المنتدى :
التاريخ والاساطير
أحمد عبد العزيز
أحمد عبد العزيز (1907-1948) هو قائد عسكري مصري له إسهامات عديدة في حرب 1948
ولد أحمد عبد العزيز في 29 يوليو 1907م بمدينة الخرطوم حيث كان والده الأميرالاى (العميد) محمد عبد العزيز قائد الكتيبة الثامنة بالجيش المصري في السودان ، وقد كان والده وطنيا مخلصا فقد وقف مع الشعب أثناء مظاهرات 1919 وسمح لجنوده بالخروج من ثكناتهم للمشاركة في المظاهرات مع الشعب مما أدي إلى فصله من الجيش بعد غضب الأنجليز عليه.
وعلى خطى والده نشأ أحمد عبد العزيز فقد أشترك في مظاهرات 1919 وهو في الثانية عشر من عمره وكان وقتها في المدرسة الثانوية ، وفى العام 1923 دخل السجن بتهمة قتل ضابط أنجليزي ثم أفرج عنه وتم إبعاده إلى المنصورة.
ألتحق أحمد عبد العزيز بالكلية الحربية بعد تخرجه من المدرسة الثانوية وقد تخرج منها عام 1928م ألتحق بعدها بسلاح الفرسان ثم قام بتدريس التاريخ الحربي في الكلية الحربية.
بعد قرار تقسيم فلسطين وإنتهاء الأنتداب البريطاني في 14 مايو 1948م وبعد أرتكاب العصابات الصهيونية لمذابح بحق الفلسطينيين العزل ثار غضب العالم العربي والأسلامى وأنتشرت الدعاوى للجهاد في كل أرجاء الوطن العربى.
وكان أحمد عبد العزيز أحد الذين أستجابوا لدعوة الجهاد فقام بتنظيم المتطوعين وكان معظمهم من الأخوان المسلمين وتدريبهم وإعدادهم للقتال في معسكر الهايكستب ، وقد وجهت له الدولة إنذار يخيره بين الأستمرار في الجيش أو مواصلة العمل التطوعي فما كان منه إلا أن طلب بنفسه إحالته إلى الأستيداع وكان برتبة القائمقام (مقدم).
وبعد أن جمع ما أمكنه الحصول عليه من الأسلحة والذخيرة من قيادة الجيش وبعض المتطوعين وبعض الأسلحة من مخلفات الحرب العالمية الثانية بعد محاولة إصلاحها إتجه إلى فلسطين.
دخل الجيش المصري فلسطين عام 1948م ودخلت قوات منه إلى مدن الخليل وبيت لحم وبيت صفافا وبيت جالا في 20 مايو 1948م ، وكانت هذه القوات مكونة من عدد من الجنود ونصف كتيبة من الفدائيين بقيادة أحمد عبد العزيز وكان يساعده اليوزباشي كمال الدين حسين واليوزباشي عبد العزيز حماد وكانت هذه القوات مزودة بالأسلحة الخفيفة وعدد من المداع القوسية ومدافع من عيار رطلين على سيارات عادية غير مصفحة.
وقبل أن يبدأ البطل الجهاد كان يجهز قواته نفسيا فكان يخطب فيهم قائلا: "أيها المتطوعون، إن حربا هذه أهدافها لهي الحرب المقدسة ، وهي الجهاد الصحيح الذي يفتح أمامنا الجنة ، ويضع على هاماتنا أكاليل المجد والشرف ، فلنقاتل العدو بعزيمة المجاهدين ، ولنخشَ غضب الله وحكم التاريخ إذا نحن قصرنا في أمانة هذا الجهاد العظيم...".
بدأ أحمد عبد العزيز باستكشاف الخطوط الدفاعية للعدو أول ما وصل إلى بيت لحم ، وكانت تمتد من تل بيوت و رمات راحيل في الجهة الشرقية الجنوبية للقدس بالقرب من قبة راحيل في مدخل بيت لحم الشمالي حتى مستعمرات بيت هكيرم و شخونات هبوعاليم و بيت فيجان و يفنوف ونشر قواته مقابلها.
وعندما بدأت قوات الجيش المصري الرسمية تتقدم إلى فلسطين عرضت على أحمد عبد العزيز العمل تحت قيادتها ، فتردد في بادىء الأمر لأن عمله مع المتطوعين كان يمنحه حرية عدم التقييد بالأوضاع والأوامر العسكرية ولكنه قَبِلَ في آخر الأمر.
وقد وضع الضابط الأردني عبد الله التل متمردا على أوامر قيادته القوات الأردنية في كل المنطقة تحت تصرف أحمد عبد العزيز دون علم قيادة الجيش الأردني لإيمانه بوطنيته و إخلاصه.
كانت مستعمرة رمات راحيل تشكل خطورة نظرآ لموقعها الاستراتيجي الهام على طريق قرية صور باهر وطريق القدس بيت لحم ، فقرر أحمد عبدالعزيز يوم 24 مايو 1948م القيام بهجوم على المستعمرة قاده بمشاركة عدد من الجنود والضباط من قوات الجيش الأردني.
بدأت المدفعية المصرية الهجوم بقصف المستعمرة زحف بعدها المشاة يتقدمهم حاملو الألغام الذين دمروا أغلب الأهداف المحددة لهم ، ولم يجد اليهود إلا منزل واحد إحتمى فيه مستوطنو المستعمرة ، وحين انتشر خبر انتصار أحمد عبدالعزيز بدأ السكان يفدون إلى منطقة القتال لجني الغنائم ، والتفت العدو للمقاتلين ، وذهبت جهود أحمد عبدالعزيز في إقناع الجنود بمواصلة المعركة وإحتلال المستعمرة سدى ووجد نفسه في الميدان وحيدآ إلا من بعض مساعديه مما أدى إلى تغير نتيجة المعركة بعدما وصلت تعزيزات لمستعمرة رمات راحيل قامت بعده العصابات الصهيونية بشن هجوما في الليل على أحمد عبد العزيز ومساعديه الذين بقوا ، وكان النصر فيه حليف الصهاينة ، والمؤرخون يقارنوا بين هذا الموقف وموقف الرسول صلى الله عليه وسلم حين سارع الرماة إلى الغنائم وخالفوا أوامره في معركة أحد وتحول النصر إلى الهزيمة.
في الوقت الذى أستطاعت قوات الفدائيين بقيادة البطل أحمد عبد العزيز من تكبيد العصابات الصهيونية خسائر فادحة فقطعت الكثير من خطوط أتصالاتهم وأمداداتهم ، وساهمت في الحفاظ على مساحات واسعة من أرض فلسطين قبلت الحكومات العربية الهدنة مما أعطى للصهاينة الفرصة لجمع الذخيرة والأموال وأعادة تنظيم صفوفهم.
وقاموا بإحتلال قرية العسلوج لقطع مواصلات الجيش المصري في الجهة الشرقية وكانت قرية العسلوج مستودع الذخيرة الذي يمون المنطقة وفشلت محاولات الجيش المصري لإسترداد القرية فستعانوا بالبطل أحمد عبدالعزيز وقواته التي تمكنت من دخول هذه القرية والاستيلاء عليها.
حاول بعدها الصهاينة إحتلال مرتفعات جبل المكبر المطل على القدس حيث كان هذا المرتفع أحد حلقات الدفاع التي تتولاها قوات أحمد عبدالعزيز المرابطة في قرية صور باهر ، ولكن أستطاعت قوات أحمد عبد العزيز ردهم وكبدتهم خسائر كثيرة.
وكان البطل فخوراً بجنوده وبما أحرزوه من انتصارات رائعة مما جعله يملي إرادته على الصهاينة ، ويضطرهم إلى التخلي عن منطقة واسعة مهدداً باحتلالها بالقوة ، وبعد هذه البطولات التي سطرها جاءت نهاية هذا البطل
في 22 أغسطس 1948م دُعي أحمد عبد العزيز لحضور اجتماع في دار القنصلية البريطانية بالقدس لبحث خرق الصهاينة للهدنة ، وحاول الصهاينة معه أن يتنازل لهم عن بعض المواقع التي في قبضة الفدائيين ، لكنه رفض ، وأتجه في مساء ذلك اليوم إلى غزة حيث مقر قيادة الجيش المصري لينقل إلى قادته ما دار في الاجتماع.
كانت منطقة عراق المنشية مستهدفة من اليهود فكانت ترابط بها كتيبة عسكرية لديها أوامر بضرب كل عربة تمر في ظلام الليل ، وعندما كان أحمد عبد العزيز في طريقه إليها بصحبة اليوزباشى صلاح سالم أشتبه بها أحد الحراس وظنها من سيارات العدو ، فأطلق عليها الرصاص ، فأصابت إحداها أحمد عبد العزيز فاستُشهد في الحال.
وتوجد مقبرة البطل أحمد عبد العزيز في قبة راحيل شمال بيت لحم ، وله هناك نصب تذكارى شامخ ، وقد أحاطته مؤخرا سلطات الأحتلال الأسرائيلي بسياج من الأسلاك الشائكة والأسوار العالية التى بها فتحات مراقبة لبنائها كنيس يهودى بالقرب منه ، كما أطلقت رصاصة على شاهد قبره من قبل قوات الأحتلال ولكنها لم تكسره.
وقد سمى أحد أهم وأرقى الشوارع بمصر على أسمه تخليدا لذكرى هذا البطل العظيم ويوجد هذا الشارع بمنطقة المهندسين بالقاهرة.
|