المنتدى :
الارشيف
من الذي يقطع الانترنت في المنطقه؟
«¾°ˆ™ˆ°¾»¶Engineer Obada¶«¾°ˆ™ˆ°¾»
موضوع خطير- من الذى يقطع خطوط الإنترنت في المنطقة؟
موضوع طويل و لكنه قيم و خطير و يحتاج الى كثير من التدبر و التفكير و ليس القرأه العابره - فاذا لم يكن لديك الان الوقت او المزاج الرجاء تاجيل قرأته
مع الف شكر للبروفيسور ايمن راشد كاتب المقال
مرة جديدة نتساءل من كان وراء قطع كابلات الانترنت في البحر المتوسط مؤخرًا وفي نهايات العام 2008 بعدما تكرر الأمر الذي جرى في اوائل السنة ذاتها؟تساؤل يبدو في ظاهر لا يحمل سوى علامة استفهام غير أن باطنه يحوي خليطًا هائلاً وربما غير متجانس من صراعات ونظريات وأحاديث اعقد من الشكل المطروح به، لا سيما أن حالة الشلل التام التي ضربت المنطقة المصابة بالعطل والتي امتدت من مصر إلى عدد من الدول العربية والآسيوية مثل باكستان وأجزاء من الهند عادت بنا إلى زمن العصر الورقي ، وليس هذا هو المهم في المشهد بقدر ما شعر الناس أنهم قد انقطعوا عن العالم برمته فيما يمكن أن يكون وعن حق تجربة حقيقية ، أو مقدمة لفكرة عزل العالم العربي عن بقية العالم حال وجود نوايا عدوانية كالحرب ، وبات من الواضح أن قطع خطوط الانترنت عن بلد ما يعني إصابته بحالة من الشلل التام ما يؤثر على كافة مقدراته سيما شبكات الاتصالات والدفاع ويعيده إلى عصور الهاتف والبرق التي تجاوزتها معطيات الواقع بمراحل بعيدة
عمل تخريبي أم حادث عرضي؟
في أوائل مارس الماضي كان "سامي البشير المرشد " مدير مكتب تنمية الاتصالات في الاتحاد الدولي للاتصالات يصرح بأن فكرة وجود عمل تخريبي فيما جرى أمر ليس مستبعد، لا سيما أن انقطاع خطوط الاتصالات البحرية الأربعة في البحر المتوسط والخليج العربي بفوارق زمنية قريبة جدًا أمر يدعو إلى الشك والريبة ويرى المسؤول العربي الذي كان يتحدث على هامش افتتاح الملتقى الإقليمي للأمن ألمعلوماتي في الدوحة أن بعض الخبراء يشكك في الرواية المتناقلة بشان قطع الخط البحري عن طريق الخطأ خاصة وان هذه الخطوط تقع على أعماق بعيدة تحت البحر ولا تطالها السفن.
هذه التصريحات قد أحيت ما أشارت إليه أحدى الصحف الامريكية " أميركان كرونيكل " في أوائل فبراير المنصرم من أن انقطاع الكابلات على هذا النحو إنما جاء ضمن سياقات مختلفة لتهيئة منطقة الشرق الأوسط لسلسلة من الحروب الجديدة وهو الأمر الذي تعززه تحركات المدمرة الحربية الاميركية " يو أس أي كول " إلى مياه البحر المتوسط مصحوبة بعدة قطع حربية في إشارة لما يمكن أن تشهده المنطقة عما قريب.
ولعله قبل البحث في أحاديث الحروب يلزمنا التوقف مع آراء عدد من الفنين المتخصصين واستطلاع آرائهم حول ما جرى دونما تهوين أو تهويل. في مقدمة هؤلاء يأتي القبطان تأمر صادق الخبير في "مد وصيانة الكابلات البحرية" والذي يعمل على إحدى السفن العالمية المسؤولة عن خطوط الانترنت حول العالم، وبداية يرى أن القول بأن الأحوال الجوية السيئة قد تسببت في قطع الكابلات هو كلام مغلوط وغير صحيح لان التيارات المائية في الأعماق التي توجد الكابلات فيها تكاد تكون منعدمة.
والتساؤل الفني كيف يمكن استهداف كابلين في وقت واحد خاصة وانهما يبعدان عن بعضهما 5 كيلومترات وفق معلومات مؤكدة؟
الإجابة وفقًا لما يراه القبطان المصري هي أن هذا أمر يسير للغاية إذا تم تحديد مكان الكابل لا سيما أن هناك مراكب إمداد لديها مخاطف طويلة قد تصل إلى 300 متر ويمكن رميها وشبكها بالكابل وسحبها على المركب وقطعه وإذا كانت المسافة بينهما 5 كيلومترات فلن تستغرق العملية ربع ساعة لتصل المركب إلى الكابل الثاني وتقوم بتكرار ما فعلته مع الأول هذا إذا افترضنا وجود مركب تدميري واحد: إن جاز التعبير وليس أكثر.
ومن التصريحات الفنية إلى الأقوال الرسمية إذ أثار وزير الاتصالات المصري الدكتور طارق كامل
الكثير من الهواجس عندما أشار بدوره إلى انه لا يستبعد فرضية المؤامرة، مؤكدًا ميله إلى الاعتقاد بوجود شبهة تعمد بعد قطع الكابل الثالث بنوع خاص وقال وقتها إن الموضوع كبير وخطر وغير مسبوق .. غير أن التساؤل بشكل أكثر دقة فنية كم عدد الخطوط التي انقطعت وهل يمكن أن يكون الضرر الذي أصابها أمر من سبيل المصادفة الموضوعية أم المؤامرة التاريخية؟
أما عن الخطوط أو الكابلات فقد تجاوزت الخمسة إلى نحو ثمانية منها كابل بحنوب مرسيليا في فرنسا واثنان بالقرب من الإسكندرية وواحد بجوار دبي وأخر ناحية بندر عباس بإيران ثم كابل بقناة السويس وأخر بالقرب من بيننانع بماليزيا بالإضافة إلى أول كابل قد انقطع في الخليج العربي بتاريخ 23 يناير المنصرم والذي لم يلتفت إليه كثيرًا وقتها
وباختصار غير مخل لا يمكن أن تكون هذه سياقات قدرية أو صدفة بل الأمر ربما كان مناورة أو تجربة غير مسبوقة تحتاج إلى كفاءات لا تتوافر إلا لدى الدول الكبرى بل والتي كانت صاحبة اختراع الانترنت عينه ومعنى هذا بوضوح أن أصابع الاتهام تشير بشكل خاص إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها التقليدية إسرائيل لا سيما وأن شبكات الانترنت من تل أبيب إلى بغداد لم تتأثر بنوع خاص مما يجعل من التصديق بأمر المؤامرة اقرب إلى الحقيقة منه إلى الخيال
الأيادي الأميركية الخفية
ولأن الولايات المتحدة الأميركية بشبكاتها الخلافية وعلاقاتها المضطربة مع غالبية دول العالم قد باتت الإمبراطورية الرومانية للقرن الحادي والعشرين فقد ذهبت التحليلات أول ما ذهبت إليها، لا سيما أنها الوحيدة التي تستطيع شل شبكات الانترنت برًا وبحرًا وجوًا، بما يتوافر لها من آليات غير مسبوقة وغير معلن عنها في كثير من الأحوال.
تكتب المؤلفة الأميركية " شيري ستوناج " في كتابها "خداع الرجل الأعمى : القصة غير المروية عن تجسس الغواصات الاميركية"
تقول إن البحرية الأميركية قد شكلت منذ عقود فرق غوص خاصة مزودة بأجهزة متطورة جدًا متخصصة في قطع الكابلات البحرية تعمل تلك الفرق انطلاقا من الغواصات باستخدام حجيرات هوائية متحركة تمكنها من العمل في الأعماق وتنفذ مهام التجسس البحري إما بقطع الكابلات البحرية ثم إعادة وصلها بعد تركيب معدات التجسس أو مجرد إجراء عملية القطع.
وهذا بدوره يطرح علامة استفهام بخصوص ما شهدته أروقة استخبارات واشنطن بشان الانترنت وما جرى في المنطقة فماذا عن ذلك؟
في الأسبوع الأول من شهر فبراير كانت الأحاديث والمناقشات في لجان الاستخبارات بمجلس الشيوخ والنواب تمضي على قدم وساق تجاه ما بات يعرف بإشكالية "الفضاء الافتراضي" و"الأمن الالكتروني" أما الحجة الاميركية المعتادة لإطلاق هذه الحوارات فهي قطع الطريق على شبكات الإرهاب العالميفي تسخير الانترنت كأداة لتنسيق هجومات جديد على الولايات المتحدة الاميركية
وقد جرت في ذلك الأسبوع مساءلة رؤساء الأجهزة الاستخبارية الاميركية عن مدى جهوزيتها لمواجهة أي تهديدات الكترونية يمكن أن تشكل خطورة على القدرات الاميركية سواء العسكرية أو المدنية وبخاصة اتصالات البنية التحتية ونظم المعلومات والمراقبة الجوية وشبكات الكمبيوتر ومحتوياتها،
وهذا يطرح مخاوف حقيقية وتساؤلات فعلية لا كلامية منها على سبيل المثال لا الحصر الذي يقع في دائرة المناطق الرمادية المظلمة :
هل أقدمت تلك الوكالات على قطع الكابلات لتثبت للجان الاستخبارات أنها قادرة بالفعل على التحول من حالة الدفاع عن النفس إلى مرحلة المواجهة الاستباقية وفقًا للنظرية والمبدأ الذي أرسى الرئيس بوش قواعدهما منذ ولايته الأولى أم أن الأمر يتخطى حاجز التجربة والتدريب إلى حدود الواقع العملي بالفعل وبدء انطلاق عملية ما لا تزال اسرارها في الأفق الاستخباري الأميركي ؟
ربما يكون ذلك صحيحًا إلى درجة بعيدة سيما إذا أخذنا في الاعتبار الغموض الذي يلف الأمر الرئاسي الذي أصدره الرئيس بوش في أوائل يناير الماضي والذي عرف باسم " مبادرة الأمن الالكتروني " ورغم سريتها فان ما تسرب لبعض وسائل الأعلام الاميركية يشير بالفعل إلى أن واشنطن قد بدأت في تقنين المراقبة الالكترونية وتجميع وترجمة وتحليل كل المعلومات المتبادلة والكامنة في مختلف أجهزة الكمبيوتر وعبر الانترنت في مختلف أنحاء العالم بذريعة حماية سمائها وأرضها وبحرها من بيرل هاربور جديد قد تكون صينية أو روسية هذه المرة
أو 11 سبتمبر بشكل أو بأخر.
وفي السياق نفسه، فإن واشنطن قد شهدت ما يشبه العودة غير المحمودة لدونالد رامسفيلد وزيرالدفاع الأميركي الأسبق والذي شارك في مؤتمر يثير بدوره هواجس الربط بين قطع كابلات الانترنت في الشرق الأوسط والخطط الاميركية لعسكرة العالم ، فقد شارك رامسفيلد في مؤتمر عقد تحت مسمى " الحرب والانترنت " وفيه طالب صقور المحافظين الجدد وفي مقدمتهم وعلى رأسهم رامسفيلد بان تشن الولايات المتحدة حربًا جديدة على الأفكار من خلال
استخدام الانترنت، وعليه فقد طالب المحارب الذي لا يلين بإنشاء وكالة أمنية جديدة يعهد إليها بهذه الحرب العالمية ضد ما وصفه بـ "الإسلام الراديكالي وعلى الرغم من التبريرات السابقة التي ترسخ احتمالات قيام أميركا بذلك الفعل المتعمد فانه للموضوعية ظهرت على السطح أصوات أخرى قد تختلف في شكل الطرح لكنها تتفق على قدرة الولايات المتحدة على المراقبة والتدخل في شؤون الانترنت على مستوى العالم بما في ذلك إحداث أعطال عن قصد لكن بطرق غير قطع الكابلات ،وهذا يقودنا لحديث أخر:
أميركا والانترنت ... رقابة وهجوم
في خريف العام 2005 كانت التصريحات الصادرة عن الولايات المتحدة وبخاصة من قبل مجلس الأمن القومي ومجمع الاستخبارات الاميركية الجديد تشير إلى أنها تصر على البقاء على دورها كمسيطر وحيد ومشرف وحيد على شبكة الانترنت تلك التي ابتكرتها والتي ترى انه من حقها الحفاظ عليها لحماية امن بلادها ، وفي هذا السبيل بدأت تعمل على استخدام وسائل الضغط الانترنتية بما يشبه عمليات التجسس الصريح مستخدمة الوسائل التي كانت تستخدمها الأجهزة المخابراتية الاميركية بتقنياتها التجسسية النادرة لسرقة المعلومات من الآخرين أو لفرض هيمنة القطب الأوحد عليها ، وقد زاد هذا الأمر بعد حادث 11 سبتمبر حيث يلاحظ أن الرقابة أصبحت مركزية أميركية خالصة تستخدم بوسائل كثيرة متنوعة من الاختراق إلى الهاكرز لكنها في النهاية تؤدي دورًا كبيرًا في الوصول إلى ابعد مدى في الهيمنة المعرفية في شتى أنحاء العالم سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.
وعند الدكتور مصطفى عبد الغني صاحب مؤلف “الرقابة المركزية على الانترنت في الوطن العربي"
أن وزارة الدفاع الامريكية قد وضعت برنامج معلومات خاص يسمح للقوات المسلحة باختراق كل قواعد البيانات للحكومة والشركات الخاصة وانه بات من المتعارف عليه أن شركة مايكروسوفت تقوم دوريًا بتسليم أجهزة أمنية أميركية معنية " الكود الخاص " بكل جهاز أو برنامج كمبيوتر تبيعه مما يسهل لهذه السلطات مراقبة كل شيء بالإضافة إلى أحاديث الرقابة الاميركية الاستخبارية
على الاتصالات الدولية من خلال شبكات أيشلون والتي يجدر بنا أن نعود إليها في قصة مستقلة.
والثابت أن الولايات المتحدة تخضع المنظومة الانترنتية لمجموعة من أدوات الرقابة تضعف معها حجة الذين قالوا بأنها كانت وراء قطع خطوط الكابلات منها على سبيل المثال:
· قدرتها على تدمير أي موقع معاد لها من خلال نشر الفيروسات
وحجب الرسائل المهمةالسيطرة المعلوماتية من خلال التنصت على ما يتم تداوله من بيانات عبر الشبكة العنكبوتية
· المقدرة على انتهاك خصوصية المراسلات السرية عبر اختراق أي بريد الكتروني مشكوك في صاحبه.
· استحداث قوانين الحجب بما يعني مقدرة واشنطن قانونيا على إغلاق أي موقع يقصد منه الإساءة إليها.
· استخدام الشبكة فائقة التطور المعروفة باسم " بروميس " والتي جاء على ذكرها المؤلف الإنجليزي توماس جوردان في كتابه "جواسيس جدعون" لاختراق شبكات المعلومات في العالم برمته وليس في المنطقة العربية فقط.
وربما يطول الحديث عن الوسائل التي تمتلكها الولايات المتحدة وهذا ما يدفع المحلل العسكري الاستراتيجي اللواء الدكتور محمود خلف للقول بان أجهزة الاستخبارات الاميركية ليست في حاجة إلى إرسال قطع بحرية عسكرية أو مدنية لقطع الكابلات البحرية ذلك لأنهم لو أرادوا إحداث خراب للشبكة سيقدرون على ذلك من أماكن تواجدهم من خلال التحكم والتوجيه السبي في " السيرفر" المتوجه إلى أي منطقة في العالم ويرى كذلك أن الشركات الخاصة المتضررة يمكنها أن تكتشف قيام الاستخبارات الاميركية بتلك الأعمال الهجومية ما يعرضها لإجراءات تقاضي أمام المحاكم ودفع تكاليف طائلة إضافة إلى تشويه سعتها
ويؤكد أن واشنطن هي " أم الانترنت " ولهذا تستطيع إيقاف أعمال الشبكة برمتها من مراكزها المتقدمة في أميركا، ومعروف أنها رفضت طلبًا لدول الاتحاد الأوروبي بشان إنشاء مركز لشبكة الانترنت في أوروبا.
غير أن هذه الآراء على وجاهتها يقابلها على الجانب الأخر مزج بين حادث الانترنت وقضية المواجهة المسلحة الامريكية مع إيران من جراء برنامجها النووي فهل من علاقة بين هذه وتلك ؟
فرضية هجوم متوقع على إيران
ربما كانت الصحيفة الاميركية " أميركان كرونيكل " أول من أشارت أو ألمحت إلى وجود تلك العلاقة إذ أعربت عن اعتقادها بان قطع هذه الكابلات لم يكن مصادفة وانه كان يستهدف إيران خاصة مع تزايد حدة التوتر بين واشنطن وطهران وقد أرجعت الصحيفة ذلك إلى أن إيران هي أكثر دول المنطقة تضررًا من انقطاع الكابلات ، وان هذا الانقطاع جاء كتمهيد لضربة عسكرية ضد طهران أو بروفة لها في ظل اعتماد القوات العسكرية على الاتصالات كمحور رئيس لعملياتها
هذا السيناريو تناولته أيضًا صحف بريطانية وأميركية بارزة رأت أن الولايات المتحدة تريد الضغط على إيران وعزلها عن العالم بسبب الاحتدادات السياسية بين البلدين ولهذا فان الحكومة الاميركية قطعت الكابلات ووضعت أجهزة تنصت واستخبارات جديدة بين أطراف الكابلات المقطوعة لرفع مستويات التنصت على المنطقة عامة وعلى إيران خاصة واتفقت مع الشركات التي تملك الكابلات على عدم الإفصاح عن سبب القطع وتقديم أي سبب مقنع ،
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الامريكية طورت في سبعينات القرن الماضي غواصات بهدف التنصت على الكابلات البحرية للاتحاد السوفيتي وقطع الاتصالات ونفذت هذه العمليات الغواصتان " هاليبوت " وبارتشيه.
وفي الحق أن المشهد لم يقتصر على نواحي المواجهة العسكرية المرتقبة مع إيران فحسب بل تجاوزها للحديث عن كونه تحذير أمريكي للدول التي ستمضي في استبدال الدولار العملة الامريكية ورمز الجبروت والسطوة الامريكية باليورو العملة الأوروبية الصاعدة بما يصيب الاقتصاد الأمريكي بأضرار بالغة بدأت بالفعل مقدماتها في الظهور على سطح الأحداث الاقتصادية الدولية وكانت إيران أيضا في مقدمة الدول المستهدفة بهذا التحذير حيث أنها كانت من المفترض أن تفتتح بورصة التداول البترولية الإيرانية باليورو في ذات الأسبوع الذي تمت فيه عملية تخريب الكابلات .
والمقطوع به أن العواصم العربية تجد نفسها إزاء تساؤل حيوي وحساس ويتماس مع أمنها القومي وهو هل ما جرى حرب أو مقدمات حرب الالكترونية شنت أو ستشن عليها في القريب العاجل ؟ الإجابة ربما تقضي منا إلقاء نظرة على الماضي الحربي للمعسكر الغربي سيما وان هناك سابقة تاريخية مماثلة لما جرى إذ كان من أوائل الخطوات التي قامت بها بريطانيا في مواجهتها لألمانيا النازية قطع كابلات الاتصالات الألمانية المغمورة تحت مياه البحار والمحيطات وقبل ذلك حدث أثناء الحرب العالمية الأولى أن قطع البريطانيون سلك برقيات ما وراء البحار للألمان لإجبارهم على استعمال المواصلات التي تسهل مراقبتها ، وقد كانت أحدى
الرسائل التي اعترضوها وحللوها برقية عرفت لاحقا باسم " برقية زيمرمان " والتي طلبت من المكسيك الانضمام إلى ألمانيا في مهاجمة الولايات المتحدة كبديل للدعم المالي ثم لاحقا ستدعم ألمانيا المكسيك من اجل استعادة تكساس ونيومكسيكو وأريزونا ونتيجة لذلك غضب الرأي العام في الولايات المتحدة مما ساهم في قرار دخول أميركا الحرب ضد ألمانيا .
والشاهد أن العام الماضي قد جرت فيه العديد من الحوادث المشابهة بعضها أعلن عنه بالكامل والأخر بقي في طي الكتمان ولازم الأضابير الاستخبارية ومنها ما تعرض له القمر الاصطناعي المصري نايل سات من اضطرابات واختلالات نتجت عن عملية تخريب أمريكية عالية المستوى استخدمت فيها أجهزة التشويش وذلك بسبب وجود قناة " الزوراء " العراقية الداعمة للمقاومة على بث القمر المصري وبالفعل تم رفع القناة عن خدمات النيل سات بعد أن اثر التشويش على خدمة اتصالات عملاء آخرين يبثون من خلال القمر ومنهم وكالات أنباء عالمية
ليس هذا فحسب بل إن العام الماضي كذلك قد شهد تهديدا واسع وهجوما كاسح على شبكة الأعلام الالكترونية في جمهورية " استونيا " مما اثر على شبكات الانترنت في روسيا الجارة الأقرب والمناوئ الأكبر للولايات المتحدة الامريكية اليوم وكان مدعاة لاستيائها ولم يقتصر الأمر على القمر المصري أو الشبكة الاستونية بل حدثت خروقات واسعة للأنظمة المعلوماتية الآلية في أدارت حكومية في بريطانيا وفرنسا وحتى داخل الولايات المتحدة الاميركية نفسها وقيل وقتها أن الصين كانت وراء الكثير منها في طريقها إلى القطبية العالمية ومواجهة النسر الأميركي المنفرد في سماوات العالم هيمنة وسيطرة وقبل أن نترك هذه الجزئية يبقى أمر غاية في الأهمية تجدر الإشارة إليه وهو أن " إسرائيل " وبحسب عدد وافر للمراقبين غبر بريئة بالمرة أو بالمطلق فيما جرى لا سيما أن لها دوافع دوجمائية ربما تتجاوز مثيلتها الامريكية في تصفية حساباتها مع إيران التي لا ينقطع سيل تهديدات زعيمها احمدي نجاد بإحراق إسرائيل، ذلك التعبير المزعج لإسرائيل وعليه فان هناك من يذهب إلى أن إسرائيل ضالعة بشكل أو بأخر في تلك الحرب الالكترونية ضد الدول العربية والإسلامية وان ما جرى وثيق ولصيق الصلة بوصول البوارج الامريكية للبحر المتوسط والحرب القادم ، وقد كانت حرب يوليو تموز ضد لبنان ميدانا واسعا لتفعيل كافة تجارب الحرب الالكترونية مما يعزز فرضية المؤامرة الأخيرة في عمق أعماق المياه المتوسطية .
الأمن القومي العربي وبدائل فضائية
والشاهد أن التجربة الأخيرة لا يمكن أن تقاس أضرارها بمدى الخسائر المالية وان بلغت ملايين الدولارات تلك التي أصابت العالم العربي وبعض الدول الإسلامية مثل باكستان ذلك أن الخسائر الافدح ربما تكون قد حدثت في الأيام التي جرى فيها العطل والعهدة هنا على الراوي " جوستن ريموندو " الكاتب الأمريكي من موقع " أنتي وور "، وهي خسائر لابد وان تصب في خانة المصالحة الأمنية والاستراتيجيات القومية العربية العليا سلبا، ففي مقال له يستشهد بما قاله البروفيسور في علوم الكمبيوتر بجامعة كولومبيا في نيويورك" ستيفن بلوفين " والذي يعتبر احد العقول الأمنية في ذلك المجال ويرى أن الأمر ربما يتجاوز بكثير التخطيط لتنفيذ هجوم على إيران وان التعطيلات المنسقة على ما يبدو نتجت من جهود للدخول في الكابلات أي عملية تجسس وان وجود الباخرة الاميركية جيمي كارتر في مكان مجهول في مياه البحر الأبيض المتوسط تؤكد فكرة المؤامرة لا سيما أنها تستعمل وسائلها المصممة خصيصا للنقر بمباشرة إلى الكابلات في محاولة مباشرة منها للتنصت على الدول التي تعتمد على هذه الكابلات في اتصالاتها
والتساؤل الأخير قبل الانصراف هل استيقظت الدول العربية من سبات الاستخدام الاستهلاكي للتكنولوجيا الغربية وتنبهت إلى ضرورة وحتمية التفكير الايجابي بشان إيجاد بدائل ووضع وتنفيذ خطط عاجلة لتحقيق المزيد من الأمن القومي الالكتروني والنظر في بدائل للانترنت تعتمد على القدرات الذاتية على الأقل ضمن الأطر الوطنية ؟
هذا هو الأمر الحقيق بالتوقف أمامه والذي يقود لفكرة حتمية ارتياد الدول العربية الفضاء الخارجي وتصميم وإطلاق أقمار اصطناعية في منظومة تكفل لها الأمن القومي قدر المستطاع كما فعلت وتفعل إسرائيل مؤخرا حيث تمضي في تصميم منظومتها الخاصة للأقمار الاصطناعية بعيدا عن الحليف الأميركي تحسبًا لليوم الذي تبخل فيه واشنطن لسبب أو لأخر بمعلوماتها على تل أبيب والمؤكد أن الاتصال بالانترنت عبر الأقمار الاصطناعية يبتعد عن مشاكل التمديدات البرية والبحرية ولكنه مكلف وبطئ ويعتمد على حال الطقس مثل العواصف الرعدية والأمطار والثلوج وحتى البقع الشمسية بالإضافة إلى أن التنصت على المعلومات اللاسلكية ليس صعبا لمن توجد لديه المعرفة التقنية الكافية والمعدات اللازمة ،غير انه أخر الخيارات التي يمكن اللجوء إليها في حالات الطوارئ وحتى لا تحدث حالة العزلة عن العالم كما جرى مؤخرا .
ومع اتفاق خبراء الاتصالات على صعوبة اللجوء لحلول بديلة للاتصالات عبر كابلات الألياف الضوئية التي تتحمل بمفردها 95% من الاتصالات الهاتفية والانترنت تاركة لمنافسها أي الأقمار الاصطناعية 5% فقط من حجم الكعكة فقد أدركت غالبية العواصم العربية حتمية وجود مسارات بديلة بحرية سيما وان معدلات الأخطاء والأعطال فيها تقل بكثير عن نسبتها في الأقمار الاصطناعية وقد ظهرت على السطح أفكار ايجابية تولدت عن الأزمة مثل قيام شركات الانترنت المصرية والعربية بالتعاون فيما بينها لإنشاء سنترالات إقليمية تربطها ببعضها الأمر الذي سيتيح لأي شركة تحميل جزء من اتصالاتها على شبكات
الشركات الأخرى حال حدوث أي أزمات.
وعودة إلى حديث "جوستن ريموند" وفيه يكاد المرء أن يلامس شبه الحقيقة المؤكدة لما جرى، يقول الرجل " تدعي الحكومة الامريكية الحق بالتجسس على الأمريكيين في بلدهم وكذلك عندما يتصلون بأفراد ما وراء البحار ،هم لا يخفون هذا لكنهم يعلنونه من أعلى السقوف، هل ثمة من يشك في أنهم قادرون على الاستيلاء على شبكة كابلات انترنت العالم لكي يستعملوها لأغراضهم الخاصة ؟ ليس من الضروري أن يتشرب المرء " نظرية المؤامرة " لاعتبار ذلك
جديرا بالثقة... جرعة من الواقعية تفي بالغرض.
|