هناك ظاهرة غريبة نلاحظها في سير العباقرة والمخترعين؛ فمعظمهم لم يبد تفوقاً دراسياً ملحوظاً في سن الطفولة.. بل إن كثيراً منهم كان نموذجاً للتخلف والبلادة؛ فانشتاين كان فاشلاً في الرياضيات، وأديسون طرد من المدرسة (بحجة أنه غير قابل للتعلم) وفارادي (مخترع المولد الكهربائي) لم يستطع تجاوز المرحلة الابتدائية، ونيوتن كان يفضل مطاردة البط وصيد الأرانب.. وفي المقابل: كم مرة قرأت أو سمعت عن أطفال أبدوا ذكاءً خارقاً لدرجة أنهم دخلوا الجامعة في سن العاشرة أو الحادية عشرة.. ثم كم مرة سمعت عنهم بعد ذلك!؟
فبين "المليون" قد يظهر طفل خارق الذكاء لدرجة لا تصدق، ولكنه بصورة عجيبة يموت في سن مبكرة ـ وإن عاش لا تستمر عبقريته بنفس التوهج ولا تعطي المتوقع منها.
معظم الحالات تبدو كـ (طفرة ذكاء) سرعان ما تعود إلى نصابها الطبيعي.. معظم الحالات تثبت (ظاهرة بيولوجية ونفسية) وليس وعداً بظهور العبقرية!!
* ويعد الفرنسي جان لويس (1719ـ 1726) الأكثر شهرة في هذا المجال. ففي سن الرابعة كان يقرأ باللاتينية والفرنسية والإنجليزية، وفي سن السادسة كان يستطيع المناظرة في التاريخ والسياسة والقانون. ورغم ذلك ليس في تاريخه إنجاز يذكر.. فقد توفي في سن السابعة!!
* أما ويليام جيمس سيدس فحالة تربوية فريدة؛ فقد كان أبوه أستاذاً لعلم النفس في جامعة هارفارد. وكان يحاول اثبات أن الأطفال يمكن أن يصبحوا عباقرة إذا ما تلقوا تعليماً مميزاً.. وفعلاً ما إن بلغ ويليام السنة الثانية حتى كان قادراً على القراءة، وفي سن الثامنة تخرج من الثانوية، ثم أتقن بنفسه سبع لغات، وفي الحادية عشرة ألقى محاضرة في المجسمات أمام جمعية هارفارد لعلماء الرياضيات، ولكنه في سن الثالثة عشرة.. توفي!
* أما الكوري كيم اونغ يونغ (1963م) فحاصل ذكائه زاد عن 200درجة ولم يتجاوز بعد سن العاشرة (وللمقارنة يوصف الحاصل على درجة 140بالعبقرية).. ومثل بقية الزملاء اتقن كيم أربع لغات في سن الرابعة، وفي الخامسة عرض التلفزيون الياباني مقدرته على حل مسائل معقدة في الرياضيات.. ولكن في سن المراهقة سافر إلى ألمانيا واختفى هناك!!!!
* أما الهولندي وليم كلاين فقد استطاع عام 1981م أن يستخرج الجذر التربيعي الثالث لرقم مؤلف من مائة خانة في دقيقة وتسع وعشرين ثانية ـ وأجريت هذه التجربة الخارقة في مختبرات الفيزياء العالمية في تسوكوبا باليابان.. ولكن ماذا بعد!؟.. ها هو اليوم يعيش مثل أي أب عادي!!
* أما الطفل الفرنسي موريس واغبرت فقد ظهر في برنامج يعده التلفزيون الفرنسي (في 14ايلول 1976م) وأجاب فيه على مسائل عويصة قدمها جهابذة الرياضيات. وكان باستطاعته حل المسائل الحسابية بسرعة تفوق الكمبيوتر الموجود في الاستديو. ولكنه اليوم ليس أكثر من معلم متواضع في مدرسة ابتدائية!!
.. هذه مجرد نماذج لطفرات طفولية خارقة انتهت للاشيء.. فرغم الانطلاقة القوية والبداية المبشرة إلاّ أن أياً منهم لم يحقق إنجازات مميزة في دنيا العلم والاختراع.. وبناءً عليه لا تسعد كثيراً أن أبدى طفلك مواهب خارقة في الصغر أو حقق درجة فريدة في سلم الذكاء.. أما إن حقق نتائج متأخرة في الدراسة وتخلف عن بقية الصف فهذا يعني شيئاً من اثنين:
إما أنه عبقري لم يتواءم مع المناهج التقليدية أو فشل في الارتفاع لمستواها!
تحياتي للجميع