كاتب الموضوع :
jen
المنتدى :
السلاسل الأخرى
من 23 سبتمبر الى 22 اكتوبر
قال لى د.ابوداود:
-اذن انتم متاكدون من انكم لم تقابلوه
قلت فى اصرار:
-لم يحدث
عاد يحك رأسه
د.ابو داود نصاب يزعم انه يفهم فى هذه الامور..دكتوراة من المجر فى شىء ما
وعلى قدر علمى يمكن لكل انسان ان يتوارى عن الاعين عامين ثم يعود ويزعم انه حصل على دكتوراة من المجر..وهو يلبس نظارة رفيعة ذهبية الاطار ذات سلسلة تتدلى على قصبة انفه وله لحية قصيرة مهذبة ونظرة مجنونة فى عينيه
باختصار هو مناسب جدا لهذه الامور
قال لى:
-من ناحية الابراج انا لا اثق بها واعتقد انه سخر الشياطين للظفر بكم لتنفيذ انتقامه لكن هذا مستحيل من دون ان يكون عنده شىء من آثاركم..شعرة ..قطعة من منديل..الخ
قلت فى اصرار:
-هو لم يلتقى بنا قط
-اذن الموضوع يتجاوز فهمى
كنا جالسين فى مكتبه الصغير الواقع فى الطابق الثانى باحد شوارع وسط البلد
واضح انه يمارس تحضير الارواح والتنويم المغناطيسى كذلك وكنت قد اجريت معه حديثا صحفيا للمجلة منذ عام
قال لى :
-على الاقل الوضع سهل بالنسبة لك..يسهل عليك ان تبتعد عن اى ميزان
-كل من هلكوا حسبوا الامر سهلا
وفتحت خطاب مروة الاخير الذى كتبته قبل ان تغيب فى النيل
لقد تم اعداد المصيدة لها بعناية وحرص ..لو لم تنتحر لربما شفيت
لكن الفخ النفسى كان محكما ..شعرت بانها لن تنجو وان القصة منتهية بالنسبة لها ..دعك من انها كانت عصابية تخاف كل شىء..فليرحمها الله
اعتقد اننى آخر من تكلمت معه فى المجلة كلها عندما حكيت لها قصة حسن
قلت وقد تذكرت شىء:
-تذكر ان حسن لم يمت ..الاذى حل بأهله لكنه لم يمت
لمعت عيناه وقال فى ذكاء:
-نقطة مهمة هى .......
ثم اظلم وجهه وقال:
-وقد لا تكون
نظرت لساعتى فسألنى ان كنت على موعد..قلت له اننى مرتبط بعمل صحفى مهم
تمنى لى حظا سعيدا ونصحنى بان ابتعد عن اى ميزان ممكن
عندما غادرت مكتبه لم اكن قد ظفرت باى شىء ..يبدو ان علىّ ان احمى نفسى بنفسى
هكذا عدت لدارى ..اغلقت الغرفة علىّ وجلست الى المكتب الصغير وبدات اكتب الاحتمالات:
1-لا تقف فوق اى ميزان
2-لا تستعمل ميزان الحرارة ..قد يتهشم فى فمك وتبتلع الزئبق
3-لا تتشاجر مع بائع فى السوق فيقذفك بالميزان..هذه حدثت مع عم لى
4-ابتعد عن الورشة التى تجد فيها ميزان عجلات
5-ابتعد عن المحاكم ..الميزان الذى يحمله تمثال العدالة معصوب العينين قد يسقط فوقك انت بالذات
الان نضب خيالى ..هذه اللعنات تحتاج الى خيال خصب هناك كاتبة اميركية اسمها
(جين كير) اوصت طفليها بكل شىء ممكن (لا تغسلا التلفزيون بالصابون..لا تضعا القط فى الغسالة..لا يدهنن احدكما وجه الاخر ..الخ) وتركت البيت ثم عادت لتجد انهما فعلا الشىء الوحيد الذى لم توص به وهو اكل ازهار الاقحوان فى الحديقة
لهذا كتبت كتابا شهيرا ساخرا عن تربية الاطفال اسمه
(من فضلكما..لا تاكلا ازهار الاقحوان)
يجب ان اجد ازهار الاقحوان الخاصة بى قبل ان يجدها عدنان
يجب ان اذكر ان مجلتنا بدات تعانى حالة نقص ايدى عاملة مخيفة
لقد هلك تسعة محررين فى فترة وجيزة والمشكلة انهم كانوا من الشباب الذى هم وقود المجلة وتروسها
الكل يتساءل وهناك جو عام من الاضطراب والذعر ..لهذا لم يعد احد يسألنى متى جئت ومتى انصرفت
بالنسبة للاخرين نحن الثلاثة محكوم عليهم بالاعدام ..رجال موتى يمشون
نظرات الشفقة تثير غيظى ..ونظرات الذعر ، احيانا يعاملوننا كالمرضى باعتبار ان اللعنة التى تلاحقنا قد تمتد الى اثنين
لماذا فضحناك يا عدنان ؟ لماذا لم نتركك وشانك كأى نصاب آخر ؟
كم من نصاب ينعم بحياة مستقرة وثراء فاحش من دون ان يلاحقه امثالنا والمشكلة اننا لاحقنا نصابا يجيد السحر الاسود
لا يمكن ان اظل هنا انتظر الموت..لابد ان اعيش الحياة وامارسها
انا صحفى..جورنالجى..وسوف اعيش واموت كجورنالجى
هكذا بدلت ثيابى وتأهبت للخروج اتصلت بى نجوى تقول انها بانتظارى
نسيت ان اقول لك ان اسمى حاتم..برجى هو الميزان ..هو برج غاندى وبريجيت باردو وايزنهارو ..احرر الاخبار السياسية فى المجلة ..وانا ممن يمكن تسميتهم مثقفو وسط البلد
شعر طويل ثائر على كتفى ونظارة ..احمل حقيبة اعلقها على كتفى كسعاة البريد
فيها كاميرا رقمية وجهاز تسجيل ..طبعا لابد من الولع الشديد بجيفارا وبوب مارلى ومحمد منير والكثير من اشعار احمد مطر واحمد فؤاد نجم..هذه شروة واحدة اما ان تأخذها كلها او تتركها كلها
طبعا تكتمل الصورة لو عرفت اننى اعشق المدونات..ولى مدونة اسمها الغاضبون ..مع الكثير من الجلوس على مقاهى وسط البلد فى دائرة التحرير اياها
نجوى من طرازى بشعرها الثائر ونظارتها الرقيقة الشفافة وسروالها الجينز واستعدادها التام لحضور اى ندوة فى اى مكان والجلوس على الرصيف عشر ساعات كاملة ..اهلها لا يقلقون عليها على كل حال..دعك من اننا مخطوبان تقريبا ..فقط ينقصنا الكثير جدا من المال
الليلة كانت هناك ندوة خارقة للعادة
هناك تجمع شبابى اسمه رابطة الشباب المصرى الليبرالى ..يعقدون ندوة جماهيرية
اولى لهم فى احد المقار خلف ميدان التحرير ..لن اعطى تفاصيل اكثر
هكذا قابلت نجوى ..سألتنى لماذا ابدو متوترا فقلت لها ان صحتى ليست على مايرام
ليس من المستحب ان اقول لها اننى خائف من الميزان
كان السرداق مقاما فى شارع ضيق مسدود..وقد احتشد عدد من الشباب ..نحو مائتين منهم ..يصخبون ويصفرون..ورأيت ثلاثة او اربعة من الصحفيين الاجانب البوهيميين الذين وجهت لهم الدعوة بينما صعد على المنصة شاعر سليط اللسان وبدأ يلقى قصيدة مرعبة تهاجم الحكومة والنظام وكل شىء ممكن ..تصاعد الادرينالين فى دمى وعرفت ان الامور ستزداد سخونة
اخرجت جهاز الكاسيت وبدأت اسجل ..ثم بحثت عن الكاميرا الرقمية لالتقط بعض الصور
هذا الموضوع لن يظفر بالنشر فى مجلتنا..مستحيل طبعا..لكنى سأعرف اين انشره فى جريدة معارضة ما
فى مقدمة السرداق خلف المتحدثين كانت هناك لافتة قماشية تحمل شعار رابطة الشباب المصرى الليبرالى..مع تاريخ الاجتماع
بينما تتدلى من اعلى لافتة خشبية مربوطة بالحبال كتب عليها الاسم بالعربية والانجليزية
league of libral egyptian youth
وخطر لى ان من كتب اللافتة احمق لان لفظة
libral
ينقصها حرف
E
فهى تكتب
liberal
لكن هذه الاخطاء شائعة على كل حال مثلما يكتب الجميع
welcome
مصرا على كتابة حرف
L مرتين
انتهت القصيدة فعلا بالتصفيق ثم صعد الى المنصة شاب غزير العرق ملتهب الاعصاب وبدأ يخطب
-انهم لا يبالون بنا لكننا سنثبت لهم اننا موجودون وقادرون على الفعل والكلام والغضب
شعرت بمن يجذب كمى فنظرت لارى نجوى تشير الى خارج السرداق ..رأيت سيارات الامن بلونها المميز وهى تفرغ حمولتها من الجنود ذوى الثياب السوداء ..انهم ينوون امرا
استمر الخطيب فى الكلام غير مبال ..ظهر ضابط غاضب محتقن الوجه وامر بعض الجنود باخلاء السرداق ..لا يوجد تصريح بهذا الاجتماع كما قال
بدأ الامر هادئا ثم اشتعل ..حدثت مصادمات وتراشق الفاظ ..تبادل لكمات ..وفى النهاية انفتح باب الجحيم واعطى الجنود الحرية الكاملة فى عمل ما يروق لهم
هكذا انطلقوا يقلبون المقاعد ويركلون ويضربون بالهراوات
لم تأتى فرق الكاراتيه لحسن الحظ
هتفت نجوى:
-فلنخرج من هنا
قلت لها:
-لحظة
كنت التقط صورا ممتازة بالفعل ..صورا ممتازة الى ان طارت الكاميرا من يدى فقد ضربها احد الجنود بهراوته ..نهضت ثائر الاعصاب احتج لكنى فوجئت بمن يهوى بكفه على مؤخرة عنقى
الجنود يمزقون السراويل ..صرخات..الاوتاد الخشبية تسقط ..فوضى تامة
نظرت لاعلى فوجدت ان تلك اللافتة الخشبية المعلقة قد تحطمت ..انها تهوى
تهوى فوقى انا بالذات
المح المكتوب على ما تبقى منها
libra
جزء واحد من كلمة ليبرالى قد بقى
الان افهم لماذا لم يوضع حرف
E
افهم لماذا تحطمت اللافتة بهذا الشكل الغريب
الان فقط اتذكر اننى نست الاحتمال الوحيد ..زهرة الاقحوان التى وجدها عدنان
ان libra
معناها برج الميزان
واللافتة تقترب ..تقترب..تقترب
|