المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
قصة ((((تنورة واحدة فقط))))
هذة القصة القصيرة ألفت أحداثها التي تدور في عيد الفطر وقررت أن أنزلها في العيد عشان تكون ماشية مع الأحداث أتمنوا تعجبكم وياريت تقولولي رأيكم فيها بصراحة
تنورة واحدة فقط
منتدى ليلاس الثقافي
نزلت رغدة من العمارة التي تحوي شقتها هي وصديقتها منال ...بدت في غاية السعادة فهذا أول يوم من أيام العيد وسوف تتذوق كعك أمها اللذيذ ولكن عليها أن تركب قطار لمدة ثلاث ساعات لتصل لمدينتها ولكنها كانت تجد صعوبة في توزيع خطواتها في تنورتها الجينز الضيقة حيث كانت تريد الوصول لمحطة القطار بأسرع وقت ممكن حيث ستتم خطبتها على فادي الذي تقدم لها منذ شهر ولم تجد سببا لرفضه فهو مهندس شاب ووسيم وذو مكانة اجتماعية ممتازة بالإضافة الى أخلاقه ولكنها استغربت السبب الذي جعلها تعامله برسمية كل هذا الوقت ولم تستطع أن تحلم به كما يحدث لكل الفتيات ولكنت أقنعت نفسها أنها بعد حفلة خطوبتهما سوف تجبر قلبها على الإنفتاح له واحتوائه ...
تذكرت أنها نسيت حقيبة صغيرة من حقائبها داخل الشقة ولكنها لم تهتم فلن تعود لهذة الشقة الا بعد اسبوع كامل وكذلك صديقتها منال لن تعود قبل صباح الغد ...كانت رغدة تحمل ابتسامة خفيفة على وجهها تخفي ورائها فرحا لا يوصف وفجأة تعثرت فوجدت رباط حذائها الرياضي قد إنحل فهي ترتدي مثل هذا النوع من الأحذية في يوم متعب كهذا حتى لا تؤلمها قدمها فوجدت سيارة من نوع الجيب فوقفت خلفها ووضعت الحقائب على الأرض وبدأت بربط حذائها ولكنها لم تلاحظ أن طرف تنورتها قد علق بالسيارة وفجأة تحركت السيارة ووقفت رغدة بعناد محاولة لتدارك ما يحدث والمحافظة على توازنها فانفلقت تنورتها وسقطت رغدة أرضا .......
شعرت بالهواء يتسلل لجسدها ففتحت عيناها ورأت سيارة الجيب تتوقف في الحال وخرج السائق فلم تستطع أن ترفع عيناها لترى وجهه ولكنت عرفت من ملابسه المضاهية للموضة أنه شاب وما إن رآها حتى تسمر مكانه لحظة يراقبها ولم تدرك لماذا ثم سمعت صوته وقد ملأه الهلع قائلا :
- يا إلهي....هل أنت بخير يا آنسة ؟!....
وجرى ناحيتها مفزوعا مما فعل ولكنها لم تتوقع ردة فعله فلقد أمسك ذراعاها بكلتا يديه وأنهضها بقوته التي لم تعهد لها مثيل وفجأة شعرت بأنفاسه قريبا منها وفجأة أمسك بيده الأخرى تنورتها ووقف قبالتها حتى لم تعد ترى شيئا سوى صدره العريض وبعد لحظات استعادت وعيها وهي واقفة في هذة الحالة مع غريب وهو يحدث الناس خلفه دون أن يستدير لهم قائلا أنها بخير وبعد أن توقفت الأسئلة التفت لها وقالت بحدة :
- ماذا تفعل أترك كتفي .......
- أنا آسف كنت غير قادرة على الوقوف متوازنة فحاولت المحافظة على توازنك .
وعندما حاولت التحرك ظلت تنورتها عالقة بين يديه فنظرت اليه بحنق وصرخت :
- أيها الوقح أترك تنورتي .........
فاحمرت وجنتاه وانزل عينيه وقال بصوت مخنوق :
- لا أستطيع ذلك ....
اندهشت من خجله وأكثر من رده وقالت بحدة :
- ولماذا إذن ؟!...
- لأن .......لأن ........أنظري!!...
بعد أن ترك تنورتها رأت ساقها عارية فلقد فلقت تنورتها الى آخرها من الجانب الأيمن فصرخت بخجل وعادت لتمسك طرفي تنورتها معا كما فعل سابقا ليغطي ساقها وقالت له :
- يا إلهي ......لأنك تحركت بالسيارة و.....لابد أن طرف التنورة علق بالسيارة....ياللهول كيف سأسافر بها الآن؟! .......ولماذا تقف أمامي هكذا ؟!
- ألا تعلمين ؟!....أحاول أبعاد الأنظار عن ساقك حتى لا يراها أحد ....
فلاحظت أنها تستند الى ظهر السيارة وهو يقف قبالتها ليشكل سدا قويا يحميها من نظرات الناس من حولها فقالت :
- ماذا سأفعل ؟!....كيف سأتصرف الآن؟!.....
- أين هو بيتك يمكن أن أقلك له فإذا بقيت في السيارة فلن يرى ساقك أحد.....
- ولكن.....
ونظرت اليه نظرة شك بينما هو كان الرعب ينهمر من عينيه من الموقف برمته وبدى لها من منظره أنه لا يفكر في الإقدام على شئ سئ ولكنه شاب في النهاية فنظر اليها بعد أن طال انتظاره لردها وقال بسخط :
- ماذا تظنين بي ؟!.....أنا لست في مزاج حسن لظنونك هذة؟!....أقسم أني لن أفعل أي شئ قد يضايقك كل ما أريده هو تصحيح خطأي الفظيع ......رباه لقد انتهى شهر رمضان للتو لا تظني أني قد أفعل شيئا سيئا ....
فاطمئنت له وهي لا تعلم السبب وركبت سيارته وشعرت بأمان رهيب وساقها بعيدة عن أنظار الناس أما هو فلقد حمل حقائبها ووضعهم على الكرسي الخلفي وسار بها قائلا :
- حسنا في أي اتجاه أسير ؟!...
منتدى ليلاس الثقافي
- سر في هذا الطريق فإننا لسنا بعيدين عن بيتي
وعندما وصل الى العمارة قال لها :
-كيف ستصعدين هكذا ؟....سأحمل لك حقائبك طبعا ولكن لا أعرف كيف ستغطين ساقك.....
- آه يا إلهي....
- ليس أمرا صعبا يمكنك استعمال سترتي حتى تصلي لأعلى .....
- كلا......كلا لقد نسيت مفاتيح الشقة في الحقيبة الصغيرة......
- أتعنين أن مفاتيح شقتك داخلها ؟!......رائع هذا آخر ما تخيلته وكيف كنت ستعودين برأيك؟!....
- لم أفكر بالعودة كنت مسافرة الى مدينتي ولقد .....آه لا بد أني فقدت قطار الساعة الثانية ماذا سأفعل الآن ؟!...
صمتا وقتا طويلا ثم قال لها :
- لا بأس عليك معي ما يكفي من المال سأشتري لك تنورة غيرها ويمكنك انتظار القطار بأمان....!!!
فنظرت رغدة إليه وكانت تلك المرة الأولى التي تنتبه الى شكل الذي تسبب لها في كل هذة المشاكل وحارسها المخلص كذلك فرأته وسيما بدرجة خانقة شعره البني الكثيف الناعم الذي يتلوى عند ياقة قميصه وعيناه الخضروتان الرقيقتان وجسده الرياضي الضخم بالنسبة لجسدها وأناقته المتناهية بدا لها غير معقول ولأول مرة في حياتها شعرت بسخونة رهيبة في وجهها وظلت تطرف برموشها بدلال حتى اتسعت عيناه لما يرى وكانت تلك أيضا المرة الأولى التى يرى فيها جمال فتان كجمال تلك الفتاة الجالسة الى جانبه فتعانقت عيونهما طويلا جدا حتى أصبحا مخدرين لا يشعران بشئ من هذا العالم سوى بوجودهما سويا وظلا هكذا فترة من الزمن حتى سمع صوت انذار سيارة الشرطة ووجد الشرطيان قادما ن نحو سيارته فأطلق سبا خافتا وخرج وهو يعلم أنه بسبب مغازلة عيناه لعيني تلك الفاتنة قد كسب غرامة بوقوفه في الجانب الخطأ فترة طويلة وهنا صحت رغدة من أحلامها وظنت أنها بالفعل فقدت عقلها وبعد أن دفع الغرامة سار بالسيارة مجددا فسألته بصوت هادئ :
- الى أين ستذهب بي ؟...
- سنذهب الى منطقة الإبراهيمية (منطقة مشهورة بالأسكندرية فيها الكثير من محلات الملابس) لأشتري لك تنورة جديدة لترتديها ....
وسكتا طوال الطريق وأخيرا وصلا ولكن كان هناك مفاجأة غفلا عنها طويلا وهي أن كل المحلات أغلقت لأنه العيد .....(هذا يحدث فعلا في العيد)
لم يستوعبا الصدمة بشكل صحيح وظل يجول الشوارع بحثا عن أي محل ملابس لكي يشتري لها بديلا عن تنورتها المشقوقة ولكن بلا فائدة كل الشوارع كانت هادئة لا أحد فيها ولا يوجد أي محل مفتوح على الإطلاق .....
ركن سيارته وهو يضع وجهه بين يديه محبطا ورفع رأسه على صوتها قائلة :
- لقد فاتني قطار الثانية كذلك .....لا يوجد قطار سيقلني سوى الساعة الخامسة وهذا يعني أني سأعود لبيتي في الظلام ....هذا ماكنت أخشاه .....لا بد أن والدتي ستقلق علي .... ماذا سأقول لها ؟......ماذا سيحدث لي؟....
- لا تقلقي يا آنسة .....سوف أجد لك حلا قبل الخامسة وسوف تعودين الى بيتك الليلة أعدك بذلك....
وعندما نظرت الى عينيه شعرت بأمان وطمأنينة لم تشهدها في حياتها ولكن لماذا ثم قاطع تفكيرها قائلا :
- بما أننا قضينا ساعتين معا و أظن أننا سنقضي أكثر منها معا من جديد أعتقد أنه من الضروري أن أعرف أسمك الأول على الأقل ......
- .........أسمي رغدة ...وأنت ؟
فاتسعت ابتسامته لأنه ظن أنها ستشك فيه إذا سألها هذا السؤال العفوي فقال :
- أسمي وليد .....وليد كامل و أعتذر من جديد عما ارتكبته ولكن أعدك أن أكفر عن خطأي واشتري لك تنورة أفضل بكثير من تلك التي فقدتيها ....
- شكرا لك .....ولكن أين كنت ذاهب قبل أن يحدث ما حدث؟....
- كنت ذاهبا لقضاء عطلة لمدة أسبوع مع أصدقائي في شاليه يملكه صديقي عاصم ولكن لا أستطيع الذهاب اليوم ربما غدا .....
- أنا آسفة قطعت عليك عطلتك .....لا أدري ما الذي جعلني أقف خلف سيارتك لأربط حذائي...
- لا أرجوكي .....أنا لا أهتم لكل ما حصل .....فقط ذعرت عندما رأيتك على الأرض وساقك.....أعني هجمت عليك لكي لا يراها أحد هذا كل ما في الأمر ولم أشعر في حياتي بالذنب قدر ما أشعر اليوم وأنت عالقة في سيارتي بهذا الشكل ....
- لا تقل هذا ......ألا تشم رائحة غريبة ....رائحة حريق مثلا...
فنظر الى واجهة سيارته وصرخ :
- يا إلهي!!!!!!.......
وخرج سريعا ليتفقد مقدمة السيارة وعندما رفع غطاء السيارة الأمامي انتشر الدخان في كل مكان وظل يسب ويلعن وهو لا يكاد يصدق أن كل هذا حصل له وهي كانت مذهولة مما حصل فلقد شعرت أن بذلك قد فقدت الأمل الأخير في عودتها اليوم الى البيت وفجأة تأوه وليد ولم يكن ذلك من الغضب وإنما من الألم وقبض على يده اليسرى متألما ودخل السيارة فرأت يده ولقد لسعتها الحراراة الزائدة فقالت له :
- ماذا حصل ؟!...
- آآه يدي.......لقد تحامقت وأدخلت يدي في مكان مجهول .....إنها تؤلمني...
- هات يدك .....كيف تفعل هذا هل جننت؟....كان عليك أن تنتبه أكثر لنفسك!!
وبعد أن أحضر لها صندوق الإسعافات الأوليه ظلت تهتم بيده واعتنت بها عناية فائقة فظل يحدق بها وهي مهتمة بيده فشعر باعجاب شديد ناحيتها و شكر الله على هذة الحادثة التي أسعدته كثيرا على الرغم أنها آلمته.....
وبينما هما على هذة الحالة سمعا صوت ارتطام المطر بجسد السيارة فجرى وليد خارجا ليغلق غطاء السيارة وبعد أن فعل عاد سريعا الى السيارة وهكذا حبسا معا :
- أريد الذهاب لإحضار من يصلحها لي بأسرع وقت ممكن حتى نذهب ونشتري لك تنورة و بعدها تسافرين ......
- لا تذهب حتى ينتهي المطر وكذلك حتى ترتاح يدك قليلا ...
فاستدار قبالتها ونظر اليها وبريق الإعجاب يشع في عينيه وقال ببطء :
- شكرا لك لأنك اهتممتي بيدي فلولاك لآلمتني كثيرا وما كنت سأعرف كيف اتصرف
حيالها......
فابتسمت رغدة له برقة قائلة :
- انت تضيع وقتك لتساعدني فعلي أن أفعل أي شئ......
- لا.....لقد كان كل هذا خطأي وأقدر حقا ما فعلتيه ليدي......
- كان هذا من دواع سروري
فصمتا فترة من الوقت ثم ازداد المطر شدة فقال لها :
- إذا سمحت لي .....لماذا تسافرين من مدينتك الى الإسكندرية ؟..
- أني أدرس هنا في كلية الهندسة ......
- ياللمصادفة أنا أيضا خريج كلية الهندسة ولكني أعمل الآن..... في أي سنة أنت ؟!
- في السنة الثالثة ...
- إذا بقي لك السنة القادمة فقط ...
- نعم صحيح .....كيف هي السنة الأخيرة ؟
فظلا يتحدثان عن مواد السنة الأخيرة وأخذ ينصحها بخبرته عن المواد المهمة حتى أنهما علقا على أحد الأساتذة وضحكا سويا وأحبت رغدة طريقة كلامه وصوته وهو اعجب بذوقها وأدبها وخفة دمها وأخيرا توقف المطر فابتسم لها برقة وقال :
- احتفظي بمفتاح السيارة وأغلقي على نفسك جيدا وإذا حدث أي شئ أثناء غيابي أطلبي هذا الرقم أنه رقم جوالي ولا ترددي لحظة ....حسنا ؟
- لا بأس ...لا تتأخر ....وانتبه ليدك...
- شكرا لك......
وذهب...........
جلست رغدة تفكر ماذا يحدث لها ...قلبها يدق بشدة وهي لا تشعر ناحيته بأي خوف بل على العكس وتشعر أنها سعيدة برفقته وعندما ذهب شعرت ببعض القلق وهي بدونه وكأن وجوده الى جانبها يحميها وظلت تتساءل عن السبب الذي جعلها تأمن جانبه هكذا حتى أنها لم تخف أن ينظر الى ساقها فهو لم يفكر لحظة حتى في ذلك وهو انسان محترم ونبيل وحصلت له عدة مشاكل بسببها ومع ذلك لم يتوانى عن مساعدتها بشهامة أنه حقا يستحق الإعجاب ولكن أي نوع من الإعجاب؟!.. لكنها على وشك أن تخطب لرجل آخر ..ماذا عن فادي ؟ ولماذا لا تشعر معه بنفس المشاعر وهي مع وليد ؟ لماذا يدق قلبها كلما تشابكت عيونهما جزء من الثانية ولا يحدث هذا مع فادي الذي لا يحرك عينيه من عليها وهما معا ؟ ولماذا اعجبت به في بضع ساعات على الرغم أن فادي قابلها أكثر من سبع مرات ولم يصل بها الى هذة الدرجة من الإعجاب وظلت أفكارها حتى أتى وليد مع رجل آخر وظل يصلح السيارة مدة نصف ساعة وطبعا دفع وليد المبلغ مضاعفا لأنه لم يترك السيارة عنده يومين بل أصلحها في الحال وسار من جديد بالسيارة باحثا عن محل يمكن أن يجدوا عنده أي شئ ترتديه بلا فائدة وتوقف عند محل فوجده ملابس أطفال وعندما عاد الى السيارة قال :
- لا فائدة ....حتى أكبر مقاس لا يمكن أن يكون شورت لك .....لقد يأست ..أما من محل واحد يعمل في هذا اليوم ......
- وليد ....أنا ......
- أعرف أرجوكي ....لا تظني أني سأتخلى عنك سأفعل المستحيل ولكن فقط كيف وأين؟!
- وليد ...أنا ....أنا أردت أن .....
- ربما إذا ذهبنا الى الشوارع الغير مشهورة بوجود محلات ملابس فيها ..قد نجد أي محل يعمل اليوم....
- وليد ....لم أعد استطيع التحمل....
- ما الأمر ؟.....هل أصابك شئ ؟...
- أنا ....أنا .....
- هل تشعرين بألم في معدتك ؟....
- .......أريد الذهاب الى الحمام.....
فاتسعت عيناه عندما اطلقت هذة الجملة وازداد احمرار وجهها وهو يحدق بها دون كلمة فصرخت قائلة :
- لماذا تنظر الى هكذا ؟ نحن على هذا الحال أكثر من ثلاث ساعات .....
- لا ....لا ...أنا آسف ....فقط ....يالغبائي ولكن .... لا يوجد مكان ....ربما محل ....لا أنه مغلق ...ماذا عن ....هذا أيضا مغلق...
- أرجو أن تسرع ....فأنا ....غير قادرة على التحمل.....
- لما لم تقولي لي منذ مدة ؟ّ..
- كنت محرجة ....
- هذا ليس شيئا محرجا ....اني لا أعرف أين آخذك ....
وسار بالسيارة متجها لمكان يعرفه و يتمنى ألا يكون مغلقا فقالت فجأة :
- وليد توقف!!!! ....
- ماذا ؟...لم نصل بعد..
- لا لن استطيع....أنظر الى تلك القهوة ....
- لا لا يمكن ...إنها مليئة بالرجال ...لا يمكنني أن أتركك تذهبين ...
- إذن تعالى معي ولكني سأنزل بأي طريقة حالا ...
فساعدها على النزول وخلع سترته وغطى ساقها وتحدث مع من يعمل هناك وهي تصدم رسخها بصدره لتحثه على الإسراع حتى تركها تدخل ووقف خارجا يحرس المكان وشعرت رغدة بإحراج لم تشعر به في حياتها ...كيف يمكن أن تشعر في مثل هذة اللحظة وهي مع شاب في هذا الموقف الحساس وعندما خرجت عاد ليغطي ساقها بسترته وأعادها الى السيارة وأخيرا قال :
- آآآآه حمدا لله .....لقد مر الأمر بسلام...
- لم أشعر بمثل هذا الإحراج في حياتي كلها ...
- هاي نحن في المأزق معا وأنا آخر شخص يجب أن تشعري نحوه بالخجل هذا يحدث لكل الناس
- ماذا سنفعل الآن؟.....
- أسمعي ألا يوجد سبيل لدخولك شقتك اليوم ؟..
- لا يوجد حل إلا إذا كسرت الباب وهذا سيغضب صاحبها بشدة
- نعم هذا مستحيل...إذن ....
- إذن أليس لديك أحد في أسرتك عنده تنورة استطيع استعارتها لأسافر؟!...
فسكت قليلا وسأل نفسه لما لم يفكر في هذا ثم قال :
- والدتي ميتة منذ خمس سنوات وليس لدي سوى أخي الأكبر أليس لديك أقارب هنا؟
- لا ....لكن انتظر ...إن ابنة عم والدي تعيش في هذة المدينة وأعرف عنوانها
- إذا هيا بنا...
وبعد أنا وصلا صعد بدلا عنها نظرا لحالتها المزرية ولكنه عاد وحده :
- ماذا حصل ؟.... أرجوك لا تقل لي أن العنوان خطأ ....
- لا....العنوان صحيح ....ولكن ابنة عم والدك عند ابنتها في القاهرة لأنها تلد حاليا
- إذن لا يوجد أحد في الأعلى؟! ...
- نعم لقد علمت من الجيران ...
- رباه....آه أنظر...الساعة الخامسة الآن حتى قطار الخامسة فاتني...لم يتبقى سوىقطار السابعة وحينهاسأعود الى البيت وسط الليل ....ياربي ماذا سأفعل ؟
- حتى أن كل أصدقائي ليسوا هنا اليوم ولا أعرف من أين أحضر لك تنورة ....عاصم لديه أمه ولكنها تصيف هي أيضا ومعه مفتاح البيت ولكن هذا سيتطلب سفر لمدة ثلاث ساعات ذهابا و أخرى إيابا كما أني لا أعرف العنوان جيدا
- لا داعي لذلك فلا فائدة.....
- مهلا لا تصعبي الأمور.....يا إلهي لقد تذكرت شيئا ...كم أنا غبي كيف نسيت ذلك؟!
- ماذا ...هل وجدت طريقة تحضر لي بها تنورة؟!......
- لا....لكن إننا لم نأكل شيئا منذ خمس ساعات كيف حصل هذا ؟
وحينها أصدرت معدتها صوتا ردا على كلامه فنظرا لبعضهما وضحكا بشدة فقال :
- ها هي معدتك تعبر عن إمتعاضها ...كم أنا قليل التهذيب...أنا آسف للغاية
- أرجوك....ليس عليك أن تطعمني أيضا ...
- ماهذا الكلام ؟ ألم تحصل مواقف كفيلة بأن تجعلك صريحة معي ؟....هيا بنا
وسار الى أحد المحلات الأطعمة الجاهزة وأحضر وجبة كبيرة لكليهما وبعض المشروبات الغازية وظلا يتناولاها بسعادة :
- كل هذا !!...يالك من سخي
- هذا لكي ننسى همومنا قليلا .....
- لم أكن أعلم أنك يمكن أن تأكل كل هذة الكمية...
- أنا عادة لا آكل كثيرا فلقد أعتدت بعد موت والدتي أن آكل لوحدي فأخي يعود من العمل متأخرا و والدي يعود في وقت باكر عني فنحن الثلاثة قل ما نجتمع على مائدة واحدة ولهذا لم تكن لي شهية في الأكل يوما
- ولكنك أكلت كثيرا الآن...
- هذا لأنك معي....
وابتسم برقة وابتسمت له هي الأخري ....ياه كم هو وسيم وهو يبتسم بهذا الشكل يكون جذابا.....هكذا حدثت رغدة نفسها وبعد أن انتهيا اشترى لها أيس كريم فقال :
- كم أحب هذا الأيس كريم ...أنه رائع أليس كذلك ؟
- هاها!!.....يوجد أيس كريم على أنفك ؟
- ماذا ....ماذا قلت ؟!
فأمسكت منديلا ومسحت له أنفه فسحرته بهذة الحركة و بضحكتها على منظره ولكن من يبالي وهو مع هذة الفاتنة أنه أسعد يوم في حياته وبعدها شعر بالإندهاش كيف يكون أسعد يوم في حياته وهو تائه في الشوارع هكذا ولا يعرف كيف يحل هذة المشكلة .....
ظلا يتحدثان معا في أمور كثيرة مختلفة وعندما علم أنها مخطوبة غضب وتغير مزاجه ولاحظت رغدة عليه ذلك ولكن جملتها الأخيرة حسنت من مزاجه قليلا حيث قالت :
- لن أستطيع أن أحضر حفل الخطوبة غدا بعد ما حصل اليوم .....على أية حال أنا سعيدة لذلك!!!!
- لما ؟!...ظننت أن أي فتاة سعادتها في أن تكون مخطوبة....
- هذا إذا كانت تحب ذلك الشاب......
- هل هذا يعني أنك لا تحبينه ؟
فصمتت ولم ترد عليه فابتسم بسعادة وقال لها :
- هذا يسعدني كذلك......
فشعرت أنه هو الآخر معجب بها وإن كان قليلا وعرفت من خلال حديثهما أنهما متفقان في أمور كثيرة جدا وشعرت أنه الشخص الذي كانت تبحث عنه منذ زمن ولكن حل الليل عليهما وهما في مشكلتهما وفاتها قطار الثامنة ولم يعد هناك فائدة فانفجرت باكية بحسرة :
- ماذا أفعل الآن ؟!.....أين سأبيت حتى هذة الليلة ....لا أستطيع الإتصال بصديقتي لأطلب منها العودة فلا أعرف رقم هاتفها الجديد .....لقد ضعت ...ماذا يمكن أن أفعل؟!
- لا!!....أرجوك لا تبكي ...ماهذا الذي تفعلينه ؟!....كل مشكلة ولها حل إهدأي ....لا تنسي أني معك وسنجد حلا بإذن الله .....
وظلت تبكي ولكنه ظل يواسيها ويقول لها نكات كثيرة حتى تخلل البكاء بعض الضحك وأخبرها بنكتة أخيرة حتى انفجرت في الضحك وبعدها شغل بعض الأغاني في جهاز التسجيل الخاص بالسيارة وأحضر لها شرابا لتسترخي وظل يحدثها عن أشياء عامة مختلفة لينسيها حزنها وشعرت كم هي محظوظة أنها معه ولكن المشكلة أين ستقضي ليلتها اليوم فقال لها :
- اسمعي جائتني فكرة نيرة ....لما لا أعطيك أحد سراويلي ستكون أكبر من حجمك دون شك ولكن إنها حل ما رأيك ؟!
- إنها فكرة رائعة ولكن لا فائدة فأين سأبيت الليلة
- فقط دعينا ننفذ هذة الفكرة ومن ثم نفكر أين ستبقين.....
وانطلق الى بيته وأحضر لها سروال أسود وأخذها الى أحد الأماكن التي يوجد بها حمام لترتديه وبعد أن انتظرها بالخارج طويلا سألها من خلف الباب :
- كيف سارت الأمور ؟
- أنه ضخم جدا ....كما أن خصره متسع ويسقط بمجرد أن أتركه
- ماذا عن الحزام ...استعملى الحزام!!!!
- لا يوجد به ثقب يماثل حجم خصري....
- أعطني الحزام لأثقبه لك
وجلس فترة يبحث عن أي أداه ليثقب بها الحزام وبعد أكثر من نصف ساعة استطاعت أن تستعمل الحزام وعندما خرجت ليراها لم يستطع منع نفسه من الضحك والسروال طويل جدا عليها وواسع ولا يناسبها إطلاقا فصرخت بغضب :
- كفاك ضحكا .....أنا أعرف أنه لا فائدة سوف أذهب لأغيره
- لا...لا ..لاتفعلي أنا آسف ....كيف لم تأتي لي هذة الفكرة قبل الآن؟
- لا وهل تظن أني كنت سأسافر هكذا ؟....لعملت في سيرك كان أفضل لي!!!
- حسنا إهدأي الآن حللنا مشكلة ساقك وبقيت مشكلة السكن
و عادا للسيارة وظل يفكر ثم قال لها :
- لا يوجد حل سوى أن تنامي في فندق هذة اليلة ...ما رأيك ؟
- لا بأس إن كان الحل الوحيد
وسار بها الى أقرب فندق وكانت الساعة قد تجاوزت العاشرة فلم يجد فيه غرفة شاغرة فانطلقا الى فندق آخر فلم يجدوا فيه مكان كذلك وظلا هكذا حتى وصلوا الى الفندق الخامس وخرج منه عائدا لها قائلا :
- لا فائدة .......الأعياد فيها مشكلة وكل الناس جاءت لها فكرة الفنادق على ما أظن
- ماذا يعني هذا ؟ حتى المكان لا أستطيع أن أنام فيه هذة هي ما يسمونها سخرية القدر
- ماذا نفعل برأيك؟
- لا أعرف...حقا ....ماذا أفعل يا وليد ؟!
وسكت ناظرا اليها طويلا ففهمت من نظرته ما أراد قوله :
- إياك أن تقولها ....أرجوك من المستحيل أن أفكر في استعمال شقتك لا تحاول معي... أبدا مهما تقول....
- حسنا كنت أعرف أنك لست هكذا ولكن ألا يوجد أحد تعرفينه هنا؟
- لو كنت أعرف أحدا لما أنتظرت كل هذا الوقت
- إذن ...آه .....أنا آسف يا رغدة ولكني تعبت جدا أشعر بآلام شديدة في ظهري وقدمي بسبب القيادة المتواصلة وأحتاج لبعض الراحة ولو لعشر دقائق
- لا عليك أنا آسفة كنت فظة في التعامل معك ولكني لا أعرف لماذا سكرت في وجهي كل الأبواب.....
وحينها فرد كرسيه ليستطيع الإستلقاء عليه وقال لها بهدوء :
- ربما من المقدر لنا أن نكون معا ...قد لا يعجبك كلامي ولكن في كل مرة كنت أدخل فيها أي فندق كنت أدعو الله فيها ألا توجد غرفة لأني....أردتك معي أطول وقت ممكن.....!!!
- كيف يمكن أن تكون بهذة الأنانية ؟!....قد أنام في الشارع هذا اليوم....
- أنا آسف ....آسف جدا ولكن ألا ترين أن القدر غريب أن جمعنا بهذا الشكل؟!. ....دعك من هذا ودعينا نتكلم قليلا.....
ظلا يتحدثان نصف ساعة حتى يريح جسده وضحكا معا وكأنهما ليسا في مصيبة كبرى ونسيا ما في ذهنهما من هموم و شعر كل منهما أنه فعلا قد أحب الآخر وأخيرا بدأ القيادة من جديد وظل يبحث لها عن مكان تبيت فيه فلم يجد وتوصلت رغدة الى قرار بأن تنام في السيارة وبعد رفضه لأنه خطر عليها فقالت أن هذا هو الحل الأخير فتوجه بها الى بيته وصعد ليحضر لها ما يلزمها من الأغطية والطعام وغيره وطلب منها أن تغطي حتى وجهها حتى لا يعرف أحد أنها فتاة تنام وحدها في سيارة وأن تتصل به اذا حصل أي شئ وبعد أن فعلت ذلك صعد من جديد الى شقته .....
وبعد عشر دقائق وجدته قد نزل من جديد ففتحت له :
- ماذا ؟.....هل نسيت شيئا ؟
- لا يمكن أن أتركك تنامين وحدك في السيارة طوال الليل .......قد أفقد عقلي من قلقي عليك...
- لا عليك إن صديقتي ستعود الساعة السادسة صباحا كما أن شارعك هادئ ولا يوجد فيه أحد
- لا لا يمكني أن أنام ......أنا مسئول عنك ....لا يمكن أن أتركك هكذا
- في هذة الحالة تكون فعلت خيرا لأني لن أستطيع النوم أيضا من القلق
- هل نتحدث سويا حى يطلع الفجر؟
- هذا عذاب.... أليس كذلك؟
- ليس لدي مانع فهذا أرحم بكثير من العذاب الذي كنت سأتعذبه لو نمت في الأعلى وقلبي وعقلي مشغولان بك
وصعد الى السيارة وظلا يتحدثان طوال الليل ولم تشعر أنها تعرفت الى شخصية أحد في حياتها كما تعرفت اليه ذلك اليوم وتحدثا في كل المواضيع تقريبا فكانا يبحثان عن أي شئ يضيعان به الوقت وبعد أن سكتا فترة قال وليد :
- لم أعلم أني ثرثار لهذة الدرجة .....لكني معك أشعر حقا بالراحة والرغبة في الحديث
- لا أستطيع أن أنكر ذلك أيضا
- إذن أعدك أني سوف أشتري لك غدا أفضل تنورة على الإطلاق وارسلها لعنوانك في مدينتك ....ماهو عنوانك بالمناسبة؟
وبعد أن أعطته العنوان بدأت أشعة الشمس تنطلق في الأفق :
- ياه أنظر.....كم هو منظر الشروق رائع وممتع
- أنه كذلك ...لم أشاهده في حياتي....أنه يوحي بالأمل فبعد كل ليل مظلم لابد وأن يطلع النهار بالبهجة والأمل وهذا يعطينا أملا في أن أي مشكلة لها حل
- أنت محق.........ربما يكون اليوم أصعب يوم في حياتي ولكن لا أدري لماذا أشعر ببعض السعادة
- أما أنا فلم أشعر لحظة بالحزن أو الغضب إلا على حالك طبعا وإنما استمتعت بكل لحظة عشتها معك اليوم
وتشابكت نظراتهما طويلا جدا حتى شعرت رغدة أن عينيها ستدمعان فتسارعت أنفاسه ونهض فجأة واتخذ وضعية القيادة وسار بها الى شقتها من جديد وكانت الساعة قد تجاوزت السادسة وتوقف عند باب عمارتها وظل صامتا لا يريد أن يطلب اليها الصعود وهي لم تتحرك من مكانها فظلا فترة ساكنين هكذا حتى قال أخيرا :
- لا تفعلي ......لا ترتبطي بفادي .....أرجوك.....لا تفعلي ذلك....
- وليد ......أرجوك....
- .....أنا ...أنا أحبك يا رغدة ....أحبك بشدة!!!!
فالتفتت له والتفت لها شعرت برغبة في أن ترمي نفسها بين أحضانه فهي تحبه الآن أكثر بكثير من أن تعبر له عن ذلك بالكلمات وتساءلت كيف أحبته من يوم واحد قضته معه وانهمرت دموعها وصافحت يده فارتعشت يده وارتجف جسدها كله وقالت بصوت مخنوق :
- لا أعرف كيف أشكرك ...الوداع...
وصعدت مسرعة الى شقتها وارتمت في أحضان صديقتها باكية حائرة لا تعرف ماذا تفعل حيال مشاعرها المتدفقة في كيانها وماذا تفعل حيال فادي المسكين الذي لا ذنب له في كل هذا أما وليد فظل منتظرا أسفل شقتها فربما تحصل معجزة ولا تجد صديقتها فتعود اليه لكن هذا لم يحصل
عادت الى أسرتها وقررت مواجة الموقف وألا تخدع فادي فهي لا تحبه وإن كان قرارا قاسيا للغاية ولا مبرر له ولكن أحدا لم يفهم ما يجول في خاطرها فلم يسبق لها أن أحبت أحدا بهذا الشكل كما أحبت وليد ....
بعد يومين جاءتها والدتها تقول أن شاب جاء ليتقدم لخطبتها وعندما رأته وجدته وليد فجرت نحوه تكاد تنفجر من سعادتها ورأته يحمل في يده علبة كبيرة :
- هذة هديتي .....كما وعدتك.....كم أنا سعيد أنك لم تخطبي لفادي كما عرفت من صديقتك منال !!!
- أنا لم أحب في حياتي سواك يا وليد.....
وعندما فتحت العلبة وجدتها ثوب زفاف أبيض تنورته مطرزة بمختلف الأشكال فنظرا لبعضهما وضحكا وبعد ذلك بشهرين تزوجا وكان وليد في حفل زفافهما يتأكد كل فترة من سلامة تنورة ثوبها حتى لا تتمزق كما حصل في السابق......
النهاية
أتمنى تكون عجبتكم وكل عام وأنتم بألف خير ولا تنسوني في الردود
|