المنتدى :
عالم ماوراء الطبيعة
الخرافات عند العرب
الخرافات عند العرب :
ان القرآن الكريم يبين ان من اهداف بعثة رسول اللّه (ص ) ا نه ( يضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم ) ((238)) .
فما هو الاصر وماهي الاغـلال التي كانت عليهم ؟ لا شك ا نها لم تكن اغلالا من حديد , بل الغرض منها هي تلك الاوهام والخرافات التي كانت تمنع عقولهم وافكارهم عن الرشد والنمو , ولا شك ا نها لا تـقـل عن اغلال الحديد ثقلا وضررا , اذ هذه الاغلال قد لا تنفك عن صاحبها حتى الموت وهي تـمـنعه عـن كل حركة حتى لحلها , في حين لو كان الانسان ذا عقل حرسليم كان بامكانه ان يكسر كل طوق او قيد.
ان من مفاخر رسول الاسلام (ص ) ا نه كافح الخرافات والاوهام ,وغسل العقل البشري منها.
ان ساسة العالم الذين لا يهمهم شي سوى الرئاسة على الناس ,يحاولون الافادة من كل شي في سبيل اغـراضـهـم ومقاصدهم , فاذا كانت العقائد الخرافية والقصص القديمة مما يمكن ان تؤيد حكومتهم ورئاستهم , فلامانع لهم من ان يروجوا لها ويفتحوا السبيل امامها , وحتى لو كانوااناسامفكرين ذوي راي ومنطق فانهم سوف يدافعون عن هذه الخرافات باسم احترام آرا الناس وافكارهم واعتقاداتهم .
اما رسول اللّه فانه لم يمنع عن تلك العقائد الخرافية التي تضر بالمجتمع فحسب , بل كان يكافح حتى الافـكـار التي كانت قد تؤيده وتدعم هدفه ,وكان يسعى الى ان يكون الناس ابنا الدليل والمنطق لا القصص والخرافات .
فـقد روى البرقي في كتابه ((المحاسن )) بسنده عن ابي الحسن موسى بن جعفر (ع )ا نه قال : لما قبض ابراهيم ابن رسول اللّه (ص ) جرت في موته ثلاث سنن : اما واحدة : فانه لما قبض انكسفت الـشـمس فقال الناس : انماانكسفت الشمس لموت ابن رسول اللّه , فصعد رسول اللّه (ص ) المنبر فحمداللّه واثنى عليه ثم قال :
((ايـهـا الناس احد ولا لحياته فاذا انكسفا او احدهما صلوا)).
ثم نزل مـن المنبر فصلى بالناس الكسوف ((239)) ان فكرة كسوف الشمس لموت ابن رسول اللّه كـان مـمـا يرسخ العقيدة برسول اللّه في نفوس الناس , وهو من ثم يؤدي الى انتشار رسالته ولكنه (ص ) لم يرض ان يتايدبالخرافة .
ان كـفـاح رسـول اللّه (ص ) ضـد الـخـرافات و على راسها عبادة الاصنام والاوثان واتخاذ بعض المخلوقات اربابا لم يكن دابه في رسالته فحسب بل انه كان يكافح الاوهام والخرافات حتى في دور طـفـولته وصباه فقد روى المحدث المجلسي في موسوعته ((بحار الانوار)) عن كتاب ((المنتقى فـي احـوال الـمـصـطـفـى ))للكازروني من العامة , بسنده عن ابن عباس عن حليمة السعدية ا نها قالت ((فلما تم له ثلاث سنين قال لي يوما : يا اماه يـرعـيـان غنيمات , قال : فمالي لا اخرج معهما ؟ قلت له :تحب ذلك ؟ قال : نعم فلما اصبح دهنته وكـحـلـتـه وعـلـقت في عنقه خيطا فيه جزع يمانية فنزعها ثم قال لي : مهلا يا اماه يحفظني )) ((240)) .
الخرافات في عقائد العرب الجاهليين :
ان عـقـائد جميع امم العالم كانت حين طلوع فجر الاسلام خليطابانواع من الخرافات والاساطير , فـالاسـاطـير الساسانية واليونانية كانت تسود على افكار امم كانت تعد من ارقى امم العالم يومذاك وحـتـى الـيوم يوجد بين امم العالم خرافات كثيرة لا تستطيع الحضارة الحاضرة ان تنفيها من حياة الناس .
وقـد سجل التاريخ خرافات واساطير كثيرة للناس في شبه جزيرة العرب , جمع كثيرا منها السيد مـحمود الالوسي في كتاب اسماه ((بلوغ الارب في معرفة احوال العرب )) مع ذكر شواهد لها من الشعر الجاهلي وغيره , بمراجعة هذا الكتاب ومثله يواجه المر شيئا كثيرا من الخرافات قد ملات عقول العرب الجاهليين , وكانت هذه الاساطير احدى عوامل التخلف فيهم عن سائر امم العالم آنذاك , وكانت كذلك اكبر سد امام تقدم الاسلام فيهم ايضا ,ولهذا كان النبي (ص ) يسعى جاهدا ان يحبط تـلك الاساطير والاوهام من آثار الجاهلية , فحينما ارسل ((معاذ بن جبل )) الى اليمن امرة قائلا : ((وامت الجاهلية الا ماسنه الاسلام , واظهر امر الاسلام كله صغيره وكبيره )) ((241)) .
وهنا ناتي نحن بنماذج من خرافاتهم :
ا ـ اشعال النار للاستسقا :
كـانت الجزيرة العربية تواجه الجفاف في اكثر فصول السنة , فكان الناس يجمعون حطبا من شجر القشر والسلع فيربطونها بذيل الثور ثم يسوقونه الى سفح الجبل فيضرمون النار في حزمة الحطب فـتـشـتـعـل , ويـبـداالثور يركض ويخور وهم يرون ذلك تقليدا للبرق والرعد , فالبرق النار في الحطب والرعد خوار الثور والبقر , ويرون ذلك مفيدا لهطول الامطار ب ـ يضربون الثور لتشرب البقرة :
كـانـوا يردون بقطيع البقر الما وقد يشرب الثور ولا تشرب الابقار ,فيرون ذلك من وجود الجن في قرون الثور فيضربون الثور لتشرب البقر فاني اذا كالثور يضرب جنبه ـــــاذا لم يعف شربا وعافت صواحبه ج ـ يكوون الجمل السالم لتصح الابل :
كانوا اذا مرضت الابل وظهر في فمها او على اطرافها قروح او بثور ,ياتون ببعير سالم فيكوون شـفـاهـه وساعديه وذراعيه , لتصح سائر الابل كمايتوهمون حسب خرافاتهم وقد يحتمل بعض الـمتاخرين من المؤرخين ان ذلك كان عملا وقائيا بل علاجا علميا ذلك بواحدمن الابل بدلا من الكل , نعلم ان ذلك لم يكن الا خرافة ووهما.
د ـ يحبسون بعيرا على القبر ليحشر الميت عليه :
كانوا اذا مات كبير منهم حفروا قرب قبره حفيرة وحبسوا بهابعيراوتركوه يموت جوعا وعطشا , يزعمون ان الميت يركبه ولا يبقى راجلابلاراحلة ه ـ يعقرون بعيرا عند قبر الميت :
كانوا اذا مات كريم منهم كان ينحر الابل لاضيافه , يعقر اقرباؤه بعيراعند قبره تكريما للميت وثنا عليه وحـارب الاسـلام كـل ه ذه الاوهـام , بل انها انما كانت ظلما للحيوان ,واذا ماقارناها نحن باحكام الاسلام بشان حماية الحيوان راينا ان الاسلام كـان ثورة على هذه الافكار السائدة في ذلك المحيط الجاهل ويكفينا من بين عشرات الاحكام ان الاسلام قرر للحيوان حقوقا على صاحبه ((242)) .
و ـ علاج المرضى :
كـانوا يرون ان الملدوغ والملسوع لو كان معه شي من النحاس مات ,وكانوا يعالجونها باناطة عقود وقـلائد الذهب والفضة برقبتهما وكانوا يعالجون عضة الكلب المكلوب (دا الكلب ) بدم كبير القبيلة او شيخ العشيرة يضعونه على موضع الجراح احلامكم لسقام الجهل شافية ـــــكما دماؤكم تشفي من الكلب .
وكـانوا اذا ظهرت على احد منهم سمات مس الجنون لجؤوا لطردالارواح الشريرة منه الى عظام الـموتى والاقمشة الملوثة بالاوساخ والقاذورات فعلقوها برقبته ولدفع الجنون عن الجنين والبنين كـانـوا يـعـلـقون سـن السنور والثعلب بخيط فيعلقونها برقابهم وكانت الام اذا رات في فم اوشفاه اولادهـا بـثـورا حـملت على راسها طبقا وطافت على دور القبيلة فجمعت شيئا من الخبز والتمر واطـعـمـتـهـا الكلاب ليطيب بنوها وكان نسا الحي يراقبن ابناهن كيلا ياكلوا شيئا من ذلك الخبز والـتـمـر فـيـصـابـوا بذلك الداء واذا استمرمرض احدهم قالوا انه قتل حية او غيرها من الجن ,
ولـلاعـتـذار مـن الـجـن كـانـوا يـصـنـعون بعيرا من الطين يحملونه التمر والحنطة والشعير ويـتـركـونـه بـبعض شعاب الجبال ,فاذا راوا الحمل بعد ذلك قد تغير شي منه قالواان الهدية قبلت وسيطيب المريض , والا قالوا : انهم استقلوا الهدية فلم يقبلوابها وكـانـوا اذا دخـلـوا قرية وخافوا الجن او الطاعون صاحوا في مدخل القرية عشر مرات بصوت الـحـمـير (النهيق ) وقد يعلقون برقابهم عظم الثعلب فلبسوها بالمقلوب كي ينقلبواالى اهلهم فـاذارجـعـوا ووجــدوه كـما هو اطما نوا الى وفا ازواجهم وعدم خيانتهن لهم ,
اما اذا فقدوه او وجدوه قد حل اتهموا ازواجهم بخيانتهم من ورائهم وكانوا اذاسقط سن من اسنان اطفالهم رموا به الـى جـهـة الشمس وقالوا : ايتها الشمس اعطينا سنا احسن من هذا اولادها تطا القتيل سبع مرات ويرون ان ذلك نافع لها ليبقى لها ولدها بعد هذا.
هـذه نماذج من الخرافات التي كانت قد خيمت على محيط حياة العرب في عهد الجاهلية فجعلت منه عهدا مظلما اسود ومنعت عقولهم من الرقي والنمو.
تحياتي للجميع
|