المنتدى :
الارشيف
لازمه الماليه العالميه
هل تختفي قدرة الفول بعد الأزمة المالية
خرج " مصطفى إحباط " الموظف بإحدى المصالح الحكومية قاصدا عربة الفول الشهيرة بميدان رمسيس بالقاهرة لتناول إفطاره اليومي عليها كعادته .. لم يجد مصطفى " ناجي استغلال " صاحب عربة الفول مبتهجا كعادته، وبدلا من أن يسأله سؤاله المعتاد عن طبق الفول اليوم هل يحبه بالزيت العادي أم الحار، أخرج ورقة " جورنال " من جيبه، وسأله عن الأزمة المالية التي تناولتها كل الصحف، ومدى تأثيرها على سعر ثمن الفول
لم يكن ذلك هو أول ما سمعه مصطفى عن الأزمة المالية هذا اليوم، فقد كانت كل أحاديث الناس في المترو والشارع تدور حولها .. ولأن " شر البلية ما يضحك " ، دخل مصطفى في نوبة ضحك عالية، اختتمها بطمأنة ناجي، قائلا : " إذا ارتفع ثمن الفول، سترفع ثمن طبق الفول، وسندفع نحن الثمن ".
نجحت مقولة مصطفى في رسم الابتسامة على وجهه ، فقال له مداعبا: " صحيح لماذا أتضايق .. ليست المرة الأولى التي سيرتفع فيها ثمن الفول .. وتجربتي تؤكد أنكم لا تستغنون عنه " .
جلس مصطفى يتناول طبق الفول بينما بدت لمحة قلق في عينيه التقطها " نبيل العاقل " زميله على عربة الفول الذي جاء لتوه، فيسأله: ماذا بك يا مصطفى ؟
مصطفى: خائف من الأزمة المالية العالمية ؟
نبيل : أنت دائما يا مصطفي تقدر البلاء قبل وقوعه، ما الذي يخيف بالأزمة .. هو أنت أحد المستثمرين بالبورصة ؟
يجيب: أبسطها سترفع سعر الفول الذي تعودنا عليه.
فتحت إجابة مصطفى حلقة نقاش حول الأزمة شارك فيها ناجي ومصطفى ونبيل.
قال ناجي وهو يقدم طبق الفول لنبيل: الفول مستورد ، يعني بالعملة الصعبة، وبالتالي يتأثر بأي أزمة في العالم.
عرفت لماذا أنا خائف .. قال مصطفى.
وأضاف غاضبا : الأزمة لن تؤثر على الفول فقط ، أنت طبعا عارف إن معظم أكلنا مستورد، يعني نربط الأحزمة من الآن.
بارقة أمل
لم يجد نبيل من الكلمات ما يرد بها على مصطفى ليزيل مخاوفه، ويبدو انه بدأ يفقد " عقلانيته " المميزة فصرخ قائلا : " يعني الأزمة تصنعها الدول الكبرى، ويقع فيها الموظفون محدودي الدخل " .
ينضم في ذلك الوقت " عبد المجيد تفاؤل " لرواد العربة، وقبل أن يلقي بتحية الصباح ، يستفسر عن سر صراخ " نبيل العاقل "، مبديا تعجبه من هذا السلوك الذي لا يستغربه على " مصطفى إحباط " ، لكنه يبدو جديدا على نبيل.
نبيل: يا عم عبد المجيد ما يحدث يطير العقل .. لا زلنا نعاني من الارتفاعات الأخيرة بالأسعار، يعني لسنا حمل الأزمة المالية.
يبتسم عبد المجيد المتفائل ويخرج من "جيبه" أوراق يقول أن نجله طبعها من أحد مواقع الإنترنت، تحمل أخبار سارة لمحدودي الدخل، حيث توضح أن من تداعيات الأزمة بالدول الغنية أنها قلصت من الطلب على السلع الغذائية ، وأدى ذلك إلى زيادة المعروض منها، فبدأت الأسعار تنخفض لجذب المستهلكين.
وماذا يعني ذلك .. سأل مصطفى ونبيل.
يبتسم عبد المجيد : انتم تعلمون أننا نستورد غذائنا من الخارج .. وبما أن السعر انخفض بدول المنشأ سينخفض عندنا ، خاصة أن تكاليف نقل السلع ستنخفض _ أيضا _ بسبب تأثير الأزمة على أسعار النفط بالانخفاض.
منك لله يا إحباط
يبدو أن كلمات عبد المجيد تفاؤل أعادت لنبيل العاقل عقلانية المعهودة ، وبكل هدوء قال لمصطفى : منك لله يا إحباط .. أنت دائما تهتم بنصف الكوب الفارغ .. اسمع كلام عمك تفاؤل ولا تفكر في الأزمة المالية.
يعني أنا ببحث عن الإحباط .. ناجي هو السبب .. استقبلني بالكلام عن الأزمة وتأثيرها على سعر الفول .. يقول مصطفى.
وما رأيك الآن ؟ سأله نبيل وعبد المجيد.
يرد: لن أصدق حتى يرجع ثمن طبق الفول كما كان بجنيه قبل ما ناجي يزود ثمنه.
يسمع ناجي استغلال كلمة " جنيه " فيترك طبق الفول الذي شرع في تجهيزه لأحد زبائنه ، ويلوح بيده في وجه مصطفى قائلا : " هو في حاجة ثمنها يرتفع ترجع ترخص .. بطل تحلم " .
يبتسم مصطفى بسخرية قائلا: أنا بطلت من زمان، لكن نبيل وعبد المجيد مصرين.
وهم انخفاض الأسعار
ينتهي الثلاثة " مصطفى إحباط " ، و" نبيل العاقل " و" عبد المجيد تفاؤل " من تناول طبق الفول ويمضي كل منهم إلى عمله ، يزلف السيد إحباط إلى مكتبه.. هناك يلاحظ أن " محمود الملتزم " الذي تعود أن يراه منكبا على عمله، هجر الملفات المتراكمة أمامه وأمسك بجريدة يقرأ بها، حتى انه لم يرد التحية التي ألقاها.
ما الذي يشغلك لهذه الدرجة في " الجورنال " يا أستاذ محمود .. يقول مصطفى رافعا صوته.
يرد محمود: وهو في غيرها، الأزمة المالية طبعا، ربنا يستر وتعدي على خير.
ويستطرد قائلا: الجورنال يوضح أن لها تأثيرات على البنوك والبورصة، وسيؤثر ذلك على أداء الاقتصاد، الذي يعاني في الأساس.
لكن في تنبؤات عن دورها في تخفيض الأسعار.. يقول مصطفى.
وبلهجة ساخرة يجيب محمود: هذا تفاؤل على غير العادة يا مصطفى، كل الدنيا ممكن ترخص فيها الأسعار إلا في مصر.
مصطفى : أنا أرى ذلك _ أيضا _ ، لكن زميلي عبد المجيد ونبيل اتهموني بأني محبط.
يرد محمود : كنت مثل زميليك عندما فتحت " الجورنال " وقرأت تصريحات لرئيس الوزراء عن التداعيات الإيجابية للأزمة المالية على الأسعار ، لكن عندما قرأت موضوع آخر عن كيف تستفيد الأسعار بمصر من الوضع العالمي وتنخفض كما انخفضت بالخارج أصابني الضيق.
لماذا .. تساءل مصطفى.
يجيب محمود: لأننا لسنا كدول العالم، يعني يوجد عندنا من يحتكر السلع، وعندنا وسطاء تمر عليهم السلعة قبل وصولها للمستهلك وكل منهم يضيف على السعر ، بالإضافة إلى إن السلع عندما تصل للمواني تستغرق إجراءات الإفراج عنها حوالي أسبوع، حتى يدفع المستورد مصاريف التخزين، وطبعا المستورد لازم يعوض هذه المصاريف مننا.
والله كنت أتمنى أني أتفائل ولو ليوم .. يتمتم مصطفى.
وبينما ساد جو من الكآبة أوجده كلام " محمود الملتزم " مع " مصطفى إحباط " عن الأزمة، كان " عبد المجيد تفائل " ينشر جوا من السعادة بين زملائه بالعمل مستخدما الورق ذاته الذي طبعه له نجلة ورافضا الاقتناع بما قاله أحد زملائه نقلا عن نفس الموضوع الذي قرأه " محمود الملتزم " ل " مصطفى إحباط "، وبعقلانيته المعهودة كان " نبيل العاقل " يدافع _ أيضا _ عن شحنة التفاؤل التي منحها عبد المجيد إياه ، رافضا _ أيضا _ الاقتناع بما ورد بالجريدة قائلا : " الجرائد لا تقول دائما الصدق " .
الحل عند الحكومة
انتهى يوم العمل ومضى الأصدقاء الثلاثة إلى بيتهم، قضوا ليلتهم وكل منهم يحمل شعورا مختلفا .. عبد المجيد متفائل كعادته .. نبيل قادته عقلانيته للتفاؤل ، حيث قال لنفسه : نحن نستورد من الخارج ، والسعر انخفض هناك .. المنطق يقول انه ينخفض عندنا ، أما مصطفى فقد أصبح أكثر إحباطا بعد أن أوضح له " محمود الملتزم " الحقيقة.
في اليوم التالي سبق مصطفى كعادته زميليه على عربه الفول .. طلب طبقه المعتاد .. لحظات وحضر عبد المجيد ونبيل ، وما أن وطأت قدمهما ارض المكان قالا في صوت واحد: نرجوك يا مصطفى لا تحبطنا اليوم.
تناول الثلاثة طبق الفول ونادوا على " ناجي استغلال " حتى يحصل على مقابل الأطباق الثلاثة.
يعطيه كل منهم " جنيه ونصف " ثمن الطبق ، يبتسم " ناجي استغلال " قائلا : الطبق أصبح ثمنه ارتفع 25 قرش.
بصوت عال يسأله الثلاثة : لماذا ؟
ناجي : رئيس الوزراء قال بالأمس أن الأسعار ستنخفض، فلازم نرفعها، وعندما يطالبونا بتخفيضها نرجعها لأصلها.
يدخل مصطفى في نوبة ضحك عاليه قائلا لزميليه: ألا زلتم متفائلين؟
يخرج عبد المجيد من حقيبته صحيفة ويقول بكل ثقة : نعم ، وزير الصناعة و التجارة في تصريحات منشورة اليوم يحذر التجار أمثال " ناجي المستغل " من استمرار ارتفاع الأسعار، مهددا بتقديمهم للمحاكمة.
وفي محاولة من نبيل لعدم فقد شحنة التفاؤل التي تلقاها بالأمس يؤمن على كلام عبد المجيد معولا آمالا كبيرة على الحكومة.
فهل تعضد الحكومة موقفهما، أم أنهما سيكونا يوميا على موعد مع شحنات من الإحباط ينقلها لهم مصطفى متأثرا بأخبار عن زيادات بسلع أخرى.
اتمني ان ينال الاعجاب ..................................................... منقوووووووووووووو ل من احدالصحف
|