وخبط بيده على المكتب وكأنه لا يريد أن يكف عن النضال وقال مزمجراً:" يجب عليك ألا توقعي على أي اتفاقية
دون حضور محامينا آه يا سوزان لم كل هذا العناد؟"
فهمست وهي تستجمع بقايا قواها:" ان احلامي تلون حياتي و ذهني سيكون صافياً وأنا لن أضر بنفسي"
ولكنه ظل متابعاً الجدل بمحبة ورقة ممزوجة بالقسوة وهذا ألمها اكثر من الشجار, و لكم قابلته بحزم
عالمة أن الوقت ليس بجانبها ، فهو سيرحل قريباً جداً لقضاء شهر العسل.
وعندما كاد ينفذ صبرها استسلم هو وأخذ يلقي إليها بتنبهاته الحازمة بالانتباه مذكرا إياها ان باستطاعتها
الاتصال به هاتفياً في أي وقت تحتاج إلى المساعدة سواء كان الوقت ليلاً أم نهاراً.
وشعرت بالارتياح إذ انتهى القسم الأقل من الموضوع راجية أن يكون هذا هو الجزء الاكثر صعوبة مما عليها أن
تتحمل ولكنها لم تكن واثقة من ذلك تماماً، وشعرت بوهن في ركبتيها لدى تفكيرها في أنها ستمضي الأسابيع
القليلة المقبلة في صحبة لازلو المثيرة الأعصاب.
وعندما دخلت القاعة لاحظت أن الباب الرئيسي مفتوح وأن افراد الأسرة يتبادلون تحيات الوداع وكان لازلو
شبحاً في الظل لا يكاد يرى في آخر القاعة وما أن اقتربت منه محاولة التخفي لكي تراقبه دون أن يراها أمكنها
أن ترى مبلغ الكون و الهدوء اللذين يكتنفاه كما رأت ايضاً حركة عينيه الذكيتين المتواصلة وهما تلاحظان كل
إشارة وكل كلمة و حركة جسم مهما كانت ضيئلة يعرف بها مشاعر أقربائه ,وازدردت ريقها.
لقد رأى مبلغ المحبة و المشاعر التي تكتنفهم تجاه بعضهم البعض وتساءلت وهي ترى كل هذا عما إذا كان ذلك
يزيد من غضبه حيث انه كان من المفروض أن يكون هو عضواً في هذه الأسرة المتحابة ومع ذلك فقد أبعده
الزمن القاسي عنهم.
ورفعت يدها إلى عنقها لقد كان يراقب كل حركة تبدر عن الكونتيسة مهما كانت ضئيلة وكل إشارة رشيقة من
جسدها الأرستقراطي كان واضحاً من الطريقة التي كان فيها يقبض يديه ,أن رؤيته لأمه مع بقائه غريباً غير
معروفاً لديها هذا كان يسبب له لوعة في القلب و ألماً مدمراً في الأعماق و ذلك رغم ادعائه خلاف ذلك.
لاشك أنه عانى الكثير من الآلام ,ولكنه كان يريد أن يتألم أولئك الذين تحبهم هي , وهم أيضاً .
أن ينقل إليهم عدواه، وأن يتذوقوا نفس المرارة وانعدام الوئام اللذين تذوقهما، وفكرت برعب..إنه العين بالعين
والسن بالسن.
ولكنها رغم أنها لم تتمن له الخير قد شعرت بالألم يكوي قلبها لشعورها باليأس الذي يتملكه لنبذ أنه له، فقد كان
الوضع مروعاً وتصورت سوزان والحزن يكتنفها تعاسة الكونتيسة إذ تعلم أنها حامل من ابن نيكولاي وكراهيتها
أن يرث أملاكها شخص يجري في عروقه الدم الروسي ثم وضعها النفسي الفظيع وهي تكتشف بعد ولادة لازلو
أنها لا تستطيع ولا تريد أن تحبه.
وتملكتها بقوة صورة الطفل لازلو صارخاً يطلب الحب و الاهتمام وليس ثمة من يحمله فيعرض نفسه لحنق
الكونتيسة وحاولت التفكير في نوع الحياة لسنوات مع رجل تكرهه وعلمت أنها لايمكن أن تحتمل ذلك أبداً.
يتبــــــــــع