كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
فقال مبتسماً:" ربما أكون أنا ذلك أصلع".
فضحك مستمعاً ثم أرخى عينيه، كانت ملامحه سلافية أصلية وكذلك حاجباه الأسودان المستقيمان، وشعرت هي
بنفسها تهتز لسبب لم تدركه.
وفجأة شعرت بوهن في ساقيها. ومدت يدها الرقيقة الناعمة تستند إلى جدار منخفض خلفها. ورأى هو هذا فبدا عليه
السرور بينما أطلقت هي ضحكة صغيرة وهي تقول معتذرة:" نعم، ربما تكون أنت ."
حاولت أن تبتز الحديث و تهرب..كلا بل تمشي ببساطة تعود إلى قاعة الرقص، كانت الألحان الحالمة العذبة تتهادي
من تلك القاعة حيث شقيقتاها لابد ترقصان. تانيا مع عريسها، وماريان مع خطيبها، وقد حان الوقت لتلحق بهما قبل
أن تؤثر هذه الليلة الشاعرية هنا على عقلها.
وقالت:" إن رقص المتتابع، أتعبني".وانباتها ملامحه بأنه لم يصدق هذا، وأضافت:" وأنا بحاجة
إلى فترة هادئة أستعيد بها قواي، ولهذا إذا لم يكن لديك مانع، يريد البقاء وحدي ،ربما يمكنك أن تعود إلى القاعة الرقص لترقص على تلك الأنغام الغجرية مع من تقدر".
فأجاب بسخرية لاذعة:" إنها ليست موسيقى غجرية، ألا ترين أنها تفتقر إلى المشاعر إنها هنغارية يشترك
معها ضجيج السائحين".
ومادام غير مستعد لأن يتزحزح، ابتدأت هي تمشي على ضفة البحيرة.. وقالت بضيق محاولة أن تخترق هذا الصمت
المتوتر بأي شكل:" ظننت ان الموسيقيين جميعاً من الغجر لأنهم يرتدون ملابس غجرية."
فأجاب:" وها أنت ذي ترتدين ثيابا كأية فتاة برئية، ولكن أية أسرار تختفي تحت هذا الثوب الإيطالي الطراز؟ وأية
خطة جهنمية أحلم بها بينما أسير بجانبك مستمتعا بجمال غير عادي؟ وأية أكاذيب نحن الاثنين على الاستعداد
للإدلاء بها لكي نجنب أنفسنا الأذى أو نظهر تصورنا للكيفية التي ننظر فيها إلى العالم".
لم يكن ما يدور بينهما حديثاً عادياً، لقد بدا لها و كأنه ينذرها، تقريبا بنواياه، فخافت من التورط معه و قررت
الأفضل هو أن تتجاهل ملاحظاته غير العادية تلك.
وقالت بصوت أجش:" إن الموسيقى تبدو لي حقيقية."
وأجفلت إزاء ابتسامة الساخرة التي ارتسمت على شفتيه بمكر، وكأنه يلومها على هذا الجبن، ليقول بعد ذلك برقة:"
إن موسيقى الغجر الحقيقية لا يسمعها الغرباء أبداً، هذا إلى انها لابد ان تكون في الهواء الطلق لكي تكون ممتلئة
حياة، فالجدران تخنق صداها".
وأخذت سوزان تفكر في هذا بهدوء وهما يسيران بصمت فوق العشب يتهاديان في الحديقة الخفيفة الإضاءة.
وقالت ببطء:" نعم، إنها بين الجدران، تبدو و كأنها أوبريت نمساوية، أما هنا فهي.."
وترددت وقد فقدت شجاعتها إزاء همهمة الاستحسان التي صدرت عنه.
وقال يستحثها بلهجة أثارت ارتباكها:" نعم؟"
فأنهت حديثها قائلة بلهجة ملتوية:" إن المسألة هي امتزاجها بالهواء".
قال بصوت أجش:" لو كان ثمة فرصة لتسللت هذه الموسيقى إلى أعماقنا و جعلتنا عاجزين إزاء دعوتها لما يكمن
فينا جميعا من حماس و عشق."
يتبـــــــــــــــع
|