المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
انهيار - إهداء لشهداء الدويقة
إنهيار
منتدى ليلاس الثقافي
فتح عينيه في السابعة كالعادة . لماذا السابعة بالذات كل صباح؟ لا يدري. ربما تأصلت فيه هذه العادة منذ كان طالباً في الجامعة حيث كان يستيقظ مبكرا ليلحق بالأتوبيس الذي يكاد ينفجر من كثره ركابه فيتعلق فيه بيد واحدة علي آخر درجات السلم و يتشاجر معه كل قادم جديد يحاول أن يجد مكانا في الأتوبيس حتى و إن كان لقدم واحده و يصل للجامعة و هو يشعر أنه قد فقد كرامته و ربما فقد معها في كثير من الأحيان بضع أزرار من قميصه. و لكن لابد أن يحتمل . دخوله الجامعة من الأساس تم بمعجزه غير مفهومة. أخوته الستة الآخرين اكتفوا بالدبلوم فقط أما هو فتمني التعليم الجامعي و كانت مفاجأة أنه قد حصل عليه .. لماذا لا تتحقق كل أحلامه مثل ذلك الحلم؟؟ تمني دائما أن يسكن في مكان آخر يختلف عن منزله الذي يقع في حضن الجبل . تنهد و غمغم لنفسه: ربما كانت أحضان الجبل أحن من أحضان البشر .. تذكر كيف اقتنع أبواه بأن يلحقاه بالجامعة. كانا يعتقدان أنه ما أن يتخرج حتي ينشلهم من الفقر الذي يعيشون فيه .. توقعوا منه الكثير و لكنهم للأسف لم يحصلوا علي شئ. عشر سنوات مرت منذ تخرج من الجامعة و بدأ الشيب المبكر يغزو رأسه. شيب فقط؟ هذا أقل ما يجب. عشر سنوات منذ تخرجه من كلية التجارة . . فماذا حدث؟ ذابت قدماه للبحث عن عمل و فالنهاية أقتنع بأنه لا يملك تلك الكلمة السحرية التي تفتح كل الأبواب.. الوساطة .. و من أين يملك ابن الدويقة مثل ذلك الشئ . عضه الجوع و الفقر فأقتنع بأن يعمل في النهاية في لك المحل الحقير .. يقف علي قدميه كل يوم من التاسعة صباحا و حتي منتصف الليل .. تقلب مرة أخري في فراشه فاصدم بأخيه الذي ينام بجواره .. لماذا يستيقظ في السابعة مادام عمله في التاسعة؟. حاول أن يفكر في مستقبله و لكن أي مستقبل؟ عمل؟ لن يستطيع الحصول علي عمل جيد أبدا كما هو واضح. زواج ربما؟ لقد حضر أول أمس حفل زفاف تاسع فتاه أحبها و تمني أن يرتبط بها. الفقر يا عزيزي هذا هو مستقبلك.. حاول أن ينام.. حتي النوم يعانده.. ألا يوجد شئ جيد في هذه الحياة؟ ربما كانت تلك الإشاعة صادقة .. يقولون أنهم سينقلوننا لمساكن جديدة.. هل يمكن أن نطفو يوما علي سطح الأرض مثل باقي الناس؟ هل يمكن أن يغادر ذلك البيت يوما الذي إذا تحدث فيه بصوت هامس سمعه جاره و كأنه يجلس معه في نفس الغرفة؟ هل يمكن أن ينظر يوما من شرفه منزله فيشاهد شيئا يختلف عن أكوام القامة التي يعمل في فرزها معظم سكان المنطقة. ابتسم لنفسه و قال: يا له من حلم لذيذ.. ابتسم لنفسه و لكنه عاد للتجهم .. نعم حلم ليس إلا.. تلك الإشاعات تتردد منذ أكثر من عشر أعوام و لا شئ يحدث .. لماذا لا يستطيع أن ينام.. فجأة سمع صوت ذلك الهدير و كأنه يأتي من بعيد.. لم ينتبه له في البداية و لكنه تنبه مع ارتفاع الصوت .. انهيار صخري.. صرخ بأعلى صوته.. استيقظ أخوته فزعين.. اندفعوا جميعا نحو الباب و لكن الجبل الذي كان حنونا عليهم من قبل أصبح أشبه بالبشر .. لا يتمهل .. كانت الصخرة أسرع من اندفاعهم.. ارتج المنزل بشدة .. بدأت الأحجار ترتطم برأسه .. سقط أرضا و سقط فوقه كل شئ .. انتبه لثانية و الصخرة تسحقه .. غمغم لنفسه: لا بأس هذا أفضل للجميع .. ثم عم الصمت و انتهي كل شئ.
|