المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
وضيع ابن خائن
وضيع ابن خائن .. وتوابعه !!
سوف أحكى لكم .. عنه سأحكى .. اسمه ؟! و هل يهم أن يكون له اسم من عدمه ؟!.. بسيطة .. اسمه على ما أتذكر .. لكنه اسم عجيب .. له وقع سيء .. على كل حال .. لا تبعدوا أي وازع .. أي ظن .. ينتابكم بخصوص ذكرى لاسمه .. هو وضيع ابن خائن .. و ليس هذا من تأليفي .. بغرض الحط من شأنه .. بل هو واضعه .. على عينه كان .. لإعطاء صبغة مغايرة لذاته القرمزية .. صاحب مواهب عديدة .. وهى في مجملها لا تعنيه ، إلا في حال قنصه لسوسنة .. أو فراشة هائمة .. لا يهم إن كان لها رفيق أم لا .. وهو من مرتادي مقهى الحول ، الذين يتسمون بطول النظر ، و التأمل الدقيق ؛ فهو يجيد الـتأمل بكافة أشكاله .. وفى وقت واحد .. و يستطيع أن يبهرك بتأملاته الميتاحلزونية .. و السايكومسكوفية رهيبة الوقع .. وهو على ما أعتقد صاحب نظرية عن النحلة والعسل .. و الفراشات و الضوء .. و الفأر وقطعة الجبن ..والحية وإبليس .. وإذا قدر لكم الإطلاع عليها سوف تحفظون لي هذه .. أي و الله !
دعوني أحكى لكم .. كيف تم اللقاء بيننا .. و علام أسفر .. و لكن قبل كل شيء .. عليكم أن تعلموا عنى طيبة القلب .. و إن كنت هنا لست طيبا بالمرة .. وهذا ليس جديدا على كل حال .. وهكذا الكتاب أو المدعون من أمثالي !
كان ذلك ، حين مررت على المقهى ، و زوجتي الصغيرة تتأبط ذراعي ، فإذا به يخرج عن تأمله و تحنطه ، و يقف مرتاعا ، بصدر يلهث ، كثور شم رائحة أنثاه ..و أطلق للهواء صرخة ، دوت في أنحاء الحي .. زوجتى الحسناء توقفت مندهشة .. هزها الموقف العجيب .. نسيت أن أقول لكم إنها تصغرنى بعشرين أو ثلاثين سنة .. لا .. قولوا خمسين .. وبرغم أن الأمر يبدو عجيبا ، إلا أن في بلد مثل بلدتنا لم يعد شيء عجيب بالمرة .. فعبده الزبال تزوج من أمريكية .. و محسن العجلاتى أتى من ايطاليا بزوجة كانت أستاذة في جامعة .. وعنتر الفلاتى خطفته صينية .. وعم مسعد تزوج بعد السبعين ، وأنجب قمرا .. و هناك الكثير من النماذج لو أردتم .. و لا أدرى سببا لهذا إلا أن مدينتي تنجب قلوبا قادرة على العطاء أينا كانت .. آه .. لا تتعجبوا أرجوكم .. و لا تسألوني كيف تم زواجي بها .. أنا الغلبان .. صاحب القلم الرزيل .. الذي يخوض في كل شيء .. حتى لو كان أنا .. لا يهمه مسألة الوجاهة و الأناقة، بقدر ما تهمه التعرية .. وكشف حجم الزيف في حياتنا .. و لم أسلم أنا شخصيا من هذا القلم المتشرد !
تمتم المدعو وضيع بن خائن ببضع كلمات .. ثم سكت تماما .. وظل واقفا يلهث .. فملصت زوجتي ذراعي .. وتحركت مشدوهة .. و راحت تدنو منه .. أوقفتها .. و أطبق أعلى جبهتي على أسفلها راسما غضبا جامحا :" مالنا به ؟!
:" انتظر .. يبدو جميلا .. ألم تسمع ما قاله ؟!
:" سيدتي .. سمعت .. و رأيت ريالته على وجه .. وسرواله .. هيا ".
:" لا .. لا تظلمه .. هو .. انتظر .. ما يفعل هو .. ؟! .. دعنا نلهو قليلا ! ".
كان يلف جسمه كأن مسا كهربيا أصابه .. ثم يحط على ركبتيه .. و يقهقه .. فجأة يبكى .. وصدره كبالون ضخم .. يرفعه عاليا .. و يعود يسلمه للأرض .. يا ربى .. دموعه لا لون لها ..وإذا بحر يحيط به تعوم فيه أسماك ملونة !!
و أنا أجذب سيدتي .. و هي مصرة متشبثة بالأرض .. بل وملاحقة حركاته وسكناته .. كان شيء ما يدفعها دفعا .. ربما استلطاف .. ربما تنطع أو فضول .. فها هي تبادله الحديث .
:" لكنه زوجي ".
:" هو حمار لا يعرف نفسه .. و من لا يعرف نفسه ..لن يفهم غيره .. فضك منه ".
ابتسمت زوجتي بخبث ، و تكتمت ضحكة ، ثم أسرعت بالابتعاد ، بلها جرتني ، و هي مفعمة .. و أنا في حيرة .. نعم في حيرة .. تصوروا أنا حمار ..من استهدفه أذكى و أكبر جهاز مخابرات في العالم .. و أكيد كانت تفهم ما يدور داخلي ؛ فهي ذكية جدا .. أعلم هذا ..و إلا ما أحببتها .. مذ كانت طبيبتي في القصر العيني .. الوحيدة التى استطاعت سيطرة على .. وأنا أرى العالم محض أصوات .. و أنياب .. و خنافس .. من صناعة أمريكية !!
حين وصلنا مسكننا أطلقت ضحكة .. ضحكة ملئية بسعادة ما تصورتها .. و أنا أتميز غيظا !!
الشيء الذي أثار جنوني ، أنى بمحض الصدفة أبصرته يقف أسفل بلكون مسكني ،وهو يئن بشكل مقزز ، و يخمش في بلاط الأرض ، فوقر في صدري حزن عجيب ، نال منى ، و علت توجسات رهيبة ، كان أهمها ، أنه آخر صيحة في جهاز السى - أى - إيه .. فحملت عصا ، كنت أحتفظ بها ، و أسرعت مستطيرا ، بينما زوجتي في حجرتها . كان غل يتحرك في أحشائي ، حتى وقفت أمامه .. حدق في وجهي ببلادة ، ثم وقف كلوح من ثلح ، و بإصبع طبشور ، و على الحائط ، كان يفكر : واحد زائد خمسة .. الله في كل وجود .. خربش القطة تعضك .. الكتكوت أم الدجاجة .. موسولينى أم ستالونى .. !!
لا أخفيكم أمرا ، إذا قلت تبالهت أمامه .. لا بد أنه مفكر .. ومن طراز فريد .. فجأة .. دندن بلسانه ، و حزم وسطه ، و رقص .. وتغنى بأغنية فاجرة .. كنت بمحض الصدفة سمعتها .. في فيلم بورنو .. و علا صدره .. و تمددت مؤخرته بشكل رهيب .. و التم الخلق من هنا وهناك .. و نال تشجيعا لم يره عبد الحليم حافظ في حياته .. و لا فوزي الحاوي في مدينتي .. أصابتني فجاجته ، فانصرفت عنه ، الغريب ، أنى اصطدمت بزوجتي على باب المسكن ، وهى تكاد تقضى ضحكا ، فحملتها ، وطرت عاليا داخل مسكني ..و تهت في حنانها !!
ما العمل .. وقد ضيق على .. و كاد يهاجمني .. وفى مسكني.. ما الذي يدور في رأسه .. و لم أنا ؟! لم أنا .. ؟ بالطبع ليس أنا .. إنما زوجتي .. نسيت أن أقول أيضا أنها كانت رقيقة للغاية .. و تكاد رقتها تسيل .. لكن الجانب الخفي .. أنا أدركه .. أعيه تماما .. و لا أقربه مخافة منها .. أي و الله .. فحين يظهر جليا .. أكاد أبصم أنا لن نستمر أبدا .. و أننا راحلون .. أنا إلى جهنم ، و هي إلى دنيا ربما تكون أكثر سعادة .. لكنها و الحق لساني .. تحبني أكثر مما أحبها .. و تحب هواجسي .. و لو تمكنت منى .. نعم تحبني .. أليس دليلا على حبها اختيارها لي .. نسيانها لعقدين أو أربعة بيننا .. مجيئها إلى .. مخلفة أهلها .. هي الغالية .. وهى ربما تعلم أن المرض قد يعاودني ، في اى وقت شاء !
كانت ليلة ليلاء .. ملونة بكل ألوان الفصول السبعة .. و ليس الأربعة .. وكانت ربتي في أوج متعتها .. حين علا صوته الذى لا أتوه عن نبراته .. كان ينادى .. ويصرخ .. و يتغنى بنفس الأغنية .. فأفزع نومي .. و فر هاربا أمام جبروته .. تربعت على السرير .. وهى تميل على قلبي .. ما أطعم ثغرها .. و نعاسها .. ما أجملها !!
:" مالك حبيبى .. هيا .. نم !".
:" ألا تسمعين ؟".
:" لا تراعى .. دعه .. مالنا وهذا المخبول ".
:" زاد عن حده .. ولا بد من ردعه ".
وأصررت على إزاحته .. ومطاردته .. و كل ما فعلت .. تعمدت أن يعلو صوتي .. و هي بين ضلوعي..حين مررنا به في نفس الموضع :" ما يريد اللص منا..هل ممكن..قولي لي ..هل ممكن ؟!".
:" و الله و لا كل تعساء العالم .. أنسيت .. أنت أنا !!".
اختفى وضيع .. و لشهور .. لم أعد أره .. و لكن هاجسه ظل ملازمي .. بينما حلمنا الرائع يكبر بين أحشائها .. و يتلاعب بسكون دواخلها .. و يرفص .. و هى مفعمة .. تسوخ روحها .. فتزداد جمالا .. وتزداد رقة وحنانا .. بالروعتها .. وجمالها .. أين كنت .. لم لم نبدأ الطريق معا ..؟!!
لم تأخرت عنك .. كان يجب أن ..... !!
و في غمرة هذه المشاعر نسيت أمر وضيع .. بل تناسيت العالم .. حتى عدنا ذات ليلة .. مررنا بذات المقهى .. يا ويلي منه .. هذا المقهى التعس .. سبب تعاستى .. و نقمتي .. جهنم التي أعيشها الآن .. أرأيتم حمار " مجدى السماك " عندما تغلبت عليه شهوته .. ؟! نعم رأيتم .. ماتت كل النساء .. اختفين تماما .. و ما كان في الكون سواها .. حبيبتي .. توقفت المقهى على قدم .. و بدل وضيع واحد أصبح دستة كاملة .. و كانت ليلة غير ممكنة.. فقد بدأت شقاوتي .. و نقاري معها .. و هي في أشهر دقيقة .. لابد من راحة بال .. حتى لا يأتي مولودها شائها .. أو مزاجي .. الحلم الذى نشتهى ، و الذى سوف أذهب به معها إلى هناك .. إلى أهلها .. لتعود المياه لمجاريها بعد انقطاع .. و كانت بلكون مسكني شاهدا على مأساتي .. هذا وضيع يترأس الشامي و المغربي و اليمنى و السعودي .. يالهوسى .. وجنوني يا محلة المصائب.. أصبحت حياتنا جحيما لا يطاق .. و لم تعد ترى في شيئا جميلا .. ماذا أفعل بنفسي .. بيدي أفعل و بمساعدة أولاد الكلب .. و أوهامي و هواجسي أسقطت مسمى النوم من قاموس ليلى .. أسقطت اللفظة تماما .. حتى غدوت شبحا .. يتحرك في فضاء السديم .. و هي من مناهدة .. إلى بكاء .. و ساد صمت رهيب بيننا .. صمت مميت للغاية .. و في ذات مساء .. عدت من عملي .. لأجدها تصرخ .. وبشكل مرعب .. حتى هزمنى البكاء .. و أسرعت باستدعاء سيارة إسعاف .. و نقلت إلى المشفى .. و هناك .. أجهض الحلم الجميل .. و طارت كل أبراج المنى .. جن جنوني .. و لم أعد أر أمامي .. اندفعت إلى هناك .. مقهى الحول .. كان هناك .. وحوله شرذمة الوهم المميت .. هاجمته .. شتمته .. سببته .. ما تحرك .. لكنه بعد وقت من اعتصاري .. كان يترقص .. و يعيد رسم حساباته البلهاء على حائط .. بله .. سبني أيضا .. ببعض الإشارات الفاضحة .. التي لا يفهمها سوى رواد المقهى !
وحين كنت أعد نفسي .. لرحيلها عن المشفى .. و أنهى حالة شتاتي .. و رأسي تدور في كيفية صياغة جديد ة لقصتنا .. لم أجدها .. لم أعثر لها على أثر . همت في كل طريق .. صرخت في الوجوه الرخامية .. في العيون التي لا ترى .. في تل الغوايات .. أين أنت .. يا من كنت أنا .. أين ؟!
ومازلت إلى اليوم أبحث .. أغرقت كل مسافات المدينة دموعي .. طاردت هواجسي .. رجمتها بحجارة وجعي .. و أثلام شقوتي .. و غاضبت العالم .. الدنيا .. و ظلت صورة وضيع قائمة .. بكل فسادها .. و بهلوانيتها .. و الآن أفكر جادا في تصفيته .. نعم .. رصاصة تنهى الأمر .. ولكن ما بال كل الفريق .. و لم ؟!
ما الغائب في مسألتي .. قولوا لي .. ما الغائب .. و أنا لا أدرى متى كان كرهها لي .. هل كرهتني فعلا .. أم استعصت عليها معاشرتي ؟!
|