وجفلت لسماعها هذا، ذلك أنه لم يكن ثمة من يعلم بهذا الأمر، فكيف تمكن من ذلك؟ وسألته بامتعاض:" ماالذي جعل
هذه الفكرة تطرأ على ذهنك؟"
فأجاب:" هذا واضح، فأنت أصغر أفراد أسرتك إليه، وهكذا جمعت اثنين و اثنين معاً، ارأيت؟ إنني أدرس الطبيعة
البشرية".
وقطبت جبينها وهي تراه يعالج ربطة عنقه لينتهي بأن حلها نهائياً، ثم وضعها في جيبه.
وسألها:" ماذا فهمت من هذا؟"
وازدردت ريقها وهي تقول:" معناه أن قياس ياقة قميصك صغيرة".
واضطربت وهي تراه يضحك بهدوء وهو يقول معنفاً برقة:" إن عليك أن تكوني اكثر مهارة مما أنت عليه إذا شئت
أن تكوني ربة أعمال، عليك أن تتعلمي قوة الملاحظة والتأمل، والتفهم، كان عليّ أن اخبرك بأنني لا أطيق القيود،
ولا التحكم، ولا العادات المتعارف عليها، تذكري هذا، ولا تدهشي إذا أنت رأيتني أخرج عن بعضها، هل صنعت
هذا الثوب بنفسك؟"
وأجابته قائلة بهدوء:" نعم، وكذلك ثوب العروس و أثواب و صيفاتها".
وابتدأ ذهنها يعمل، إنه على صلة برؤساء مصانع النسيج، فإذا كانت ذكية، فعليها أن تترك فيه انطباعاً بأنها على
دراية بالتجارة لتحصل على بعض الفوائد بسرعة.
ولكنها ستكون مجنونة إذا هي تورطت معه، وقطبت حاجبيها وهي تحاول أن تفهم تحركاته، ولكنها لم تجد أية علاقة
بين هذه الحقائق وبين الكونتيسة.
وتنهدت شاعرة بالهزيمة، وهي ترفع نظرها إليه لتجده يتأمل ثوبها بإعجاب واضح، وكان نظره مركزاً على تفاصيل
الخياطة.
وأخيراً قال:" لاعيب فيه"
ولم تستطع ان تدرك من النظر إلى عينيه المتحفظتين، ما إذا كان يعني الثوب أم يعنيها هي وتابع:" إنني سأساهم
بنقودي لإنجاحك".
فأجابت ببرود:" وكذلك سأفعل أنا لو كنت أملك نقوداً، ولكنني لا أنوي أن أصنع الثياب بنفسي، فأنا أضع التصميم
فقط، ثم أضع القياس للعمال".
فقال:" بالضبط ولكنك أن تقومي بذلك، عليك أن تكوني ذات مستوى عال ،أنت نفسك يجب أن تكوني على معرفة
بالتصميم و التفصيل وتنتهي إلى دقائق المهنة، لكي تتعاملي مع الزبائن على مثل هذا المستوى، ولكي تنجحي تماماً
عليك أن تناضلي ضد المنافسين لك، ويبدو واضحاً أنك تجهدين نفسك".
فسألته:" وكيف؟"
فأجاب بهدوء:" ماقد أنجزته حتى الآن، فقد درست اللغة الهنغارية، وخططت لمستقبلك وعملت وقتاً كاملاً أثناء إنهاء
خياطة ثياب هذا العروس قد استغرق من وقتك ساعات طويلة لإنهاء شغل الخرز ذاك الذي يزينه، هذا على سبيل
المثال..ثم إن ثوب الرقص الذي ترتدينه اليلة لاشك قد أمضيت ساعات طويلة في صنعه، ونجحت تماماً بذلك"
وردت عليه بحدة:" لقد أفسدت بكلامك هذا كل شيء، كنت أظن أن لديك شيئاً مهماً تتحدث عنه".
يتبـــــــــــــع