المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
ليلة غدر
ليلة غدر...
أمسكت بالقلم لأكتب مذكراتي لهذا اليوم وكما افعل كل يوم ضاق صدري وتذكرت شيئا حاولت مرارا ان أمحيه من ذاكرتي... ربما نفسيتي المضطربة اليوم جعلتني اعبر عما في داخلي ولااعلم إن كان الموضوع يهمكم فهو مجرد خربشاتي على الورق ولكنها حياة ومأساة كثيرين ليلة سببت الآلام فكم من النساء ترملت وكم من الاطفال تيتمت وكم من الشباب قتل غدرا وكم من مثلي أصابته تلك الذكريات بحفر في الذاكرة لايمكن أن تنسى خاصة إن كانت تلك الأحداث المؤلمة تصيب طفلة لم تبلغ عامها الرابع بعد وتتكرر احداثه كشريط كل مرة
***منتدى ليلاس الثقافي
قبل 17عاما او اكثر تحديدا في سنة1991م كنا نعيش انا وعائلتي(ابي وامي وأخي الصغير) في بغداد عاصمة العراق بعيدا ان اهلنا في محافظة أخرى وبسبب ظروف عمل والداي فنحن مضطرون لذلك ...لااتذكر عن بغداد الكثير... كنت صغيرة قبل عودتنا لنستقر مع أهلنا بصورة دائما... ولا احمل لبغداد سوى ذكرى ذلك اليوم...
***
كنا عائدين من منزل أحد اصدقاء والدي... ونحن في السيارة كنت استمع الى حديثهم...
امي:: مابك ياعلاء ألم تستمع الى ماورد في الأخبار اليوم؟
ابي:: لاتقلقي ...ولاتصدقي ذلك الرجل فغدا سيعلن انسحابه سترين
امي:: كيف لااصدق؟ لااستطيع قلبي غير مطمئن يجب ان نعود غدا الى مدينتنا...
ابي:: كيف نعود هل نسيتي الدوام والجامعة والمحاضرات والطلاب كيف نترك كل هذا ونعود هل الامر بهذه البساطة؟
امي:: لااعلم ولكنني سأقوم بتحضير حقائبنا اليوم استعدادا لأي طارئ....
****
في منزلنا او بالأصح شقتنا في بغداد كنت اجلس وافكر بكلام أمي صحيح اني لم أفقه شيئا واعتقد انها تتحدث عن الحرب كما أخبرني أحدهم_ابن الجيران البغدادي_ ولكن ماالحرب لابد انه شئ سئ...(عقل طفلة)
ولااذكر ماحدث بعدها لأني استغرقت في النوم لأستيقظ على أصوات متفرقة وصياح وعويل وابي يحملني وامي تبكي حاملة أخي الصغير لانعلم أين نلجأ في هذه الشقة الصغيرة فالشقة جزء من عمارة تضم عدة شقق واي شي يصيبها ستسقط على رأسنا او نسقط نحن!
خرجنا من بنايتنا لنرى الناس تجري في أتجاهات مختلفة والليل أصبح نهارا القصف في كل مكان والشهب النارية فوق رؤوسنا والناس تردد رحمتك ياالله ورحمتك يارب...
خرجنا بسيارتنا من المنطقة المشؤومة لايعلم وجهتنا الا الله لم أكن قد استوعبت ماحدث حتى الآن وكأنه يوم الحشر!!
سرنا مبتعدين بسرعة عن منطقة الخطر ونحن نرى طائرات العدو تحلق فوق رؤوسنا وبالرغم من ابتعادنا ولعدة ساعات واقترابنا من مدينتنا _التي لم تكن قد تعرضت للقصف بعد_ الا إن الذعر كان قد تملكنا وابي يسير او يطير بعبارة أصح وبسرعة جنونية..
ولكن حدث ماهو اسوأ... إذ انحرف ابي عن الطريق فجأة بسبب سرعته وسقطت السيارة من على مرتفع ...ربما تتسائلون ماذا حدث بعدها...؟
الحمدلله فلولا رحمة ربي فلن اكون موجودة اليوم لأكتب لكم مذكراتي...
استمرت الصدمة لدقائق وانا داخل كومة الملابس التي كانت في سلة بجانبي والسيارة اصبحت تشبه علبة البيبسي عندما تدعسها بقدمك لااعرف كيف خرجنا أحياء بقدرة قادر ...أمي خرجت مسرعة تبحث عن أخي الصغير الذي افلتته ليخرج من نافذة السيارة اثناء سقوطها ...
ولأن حجمي صغير استطعت الخروج من النافذة لأساعد والدي على الخروج... ابكي وأنا ارى والدي لايزال تحت الصدمة ولايستطيع الخروج وارى والدتي تبكي أخي الصغير الذي لانعلم إن كان حيا واين هو؟
بعدها استطعنا الاستدلال على مكان أخي الصغير عندما سمعنا صراخه ثم قامت والدتي بمساعدة ابي للخروج من السيارة ثم ماذا؟ الآن علينا انتظار أي سيارة لتقلنا الى المدينة...
وبالرغم من برودة الجو ولأن الوقت كان فجرا وكانت اطرافنا قد تجمدت إلا إنها كانت أرحم بكثير مما تعرضنا له وقد واجهنا الموت أكثر من مرة ...وبعد عدة ساعات انتظار استغرقت في نوم عميق بعد ليلة حافلة واستيقظ وانا في حظن والدي وبجانب والدتي ونحن داخل عربة نقل عسكرية عراقية تولت إيصالنا الى منزلنا بسلام....
ودمتم بخير
محبتكم ميمي العراقية
|