مراكب الشمس
في الجانب الجنوبي للهرم الاكبر اقيم هذا المتحف الفريد في نوعه و الذي يعرض فيه اقدم اثر في العالم لمركب خشبي ضخم تم بناؤه منذ ما يقرب من 4600 سنة ... و هو المركب المعروف علميا باسم مراكب خوفو و الذي اطلق عليه خطا اسم "
مراكب الشمس "
و الملك خوفو ثاني ملوك الاسرة الرابعة ( 2650 ق م ) و ذاع اسمه في جميع انحاء العالم القديم و الحديث باعتباره صاحب الهرم الاكبر الذي اعتبر علي راس قائمة عجائب الدنيا السبع و هو العجيبة الوحيدة الباقية حتي الان من تلك العجائب
و ليس لهذا المركب مثيل بين كل اثار العالم و لذلك فهو يعتبر اقدم مركب اثري ضخم تم العثور عليه في العالم الحديث و يبلغ طوله 43.4 مترا و عرضه 5.9 مترا و ارتفاع مقدمته 6 امتار و ارتفاع مؤخرته 7.5 مترا و عمق غاطسه 1.78 مترا
و علي سطح المركب نري " المقصورة الملكية " و هي عبارة عن حجرتين متداخلتين الحجرة الاولي صغيرة و مفتوحة في اتجاه المقدمة و الحجرة الثانية كبيرة و واسعة يفصلها عن الحجرة الاولي باب يغلق بالترابيس و سقف المقصورة الملكية مزدوج و محمول من الداخل علي ثلاثة من الاعمدة الخشبية المخروطة علي شكل جذوع النخيل و يحمله من الخارج 36 عمودا خشبيا و قد عثر ضمن اجزاء المركب علي مجموعة كبيرة من مختلف انواع الحصير ... كان بعضها يستعمل لتغطية سقف المقصورة من الخارج لحجب حرارة الشمس او ترش بالماء فتقوم مقام اجهزة الترطيب و التكييف
و نري علي جانبي المركب عشرة مجاديف خمسة منها علي كل جانب و هي مجاديف طويلة ضخمة تتراوح اطوالها ما بين 6.5 مترا و 8.5 مترا بالاضافة الي مجدافين كبيرين في مؤخرة المركب كانا يقومان مقام الدفة .. كما نري " مدارة " خشبية طويلة كانت تستعمل لجس و قياس عمق المياه و وتدين خشبيين كانا يستعملان لربط المرساة و مطرقة خشبية ضخمة كانت تستخدم لدق الاوتاد في ارض الشاطيء عند رسو المركب و توقفه عن الابحار في النيل
و عند العثور علي الحفرة التي كان هذا المركب مدفونا فيها وجد المركب مفككا الي 650 جزءا تتكون من 1224 قطعة من الاخشاب و يبلغ طول القطع الكبيرة نحو 23 مترا كما يصل وزن القطعة الواحدة منها نحو طنين و نصف طن كما كانت هناك قطع صغيرة اخري من خشب شديد الصلابة و لا يتجاوز طولها اكثر من 10 سنتيمترات ... و كانت جميع هذه الاجزاء مرصوصة بدقة و عناية شديدة بداخل الحفرة التي كانت مدفونة فيها منذ ما يزيد علي 46 قرنا
و قد تم تحليل عينات من جميع انواع الاخشاب التي تتكون منها اجزاء المركب تحليلا علميا في المعامل المتخصصة في كل من انجلترا و هولندا و استخدمت فيه ادق اجهزة التحليل الكيميائي و الميكروسكوبي و الطيفي و الكربون المشع و قام بهذه الابحاث علماء علي اعلي مستويات الخبرة تحت اشراف المرحوم الاستاذ الدكتور زكي اسكندر الذي اعد تقريرا بالتوثيق العلمي لكل المواد النباتية و الكيميائية التي تتكون منها اجزاء المركب و اخشابه
و تبين بصفة قاطعة ان بعض هذه الاخشاب من اشجار مصرية محلية و اغلبها من اخشاب مستوردة من مناطق شرق اوربا و اسيا الصغري و السواحل اللبنانية ... و كانت المفاجاة العلمية المذهلة وجود بعض قطع من اخشاب صلبة اسمها العلمي باللغة اللاتينية " مانيفرا انديكا " و هي اخشاب مستخرجة من نوع من الاشجار لا ينبت الا في الهند ... الامر الذي دعا بعض المؤرخين الي البحث عن وجود علاقات تجارية تمت بين مصر و الهند في عصر خوفو و هو امر لم يحسم حتي الان بشكل قاطع
و بداخل المتحف يمكننا ان نري ايضا الحفرة التي كان المركب مدفونا بداخلها و هي محفورة في بطن صخر الهضبة و يبلغ طولها 31 مترا و عرضها 2.6 مترا و عمقها 3.5 مترا و كانت مغطاة بكتل حجرية ضخمة مرصوصة راسيا و عددها 41 كتلة و يبلغ طول كل كتلة 4.5 مترا و عرضها 1.8 مترا و سمكها 0.85 مترا كما يبلغ وزن كل كتلة منها حوالي 18 طنا
و الغريب انه امام الهرم الاكبر من الجهة الشرقية يوجد حفرتين محفورتين في صخر الهضبة مثل تلك التي عثر فيها علي اقدم مركب للشمس و لكن حتي الان لا ندري اين ذهبت هاتين المركبتين و لا من استولي عليهما و في اي زمن !!!
تحياتي للجميع