشفت انني بدل ان اصحبك إلى فندق اصطحبتك إلى شقتي .. فهل من الغريب ان اكون مغتاظا من نفسي ومنك ايضا؟
ـ ولم اكن معجبة بك كثيرا تلك الليلة
ابتسم موري :
ـ حبيبتي .. لقد شرحت لك كل ما لدي لانني بعد الطريقة التي تصرفت بها معك احسست انك بحاجة لتعرفي حقيقة مشاعري وعمق لك .. والان حبيبتي سيل الصغيرة ..أيمكنان اعرف منك متى اكتشفت انك تحبينني ؟
ـ عرفت بالتاكيد انني احببتك في الليلة التي ذهبنا فيها للعشاء في منزل بديع
ـ في تلك الليلة كنت وغدا لا يطاق !
ضحكت:
ـ هذه كانت مشاعري بالضبط .. كنا عائدين إلى الفندق وكنت ساصعد بالمصعد بمفردي حين ادركت وسط ثورتي عليك لماذا يمكن ان تؤثر تقلبات مزاجك في؟
ـ هل خطر ذلك قبل تلك الليلة ؟
ضحكت:
ـ ماذا أقول ؟ كان موجودا فعندما تم العقد رغبت في معانقتك
وصمتت لحظة ثم تمتمت:
ـ لأهنئك .. منذ ذلك الوقت ادركت انني اخادع نفسي عندما اقول لك انك لا تعجبني وانني لا اميل اليك . حتى في تلك اللحظات كنت احبك اكثر مما كنت اكرهك ... وحتى اكون صادقة اعترف ان حبك ابتدا يتحرك في قلبي منذ صحبتني إلى شقتك .
ـ اريدك ان تكوني صادقة .
ضحكت ثانية ..فحبه الان يشعرها بالامان . وهي تدرك انه يريد كما ارادت هي ان يعرف كل شيء عن مشاعرها .
ـ حسنا .. كانت احدى ردات فعلي تلك الليلة مقاومة تهور كاد يدفعني إلى القول اني لا آبه بك وبوظيفتك البائسة ولكنني عدت واوهمت نفسي بانني اريد البقاء لأريك قدراتي ولأرى الاهرامات .. لكنني الآن اعرف انني بقيت يومذاك لان فيك ما هو مميز في نفسي .
نظر موري إلى عمق عينيها :
ـ بالحديث عن الاهرامات حبيبتي .. واذا كانت معلوماتي الجغرافية صحيحة ..
وقف ثم اقتادها إلى باب الشرفة .. فتح الباب واخرجها إلى الشرفة .. في مكان ما تصاعدت انظارها من فوق شجرة عطرة إلى يسارها كانت السماء وردية اللون ثم تحرك إلى خلفها وطلب منها ان تنظر إلى يمينها . فراولة2008
شهقت :
ـ موري
لم تستطع ان تصدق وصاحت مجددا :
ـ موري
في مكان قريب كانت الاهرامات الثلاثة ! فغرت فاها ثانية لكنها كانت مذهولة فابت الكلمات الخروج .
شعرت بذهول كامل ورهبة غامرة لمنظر الهرمين الكبيرين والآخر الصغير.
لا تدري كم بقيت واقفة هكذا .. ولكنها تنهدت أخيرا برضى كامل .
ارتد موري إلى جانبها .. فرفعت عينيها سعيدة لترى الدفء في عينيه وهذا ما جعل خفقات قلبها تتسارع من جديد.
ـ حبيبتي سيل .. لانني كنت دائم السفر وبعيدا عن انكلترا اشهرا طويلة انتزعت فكرة الزواج من راسي . وكنت قانعا.. في الواقع استمتعت بعزوبي .. وعرفت دائما ان عملي يعني لي اكثر من الزواج .. لكن هذا كان قبل ا ناقع قلبا وروحا في حبك .
سحب نفسا عميقا وتفرس في تعابير وجهها . اردف :
ـ هكذا اجدني أسأل ان كنت توافقين على الزواج بي ..ارجوك.
خفق قلبها خفقة جبارة وابتلعت ريقها بقسوة .. احست انها على وشك ذرف دموع السعادة العاطفية .. وابتسمت تقول بصوت مرتعش هامس :
ـ بما انك تطلب مني بكل مني لطف .. فأجل .. سأتزوجك .
همس من بين انفاسه :
ـ ياحبي
تنهد تنهيدة عميقة ثم ابتسم ابتسامة جعلت قلبها ينتفض بقوة بين أضلعها .
|