شاعر المقاومة بول ايلوار
Paul Eluard
1895 – 1952
كانت قصيدة "الحرية" مشهورة عندنا أيام الصبا في السبعينيات ، وكنا ننشدها دوما بدون أن نعرف الكثير عن الشاعر.
" على رغوة الغيوم،
في عَرَق العاصفة
في المطر الأسود البايخ،
أكتبُ اسمَكِ،
أيتها الحرية! "
إنّ ما يُعرف عن شاعر المقاومة بول ايلوار أنه لم يكرّس شعره لمقاومة الفاشستية فحسب ، بل واصل استخدامه سلاحا في مواجهة بورجوازيةبلاده أيضا. ويمكن النظر إلى الرقّة والشوق والحماسة في شعره بمقاسيته بجماليات السياسة والنضال في شعر أراغون. فإن تجارب بول ايلوار الكفاحية التي كدسها خلال مساهمته في الحرب الأهلية الإسبانية والأحداث الأخرى في حياته، أمست دوافع عنده لكي يتخذ دوما مواقف منحازة إلى جانب المحرومين والتحرريين.
فهو القائل:
باسم رجال يقيمون في الأسر.
باسم نساء جرى نفيهن.
باسم كل أحبتنا،
الذين ضحوا بحياتهم و مضوا ،
وبالتالي لم يخنعوا للظلم والفساد!
الاسم الحقيقي لبول ايلوار هو اوجين جريندل Eugene Grindel الشاعر السوريالي والمناضل الفرنسي. تعتبر قصائد المقاومة لبول ايلوار أثناء احتلال ألمانيا النازية لفرنسا ، وقصائده التي كتبها بعد الحرب العالمية الثانية في رأي نقاد الشعر ، من أفضل الأناشيد الحديثة في القرن العشرين . فكتب النقاد اليساريون أنه رغم كونه شاعرا سورياليا ، ألا أنه كتب الشعر السياسي منطلقا من وعيه لجماليات الكفاح السياسي والمسلح الذي اكتسبه في فترات المعايشة التاريخية والإجتماعية ، وقد كان مع بريتون وآراغون من مؤسسي المذهب الأدبي السوريالي في فرنسا. إن ّ محور " الحبّ- السياسة- النضال" *هو بمثابة العمود الفقري لأدبه. و كتب أجمل قصائده حتى العام 1936 تحت تأثير الحبّ. ويشعر القارئ خلال قراءته لقصائد بول ايلوار بمعارضته للظلم الإجتماعي، بل يمكن اعتبار قصائده ارشادات وتوعية للأجيال في كيفية مواجهة الظلم الإجتماعي ، و سلطات الجائرين شعريا.
لقد تعرف على الشاعر الإسباني القتيل غارثيا لوركا أثناء مشاركته الجمهوريين الإسبان في الحرب ضد الفاشية. ترك شعره بمحتواه الإنساني والمشحون بمشاعر الرقة والحماس تأثيرا لن يمحى على جميع شرائح المجتمع ، وقد غدا بول ايلوار أشعر شعراء جيله ، إذ تتميز قصائده بأنها قصيرة ، ومكثفة ، ومؤثِّرة وحمّالة خطابة سياسية . وكتب أولى قصائده عام 1917 متأثرا بعقيدة" روح الجماعة" .
ولد بول ايلوار غام 1895 في فرنسا. كان والده عاملا و كانت والدته خياطة ثياب. قام برحلة طويلة عام 1926 إلى بلدان شرق آسيا ، وتعرف على شيوعيين كثر عام 1927 ، وانضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي عام 1932 في سياق العلاقات مع مجلس المقاومة الفرنسية ضد الإحتلال النازي.
و قبل أن يصبح عضوا في الحزب الشيوعي الفرنسي ، اشترك بول ايلوار عام 1930 في المؤتمر العالمي الثاني للكتاب الثوريين في العالم الذي انعقد في الإتحاد السوفييتي السابق، وذاعت شهرته عالميا بعد الحرب العالمية الثانية بسبب قصائده ونشاطاته الإشتراكية ، بدون أي ّ تدخل أو توجيه من الحزب الشيوعي.
وقد انشق ايلوار عن الشاعرة الدادائية ، والشاعر السوريالي آراغون عام 1938 بعد سنوات من العمل معهما، لكن الشعراء السورياليون والمدرسة السوريالية تركوا أثرا واضحا على شعر ه وحياته الأدبية. وحسب مؤرخي الأدب أن ايلوار بدوره ترك أثرا أكبر مما ترك الآخرون على الشعر الفرنسي بين الحربين العالميتين ، إذ أصبح بعد الحرب العالمية الثانية أحد قادة وممثلي حركة السلام الفرنسية.
ومن أهم ما كتب ايلوار : "المهمة والثورة" ، و "مت ْ وكنْ ! "، و " الحبّ والشاعر" ، و " الحرية" ، و " سبع قصائد حب ّ أثناء الحرب" ، و " قصائد لأجل السلام" ، و " نحن والألم" ، و" الإنتصار في قاف" ، و " التيار الطبيعي" ، و" أنشودة كاملة" ، و" كتاب مفتوح" ، و " الحياة المباشرة" .
يكتب في مجموعته الشعرية المسماة " الجياة المباشرة" أنه ينبغي علينا النضال بوجه النظام البورجوازي تحت شعار الإتحاد.
كُتُبه الثلاثة " الحرية ، و وسبع قصائد حب ّ ، و الشعر والحقيقة" تقع ضمن نتاجاته الأدبية التي تتعلق بالمقاومة ومعايشتها وظروفها القاسية. وكانت المجاميع الشعرية : المهمة والثورة ، و قصائد لأجل السلام ، و مت ْ وكنْ ! نتاجات خاصة في انتقاد الحروب ومشعليها و الخرائب التي تخلفها ، والمآسي التي تنزل بها على البشر.
وارتأيت ُ أن أترجم هنا بعض قصائده من الإنجليزية:
غياب
أتحدث إليكم عبر المدن،
أتحدث إليكم عبر السهول،
فمي قبالة أذنك،
جانبا الجدران يواجهان صوتي الذي يعرفكم.
أنا أتحدث إليكم عن الأبدية.
فيا ذكريات المدينة للمدن،
مدنا مكسوّة برغباتنا!
مدن التبكير و التأخير!
مدن القوة والحميمية،
مدنا مجرّدة من بُناتها،
ومفكريها وأشباحها!
منظر طبيعي ريفي يتحكم به الزمرد،
حياة تعاش أبدا
بقمح السماوات على أرضنا،
يغذي صوتي فأحلم وأبكي،
أنا أضحك وأحلم بين اللهب،
بين عناقيد ضوء الشمس،
وعلى جسدي يمد جسدك طبقة من مرآته الصافية.
*** ** *****
الحبيبة
إنها واقفة على جفنيّ،
وشَعرها يلتف في الذاكرة،
لها هيئة يديّ،
ولون عينيّ،
وقد بلعتها ظلالي،
مثل حجر قبالة السماء.
عيونها مفتوحة دائما،
ولن تدعني أنام.
أحلامها تهيم في الفجر الواسع،
تجعل الشموس تتبخر،
وتحعلني أبتسم ، و أبكي وأضحك،
أتكلم بدون أن أقول شيئا.
*** ** ****
خاتم السلام
مررت بأبواب البرد،
أبواب وجعي،
لكي آتي وأقبل شفتيك.
المدينة تم تصغيرها إلى غرفة،
حيث تترك موجة سخيفة للشيطان رغوة
تعيد الطمأنينة.
فيا رنين السلام ! ليس لي سواك،
أنت علمتني مرة أخرى ماذا سيحدث حين أعلن
أنني أعرف فيما إذا كان لي رفاق من المخلوقات.
*** *** ***
حياتنا
لن نصل الهدف واحدا واحدا،
بل زوجا زوجا.
نعرف أننا سنعرف كل شئ عن بعضنا زوجا زوجا،
سنحب ّ كل ّ شئ ،
سترتسم البسمات على شفاه أطفالنا،
.سواء في الحكاية المظلمة أو العزاء معزولا.
شعراؤنا الذين أبدعوا في شعرهم العاطفي والغزل ، ولم ترْق َ قصائدهم السياسية إلى مستوى الأول ، كان عدم اكتشافهم لجماليات العمل النضالي سببا لهبوط الشعر السياسي عندهم و طغيان المباشرة والشعاراتية عليه. أتذكر هذه النقطة كلما أقارن مستويات قصائد الشاعر الشيوعي عبد الله جوران العاطفية مع قصائده السياسية ، أو ربما أراد مثل الكثير من شعرائنا أيصال الفكرة بأسرع ما يمكن إلى الجماهير مباشرة .. وهذا موضوع جدير بالدراسة العميقة والجادة من لدن النقاد الأدبيين. -
قصيدة الحرية
Liberté
Sur mes cahiers d’écolier
Sur mon pupitre et les arbres
Sur le sable sur la neige
J’écris ton nom
Sur toutes les pages lues
Sur toutes les pages blanches
Pierre sang papier ou cendre
J’écris ton nom
Sur les images dorées
Sur les armes des guerriers
Sur la couronne des rois
J’écris ton nom
Sur la jungle et le désert
Sur les nids sur les genêts
Sur l’écho de mon enfance
J’écris ton nom
Sur les merveilles des nuits
Sur le pain blanc des journées
Sur les saisons fiancées
J’écris ton nom
Sur tous mes chiffons d’azur
Sur l’étang soleil moisi
Sur le lac lune vivante
J’écris ton nom
Sur les champs sur l’horizon
Sur les ailes des oiseaux
Et sur le moulin des ombres
J’écris ton nom
Sur chaque bouffée d’aurore
Sur la mer sur les bateaux
Sur la montagne démente
J’écris ton nom
Sur la mousse des nuages
Sur les sueurs de l’orage
Sur la pluie épaisse et fade
J’écris ton nom
Sur les formes scintillantes
Sur les cloches des couleurs
Sur la vérité physique
J’écris ton nom
Sur les sentiers éveillés
Sur les routes déployées
Sur les places qui débordent
J’écris ton nom
Sur la lampe qui s’allume
Sur la lampe qui s’éteint
Sur mes maisons réunies
J’écris ton nom
Sur le fruit coupé en deux
Du miroir et de ma chambre
Sur mon lit coquille vide
J’écris ton nom
Sur mon chien gourmand et tendre
Sur ses oreilles dressées
Sur sa patte maladroite
J’écris ton nom
Sur le tremplin de ma porte
Sur les objets familiers
Sur le flot du feu béni
J’écris ton nom
Sur toute chair accordée
Sur le front de mes amis
Sur chaque main qui se tend
J’écris ton nom
Sur la vitre des surprises
Sur les lèvres attentives
Bien au-dessus du silence
J’écris ton nom
Sur mes refuges détruits
Sur mes phares écroulés
Sur les murs de mon ennui
J’écris ton nom
Sur l’absence sans désirs
Sur la solitude nue
Sur les marches de la mort
J’écris ton nom
Sur la santé revenue
Sur le risque disparu
Sur l’espoir sans souvenir
J’écris ton nom
Et par le pouvoir d’un mot
Je recommence ma vie
Je suis né pour te connaître
Pour te nommer
Liberté.
Paul Eluard
in Poésies et vérités, 1942
Pendant la guerre, engagé dans la Résistance,
Paul Eluard participe au grand mouvement qui entraîne la poésie française, et le poème Liberté ouvre le recueil Poésie et Vérité paru en 1942.
Les textes qui forment ce recueil sont tous des poèmes de lutte. Ils doivent entrer dans la mémoire des combattants et soutenir l'espérance de la victoire : comme on le faisait pour les armes et les munitions, le poème Liberté à été, à l'époque, parachuté dans les maquis
تحياتي للجميع