بسم الله الرحمن الرحيم
منتدى ليلاس الثقافي
منتدى ليلاس الثقافي
منتدى ليلاس الثقافي
تقف على قارعة الطريق في خطٍ أقل ما يقال عنه أنه مهجور وهي تحتضن شابة بين يديها .. تصرخ وهي تشير إلى السيارات القليلة المارة أمامها هاتفة:
- أرجوكم ساعدوني .. أرجوكم .. ابنتي ستموت بين يدي .. ساعدوني
أوقف سيارته وترجل منها فشهامته ونبله وأخلاقه تحتم عليه مساعدة المحتاجين .. فكيف وإن كان المحتاج امرأة ضعيفة على قارعة الطريق
- السلام عليك .. أتحتاجين لمساعدة يا خالة؟
تشبثت به وهي تجيب : ابنتي .. ابنتي ستلد .. ولا يوجد من يقلني معها إلى المشفى .. أرجوك بني .. أرجوك أوصلنا لأقرب مشفى في طريقك.
ساعدهما للوصول للمشفى وأحداث الماضي تحوم حول رأسه .. .. ..
- ماما أنا في تأبان
ثم تتهاوى على الأرض مغشيًا عليها ، لتصرخ الأم:
- بسم الله .. ماذا بك كاميلا؟ كاميلا .. كاميلا ..(تهزها فلا تجيب لتصيح بابنتيها طالبة المساندة) رهف .. أريج لتأتي إحداكما ولتساعدني ولتبلغ الأخرى السائق كي يجهز السيارة لنذهب بكاميلا إلى المشفى.
وفي المشفى تقع الكارثة .. الخادمة حامل .. ومن أبوه؟ مجهول
تصر ربة المنزل على أن تعلم من المجهول وتواصل ضغطها على الخادمة .. لتخفي الخادمة جرمها وتشير إليه : بابا سامير
تقع الأم مغشيًا عليها من هول الصدمة .. وتفغر الأختين فاههما .. وتعلم الخطيبة بالأمر .. فتنقلب الدنيا رأسًا على عقب .. وسامر غائب عن تلك المعمعة في مهمة عمل لن تتجاوز أسبوعـًا .. يعود بعدها ليرى الخادمة مخدومة ، والخطيبة ناكرة ، والأم معاتبة ، والأخت تلوم ، والأب يتحسر، والظالم مظلوم ، والمظلوم ظالم ..
يعلم بالتفاصيل فيصدم ويقسم أيمانـًا أنه لم يفعل ..
- أماه أقسم أنني مظلوم وأني لم أفعل ما اتهمتني به .. أماه أنت من ربيتني وزرعت فيّ الخوف والخشية من الله .. ألا تصدقين الآن قولي؟ .. أماه أنا سامر ابنك أتتوقعين مني فعلاً كهذا؟
فتقف الأم حائرة لا تدري .. أتصدق قول فلذة كبدها وفرحتها الأولى الذي ترى الصدق يفر من عينيه أم تصدق أقوال الخادمة التي تعلم أنها لا تخرج من المنزل مطلقـًا إلا برفقتهم
- سامر .. ألغي الخطبة .. فأنا لا أريد أن أكون لمثلك
- عفاف حتى أنت لا تصدقين قولي .. عفاف انظري جيدًا .. أنا سامر .. ابن عمك ، وخطيبك ، ورفيق طفولتك
- إنني أنظر ولا أرى سوى الخيانة يا سامر .. فأرجوك ألغي الخطبة
- أبي إن ما تقوله ضرب من الجنون .. أنا ابنك يا أبي
- أعلم أنك ابني وإن رفضت زواجك منها فليس أمامي سوى أخذكما للتحليل .. لأقطع الشك باليقين وأعلم الصادق من الكاذب
- سامحكم الله جميعـًا
وبعد أيام خضع سامر والخادمة لبعض التحاليل التي أثبتت أن :
الجينات التي يحملها الجنين لا تنطبق مع جينات سامر مطلقـًا
وأنه وإن حدث من سامر زلل فإنه لن يتطور لهذا الوضع
فسامر لا يستطيع أن ينجب أبناءً
منتدى ليلاس الثقافي
ســـــــــامر عقيـــــــــــم
فرح الجميع بهذه النتيجة عدا سامر فقد وقع الخبر عليه كالصاعقة ..
عقيم ؟! كيف ذلك ؟! وأحلامه بأن يكون أبًا ، وينجب العديد من الأبناء ، ويحسن تربيتهم مع عفاف .. كلها تلاشت
ألغى خطبته من عفاف مرفقـًا لها برسالة تقول :
[عفاف
اعذريني
ها أنا أنفذ لك ما طلبت وألغي الخطبة
ولكن ليس لأنني خائن
بل لأنني مضحي
ها أنا أضحي بحبي لك منذ الطفولة لأجل أن تكوني سعيدة
آسف حبيبتي<أعلم أنه لا يحل لي قولها ولكنها المرة الأولى وستكون الأخيرة>
خذلتك وحطمت كل حلم بنيته معي خلال الأربعة أشهر الماضية
وكل هذا من أجلك
ابن عمك/ سامر]
بعده بعام تزوجت عفاف .. ودارت عجلة الحياة فها قد مرت 10 سنوات والجميع تقدم في حياته .. فأختيه تزوجتا وكونتا مملكتين صغيرتين رائعتين .. وعفاف أنجبت الأبناء الذين حلم بهم .. ووالده توفي .. ووالدته تصارع آلام الكبر .. وهو الوحيد الذي بقي كما هو .. .. ..
أخرجه من سرحانه وذكريات ماضيه صوت الممرضة قائلة بفرح: مبروك رزقتم بصبي.
نكس رأسه ألمًا وبحث بناظريه عن العجوز ليراها تخرج من المصلى لتتقدم بخطى سريعة نحو الممرضة سائلة بلهفة: بشريني كيف حال ابنتي أمل؟ وبِمَ رزقت؟
- الحمد لله المريضة بخير وقد أنجبت فتى رائع كوالده.
تهاوت دمعاتها لتهمس قائلة: رحم الله والده.
وكتقدير ومحاولة لشكر سامر وردًا لمعروفه طلبت منه اختيار اسم المولود الصغير
فدق قلبه وارتعدت أطرافه وخنقته العبرة ليهمس بصوت حزين : رائد .. أتمنى أن يسمى رائدًا بعد إذنكما.
- رائعٌ ما اخترت يا بني .. هو رائد بإذن الله .. بارك الله لك في أبنائك.
أطرق سامر والحزن جلي على ملامحه ولم يغادر المشفى إلا بعد أن اطمأن على صحة الصغير والأم .. ثم أوصل الجدة لدارها حيث ينتظرها أحفادها بفارغ الصبر
-نتأنى قليلاً لنعرف موجزًا عن قصة الأمل-
أمل فتاة رائعة .. تحمل من الخصال الطيبة الكثير .. ولظروف حياتها اضطرت على الزواج مبكرًا حين كانت في الخامسة عشر .. حيث توفي والدها وتركهاطفلة صغيرة في أحضان والدتها التي استقر بها المقام لتمكث مع أخيها الأكبر الذي توفيت زوجته .. كي تبقى مع ابنتها في كنف رجل يحميهما ولتهتم بشؤون أخيها وابنه .. ثم قرر الوالدان أن يزوجا الابنان ليرفعا الحرج والتكلفة عنهما .. ودام زواج الأمل من ابن خالها خمسة عشر عامًا .. وأثمر نتاج الود والرحمة فرزقت بأربعة أبناء محمد و وليد و لجين و جنى .. ثم توفي زوجها إثر تعرضه لحادث سير أودى بحياته فرمّلها ويتّم أطفالها الأربعة وجنينها ذي الشهرين .. وبعده بشهر لحق الخال بابنه .. وها هي الأمل تلد الآن ابنها الخامس ولا تعلم كيف ستدبر أمرها مع أبنائها بغياب دور الأب .. .. ..
-نعود لقصتنا-
بقيت كلمة العجوز تترد في ذهن سامر أشهرًا عدة (رحم الله والده .. رحم الله والده .. رحم الله والده) وعندها اتخذ قرارًا لا رجعة فيه ..
قرر الزواج من أمل
تمت أمور الخطبة والزفاف سريعة وأصر سامر أن يسافر مع عائلته الجديدة وأمه ليرفهوا عن أنفسهم ويقضوا وقتـًا ممتعـًا ..
سنة مضت كلمح البصر كانت الأروع في حياة سامر .. وها هو يحتفل مع أسرته
- هيا يا أمل أسرعي بإحضار كعك الاحتفال .. فقد أنهيت تجهيز باقي الأطباق مع الصغار
- حسنـًا سأحضر حالاً
- عمي .. عمي .. لِمَ الاحتفال؟
- صحيح عمي سامر ما المناسبة؟
- حسنـًا يا صغار إننا نحتفل اليوم لأن البطل محمد سيدخل مرحلة المتوسطة ولأن الرائع وليد أتمّ حفظ الجزء السابع من القرآن والحبيبة لجين سترتدي الخمار والغالية جنى ستذهب للروضة .. ولأنني وأمكم فخوران بكم .. كما أن المشاكس رائد أصبح يسير بمفرده جيدًا ولا يعتمد على غيره
- عمي نحن نحبك كثيرًا
- وأنا أحبكم أكثر
- سامر لدي مفاجأة لك
- وما هي يا أمل
- انتظر لحظة (نادت الصغير رائد ثم أشارت بسبابتها نحو سامر قائلة) رائد حبيبي .. من هذا؟
- بـَبـّا .. ابّا ابّا .. هييييييييه .. بَبّا (وبدأ يناغي)
ترقرقت دمعات سامر واحتضن الصغير بحنان وهو يقول : وأنت ابني
فتعالت هتافات الصغار جميعهم صارخين : عمي .. عمي .. عمي .. أتسمح لنا بأن نناديك .. بابا
علت الابتسامة وجه سامر وهو يمسح دمعه قائلاً : أجل فأنتم أبنائي .. أمل التقطي لنا صورة
توسط سامر الصغار وهو يردد بداخله .. هؤلاء أبنائي .. هؤلاء أبنائي ..
تشييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييز .. كلك
_*_*_*_*_
لكم ودي
هذه أنا/ لِمَ السؤال؟