المنتدى :
الارشيف
ماذا بعد غزه ؟!
ماذا بعد غـــــزة؟
مقال جميل للكاتبه السعوديه / أبتسام بوقرى
نشر بجريدة المدينه السعوديه يوم الاثنين 26.1.2009
توقفت الحرب الوحشية على غزة بعد اثنين وعشرين يومًا، كل يوم منها مر كأنه سنة على أهلها الصامدين، الذين تحمّلوا فوق طاقة البشر، وأثبتوا أنهم هم الأجدر بها، وأنهم رغم قتلاهم، وجرحاهم، ودمار مساكنهم، ومساجدهم، ومدارسهم، ومستشفياتهم، منتصرون بقوتهم النفسية والإيمانية، رغم الصمت والخذلان العالمي المخزي حولهم، إلاَّ من بعض الأصوات الأجنبية، والإسلامية الأبية، والشعبية الغاضبة.
انتهت الحرب لكن لم تنتهِ المأساة.. فتوابعها تشبه توابع الزلزال، وآثاره في أي أرض يضربها، فقد أجهز العدو على البنية التحتية لقطاع غزة.. وتركها ركامًا دون أن يحاسبه العالم، أو يتجرّأ بأن يوجه له اتّهامًا مباشرًا، ويكلّفه ببناء ما دمره.
ولا يبدو أن لدى الكيان الصهيوني أي نوايا خير بإنهاء الحصار أو إعادة الإعمار، فهو يصول ويجول، ويقرر متى يبدأ العدوان ومتى ينهيه، ولا يعنيه قرار مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، ولا أي جهة أخرى.. ومَن أمن العقوبة أساء الأدب .
إن سطوتهم وتجبرهم واستبدادهم يعود لضعف المسلمين وخلافاتهم، قبل أن يكون لقوة أعدائنا.. فهل نعي الدرس؟ أم نستمر في حالنا، وكأن شيئًا لم يكن!!
وقد جاء في الحديث أنّه لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين.. فكم لُدغنا من الجحر نفسه، وتحمّلنا آلامنا، وتناسينا أوجاعنا، وعدنا لسالف عهدنا بكل براءة وطيبة!
أتمنّى أن تكون الهبَّة الساخنة التي أصابتنا خلال الأحداث الأخيرة.. ليست مجرد ارتفاع عابر في درجة حرارة مشاعرنا دفعتنا للتعاطف معهم.. وبدأت حرارتنا في الانخفاض تدريجيًّا، وستصل إلى مقياسها السابق، فيصبح كل شيء عاديًّا وطبيعيًّا، ونعيش حياتنا براحة وهدوء، وننسى أيام المعاناة.
ومن ملاحظاتي أن الدعاء في المساجد وحتّى في الدور والصدور قد أصبح باردًا بلا روح ولا حماس!! فهل نحن أمة وقتية، تتفاعل في وقت الحدث فقط، وتتثاقل بعده بساعات؟ وهل أصبحت غزة في أمان دائم؟ وهل حررت فلسطين والمسجد الأقصى الأسير؟
أرى أنه لابد أن تبقى هذه القضية في أولوياتنا كدول وشعوب.. وأن يتم تفعيلها على كل المستويات.. بدءًا من طلاب المدارس بإضافة منهج خاص لتعريفهم بكل ما يتعلّق بفلسطين مثلما يفعل العدو بتربية أبنائه على أن دولتهم من النيل للفرات!! ونحن أولى منهم بذلك؛ لأننا على حق وهم على باطل.. ينبغي علينا إصلاح أنفسنا، وإعداد القوة لمواجهة أي عدوان مستقبلاً، مصداقًا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف).
لنواصل النضال من داخل الأرض المحتلة وخارجها بقلب واحد، هو نبض الأمة حتّى نستعيد أقصانا المبارك.
|