كاتب الموضوع :
primrose
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
(بيت سيف...)
جلست هدى شاردة بغرفة أولادها... تناظرهم وهم نايمين... فجأة إنفتح الباب ودخل سيف... وقف يناظر زوجته ومسحة الشرود والحزن باينه عليها... تنهد بكل ألم وقرب... جلس جنب زوجته ومد يده يضم كتوفها لصدره...
همس: هدى...
قالت هدى بشرود: تدري سيف؟! الأولاد نعمة الله أنعمها علينا... نعمة عظيمة ما حسيت فيها وبقيمتها إلا هالحين... الخنساء فقدت طفلها... و... و... أنا فكرت إذا فيوم بفقد أولادي... فيوم أ.. أ...
وتلعثمت وهي تبدا بالبكى...
قال سيف: أذكري الله يا هدى... ما جيت أشوفك إلا وتبكين...
همست هدى بصوت مبحوح من كثر البكى: لا إله إلا اله... شو أسوي يا سيف؟! والله مقطع حالتي وليد والخنساء...
والله قلبي تقطع ميت مرة وأنا أشوف حالته لما رجع من السفر...
تذكر سيف إتصالهم بوليد وهو مسافر... رجع وقتها وليد فجر اليوم الثاني والصدمة باينة بوجهه... وأبد ما شاف ولد أخوه بهالشكل الضعيف... أبد...
ورجعت هدى تهمس: وأخوك خالد؟! الله العالم شو مصيرة بغرفة الإنعاش... الله العالم...
تنهد سيف ولمعت عيونه وهو يقول: زين يوم لحقنا عليه... رغم الجروح والكسور وضربة الراس صمد وكان يتنفس... الحمدلله على إنه حي و... وإن شاء الله... إن شاء الله بيتعافى... إن شاء الله...
قالت هدى تمسح دموعها: إن شاء الله... رحت شفت وليد؟!
همس سيف بألم: لا... بس جلند خبرني إنه راح له... وهو إتصل فيني... وطلب مني أجي وآخذ خالتي مريم وأجيبها لعندنا... يقول من يداريها بالبيت هناك وهي مرة كبيرة بالسن...
تنهدت هدى وقالت بسرعة: روح لها وجيبها يا سيف... صحيح خالتي مريم مسكينة كانت أيام العزا هي يمكن الأكثر متأثرة... وخاصة إن هالطفل كان منيتها... هذا غير بكاها إلي ما ينقطع على الخنساء...
رد سيف: بروح أجيبها إلحين جهزي غرفة لها...
ورجع يهمس قبل لا يوقف: وشدي حيلك يا هدى... وليد والخنساء محتاجين لنا... محتاجين لوجودنا معهم...
همست هدى وهي توقف معه: إن شاء الله...
ورغم الدموع حاولوا الإثنين يجمعوا شتات نفسهم... يدرون إن وليد والخنساء وخالد والجدة والبقية محتاجين لوقفة شجاعة... محتاجين لمن يستمدون منه القوة... وإذا هم هذولا الشخصين فهم مستعيدين...
* * * * *
شد وليد على الزجاج ونزل راسه... ورا هالزجاج ينام أبوه... ملفوف من راسه لرجله بالشاش... أستعاذ من الشيطان ومشى للدكتور يسأل ويرجع يسأل نفس السؤال عن حال أبوه... ونفس الجواب يقال له... بغيبوبة... الله العالم يقوم منها أولا... وما زال بحالة حرجة... الملاحظة عليه أربع وعشرين ساعة...
ومن المستشفى إلي كان فيه أبوه طلع للمستشفى إلي فيه الخنساء.. مشى بكل بطء بالممر... وهو ما يسمع إلا صوت صدى خطواته يرن بأذنه... بالأخير وصل للغرفة إلي كانت فيها الخنساء... تردد يدخل... تردد كثير... لأن أصلاً ما قد زارها أو شافها... ثلاث أيام تركها هنا مثل الغبي ونساها... كان يحاول يجري ورا أوهام إن طفله حي مو ميت... وأوهام إن أبوه بخير وما فيه إلا العافية... تركها هنا ونساها مثل الغبي... وقصر بحقها... قصر بحقها كثير...
فتح الباب وكأن شيء يلكزه من ظهره يدخل للغرفة... وقف عند العتبة يناظر الجسد إلي ينام عالسرير... يناظر الجسد المخدر... أهتزت شفايفه وهو يتقدم شوي شوي... قالوا له الخنساء من لقوها كانت بوعيها تبكي والطفل بين يديها... عالجوا يدها المكسورة وجبسوها... وضربة على راسها بس كانت بسيطة... جروح ما هي عميقة بجسدها... كل هذا عالجوه... بس... بس ليش باين سواد وإحمرار تحت عيونها؟! ليش شاحبة؟! ليش هي مرتخية... مخدرة؟! رجع لوراه بعد ما قدر يناظرها أكثر... يناظر إنسانة أختفت معالم الحياة منها... وصارت مجرد شبح...
طلع من الغرفة وبكل سرعة راح لغرفة الدكتور المسؤول عن حالتها... وبدون أي تفاهم دخل الغرفة... رفع الدكتور أنظاره من الممرضين إلي مجتمع عليهم وناظر وليد محتار...
قال وليد بكل عصبية: أنت المسؤول عن حالة زوجتي الخنساء؟!
كان الدكتور أجنبي... مو عُماني الجنسية.. ورجع وليد يعيد له بالإنجليزية...
هز الدكتور راسه وقال: yes...
وبدون أي تفاهم من وليد مشى له ومسكه من قميصه وصرخ عليه بعصبية: وليش كذا حالها؟! ليش؟!
صرخ الدكتور إلي مو فاهم حاجة... وجوا ممرضين...
واحد منهم قال: أخوي لو سمحت... ما كذا...
صرخ عليه وليد: أنت أسكت...
سكت الممرض بسبب نبرة الصوت العالية الآمرة... وهذا شيء مو مستبعد من وليد لأن بصفته عقيد فهو يأمر وينهي...
ورجع وليد يصارخ: شو مسوي فيها أنت؟بشو معالجها؟! الأبر؟! المهديء؟!
همس الممرض الثاني: أخوي لو سمحت من قال إن...
ناظره وليد بعصبيه وقال يزيد ضغط على الدكتور: من قال؟! أنا قايل... الأبر المخدرة واضحة يالأغبياء...
ولأن بصفة وليد عقيد بشرطة مكافحة المخدرات... فله معرفة كليه عن المخدر والمهدئات وآثارها وغيرها...
قالت ممرضه بصوت ضعيف: الخنساء مرضها نفسي... وصراخها مالي المستشفى... مستحيل نعالجها بدون أبر...
سكتها وليد بصرخة: هذا قلة إهتمام... مو عجز بالعلاج... قبل ما تستخدموا الأبر ناظروا للمرض والأدوية...
وزاد وليد بدون دراية ضغط على الدكتور... وصار الدكتور يخربط بالإنجليزي لوحده وهو خايف على نفسه... وبهاللحظة كان واحد من الممرضين منادي على الشرطة وكانوا إثنين منهم واقفين عند الباب...
قرب واحد منهم وقال يكتف يد وليد: لو سمحت... أترك الدكتور... أتركه...
ناظره وليد من فوق لتحت ورمى يده ودفع الدكتور مو مبالي...
عصب الشرطي وناظره: وش هالتصـ...
قاطعه وليد بكل سلطه وامر: قبل لا تقول أي كلمة... أنا بتكلم...
ومد يده للموبايل إلي بجيب بنطلونه ورفعه لأذنه...
تكلم بأمر: ألو... عبدالعزيز...
وقف لحظة وزاد ضغط على أسنانه وقال بدون صبر: أيوه العقيد وليد معاك... أسمع أرسل لي واحد من الخبراء لـ...
وبهاللحظة قاطعه الممرض: أستاذ... أستاذ لو سمحت... أسمع أنت قبل لا تعمل حاجة... أنت مو فاهم شو مرض زوجتك...
ناظره وليد وسكت مرة وحدة... صح أستعجل وأشتعلت فيه الحمية... بس... شو يفهمونه عليه..؟!
رجع يتكلم بالموبايل: ألغي الأمر... لحد ما أرد عليك...
وغلق الموبايل وسكت يناظر الممرض ينتظر منه يفهمه... أما الشرطيين فتراجعوا لما عرفوا رتبة وليد...
قال الممرض: الخنساء مريضة نفسياً...بإختصار مضطربة نفسياً... عندها حالة عدم تصديق إن ولدها ميت...عايشة بوهم طفل ميت... جربنا عليها أنواع الأدوية إلي ما جابت مفعول... بالأخير أضطرينا نعطيها إبر مهدئة...
همس وليد بكل حرة: كم أبرة تعطونها فاليوم؟! الظاهر كل الأبر تغرزونها على زوجتي...
وناظرهم بحدة وقال يأمر: وقفوا هالأبر المهدئة لحد ما أنا بنفسي أأمر...
وطلع تاركهم... طلع وهو يهتز من الداخل... يندمي من الداخل... الخنساء حبيبته... زوجته... مريضة نفسياً؟!... أو شو سماه الممرض؟! مضطربة نفسياً؟!! وشو فرقت المسميات؟!...
جلس على حافة السرير ورجع يناظر الجسد إلي ينام بكل هدوء... مسح على شعرها وباسه يتمنى تقوم وتفتح عيونها... يتمنى تقوم وتصرخ أنا ما فيني إلا العافية... هم يضحكون عليك أنا ما فيني إلا العافية...
لكن تبقى كلها أمنيات... أمنيات غبر الزمن عليها ونساها...
* * * * *
وقف جلند السيارة قدام بيت محمد... وتنهد... يحس نفسه ضايق... بعد موت الطفل خالد وحال العم خالد والخنساء... صار الحزن سيد الموقف... رفع أنظاره لفوق بالصدفة وطاحت عينه على إنسانة ما تمنى إلا يسمع عنها وتحققت منيته...
كانت لجين واقفة عالبلكونه وتناظر للسماء... كانت مثل حورية تناجي أخواتها... وشعرها الأسود الطويل بخصل بنية يلتف حوالينها... غمض عيونه... لف يبعد عيونه عنها... هي مو محرم له علشان يناظرها بهالطريقة... وتم بالسيارة ومسك الموبايل... أرسل لها عل وعسى يرتاح ولو لحظة... ينسى الهموم والأحزان لحظة...
.
.
سمعت لجين صوت مسج الموبايل وهو بجيبها... مسكت الموبايل وأنصدمت من المرسل...
كان جلند كاتب لها: ((أدخلي وسكري باب البلكونة...))
رفعت نظرها مفزوعة وناظرت للحوش مرة ولقدام باب البيت... وما كان فيه أحد.. أصلا جلند مشى بالسيارة لجنب البيت عاليسار... وكان صعب إنها تشوفه بس هو يقدر يشوف طيفها مرتبك وتدور عليه من بعيد...
رسلت برجفة: ((شو قصدك..؟!))
رد: ((قصدي واضح... أو تبين كل العالم يناظروك بدون شيلة ووبنطلون وبلوزة؟!))
أرتجفت لجين... كيف عرف إنها لابسة بنطلون وبلوزة... تراجعت وتخبت ورا ستاير البلكونة... ما عرفت شو ترد عليه...
ورجع جلند يكتب لها: ((إذا تبين تتنفسين هواء طبيعي فألبسي شيء ساتر... ولفي الشيلة عليك... بس مو تطلعين بهالشكل إلي إلحين شفته عليك... وإلا ما يصير لك طيب))
عصبت لجين وتوترت أكثر... ورجعت تناظر من ورا الستاير للخارج... هذا وين؟! وكيف شافني؟!
جلست عالسرير... ويجيها بهالوقت إتصال من جلند... رفضت ترد... لكنه ظل يتصل لحد ما وصلت رنته للعشر...
كتبت لجين: ((أنت مجنون تتصل؟! شو تبي؟!))
رد عليها: (( ردي على إتصالي..))
ردت: ((لا))
ورجع يتصل... وتجرعت ريقها وردت... فتحت الخط وبقت ساكته...
قال بهمس غريب: سكري باب البلكونة... ولا عاد تطلعي بهالبس قدام الخلايق...
ردت وهي تبدا تحتر منه: وأنت شو حارنك؟!
قال بهدوء: الكثير... أولا أنتي ملكي أنا وما ابي أحد يتعدى على ملكي...
صرخت: لا والله؟!
سكتها بكل عصبية: لا تصرخين يا لجين...
صرخت أكثر: أنت ما تامرني... مالك سلطة علي... فاهم؟! فاهم؟!
رد يضحك بشر: لي سلطة... سلطة كاملة عليك... وأسمعيني... إذا شفتك مرة ثانية بهالصورة ما يصير لك طيب...
أرتجفت يدها وكان بيطيح الموبايل... لكنها مسكت فيه...
ورجعت تهمس بعصبية: أكرهك... أكرهك... أكرهك...
ضحك جلند بتريقة ورد: شيء مو جديد... بس الجديد إني أنا أحبك...
سكتت وألجمت لساناها... سكتت ودق قلبها مثل طبول الحرب... تسارع نفسها ووصل لجلند... وصل له بكل نفس... وتموا ساكتين فترة بدون كلام...
قال جلند بضحكة مو بمحلها: هههههه... شفتي كيف كلمة مني توصلك وين؟!
حست لجين على نفسها... يضحك علي... يضحك...؟! أكيد يضحك... مو أنا بالنسبة له لعبة يلعب عليها؟!
صرخت لجين ودموعها على عيونها... وكانت بتخرق طبلة أذن جلند: قليل الأدب... ما تستحي... ما تستحي...
وغلقت الموبايل بوجهه... فترة تمت تتنفس بسرعة كأنها كانت مشتركة بسباق مارثون... وسمعت صوت مسج وصلها... رفضت تناظر للموبايل حتى بالنهاية مسكته وفتحت المسج بكل رجفة...
كان راد عليها: ((أنتبهي لا تقفلين الموبايل بوجهي مرة ثانية... انا إلي يقرر متى تقفليه... ولا تنسي تسكري باب البلكونة))
أرتجفت يد لجين وهي تسكر باب البلكونة... وتتراجع للسرير... جلند... جلند أنت شو تبي مني؟! ما يكفيك ذليتني من قبل جاي تذلني إلحين؟!
* * * * *
(المستشفى... الساعة 5 العصر)
مشى وليد بكل بطء بالممر... وسط الناس يسحب نفسه... يحاول يرجي موعد وصوله للخنساء إلي يألمه وجودها مخدرة... يكفي أمس تركها وما تيقظت من نومها... وصل للغرفة... وسمع صوت من الداخل... صوت أنين... على آهات... على بكاء... على صراخ...
وفتح الباب بخوف... وناظرها... أنصدم لحالها... كانت تقاوم الممرضه وتصارخ عليها... جمد بمكانه ما يدري ليش؟!
قالت الممرضة: يلااا الخنساء خليني أفحصك...
ضربتها الخنساء على يدها وصرخت: لا... لا... أنتي روحي... هاتي ولدي...
قالت الممرضة متأفففه: الخنساء ولدك مات... مات...
صارت الخنساء لما سمعت هالكلمة مثل المتوحشة...
صرخت بعصبية وهي تقفز: لااااااااااااااااااااااااااا... أنتوا تكذبوا.. تكذبوا... روحي... هاتي ولدي... هاتي ولدي...
قالت الممرضة بحدة وهي تمسك بيد الخنساء وتسحبها للسرير: ولدك ميت... ميت...
صرخة الخنساء علت أكثر واكثر وهي تصارع الممرضة: لا... لا... إنتي كذابة... كذابة... ولدي أنا بخير... بخير... إنتي كذابة... كذابة...
تقدم وليد بهاللحظة وقال للمرضة: خلاص أتركيها... أتركيها...
ناظرته الممرضة وقالت: وأنت منو؟!
همس وليد بعصبية: زوجها... أتركينا... وأطلعي...
تأففت الممرضة وهي تطلع وتقول: مدري شو ذنبا يصارخوا علينا... ؟!
تقدم وليد من الخنساء إلي قامت واقفة... مسكها وليد وهي شكلها ناوية تطلع...
همس: على وين رايحه؟!
ردت بعصبية: هذي كذابة... أريد... أنا ولدي... أروح أشوفه...
أرتجفت يد وليد... وأدمعت عينه... مسكها يحاوط خصرها... وضمها له... حاولت تتمرد من هالحضن... بس هو شد عليها...
وهمس: الخنساء... حبيبتي... ولدنا خالد... برحمة الله...
صرخت الخنساء: لا...لا... أنت من؟! من؟! ليش تقول كذا؟! أنت ما تعرف... ما تعرف ولدي...
طاحت يد وليد على جنبه وهمس منصدم: ما تعرفين أنا من؟!
هزت راسها وهي تحاولت تبعد عنه: لا...لا... بس لا... أنا أعرفك... أنت كنت... مرة... وعـ..ـدت الخنساء... وعدتـ...ـها... تاخذها... لولدي خالد...
ومسكت بيده تشد عليه بقوة وهي تترجى: روح هاته... هاتي ولدي... أنت تعرف... روح هاته...
مسكها وليد وردد: أنتي ما تعرفين من أنا؟! ما تعرفي من أنا؟!
هزت راسها بلا... ورددت: أنت ما تفهم؟! ليش... ما تفهم؟! روح هاتي ولدي... رووح...
دمعت عين وليد وهو يشوف الحالة إلي وصلت لها الخنساء... صارت... صارت ما تعرفه... صارت ما تعرفه... لكن...
هزها من كتوفها وقال: أنا وليد... وليد يا الخنساء... زوجك وليد... وخالد الله يرحمه... الله يرحمه مات...
وكأن هالكلمة كانت هي مفتاح جنون الخنساء... ضربته على صدره...
وصرخت: لا...لااااا... لااااااااا... أنت كذاب... كذابين... كذابين... ولدي انا... ما مات... ولدي أنا... ما مات... هو كان هنا... بس راح... هم خذوه... هم قالوا... خنساء ناخذه شوي... كان نايم... هنا... بحضن ماما... قالوا ناخذه شوي... قالوا شوي ونرجـ..ـعه... بس أنا قلت لا... هم شالوه غصب... أنا بكيت... قلت خلاص... بس رجعوه... هم ما رجـ...ـعوه... ما رجـ...ـعوه...
وبكت بين يديه وهي تنتفض... حتى بدت بدون شعور تصارخ بصوت عالي... حاول وليد يضمها له... يوقف صراعها... بس هي صارت مجنونة للألم والصراخ... وتلوت بين يديه وشمخته على وجهه...
وهي تنادي وتصارخ: جيبـ..ـوه... ولدي... رجـ..ـعوه... ولدي... خالد... خاااااالد... مااااما... خالد...
وعلى هالصوت دخلت دكتورة وممرضتين... حاولوا يمسكون الخنساء الضعيفة ويسحبوها من أحضان وليد الجامد... صارعتهم وهم يلزقونها بالسرير أو بالأصح يرمونها عليه...
صرخت وهي تعض يد وحده من الممرضات: لا...لا... بس... بس... إنتي كذابة... هم كذابين... لا... لا...
قالت الدكتورة تناظر وليد الجامد ويدها على كتف الخنساء: ها عقيد... إلحين شو تبينا نعمل...؟! للحين رافض نعطيها الإبرة؟!
غمض وليدعيونه وهز راسه بلا... وكأن الدكتورة تبي تثبت له غلطة قراره... مسكت الخنساء قلم كان معلق على قميص وحدة من الممرضات... ورمته عليها بكل حرة...
وهي ترد تصارخ عليها: كذابة... كذابة...
صرخت الدكتورة لوليد: عقيد...؟!
همس وليد بصوت ما إنسمع منه غير: خلاص... سوي إلي تبينه...
وبلحظات قصيرة... تم يناظر الأبرة تنغرز على يدها بكل قسوة... وغمض عيونه وتنهد بكل الم... تركتها الدكتورة والممرضتين لما بدا مفعول المخدر يعطي نتيجة...
سكنت الخنساء وأرتخت أطرافها...
كانت ما هي معهم وهي تهمس بكل ضعف: أهئ... أهئ... هـا..توا... خـ..ـا..لد... ولـ..دي... هـا..توه... أهئ... أهـ...
سمع للحظات الدكتورة تتكلم بأشياء غريبة... فقدان جزء من الذاكرة... صدمة... ردة فعل... إضطرابات نفسية... عقلية...
وشو بقى..!!!
تجاهلها وليد وقرب من الخنساء... وهنا حست الدكتورة وطلعت مع الممرضتين...
جلس وليد عند حافة السرير... مسك وجهها بين يده وهو ينحني لها... باس عيونها إلي تعلقت برمشها دموع حارة... باس العيون إلي فقدت بريقها... باس العيون إلي بكت شوفة ولدها ميت بين يديها... باس العيون... باسها يبكي هو بصمت... ورخى راسه وأسنده على صدرها...
يهمس ويبكي بدون خجل: الخنساء... حبيبتي...
وخانته الحروف والكلمات... وسكت... يسمع نفسها من ألمه يأن... هالجسد نام نوم تصارعت فيه الدموع والآهات... تصارعت فيه الأحلام والكوابيس...
* * * * *
(كورنيش مطرح.. الساعة 1 الفجر)
ناظر الموج يقترب من كسارت الموج... أقتربت وأقتربت وبالنهاية أنكسرت... فجأة سمع صوت من وراه ينادي بإسمه...
لف وراه وشاف جلند واقف عند سيارته...
قرب جلند وقال: عرفت إنك هنا... ليش ما قلت لي إنك جاي لهالمكان الساحر؟!
ابتسم طلال بحزن وقال: حبيت أكون وحدي...
ناظر جلند البحر وقال بهمس بعد صمت طوويل: نشوى صح...؟!
ناظره طلال متفاجأ... ورجع يناظر الموج وتنهد...
قال طلال بهمس: كيف عرفت؟!
رد عليه جلند وهو يبتسم: العصفورة خبرتني...
ناظره طلال مستغرب روقان جلند...
ورجع يسأله: كيف عرفت؟!
قال جلند بغموض: تبي تعرف؟!
هز طلال راسه... يدري جلند من النوع الغامض... من النوع إلي يحب يخفي مشاعره... من النوع إلي صعب يفهمه الواحد... تشوفه لابس كم قناع باليوم... بس إلي يحبه فيه هي نخوته... شهامته... حبه للناس... وحبه للمساعدة بأي طريقة حتى ولو كان على حساب نفسه... وهو طلال يقدر يوثق فيه...
قال جلند وهو يرفع نفسه ويجلس مقابل طلال: يمكن جا الوقت أخبرك فيه عن قصتي... أو بالأصح قصتي أنا وأختك لجين...
حس جلند بضيق طلال... حط جلند عينه بعين طلال بدون خوف أو ربكة...
لأنه قال بثقة: أدري بتتضايق بس... بتعذرني بالنهاية... ولازم تعذرني... الموضوع صار قبل سفرنا... ما حبيت أخبرك لأني أدري إنك بتسافر متضايق من أخواتك... قلت بعدها بخبرك وإحنا مستقرين بنيوزلاند... بس شفت السالفة ما تستحق أقولها لك... وإلحين تستحق... تستحق لأني بسببها عرفت من هي نشوى...
همس طلال يقول: تكلم... تكلم يا جلند...
قال جلند يحكي: كانت لجين طفلة غرها منظر أختها... أو يمكن هو تأثير نشوى عليها... عرفت عن طريق الصدفة إن لجين مع علاقة بواحد... وما كان صعب لأنه كان واحد من أصحابنا... وعرفت إن نشوى هي سبب معرفة لجين بصاحبنا... ما كنت أبي أفتعل المشاكل فعملت خطة إني أضيف معي لجين بالمسن وأخذت رقمها من موبايلك وانت مو داري... بالبداية ما تقبلتني لأنها كانت عنيدة لكني قدرت أوصل لها...
أبتسم جلند وهو يتذكر كم مرة غلقت الموبايل بوجهه وكم مرة عملت له بلوك... بس إلي عزاه إنها ترجع تشيل البلوك...
وكمل جلند: بس بالنهاية عرفت كيف أقنعها تترك هالغباء وهذا طبعاً بعد ما هددت الغبي إلي تكلمه... وأقتنعت... لكن بالمقابل...
رفع جلند يده لشعره يرجعه وهمس بتوتر: لكن بالمقابل تعلقت هي فيني... ووصلت فيني إني وعدتها بالزواج... كرهت أقطع علاقتي فيها... مدري يمكن لأني وقتها حسيت إني غلط لما سويت هالشيء... وكان المفروض أخبرك... بس وقتها ما نفعني الندم... وكرهت نفسي... لأني بطريقتي هذي أكون خنت ثقتك فيني... خنت عمي محمد وخالد... ورجعت قسيت عليها... سافرت وتركتها هنا متأكد من شيء واحد... إنها ما عادت توثق بكلمة شاب... وهذا إلي كنت أبيه...
سكت جلند فترة بعد ما انتهى... وناظر طلال ينتظر منه تعليق... أما طلال فهو سكت لمدة بدون ما يحرك طرف... وبالنهاية عض على شفايفه...
وهمس بعصبية: كل هذا صار وما خبرتني عنه؟!
همس جلند يقول: طلال...
قاطعه طلال يقول بعصبية: وأنت... أنت...
مسكه جلند من كتفه ورد عليه بثقة: حبيت أهلك مثل أهلي... وما كنت بيوم راح أخون صداقتنا علشان لجين أو غيرها...
قال طلال معصب: وخطوبتك الغبية لها بعد ما رجعنا للبلد؟! شو كان هدفها؟!
ناظره جلند وعيونه تلمع... وترك طلال وتراجع... تراجع يناظره وهو يبتسم...
قال جلند بهمس أنسمع بعضه وبعضه لا بسبب تكسر الأمواج: بسبب غباي... حبيتها... وصدقني... مستحيل كنت أخون صداقتنا بهالغباء... مستحيل...
وترك طلال ومشى... مشى ومشى ومشى... وطلال لازال ساكن بمكانه...
وبالنهاية...
تحرك طلال وهو يركض... ومسك كتف جلند يوقفه... ناظروا بعض فترة طويلة... نظرات تحدي... أسف... وألم...
همس له طلال: تحبها؟!
هز جلند راسه بأيوه بدون كلمه...
ابتسم طلال فجأة وقال: وأنا أقول الأخ فمن هيمان؟! أتاريك عاشق أختي...
همس جلند: طلال...
تنهد طلال وقال: أخطبها رسمي من أبوي...
رد جلند: لكن...
قاطعه طلال: لا تقول خطبتها من قبل ورفضت... كانت ذيك خطبة غبية منك ورفض غبي منها...
تردد جلند وقال: يصير خير... بس بالوقت الحالي ما ينفع...
وابتسم يقول بضحكه: أنا حجزتها خلاص... إذا جاها خطيب غيري أنت رده...
ضحك طلال يقول: لا... تبي تقطع رزق أختي؟! وبعدين إذا جاها الرجال الصالح ما يهمني أحد بزوجها بالسر...
مسكه جلند بس طلال هرب... وضحك عليه...
قال جلند بهمس وعيونه تلمع: طلال...
قال طلال وهو داري شو يريد جلند يقوله: أنسى... مثل ما أنا نسيت...
قرار طلال إنه يسامح جلند مو بقرار غبي... لأنهم يحبون بعض... صداقتهم هي نوع من إلي نفتقدها بالوقت الحالي... طلال رغم إنه تضايق من جلند حاول يشوف الجانب الصح من الموضوع... وترك الأيام تمحي غلطة جلند... لأنه يدري... وأكثر واحد يدري كثر الوحدة بقلب جلند... وإنه يفدي نفسه لغيره وما همه نفسه... وهو يحاول قدر قدرته يسعد من حوله... هذا هو جلند إلي يثق فيه طلال... وأخواته له سالفة طويلة معهم...
* * * * *
(بعد أسبوعين بالتمام...مكتب وليد)
دخل عبدالعزيز مكتب وليد...
قال: عقيد..
رفع وليد راسه... ونزل سماعة التلفون إلي كان يتكلم فيها...
قال: طيب... مع السلامة...
ورجع السماعة وقال: أيوه عبدالعزيز...؟!
رد عبدالعزيز بلهفة: المستشفى على خط المكتب يا عقيد... يقولون يتصلون بموبايلك ما ترد عليهم...
وقف وليد يدور موبايله من جيوبه بس ما حصله... توقع نساه بالبيت...
تكلم وهو مرتبك: أي مستشفى؟!
رد عليه عبدالعزيز: المستشفى إلي يرقد (ينام) فيه الوالد... أحول الخط...؟!
رد عليه وليد وهو يشيل كابه: لا... لحظة بشيله من مكتبك...
وراح طيران على التلفون... وقف جامد يسمع... فترة ورجع بعدها التلفون...
قال عبدالعزيز بلهفة: عقيد... بشرني...
ابتسم وليد فجأة وهو يهمس: أستوعب أبوي من الغيبوبة... أستوعب...
شقت البسمة شفايف عبدالعزيز وقال بمصداقيه: الحمدلله... الحمدلله على سلامته... ما يشوف شر يارب... معافى وسالم بإذن الله...
رد عليه وليد مرتبك: أنا... أسمع أنا طالع... بس قبل كذا أتصل على عمي سيف وخبره عن إستيعاب الوالد... طيب؟!
هز عبدالعزيز راسه وقال: إن شاء الله طال عمرك... بشرنا على الوالد...
هز وليد راسه وراح لسيارته... يسرع فوق 140 يبي يوصل لأبوه... وبعدها ركض بالممر ووصل للغرفة إلي كان فيها خالد... بس ما لقاه وحصل ممرضه تطوي الشراشف والفرش...
قال وليد وهو يلهث: المريض إلي كان بهالغرفة..؟!
قاطعته الممرضه وهي مستغربة: نقلناه لغرفة الملاحظة...
بعدها تبسمت وقالت: لحظة أخوي...
وأخذت وليد للغرفة إلي ينام فيها خالد وتركته وهي تتحمد له بسلامته... مشى وليد بكل بطء لأبوه وقلبه يدق بكل قوة... جلس عالكرسي ومسك يد أبوه ...
قال وليد بهمس: أبوي...
فتح خالد عيونه بتعب وناظر وليد...
قال خالد بتعب: وليد؟!
رد وليد بلهفة وهو يبوس راس أبوه: أيوه يا أبوي... أيوه... أنا وليد... الحمدلله على سلامتك... الحمدلله على سلامتك...
قال خالد بضعف: الخنساء؟! خالد؟!
أدمعت عين وليد وهو يهمس: خالد الله يرحمه...
تنفس خالد بتعب ودمعت عينه وهمس: توفى؟!
هز وليد راسه بدون ما يتكلم...
رد خالد يقول: توفى؟! لاحول... ولا قوة... إلا بالله...
ورجع يسأل يلح هالمرة بالجواب: الخنساء؟!
ما قدر وليد يكبت حزنه أكثر ونزل دمعه ورد: عايشة ومو عايشة... مو مصدقة ولدها مات... ما تعرفني ولا تعرف أحد... كله تجري ورا أوهام طفل مات... عايشة على المهدئات...
همس خالد وهو يبكي: لا حول... ولاقوة إلا بالله... هو السبب... هو...
لمعت عيون وليد وهو يقول: من؟! من يا ابوي؟!
رد خالد: هذا إلي أسمه... عمر... إلي جابته نشوى من وين ما أدري... حاول يغتصب الخنـ...
وقف وليد فجأة وطاح الكرسي وهو يصرخ: حاول شو؟! حاول شو؟!
كمل خالد بألم: وهو إلي قتل خالد... هو إلي صدمنا بالسيارة...
شد وليد على شعره وهمس بوجع: كل هذا صار؟! كل هذا صار وأنا ما أدري عنه؟! قالوا لي حرامي... الخدامه قالت حرامي... الشرطة بنت أساساتها على إنه حرامي...
هز خالد راسه وهو يتألم: لا... حاول يغتصب الخنساء... بس أنا لحقت عليها... تصارعنا... وركضت وراه مو داري... حتى وصل لسيارته... والخنساء بحضنها خالد تتبعنا... وصار إنه صدمنا بالسيارة...
تجرع وليد ريقه ووقف باللحظة إلي دخل فيها سيف وهدى ويتبعهم جلند وطلال... وبعدها محمد وسلمى...
قال سيف بعبوس: شو فيك؟!
وناظر أخوه وراح له يتحمد له بالسلامة... يبوس راسه ويدعي له...
قال خالد بتعب: وليد... وليد...
رد وليد ماسك يد أبوه: نعم يا ابوي؟!
همس خالد: طلبتك... طلبتك...
قرب وليد أذنه من أبوه وهمس خالد له: لا حد يعرف عن نشوى...
وقف وليد وبتمرد ناظر محمد وطلال وعمته سلمى وإلي كرهها... وكره وقفتها بغرفة أبوه... عمته صح... بس بنظره هي مجرمه... هي وبنتها...
همس خالد: وليد...
أرتجفت شفايف وليد وهمس: لا... لا...
رجع خالد يهمس برجى: وليد...
غرس وليد يده بشعره وتراجع وهو يقول: والله إني بدوره... بدوره وبلاقيه... ووقتها بنتقم... بنتقم بطريقتي...
قال جلند يقرب منه: وليد...
ما سمع له وليد وتراجع وراه يركض... خرج من المستشفى وجلس بسيارته... صرخ وهو يضرب الستيرنج (المقود) بكل قوته... مستحيل.. مستحيل بالنهاية يطلع عمل من عمايل نشوى وعمته... وصلت فيهم المواصيل يأذون الخنساء بهالطريقة؟! بهالطريقة الجريئة والوحشية... ؟! والله إني ما بسكت ما بسكت... لا على هذا العمر ولا على هذي نشوى وعمتي... كل منهم بيلاقي مصيره بوقته...
عض على شفايفه وهمس: كل منهم بيلاقي مصيرة على يدي...
وتذكر... تذكر حبيبته طفلته وزوجته مرميه بالمستشفى... جلس على حيله... وطلع من الباركنج... ومنها خرج للشارع... يزور إلي لها القلب يحن ويهفو...
* * * * *
(المستشفى..غرفة الخنساء)
دخل وليد بلهفة للغرفة... وسند الباب بظهره وهو يناظر المشهد قدامه... فتح عيونه بالأول على وسعها مصدوم... وبعدها مشى شوي شوي يقرب من إلي كانت تجلس على الأرض وماسكه مخدة بين يديها... هذي أول مرة يشوف الخنساء بهالشكل... أمس كانت تصارخ واليوم... اليوم هادية وتبتسم...
رفعت الخنساء عيونها وناظرت الشخص إلي واقف قدامها... كل يوم يزورها ويجلس معها وهي تبكي مرة على حضنه وكتفه... ومرة تخمشه على وجهه... ومرة تصارخ عليه... بس اليوم غريب لابس مثل الرجال إلي يوقف عند البوابة...
ابتسمت الخنساء وهي تأشر: أوشششش...
جلس وليد على ركبته قدامها وهو بعده مصدوم...
همست الخنساء: خالد نايم... أوششش...
وأشرت على المخدة بحضنها... وأنخرست الكلمات بلسان وليد بكل شراسة وقسوة... تسارعت دقات قلبه... وهو يتابع بغباء الخنساء...
ابتسمت وهي تأشر على مكان جنبها وتقول بصوت هامس: أجلس... بس... لا تكلم... صوت عالي... خفيف... بس... خالد.. بيقوم...
ما تحرك وليد بس شفايفه هي إلي أرتجفت...
وكملت الخنساء وهي تهدهد المخدة: أممممم... نام... نام عيون... ماما... نام...
قال وليد بصوت عالي وهو يتنفس بسرعة: الخنساء...
رفعت الخنساء راسها معصبه: أوششش... قلت لا تكلم... صوت عالي...
رجع وليد يهمس وعيونه تتنقل بين الخنساء والمخدة وهو مازال صامد بصدمته: الخنساء... أبوي أستوعب... عمك خالد أستوعب... وهذا... هذا...
وكان كل ما يقول كلمة يرتفع صوته... حتى فاجأته الخنساء تصرخ عليه...
وقالت: يووووووه... شف... خالد... قام... يصيح...
سكت وليد بسرعة وهو يناظرها تهدهد الطفل الخرافي... وكأنها توهقت معاه وهو يبكي... ووقفت تدور بالغرفة والمخدة بين يديها... تهمس له وتهدهده وتغني له... فترة ووقفت وجات تنزل المخدة للسرير... وغطت نصها بالفرش وهي ما زالت تغني له...
وقفت بعد شوي وناظرت وليد جالس... ابتسمت وقربت منه... جلست جنبه وهو يناظرها مستغرب ومصدوم...
قالت تأشر على الطفل وهي تهمس: خلاص... نام... بس أنت... كلم خفيف...
ضحكت بخفيف وهي تأشر على لبسته: ههههه... ليش جاي... هذا أنت... لابس؟! مثل... مثل... مثل...
وما عرفت تسميه ورجعت تقول: أيوه أنت... صح جيت... أنا أريد أسأل...
لف لها وهو يقول بلهفة: عن شو؟!
همست له: أوششش... شوي... شوي...
قال وليد يهمس: عن شو تسألي؟!
ابتسمت وهي تقول: هم... قالوا... أنت زو...جي... صح؟!
هز وليد راسه بأيوه...
وردت الخنساء تهمس: بس... شو... زو...جي؟!
وأنلجمت الكلامات بلسان وليد...
ورجعت الخنساء تهمس: هم قالوا بعد... أنت بابا... حـ..ـق خالد ولدي... صح؟!
ما قدر وليد يتكلم... وبالنهاية هز راسه بأيوه... ووقفت فجأة رايحه للسرير... مسكت المخدة وشالتها بيدها بكل حذر... وقربت من وليد وجلست جنبه عالأرض...
همست برجى: أنت... ما تاخذه... تروح... مثلهم؟!
((أنت ما راح تاخذه وتروح...؟!))
هز وليد راسه بلا وهو يحس بشفايفه تتصلب...
ابتسمت الخنساء ومدت المخدة شوي شوي وهي تقول: أنت زوجي... بابا خالد... كل يوم... تجي... تشوف أنا... خالد... خلاص... أعطيك خالد... بس... ترجعه؟!
وكأنها تسأله للمرة الثانية... وهي متردده... وحطت خالد بين يدين وليد... ناظر وليد المخدة وبعدها ناظر الخنساء... ورجع مرة ثانية يناظر خالد الوهمي بين يديه...
فجأة أهتزت كل ذرة صمود... تيقظ من الصدمة... ونزلت دمعه منه تاخذ مجراها على خده... بكل حرقه تزل وهو ينتفض من الألم... تحيرت الخنساء مستغربة... فجات أخذت خالد الوهمي من بين يدين وليد وحطته على جنب... ومدت يدها بتردد تمسح دمعة وليد... ابتسمت وهي تقول: خلاص... ليش أنت... مثل خالد؟! تبكي؟!
مد وليد يده حوالين الخنساء وضمها له وهو يهمس: أرجووك... أرجووووك... لا تعذبيني أكثر... لا تعذبيني أكثر... والله العظيم ما عاد فيني قدرة.. ما عاد فيني قدرة...
ورفع وجهها بين يده وهو يناظرها يترجى: الخنساء... أرجعي... أرجعي للواقع... أرجعي للواقع... أنا محتاجك... محتاجك... محتاجك...
وباس يدها وهو يكمل: محتاجك جنبي... أرجعي لي... أرجعي لي يالخنساء... أرجعي لي...
جلست الخنساء متصلبة مو فاهمة حاجة... وفالنهاية سحبت نفسها منه...
وشالت خالد الوهمي بين يدها وقالت: أوووشش... لا تبكي... ترا... خالد يبكي...
وأعطته ظهرها تمشي بالغرفة وهي تغني بصوت هامس... أما وليد إنهارت كل قوته... ومنها سند ظهره للسرير وجلس... جلس بكل بساطة يناظرها... دموعه تحكي الموقف... عيونه تتبعها... وأذنه تسمعها...
..
حل صمت رهيب...
فجأة بدون إنذار...
إختفت كل الأصوات...
إلا صوت واحد...
صوت... الخنساء...
كان مثل الأنشودة...السمفونية... الترانيم العجيبة...
أو الأقرب لوصفي...
بـ"صدى الآهآت"...
ووصلت لوليد...
وصلت له هذي الآهات متمثلة بغناويها...
..
{{.. نم... نم ياااا... خالد... نم ياااا... حبيب ماااااما...
... بكرة... تحبي... تمشي... وتكبر... وتصير... مثل بابا...
نم... نم... نم يا حبيب... مااااما... نم يا خاااالد...
... بكرة... أنا وأنت وبابا... نلعب... ألعااااب حلوووه...
نم... يا حبيـ..ـبي... نم يا... حبيب مااااما...}}
.
.
.
{{نهاية الفصل الثاني عشر... قراءة ممتعة وطيبة
دعواتكم عندي إمتحان بكرة...}}
|