المنتدى :
الارشيف
الحتمية التاريخية في فكر محمد حسنين هيكل (موضوع حواري)
الحتمية التاريخية.....في فكر محمد حسنين هيكل
فالأمم الكبيرة تحيا لكي تتذكر والأصح أنها تتذكر لكي تحيا محمد حسنين هيكل
الحتمية التاريخية مذهب فلسفي سياسي قديم على القول بأن للحوادث التاريخية نظاما معقولا تترتب فيه العناصر بشكل يكون فيه كل منها متعلقا بغيره. حتى إذا عرف ارتباط كل عنصر بغيره من العناصر أمكن التنبؤ به أو إحداثه. وبشكل عام ينقسم فلاسفة الحتمية التاريخية الى قسمين: الأول، يؤمن بالحتمية التاريخية المطلقة التي تعني أن أحداث التاريخ حدثت كلها، وتحدث وستحدث حسب قوانين التاريخ التي لا سيطرة للإنسان عليها، وأن الإنسان منفصل فيها ومتأثر، لا فاعل ومؤثر وأن الحرية الإنسانية لا وجود لها. والثاني، يقول بأن أحداث التاريخ إنما تحصل وفقا لقوانين التاريخ، لا رغما عنها، ولا يمكنها أن تخالفها. ولكن هذه القوانين لا تجعل أي حدث تاريخي حتما محتوما قبل حصوله، إلا إذا وجدت القوة الإنسانية القادرة على تحقيقه.
وقد انطلقت الفكرة الماركسية من خلال ايمانها بالمادية التاريخية ,وهذه المادية تخضع التاريخ كله بكل ما فيه من تغيرات وتطورات لقانون الحتمية التاريخية المتمثلة في صراع المتناقضات في الاشياء ,والذي يحرك عجلة الانتاج نحو التطور في علاقات الانتاج التي تحكم كل الاشياء,وبذلك تكون الثورة التي تصنع التغيير ضرورة حتمية تفرضها طبيعة الاشياء في ظل الشروط الموضوعية التي تحتاجها عملية الصراع ,يقول احد منظري الماركسية:ان الثورة في المادية التاريخيه عنصر ضروري من عناصر نزاع الطبقات عندما يؤول هذا النزاع بحكم الضرورة إلى صراع سياسي هدفه الاستيلاء على جهاز الحكومة لتجريد الطليعة المهيمنة على شؤون المجتمع من وسائل هذا الجهاز الذي تسخره لخدمة اغراضها
ونلتمس في كتب ومقالات الأستاذ محمد حسنين هيكل إيمانه بالحتمية التاريخية وتبرز جليا في كتابه زيارة جديدة إلى التاريخ حيث يقول في مقدمة الكتاب (وصحيح أن التاريخ لا يكرر نفسه لاختلاف ظروف الناس والأمم والأحوال، ولكن أليس صحيحًا أيضًا أن هناك قوانين للتاريخ. وأن هذه القوانين تعمل أحكامها إذا تجمعت عناصر وعوامل تستدعى مثل هذه الأحكام؟!
إن " كارل ماركس" كان على حق حين صاغ مقولته الشهيرة: "إن التاريخ لا يعيد نفسه، وإذا فعل فإنه فى المرة الأولى مأساة عظيمة وفى المرة الثانية ملهاة مضحكة" لكنه من الحق أيضًا أن نفرق بين عودة الماضى ـ وهى مستحيلة ـ وبين سريان قوانين التاريخ ـ وهى محققة
كم نجده يقول في مقدمة كتابه العروش والجيوش كذلك إنفجر الصراع في فلسطين ( فالأمم الكبيرة تحيا لكي تتذكر والأصح أنها تتذكر لكي تحيا لأن النسيان هو الموت أو درجة من درجاته في حين أن التذكر يقظة واليقظة حالة من عودة الوعي قد تكون تمهيدا لفكر ربما يتحول إلى نية فعل ثم إلى فعل إذا إستطاع أن يرتب لنفسه موعدا مع العقل والإرادة في يوم قريب أو بعيد بمثل ما فع المشروع الصهيوني على إمتداد قرن كامل :عاش نصفه مع الوعد ونصفه الآخر مع تحقيق الوعد ) نلاحظ من خلال هذه الفقرة أن محمد حسنيين هيكل لا يجعل من الحتمية التاريخية سبب للخمول والجمود والإنطواء على الذات وتبرير الفشل والإنحطاط إنما يجعلى من تصفح التاريخ وقراءته دافعا لنهوض والتجديد وعدم تكرار الأخطاء ما يجعله صمام أمان في المستقبل حيث يقول في موضع آخر من نفس الكتاب ( كان ظني دوما أن الإلتفات إلى الوراء ليس تلكؤ مع الماضي وإنما هو ضرورة لسلامة السير بمثل ما يفعل سائق أي سيارة يريد لنفسه الأمان َّ
أمامه الطريق وهو منطلق بالسرعة التي يريدها عليه . وهو يطل من نافذة بعرض سيارته على ماهو ممتد امام عينيه لكنه أيضا و في الوقت نفسه محاط بمرايا عاكسة للخلف والجنب معلقة عند موقع نظره وهو مطالب بألا يغفل نظره على معالم الطريق أمامه لكن عينيه في الوقت نفسه على المرايا العاكسة لمراحل وراءه تجاوزها من الطريق
ودون نافذة في المقدمة تطل على ماهو آت ودون مرايا عاكسة تلاحظ مافات فغن قيادة السيارة تتحول من سفر إلى خطر ) ونجد في فصول كتابه زيارة جديدة لتاريخ تجسيد ا لهذه الفكرة بحذافيرها حيث أن هذا الكتاب الذي نشره في سنة 1977 ثم أعاد نشره في سنة 1997 بدون تغيير ولا إظافة يمثل أنموذج لقراءة حية لتاريخ حيث وبعد عشرة سنين من إعادة النشر وبضبط في سنة 2007 تزامنا مع اقتراح الدول العربية لما عرف بمبادرة السلام العربية الذي يعود إلى صفحات الكتاب وبالضبط الفصل الأخير منه الذي يتحدث فيه عن التصورات الإسرائيلية لسلام والتي من بينها أن إسرائيل ليست مستعدة للتنازل في موضوع الأرض على القدس وهي خارج أي مناقشة والضفة الغربية معرضة إما لضم الكامل بالنسبة لبعض الأجزاء أو السيطرة المطلقة دون ضم بالنسبة لأجزاء أخرى نفس الشيء بالنسبة لهضبة الجولان أيضا نجده يقول بأن إسرائيل ليست مستعدة لقبول دولة فلسطينية مستقلة على أية بقعة من أرض فلسطين وأقصى ما يمكن الوصول إليه هو سياسيا في الضفة الغربية وقطاع غزة هو نوع من الإدارة الذاتية وليس هناك ما يمنع الضم الكامل إلى إسرائيل غير الرغبة في الاحتفاظ بالنقاء اليهودي لدولة إسرائيل من ناحية وصعوبة تفريغ الضفة الغربية والقطاع من سكانهما في وقت قريب من ناحية أخرى ولمجرد قراءة سريعة لهذه التصورات وغيرها كالتفوق الإسرائيلي العسكري الدائم نستطيع أن نحكم على المبادرة العربية بأنها ستكون فاشلة وأي عملية سلام على هذا الطريق لن تأتي بأية نتيجة وإلى اليوم الواقع يشهد بصدق هذه التحليلات التي مر عليها ثلاثون سنة وفي الكتاب كله لا يكاد يخلو من قراءات لديها في واقعنا اليوم ما يؤكدها من القرائن
كما نجد محمد حسنيين هيكل في قراءته التاريخية لحروب العرب التي يقدمعا عبر قناة الجزيرة في برنامجه مع هيكل والتي يمكن أن نسميها زيارة جديدة لتاريخ مرةأخرى نجده يحاول إستنباط دلالات الأحداث التي مضت وربطها بالحاظر محاولة منه لترسيخ تصور لأمن فومي لأمتنا كما أضاف بعض العوامل التي تساعد على فهم التغيرات الجديدة التي تطرء في كل عصر حيث يقول في أول حلقاته عن حرب السوبس ( أنا كنت أقول باستمرار إن الجغرافيا والتاريخ هما العنصران الحاسمان في صنع التاريخ ولكن.. هم دول الثوابت في صنع التاريخ وفي صنع أحداثه الكبرى، لكن في المتغيرات، أول متغير هو الإدراك الحقيقي لطبائع العصور لأنه هنا في جغرافيا لا تتغير وموجودة وفي التاريخ وهو تراكم لا نستطيع أن نلعب فيه لأنه أدى آثاره وصحيح أن آثاره مستمرة لكن ما مضى منها لا يمكن التلاعب فيها وقد أدى دوره في الحسابات وأصبح عاملا معترفا به. يبقى عنصرين في المتغيرات، في عنصرين في الثوابت وعنصرين في المتغيرات، العنصر الأول في المتغيرات هو طبيعة ومزاج أي عصر من العصور، طبيعي أن الأحوال السائدة في عصر ما تؤثر على صانعي القرار، الجغرافيا والتاريخ ثوابت لكن في متغيرات أولها زي ما كنت أقول مزاج العصر زمن العصر، لأنه لما يبقى أحد في عصر حرب باردة على سبيل المثال بين قوتين عظميين هذا مناخ، لما يبقى يتصرف في عهد انفراد قوة عظمى وحدها هذا مناخ آخر، لما يبقى يتصرف في عصر شاعت فيه مواقع القوة وتمددت زي العصر المقبل الذي سوف نراه والذي سميته عصر المجالات المفتوحة على بعضها فهذا أيضا مجال، لكن هذه مناخات دولية وعصور متغيرة دوليا. طبعا نوعية الأسلحة كمان تؤثر في القرار،)
كانت هذه محاولة قراءة لمفهوم الحتمية التاريخية في فكر محمد حسنين هيكل
|