لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


لوكليزيو (لا يوجد روابط بالمشاركة)

1 لوكلوزيو، ج. م. ج. صحراء / لوكليزيو ؛ ترجمة احمد كمال يونس. القاهرة : دار المستقبل العربى، 1985. 393 ص. ؛ 21 سم. روايات فرنسية معاصرة. 2

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-10-08, 11:33 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2006
العضوية: 10670
المشاركات: 322
الجنس ذكر
معدل التقييم: hero788 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 12

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
hero788 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الارشيف
Impo لوكليزيو (لا يوجد روابط بالمشاركة)

 

1
لوكلوزيو، ج. م. ج.
صحراء / لوكليزيو ؛ ترجمة احمد كمال يونس.
القاهرة : دار المستقبل العربى، 1985.
393 ص. ؛ 21 سم.
روايات فرنسية معاصرة.


2
لوكلوزيو، ج. م. ج.
الحلم المكسيكى، او، الفكر المبتور : دراسة ادبية / ج.و.ج. لوكليزيو ؛ ترجمة وفاء شوكت.
دمشق : منشورات وزارة الثقافة، 2001.
237 ص. ؛ 24 سم.


3
لوكلوزيو، ج. م. ج.
الربيع و فصول اخرى / لوكليزيو ؛ ترجمة محمد برادة.
القاهرة : دار شرقيات، 1995.
123 ص. ؛ 24 سم.


4
لوكلوزيو، ج. م. ج.
الربيع و فصول اخرى : قصص عالمية / لوكليزيو ؛ ترجمة يوسف شلب الشام.
دمشق : منشورات وزارة الثقافة، 1998.
191 ص. ؛ 24 سم.

5
لوكلوزيو، ج. م. ج.
سحر و اشياء اخرى / جان مارى غوستاف لوكلوزيو ؛ ترجمة عماد محمود موعد.
دمشق : وزارة الثقافة، 1997.
139 ص. ؛ 24 سم.
القصة القصيرة العالمية؛ 19.


6
لوكلوزيو، ج. م. ج.
سمكة من ذهب : رواية / تأليف لوكلزيو ؛ ترجمة عماد موعد
دمشق : وزارة الثقافة، 2007.
223 ص. ؛ 24 سم.
قصص وروايات؛ 7.


7
لوكلوزيو، ج. م. ج.
سمكة من ذهب / جان ماري جوستاف لكلزيو ؛ ترجمة خلف عبد العزيز.
المنيا : دار الهدى، [ 1999].
293 ص. ؛ 20 سم.









 
 

 

عرض البوم صور hero788  

قديم 10-10-08, 11:41 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2006
العضوية: 10670
المشاركات: 322
الجنس ذكر
معدل التقييم: hero788 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 12

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
hero788 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : hero788 المنتدى : الارشيف
Shakehands مقابلة مع جان ماري لوكليزيو

 


روائي مرافئ الرحيل:
الكتابة متعة أنانية والأرض مَكْث عابر
مقابلة مع جان ماري لوكليزيو



بين أسئلة أعددتُها في تأنٍّ قبل اللقاء، وأخرى راحت تومض من نسيج الأجوبة، وعلى هدي صوت هادئ، يرحل بمحدِّثه إلى بحار بعيدة، فاتني أن أسأل جان ماري غوستاف لوكليزيو Jean-Marie Gustave Le Clézio عن المرافئ التي حطَّ فيها ومنها ترحَّل. فالبحر على شاطئ صفحاته، ولا تكاد سفينتُه أن ترخي مرساتها حتى تقلع إلى إبحار آخر على إيقاع أشرعة تتحدى الرياح والسأم، وعنوانها مرافئ مجهولة، ناسُها غربة، ولياليها ذكريات مبتورة.

كأن بينه وبين محدِّثه غشاءٌ صمت يفرض على الوافد إليه احترامَ حميمياته، وتلك العزلة التي ينسجها الكاتب شرنقةً حول أحلامه.

في كتابه المصادفة، الأخير بين مؤلَّفاته المتلاصقة على سكَّة زمنية عمرها أربعون عامًا، عدت مرات إلى العبارة التي دلَّتني على عنوانه والأسلوب الذي عليَّ تبنِّيه لأقرع نافذته وأدخُل:

كان هاجسه اللحظة الحاضرة، ليعيشها بلا أمس، بلا غد. كان يسعى إلى نسيان كلِّ شيء. الواقع ضوء واضح، مشحوذ، مؤلم، ضاغط. شَعَرَ بتلك القوة المنسابة من سفينته تتغلغل فيه وتمنحه الحرية.

مي منسى

***



أنت المبحر دومًا في اتجاه جغرافيات غريبة، أين جذورك؟

جذوري من الرحَّل. والدي بريطاني، والدتي فرنسية. عائلة والدي اغتربت إلى جزيرة موريس في القرن الثامن عشر. أما أنا فاخترت فرنسا موطنًا. فيها أكملت دراستي، ورغم أسفاري العديدة، شتلت جذوري.

أكثر من أربعين كتابًا، بين رواية وقصة وكتب مصوَّرة، أذكر منها عناوين تدل على محتواها، من محضر رسمي، إلى الطوفان، فـالحرب فـالحلم المكسيكي – وجميعها يشي بالشرِّ، بالطغيان، بالظلم والموت. هل تؤمن أن للكُتب قَدَرًا إصلاحيًّا؟ وهل أنت رجل خير في كتاباتك؟



غلاف محضر رسمي


رجل خير؟! إنها كلمة بليغة، فضفاضة. بل أقول إنني أشعر بفضل الكتابة عليَّ. إنها متعة أنانية تمنح الكاتب، أولاً، الاكتفاء والرضا، تثبِّت هويته، تملأ فراغًا ما. بعد ذلك، لا بدَّ من أن نفكر في الآخرين، وهذا أمر محتوم.

كأني أحسست في بعض نصوصك بأن الكتابة مشروع مصالحة مع العالم...

لا أعتقد أني شعرت يومًا بمعاكسة ما مع العالم. بيد أني أشعر بمشقَّاتٍ وبضيق، ككلِّ كائن بشري. أعترف بأن الكتب كانت عزاءً لي في وقت من الأوقات – من غير ذاك الإحساس بأنها كُتِبَتْ بغية المصالحة مع الذات أو الآخرين. الشعور بالرضا يأتي بعد الكتابة، حين يلمس الكاتب أنه حقق خيرًا ما. الكتابة عبارة عن تبادل نِعَمٍ وخيرات لما تبذله من تواصل وموسيقى.

هل ترى في الكتابة موسيقى، أو تسمع في كلماتها نغمًا؟ كيف تفسِّر السحر الكامن في الكلمة، وَقْعًا ومجازًا؟


إنها موسيقى الكلمة تبلغ السمع أولاً، لأن الكلمة تستند إلى الذاكرة. لكلِّ كلمة لغة وإيقاع. إنها العنصر الذي يؤجِّج الذاكرة والانفعالات والعاطفة، مثل الألم. ذاك الصدى الذي يواكب الكلمة يُشعِرنا بالحياة في كثافة.

هل تمنح الكلمة القَدْر الأكبر من تفكيرك؟ هل تنبش في تربتها كي تعثر لها على مفاعيل أعمق تأثيرًا وأقوى كيًّا؟


بكلِّ تأكيد... لفترة طويلة، كنت أطرح على ورقتي لائحةً بكلمات مختلفة تهبني لذةً لا توصف حين أرصفها على صفحاتي. كلمات أسمع رنينها، أتمتع بشكلها، أكيل أوزانها. إني عاشق كلمة ولغة.

وما علاقة الموسيقى التي نسمعها بالكلمة المرصوفة على ورقة؟

الموسيقى، كما أتعاطى معها، ليست صوت الكلمة فحسب؛ إنها سيل تطلقه الذاكرة ويعود إليها.

هل ثمة نشيد كوني يتعالى من داخل كاتب لم يكتفِ بالتيه في بلدان العالم، بل نقله سَفَرًا وترحالاً إلى كتبه؟


لا حدود جغرافيةً للكتابة بمادة الأدب. وليس قَدَرها الذوبان في ما يسمى "الأمَّة". أقرأ جبران خليل جبران كأني أنتمي إلى ثقافته. أطالع شعر فينوس خوري غاتا أو صلاح ستيتيِّه أو قصائد سيزير، وأشعر بقربي منهم، وإن كنت بعيدًا عن حضارتهم. وليس ضروريًّا كذلك أن أكون من الميسيسيبي ليتعالى من داخلي صوت وليم فوكنر وريفيَّته الرعوية وحبُّه للأرض. هذا "النشيد الكوني" يزيل الحدود والمسافات والأعراق بين أصحاب الأقلام والمؤلِّفين الموسيقيين.

لعلَّك القائل عن الكاتب: "إن يد الكاتب ميزان يسجِّل الزلازل." هل يعني ذلك أن الكاتب رؤيوي يرى الأحداث قبل حصولها؟


اليد هي العنصر الأقرب إلى نبضات قلب الكاتب بين كلِّ أعضائه. هي التي تتواصل مع الفكر وتصبح محرِّكه، فيُمْلي عليها ما تتنبأ به رؤاه الباطنية من صدمات وكوارث حياتية. تلك اليد أراها تُسابِق الفكر أحيانًا، تُبالِغ في ما يمليه عليها بذبذباتها الخاصة. لا أقول إنها وسيطة بين الفكر والحدث، بل لها خصائصها في الكتابة. لا أتعاطى مناجاة الأرواح spiritisme، ولا أؤمن البتة بأن ثمة تواصلاً مع العالم الآخر بواسطة الكتابة. لكن ثمة رعشات تصدر من باطن الكاتب تجعله، على نحو غير واعٍ، قابلاً لتلقِّي أيِّ بلاغ، لقراءة أية ذبذبات، لتسلُّم رسائل سَها حسُّه الواعي عن اكتشاف ما توحي به من أحداث مستقبلية.

ومرات كثيرة يقوم دورُ الكاتب على سَرْدِ ما جرى، كأنه يتحسَّب به لأخطار مستقبلية، كما في كتابك الحلم المكسيكي...


أليس من قبيل المصادفة أن تكتشف حضارتُنا الغربية اليوم الأفكار الفلسفية والدينية التي كانت من خصوصيات هنود أمريكا؟ إنسان الغرب كَسَرَ توازُنًا، منجرفًا في عنف ذاته. وها هو يشعر بالتزام كبير في إعادة تكوين انسجام الحضارات التي خرَّبها. القضاء على الشعوب الهندية أكبر كارثة عرفتْها الإنسانية. فرغم اختبائهم في الجبال والصحارى والغابات، لا يزالون يلقِّنوننا الصورة الأوفى لمبادئ الحرية والتضامن وحلم الحضارات القديمة السابقة على الغزو الإسباني. الهنود، على ما رويتُ ذلك في الحلم المكسيكي، ما برحوا حراسًا لـ"أمِّنا الأرض" ومراقبين لسُنَن الطبيعة ودورة الزمن.

كأننا نقرأ في رواياتك أحداثًا مألوفة، عادية، في أسلوب سهل... وإذ ثمة خلف العاديات مغامرات إنسانية، وتيه داخل الذات، وسعي إلى اللامرئي، إلى المستحيل، كالسعادة مثلاً. كيف تشق دربك في هذا الموج الهادر؟

أذكر عبارة قالها سلمان رشدي لصحافي سأله إن كان كاتبًا واقعيًّا. وكان جواب رشدي أن الواقع غير موجود وأنه شيء خفي. هكذا الكتابة، تستلزم من كاتبها السير في الدروب الوعرة، بحثًا عن واقع خفيٍّ، شبه مستحيل، علمًا أنني لست كاتبًا ميالاً إلى الكتابة المستغلقة. أحب الوضوح. ولا يعني ذلك التبسيط، بل الوضوح الذي يضع قارئًا أمام كاتب من دون أن يحتار في ما تعنيه عباراته. مثالاً على ذلك، أجد أن مارسيل بروست من الكتَّاب الواضحين. كَتَبَ في صفاء المعنى وتركيب الجُّمَل، إذ عالج الواقع ونَقَلَه إلى قارئه، من غير أن يفلسف أفكاره ويبالغ في معالجتها.

أليس بحثًا عن الزمن الضائع محاولة ميتافيزيقية أكثر منها واقع حياة؟

أليس الزمن مادة واقعية؟ الزمن أكثر الأشياء الوجودية حقيقيةً. لذا من الصعب جدًّا تقبُّله كمبدأ. يتمنَّى الكائن البشري أن يكون خالدًا. وقد حاول مارسيل بروست الهرب من سُنَّة الوقت، ساعيًا في لَمْسِ جوهر الواقع المطمور في الباطن.

كنتَ في الثالثة والعشرين حين كتبتَ محضر رسمي، وكان له صدى في عالم الأدب…

هذه الرواية كانت لي الباب لأحضر رسميًّا في ساحة الأدب، ونلت عليها جائزة أدبية. يومئذٍ أحاط بي الصحافيون باهتمامهم، وبفضل كتاباتهم اكتسبت شهرة الكاتب والأديب.

بين 1963 و1999 لم يتوقف قلمك عن العطاء. أي تأثير لكتبك القديمة في قارئ اليوم؟

لم أسأل نفسي يومًا إن كنت أدَّيتُ خدمات ما من كتاباتي. فأنا لم أبلغ الشيخوخة التي تتقاعد عن العطاء كي أعيد النظر في الماضي. لكن ما أشعر به، وأنا أقرأ لكتَّاب آخرين، أن للكتب رسوليَّتها. يبعث الكاتب بمؤلَّفاته كرسائل في كلِّ اتجاه، فيتلقَّاها القرَّاء في حميمية – رسائل هي أحيانًا صرخات استغاثة أو نداء إلى المشاركة في مزاح ما، لكنها نداء دومًا.

في بعض نصوصك تغلب العبارات المجازية على المألوف. هل ثمة خلف المعاني المجازية رؤى أو تنبؤات؟

لا شكَّ في أن اللغة هي، في المطلق، مجاز؛ ولا يمكن أن يكون لها وجودٌ خلافًا لذلك. اللغة لا تدل ولا تتنبأ، بل تستدعي، تستحضر، تذكِّر، مهما يكن كساؤها شاعريًّا أو واقعيًّا. تعمل اللغة على نبش المطمور، تطيل مدى الزمن، تثبِّته، ولعلها تشيِّد زمنًا جديدًا.

والحرب؟ هل كنت شاهدًا عليها حين كتبت عنها؟

ولدت محوطًا بالحروب. اليوم تكلَّمتُ أمام طلاب جامعيين في بيروت عن الحرب، منهم أبناء هذه الفترة السوداء من قَدَرِهم. قلت لهم إني ولدت في أثناء الحرب، ورأيت بأمِّ العين نتائجها. عشتها في طفولتي، ولا تزال أصوات القنابل تضج في داخلي. أحمل هذا الخوف الرهيب باستمرار؛ لذا أفكر دومًا في الذين ولدوا ونشأوا في أجواء الحرب، ولاسيما اللبنانيون من الشباب الذين عاشوها في دقائقها. الحرب واقع شرس. لم تكد طفولتي تفرغ منها حتى بدأتْ مراهقتي تتفاعل مع حرب أخرى، هي الحرب الكولونيالية، وكنت معنيًّا بها على جبهتين: فمن ناحيتي البريطانية، كان البريطانيون يحاربون ماليزيا؛ ومن ناحيتي الفرنسية كانت فرنسا في حرب مع الهند الصينية أولاً، ثم الجزائر. أي أني عشت باستمرار في قلب ضجيج الحروب، مهدَّدًا بالرحيل، ومقتنعًا بأنها حروب ظالمة. هذا الواقع هو الذي شقَّ دربًا لقلمي.

لا بدَّ من أن يكون لكتاباتك مفعول إكسيري شاف، لمؤلِّفها على الأقل...

أعتقد ذلك. حين كتبت عن الحروب لم تكن هنالك مؤلَّفات سبقتْني إلى هذا الموضوع. غير أني كنت أسعى دومًا في نقل تجارب الطفولة، وتلك الأجواء من العنف والبلبلة، إلى زمن معاصر اشتعلتْ فيه أنواعٌ أخرى من العنف والشراسة المتأجِّجة بالعنصرية، واحتقار الآخر، وكره الأغراب، والتعسف حيال العامل، وكل تلك الكوارث الاجتماعية التي صنعت الحياة العصرية.

من وحي أقوالك، أنتقل إلى مفهوم آخر من الكتابة. فكأنها لا تشفي جرحًا ولا تدمله! بل على الكاتب أن يحيا بقلمه في قلب التمزقات لينتج...

قطعًا! فالغاية الأساسية من الكتابة والانطلاق فيها خلقتْهما تلك الصدمة الكبرى أمام فجيعة العنف.




غلاف الحلم المكسيكي


وفي مرحلة ما من حياتك، رُحْتَ تبحث عن الحضارات القديمة، ومنها كتابك الحلم المكسيكي. لِمَ نَأَتْ بك المسافات؟

بالنسبة إليَّ، لم يكن انتقالي إلى المكسيك مغامرة بعيدة. كنت ممتلئًا بالحضارات الأمريكية–الهندية منذ طفولتي، إنْ من خلال الأنصاب أو المنحوتات، وبخاصة ذاك الغموض الذي أحاط بتلك الحضارات وأخفى معالمها. كنت أهفُّ إلى الكتابات وإلى كلِّ شيء بصريٍّ متصل بها، كأنها جزء مني. أعتقد أن البشر – والقول لجبران – ليسوا عناصر مجتزأة، منفردة، بل يشكِّلون فيما بينهم وحدةً مع كلِّ ما يحوطهم في هذا العالم. كلُّ كائن حيٍّ يحمل شيئًا من الآخرين. هذا الأمر كان ناقصًا لدى هنود المكسيك. ذاك الصمت... ذاك الصمت الرهيب.

لم يَشِ أحد بهذا الصمت مثلك أو من بعدك؟

هناك شاعرة معاصرة من أصل أمريهندي تعيش في كندا. إنها من قبيلة الجبليين المقيمين في الغابات. حَكَتْ عن هذا الصمت الذي يعصف بالضمائر، والذي ارتفع جدارًا عاليًا حول الشعب الأمريهندي.

كم أقمتَ هناك؟

من 1967 إلى 1995. عشرون سنة متواصلة، إلى أسفار متلاحقة.

وكم أثَّرتْ هذه الإقامة الطويلة في أدبك؟

كثيرًا... ولا أشير هنا إلى تأثرات من الأدب المكسيكي المشغول بأقلام مؤلِّفين رائعين، بل إلى حياة الناس وتفاعلهم معها، إلى الطريقة التي يعبِّرون بها في كلِّ ما يقومون به، وفي سَرْدِهم أحداثًا جَرَتْ، وفي علاقاتهم بعضهم مع بعض، وفي اختصار، في يوميات الحياة.

وفي كلِّ عودة لك كنت تصطدم بجدار الصمت إزاء حضارتهم الفانية. ألم تشعر بضيق؟

لو شعرت بذلك لما عدت.

لِمَ غادرت المكسيك، إذن، بعد عشرين عامًا من السعي إلى الانتماء؟

بل دفعني إلى الرحيل شعوري بمضايقتهم. كان صعبًا جدًّا أن أنتمي إلى أرض المكسيك وأن أمتزج بالنسيج المكسيكي. نحن مختلفان جدًّا. شعرت بعجز سعيي في التقارب من المكسيكيين. فأنا مدموغ بثقافة أوروبية تطبَّعت بحضارة إكزوتية من الأرض الموريسية التي انتميت إليها في أعوام الاغتراب.

كأن ثمة استحالة أن تذوب حضارتان الواحدة في الأخرى؟

بل هو الشعور الحميم بأنني أضحيت عنصر مضايقة وإزعاج. ومن هذا الإحساس رحت أتنقَّل في أراضي المكسيك الشاسعة. فمن مكسيكو إلى يوكاتان؛ ثم عشت فترة في باناما، عدت بعدها إلى المكسيك، حيث أقمت اثنتي عشرة سنة في ولاية أناهواك. وفي كلِّ مرة كنت أعِدُ نفسي بأنها الأرض التي اخترتها نهائيًّا للعيش والاستقرار، من دون أن يعاودني هاجس الرحيل.

كأنك غجري، بيتك الدروب والمغامرات…

قد أكون من فصيلة الرحَّل، وفي حاجة ملحة إلى غَرْسِ جذوري بعيدًا.

كالطيور المهاجرة؟

بل كالطيور العابرة. الأرض إقامة ومكوث عابران. سرعان ما تناديني البحار إلى الرحيل.

قال نقَّاد عن أسلوبك إنه ينتسب إلى فكر ما قبل سقراط، وإلى لوتريامون، وميشو، ويدور حول نظامين: التناسل والكنية، العدوان والبقاء، مأساة الحياة والظلال التي ترميها الكتابة. سؤالي لكَ يختلف: ما علاقتك بالمسيح؟


علاقة صعبة، عسيرة. كان في استطاعتي أن أردِّد ما قاله هنري ميشو: "أحببت المسيح حبًّا يوازي حبِّي للشاعر الصوفي هِلِّل." ابتعدت عن الإيمان، لا بسبب المسيح، بل بسبب الحياة الاجتماعية والمهنية التي أبعدتْني عن الدين، فلم يبقَ المسيح قلقي وحاجتي. قرأت حديثًا كتابًا للشاعر جان غروجان عنوانه السخرية المتزهدة، وهي بحث في الأناجيل. إنها قراءة حقيقية في كلٍّ من الأناجيل الأربعة، على ضوء فلسفة مختلفة تمامًا عما قرأناه ودرسناه إلى اليوم. لم يصوِّر المسيح كائنًا لطيفًا، عذبًا رحومًا، بل صوَّره عنيفًا ساخرًا في المعنى اليوناني للسخرية التي تضع المرء أمام حقيقته. هنا أشعر بقربى إلى المسيح أشد وبانتساب معاصر له. أدهشني في المكسيك تعبُّد المكسيكيين ليسوع الملك. الثورة المكسيكية شُنَّتْ ضدَّ الفلاحين. كما في فرنسا، كانت تلك الثورة دينية. في العام 1928 انفجرت في المكسيك حرب الـCristeros، الأُمَناء ليسوع الملك. هذا التاريخ حرَّكني وأطلعني على روح الإنسان الملتزم بدينه وبمسيحه. صديق لي اهتم بتلك الحرب، وكَتَبَها بفظاظتها وقسوتها، وترك لمن أتى بعده شهادات تاريخية ثمينة.

لمستُ من حديثك أنك تقرأ لسواك من الكتَّاب. من هم المفضَّلون لديك؟

أجيبكِ فورًا بأنني سعدت بقراءة القوة والمجد لغراهام غرين. كَتَبَ عن حرب مغمورة فريدة، مِحْوَرُها المجتمع الفلاحي المكسيكي الذي ضربتْه في قسوة السلطةُ المركزية الماركسية، وكانت حربًا غير متكافئة وضعت الـCristeros في مواجهة مع السلطة. والرمز هو التمثال الكبير ليسوع الملك الذي شاهدتُ في لبنان مثيله على الطريق الساحلية، ضاحية بيروت.

هل انقشعتْ كتاباتك مع مرور الزمن، أم لا تزال في نفقها الأسود؟

لم اشعر بأني مؤلِّف قاتم. كنت أشعر أحيانًا بفقدان بعض توازني، وأنا في حالات نفسية صعبة، أترجمها في كتاباتي.

الآتي إليك للمرة الأولى يقف عند حدود تفصله عنك، كأنك اخترت السكن في منطقة محرَّمة...

لعلِّي بنيت تلك الحدود مرغمًا. أحزن حين يقال لي ذلك. فأنا لا أبغي بناء حواجز بيني وبين الآخرين. ربما لذلك أكتب، وبسبب من ذاك الضيق الذي يأسرني، أؤلِّف قصصًا لأزيله.

في كتابك الهرب تكلَّمت على تقنية حرة، على إضافات...


لا بدَّ من أن تومض أفكار ونحن على سكة التطور في ما نكتبه. في هذه الفترة خَطَرَ في بالي أن أفجِّر الرواية، فلا تكون لها حدود من بداية ونهاية، ولا تحمل آثارًا من كتَّاب آخرين، من فقرات من أفكارهم. الهرب ليست إضافات، بل تركيب من مواد مختلفة. في تلك الآونة كنت أشعر بحال من اللااستقرار، وكانت خشبة خلاصي الوحيدة حقيقتي.

هل تشعر بأن التوق إلى الحياة مغامرة؟

بالطبع... بالطبع. إنه قول صحيح. أحيانًا تكون المغامرة جميلة، وأحيانًا أخرى حزينة، قاسية.

شخصيات كتبك هاجسُها الترحال والموت. ما هذا الشعار في العيش الذي يسكن الإنسان؟

يا له من بُعْد جوهري! فحتى المجتمعات المستقرة، ذات المصير المضمون، المحميَّة من المتاعب الاقتصادية، تعاني الخوف الدائم، الخوف من السقوط والانزلاق. ولا أتكلم على الموت. فالموت ليس هاجسًا. إنه أمر بديهي. يكفي أن نطلَّ على الحياة كي تبدأ المغامرة، والموت في محاذاتنا. وبقدر ما نحس به في جوارنا تسقط منه مظاهره الدرامية.

ومن كتبك الأرض المجهولة، فيه تبدو كأنك مضيت فيه على خطى الأمير الصغير لسانت إكزوبيري...

في الحقيقة وددتُ أن أجعل من هذا الكتاب عملاً للأطفال، كما فعل سانت إكزوبيري في تحفته. لكن ما حصل هو كتاب مصوَّر بدأ ببعض الأفكار، كدفتر سفر، ورسوم أحوط بها تدويناتي، لأني أحب الرسم وأحب الأطفال أيضًا. بفضلهم احتفظت بنظرة بريئة إلى العالم المحيط بي.

أي كتاب قرأت في فتوَّتك وترك أثرًا فيك؟

حياة لغي دو موباسان. كتاب معتم، أسود؛ لكني لم أقرأه في سوداويَّته. إنه قصة امرأة مظلومة، محتقَرة، مهانة. ولم أكن حتى ذاك قد اختبرت قَدَرَ النساء على هذا النحو. فوالدتي كانت موسيقية مرهفة، ووالدي طبيبًا رسالته معالجة المرضى في الأماكن الصعبة؛ كان "طبيبًا بلا حدود"، قبل أن تولد هذه الحركة.

في أية سنٍّ شعرت بانجذاب إلى المرأة؟


الرعشة الأولى حصلتْ مع هذا الكتاب لغي دو موباسان. اضطربتُ حيال هذه القوة الشهوانية التي وَصَفَها، وذاك الشبق الذي يرشح من رجل قصته.

هل تحرِّك الكتب بنظرك اضطراباتنا الأولى؟

مرارًا. الكتب كانت من بين الأسباب التي عرَّفتني إلى الحياة وطبائع شخصياتها. لكن الكاتب الذي ترك الأثر الكبير فيَّ هو رامبو، بشعره وحياته. ثم ركَّزت اهتمامي على كتاب فخ للقلب الروائي الأمريكي جيروم سالنجر. هذا الكتاب أصبح كتاب وسادتي ككتب الصلاة؛ فهو يصوِّر ضيق العيش في الزمن الحديث.

وبين كتبك، أيها الأثير لديك؟

كلُّها. أحبها كأولادي، وأخشى، في آنٍ واحد، إعادة قراءتها. أبقيتُ منها ذكريات... إنها جزء منِّي.

*** *** ***

قابلتْه: مي منسى

عن النهار، الثلاثاء 27 تشرين الثاني2001


 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة hero788 ; 10-10-08 الساعة 12:32 PM
عرض البوم صور hero788  
قديم 10-10-08, 01:09 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2006
العضوية: 10670
المشاركات: 322
الجنس ذكر
معدل التقييم: hero788 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 12

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
hero788 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : hero788 المنتدى : الارشيف
Newsuae الفصل الثاني من كتاب ثلاث مدن مقد سة!!!!

 


الفصل الثاني من كتاب ثلاث مدن مقد سة
تأليف الروائي الفرنسي جون ماري لوكليزيو
ترجمة: خالد النجار


تيكسكال

مرة أخرى يصعد برد الليل فوق الأرض, قادما من الأعماق, فيزيد من صلابة الهضاب الكلسية, ويضغط على جذور الأشجار. الريح تهب , ريح صحراء, ريح الشرق المصحوبة بالخطر. ويغلق البشر على أنفسهم داخل بيوتهم, محتمين بالسقوف التي من ورق الأشجار, يتدثرون بفرشهم المؤرجحة التي من سعف السيزال. لا ينتظرون. بيد أنهم لا ينامون. هنا مكان الترب ص الدائم, كما لو أننا نرصد الليل من فوق هضبة, مصغين إلى الهمهمات التي تحملها الرياح. البرد يصعد من فتحات الآبار, إنه تنفس ثالج قادم من باطن الأرض.والخفافيش تطير في الظلمة, تجن ح صائحة في تي ارات الهواء. إنها بداية الليل .و ما تكاد الشمس تنطفىء في غرب الإقليم المنبسط, حتى تخيم الظلال فجأة فوق الأرض. وفي الليل, هل تخمد الحروب ? زمن طويل مضى على نشوب المعارك الأولى. كل ليلة, تتناءى القرى مثل طو افات, تائهة عن مركز الإمبراطورية, عن مدينة شان سانتاكروز الطيفية. والغابة هي قياس الزمن, فهي التي تفصل هكذا بصمت بفعل تنامي أغصانها وجذورها, وتتطاول دروب الغبار. وياتي الليل, ليلة أخرى تصعد من قبة كنيس البالامنا الرمادية.وكنيس البالامنا بناء خاو, وهو الآن متروك مثل جزيرة, ضائعا في الليل. عندما ينسحب الضوء, ضوء السماء الحارق, لا يبقى سوى هذا الحقل المقفر, حيث تومض نيران بعض القرى. وبعد مسير طويل وعناء كبير, نظل نرتعد, فجمود هذا العالم مرعب, والطرقات مقطوعة.

الآن تتجلى السماء, شاسعة سوداء حيث تومض الن جوم الباردة. وبين الأشجار ترتفع بهدوء اسطوانة القمر البيضاء. الريح تجعل الحجارة تطق وتتفتت على سطح الأرض الكلسية. لا يوجد ماء. هناك فقط برد حاد , إنه برد الفضاء.

على هذا الن حو يمر الليل, في قلب البلاد المسط حة, وبعيدا عن البحر, بعيدا عن الجبال, بعيدا عن المدن. وعندما يأتي صقيع الليل يعزف الناس بتاتا عن الكلام. حتى الكلاب تكف عن النباح. والأطفال الصغار يلتصقون بأجساد أمهاتهم ملفوفين في أردية معقودة, والشيوخ يتأرجحون في فرشهم المعلقة وأنظارهم شاخصة لليل. ليس هناك ما يقال الآن. ليس هناك ما يقال. الأسرار مغلقة داخل الأفواه بتأثير البرد. وبتأثير الظلمة. وكل ما نترجاه لا يجيء في الليل. الأحلام تع طلت, وليس ثمة ذكريات . وما نفع الذكريات? فهنا الحاضر هو المهيمن, وهذا الموضع هو المكان الأكثر يقظة فوق البسيطة.

البرد يصعد إلى سطح الأرض, قادما من الكهوف, وينتشر فوق ساحة القرية, ويغطي الغابة. يتملك الأشياء واحدا إثر الآخر.ويلج كل بيت مع الريح ومع الضوء القمري. ويتسرب البرد في أجساد البشر المتمددين في الفرش المتأرجحة, يوتر العضلات, يفقد الشفاه حساسي تها, ويشد على النخاع . انسحبت الشمس والليل قاس. علينا أن نظل بلا حراك مدة ساعات, لساعات نظل جامدين: العيون مفت حة على اتساعها, ناظرة من بين شقوق خشبات الجدران إلى المشهد الذي يضيؤه القمر.

هنا لا نستطيع أن ننام ولا أن نغيب عن الوعي, هذا هو مركز اليقظة, في هذا الجزء من العالم الذي أشاحت عنه الآلهة وجوهها وتركته للبشر. في أماكن أخرى بعيدة عن هذا المكان, هناك الجرائم, والتجديف, والتكالب على المال, وسيطرة الأجانب في القصور البيضاء, هناك الشعوب المجو عة والمهانة, في المدن الاسمنتية, هناك الهرج والانحطاط, هناك ذاك الذي يكذب, وذاك الذي يسرق, وذاك الذي يقتل, في مدن فالادوليد, وتيزيمين, وفي فيليب كاريو بويرتو, وفي شيتومال, وفي مدينة بويرتو خواريث, هناك الحياة الحيوانية الدميمة التي تتطاول على كرامة الص لبان . هناك الحنث والتجديف, وكل هذا يتكر ر كل يوم, بيد أن العقاب لا يحل أبد ا, الجفاف, الذي هو غياب كلمة الماء . ولكن الماء يتدف ق في البلاد الأخرى سائبا بلا جدوى, في الخزانات وفي أحواض السباحة. في حين أن الصلبان هنا صم أمام الآبار, والكتب منسية. وكل الأحداث التي وقعت: إنتصار الجنرال برافو, الإستيلاء على مدينة شان سانتاكروز, وخيانة انجليز منطقة بيليز, وخيانة الجنرال ماي, كل هذا غير مدو ن في الذاكرة, ولكن ه يتجلى فوق الأرض, وفي ساحات المدن.

في وسط البلد الأفقي, في مركز المدينة المقدسة, وداخل كنيس نيت نوهوخ تاتيش, يوجد الوجه الذي بلا انفعال, الوجه الشامخ للجندي العجوز المسمى مرسالينو بوت. وجه بلون الأرض, له خطوط عميقة. ووجنات عريضة مع الفم ذي الأشداق المتهد لة ,والأنف المقو س الكبير. والعينين برموشهما الثقيلة ترسل نظرات بلاحقد ولكن بثقة هادئة ومتعالية يخفيها إلى حد ما وهن الشيخوخة. والوجه لا يقول شيئا. إنه يهيمن وسط البيت. في ضوء النهار الغارب, ونظرته البعيدة تتابع تحر كات الرجال من حول دار الحر اس, فهو الذي يقود خطاهم.

أيام وليال كثيرة تتباعد ببطء عن قلب الامبراطورية, عن الحرم المهجور لكنيس بالامنا, تتباعد عن ساحات القتال, وعن المقابر.وصراع الناس وتقاتلهم هنا ليس من أجل الحصول على بعض فدادين من الأرض, ولكن لإنقاذ الكلمة الحقيقية. الكلمة التي كنا قد سمعناها من قبل عندما كان الكاهن نوحوخ تاتيش يلقي أوامره لجنود كريزوب, وعندما كان الكاهن التاتابولان مفسر الصليب, يملي رسالاته الأخيرة. كان وقتها ياوم بول إيتزا يدو ن ما يوحي به إليه خوان دو لاكروز من كلمات, وكان كلامه كلام الأرض كلها, والغابة بأكملها, وكان كلامه هو كلام الماء البارد الذي يتدف ق في الدياميس تحت الأرض. وكان كلامه هو كلام الحياة التي لا تنسى أبدا.

هكذا, أيها الأخوة المسيحيون, أوصيكم كلكم كبارا وصغارا, اذ يجب أن تعلموا أن هذا اليوم هو اليوم والسنة الذي سيهب فيه هنودي مرة أخرى لمقاتلة البيض, كما قاتلوهم في الماضي, أوصيكم كلكم كبارا وصغارا حتى تعلم كل المفارز التي تحت امرتي, فأنا أوصيهم أن يحفظوا ماسأقول في قلوبهم وفي أنفسهم, حتى إذا ما سمعوا وشاهدوا اطلاقات بنادق البيض موجهة لهم لا يرهبونهم, إذ سوف لن يلحقهم أي اذى. إذ ها هو قد حل الآن اليوم, وجاءت الساعة التي على هنودي أن يقاتلوا فيها من جديد الجنس الأبيض...

الوجه القاسي واللطيف, والذي بلون الطين - لون الأرض المحروقة بفعل تسعين سنة من الشموس والحرائق, الوجه الذي براه المطر, وظهره الجوع والعناء, الوجه الحقيقي الأكثر جمالا والأكثر هدوءا, إنه يهيمن على مركز القرية. لم يعد يحرض أبدا على الحرب. ولم تعد نظرته تشع بالإنتقام. والآن ها قد صار منسيا, تفصله الغابة, بينما ينمو ظل الليل القريب الذي قد يمحو صورته إلى الأبد, بعيد ا عن عنف وعن أطماع غزاة المدن. ويمتد سلطان الظل على بلد الأشجار, وعلى حقول الذرة والل وبياء, وعلى بيوت الورق, وعلى الآبار. إنه حاكم القرى الحقيقي, حاكم بيوت إيكسم ابن الطينية وبيوت سينار, وتوزيك, وإيكسكيشي المبني ة بصفائح القصدير وبالآجر.الظل يهيمن على قصور تيهوسيكو, وآكام بالام, وزاسي الخربة. والرجال المسل حون لم يعودوا يجوبون السهوب. وفوق الطريق المسفلتة التي تنحدر من الشمال إلى الجنوب, تمر الشاحنات سريعا وهي تهدر بمحركاتها. وعلى الدروب المغبرة تزحف الحيات تاركة آثارها الشبيهة بآثار الدر اجات فوق الر مال. إنها تمضي لصيد الجرذان والضفادع في ضوء القمر.

بيد إنه هنا, في مركز البلد المسطح, لا توجد حركة. وجه الرجل العجوز يهيمن بإستمرار, بلا حراك وبلا كلام. ومن قبله, من عينيه ومن كل ملمح من ملامحه ينبثق الوعي, وتنبثق القوة التي تنظ م هذه الأرض.

أجل, هنا يقع المكان الأكثر يقظة في الأرض, مكان الوعي الشامل. الوعي لا ينتظر. لا يتأمل نفسه. ولا يتطل ب شيئا.لا يتذكر الأيام ولا يحسب الليالي, ولايحفظ الساعات, ولا يسجل المناقب, ولايرسل أحكاما. وكل ما يطلبه يطلبه هكذا بصمت, وبكبرياء. وما يطلبه ليس هو الإنتقام, ولا هو المال. فالوعي متوافق مع إرادة الآلهة, ولا يطلب سوى هذا: الخبز والماء.

العطش شديد, فوق الأرض, نهارا وليلا ,عطش ييبس الشفاه, ويجفف الحلوق, ويدمي أطراف الأصابع, الحقول أيضا عطشى, الأرض متشققة, مصدعة, تخترقها أثلام خاوية. وحول المدينة الأشجار ذات الجذوع الن حيلة صامدة, وداكنة في الهواء الثلجي . والليل شبيه بالزجاج الحجري يلتمع ضوؤه الأسود, رحيبا وبلاماء. والريح تزفر ولكن ها لا تحمل غيوما ولا ضبابا. لا تحمل سوى برد الس هول الحجرية اللاسع. الهواء. والأرض, والسماء كلها عارية. في أماكن أخرى ربما هناك أنهار وبحيرات, ومواسير مفعمة بالمياه وبفقاقيع المياه. في أماكن أخرى هناك أحواض السباحة الشديدة الزرقة, والمغاطس الدافئة, والأحواض الشفافة التي تفور في قصور أصحاب المصارف, وتجار ورق السيزال. هناك المروج الناعمة لقطعان الثيران, وهناك الينابيع, وعيون الماء. في أماكن أخرى, وعلى طاولة ما هناك كأس ماء, نستطيع شربه بيسر وملأه بإستمرار.

بيد أن الوجه القاسي والناعم للر جل العجوز يهيمن هنا من وسط الغابة. إنما هنا يقع مكان ولادة دورة المياه. هنا, بفضل صلاة الرجل العجوز في مركز الغابة.

في هذا المكان, لا يعرف الماء الولادة اليسيرة. إنه ينبثق بعد عذاب, مثل الحياة التي نصلي لها مد ة أشهر طويلة, نترج اها, نرغبها, ونتأم لها, ونناجيها بأرواحنا وبأجسادنا ليلا نهارا.

داخل الليل الوجه العجوز جامد. ولكن وبلا توقف تنبثق منه الكلمة. الكلمة القديمة التي تقود أعمال البشر, وتقود حياة الأرض. ربما لم يعد لنظرته الآن ذاك الحقد, بل رأفة كبيرة لأنه صار يرى التاريخ من بدئه حتى نهايته. وبصره يرى عبر سجف الليل ما يحدث في الناحية الأخرى من الغابة, يرى القرى التي تلتهب, والمزارع المخر بة, والأطفال الميتين, والأفق الذي تغطيه الأدخنة الحمراء. بصره يخترق الليل البارد, ويرى كل شيء يذوي. إن صدى كلمة المدحورين يترجع أعلى من كلمة الغزاة. فهو يمرق فوق أوراق الأشجار مثل الر يح. يتحر ك في شقوق الأرض, ويكدر صمت الآبار العميقة.

الصوت الشاكي ما يزال يتكلم في الظلمة . يتكلم عن الحرب التي لا يمكن أن تتوقف, بما أن الماء غير متاح للبشر, ولكنه ينهمر من السماء في الوقت الذي يتدفق فيه الدم من القلب ويغوص في الأرض. ولكن الأرض باردة اليوم, ضاغطة من حول قرية الحرس. وجه مارسيلينو بوت صلب كالحجارة, وتجع داته غائرة, وبشرته ساخنة بالنهار وباردة بالليل. مرسيلينو بوت, إنه آخر سدنة الصليب, والجندي الأخير لمعركة لم تنته بعد. وهو لا ينام, إنه الرجل الأكثر تنبها في العالم, إنه حارس أرض السهوب. وهو المطلع على الغيب. والساهر على الذ رة, وعلى الآبار, والأشجار, وهو الذي يرصد الغيم اللامرئي الذي لابد أن يأتي, وهو الذي يصغي إلى كلمة الصليب بيدرو باسكوال باريرا الأخيرة, وهو الذي يرى من وسط بيته, الطرقات التي تقود إلى جهات الكون الأربعة.

إنما هنا داخل الليل. يعطي الوجه أوامره في الفضاء ليس بالقوة, ولا بالعلم, وإنما وببساطة بالنظرة. ونحن لا نستطيع أن ننسى, لأن التاريخ متواصل لم ينقطع. وفي القرية, للنساء وللرجال تنفس متناغم, والأشجار والن باتات تنمو بإيقاع واحد. الأيدي تقوم بنفس الحركات, والشفاه تتلفظ بالكلمات نفسها. أجل لم يتوقف أي شيء. والماضي شيء لا وجود له, فقط تجد البشر يشيخون ثم يموتون, والكلمة المهموسة تنزلق من جسد إلى آخر.

الوجه منغلق وهادئ. وسلطانه قوي لدرجة أن الكلمات الأجنبية لا تقدر على المجيء. تظل حيث هي صخب, تعجب, نداءات ناشزة وبلا جدوى .والأجانب تعدادهم بالملايين. تراهم يشعلون أضواءهم, ومحركاتهم الميكانيكية تهدر; وهم يشربون الماء بيسر, ويأكلون خبزهم بلا اشتهاء. سفالتهم تنمو بسرعة, وأموالهم تتحرك: تشتري وتبيع وتشتري بلا توقف. في بلدانهم المليئة بالعنف لم يعد للآلهة وجود, وهي لا تظهر أبدا. كيف تريدها أن تأتي, والسماء مفصولة عن الأرض بالسقوف وبالجدران.

في هذا المكان السماء شاسعة إلى درجة تبدو كما لو لم تعد هناك أرض. فوق البلد المسطح السماء منتصبة, سوداء, عميقة. النجمات الباردة تلتمع بوميض جامد, والقمر مكتمل. وفوق الغابة ضوء الليل جميل وقصي , وفي ساحة القرية ظلال البيوت شديدة الدكنة. قد تكون هناك بعض الحيات تعبر المسارب, والخفافيش اللامرئية تصيح وهي تطير حول الآبار. الليل كثيف وبارد, كما لو كنا على قمة جبل عال .

الجنود لا ينامون, لا ينامون أبدا. عندما يطلع النهار يذهبون للعمل في مزارع الذرة. وعندما يجن الليل يذهبون إلى الدار الكبيرة, ويتأملون نيران الشموع التي تشتعل أمام الصليب. أو يتطلعون إلى الليل وهم ممد دون في فرشهم المأرجحة وأنفاسهم تتردد بيسر. والآن ها الأطفال ملتصقون بصدور النساء. والنيران مطفأة. وفي وقت متأخرمن الليل, عندما يبدأ القمر بالنزول نحو خط الأشجار, رب ما في ذلك الحين يغلق الناس جفونهم. ولكن الرجل العجوز يظل وحيدا. نظره لا يكف عن الإنبثاق من وجهه, ساهرا على المدينة.

أمام بو ابة دار الصلبان, يقف الحارسان متكئين على عصيهما. لا ينبسان بكلمة. لقد جاءا من القرى الأخرى للقيام بالحراسة. العناء, والبرد والجفاف موجع. ولكن نظرة الرجل العجوز المتوحد متمازجة بالل يل, وبالبرد وبضوء الكواكب الجامد.

ليس ثمة بشر حول بيت الصلبان.وهنا, فوق هذا القفر تولد النظرة التي تراقب الأرض, والآبار, والأشجار. والحرب لا يمكن أن تنتهي لأن الأجانب غزوا الامبراطورية. لو أخفض الر جل العجوز نظرته, وأنزل الحارسان عصيهما أمام باب الكنيس, ولو يستسلم الرجال والنساء للنعاس, ربما وقتها تقفر السماء وإلى الابد من الغيوم, وتحترق الذرة فوق الأرض الجافة, وقد لا تعود وإلى الأبد الشمس التي انطفأت في المغرب للطلوع مرة أخرى من المشرق. فهذا هو المكان الأكثر يقظة على وجه البسيطة, إنه المركز الذي يقوم على الحراسة, حتى يتسن ى للمياه أن تأتي: تولد في السماء فوق البحر, وتجيء وسط الريح, فوق دربها وتتدفق في الخزانات, وتتسرب إلى أعماق الأرض عبر التشققات, إنها المياه, إن ها الحرية. وصوت الكاهن خوان دو لاكروز مايزال يتلو:

إذن اعلموا يا أبنائي, هذه تعاليمي على الأرض, اذ يجب أن تعلموا, ياشعب القرى المصطفى إنه اليوم هو اليوم الذي حد ده الرب لأخاطبكم فيه, يامخلوقات الأرض وأقول لكم, ياشعب القرى المحبوب أني ذهبت أمام الرب حتى أستسمحه الكلام إليكم من جديد, ذلك أنه محرم علي مخاطبتكم, ولكن ها انا أفعل ذلك لأني أشفق عليكم. يا أبنائي, ولأني خلقتكم, وأنقذتكم, واهدرت دمي الثمين لأجلكم ...

ألا ترون كيف أني مسمر على الصليب المقدس جد ا, تحملني ملائكة وسيرافيمات لا عد لها ? وأيضا ها أنا أغفر لكم يا أبنائي مخالفتكم لتعاليمي. لأنه أنا الذي خلق مسيحيي القرى, ولأني أذهب في كل آونة حتى أصل إلى الرب , إلهي في مملكة السماء, تحيطني آلاف الملائكة والسيرافيمات لأطلب منه أن يمنحكم رضاه ونعمه, ذلك أن الرب إلهي قال لي أيها الأبناء إن الغلبة لن تكون أبدا للأعداء, وأن الصلبان وحدها هي المنتصرة, ولأجل هذا يارفقائي الأعزاء, لن أترككم مطلقا للأعداء.

الجفاف متطاول فوق الأرض المنبسطة وفوق الأحجار الصلبة, وفوق ,الكاهن مرسلينوبوت وفوق آلاف الأشجار المحترقة. ولكن الماء يجب أن يأتي, الحري ة يجب أن تأتي, الماء دم الآلهة, حتى يرتوي الأطفال والنساء, حتى ترتوي جذور شجرة السايبا وحتى يرتوي شعب الحيوانات والبشر. في مياه السماء نلقى المرأة والرجل متحدين, في الماء تلتقي السماء مع الأرض. وفوق الحصيرة الكاهن آه بو مقعي على ركبتيه يخصب العذراء إيكسكي.

ولكن الكلمات تأتي بعد وقت يطول . وصمت الليل يهيمن على البلد المسطح, والسماء السوداء ممالك خاوية . لابد من أن تتلى كلمات كثيرة, وصلوات كثيرة, لتحفظ الحياة على الأرض. وعلى النظرة ألا تهن وألا تتوقف عن الإنبثاق من الرجل العجوز, المنعزل في وسط بيته . يجب ألا يتوقف صمغ الكوبال عن الإحتراق في الكنيس في مواجهة الصليب العملاق الملتف برداء أبيض.

إنها ليست دروب الغبارة هي التي تقود إلى الصليب, بل هي طريق النظرة, وذاكرة الكلمات التي كان قد ترجع صداها ذات يوم فوق الإمبراطورية, الكلمات الملتهبة التي جعلت الرجال يهبون في القرى في مواجهة جيش ومدافع الأجانب. والكاهن ياوم بول إيتزا المفسر مايزال يدون كلام الكاهن خوان سانتا كروز في مدينة شان سانتاكروز:

وهكذا إذن أيها المسيحيون الأعز اء, يا أبناء القرى, احفظوا في قلوبكم وصاياي, لأني أنا نفسي يا أطفالي, لا أستطيع أن أتوقف, فأنا دائما ماض على الدرب. حلقي وبطني ناشفان بفعل عطش لا يروى, ذلك أني دائما على مسير عبر أرض اليوكاتان للدفاع عنكم ...

لم تخب الكلمات, إنها تطن في القفر بلا توقف, تطن فوق الغابة الداكنة وفوق حقول الذرة, وفوق فوهات الآبار. وفي الليل تومض بلا ضجيج في قلب السماء السوداء, إنها تضيء الأرض ببصيصها الشاحب الغريب والآتي من الأقاصي.الكلمات هي أيضا بشر يهربون عبر السباسب, يغلقون على أنفسهم أبوابا من عوسج, يقس مون الدروب البرية, يشعلون النيران في بقايا حصادهم. وعندما لا يبقى هناك شيء, سوى تلك الخرائب وتلك القبور, حينئذ تدلف الكلمات داخل الوجوه, وتنغلق عليها الشفاه. الكلمات تلج داخل جذوع الشجر, واللحي الصلب ينغلق فوق جروحها. الكلمات تؤوب إلى الآبار التي كانت قد صدرت منها, تؤوب إلى آخر ملاجئ الماء. في قلب الأجواء, بعيدا وراء الأفق تختبئ الكلمات ولا أحد يستطيع أن يسمعها. ولكن النظرات وحدها ما تزال تتكلم. النظرات ثابتة قوية وهي لا تغادر الأماكن التي ولد فيها البشر. النظرات لم تعد تعرف الحقد, ولا الإنتقام. إنها ملتفتة نحو ينبوع الماء, نحو المستقبل.

ونفر المعتزلة في حالة صلاة, المعتزلة متوح دون, ولكن ليس من أجل التخفي ولا للدفاع عن أنفسهم, ولكن للوصول إلى حالة الصفاء. هناك بعيدا ; في مدن التجار, الناس وهنون, شرسون, عيونهم تلتمع من شدة الطمع. ولكن ليس لأجلهم تشرق الشمس كل يوم, فالضوء والظل , الماء والرياح لا تجيء لأجلهم.

لم يكن المعتزلة هم الذين هربوا. لقد ظلوا في أماكنهم, مثل الأشجار المشدودة من جذورها إلى الأرض الصلبة, بينما ظل الأجانب من حواليهم مشتتين ومدفوعين مع التيار.

لم يغلق المعتزلة أعينهم. لقد حافظوا على نظرتهم حية, بينما نام الأجانب من حواليهم. والآن وقد انتهت الحرب. أين هم المنهزمون? أولئك الرجال الذين يشبهون الأرض, الرجال الذين هم كالأشجار, الر جال ذوي البشرة التي بلون الأرض, والنساء ذوات البشرة التي بلون الذ رة, أولئك الذين يعيشون فقط على الخبز والماء . لا, لم يهزموا أبدا.وهم لا يطمحون في الإثراء ولا في الإستيلاء على الأراضي الأجنبية. وهم لا يبغون شيئا آخر غير استتباب نظام العالم الذي يسكنون, هكذا هم بصلابة يبحثون عبر القوة الوحيدة للنظرة وللكلمة. لقد رأى المعتزلة الفراغ وهو يوغل في بلدهم, وشاهدوا الليل يأتي, وتعرفوا على الصمت. قوة نظرتهم مسكتهم في هذا المكان بينما العالم من حولهم ضعيف وقاتل. وليس الزمان هو الذي يفصل بين الاشياء, بل الأشجار, والبحر.

هنا مكان الانتصار, إنتصار الحقيقة الهادئ والدائم. لم تعد هناك كلمات ولا أفكار, لم تعد هناك آلهة ولا شرائع. هناك كل تلك الحركات التي للأيدي, حركات الجسد, وتلك النظرة. كل نهار يضيء نور الشمس حقول الذ رة, سقوف الأوراق ودروب الغبار. وكل ليلة يصعد البرد من فو هات الآبار ويجعل الأحجار تطق . لا صلاة أخرى. إذن من الممكن أن تظهر الغيوم في الناحية الأخرى من الأفق, وتنزلق ببطء, منتفخة بالماء, نحو كل الوجوه التي تترجاها.

نفر المعتزلة لايزالون يصغون إلى الكلمات, إن ها تتجاوب في السراديب المحفورة تحت الأرض, لم تعد الآن كلمات الحقد بل هناك فقط كلمات الحرية لأولئك الذين لم يهزموا أبدا:

ثمة أمر آخر, يجب أن أبوح به إليكم يا أعزائي المسيحيين, يا أهل القرى بإمكانكم رؤيتي كما أنا, لست سوى ظل شجرة, بيد أنكم تستطيعون كلكم أن تروني, جميعكم صغارا, وكبارا, وكل أولئك الذين يد عون أن هم كبار, ذلك أن الرب لم يضعني في صف الأغنياء, ولأن الرب لم يضعني إلى جانب الكرماء, ولا إلى جانب القواد. ولأن الرب لم يضعني في صف الذين يعتبرون أن لهم مالا كثيرا, ولا في صف الذين يعتبرون أنفسهم أصحاب كرامة وأقوياء, ولكنه وضعني في صف الفقراء, والبائسين, لأني فقير, ولأني ذاك الذي يشفق عليه الرب , وهو يحبني ذلك أن ارادة الرب تنص على أن من يمنحني شيئا سوف يرى أملاكه تنمو... هل هناك رب آخر, قولوا, ذلك أنني سيد السماء والأرض.

حينئذ قد ينجلي الظلام , ويولد النور ثانية بهدوء. برد الليل يؤوب داخل الأرض, والظلال تمتد فوق الأرض المغبرة. النظرة الثابتة التي تخترق الفضاء, وتخترق الزمن, النظرة الشبيهة بإشراق الكواكب, تتحد بالنور الجميل. وقدام بيت الصلبان يلقي الحارسان المتعبان عصيهما, ويبحثان عن ملاذ للنوم. لم يحدث شيء, لا شيء. لا غيوم في السماء الصافية. والشمس ترتفع فوق الأشجار التي بلا حراك. ترتفع بلا صخب إلى عنان السماء. وفي الساحة التي ما تزال باردة, تخطو النساء نحو البئر.


 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة hero788 ; 10-10-08 الساعة 01:26 PM
عرض البوم صور hero788  
قديم 13-10-08, 09:44 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Dec 2007
العضوية: 60805
المشاركات: 130
الجنس أنثى
معدل التقييم: تروي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تروي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : hero788 المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

شكرا جزيلا اخي العزيز

وفقت دائما

 
 

 

عرض البوم صور تروي  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:31 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية