المنتدى :
ركن شهر رمضان المبارك
الحث على زيادة الاجتهاد في الأعمال الصالحة في [ العشر الأخيرة ] من رمضان
الحث على زيادة الاجتهاد في الأعمال الصالحة في [ العشر الأخيرة ] من رمضان
كلمه لفضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وكل من تبعه بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد : أيها المسلمون إنكم في هذه الأيام تستقبلون عشرًا مباركة هي العشرة الأواخر من شهر رمضان ، جعلها موسمًا للإعتاق من النار ، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخص هذه العشر بالاجتهاد في العمل أكثر من غيرها كما في " صحيح مسلم " عن عائشة - رضي الله عنها - : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجتهد في العشر الأواخر ما لم يجتهد في غيرها ) .
وفي " الصحيحين " - عنها - قالت : ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ) ، وهذا شامل للاجتهاد في القراءة والصلاة والذكر والصدقة وغير ذلك ، وأنه - عليه الصلاة والسلام - كان يتفرغ في هذه العشر لتلك الأعمال - فينبغي لك أيها المسلم الاقتداء بنبيك فتتفرغ من أعمال الدنيا أو تخفف منها لتوفر وقتًا للاشتغال بالطاعة في هذه العشر المباركة .
ومن خصائص هذه العشر : الاجتهاد في قيام الليل ، وتطويل الصلاة بتمديد القيام والركوع والسجود وتطويل القراءة ، وإيقاظ الأهل والأولاد ليشاركوا المسلمين في إظهار هذه الشعيرة ويشتركوا في الأجر ويتربوا على العبادة ، وتعظيم هذه المناسبات الدينية .
وقد غفل كثير من الناس عن أولادهم فتركوهم يهمون في الشوارع ويسهرون للعب والسفه ولا يحترمون هذه الليالي ولا تكون لها منزلة في نفوسهم ، وهذا من سوء التربية ، وإنه لمن الحرمان الواضح والخسران المبين أن تأتي هذه الليالي وتنتهي وكثير من الناس في غفلة معرضون . لا يهتمون لها ولا يستفيدون منها . يسهرون الليل كله أو معظمه فيما لا فائدة فيه أو فيه فائدة محدودة يمكن حصولهم عليها في وقت آخر ، ويعطلون هذه الليالي عما خصصت له ، فإذا جاء وقت القيام ناموا وفوتوا على أنفسهم خيرًا كثيرًا ، لعلهم لا يدركونه في عام آخر ، وقد حملوا أنفسهم وأهليهم وأولادهم أوزارًا ثقيلة لم يفكروا في سوء عاقبتها ، وقد يقول قائل منهم : إن هذا القيام نافلة وأنا يكفيني المحافظة على الفرائض ، وقد قالت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - لأمثال هؤلاء : ( بلغني عن قوم يقولون إن أدينا الفرائض لم نبال أن نزداد ، ولعمري لا يسألهم الله إلا عما افترض عليهم . ولكنهم قوم يخطئون بالليل والنهار ، وما أنتم إلا من نبيكم وما نبيكم إلا منكم ، والله ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيام الليل ) .
ومن خصائص هذه العشر المباركة : أنها يرجى فيها مصادفة ليلة القدر التي قال الله فيها : ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ . عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
ولا يظفر المسلم بهذه الليلة العظيمة إلا إذا قام ليالي العشر كلها لأنها لم تتحدد في ليلة معينة منها ، وهذا من حكمة الله - سبحانه - لأجل يكثر اجتهاد العباد في تحريها ويقوموا ليالي العشر كلها لطلبها فتحصل لهم كثرة العمل وكثرة الأجل ، فاجتهدوا - رحمكم الله - في هذه العشر التي هي ختام الشهر ، وهي ليالي العتق من النار .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شهر رمضان : ( شهر أوله رحمه ، وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار ) ، فالمسلم الذي تمر عليه مواسم الرحمة والمغفرة والعتق من النار في هذا الشهر وقد بذل مجهوده وحفظ وقته والتمس رضى ربه ، إن هذا المسلم حري أن يحوز كل خيرات هذا الشهر وبركاته ويفوز بنفحاته ، فينال الدرجات العالية بما أسلفه في الأيام الخالية .
نسأل الله التوفيق والقبول والعفو عن التقصير .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
|