كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
فقالت بعد تفكير:" معك حق، سأساعدك في اعداد العشاء ولكن لا تظن أن عدم جدلي معك يعني أنني أوافقك على
ما تقول".
وزمت شفتيها وهي تفكر في موضوع عادي يتحدثان به ورأته يخرج من الثلاجة سلة من الأعشاب فسألته
بفضول:" هل هذه الأعشاب للطبخ؟".
فأجاب:" هي كذلك وهي ايضاً أعشاب طبية".
أخذ يرفع مجموعة تلو الأخرى وهو يقول:" هذه الأزهار للسلطة و هذه الجذور للروماتيزم يعاني منه فيرينك،
فهي تهدئ الألم وهذا لأجل الرضوض، وهذه تطبخ مع السمك، و اللافندر للحمام ، وهذا للطماطم ،و هذا مع
اللافندر لغسيل البياضات، إن الأعشاب هي لكل شيء يخطر على بالك".
توقفت سوزان وهي تقول فجأة:" لاشك أنك تعلمت كل هذا من الغجر، متى كان ذلك يالازلو؟ وكيف؟".
فقال بجفاء وهو يخرج حزمة كبيرة من البراد:" لقد علمني الغجر كيف أعود الى الحياة، هل يناسبك فطائر لحوم
؟".
وقبل أن ينتظر الجواب اشار إلى كيس البطاطا وهو يقول:" هيا باشري بالتقشير".
فعادت تسأله:" متى و كيف؟".
فنظر إليها بضيق ثم قال مقطباً جبينه:" عندما مات أبي كنت مراهقاً حساساً".
وأرخى أهدابه الكثيفة ما منعها من أن ترى أي تعبير في عينيه ، وأدركت من طريقته وهو يفصل رقائق عجينة
الفطيرة، أن قد شرد تائهاً في الماضي.
وقالت تجشعه على الكلام:" ها أنذا أقشر البطاطا".
فأجاب:" حسناً أظن أن هذا الموضوع لا يمكن التحدث عنه كأي موضوع آخر".
وبأسلوب رجل اعتاد أن يواجه أسرة جائعة، وضع الفطيرة في الفرن ثم تناول مقداراً من الجزر من على الطاولة
و ابتدأ ينظفها في الحوض المزدوج بجانب سوزان، وهو يتابع قائلاً:" أدركت موت أبي قبل أن ينجح في المهمة
التي كان يقوم بها و هذا ما جلب العار على اسرتنا بين ليلة و ضحاها، ولا أدري ماذا جرى لجدي".
وصرخت هي برعب:" أتعني أنهما اختفيا فجأة؟".
فأجاب:" لقد اقتيدا إلى مخيم، ولم أرهما قط بعد ذلك".
فقالت برقة:" بينما هما اللذان قاما بتنشئتك، آه يا لازلو، لقد كنت تحبهما أليس كذلك؟".
فأجاب:" نعم".
وساد صمت طويل لم تشأ أن تخترقه، ولكنها أدركت مقدار ما كان يكنه من الحب لجديه، اللذين منحاه طفولة
سعيدة، أدركت ذلك من حبه العميق لأولاده.
وعادت تسأله برقة:" وكيف كان شعورك عند ذلك؟".
فأجاب:" شعرت بالجنون".
ورأت يديه تقطعان الجزر بعنف و كأنه يقطع رؤوس أولئك الذين كانوا في مركز السلطة ذلك الحين.
وسألته بعد برهة:" إذن ماذا فعلت بعد ذلك؟".
فأجاب بجفاء:" اختفيت عن الأنظار، التحقت بقبيلة من الغجر، لقد علموني كيف أعيش خارج البلاد، ألا أثق
بأحد، أن أعشق الموسيقى وأن اخفى مشاعري تعلمت أن أعشق البراري، أن أكره الانحباس في غرفة صغيرة،
وأن أقبض على الأرانب في ثوان قليلة".
يتبــــــــــع
|