كاتب الموضوع :
طيب القلب
المنتدى :
سلسلة سافاري
الفصل الثالث
بطاقة دعوة أنيقة على ورق مصقول :
عزيزى د . علاء عبد العظيم :
نتشرف بأن نوجه لكم الدعوة لحضور مؤتمر ( أطباؤنا فى الخارج ) و الذى يحاول أن يربط عرى الصداقة و التعارف بين الأطباء أبناء و طننا الحبيب , أولئك الذين اختاروا العمل أو الدراسة فى الخارج . و لسوف نتشرف بحضوركم فى حالة القبول فى قاعة ( ... ) بنادى ( ... ) الساعة الثامنة مساء يوم الثلاثاء 8 أغسطس .
جمعيتنا جمعية أهلية لا علاقة لها بالحكومة و لا ادارات البعثات أو وزارة الخارجية , و بهذا نحن نفتقر الى الشكل الرسمى لكننا لا نفتقر الى الفعالية .
و تفضلوا بقبول وافر الشكر .
نائب رئيس الجمعية
محمد التونى
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
عزيزى أشرف :
أفتقدك كثيرا جدا .. تعرف أن كل واحد منا قد ترك جزءا من روحه لدى الااخر . تلك اللحظات الغالية التى أقول فيها كلمة أو أبدأ جملة عالما أنك ستفهم من غير أن أكمل , فتقول لى : أفهمك .. و الله العظيم أفهمك فلا تتعب نفسك !
من أجل لحظات كهذه ابتكر البشر لفظة ( صداقة ) ..
حكيت لك فى خطابى السابق أننى فى مصر حاليا . أعرف أنك ستعود من ( دبى ) بعد شهرين فى اجازة قصيرة , لكننا للأسف لن نلتقى .. من يدرى ؟ .. ربما أسافر الى دبى أو تأتى أنت الى الكاميرون يوما ما . اجازتى هادئة خالية من المشاكل .. ( برنادت ) تعانى أعراض الحمل بشدة و كما تقول هى بطريقتها الذكية : " أقدم احترامى اليومى للمرحاض العظيم .. فأبدأ يومى بالانحناء أمامه ربع ساعة لأفرغ معدتى ! " . لا تقل مبروك الا عندما تستقر الأمور و أطمئن .. تذكر أن رحلة طائرة عنيفة تنتظرها الى كندا .. على كل حال جاء هذا الخبر بعد ما ذرعنا كل شبر فى أرض مصر .. هناك أماكن لم أعرف أنها فى مصر و رأيتها أخيرا معها . من الواجب الان أن ( نهمد ) قليلا و نستقر فلا أريد أن أعرضها لمخاطر الحركة .. لاحظ أننى فقدت حملا قبل هذا .. لا داعى لمزيد من الجولات , و لا أعتقد أن هناك موضعا فى مصر لم نزره فى هذين الأسبوعين ..
كما قلت لك : لا أحداث . هناك جمعية أهلية تقوم بعقد اجتماعات للأطباء الشباب الذين يعملون فى الخارج .. لا أعرف كيف وجدوا عنوانى و لا كيف عرفوا أننى فى مصر . أعتقد أنهم أجروا بحثا مدققا لدى وزارتى الصحة و الخارجية .. لا أعرف بالضبط .. على الأرجع هم يعقدون اجتماعات دورية , و يراسلون الأطباء الذين يعرفون أنهم موجودون فى مصر فى هذا الوقت بالذات .
لقد ذهبت لموعد اجتماعهم فقابلت نسخا عديدة منى كلهم لديه قصة حياتى . هناك قابلت رئيس تلك الجمعية , و هو رجل أعمال يحمل الجنسية البريطانية اسمه ( معتز الشيخ ) . كان طبيبا فيما سبق ثم تفرغ لهذه المهنة الغامضة ( البيزنس ) حيث يجرى مكالمة كل ثلاث دقائق و يكسب مليون دولار بعدها .. لكنه و الحق يقال رجل ظريف . لقد رحب بنا و قال انه لا يهدف لأية منفعة سوى أن نعرف بعضنا البعض جيدا .. النائب اسمه ( محمد التونى ) و هو طبيب اخلا أقل لطفا و أكثر براعة فى العلاقات الاجتماعية . هناك منسقة أو سكرتيرة خريجة الجامعة الأمريكية اسمها ( هبة ) و لا أعرف دورها بالضبط , سوى التأكد من أننا نلنا ما يكفى من قطع الجاتوه الصغيرة التى بحجم قطعة السكر ( أعتقد أن لهذا الجاتوه الذى غرست فيه أعواد خلة اسما راقيا لكنى لا أعرفه باعتبارى سافلا منحطا ) .
لاحظت أنهم يدققون فى جمع المعلومات ..يريدون معرفة كل شئ عنك , مما يدل على أن معلوماتهم ليست كاملة . طبعا كان السؤال المتوقع هو : " لماذا تجمعون هذه المعلومات ؟ " تقال بكثير من الريبة , فيأتى الرد : " نحن فى سبيلنا لعمل قاعدة بيانات كاملة على شبكة الانترنت تتيح لك معرفة كل شئ عن زملائك فى المهنة .. "
ثم قاموا بتوزيع بعض الأوراق المطبوعة علينا .. أغلبها يحوى كلاما انشائيا فارغا , لكن المهم أنك تجد قائمة بأسماء و عناوين و أرقام هاتف الموجودين .. بعضهم كان ظريفا تتمنى أن تعرفه أكثر و بعضهم تتمنى أن يكون هذا هو اللقاء الأخير بينكما .. بعضهم جاء ليبقى فى مصر للأبد , و بعضهم مثلى يلتقط أنفاسه قبل السفر من جديد . معظمهم يعمل فى الولايات المتحدة , و قليل جدا منهم يعمل فى اسيا أو أفريقيا ..
هذا هو كل ما مر بى من أحداث فى اجازتى حتى اليوم .. يبدو أننى بدأت أشيخ حقا ..
أكتب لى يا أشرف , و كف عن عادتك المقيتة فى تجاهل الخطابات حتى تتراكم ...
علاء
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
د. علاء :
لا أعرف ان كنت ستذكرنى , لكننى حصلت على عنوانك الالكترونى عندما كنا فى ذلك الاجتماع أول من أمس , و قررت أن أقوم بمراسلتك لأننى تحرجت من الاتصال بهاتفك و هو كما فهمت هاتف بيت الأسرة , لأنه لا بيت لك فى مصر .
اسمى ( عصام مصطفى ) .. مختص بأمراض الأنف و الأذن و الحنجرة و أعمل فى كندا منذ عشرة أعوام .. أنا قاهرى أصلا و سنى تقترب من الخامسة و الأربعين و لدى طفلان . سرنى أن أعرف أن زوجتك كندية . أعتقد أنك ستحب كندا كثيرا عندما تزورها , برغم أن معظم الناس تميل الى جارنا الثرى المزعج فى الجنوب ( الولايات المتحدة ) , لكنى أعتبر كندا نجحت فى أشياء كثيرة لم تحققها الولايات المتحدةهذا موضوع يطول على كل حال ..
أنا هنا مع زوجتى الكندية و خطر لى أن الزوجتين ستحبان لقاء بعضهما البعض .. ما رأيك فى ترتيب لقاء فى بيت أحدنا أو مكان مشترك ؟
رقم هاتفى هو ( ........ ) و لسوف يكون من دواعى سرورى أن نلتقى , لكن أرجوك أن تقرر بسرعة لأن اجازتى موشكة على الانتهاء ..
عصام مصطفى
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
الباخرة النيلية ( نبيتون ) :فاتورة حجز ( عشاء + عرض راقص )
د. عصام مصطفى
مارى مصطفى
د. علاء عبد العظيم
د. برنادت عبد العظيم
تتحرك السفينة فى تمام السابعة مساء يوم الخميس 10 أغسطس .
نرجو الحضور قبل الموعد مع الشكر .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
من ألبوم صور علاء عبد العظيم :
- أنا و برنادت مع د. عصام مصطفى و زوجته الكندية على ظهر السفينة ( نبيتون ) .. انها سمراء جميلة يصعب أن تصدق أنها غربية .. بالطبع تركوا شياطينهم الصغار فى البيت .
- عصام و الراقصة تقف خلفه .. طبعا هذا أسوأ موقف يمر به رجل , لأنه حريص على أن يبدو غير مبال بالراقصة , و هذا بالضبط ما يكفى ليجعل مظهره فضيحة . .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
صفحة الحوادث فى جريدة ( ... ) :
مقتل طبيب مغترب فى ظروف غامضة
محمد حمزة : تواصل الشرطة التحقيق فى الظروف الغامضة التى أحاطت بمصرع طبيب مصرى اسمه ( عصام مصطفى ) 45 سنة يعمل فى كندا , و كان قد جاء الى مصر فى زيارة مع زوجته الكندية و ابنيه . فى السابعة مساء الجمعة 11 أغسطس عادت زوجته مع أطفالها من جولة فى القاهرة , حيث توجهت لغرفته بفندق ( ...... ) فوجدت الباب مغلقا و هو لا يرد . بمساعدة خادم الغرف تمكنت من فتح الغرفة لتجد جثة زوجها على الفراش و قد اخترقت طلقة جبهته . انتقل الى مكان الحادث العقيد ( ...... ) و النقيب ( ........ ) , و قالت الزوجة انه لا يوجد لزوجها أعداء , و ان لاحظت اختفاء مبلغ الفى دولار كان فى مكان ظاهر , و أصدر مدير أمن القاهرة أمرا بسرعة ضبط الجناة .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
عزيزى أشرف :
تصور أن ذلك الطبيب المقيم فى كندا الذى طلب أن أقابله و زوجته قد توفى ؟ .. كنت معه منذ أيام على ظهر سفينة فى النيل و كان مليئا بالحيوية , و لديه مشاريع لا تنتهى .. زوجته كانت لطيفة جدا , و قد صارت صديقة ( برنادت ) .
فجأة تفتح الصحف لتكتشف أنه قتل فى فندقه بالقاهرة .. يا له من شعور ! .. صحيح أن هذا الكلام ممل و يقال فى كل مرة حتى لم يعد له معنى تقريبا , لكنى لا أتمالك ذلك الشعور بالقشعريرة كلما فكرت فيما حدث له .. هكذا تفرغ الأجساد المليئة بالحيوية من لغز الروح , و تنتفخ و تتعفن .. شعور قاس فعلا ..
أما ما هو أقسى فهو عدم وجود خيط من أى نوع .. يبدو أن رجال الشرطة لن يجدوا القاتل و لسوف تصير هذه القضية واحدة من القضايا فى ملف قديم مترب .. أعتقد أن الجرائم التى لا تتم بغرض السرقة هى أسهل أنواع الجرائم فى ضبطها , لأنه من السهل أن تتذكر عدوا موتورا أو منافسا فى السوق , أو عاشقا غيورا يحب ذات الفتاة .. أما كون الجريمة تمت للسرقة فهذا يجعل الاحتمالات لا حصر لها..
زرتها أنا و ( برنادت ) فى غرفة الفندق الجديد الذى أقامت فيه .. كانت منهارة تماما , و قالت انها ستعود الى كندا بمجرد أن يسمح رجال الشرطة لها بذلك .. للأسف سوف تحمل لمصر أسوأ ذكرى ممكنة فى حياتها ..
بالطبع لابد أن رجال الشرطة فكروا فيها .. هى المتهم الأول كالعادة فى حالة كهذه , لكن لا يوجد لديها دافع و لا تملك الأعصاب اللازمة لعمل كهذا .. المشكلة أن التحقيق فى هذه الظروف يزيد من الضغوط العصبية عليها , و يذكرها بأدق تفاصيل الحادث ..
على كل حال , سوف تسافر قريبا و لن تترك سوى ذكرى خافتة أليمة .. فليرحم الله عصام و يرحمنا جميعا .
علاء
و هكذا انتهى الفصل الثالث و يا ريت لو فى حد بيشوف اللى بكتبه يسيبلى اى كومنت احسن دى اول مرة ليا اشارك بحاجة فى المنتدى الحلو ده و حاسة ان محدش بيقرا اللى كتبته و اقابلكم مع الفصل الرابع باذن الله .
|