لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات منوعة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات منوعة الروايات المنوعه


صورة للذكرى / ماري روك (رواية مكتوبة)

مرحبا للجميع هذي رواية (صورة للذكرى) حاطيتها كاملة ,, واتمنى انها تعجبكم مثل إلي قبلها ( ايهما انت ؟!) و (حب غير متوقع) :flowers2:,, اعذروني اذا في اخطاء املائية

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-08-08, 04:07 AM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات منوعة
Icon Mod 44 صورة للذكرى / ماري روك (رواية مكتوبة)

 

مرحبا للجميع
هذي رواية (صورة للذكرى) حاطيتها كاملة ,, واتمنى انها تعجبكم مثل إلي قبلها ( ايهما انت ؟!) و (حب غير متوقع) (رواية,, اعذروني اذا في اخطاء املائية او لغوية ..
و هذا الغلاف بعد التعديل ,,
(رواية

(رواية

(رواية


[COLOR="RoyalBlue"]الرواية ككتاب..[/COLOR](رواية

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس

قديم 22-08-08, 04:08 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

صورة للذكرى
لمخترع الكاميرا فضلا علينا... اختراعه حفظ ذكرياتنا على أوراق نحتفظ بها في صناديق و ألبومات و نعود إلها متى ما شعرنا برغبة في الرجوع إلى الماضي و ما يحمل لنا من معاني .. بصورة واحدة تعود الذكريات
فاحرصوا على التقاط ذكرياتكم
الشخصيات :
سارا مولر : امراة عصرية .. مثابرة و تحب العمل ...فتحت صندوق الصور و بدأت بها احداث هذه الرواية
جيمس بروكس : زوج سارا و والد طفليها .. يناديه المقربون منه بجيمي.. و هو العنصر الاساسي لذكريات سارا
فيكتوريا : فتاة في السادسة عشر من العمر.. ابنة سارا و جيمس
فيكي : او فيكتور و هو الابن الثاني لسارا و جيمس
الجنرال ادوارد مولر : والد سار و هو رجل تقليدي و متسلط
كارلا مولر : والدة سارا.. امرأة متفهمة و تائهة بين أوامر الجنرال و تمرد ابنتها
ستيف مولر : الأخ الاكبر لسارا
كلوديا : رئيسة سارا في العمل و صديقتها المقربة
براد : عشيق فيكتوريا و هو شاب محترم يعتمد عليه
تود : جار سارا.. زير النساء
ماثيو بروكس : والد جيمس .. و هو عضو في الكونغرس الامريكي .. رجل متغطرس و متكبر
كريستين : صديقة سارا القديمة و المقربة منها جدا في الثانوية ..
كلير: صديقة فيكتوريا المقربة

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 22-08-08, 04:10 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 


-1-

الساعة الان الخامسة عصرا .. المنزل هادئ الا من صوت التلفاز الذي لم يقف عند قناة معينة .. من قناة الى اخرى .. جهاز التحكم بيد و الهاتف باليد الأخرى .. كانت تضحك بصوت عالي مع الشخص بالجهة الاخرى من الهاتف ... و فجأة اهتزاز قوي جعلها تقفز من مكانها بهلع ليسقط جهاز التحكم من يدها عندما سمعت صوت ارتطام قوي هز المنزل بأكمله .. و الشيء المخيف ان الصوت صدر من العلية .. من الطابق العلوي للمنزل .. المكان المهجور .. مشت بتردد صاعدة الدرج خطوة خطوة ..كانت مشدود الاعصاب .. و قلبها يخفق بقوة ... همست في الهاتف الذي تحمله معها
- " ابقي معي على الخط .. اذا صرخت اتصلي بالشرطة "
اقتربت من باب المخزن لتفتحه و بدفع من رجلها بقوة .. انفتح.. تراجعت للخلف بحركة لاشعورية لكنها تقدمت لتلقي نظرة على الأتربة و الغبار المتطاير بالعلية محدثا دخان غريب و .. و سعال شخص ..شعرت بخوف غير طبيعي و كانت تتنفس بصعوبة .. فتراجعت للخلف و شكلت قبضة بيدها و رفعت الهاتف تستخدمه كسلاح .. تستعد لضرب الشخص المخفي وراء تلك الصناديق.. نزل الغبار و خف قليلا و استطاعت ان تلمح يدا من بين الصناديق و ما هي الا لحظات حتى عرفت الشخص خلف الصندوق الكبير عندما رأت الوجه و الشعر البني الذي تحول الى الابيض ..اقتربت منها بقلق و هي تساعدها على النهوض
- " امي .. هل انت بخير ؟ "
لم تستطع الاجابة على سؤال ابنتها لان السعال لم يتوقف .. فأسرعت لإحضار كوب ماء لها ,. تذكرت بأن صديقتها لا تزال على الخط تنتظرها فتكلمت و هي تنتزل الدرج قفزا .. و كانت تضحك
- "كل شيء بخير.. انها امي ..طبعا و من يكون غيرها... اتصل بك لاحقا "
ساعدت والدتها على الجلوس و قدمت لها كوب الماء.. احتسته بدفعة واحدة .. وقفت تنظر الى الفوضى حول والدتها .. صور مبعثرة .. و اوراق في كل جانب ..لعب اطفال .. ملابس قديمة .. صناديق اندثرت على الارض محدثة دمار كامل ..
- " ماذا كنت تفعلين ؟"
- " ارتب المكان .. حملت صندوقا ثقيلا بالخطأ فوقعت أرضا "
- " يا الهي.. هل تألمت ؟"
- " لا انا بخير .. انظري إلي .."
وقفت و هي تدور بخفة و تنفض الغبار من ملابسها و شعرها
- " نعم استطيع ان ارى الغبار قد حول شعرك الى اللون الابيض "
ضحكت والدتها ببراءة ثم انحنت تلتقط ما استطاعت من اوراق و صور
- " هيا .. ساعديني في الترتيب .."
- " سأفعل .. لكن تعديني بأن ترتاحي حالما تنتهين "
- " سأفكر بالامر .."
تركت ما بيدها و نظرت الى والدتها بقلق
- " لا لن تفكري .. انت لا تتبعين ما يقول لك الطبيب .. لقد أعطاك إجازة لأخذ قسط من الراحة لكنك تعملين و تعملين و تعملين ..دون اكتراث بكلامي او بكلام الطبيب او بصحتك"
بالفعل فمنذ ان اجرت سارا عملية جراحية قبل اسبوع تفترض اخذ قسط من الراحة اما بالفراش او الجلوس دون افتعال أي مجهود بدني لما للعملية من خطورة عليها خاصة و انها في مكان حساس كبطانة الرحم .. لكنها مع ذلك لم تستطع البقاء بالفراش بلا حركة.. لم تهدأ .. و هي هكذا على الدوام , بل هذه طبيعتها , تحب الحركة و العمل الشاق بل تحب ان تقوم بكل شيء بمفردها حتى الأعمال التي يفترض ان يقوم بها الرجال .. من دهن المنزل , تركيب الاثاث , تنظيف المطبخ و المنزل بأكمله , زراعة الحديقة , الاهتمام بالزهور , اخذ الاطفال الى المدرسة , و الان ترتيب و تنظيف المخزن .. لها نشاط غير طبيعي على الرغم من دخولها في الثانية و الثلاثين إلا أن لها طاقة تفوق طاقة ابنتها ذات الستة عشر عام بل أن ابنتها تحسدها على نشاطها المفرط .. كما أن لا يبدو عليها بأنها امرأة راشدة .. خاصة و ان منظرها الشبابي ببشرتها المشدودة و جسدها الرشيق الطويل و شعرها البني الكثيف الذي يسترسل إلى أسفل كتفها لا يدعو لكونها امرأة في سن الرشد .. و هذا بالاضافة انها تحب اللعب مع الاطفال و سهولة اندماجها مع المراهقين و الشباب فعندما تجلس معهم تكون كواحدة منهم .... و لباسها الذي يشبه لباس ابنتها العملي حتى انهما في بعض الاحيان يرتديان من ملابس بعض .. لذلك عندما تذهبان الى السوق او أي مكان عام تذكر ابنتها ان لا تناديها ب ( امي ) بل باسمها (سارا ) حتى لا يبتعد الرجال عنها غير مصدقين بانها ام عزباء جميلة .. او ان تلتفت النساء اليها شاعرات بالغيرة اتجاهها و يسألنها كيف تحافظ على شبابها و من تلك الامور من اسألة النساء المزعجة.. ففي احدى المرات ناد عليها فيكي " بإمي " فاستغرب البائع و قال لها
- " لم اعتقد بأنك أم .. اعتقدت بإنك فتاة في العشرين "
لكن سارا لم تعلق بل اكتفت بابتسامة .. لكن تغيرت ملامح وجهها عندما نادت فيكتوريا عليها "بإمي" هنا أصيب البائع بسكتة قلبية ففغر فاه و سأل سارا
- " يأ إلهي كم تبلغين من العمر ؟! "
و كعادتها سارا تشعر بالضيق فتخرج من المحل و تذكرهما بأن اسمها سارا و ليست امي ...
- " حسنا اذا يا حلوتي ساعديني في ترتيب الصور حتى انتهي بسرعة و ارتاح "
- " جيد "
اخذت سارا تنفض الغبار عن ملابسها و شعرها مما جعل فيكتوريا تضحك فنظرت إليها سارا بطرف عينيها ..
- " لم تضحكين يا شقية ؟"
- " كنت اتخيل شكلك بعد مئة عام "
- " سأقتلك .. انا مازلت شابة ..و سأظل هكذا حتى بعد مئة عام .. فلا داعي لتخيلاتك السخيفة "
- " لم اقل عكس ذلك "
- " حسنا لا تكثري الكلام و قومي بلم الصور التي تساقطت على الارض بينما اقوم انا بكنس الاتربة "
- " لك السمع و الطاعة حضرة الجنرال "
- " قريبا جدا .. سأقتلك "
- " لم ؟ ماذا فعلت ؟"
- " كفي عن الاستهزاء بوالدي "
- " و من قال اني استهزأت به .. اني أوليك احتراما كما تفعلين له انت .. انه يحب ان نناديه بالجنرال عوضا عن جدي "
- " هذا شأنه ..و شأني .. و الان هيا الى العمل"
كانت تكنس الأرضية دون ان تشعر بألم على الرغم من ان الجرح لم يبرئ بعد.. هذه هي والدتها التي تحب.. فبعد كل ما يجري رغم كل الضغوطات لا تنسى ان ترسم ابتسامة على محياها الجميل لذلك هي مشهورة و محبوبة في كل مكان تذهب اليه .. و أي شخص تعرفه يكن لها احترام و تقدير ..و ها هي الان تستمتع بالتنظيف اللذي تعتبره فيكتوريا امرا مزعجا .. و هي فخورة كونها ابنة سارا مولر .. اخذت فيكتوريا تلم الصور و تمسح عنها الغبار .. صور لها .. صور لاخيها عندما كان رضيعا .. صور لجدها و جدتها و خالها .. و صور لوالدتها و هي شابة انها لم تتغير ابدا فلا تزال تملك تلك البشرة الصافية المشدودة .. و ذلك القوام الرشيق و الاناقة البسيطة ...لطالما تساءلت فيكتوريا هل ستصبح بمثل والدتها بهذا الجمال و الرشاقة و النشاط عندما تدخل في الثلاثينيات ؟! انها جميلة بدورها لكنها ترى بأن والدتها اجمل منها بكثير فهي ايضا لها شعر بني كثيف و قوام رشيق لكن ليس لها نشاط والدتها المفرط .. و سحرها و جاذبيتها خاصة على الشبان في مختلف الاعمار .. فكثير من المرات عندكا تخرج مع والدتها يلحقان بهما الشباب اعتقاد بان سارا بعمرهم .. و لطالما لعبت عليهم هي و فيكتوريا لمجرد الضحك و المزاح و من ثم توقف قلبهم عندما تخبرهم بانها في الثلاثينيات و هذه الفتاة هي ابنتها .. تراهم يركضون و هي تضحك مع ابنتها .. التي تعتبرها صديقتها الصغيرة ..
كانت تقارن صورتها بصورة والدتها .. فهما يتشابهان كثيرا بل انها تكاد ان تكون نسخة مصغرة عن والدتها .. شعر بني كثيف طويل .. عينان خضراء .. بشرة حمراء .. قوام طويل رشيق .. لكن ما يفرقهما عن بعض هو دور التأثر بالاسلوب و الثقة و الحضور و الجاذبية .. اخذت صوره و غيرها لتقارنها ..عندها انتبهت الى صورة وقعت بعيدا عن الصور الأخرى.. حملتها و نفضت الغبار عنها ليترائى لها وجه شاب وسيم لأقصى الحدود كان يبدو في العشرين من عمره .. له عينان زرقاء تميل إلى الخضرة واسعة تضللهما رموش طويلة و حاجبان كثان يبرزان ملامح وجهه الحادة كما له شفتين غليظتين و حمراء كأنه وضع احمر شفاه !! و له أسنان بيضاء مصفوفة بانتظام .. يرتدي بذلة رسمية و شعره الكستنائي مبعثر دون أن يهتم بتسريحة مما أضفى عليها منظر الشاب الشقي الذي تتهافت عليه الفتيات و النساء بمختلف اعمارهن .. من يا ترى يكون هذا الرجل الذي لمس قلبها بابتسامته؟! ..لا تعرف لما دعا لها تفكيرها بأن تدس الصورة في جيب بنطالها .. انتبهت لها سارا فاقتربت منها و بهدوء تكلمت
- " ما بك فيكتوريا ؟"
قفزت و تلعثمت لأنها لم تشعر باقتراب والدتها منها
- " ما .. لا ..شيء لا شيء "
- " متأكدة ؟ لأني رأيتك تنظرين إلى صورة بيدك طويلا ثم تدسينها في جيب بنطالك "
لم تتكلم فقد عقد لسانها .. لكن سارا مدت يدها
- " هل لي بإلقاء نظرة على تلك الصورة ؟"
اخرجت صورة الشاب الجميل من جيبها و قدمتها لوالدتها .. ما ان رأت سارا الصورة حتى تغيرت ملامح وجهها و بان عليها بأن قلبها اعتصر .. الفضول دفعها لسؤال والدتها
- " من هذا الشاب يا امي ؟"
لم تنتبه سارا الى سؤال ابنتها فالصورة أثرت بها لدرجة كبيرة .. لقد وضعت كل صورة له في صندوق بعيد عن الصور الاخرى حتى لا تنظر الى وجهه الجميل فبمجرد رؤيته ستفتح كل جراحها مجددا .. لكن من اين اتت هذه الصورة ؟ و لم كانت مع الصور الاخرى ؟.. لابد بانها نسيتها ..اعادت فيكتوريا السؤال و هذه المرة بصوت اعلى
- " ماما .. لمن هذه الصورة ؟"
على الرغم من الابتسامة التي رسمتها على وجهها الحزين إلا أن صوتها المبحوح يحمل العديد من معاني الالم و الحسرة
- " انه ..جيمس .. والدك "
اخذت فيكتوريا الصورة منها ودققت النظر في الصورة مجددا و هي غير مصدقة
- " حقا ؟! هذا ابي ؟"
- " نعم .. عندما كان في العشرين من عمره ..ألا تذكرينه ؟"
حاولت فيكتوريا ان تتذكره لكن الصورة اتت مشوشة غير واضحة في بالها لطالما حلمت به اكثر من مرة دون ان تنتبه الى ملامحه .. لكنها احست بشيء من الدفء عندما رأت ابتسامته و احست بانه مألوف
- " انه وسيم جدا "
بللت سارا ريقها فهو فعلا وسيم لدرجة انها كانت تحب النظر الى وجهه و هو نائم و هذه احد الاسباب لعشقها له منذ البداية .. لم تنتبه فيكتوريا إلى الحزن الذي طغى على وجه سارا فأردفت قائلة
- " اتمنى ان اراه .. أ تصدقين بأني رأيته أكثر من مرة في أحلامي يحملني و يلاعبني و كنت أضحك .. لم أر ملامحه جيدا لكني لم اعرف بأنه والدي "
وضعت سارا يدها على فمها تمنع صرخة الم كادت ان تنفجر منها ..ارجعت الصورة لفكتوريا ثم ابتعدت لتكمل كنس الارضية .. كانت فيكتوريا تنظر الى والدتها الذي بان عليها الحزن .. هل هي مشتاقة اليه ؟ ..ارادت ان تسألها أكثر عن والدها لكن صوت رنين الهاتف منعها فاسرعت فيكتوريا لالتقاطه بالطابق السفلي و بعد دقائق عادت الى العلية حيث والدتها تحمل الصناديق
- " امي .. اتركي الصندوق انه ثقيل .. بالله عليك "
- " ليس بثقيل .."
حاولت ان تحمله فيكتوريا لكنها لم تستطع لثقله ابتسمت سارا بتوتر فهي بعض الاحيان او في اغلب الاحيان تتصرف بأنها هي الابنة و فيكتوريا هي الام الحكيمة .. غيرت الموضوع بتحويل السؤال لها
- " من المتصل ؟"
- " انها كلير .. لقد اتفقنا على الخروج اليوم مع الاصدقاء .. لكنني لن اذهب "
- " لم ؟!"
- " لاني اريد البقاء معك اراقبك "
- " كفي عن ذلك .. انا بخير .. اذهبي و استمتعي مع اصدقائك و سانتظرك عندما تعودين في العاشرة "
- " لا لن اذهب "
دفعتها خارجا و هي تقول لها تشجعها
- " بل ستذهبين هيا لا اريدك هنا .. انتبهي لنفسك عزيزتي .. لا تتأخري في العاشرة سأغلق الابواب و اذا تأخرتي دقيقة واحدة ستنامين بالخارج "
ضحكت فيكتوريا فوالدتها من افضل الامهات في هذا البلد انها متفهمة لابعد درجة و بهذا ترى بأنها افضل صديقتها .. قبلة على خد والدتها بعدها استدارت تنزل الدرج بقفزات صغيرة ..
بعد ان خرجت فيكتوريا تركت المكان هنا خال إلا منها و صناديق الصور التي تحتاج الى ترتيب
جلست على الارض تلم باقي الصور التي لم تجمعها فيكتوريا و تصففها في ألبوم للصور .. شيء يلح في بالها بان تفتح الصندوق الذي يحمل صور جيمس .. لكنها عدلت عن هذه الفكرة و اكملت ترتيب صور اطفالها كانت تبكي و تضحك على الصور التي تحمل العديد من المعاني لها و ما اجمل تلك الذكريات خاصة فيما يتعلق بهم .. قبلت صورة ابنها فيكي الذي لم تره اليوم بأكمله فنبهتها الصورة بانه تاخر بالعودة اليوم .. وقفت و نظرت عبر النافذة الى الشارع .. يفترض ان يكون في منزل الجيران يلعب مع صديقه تشاد .. لكن الوقت تأخر و يجب ان يكون هنا لتناول وجبة العشاء و الاستعداد للنوم ..
- " تبحثين عني اليس كذلك ؟"
استدرات عندما سمعت صوته اللطيف ينادي عليها اقتربت منه لتضمه لكنه ابتعد عنها فحاولت ان تصيده لكنه جرى بسرعة و هو يضحك اختبأت خلف الباب حتى تقبض عليه عندما يدخل مرة اخرى و بالفعل قبضت عليه و ضمته بقوة و اخذت تمطره بقبلات صغيرة على رقبته و وجنته و فوق عينيه كان يحاول الافلات منها .. لكنها اقوى .. تركته عندما شبعت من تقبيله
- " هذا عقابك لتأخرك "
- " لكني لم اتأخر"
- " حقا ؟! "
- " ماذا تفعلين هنا؟! .. لقد شعرت بالخوف عندما سمعت صوت من الطابق العلوي .. اعتقدت بأن هناك احد يسرق المنزل "
ضحكت و وضعت يدها على بطنها .. لفيكي طريقة في التحدث تجعلها تضحك
- " لا احد يسرق المنزل .. من يريد سرقة صناديق مليئة بالصور و الاشياء القديمة التي ليس لها قيمة "
- " لا اعرف .. شخص مجنون "
ضحك و كأنه قد القى نكتة .. فضحكت معه
- " اخبرني ماذا فعلت اليوم ؟ "
- " لعبنا و استمتعنا "
- " الم تفكر في والدتك التي اشتاقت لك؟"
- " بلى .. لذلك عدت "
- " انك منافق و مع ذلك أحبك "
خلل اصابعة بشعره فبدا لها أشبه بوالده عندما قام بهذه الحركة فهجمت عليه مجددا و طبعت قبلة طويلة على خده و كانها تطبع قبلات على رقبة جيمي .. ابتعدت عنه عندما طرات هذه الفكرة في بالها ..
- " انني جائع يا ماما "
- " يسعدني بأنك جائع .. فأنت لا تأكل كثيرا .. هيا اتبعني الى المطبخ "
كان يحاول مسابقتها على الدرج ركضت لتكون اسرع منه لكنه اخف منها و اسرع دخل المطبخ و جلس على الطاولة ..
- " ماذا تريد ان اعد لك ؟ "
- " امممم .. شطيرة "
- " حسنا .."
أخرجت مكونات الشطيرة من البراد و قامت بإعدادها لطفلها الذي غدا شابا في الحادية عشر من عمره يا الهي الايام تركض بسرعة .. بالامس كان صغيرا في حجرها و اليوم جالسا على الطاولة امامها و كانه جيمس بطريقة كلامه و إسلوبه و حتى بملامح وجهه .. وضعت الشطيرة امامه فالتهمها على الفور ابتسمت لعدم سيطرته على جوعه .. مسحت على رأسه
- " هيا يا حبيبي .. لاعداد واجباتك المدرسية و من بعدها إلى حوض الاستحمام فورا ثم تقبلني و تودعني الى النوم "
عبس و كتف يديه على صدره
- " ماما لم اعد طفلا لأنام باكرا.. كما انني لا اشعر بالنعاس"
- " لن تنام باكرا .. بل ستعد واجباتك ثم تستحم .. انظر إلى الوقت المتأخر "
- " لكن ..."
- " سأهجم عليك مجددا بقبلاتي “
سار ببطء إلى الطابق العلوي و هو عابس فهذا حكم القوي على الضعيف ...
بعد ساعة فتحت باب حجرته و القت نظرة عليه انه نائم كالملاك الصغير قهقهت فهو اخبرها بانه لا يشعر بالنعاس .. لم الاطفال دائما يحبون العناد ؟ .. اطفأت انوار المنزل و تناولت كتابا اخذت تقرأ منه في غرفة الجلوس تنتظر رجوع فيكتوريا لكنها لم تكن منجذبة الى ما تقرأ ففكرها في طفلتها الاخرى التي لم تعد بعد.. رفعت بصرها الى الساعة امامها كانت تشير الى التاسعة و خمسين دقيقة ... انها تقلق حتى من الدقيقة خاصة فيما يتعلق في طفليها فهما اغلى ما تملك في هذه الدنيا التي خذلتها و آلمتها و هي في سن صغيرة في ريعان شبابها ...
و اخيرا فتح الباب فوقفت سارا تنظر الى ابنتها التي بدت في غاية السعادة و هي تودع اصدقائها عندها التفتت تعانق والدتها التي تناست غضبها بمجرد ضغط فيكتوريا على صدرها
- " كيف كان يومك ؟"
- " رائع .. "
ابتعدت عنها و هي تصعد الدرجات الى غرفتها فأوقفتها و هي تنظر اليها بعتب مصطنع
- " الن تخبريني الى اين ذهبتم ؟ و من كان اصدقائك ؟ "
نزلت درجتين وضعت يدها على كتف سارا
- " السينما ثم ذهبنا لتناول العشاء ... انا , كلير , روز , .."
- " الم يكن معكما فتيان ؟ "
- " اعلم يا امي الى اين تريدين ان تصلي في حديثك .. سأخفف عنك حمل طرح اسأله لا داعي لها .. نعم كان براد معنا و كذلك ستيفن , جون , كارل , و اخيرا بيتر "
لم تستطع سارا كبح ابتسامة ارتسمت على وجهها فهي تريد ان تعرف كل صغيرة و كبيرة تتعلق بأبنائها و علاقتهم انها مستعدة لهذا اليوم عندما تبدأ ابنتها في التورط بعلاقة مع شاب و تريد ان يكون هذا الشاب اهلا لها و يستحقها و لا تريد لابنتها ان تقع في نفس الخطأ الذي وقعت هي فيه عندما كانت في السادسة عشر ... لذلك تريد ان تكسبها كصديقة تأتمنها على أسرارها العاطفية و قد تقدم لها النصيحة.. انها تجيد لعب هذا الدور اكثر من لعبها لدور الأم و هذا يسعدها كثيرا ... حضنت ابنتها بقوة و قبلتها
- " حسنا يا حلوتي يسعدني بانك استمتعي بوقتك "
- " شكرا لك ماما ... "
صعدت درجتين ثم توقفت لتستدير
- " هل انتهيت من ترتيب العلية ؟ "
- " لا فلقد عاد فيكي و جلست معه "
- " اه جيد ... لم تقومي باللحاق به كما تفعلين دائما ؟ "
- " سألحقك انت اذ لم تكفي عن التحقيق معي .. هيا يا شقية .. حجرتك "
- " امرك سيدي الجنرال "
ضحكت و هي تهرب من والدتها صاعدة الى حجرتها .. و بدورها ايضا دخلت سارا حجرتها و استعدت للنوم اخذت حمام سريع و ارتدت قميص نوم خفيف و اندست بفراشها ... تقلبت الف مرة .. حاولت ان تنام لكنها لم تستطيع فتفكيرها انشغل منذ اللحظة التي رأت فيها صورته و ابتسامته و جمال عينيه التي لا تكف عن التفكير فيها يا الهي كم هي مشتاقة له ؟ و اشتاقت لقربها منه و عشقها له .. لن يضرها إذا فتحت الصندوق الذي يحمل صوره .. فهذا الجافع يؤرقها كثيرا .. قد ترتاح عندما تنظر إلى ملامح وجهه الذي تظهر لها في احلامها كل يوم تقريبا ..
ارتدت الكشمير الابيض و صعدت العلية بهدوء حتى لا توقظهما دخلت و اضاءت الانوار .. بحثت في عينيها على الارفف الصندوق الذي يحمل صوره ..ها هو .. جذبته بهدوء و انتبهت هذه المرة حتى لا تتعثر او يسقط الصندوق عليها .. وضعته على الارض و جلست امامه .. ترددت قبل فتحه و كأنها ستفتح شيء قد يؤدي بحياتها الى الهلاك او شيء كهذا .. فتحته .. واخيرا .. عادت لها الذكريات بمجرد ان وقعت عيناها على اول صورة ..جمعتها هي و جيمس الذي كان يحتضنها بذراعيه و كانت هي تحاول الهروب من قبضته مع ضحكات لازالت تذكر وقع رنينها على اذنيها لقد ضحكت من قلبها كما تفعل دائما .. كان يحب ان يسمع صوت ضحكاتها و عندما يراها ساكنة تفكر بشيء يحاول ان يجعلها تنتبه له و اجباريا تبتسم .. و عندما تبكي.. يا الهي كيف تتغير نفسيته و يشعر بالحزن مثلها لكنه يحاول جاهدا ليبعد هذا الحزن عنها .. يقترب منها يعبطها بقوة بين احضانه و يفتعل اصوات مضحكة .. فتضحك رغما عنها ..فتنسى حزنها و تضحك من كل قلبها كما هذه الصورة التي بين يديها ..
ارجعتها الصور خمسة و عشرين سنة الى نيوجيرسي ..منزلها القديم و مدرستها الابتدائية حيث قابلته هناك لاول مرة فقد انتقل مع والديه إلى المنطقة و هو في السادسة من عمره .. و تذكرت كم كان شقيا عندما يأتي الى المدرسة يقلبها رأسا على عقب كانت جميع المدرسات تشتكين منه عند والدته التي لا تستطيع السيطرة عليه .. كان يجلس خلفها في الصف يربط خيط فستانها بالكرسي حتى حين تقوم تجذب الكرسي معها فيضحك الجميع .. و كان يجتمع مع الفتية الاشقياء مثله مكونين عصابة لربط الاحذية و قد تتساءلون ما معنى هذا ؟ كان يتسلل تحت الطاولات في مختبر العلوم لربط خيط الاحذية ببعضها و كم يخيب امله عندما يفاجيء بحذاء ليس له خيوط .. و ما ان يدق جرس انتهاء الحصة حتى يهم الاطفال من مقاعدهم فيقعون ارضا ... بينما هو و عصابته يضحكون مستمتعين بالمنظر .. انه فعلا مضحك لكن في ذلك الوقت كان مزعجا جدا بالنسبة لها و لطالما كرهته لذلك ... كان يخبرها بأنه لا يحب الفتيات .. فحين تزور والدته ام سارا تصطحبه معها .. و كم كرهت زيارتها لهم في المنزل .. لانه كل ما يأتي يدمر حجرتها و ألعابها بحجة انه يلعب معها لعبة الحرب ؟؟؟و كم بكت بسببه كثيرا و مازالت تفعل حتى ذكراه تبكي عينيها ...
لكن الامور هدأت قليلا عند انتقالهما الى المرحلة المتوسطة فقد غدا شابا شقيا لكن بدرجة المعقول اصبحت كلمة فتاة تعني له اشياء كثيرة فأصبح اكثر هدوءا و أكثر رقة في التعامل معهن .. ابتعد عن سارا لاعتقاده بانها تكره عندما كانا صغارا ..و تشاجرت معه كثيرا على أتفه الامور ..
بينما هي اختلف حالها فبدأت تهتم بكل ما يتعلق بالصبيان خاصة به هو فكما يقولون لا محبة الا من بعد عداوة .. كانت ترتدي اجمل الفساتين لتلفت انتباهه بينما هو متجاهلا اياها و ملتفتتا الى فتيات اخريات كما تعتقد .. الامر الذي ازعجها كثيرا و جعلها تشعر بالغيرة و الحقد تجاهه .. و اعتقاد منه بأن بتصرفاته تلك .. سيكسب حبها و إعجابها ...يا لطريقة تفكير المراهقين .. كل ما تحدثت الفتيات عنه لمدحه و أو اطراء تشاركهن هي بذمه و شتمه تخبأ بذلك اعجابها به.. على الرغم من إيلامه لها بكل انواع العذاب الا انها احبته بصدق ...
و في المرحلة الثانوية اعتقد هو بأن الامور ستهدأ بينهما و ان الحرب التي بدأت في المرحلة الابتدائية ستتوقف و تعلن الهزيمة ... لقد غدا شابا وسيما .. اكثر هدوءا و عقلانية لكن روح الشقاوة لم تفارقة و كذلك حبه لافتعال المقالب ...لكن هذه المرة ليس فيها بل بالمدرسن ..و لذلك اصبح اشهر شاب في الثانوية و كل الفتيات تردن مواعدته او الخروج معه و التكلم معه او حتى للفت انتباهه .. اقترب الفتيان منه اكثر حتى يكسبوا من شهرته اعجاب الفتيات الاخريات .. كما أنه اصبح اللاعب الرئيسي في فريق المدرسة .. الذي بفضله أصبحت ثانوية نيوجيرسي ذات صيت بأن لديها أفضل اللاعبين.. و أشهرهم هو اللاعب جيمس بروكس ..ذلك الشاب الوسيم ابن السيناتور ماثيو بروكس ..
الثانوية هي اجمل مرحلة بالنسبة لها .. اصبحت اكثر رقة و جمالا بشعرها البني الطويل الكثيف و قوامها الممشوق .. تهافت عليها الشبان من كل جانب الا هو بقي متجمدا في مكانه يرمقها بين حين و اخرى مع ابتسامة عذبة على شفتيه .. انه يغار من فكرة تجمهر الشبان حولها يساعدونها كلما سقط منها شيء .. و انصاتهم لها كلما تحدثت .. فيحاول هو أن يزعجهم فيصرخ و يتحدث بصوت عال حتى يبعد الانتباه عنها .. تنزعج منه كثيرا دون أن تعرف بان تصرفاته هذه دالة على غيرته من الشبان و انزعاجه من نظراتهم ..أنه يريدها لنفسه .. يريد ان يكون الوحيد الذي ينظر إليها هو من يساعدها هو الذي ينصت إليها ..وحده هو .. لذلك يقوم بتلك المقالب و يزعجها اعتقاد منه إنها ستلتفت إليه لكنها في اغلب الاحيان تحاول ان تتجاهله ... و كلما زادت الفجوة بينها و بينه كلما تعلقت به اكثر و احبته اكثر .. كان يمر بالقرب منها يلتفتت اليها و كأن شيئا يجذبه نحوها على الرغم من تحوم الفتيات الجميلات حوله الا انها الوحيدة التي احتلت قلبه ... حاول ان يتحدث معها اكثر من مرة لكن الحرب المدمرة انتهت لتعلن الحرب الباردة بينهما .. فتحاول مرارا ان تجعله يشعر بالغيرة بخروجها مع شبان آخرين و بالفعل تنجح في جعله يشتعل بالداخل ...
و في مرة من المرات عقد الامر بأن يتقرب منها و كان ذلك في صف الرياضيات كان يجلس خلفها متعمدا حتى يمتع عينيه بالنظر الى قوامها الممشوق و شعرها الجميل الذي يعانق كتفها و يلامس صفحات دفتره ..فيهيم برائحة عبيرها و تناسى كل ما بينهما من عداوة خفيفة ليقترب منها حتى لزم عليه الامر ان يحصد درجة السقوط في المادة التي يعشقها و هي الرياضيات ...
و في ذلك اليوم همس في اذنها بعد ان اخذ درجته و صدم الاستاذ منه..
مال إلى الامام و همس حتى لا يسمعه المدرس ..
- " هل استطيع التحدث اليك بعد الصف يا سارا ؟ "
لم تصدق وقتها بأنه تحدث لها انه يجلس خلفها منذ سنوات طويلة لكنه لم يتعب نفسة بالترحيب بها و الان يريد ان يتحدث اليها .. شعرت بأنها تود ان تستدير و تتحدث معه الان لكنها لم تستطع لوجود المدرسواقفا يشرح الدرس ... دق الجرس معلنا انتهاء الصف فخرج جميع الطلاب و الطالبات الى الردهة خرجت سارا فتبعها جيمس ليوقفها من ذراعها بهدوء
- " سارا .. "
تسمرت في مكانها و هي تنظر اليه باستغراب انها المرة الاولى منذ سنوات تقف بالقرب منه و تنظر بين عينيه الزرقاء ..رأت زميلاتها يقتربن منها لكنهن توقفن عندما وجدوا اشهر شاب في المدرسة و اجملهم يتحدث مع صديقتهن.. بدا عليه الحرج و تردد أكثر من مرة قبل أن ينطق ..
- " اود ان اطلب منك خدمة "
عضت على شفتيها لقد نسيت كيف يتحدث الكائن الادمي ... هزة من شخص دفعها بقوة من ظهرها لتتعلق برقبة جيمس الذي حاوط خصرها بيده القويتين حتى يمنعها من السقوط ..ظلت معلقة برقبته و متخشبة .. توقف الدم عن الجريان فتصلبت رجلاها .. بينما هو استمتع بالتصاق جسدها به و لو كان الامر بسيط و غير معقد لاخذ شفتيها بقبلة شهية امام مرأى الطلبة و الطالبات الذين وقفوا يحدقون بهما ... تدارك الموقف الذي وضع فيه فأوقفها على رجليها بحركة رقيقة منه ثم تنحنح بصوته.. شعرت بالاحراج لانها لطخت قميصه الابيض بأحمر الشفاة الذي تضعه .. و اخيرا تحرك الدم فيها ليصعد الى وجنتيها شعرت بحر شديد توترت فحملت حقيبتها و تأسفت منه دون أن تنظر إلى عينيه و سارت مبتعدة عنه مع زميلاتها .. ضرب الهواء بقبضة يده بعصبية .. فقد كانت الفرصة مناسبة لان يتحدث معها ...بعد سنوات طويلة من السكوت .. و عندما تأتي الفرصة .. تضيع منه مرة أخرى .. لكنها تركت تذكارا على قميصه ..
و من بعد تلك الحادثة سارت اشاعة في المدرسة حولهما و شعرت الفتيات بالغيرة تجاهها و حاولن الابتعاد عنها و مضايقتها بالألفاظ المزعجة و تسميها بألقاب مختلفة كصائدة الرجال .. سندريلا ..الامر الذي جعلها تفكر بأن جيمس تعمد فعل ذلك ليحرجها امام الجميع و ان حرب الطفولة لم تهدأ ..
فقررت ان تبتعد عنه قدر الإمكان فغيرت مكان جلوسها بالصف .. تألم من هذا البعد فهو اعتاد ان يجلس خلفها طيلة السنوات السابقة و أتى اليوم الذي ينحرم من رائحتها و شعرها الذي يستمتع به عندما يتراقص فوق دفتره فيلهيه عن الكتابة او عن شرح المدرس...

اتت نتيجة الاختبار الثاني كما السابقة و لم تبقى له الا درجات قليلة للنجاح يجب ان يستثمرها حتى يستطيع ان يكمل الدراسة .. صاح به المدرس امام الجميع
- " ما هذه العلامات يا جيمس .. انه انذار ثاني لك .. ما بك ؟ على الرغم من شقاوتك و ازعاجك لكني لم اعهدك فاشلا في مادتي .. اتمنى أن تبذل جهدا أكثر و سأحاول أن أعيد لك الامتحان .. بشرط أن تدرس جيدا "
بالصراحة لم ينزعج جيمس عندما التفت جميع الطلاب ينظرون اليه و بالاخص سارا فهذا ما كان يريده .. هي ان تنظر اليه .. انه عبقري في الرياضيات لكنه اراد ان يفشل ليتقرب منها .. و كم قربها جدير بهذا الفشل ... بعد انتهاء الصف خرج الجميع و من بينهما هي .. ركض خلفها
- " سارا .. سارا .. "
حاولت تجاهله لكنه كان اسرع لان يجذب يدها و يعصرها بيده موقفا اياهاتأوهت و نظرت اليه بحنق
- " آه .. ابتعد عني ..انت تؤلمني .."
لكنه لم يترك يدها بل خفف من الضغط عليها .. حاولت ان تفلت يدها منه لكنه كان مستمتعا بمحاولته السيطرة عليها .. صاحت بصوت غاضب ..
- " الا يكفيك ما سببته لي "
انها المرة الاولى التي تتكلم فيها معه منذ مدة طويلة .. و آه كم هي جميلة و هي غاضبة .. شعر بسرور غامر ففغر فاه بابتسامة عذبة نظرت اليه مستغربة مما زاد حنقها عليه
- " أ تبتسم لأني غاضبة ... أم انك تستمتع بإذلالي ؟ "
نظر اليها مطولا و تغيرت ملامحه الى ان تصبح أكثر جدية.. اقترب منها و وضع يده على كتفها بهدوء و كل ما فعلته هو ان تراجعت للخلف تريد ان تبتعد عنه قدر الامكان .. لكنه مجددا جذبها
- " توقف .. دعني اذهب .. ماذا تريد مني ؟"
- " ما بك يا سارا ؟ كل ما اريده هو ان اطلب منك خدمة صغيرة "
- " لن افعل لك أي شيء .. و لم عساي أخدمك .. "
- " لم كل هذه العداوة ؟ ماذا تقصدين عندما قلت (اذلالك) ؟ "
رفعت رأسها عاليا دون أن تنظر إليه و قالت
- " انت تعرف جيدا ماذا أقصد "
- " صدقيني لم افهم شيئا .."
حدجته بنظرة غاضبة ..
- " لا تتظاهر بالبراءة فأنت من يكن لي عداوة منذ سنوات "
- " انني ارى العكس "
قبضت يدها و تنهدت بعمق ثم استدارت لتغادر مجددا لكنه قفز ليقف امامها
- " اسمعيني .. كل ما اريده منك هو ان تقومي بإعطائي دروس خصوصية "
توقفت و تسمرت في مكانها .. و بدل من أن تهدأ بدأت تضرب كتفه بضربات صغيرة حتى يبتعد من امامها لكنه مسك يديها بقبضتيه مستغربا تصرفاتها و أوقفها عن ضربه.. نظر إلى الطلبة من خلفه يراقبانهما .. فشعر بالاحراج وقال بانهزام
- " توقفي .. ما بك سارا ؟ حسنا لقد أعدلت عن رأيي لا اريد هذه الدروس سأعيد المادة اذا كان هذا الامر يريحك "
نظرت اليه مطولا و توقفت عن المقاومة .. لانه بدا لها صادقا فيما يقول ركزت في عينيه الجميلتين و ارتابت
- " هل حقا تريد دروس خصوصية في الرياضيات يا جيمي ؟ ام انها طريقة جديدة للانتقام ؟"
وضع يده على رأسه غير مصدقا ما تقول
- " سارا .. لم اريد الانتقام منك او اذلالك؟ انت تقولين اشياء غريبة .. صدقيني كل ما اريده هو بعض الدروس في الرياضيات "
- " و لم انا ؟ "
- " لانك .. باختصار .. الافضل "
- " لكن على حسب علمي بانك لا تحتاج الى دروس خصوصية "
- " هذا كان في السابق .. ألم تشاهدي درجاتي مؤخرا ؟ "
أومأت برأسها إيجابا و فكرت قليلا .. جيد.. بهذا ستكون قريبة منه و تستمتع بتدريسه و قد تستطيع بذلك ان تقوم ببعض المقالب كما كان يفعل بها في السابق .. حان الان دورها لان تنتقم و تتسلى قليلا .. ابتسم عندما لمح الرضا في عينيها
- " حسنا يا جيمي.. مجرد دروس.. لا أكثر "
قال بحماس
- " نعم نعم كل يوم رياضيات فقط لا غير.. أعدك .. ليس هناك إذلال او انتقام كما تزعمين"
-
لم تستطع ان تسمع هذا التعليق الظريف دون أن تضحك .. يا الهي كم فرح و رقص قلبه عندما سمع ضحكاتها الرقيقة انها جميلة حتى و هي عنيفة معه و تضربه كما فعلت قبل دقائق و الان هي بكامل جمالها و أنوثتها بوضع يدها على فمها تضحك بسرور .. يتمنى ان تضربه أكثر و أقوى حتى يصدق بأنه في الواقع ..
ابتعدت عنه مع زميلاتها و هي لا تزال تبتسم .. و قبل أن تخرج من الباب شيئا ما جعلها تلتفت الى الوراء حيث يقف بمكانه و لم يتحرك فاصطدمت عيناهما ببعض قدم لها أروع ابتسامة و أصدقها فاستدارت بوجهها خجلا منه منذ تلك اللحظة أحست بأنها تحب و تعشق بكل روحها ...
سألتها صديقتها كريستين مستغربة وقوفها معه في الردهة بعد تلك الاشاعات الذي قيلت بشأنهما
- " ماذا أراد منك جيمي ؟"
- " يريدني أن أعطيه بعض الدروس في الرياضيات "
- " و لم أنت ؟ "
- " يقول بأني الأفضل "
- " و هل تصدقينه ؟ "
- " لا أعرف لكني سأجازف.. لن يضرني شيء لأن أجرب حظي معه "
- " أنت مجنونة بحبه "
- " غير صحيح "
- " أثبتي لي عكس ذلك .. "
- " لن أفعل أي شيء .. لأن ليس هناك شيء .. كفي عن ذلك يا كريستين "
- " حسنا كما تريدين"
في اليوم التالي في صف الرياضيات صاح المدرس كعادته بصوته العالي باسم جيمس فسكت الطلاب جميعهم لفضولهم بمعرفة ما يريد قوله المدرس لأشهر طالب في المدرسة ..
- " جيمس بروكس "
- " ماذا هناك يا أستاذ؟"
- " هل بحثت عن مدرس خصوصي ؟"
لا شعوريا التفتت جيمي ليرى تعابير وجه سارا الباسم ثم قال بكل فخر مع ابتسامة واسعة
- " نعم .. "
- " جيد اذا اتوقع نتائج أفضل في الاختبار النهائي "
- " لا تشك في ذلك يا استاذ .. فمدرسي لا يعلى عليه"
غمز لها فأنزلت رأسها خجلا ...
و اتى اليوم الذي تنتظر فيه قدومه الى منزلها لإعطائه الدروس الخصوصية في الرياضيات.. كانت قد ارتدت فستان أنيق جدا لتلهفها لرؤيته فهي تريد أن تبدو له أجمل أمرأة رآها في حياته .. نظرت على النافذة أكثر من مرة ثم إلى الساعة و أعادت النظر إلى النافذة مرة أخرى .. فجيمي لم يزورهما منذ سنوات طويلة كما أن والدته لم تأت أيضا من قبل و لا تعرف هي السبب .. كانت والدتها تنظر إليها و هي تنظر إلى الساعة ثم إلى النافذة فاقتربت منها تسألها
- " من تنتظرين ؟ "
اجابتها بسعادة غامرة
- " جيمي .. جيمس بروكس.."
- " حقا ؟! "
قالت بدهشة ممزوجة بالعصبية .. لكن ذلك لم يخفف من حماس سارا
- " نعم .. سأعطيه دروس في الرياضيات .. هل من خطب ؟"
انزعجت السيدة كارلا و قالت بعصبية
- " لن يرضى والدك بذلك "
- " و لم ؟ اننا ندرس فقط لا غير "
- " لا اعلم .. لكنه قد يغضب اذا عرف بأن أي احد من عائلة بروكس دخل منزلنا "
استغربت سارا كلام والدتها فقالت بسخرية
- " شيء جديد .. و ما الضير من ذلك ؟ ان والدته صديقة مقربة لك و دائما ما كانت تزورك في المنزل .. أليست هي من عائلة بروكس أيضا ؟!!"
- " كان هذا في السابق قبل الحادثة التي جرت بين والدك و ماثيو بروكس "
- " حسنا اذا لا داعي لان يعرف ابي "
- " ارجوك يا سارا.. لا نريد المزيد من المشاكل "
- " امي .. ابي هو من يحدث المشاكل .. انت تقولين بان شيء حدث بينه و بين ماثيو بروكس ... فما دخلي أنا بمشاكلكم .."
- " سارا .."
نادت عليها بغضب عندما خرجت سارا من البيت غاضبة و معها كتبها بيدها سارت مشيا في الطريق مبتعدة عن والدتها والمنزل .. و الغضب يتصاعد الى رأسها.. لمحت سيارته في الطريق فأشارت له لان يتوقف..لزم المكابح ليوقف سيارته و ينظر اليها باستغراب مع ابتسامة عذبة رجت قلبها الصغير
- " ماذا يا سارا هل اعدلت عن فكرة الدروس ؟ "
- " لا لكننا لن ندرس في المنزل ... لنذهب الى مكان أخر "
- " كما تريدين .. هيا اصعدي "
ارتبكت عندما فتحت الباب و جلست بالقرب منه كانت رائحته العطرة تضرب بأنفها ..و كأنه قد تحمم بزجاجة العطر .. بدى عليها الحزن و هي جالسة بالقرب منه بلا حراك احس بتوترها و تصلبها مما جعله يشعر بانه يتقدم خطوات لا بأس بها بالتقرب منها .. لكن حزنها يقبع في هذا التقرب الذي لن يحصل .. فهي لطالما انتظرت هذا اليوم .. انها تحبه و هذا حب الطفولة الذي يصعب عليها ... شعرت بنظراته من طرف عينه بين حين و اخرى .. (انها جميلة) قال في سره فهي بالفعل تبدو ساحرة خاصة بفستانها عاري الكتفين و القصير الذي يظهر جمال ساقها الممشوقة و شعرها البني الذي استرسل على كتفها الناعم و عينيها على الرغم من الحزن الباد عليها الا انها خلابة برموشها التي تسبب له الارق في الليل ..
توقف عند الحديقة العامة التي تطل على البحيرة الصغيرة جلس امامها على طاولة خشبية تتصل فيها المقاعد الخشبية الطويلة .. فتحت الكتاب الذي حملته معها ثم رفعت بصرها اليه لتصطدم عينيها بعينيه التي ترمقانها مع ابتسامة رضا على وجهه اضطربت فانزلت عينيها و قالت بجدية
- " هل نبدأ يا جيمي ؟ "
- " نعم نعم بالطبع "
شرحت مطولا دون ان ينتبه للدرس بل سرح فيها ..في عينيها.. و جمال وجهها ..و عذوبة صوتها و حركاتها مع انسيابية القلم بين أصابعها .. تمنى ان يكون مكان هذا القلم حتى يسرح بين أناملها الرقيقة ... انزعجت لانه لم يبعد عينيه عنها و لانها لم تعد تستطيع التركيز بالشرح فهو يشتت انتباها فنظرت اليه بحدة
- " جيمي ... هل أنت معي ؟ "
قال و هو هائم بالنظر إلى وجهها و كأنه مسحور ..
- " نعم معك "
- " ماذا كنت اقول ؟ "
بحركة سريعة منه القى نظرة على آخر الصفحة ثم ابتسم لها
- " كنت تتكلمين عن الكسر العشري في أخر المسألة .."
لقد فلت هذه المرة منها و لم يشأ ان يراها منزعجة على الرغم من انها بدت مثيرة بالنسبة لها لكنه ركز معها هذه المرة لفترة وجيزة ثم عاد الى سرحانه مجددا ... مرت الساعة بسرعة و كأنها دقيقة .. حملت الكتاب و وقفت
- " انتهى درس اليوم .. اراك بعد غد "
شعر بخيبة امل لانتهاء الوقت و لانه لن يمضي معها ساعة اخرى في الغد
- " لكن .. لم ؟ "
- " لدي مشروع علمي يجب ان اسلمه "
- " سأساعدك اذا اردت "
- " شكرا لك .. كريستين تقوم بمساعدتي "
خيبة امل ثانية أنزل عينيه ثم ابتسم لها
- " لا تتردي في الاتصال بي ان احتجت شيئا "
- " سأفعل .. شكرا لك ..هل نذهب الآن ؟ "
- " بالتأكيد "
أشارت له بالتوقف عند المكان الذي وجدته فيه قبل أن تصعد على السيارة .. التفتت إليها يسألها
- " لم لا اوصلك عند المنزل ؟ "
فكرت في شيء عقلاني او منطقي لسؤاله
- " لانني اشعر برغبة في تحريك ساقي قليلا "
- " أ ترديني ان ارافقك ؟"
- " لا .. لا داعي .. شكرا لك"
خيبة امل ثالثة .. يا لكثرة الخيبات التي ستتلقيها يا جيمي بعد أن تعرف سبب رفضها لمرافقتك
- " حسنا كما تريدين .. "
فتحت الباب لتنزل لكنه ناد باسمها و كم احبت اسمها على لسانه
- " سارا .. "
التفتت اليه تترقب ما يريد قوله فهي خائفة من ان يمر والدها و يجدها بصحبته
- " اشكرك لاعطائي ساعة من وقتك .. سأتعبك معي هذا الاسبوع .."
ابتسمت و كم بدت بريئة
- " لا وجوب للشكر .. انها مراجعة لي ايضا .."
- " جيدا اذا اراك بعد غد "
- " الى اللقاء "
مشت بخطوات كبيرة بينما بقي هو في مكانه ينظر اليها حتى فتحت باب المنزل و دخلت .. اعتصر قلبها ألما لمرور الوقت بسرعة فهي أحبت صحبته و اندماجه القليل مع الدرس و نظراته لها التي تشعرها بأنوثتها .. تمنت ان تبدأ علاقتهما بالوفاق لكنها لن تستطيع ما دامت البداية تلاقي معارضة ... لم أحبت الشخص الغير مناسب ؟!

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 22-08-08, 04:11 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-2-

استيقظت على صوت المنبه الذي يوقظها كل يوم حتى تقوم بواجباتها كأم و استاذة في جامعة مانهاتن.. لذلك تفيق مع اول خيوط الفجر تجهز الافطار لفيكتوريا و فيكي و من ثم تتجه الى حجرتيهما لتوقظهما
- " حبيبي فيكي هيا استيقظ "
شاح بوجهه عنها واضعا الوسادة فوق رأسه يحجب النور عن عينيه لكنها جرت الوسادة و اخذت تدغدغ خاصرته كان يصرخ و يضحك و بعدها استسلم
- " ها انا استيقظ اذهبي الان .. ابتعدي عني .. ماما.. توقفي ... اسيقظت كليا .. كليا .."\
كم تهوى ان تجعله يغضب و من ثم تجعله يبتسم لها بإذعان .. انه يشبه والده بتصرفاته و شكله فكلما تحاول ان تنسى صورة جيمي ياتي فيكتور ليذكرها به فيشتعل الحزن بصدرها من جديد .. طيلة العشر سنوات لم تتمكن من نسيانه ...
دخلت حجرة فيكتوريا لتجدها نائمة كالطفلة البريئة .. قبلت وجنتها برقة و همست في اذنيها
- " استيقظي يا حبيبتي .. يوم جديد حافل امامك "
فتحت عينيها بتثاقل و ابتسمت بصعوبة
- " صباح الخير .."
و كم تحب رقة فيكتوريا التي تذكرها بطفولتها و مراهقتها .. انها تعيش قصة حب كما عاشت هي مع جيمي عندما كانا صغارا و تلك الصور التي قلبتها بالامس زادت لوعت الفراق .. و كل شيء لايزال يذكرها به حتى عندما تتذكر نفسها تشمله بالذكرى ...
و في المطبخ جلست معهم لتناول الافطار عندما قالت فيكتوريا باعتراض
- " امي .. ماذا اخبرتك اخر مرة عن استيقاظك في الصباح الباكر .. خاصة و انت في اجازة للراحة "
- " لكنني مرتاحة يا حلوتي لا عليك "
- " قلت لك باني اضع منبه كل يوم لي و لفيكي "
- "و تمنعيني من متعة ايقاظكما كل صباح و التبسم بوجهكما ؟ "
- "لا احد يمنعك .. لكن ليس في فترة اجازتك .. عندما تعودين للعمل يمكنك ايقاضنا "
- " لا استطيع ان انام .. لقد اعتدت على هذا الايقاع "
- " لكن .."
قاطعتها و هي تقبل رأسها
- " لا تكثري الحديث يا فيكتوريا .. هيا انهي طبقك.. سابدل ثيابي لاخذكما الى المدرسة "
توقف فيكي عن الاكل و ناد والدته قبل ان تصعد الدرج
- " سأذهب بدراجتي مع أصدقائي .. ماما "
- " و انا كذلك .. سيمر براد ليأخذني "
عادت الى المطبخ و في وجهها خيبة امل فهي تحب ان تصطحبهما بنفسها كما تفعل على الاغلب لكن مادام يسعد ذلك ابناءها فسيسعدها بالطبع
- " هل لبراد رخصة قيادة ؟ "
- " بالطبع يا امي .. انني انتظر عيد ميلادي حتى اخرج رخصتي "
- " لا لن تفعلي .. ليس قبل دخولك الجامعة "
- " جدي لن يمانع .."
- " لا علي من جدك .. انا والدتك "
- " اه لقد نسيت .. لكنك انت من اخبرتيني بأنك اختي الكبيرة "
- " فقط في الاماكن العامة .. لكن ليس بالمنزل "
لا تستطيع كبح ضحكة لتعليق فيكتوريا .. فهي تفعل ذلك بالحقيقة ..
صوت بوق سيارة براد في الخارج نبهت فيكتوريا لانهاء ما تبقى من طبقها ثم اسرعت و قبلت والدتها و جذبت من يدها علبة الغداء
- " يجب ان تتوقفي عن اعداد الغداء لي ..."
- " ل.."
- " االى اللقاء ماما "
خرجت و قفزت داخل السيارة المستانغ المكشوفة .. و ذلك الفتى الذي ابتسم بإفتتان عندما رأى فتاته تقفز بسيارته الرياضية .. سعدت سارا لهذا المنظر البريء الذي يجب ان يبقى على براءته و ان لا يخطآن مثلها .. صاحت بهم تودعهم
- " لا تسرع يا براد .. و لا تتأخري بالعودة .. إلى اللقاء .."
استدارت ناحية فيكي
- " و أنت يا شقي الم تتاخر عن المدرسة "
- " لا .."
- " هيا اسرع .."
- " اعرف يا ماما باننا نعيش في عصر السرعة بالأخص انت .. لكنني ضد هذا المبدأ .. ارى من الحكمة يا امي العزيزة هو التريث و اخذ متسع الوقت للراحة و من ثم الذهاب الى أي مكان وقتما نشاء "
لا تعرف هل تضحك ام تصرخ بوجهه لكنها قررت ان ... تركض خلفه و تقبله كالمعتاد .. و الشيء الذي يزعجه كثيرا لكنه يبهجها .. فتح الباب و خرج لكنها تبعته الى الخارج ناسية بانها ترتدي قميص نوم خفيف فوقه كمشير مفتوح و أخف منه
- " فيكي .. فيكتور ماثيو بروكس .. توقف "
رجع الى الخلف بإذعان فلقد نادته باسمه الكامل و عندما تناديه باسمه الاوسط .. تناول كيس الغداء من يدها
- " لا تعدي لي الغداء .. لن آكله و سيرجع الى البراد حيث يجب ان يكون "
- " بل ستأكله و إلا أكلتك و أقبلك الآن إمام أصدقائك "
- " حسنا حسنا كل شيء إلا ذلك الشيء "
يقصد التقبيل الذي يعتبره أكثر الأمور إحراجا بالنسبة له .. قاد دراجته منطلقا مع اصدقائة الى المدرسة ..وقفت ترقبهم حتى تواروا عن انظارها عندها استدارت لتدخل المنزل لكن الصوت خلفها اوقفها في مكانها بلا حراك
- " صباح جميل ... "
استدرات لتنظر اليه بإحراج فملابسها و منظرها غير ملائم لان يقابلها جارها تود الذي يعتبر اشهر رجل في المنطقة و أوسمهم و نقطة ضعفه النساء الجميلات .. التي تعتبر سارا احداهن في نظره
تصاعد الدم الى وجنتيها و هي تجيبه بسرعة حتى تنهي من هذا الاحراج فتدخل الى المنزل
- " صباح الخير تود .. "
أشاحت عنه و فتحت الباب مجددا لكنه خلل يده عبر فتحة الباب قبل ان تغلقه كان ينظر اليها و ابتسامة افتتان على وجهه و عيناه الواسعتين تلمعان بإعجاب
- " اتساءل اين الشمس اليوم ؟ "
استغربت سؤاله فهل هذا نوع جديد من الغزل ؟!
- " ها ؟!!"
- " لابد انها غارت منك ... و على الرغم من انها غائبة إلا ان نورك اشرق اليوم .. و صدقيني انني افضلك على الشمس "
اجبرها كلامه المعسول على الابتسام و القهقهة ..
- " من اين تاتي بهذا الكلام يا تود ؟ "
- " انها الحقيقة "
- " على اية حال اشكرك .. يتوجب علي ان اذهب .. "
- " توقفي يا سارا و دعينا نتحدث قليلا "
- " لكن .."
- " حسنا اقبلي دعوتي على العشاء و اتركك تذهبين الان .. ارى انه من الافضل لك خاصة و ان وجهك قد تقلب الى اللون الاحمر "
تعليقه الاخير زاد تورد خديها فهي واقفة امامه شبه عارية بقميص نوم خفيف يغطيه كمشير اخف منه مفتوح .. و لا شعوريا لفت جسدها به تحاول ان تخفي ما استطاعت من جسدها خاصة و ان نظراته تلتهمها
- " اخبرتك برأيي مرار يا تود .. و انت تعرف ذلك جيدا "
- " لا تكبري الامور .. كل ما اريده هو ساعة او ساعتين من وقتك "
- " تود ..انا لا استطيع .. الابناء ...."
- " يستطيعون ان يأتيا معنا .. هيا يا سارا اقبلي دعوتي هذه المرة .. لن تندمي .. اوعدك بأنني لن أتصرف بطريقة غير مناسبة .. مجرد جاران يتناولون العشاء"
إن تود معروف بالمنطقة فهو قد خرج مع كل النساء هنا تقريبا و كان يتركهن في اليوم التالي بعد خروجه معهن .. فهو دون خوان .. ارادت ان تعتذر منه بطريقة لبقة لكنه لم يترك لها المجال...
- " لا اعرف ماذا اقول لك ؟ "
- " قولي بأنك موافقة .. أعطني فرصة لأبرهن لك عكس الإشاعات التي تطلق علي "
- " لكنها إشاعات تصدق احيانا"
- " لا تحكمي علي من الإشاعات يا سارا.. ماذا قلت ؟!"
- " حسنا .. موافقة "
اشرق وجهه بابتسامة كبيرة جمعت الخطوط حول عينيه .. انه فعلا وسيم جدا لا عجب بأنه زير نساء ...
- " سأصطحبك اذا غدا في التاسعة.. "
- " جيد يناسبني ذلك .. هل استطيع ان اذهب الان ؟"
- " اتريدين الافلات مني بهذه السرعة ؟ "
- " لا لم اقصد ذلك "
- " اعرف ما قصدتي .. اسمح لك بالذهاب .. لكن لا تخرجي بتلك الثياب مرة اخرى.. حتى لا تذوبي الرجال .. اظهري رحمة من قبلك "
عاد التورد الى وجنتيها دفعته برقة الى الخلف
- " آسفة لانني سأغلق الباب .. الى اللقاء "
اغلقت الباب و بقي هو واقفا يحدق فيه لفترة ثم ابتعد الى حيث سيارته و انطلق بها .. انه رجل رائع على عكس الاشاعات .. كما ان له وسامة و رجولة طاغية متمركزة في ملامح وجهه الحادة و جسده الرياضي العريض الذي يجعل النساء تتهافت عليه من كل الاجناب .. نقطة ضعفة النساء .. يلاحقهن .. به مرض عضال اسمة ( الحسناوات ) ... كل يوم له امرأة .. و من ذلك الكلام ..
هي لا تريد ان تعطيه المجال لان يتمتع بها في يوم ثم يتركها في اليوم التالي خاصة و انها لا تريد ان تخسر الجيرة بينهما فهو جار رائع على الرغم من نظراته الفاحصة لها .. و بالاضافة الى ذلك هي لم تخرج في مواعيد مع رجال في السابق الا جيمس فهو الرجل الوحيد الذي خرجت معه و هو الرجل الوحيد الذي كسب حبها فهي لا تتوقع ان تبدأ قصة حب مع شخص آخر بينما حبها أزلي لجيمس بروكس و مهما حاولت لن تستطيع ان تسيطر على هذا الحب الذي لايزال يلاحقها طيلة العشر سنوات .. لذلك سيكون من الصعب عليها ان ترتاح في موعد مع تود فال الذي لم يكف عن طلب الخروج معها .. لقد اعتمد كل الطرق الملتوية لان يصل الى مراده و ها قد حصل عليه ..
دخلت المنزل و قامت بترتيبه و تنظيفه ثم صعدت الى حجرة فيكي و فيكتوريا و قامت بتنظيفهما و تغير الملاءات ... و بعد ساعتين و نصف كانت قد أنهت كل شيء فاتجهت الى الحمام حتى تستحم و تستعيد نشاطها من جديد ..
وقفت أمام المرآة تنظر الى الجرح الملفوف بشاش أبيض تأملته و قد ملأت الحسرة صدرها فتنهدت بعمق ..رأته و قد تلطخ بدمها الاحمر هذا كله بسبب الحركة الزائدة التي قامت بها اليوم و قد نهاها الطبيب عن أي مجهود بدني و كل ما فعلته هي مخالفة اوامر الطبيب و اوامر فيكتوريا ..
جلست في حوض الاستحمام البارد لتنتعش قليلا و توقف الدم عن الخروج بعدها غيرت الضمادة ثم ارتدت جينز و قميص أبيض ضيق يلتصق بجسدها ليظهر نحافة خصرها و رشاقتها فتحت اول ثلاث أزرار ثم ربطت شعرها البني المبلل بهيئة ذيل الحصان ليعطيها منظر الفتاة الصغيرة .. و اردت قرطين فضيين صغيرين لكنهما يبرقان كلما تحركت .. اكملت لباسها العملي الانيق بحذاء بلا كعب يناسب مظهرها .. و كعادتها حجبت جمال عينيها الواسعتين بنظارة سوداء لكنها مع ذلك لم تتردد بوضع احمر شفاه له فاتح كلون شفتيها لكنه اضفى عليها لمعانا مثير ..
دخلت المطبخ و كتبت ملاحظة صغيرة ( قد اتاخر .. الغداء في الفرن .. احبكما ) علقتها على البراد ثم اخذت مفاتيح السيارة و انطلقت بها ..
ركنت سيارتها ثم ترجلت منها بخفة .. صعدت الدرجات و هي تعي بأن العيون تتلافت حولها منهما المتعجب و منه المفتتن بجمالها .. و هذا ما جعلها تصمد و تصر على ان تبقى شابة مدى الحياة ..
اقتربت منها احدى الفتيات التي يبدو عليهن المثابرة و الاستكانة ..
- " بروفيسور مولر .. هل عدت الى العمل ؟ "
ابتسمت لها قائلة
- " ليس بعد .."
- " اتمنى ان تعودي في اقرب وقت .."
- " و انا كذلك .. اشكرك "
ابتعدت عنها و هي تلوح لها بيدها و ابتسامة مشرقة على وجهها ..تأمل بعد ان وقفت امام الباب الذي كتب عليه ( مكتب المدير مايكل كهان ) ان يقبل بعرضها .. قبل ان تمد يدها لتطرق الباب التفتت ما ان سمعت صوت المنادي خلفها
- " سارا مولر .. بروفيسور .. "
- " سيد كهان .. مرحبا .. كنت .."
- " تفضلي سيدة مولر "
فتح لها باب المكتب لتدخل جلس امامها ينظر اليها بابتسامة
- " كيف حالك يا سارا؟ "
- " على احسن ما يرام يا سيدي كما ترى "
- " ارى بانك فقدت وزنا .. فهل هذا يدل على انك على ما يرام ؟"
- " بالطبع .. "
- " لم انت هنا يا سارا ؟ "
فركت يدها بالاخرى فهي دائما تتوتر امام هذا الرجل الأصلع دون ان تعرف السبب فهو له شخصية غريبة جدا و صعب الارضاء و حاد الطبع
- " كنت اود .. اعني .. اتمنى ان .. اريد ان اعود الى العمل "
لم تتغير ملامح وجهه بل حك رأسه الخالي من الشعر و كانه يفكر بقضية يصعب حلها
- " اين التقرير الطبي الذي يسمح بعودتك الى العمل ؟ "
اخفت خيبة املها بابتسامة مصطنعة
- " ليس لدي تقرير طبي سيد كهان .. لكني أؤكد لك بأني استطيع ان ازاول عملي بشكل طبيعي و على أحسن وجه "
- " آسف يا سارا .. انت تعرفين القوانين هنا جيدا "
- " لكن..."
- " اسف مرة اخرى اعذريني لا استطيع مساعدتك .. احضري لي تقريرا طبي يسمح لك بالعودة الى العمل و سأقبل بأسرع وقت .. انا اهتم بتلك الامور و هي من الاساسيات هذا قانون الجامعة بل انه قانون جميع الجهات .. اعتقد بانك تعرفين ذلك جيدا "
- " حسنا سيد كهان دعني اعمل ليومين لاثبت لك بأني فعلا بخير و ان لم يعجبك الامر تستطيع ان توقفني عن العمل "
- " سارا هل ينبغي لي ان اعيد كلامي مجددا "
- " لا يا سيدي .. اقبل عرضي "
- " اسف "
- " لا مجال في تغير رأيك ؟ "
- " ابدا .. انت اكثر واحدة تعرف بأني لا اغير رأيي خاصة فيما يتعلق بهذه المواضيع "
- " ابدا ابدا .."
- " لا محالة .. "
خيبة امل حادة لكنها مع ذلك وقفت و صافحت السيدة كهان بكل كبرياء
- " حسنا سيد كهان .. سأعود قريبا مع التقرير الطبي الذي تريده "
- "هذا جيد .. فرصة سعيدة لان اقابلك مجددا "
- " و انا كذلك "
- " اراك قريبا اذا "
- " كن متأكدا .. الى اللقاء "
خرجت من كمتبة و في رأسها فكرة اخرى و امل آخر .. فانطلقت بسيارتها و هي تفكر بخطاب تلقيه قد يغير من أراء مرؤسيها .. ترجلت من سيارتها و سارت بخطى واثقة تعيد الخطاب الذي اعدته قبل قليل في السيارة .. ابتسم لها المارون بالقرب منها و حياها آخرون .. جذبت أنظارهم بأناقتها المعتادة و تصفيفة شعرها .. ملأت أرجاء الممرات برائحتها العطرة فأذابت بذلك قلوب الرجال ..و سارت غير مكترثة بنظراتهم حتى توقفت عند الباب الكبير وطرقت بتهذيب ثم فتحته و ألقت نظرة على المرآة السمراء الجالسة خلف المكتب تتحدث على الهاتف و تكتب أشياء على الاوراق التي امامها .. رفعت بصرها الى حيث تقف سارا و ابتسمت و اشارت لها بالدخول و ما هي الا لحظات حتى أغلقت السماعة و نظرت اليها
- " اهلا سارا.. ما الذي جاء بك الى هنا ؟"
نسيت الخطاب الذي اعدته و ألقت بقنبلتها و رجائها
- " الملل .. كلوديا ساعديني لا استطيع البقاء بالمنزل دون عمل اقوم به .. صدقيني سأجن"
- " لكن يا سارا لم يمر اسبوعان على العملية التي اجريتها .. "
- " انني على احسن حال كما ترين "
- " بالفعل أراك قوية ..على الرغم من انك تبدين ضعيفة.. لكن ذلك لا يمنع ان تأخذي قسط من الراحة .. هذه أوامر الطبيب و هو ادرى "
- " أعرف ذلك .. لكن عودتي للعمل لن تؤثر .. بل انها افضل من ان ابقى في المنزل و اقوم بالترتيب و التنظيف في كل مرة اشعر بها بالضجر خاصة و ان الاطفال لا اراهما الا وقت العشاء ففي اغلب الاوقات اكون وحدي و لا شيء يسليني غير العمل .."
تنهدت كلوديا و اخذت تلعب بخصلات شعرها الاسود الطويل و هي تفكر فهي بالفعل تحتاج الى سارا خاصة مع تكدس الاعمال عليها
- " حسنا موافقة .."
صفقت سارا بيدها سعيدة بموافقتها عانقت صديقتها بقوة كادت تكسر ضلوعها
- " لكن .. سارا .."
- " ماذا يا عزيزتي ؟ "
ابتعدت عنها و هي تعدل من هندامها
- " عمل مكتب فقط لا غير .. أي لن تتحركي كثيرا .."
- " يناسبني ذلك "
- " حسنا اذا اهلا بعودتك عزيزتي الى العمل "
- " اه كم احبك "
قبلت صديقتها و خرجت الى حيث باقي الموظفين يعملون بانشغال تام وقفت و تكلمت بأعلى صوت لديها
- " لقد عدت .. الان سيبدأ العمل الحقيقي يا اصدقاء .."
ترك الجميع ما بيدهم و اقتربوا من سارا يهنئونها بعودتها محدثين جلبة عارمة تعبر عن فرحتهم بالعمل معها مجددا فهي مثابرة و تحب العمل الذي تقوم به فهي منسقة و مستشارة لكلوديا رئيسة المنظمة النسائية لمساعدة الفقراء و المحتاجين .. لقد تطوعت للعمل معهم لانها كانت بحاجة الى العمل خاصة بعد الضغوطات التي تعرضت لها و هذا لانها تريد الاعتماد على نفسها دون الحاجة الى نقود والدها الذي اصر لان يساعدها في كل الامور بالاخص في تكملة دراستها الجامعية و حصولها على الماجستير و الدكتوراة في مادة الاحصاء حيث اصبح عملها الاول و الذي تعتمد عليه في حياتها و مع ذلك لم تترك وظيفتها كمنسقة عامة للمنظمة النسائية فبفضلها اصبح لها هدف للعيش و اكمال مسيرتها و كما استطاعت ان تنسق الاعمال في المنظمة استطاعت ان تنسق حياتها بين المنزل و الجامعة و المنظمة .. وبغضون سنتين ترقت و اصبحت الساعد الايمن لكلوديا و اصبحت من افضل صديقاتها و هذا بجهدها المتواصل .. بل انها تقوم بكل شيء بنفسها الامر الذي يريح به الآخرون خاصة كلوديا التي تعتمد عليها اعتماد كلي و هذا ما جعل المنظمة النسائية تكبر و يذيع صيتها في انحاء الولايات كلها..
قررت بعد هذا اليوم السعيد ان تصطحب فيكي و فيكتوريا لتناول وجبة الغداء في الخارج يحتفلون بعودة والدتهم الى العمل في اللجنة النسائية الذي لطالما احبته على الرغم من انه لا يدخل لها الكثير و لا يساعد في سداد الفواتير لكنه يبقى عمل انساني تسعد بمكافآته المعنوية و الذي تعتبره افضل بكثير من المادة
نزلت من السيارة و وقفت تنتظر فيكي عندما اقترب منها احد الاباء
- " مرحبا سيدة مولر كيف حالك ؟ "
- " اهلا .. انا بخير .."
- " لابد انك لم تتعرفي علي .. انا والد نورا صديقة ابنك فيكي "
- " مرحبا .. تشرفت بمعرفتك.. كيف عرفت بأنني والدة فيكي ؟! "
- " كما قلت لك انت لم تتعرفي علي .. لكني سأوفر عليك العناء .. انا هنري بيلد صديق جيمي في الثانوية "
توترت ما ان ذكر اسم جيمي وضعت يدها على فمها فهذا شيء اخر غير الصور يذكرها بزوجها و عشيقها .. ابعدت الفكرة المشئومة من رأسها و ابتسمت بسعادة لان هذا الرجل كان يوم ما زميل لها في الثانوية
- " نعم نعم تذكرتك .. كيف حالك ؟ "
- " بخير شكرا لسؤالك .. كيف حال جيمي ؟ لم اسمع عنه منذ فترة طويلة لقد قابلته اخر مرة في احدى المعارض و ذلك قبل سنوات .. و اخبرني بأنه متزوج منك و له طفلان و اليوم تصبح ابنتي الصغيرة زميلة لابنكما "
اضطرب كيانها كله فكل ما ارادت ان تبعد جيمي عن رأسها لا تستطيع لان كل شيء حولها يذكرها به اغمضت عينيها حتى لا تنزل دمعتها فينتبه هذا الرجل لمعاناتها تمنت ان يسحب الكلام الذي قاله حتى يوفر عليها حزنها
و بالفعل اتى فيكي في الوقت المناسب لان يقطع عليهما حديثهما اقترب من والدته و جذب يدها بهدوء
- " امي ماذا تفعلين هنا ؟ "
فتحت عينيها و نظرت له باشتياق كأنها لم تقابله منذ سنوات و ليس هذا الصباح
- " جئت لاصطحبك يا عزيزي "
- " لكني اتيت بالدراجة هذا الصباح الا تذكرين ؟ "
- " اعرف ذلك .. لكننا لن نذهب الى المنزل ؟ "
- " الى اين اذا؟ "
- " اسرع باحضار دراجتك و لنذهب .. "
ركض مسرع لاحضار دراجته فالتفتت هي ناحية هنري رأته يقبل فتاته الصغير فاقتربت منها و مسحت على شعرها
- " اهلا نورا كيف حالك ؟ "
- " بخير "
عاد فيكي بدراجته فحملتها سارا بصعوبة لكن هنري اتى بالوقت المناسب ليضع الدراجة في دولاب السيارة
- " شكرا لك هنري .. و صدفة سعيدة "
صافحها و هو يبتسم
- " و انا ايضا سعدت بمقابلتك ثانية .. اوصلي سلامي الى جيمي "
يا الهي مرة ثالثة ينطق اسمه فيعتصر قلبها ركبت السيارة و ودعته ..لوح لها بيده و هو يراها تبتعد ..
توقفت عند مدرسة فيكتوريا التي كانت تقف ملتصقة ببراد تتحدث معه عندما رأت والدتها شعرت بالامتعاض و ابتعدت عن براد ..
- " انتظر براد هذه امي "
- " ماذا تفعل هنا ؟"
- " لا اعرف .. انتظرني.."
اقتربت من نافذة والدتها و هي تنظر اليها بعصبية بينما سارا كانت مبتسمة و سعيدة
- " هيا اركبي يا عزيزتي "
- " امي .. سأعود مع براد .. اخبرتك بذلك صباح هذا اليوم "
- " نعم اتذكر جيدا.. و اسفة لذك "
- " لا افهمك.. لم تقومي بهذا ؟ "
- " لانني اريد ان اخذكما الى مكان ما "
- " الى اين ؟ "
- " اصعدي الان و ستعرفين ذلك لاحقا .."
- " انتظري ريثما اخبر براد "
- " سأنتظر .. هيا اسرعي "
رأتها تحدث براد و في عينيها خجل لكنها رأت ردة فعله هو الابتسام لسارا و لوح لها بيدها عندها صعدت فيكتوريا الى السيارة و هي تودع براد و كأنها لا تود فراقه .. فهمت سارا ذلك جيدا فهي بيوم من الايام كانت تعاني من داء الحب الذي دوخها ..
توقفت عند احد المطاعم الكبيرة الفاخرة التي تحبها فيكتوريا جدا فابتهجت لانهم سيتناولون وجبة لذيذة في مطعم رائع..
جلسوا على طاولة تطل على منظر خلاب لمنهاتن .. التفتت فيكتوريا الى سارا و نظرت اليها باستغراب
- " لابد انك تحملين اخبار رائعة ؟"
- " و لم انت متأكدة من ذلك ؟"
- " لان المكان جميل جدا "
- " انا دائما اصطحبكما الى اروع الاماكن .. ما رأيك يا فيكي ؟"
- " سأوافق فيكتوريا هذه المرة "
- " انكما قاسيان جدا .. حسنا ساخبركما .. احضرتكما هنا لنحتفل بعودتي الى العمل في اللجنة "
ضربت فيكتوريا على المائدة غير مصدقة كلام والدتها
- " امي بالله عليك لم يمر عليك اسبوعان "
- " اعرف ذلك .. لا تقلقي .. انه مجرد عمل مكتب أي انني لن اتحرك كثيرا من مكاني "
- " اتمنى ان اصدقك .. "
- " صدقي ذلك .. اذا اردتني ان اتشافى بسرعة يجب ان اكون سعيدة .. و العمل في اللجنة يجعلني اشعر بقمة السعادة .. فابتهجي من اجلي "
- " فيكتوريا .. لا تكدري صفو امي .. هيا ابتهجي .. فماما عادت الى العمل .. ياهوووووو "
كان بصوته شيء من السخرية لكنه مع ذلك جعلها تبتسم و تقبلة بقوة
- " لا تعترض .. فلم اقبلك امام اصدقائك "
- " لا بأس ... ساسامحك هذه المرة "
التفتت الى فيكتوريا و هي تلكزها
- " هيا اريني ابتسامتك "
ابتسمت بتثاقل لكن سارا اقتربت منها تدغدغها حتى تضحك و تبتسم
- " نعم هذه الابتسامة الصادقة "
تناولوا وجبة غداء لذيذة جدا و باهضة الثمن لكن الامر يستحق ذلك بالنسبة لسارا ..
بعد عودتهم الى المنزل من السوق و دفع ثمن اخر للمشتريات التي حملوها الى المنزل ,
ركنت سيارتها في المرآب و صدمت عندما وجدت تود واقفا و بيده باقة زهور ينتظرها على الكرسي في الشرفة وضعت يدها على فمها فلقد نسيت موعدها مع تود تورد خداها عندما اقتربت منه ..
- " يا إلهي تود أنا آسفة جدا "
- " لا عليك "
- " هل أنت هنا منذ مدة ؟ "
- " لا.. عشرة دقائق "
- " أنا جدا آسفة "
- " هل غيرت رأيك ؟ "
- " لا .."
- " اذا هيا لنذهب .."
نظرت إلى ثيابها العملية التي لا تليق بسهرة في الخارج مع رجل تخرج معه لأول مرة
- " لكنني .. "\
فهم بانها تريد أن تغير ثيابها إلى أخرى أكثر أناقة ..
- " لا بأس سأنتظرك .. "
ركضت ناحية الباب و فتحته
- " تفضل .. لن أتأخر .. دقائق و سأكون جاهزة "
صعدت حجرتها و جذبت فيكتوريا معها
- " ساعديني .. ماذا ارتدي ؟"
- " هل ستخرجين مع تود ؟ لا أصدق بانك قبلت دعوته "
- " لقد أصر علي "
- " أنه وسيم .. لا أعرف لم لم تقبلي دعوته من قبل "
- " لا أعرف .. هيا الان كفي عن الثرثة .. ما رأيك بهذا الفستان ؟ "
كان فستان أبيض بلا أكمام و قصير جدا
- " قصير جدا .."
سحبت آخر ..
- " و هذا ؟ "
- " لا يليق بأول موعد "
- " ماذا عن الازرق هذا ؟ "
- " نعم هذا .. مناسب جدا "
- " جيد .. "
ارتدت فستان أزرق يصل إلى ركبيتها و له كم قصير جدا و ياقة مفتوحة إلى الصدر .. وضعت على خصرها حزام أسود عريض يبرز نحافتها أسدلت شعرها البني و زينته برباط أسود و قرطين بلون الفستان و مكياج خفيف أكمل زينتها
نزلت الدرج و حذاءها العالي محدث جلبة و تصفيق لجمالها ... وقف تود منبهرا بمنظرها الخلاب اقترب منها رافعا باقة الزهور التي يحملها
- " تبدين ساحرة كالعادة "
- " شكرا لك "
- " هلا اسرعنا بالذهاب "
- " بالطبع "
تعلقت بذراعة اليمنى و سار بها الى حيث السيارة فتح لها الباب و ودع ابنائها بغمزه من عينيه قبل ان تصعد الى السيارة التفتت على فيكتوريا و صاحت لتسمعها
- " انتبهي لنفسك و لأخوك .. لا تتأخرا في النوم "
- " حسنا .. استمتعي بوقتك "
ترجلا من السيارة بعد أن فتح لهما رجل الاستقبال .. سار معها إلى حيث طاولتهم التي حجزها عبر الهاتف .. و في خلال دقائق كانت الاطباق أمامهم مستمتعين بتذوقها و بالجو الرائع تحت ضوء الشموع و الموسيقى الهادئة لعازفة الكمان , تبادلا العديد من الاحاديث التي تسر بها النفوس و كان هو دبلوماسي لأقصى درجة الحدود فلم يسألها عن علاقاتها السابقة و أي شيء قد يوتر الجو بينهما هذا ما جعلها ترتاح و تستمع بهذه الامسية الظرفية .. كما أنها اكتشفت تود من نواحي جديدة و بالفعل صدق بأن ما أطلق عليه كان مجرد إشاعات فهو رجل محترم جدا و مشاكس بعض الشيء و له إسلوب منطقي و جاذب .. بعد الانتهاء عاد بها الى المنزل و كان الوقت متأخر جدا أراد أن ينزل معها حتى الباب لكنها استوقفته ليبقى داخل السيارة دون أن يتكبد عناء النزول .. اقترب ليطبع قبلة على خدها جعلتها تبستم
- " شكرا لك تود لقد استمتعت كثيرا "
- " و أنا كذلك .. أتمنى أن أكون قد غيرت نظرتك بالنسبة لي "
- " ليست هناك نظرة سلبية مني تجاهك فأنت جار رائع و وسيم أيضا "
- " إذا هل ستقبيلن الخروج معي في المرة القادمة "
- " لا أجد ضير من ذلك "
- " رائع .. ما رأيك بيوم الأحد ؟! "
- " لا أمانع .."
- " حسنا إذا .. على الموعد "
- " الى اللقاء .. اعتني بنفسك "
- " و أنت كذلك .. عمتي مساءا"
دخلت المنزل و أغلقت الابواب و النوافذ و كذلك الانوار ثم صعدت الى حجرتها تستعد للنوم بدورها بعد أن تأكدت بأن فيكتوريا و فيكي نائمان , لكنها بدل من ان تندس تحت الاغطية الوثيرة كعادتها طرأ شيء برأسها أتى وجه هنري و هو طالب صغير .. ثم تذكرته مع جيمي و هم في الثانوية .. الامر الذي جعلها تصعد الدرج الى العلية و تتجه الى احد الصناديق الذي كتب عليها ( ثانوية نيوجيرسي) فتحت الصندوق و بدات بإفراغه .. اخرجت كتابها السنوي و فتحته و اخذت تقلب صفاحته لتجد صور مؤلمة جدا دمعت عينيها لرؤية صديقاتها كريستين و دورثي و بياتريس و الكثر منهن الاتي قضت معهن اروع اللحظات .. كما رأت صور لديفيد .. و هنري .. و جيمي
اسندت ظهرها على الحائط و بدأت تتذكر كل لحظة قضتها في الثانوية تذكرت عندما اكتشف والدها بانها تقوم بإعطاء دروس خصوصية لجيمي كيف انه ثار و فقد اعصابه و امرها بالابتعاد عنه لكنها لم تطعه فهي متعلقة به و تعشقة منذ سنوات و لا يستطيع احد ان يبعدها عنه .. لكن عندما أحس جيمي بأن الذي قام به أصبح أكثر جيدة و قد يؤدي إلى مشاكل هو في غنى عنها مع والدها قال لها في تلك الليلة
- " سارا لا احتاج الى الدروس الخصوصية بعد اليوم "
- " ارجوك يا جيمي لا تهتم لكلام والدي .."
- " لكني بالفعل لا احتاج لها "
- " لا تقلق سأحاول ان افهمه بان لاشيء يجري بيننا فهذه هي الحقيقة "
و كانه تلقى صفعة منها فصاح بها متسائلا
- " حقا ؟!! "
لم تنسى نظرة الحزن في عينيه و الالم عندما اخبرته بأن لا شيء يجري بينهما .. وقف بشموخ و كبرياء و قرر الذهاب محمل بالجراح فهي تعتقد بعد مرور شهر يدرسان و يمرحان مع بعضهما البعض بأن لاشيء يجري بينهما .. جذبت يده و هي تنظر اليه يبتعد عنها فتوقفه
- " الى اين يا جيمي ؟"
- " اخبرتك باني لا احتاج الى دروسك .. بل انني لم احتاج لها ابدا .. "
كان بصوته شيء من العصبية جعلها ترتاب من كلامه
- " ماذا تعني ؟! "
- " اعني بأنني لم احتاج يوما الى دروسك الخصوصية .. لقد فشلت بالامتحان لانني لم اكترث لانجح .. و ان اردت فعلا ان انجح لكنت الاول .. انت تعرفين بانني الافضل و لقد اخبرتيني بذلك بنفسك"
كانت لا تزال مستغربة من هجومه عليها فجأة و هي التي قضت معه أجمل ثلاثين يوما ..
- " اذا لم فعلت كل هذا ؟ "
- " لانك ... انها الطريقة الوحيدة التي استطيع ..."
سكت لبرهة و اخذ نفسا عميقا و اعلنها و هو يجذبها إليه
- "التي بها استطيع التقرب منك "
- " لكنك كنت تستطيع ان تتكلم معي اذا اتيت و بدات بحديثك بتحية"
- " كيف و انت تعتقدين بأن أي شيء اقوم به هو انتقام .. الا تذكرين ؟ "
تحشرج صوتها في حنجرتها و اغروقت عيناها بالدموع
- " و انت كنت تفعل الشيء نفسه ... انت تكرهني .. انا اعرف ذلك .. "
وضع يده على رأسه غير مصدق كلامها فلقد اخبرها بانه يريد التقرب منها و هي تتهمه بانه يكرهها
- " الا تسمعين ما اقوله لك يا سارا ؟! "
- " انت لا تقول شيئا "
غطت وجهها بيديها و بدأت تبكي جذب يديها و اجبرها للنظر اليه
- " اسمعي سأقول هذا و لن اكرره و ان اردت تصديقي فافعلي و ان لم تفعلي فاسترك المكان و اذهب "
- " اذهب .. اتركني "
كانت تحاول ان تبعده عنها و هي تبكي و تدفعه للخلف لكنه نهرها بصوته
- " ليس قبل ان تسمعي ماذا اريد ان اقوله لك "
- " لا اريد ان اسمع شيئا اتركني .."
- " بل ستسمعين لي..سارا .. توقفي عن هذا الهراء .."
صدمها صوته فهو لم يكن حازما معها كاليوم لذلك رضخت له و توقفت عن البكاء لكنها لم تنظر اليه مسك وجهها بهدوء و تكلم بصوت رقيق
- " سارا انظري الي .. انظري الي "
في البداية لم تفعل لكن صوته الجاد الحازم جعلها تنظر الى اجمل عينين راتهما في حياتها
- " انا لا احتاج الى دروس خصوصية .. بل لم احتاج لها ابدا .. لاني احب مادة الرياضيات بل هي الشيء الوحيد الذي اجيده دون ان ادرس .. و الكل يعرف ذلك .. لقد اصطنعت فشلي فيها لانني اريدك ان تكوني مدرستي الخاصة و بذلك اقترب منك .. اريد ان اقترب منك .. فأنا .. انا ..انا يا سارا .. احبك .. نعم .. و منذ زمن طويل ..طويل جدا .. منذ ان كنا اطفالا .. كل هذا الشجار بيننا كان طريقتي الغريبة لاعبر لك عن حبي .. على الرغم من انها فشلت .. لكنني احبك و لطالما فعلت و لا انوي ابدا.. بل لم اشعر برغبة للانتقام كما تزعمين .. "
كلامه جعلها تنظر اليه و كأن ماء بارد قد القي عليها .. دمعت عينياها مجددا و هي تذكر كل كلمة قالها .. لقد قالها .. انا احبك .. انه يحبني .. و كررها أكثر من مرة .. انه يحبني ..
- " جيمي .."
ابتسم فهو يحب أن تنطق بأسمه بطريقتها التي تدغدغه
- " نعم يا حبيبتي "
لم تعتاد عليه يعسلها بكلامه فأنزلت رأسها خجلا و كانت منزعجة من شيء فقالت له
- " لم تريد ان توقف الدروس ؟"
- " لانني لا احتاج لها .. اخبرتك بذلك "
- " اعرف .. لكنك بذلك تقول بانك لا تحتاج لي "
ضمها إليه و قبل رأسها
- " بل احتاج لك .. انا احبك يا سارا احبك .. ارجوك افهميني "
- " اذا دعنا نكمل الدروس حتى و ان كنت لا تحتاج لها .. فبذلك سنكون مع بعض "
- " لكن لا اريد ان افتعل مشاكل بينك و والدك .. انا اعرف بأن والدك لا يحبذ وجودي بالقرب منك و كذلك والدي اذا عرف بذلك "
- " ارجوك اترك هذا الامر لي سأعالجه بنفسي "
- " حسنا سنتقابل لكن دون الدروس الخصوصية "
- " سنفعل .."
رفع ذقنها بإبهامه و هو يبتسم و اخيرا ارتاح ..
- " و الان ماذا ؟ ألا تريد أن تخبريني بشيء .. "
أنزلت رأسها خجلا مرة أخرى و عضت على شفتيها
- " سأخبرك باني احبك ايضا و لطالما فعلت "
تعلقت برقبته و قبلته بشغف و ببراءة الحب بينهما حملها بين يديه و بادلها حرارة القبلات .. لن تنسى ذلك اليوم ابدا فهو اليوم الذي اعترف لها بحبه و بصدق مشاعره ..
تطورت علاقتهما أكثر و أكثر و توطدت مع الأيام و كانا يتقابلان في السر حتى لا يكتشف والديهما الأمر فيبعدانهما عن بعض و ذلك كله بسبب خلاف العائلتين منذ سنوات دون ان يعرفا هما سبب ذلك الخلاف و غير مكترثين لان أن يعرفا .. و مع ذلك تركا لعلاقتهما ان تنمو و تتقدم مع الأيام و الأسابيع و الأشهر.. كانا حبيبين أكثر من روميو و جوليت بل هما روميو و جوليت ..
شعر الجنرال ادوارد ان ابنته تتسلل في الليل و انها لم تطعه .. فكان دائما ا يتحقق من صحة اقوالها عندما يسألها عن سبب تأخرها او المكان الذي ستذهب اليه و من هم اصدقائها الذين سترافقهم و من تلك الاسألة التي تزهق النفس .. حتى اتى ذلك اليوم الذي اكتشفهما في احدى الحدائق يتبادلان القبلات و كان ذلك بعد مرور عام على مقابلتهما لبعضهما خلسة و بالسر دون علم احد الا بعض الاصدقاء المقربين جدا .. تذكرت بأن والدها انزعج كثيرا و جر سارا بعنف من يدها مصطحبا اياها الى السيارة و بعدها انطلق تاركا جيمي واقفا بمكانه محتار ماذا يفعل؟! بل الاكثر من ذلك كان مستاء جدا لتصرف والدها بتلك العدوانية تجاهه و كأن الحب اصبح جريمة بشعة يعاقب عليها القانون ..
عاد ادراجه الى المنزل مغتاظا و كأنه يحمل كل هموم العالم و لا يعلم بانه في هذا اليوم سيفعل سيحمل هموما كبيرة على كاهله .. توقف مستغربا عندما وجد سيارات الشرطة بأضواءها الحمراء تركن امام منزله دخل و هو مرتاب بل مرتعب فلا احد بالمنزل الا هو ووالدته ..
التفتت اليه المحقق ما ان دخل المنزل .. حاول ان يبحث من بين الوجوه على وجه مألوف يعرفه و بالفعل وجده .. انه والده .. لكن ماذا يفعل هنا ؟
- " ابي .. ماذا يحدث هنا ؟ "
- " اجلس بني "
- " ابي .. يفترض ان تكون في واشنتون .. ماذا تفعل هنا ؟ "
- " جيمي ..."
- " اخبرني هل من خطب ؟؟ "
- " لن اتكلم .. اجلس "
تصلبت رجلاه لكنه مع ذلك جلس متوترا يطقطق بأصابع يديه و ينقل نظراته بين وجوه الشرطة و المحقيقن و بالاخص وجه والده الذي طغى على ملامحه الحزن بل انه رأى شبح دموع في عيني والده للمرة الاولى
- " الان هل ستخبرني بما يجري هنا ؟ أكاد اجن "
اقترب المحقق منه و ربت على كتفه بحنية يفترض بأنها تجعله يهديء لكنه عوضا عن ذلك وقف بعصبية و كأن الريبة و الخوف اعمى بصيرته فلقد احس بشيء مزعج .. لم الشرطة هنا ؟ و والده عاد من مهمة و يفترض ان يكون في واشنتون ... و اين والدته ؟!!! زاد جنونه .. و بدأ يدفع الشرطي عنه .. اقترب من والده و ضغط على كتفه و هو يصرخ بوجهه
- " هل امي بخير ؟ اخبرني بان امي بخير .. اين هي ؟ اين امي ؟ "
ابتعد عن والده و هو يركض يبحث في ارجاء المنزل عن والدته
- " امي .. امي.. اين انت .. امي .. اخبروني اين امي ... اين هي .. تكلم .. ابي .. تكلم "
كان يصرخ كالمجنون حتى اقترب مجموعة الشرطة منه و اوقفوه حتى يهدأ لكنه كان يحاول الافلات من يدهم يريد ان يركض و يصرخ .. لقد احس بذلك خاصة عندما اقترب والده و هو يبكي و انها لاول مرة يرى والده بتلك الحال اذا فمؤكد بان الامر يتعلق بوالدته
- " لقد تعرضت لحادث سيارة ... و ..فارقت الحياة .. "
رفع يده على رأسه يتحسس وجوده فهل هو كابوس مزعج ام ماذا ؟ هل ما يقوله والده هو مسرحية او مقلب مدبر ؟ لا لا يعقل ان يرى والدته هذا الصباح و يخرج من المنزل ثم يعود ليجدها قد فارقت الحياة .. انه لم يودعها .. لم يقبلها .. لم يخبرها بأنه يحبها و بانها المراة الاولى في حياته .. لم يخبرها بأنه احب سارا .. حب الطفولة .. و انه يريدها ان تسانده كما تفعل دائما .. اراد ان يضمها الى صدره و يقبلها بقوة ..
- " لم اودعها .. انا .. لم ... أودعها هذا الصباح "
كان ماثيو بروكس يبكي بحرقة و هو يرى ابنه الوحيد مأخود بأثر الصدمة و انه بدأ يهذي كان يتمتم بكلمات غير مفهومة .. ابتعد عنه فهو يحتاج الان الى من يواسيه لا لشخص يقف امامه يبكي .. بهدوء غير طبيعي مشى بطريقة جعلت المحقق و والده ينظران اليه ليشاهدا على ما يقوم به .. ترك المنزل و مشى بعيدا .. لحق به والده
- " جيمي .. توقف .."
لكنه لم يتوقف بل سار بعيدا .. لا يعرف الى اين يذهب .. ترك رجليه تقودانه .. حتى توقف عند نافذة حجرتها .. لم يعرف هل يدق الجرس ام الباب ام يصرخ .. وقف ساكتا تحت ضوء القمر متسمرا امام نافذة حجرتها بقلب مفجوع .. انه مستغرب من عينيه التي خانته .. تمنى دمعة ان تنزل لتطفيء الغليل الذي اشتعل بداخله .. كالتمثال وقف متحجر بقلب متكسر دون دموع .. حتى فتح ضوء الحجرة و من ثم الباب امامه ليجد الجنرال واقفا امامه بهيبته يصرخ بوجهه
- " بروكس ... اذهب الى منزلك "
لكنه لم ينبس ببنت شفة .. بل انه لم يرمش حتى ..
- " انا آمرك بالذهاب .. هيا ابتعد "
كالصنم .. انسان بلا روح مما زاد من غضب الجنرال
- " هل تتحداني يا بروكس .. انا اقول لك ابتعد و عد ادراجك .. الى منزلك هيا .. "
نزل الدرج و وقف بالقرب منه ينظر اليه لكنه جيمي لم يبادله حتى النظرات كان مسمرا ينظر الى مكان ما خلف الجنرال .. نزلت سارا عندما سمعت صياح والدها و كذلك فعلت والدتها و اخيها ستيف ...
- " ابي .. جيمي .. ما الذي يجري هنا ؟ "
اقتربت من جيمي الذي حرك رأسه و اخيرا ناحيتها دون أي ملامح تعكس مشاعره
- " سارا ... الى حجرتك "
نهرها الجنرال .. لكنه ابتعدت عن والدها و اقتربت من جيمي
- " ابي .. ارجوك "
- " سارا .. لن اعيد كلامي "
- " انظر اليه .. انه ليس على ما يرام .. جيمي هل انت بخير ؟ "
هز رأسه نفيا و احس بنبض قلبه يعود له من جديد .. يا الهي ان صوتها يفعل العجائب .. يعيد الحياة الى الأموات
- " لا تتحدثي اليه يا سارا و ادخلي المنزل .. كارلا خذيها الى الداخل "
حاولت ان تجرها كارلا إلى الداخل لكنه جذبت يدها و صاحت
- " لا لن اذهب .."
اقتربت اكثر من جيمي و ضمته بقوة الى صدرها .. تدارك الامر بعد فترة و بالكاد رفع يده ليحاوط جسدها الدافيء في هذه الليلة الباردة
- " جيمي حبيبي انت لست بخير .. اخبرني يا حبي ماذا بك ؟ تكلم ارجوك "
تمتم بكلمة واحدة سمعها الجميع..
- " امي .. "
اراد ان يبعدهما والدها عن بعض لكنه عندما سمع نبرة الالم الذي تكسر القلب من صوته توقف ليسمع الى هذا الصبي المتوجع
- " ما بها امك يا عزيزي؟"
- " لم اودعها هذا الصباح "
شعرت بالقلق و الاضطراب مسكت وجهه بيديها امام مرأى والديها و اخيها
- " جيمي .. "
- " لقد .. شرطة .. يبكي .. انه يبكي .. و انا .. لم اخبرها بانني احبها..امي.. "
وضعت يدها على فمها تكبح صرخة تكاد تخرج منها لكنها تمالكت نفسها من اجله و ضمته بكل ما تملك من قوة كانها بذلك تعطيه من قوتها حتى يتماسك و لا يتهاوى بالسقوط لكنه بالفعل سقط ارضا لان رجليه لم تتعد تتحملان الهم الذي يحمله ساعدته على الجلوس و هي متعلقة بجسدة قبلته كانها تبث فيه الروح .. و اخيرا استطاع ان يبكي .. بكى .. كطفل صغير .. طفل خائف تائه يلقى برأسه على صدر امراة يبحث فيها دفء والدته .. تكسر قلبها ألما على حال حبيبيها و لم تستطع ان تمسك دمعة سقطت على رقبته .. كانت تهدأه و تمسح على رأسه .. بدأ بالهذيان فكان يكرر كلماته السابقة .. تركهما والدها فقط هذه المرة ..فالصبي ليس على طبيعته و لقد فقد امه للتو لا يمكن ان يكون بتلك القسوة .. كما ان زوجته بدأت بنوبة بكاء من نوع آخر فلقد كانت دورثي صديقة عزيزة لها على الرغم من خلاف العائلتين الا انها كنت لها مشاعر صادقة و في هذا اليوم تنتهي حياتها .. و ابنها الوحيد يبكي بحرقة على صدر ابنتها ...
كان صباح بارد و جاف كقلب جيمي و ممطرا كعينيه التي لم تتوقف عن البكاء .. تفطر قلب سارا حزنا على حبيبها الذي فقد والدته مؤخرا .. وقف بأحزانه بالقرب من والده و الكاهن الذي وقف يتلو صلاة على جثة دورثي بروكس .. كان الجنرال و زوجته من بين الحضور لكنهما أخذا مكانا منعزلا حتى لا يراهما ماثيو بروكس فينشب قتال بينهما ..
بعد الدفان و في المأتم وقف الاثنان رجال بروكس يستقبلون المعزين.. و وقفت سارا بجانبه طوال الوقت بعد أن اخذت إذنا من والدها الذي رفض الامر في البداية لكنه رضى به بعد أن رأى حال جيمي المأساوية ..
اقتربت من جيمي بعد انتهاء المأتم الذي يجلس في الحديقة و بيدها طبق صغير به شطيرة تبدو شهية
- " جيمي.. أنت لم تأكل منذ الصباح "
- " لا اريد "
- " لكن يجب ان تأكل .."
- " سارا .. ارجوك .. قلت لك لا اريد "
- " قضمة واحدة من أجلي "
نظر الى عينيها فابتسمت له و مدت الشطيرة تجاهه أخذها منها بلا نفس لكنها ترجته و هو لا يحب ان يكسر بها .. تناول قضمة و ثانية و ثالثة حتى انهى الشطيرة كلها .. شعرت سارا بأنها سعيدة لأول مرة منذ خبر وفاة والدة جيمي .. فها هو جيمي يعود للحياة مجددا
- " هل انت راضية الآن ؟ "
- " انا دوما راضية يا حبيبي ما دمت معي"
شيء ما جعله ينسى حزنه و يقترب منها ليقبل شفتيها التي بدت أشهى من الشطيرة التي تناولها طار بتفكيره بعيدا عن الجنازات و الدفان و المأتم و والدته و الجنرال و كل شيء في حياته إلا هذه اللحظة ... فهي بالقرب منه و لا يريد أن يخسرها هي أفضل شيء حدث في حياته و وجدها بالقرب منه تشد من عزمه و تسند ظهره هو أسعد شيء بالنسبة له ..
توقف عن تقبيلها بعد أن أحس بأن هناك من يراقبهما رفع رأسه و وقف ينظر الى الجهة المقابلة لحديقتهما من بين الأشجار فوجد شخص يركض و يختفي عن الأنظار .. جذبت يده
- " جيمي ما بك ؟ "
- " كان هناك شخص ما يراقبنا "
قالها مسارا ناحية الاشجار.. فنظرت بتلك الناحية حيث اشار
- " أين ؟؟ لا أرى شيئا "
- " ركض مبتعدا بعد أن رأيته "
- " لا علينا منه "
أخذت وجهه بيديها و أكملت تقبيله لم يتفاعل معها فلقد كان تفكيره المرتاب بالشخص الذي يراقبهما ؟ ماذا كان يفعل ؟ و ماذا أراد ؟ بل من هو ؟!
حاولت أن تؤثر فيه فقبلت رقبته و نجح الأمر تأثر بجاذبيتها و بقبلتها التي أثلجت الدم في جسده فسارت قشعريرة لها شعور جميل .. فحملها بين يديه و دخل بها المنزل بهدوء حتى لا يستيقظ والده كانت تشعر بشيء من الخوف عندما أدخلها إلى حجرته و أوصد الباب خلفه.. وضعاه على الفراش و أخذ ينظر إليها كأنه مغترب ينظر إلى دياره بعد طول الغياب .. أنهل عليها بقبلات عذبتها فأطلقت أهه جعلته يستثير فحلق معها إلى عالم النسيان عالم لا يوجد به إلا الحب و الغرام ...

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 22-08-08, 04:12 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-3-
خرجت من حجرته حاملة حذاءها بيدها و مشت على أطراف أصابعها حتى لا يستيقظ ..

طبعت قبلة رطبة على جبينه و من ثم وقفت تنظر إليه كانها تودعه الى الابد فهي لا تريد فراقه تريد أن تكون تحت الاغطية معه تلتصق بجسده و تتدفأ بحبه.. كان الوقت متأخرا جدا و قد بدا لها كطفل بريء نائم خشيت أن توقظه , و ما أن أصبحت في الخارج حتى لبست حذاءها ذو الكعب العالي و ركضت في هذا المساء المظلم .. فتحت باب منزلها بهدوء و خلعت حذاءها مجددا حتى لا توقظ والدها صعدت الدرج و ما ان فتحت باب حجرتها حتى صرخت بهلع
- " أبي !!!!"
- " أين كنت ؟ "
وضعت يدها على قلبها تتحس ضرباته القوية
- " لقد أفزعتني "
لم يأبه لخوفها بل قال بجفاء و عصبية
- " سألتك يا سار أين كنت ؟ "
- " كنت .. عند جيمي "
- " لم تأخرت؟ "
- " أبي .. أريد أن أنام "
- " ألم تفكري بالعودة مبكرا حتى تنامي "
لم تتكلم بل بقيت ساكتة تعلق معطفها و ترتب ثيابها على الفراش تلهي نفسها من أثر والدها المرعب عليها لكن صوته علا بعصبية
- " ألم أنهيك عن مقابلته .. لقد رضيت بذلك اليوم فقط من أجل المأتم .. و بعد اليوم لن أسمح لك بمقابلته "
- " لكن يا أبي لا تستطيع أن تمنعني "
- " بل سأفعل .. بكل ما أتيت من قوة "
تباكى صوتها و هي تنظر اليه
- " لم تفعل هذا ؟ ألأا تريد سعادتي "
لانت ملامحه قليلا و هدأ صوته
- " بل أريدك يا حلوتي أن تكوني سعيدة لكن ليس مع بروكس "
- " و لم ليس بروكس .. أنه من أحب "
- " هذا ليس حبا "
- " بل أحبه يا أبي و أريد أن اكون معه .. انه يحتاج إلي الان .. ارجوك يا ابي "
- " سارا أنا والدك و أعرف مصلحتك جيدا .. لن تقابليه مجددا إلا على جثتي أفهمت "
- " اذن أنت من كان يراقبنا اليوم .. لم فعلت هذا ؟ ألا تثق بي ؟ "
- " كل ما أفعله هو حمايتك يا عزيزتي .. أنت ابنتي و لا اريد أن يصيبك مكروه "
- " لم تدخل شجار العائلتين بنا "
- " لأنك من العائلة .. كما أن جيمس ليس الفتى المناسب لك "
- " أنا اعرف ما هو المناسب لي و ليس انت "
صرخ بوجهها فلقد نفذ صبره من هذا النقاش
- " سارا .. انتهى نقاشي معك .."
خرج من غرفتها صافقا الباب خلفها و كأنه صفعها على وجهها فسقطت على الفراش تبكي لا تعرف ماذا تفعل فهي بين نارين نار الحب و نار والدها ..
عاد جيمي إلى المدرسة بعد غياب ثلاثة أيام استقبله زملاؤه و مدرسوه بصدر رحب و ساعدوه بما فاته من دروس .. لم يجد سارا اليوم تنتظره و لم يجدها في مقعدها في الفصل لا يعرف سبب غيابها اليوم .. سأل كريستين صديقتها عنها فأجابته بأنها لا تعرف فقرر بعد انتهاء المدرسة أن يذهب ليطمأن عليها فلقد تركته بالامس في الفراش وحده دون سابق انذار بعد أن وهبت نفسها له لأول مرة ..
طرق الباب مرة و ثانية ففتح على مصارعيه
- " جيمي ماذا تفعل هنا ؟"
- " أهلا ستيف .. هل سارا هنا ؟"
- " نعم انها هنا لكنك لا تستطيع مقابلتها "
- " و لم ؟! "
- " انها أوامر الجنرال "
- " لا أصدق ما يفعله والدك "
- " جيمي عد من حيث أتيت لا نريد شجار آخر "
سمع جيمي صوت ينادي ستيف من الخلف
- " من في الباب يا ستيف "
- " لا احد .. انه رجل تائه "
ثم نظر إلى جيمي و قال له برجاء
- " هيا يا جيمي ابتعد "
حاول ان يغلق الباب لكن جيمي مد يده و قال
- " حسنا اخبرني هل هي بخير ؟ "
- " ستكون على ما يرام "
ابتعد جيمي و هو يعرف بانه لن يرى سارا بعد اليوم لكنه أصر على أن يقابلها رغم أنف الجميع فهو يحبها ولا ينوي أن يفارقها لا يريد أن يودع امرأة أخرى أحبها سيفعل المستحيل حتى لو أدى ذلك بحياته ...
عاد إلى البيت الذي كرهه بعد وفاة والدته خاويا لا روح فيه .. دخل المنزل ليجد والده ينتظره في غرفة الجلوس و في عينيه شرر .. أشار له بالدخول و الاقتراب منه ثم ألقى قنبلته بوجهه
- " كيف تجرؤ .."
ساورته الشكوك فتجهم وجهه
- " أجرؤ على ماذا ؟ عن ماذا تتحدث ؟ "
- " لا تلعب دور الغبي البريء .. كيف تجرؤ على وضع رأسي بالتراب .."
- " أبي ..عن ماذا تتحدث أنا لا لم أفعل شيئا يغضبك ."
- " حقا ؟!! و ماذا عن الفتاة التي تقابلها ؟ "
الآن عرف ما يقصده والده لكنه أراد أن يسترسل معه في الحديث حتى يبين لوالده نواياه الصادقة تجاه سارا
- " تقصد سارا .."
- " أرى أنك واع لما تقوم به من تصرفات مشينة .. و أنا الغبي .. لانشغالي في الاعمال و السفر لم انتبه إلى أن الفتاة التي تقابلها هي ابنة مولر ذلك الرجل الحقير ..و لا اعلم لم والدتك خبأت عني ذلك ؟":
- " لأنها لا تعلم شيئا عن علاقتي بسارا .. "
- " بالطبع فأنت عديم المسؤولية .."
- " لا علاقة للمسؤولية بذلك فأنا أحب سارا "
- " أكثر من حبك و إخلاصك لعائلتك حتى أنك تجرأت بتسويد وجهي و تعرضي لشتائم مولر ذلك السافل و تهديداته.. لقد جعلته يقترب منا و يدخل منزلنا و معه رجاله الاغبياء .. كيف ترضى بذلك "
تغير وجه جيمي و اكتسحت ملامحه الغضب فذلك المتعجرف تعدى على والده و عليه مرة أخرى ..
- " انا لم أعلم بما حصل صدقني "
- " ابتعد عن هذه الفتاة "
- " لا لن أفعل "
صرخ بوجهه الذي صار أحمرا بفعل الغضب
- " جيمس أنا لا أطلب منك بل آمرك "
انفعل جيمي بما فيه الكفاية فصرخ قائلا
- " كفى أوامر .. أنت آخر شخص أتلقى منه الأوامر و اعذرني على أسلوبي لكنك لا تعرف عني شيء .. بل لا تدري عني أنت غائب طوال الاشهر و السنوات و لا أراك إلا لثوان لا اعرفك إلا بالاسم و الجينات التي أحملها .. فلا تستطيع ان تقول لي ماذا أفعل و ما يتوجب علي القيام به لأن هذه حياتي .. و سارا لن اتركها .. و سأقابلها و أخرج معها رغم أنف الجميع "
ربط لسان والده أمام هذه الحجار التي ألقاها عليه ابنه الوحيد لا يعرف لم شعر بأنه يود أن ينقض عليه و يقتله بقبضتيه
- " أنت لا تعرف شيئا .. لكن مع هذا أبقى والدك و أنت ابني الوحيد و أريد مصلحتك .."
- " ارجوك اترك مصلحتي لي أنا اعتني بها "
- " أنت مازلت شابا يافعا لا تعي شيئا بهذه الحياة .. و خاصة اقترابك من عائلة مولر "
- " لا تدخل مشاكل العائلتين بنا انا وسارا .. نحن مختلفون عنكم "
- " كيف تستطيع أن تبني علاقة معها و هي ابنة مولر"
- " لا أرى بذلك أية مشكلة "
- " البنت كأبيها أنها تحمل صفاته "
لقد طفح به الكيل فصرخ بوجهه عاليا يكفيه ما تلقاه اليوم من تصرف ستيف القاسي معه
- " سارا تختلف عنه كما اختلف أنا عنك .. و الان اتركني و شأني و عد إلى واشنتون و اتركني لأهنأ بحياتي "
- " لا لن تفعل ليس من دوني .. و توقف عن الصراخ و تذكر بأن والدك هو من يقف أمامك"
لجم غضبه و سار مبتعدا عن والده و هو يصفق باب حجرته كان يريد أن يتصرف أن يقوم بشيء فهو متعلق بسارا و يحبها و يعشقها كما تفعل هي .. أراد أن يكلمها ليضعا حل للعراقيل التي تعترض طريقهما و التي ستحول حياتهما إلى جحيم ...
مر يومان .. ف إسبوع و هو يحاول أن يصل إلى سارا أو أن يتحدث معها لكن كل شيء وقف بطريقه حتى أنه ظن بأنها قد توافق والدها و لاتريد رؤيته مجددا ساورته الشكوك و عميت عيناه عن الحقيقة و نسي سارا التي أحبها و أعتقد بأنها إنسانة أخرى أو انها خدعته أو قد تكون اكتشفت بأنها لا تحبه و انه لا جدوى من شجار عائلتيهما على شيء ليس له وجود .. حبهما ليس له وجود أو أنها ضعفت أمام والدها و استسلمت ... يا للهول .. كرهها لعدم محاولتها الوصول إليه و انقطاعها عن الدراسة لاسبوع .. هذه الظنون جعلته يكن حقدا و كرها أكثر لعائلة مولر و يشعر بالسلبية تجاه سارا رغم مشاعره اتجاهها ... افلا يكفيه ما تعرض له من خسارة .. قرر ترك الامور حتى تهدأ فعلى الرغم من الضغوطات التي يتعرض لها من قبل والده بان يترك سارا و بانها كأبيها لا تصلح لك و أريدك ان تأتي معي إلى واشنتون فلدي أعمال هناك و بعد أن تهدأ الامور تستطيع أن تعود متى شئت .. خضع للأمر و قرر ترك نيوجيرسي و الذهاب مع والده الى واشنتون و محاولة نسيان سارا التي كما يبدو قد نسيته ..
جنت سارا عندما سمعت خبر مغادرة جيمي دون توديعها أو حتى مكالمتها خاصة بعد الحب الذي تطور خلال سنة و نصف انتهى بأحلى ليلة قضياها معا و ترك فيها روحه بداخلها و غادر دون سابق إنذار .. كانت مدركة بأنه حاول مرارا الاتصال بها لكنها كانت حبيسة حجرتها للفعل المشين الذي اعتقد والدها بأنها قامت به مع جيمي تلك الليلة لذلك قرر بأن تغادر إلى منهاتن حتى لا تلطخ سمعة العائلة و يقول الناس بان ابنة مولر ارتكبت خطأ فادحا مع عدو العائلة و هو ابن بروكس..
و ما أن انتهت الثانوية و حفلة التخرج الذي خلت من الطعم لعدم وجود جيمس فيها يقف بالقرب منها و يضحك و يستمتع مع أصدقائة بثوب التخرج الأزرق الذي أرتداه جميع أصداقئه و بما في ذلك سارا رغم كل الابتاسمات و الضحكات و التبريكات في هذه اليوم إلأ أنها لم تحس بمتعته و كانت كئيبة أكثر عندما شعرت بمكان جيمي الخاوي .. و مع ذلك كرمته الثانوية بوضع صورا له في الكتاب السنوي لأنه كان من الطلاب المتميزين و ذو الشعبية الذين تركوا أثرا واضحا في المدرسه ..فتح والدها عنها القيود فقط من أجل ان تتخرج من الثانوية و تودع صديقاتها بالدموع و بعد ذلك تغادر على أول طائرة إلى منهاتن حتى تكمل دراستها الجامعية مع أخيها ستيف الذي سيكون الرقيب عليها هناك ...
و بعد مرور ثمانية أشهر على مغادرتها نيوجيرسي و هجر جيمي لها وضعت سارا طفلتهما الأولى و اسمتها فيكتوريا الاسم الذي انتقته هي و جيمي في ذات يوم عندما كانا يسبحان معا في البركة أيام التسلل و المقابلة سرا .. أخبرها بأنه يوما ما سيتزوجها و سينجبان أربعة أطفال ثلاث بنات و صبي ..كانت بين ذراعيه و هو يهمس لها بعذوبة
- " سنتزوج يوم ما و سيكون لنا ثلاث بنات و صبي "
ضحكت و قد اعجبتها الفكرة الغريبة .. إن ما تعرفه هو أن الرجال بالعادة يفضلون ان يكون لديهم صبيان أكثر من البنات ,,,لكن جيمي ليس ككل الرجال .. هذا ما اعتقدته هي ..
- " لم ثلاث بنات و صبي ؟"
كان واثقا من نفسه و هو يجيبها ببساطة
- " لأني أريدهن أن يشبهونك فالتفتت في كل جانب لأرى وجهك .."
كعادته يلعب بمشاعرها المرهفة و بذلك تنصاع له و لقبلاته اللذيذة .. ابعدته عنها و هي مبتسمة فتساؤلاتها لم تنتهي
- " و لم تريد صبي اذن ؟"
نقر أنفها بهدوء ثم قبل أرنبة انفها الصغيرة
- " حتى يحمل اسمي .. يا أنانية "
- " و ماذا ستسميهم؟"
- " فيكتوريا و فيكتور و فاليري و فينيسا"
فتحت عينيها على اتساع و قالت ضاحكة
- " يا إلهي لقد اخترت الاسماء .. "
- " و لم لا ؟ ألا يعجبك اختياري؟ "
- " بالطبع .. "
- " و لم هذه الاسماء بالتحديد ؟ "
- " لأن فيكتوري هو انتصار حبنا على كل شيء "
أنه رائع بكل ما فيه حتى بنظراته التي يرمقها به أنها تستطيع أن ترى الحب في عينيه دون ان ينطق بها و الان كيف يتركها وحدها للقدر يتصرف بها هو و والدها يلعبان بها .. حاولت ان تتحرى اخباره من أي شخص تقابله لكن لم يجدي ذلك نفعا .. أرادت أن تخبره بأنها انجبت منه فتاة جميلة لها روحه الرائعة و طلته البهية التي ترفع بها قلبها و يقرصها الألم كلما تذكرته ..
و مع إنتهاء صفحات الكتاب السنوي المليئة بالذكريات البريئة و السعيدة التي امامها ..يبقى الحزن طاغيا لأيام ولت و تود ان تعود بالزمان لمجرد أن تغير أفكار و مباديء والدها التقليدية و ان تمحي الخلافات العائلية و تعيش بهناء و صفاء مع من تحب ...


حتى مع عودتها لحجرتها و محاولتها للنوم لم تكتفي سارا بتذكر تلك الأشياء بل أرادت ترتيب ذكرياتها لعلها تجد بذلك راحة البال التي افتقدتها منذ سنوات الهجران و القهر و الفترات العديدة من الانقطاع عن جيمي أثرت بها نفسيا و صحيا حتى لدرجة بانها لم تستطع تربية أبنتها و متابعة دراستها فقررت أن تتخلى عن أحد الشيئين و كعادة والدها يحشر نفسه بكل الامور التي تتعلق في سارا لذلك لم يدعها تتخلى عن دراستها و أخبرها بأنه سيأخذ فيكتوريا و سيعتني بها ريثما تحصل على الشهادة الجامعية أي بخلال سنتين .. وافقت على شرط بأن تزور ابنتها كل عطلة إسبوعية و قد تأخذها في أوقات عندما تكون الدراسة خفيفة .. وافقها والدها املا بأن تنسى ابنته جيمي من خلال اجتهادها و انشغالها بالدراسة و تربية ابنته التي أراد والدها يوما ما أن تجهضها لكنها أبت فهي بضعة من حبيبها و توأم روحها و ستحمل اسمه ما حييت و هي فيكتوريا بروكس ...
عاد ستيف إلى نيوجيرسي بعد أن أنهى الجامعة و عمل هناك مستشارا قانونيا تاركا بذلك أخته في شقة صغيرة حتى تعتمد على نفسها.. في باديء الامر أراد والديها ان يقيما معها حتى تنهي السنتين بسلام لكنها رفضت على أساس بأنها نضجت و لم يعد جيمي في بالها إطلاقا ..صدقها والدها لكنه كان يرسل بين فترة و أخرى شخصا يطمأن عليها ... و في أحد الأيام اتصلت سارا بكريستين صديقة الطفولة التي لم تقابلها منذ سنتين تقريبا قضتهما في منهاتن أخبرتها الأخرى بأنها تدرس العلوم السياسية في جامعة واشنتون العاصمة و تبدلا أطراف الحديث الذي لا تزال تذكره حرفا بحرف
- " لا تعرفين كم استقت إليك يا سارا "
- " و انا كذلك .. اخبريني كيف حالك ؟ و لم غادرت بهذه السرعة؟؟ للأسف بانه لم يتسنى لي وقت للتحدث معك أو لزيارتك لكني سأفعل في عطلة الاسبوع فما رأيك ؟"
- " يا إلهي هذا رائع لا أصدق "
- " فهل لك أن تقليني من المطار ؟ سأبقى معك ليومين ثم اعود مرة اخرى الى واشنتون "
- " بالطبع سأفعل .. لا أصدق باننا سنرى بعضنا فهناك الكثير الذي أود إخبارك به "
- " و أنا كذلك .. أحمل لك أخبارا ستسعدك "
- " لا أطيق الانتظار "
- " حسنا أطلت عليك .. أراك يوم الجمعة في التاسعة لا تنسيني "
- " لن أفعل "
تعانقتا بقوة عندما استقبلتها سارا في مطار منهاتن و تبادلتا بعض النكات على تغير أشكالهما خلال السنتين فسارا بدت اكثر نحافة من قبل و شعرها الطويل قد قص ليصل إلى أسفل أذنيها بينما العكس لكريستين فقد أصبحت بدينة بعض الشيء و شعرها الأشقر قد غدا طويلا يلامس كتفيها الممتلئين , علقت بأنها تقضي أوقاتا كثيرة في السهرات الجامعية مع العديد من الشبان و أنها قد تعرفت على شخصا يبادلها قصة حب رائعة .. تأثرت سارا بحكاية صديقتها و تذكرت قصة حبها التي فشلت مع جيمي ..
- " بالحديث عن جيمي يا سارا ألا تعرفين أخباره ؟ "
أنزلت سارا رأسها حزنا و ركزت على الطريق الذي تقوده إلى شقتها الصغيرة في قلب منهاتن و هي قريبة جدا من الجامعة التي ترتادها
- " سارا ..أين ذهبت بتفكيرك ؟ لم تجيبي على سؤالي "
انتبهت لكلام صديقتها و أبعدت عن رأسها هلاوس جيمي
- " آسفة .. كنت أركز على الطريق .. أنظري هذه هي البناية التي أسكن فيها "
ركنت سيارتها في موقف مخصص لها .. دعت صديقتها للدخول التي أبدت إعجابا بالمفروشات و الأثاث البسيط
- " إنها صغيرة و دافئة .. أحببت طريقة تأثيثها "
- " شكرا .. إنه ذوق ستيف "
- " آه ستيف .. كيف حاله ؟ "
- " لقد تخرج و يعمل الآن مستشار قانوني في إحدى مكاتب المحاماة "
سارت نحو المطبخ فتبعتها كريستين و قالت عندما رات سارا تخرج طبق من الفرن
- " ياه كيف تعرفين بأنني جائعة ؟ "
- " حقا انت جائعة ؟ "
- " بل سأموت جوعا .. يبدو شهيا.. ما هو ؟ "
- " اجلسي .. إنه فطيرة دجاج علمتي إياها والدتي "
قضمت منه قطعة و بان على تعابير وجهها بأنها استطعمته فأخذت قطعة اخرى و ثانية حتى انهت الطبق كله بمساعدة سارا .. و في أثناء جلوسها و حواراتهما حول كل الأمور تحدثت كريستين كثيرا عن حياتها خلال السنتين و المستجدات و علاقاتها مع الشاب الجديد الذي تعرفت عليه مؤخرا و أخبرتها بأنها أصبحت تأكل كثيرا و الان هي تتبع حمية لانها لا تود أن تخسر شابها و وافقتها سارا على ذلك .. أدركت كريستين بانها تحدثت كثيرا عن نفسها و أتى دور سارا .. أخبرتها سارا بسبب مغادرتها نيوجيرسي بتلك السرعة و كان ذلك امرا من والدها حتى تضع طفلتها هناك بيعدا عن كلام المعادين .. صدمت كريستين عندما علمت بأن سارا اما و الذي صدمها اكثر عندما عرفت بأن والد الطفلة هو جيميس بروكس .. بالطبع و من عساه يكون ..
- " لن تصدقي إذا بما سأخبرك به "
ساورها الشك و الارتياب عندما تلفظت كريستين
- " ماذا ؟ "
- " لقد قابلت جيمي قبل إسبوع "
فتحت عينها على اتساعهما و بدأ قلبها بالخفقان المتسارع
- " أين ؟ "
- " في واشنتون.. "
عقد لسانها فهي لم تعد تعي السؤال التالي الذي تود قوله , فهمت كريستين سبب اضطرابها فتكلمت
- " لقد قابلته في أحدى المقاهي لم يكن بمفرده بل كان معه رجل كبير بالسن يبدو انه والده .. توتر و اضطرب و كانه رأى شبحا أمامه لكنه تبعني عندما رآني ابتعد "
- " لم ؟! "
- " أوقفني ليلقي التحية علي و من ثم سألني عنك "
- " هل فعل ؟ "
وضعت يدها على قلبها حتى يكف عن ضرباته المتسارعة و هي تترقب جوابها
- " و لم لا يفعل يا سارا ؟ جيمي متيم بك و هو لا يعرف شيئا بأمر وجود طفلته .. اخبرني بأنه يود التحدث معي فخرجت معه في اليوم التالي .. تحدثنا سوية و أفهمني بأنه يريد الاتصال بك و كان يحاول ان يصل إليك بشتى الطرق لكنه لم يستطيع ..أنه لم ييأس يا سارا .. أخبرني بانه عاد إلى نيو جيرسي و أراد التحدث مع والدك و ستيف لكنهما لم يعطياه المجال بل طرداه من المنزل "
- " يا الهي لا أصدق ما تقولين .. متى حدث ذلك ؟ "
- " قال قبل سنة تقريبا .. لكنه توقف عن ذلك عندما انشغل بأعماله "
- " أعمال ؟ "
- " نعم فهو يدير شركة والده بينما الآخر مشغول في الكونغرس ..انتي تعرفين "
انقبض قلبها و هي تسمع اخبار حبيبها .. فاسترسلت بالاسألة تريد ان تعرف المزيد و المزيد ..
- " ألم يكمل دراسته ؟"
- " لا .."
تضايقت ..
- "يا إلهي .. لم ؟! انه عبقري .."
- " لم يخبرني بالتفاصيل كان مشغول جدا "
- و ماذا أيضا ؟ ألم يخبرك عن سبب مغادرته المفاجئة ؟"
كانت تريد ان تعرف كل شيء عنه و لا تعرف لم لم تنطق كريستن بذلك و تخبرها عنه منذ الصباح عندما اقلتها من المطار
- " قال بأن هناك ظروف و ضغوطات لم يخبرني بالتحديد لكنه أراد أن يطمأن عليك "
- " هل أخبرته بأنني في منهاتن ؟ "
- " نعم .. و يود ان يقابلك ليفسر لك الأمور بنفسه "
شعرت بدوار و هي تسمع آخر كلمة قالتها لا تصدق بأن الأمل يعود لها من جديد ستقابله و أخيرا و لكن كيف و والدها يحاصرها من كل جانب و يضع عليها نظام مراقبة مشدد
- " كيف سأقابله و والدي يراقب كل تحركاتي؟ "
- اسمعي يا سارا .. بصراحة لقد أتيت إلى هنا لأساعدكما .. أقسم لك بأن نبرة الحزن و الحسرة التي يتكلم بها جيمي عنك جعلتني أريد أن أساعده فلذلك أنا هنا "
- " حقا ؟ "
- " نعم يا يارا .. جيمي اختلف عما كان عليه بالسابق لقد غدا رجلا ناضجا و هو في التاسعة عسر من عمره .. انه يحبك كثيرا و لقد لمست ذلك من خلال عينيه و صوته الحزين "
دمعت عينا سارا و هي تسمع هذه الكلمات الرائعة التي تشقعر لها الابدان .. جيمي يا حبيبي ها انا اعود إليك و الفضل كله يعود إلى كريستين .. احتضنتها بقوة و قالت بصوت مجروح و بنفس الوقت سعيد
- "أحبك يا كريستين أنت صديقة رائعة "
- " هذا واجبي .. أعرف بأنك ستكونين بجانبي يوم ما عندما أحتاج لك "
- " صدقي باني سأفعل ... لكن ماذا الآن كيف نتصرف ؟"
اقتربت كريستين منها يتهامسان و كأن هناك شخصا ثالث معهما يستمع إليهما
- " اسمعيني جيدا ..هناك طائرة تغادر غدا إلى واشنتون "
أغمضت عينيها تحاول أن تشعر بوجودها على الارض فكل الابواب تفتح أمامها بعد أن خذلتها..
- " و سأبقى أنا هنا في مناهتن و أكون سارا بينما تذهبين و تعودين بسرعة .. سأغطي عنك و أحول لك مكالمات والدك المزعجة "
ضمتها بقوة و قبلت جبينها و هي تبكي
- " أحبك يا كريستين .. و أحبه "
- " أعرف ذلك .. و الآن استعدي لتغادري غدا "

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ماري روك, روايات مكتوبة, صورة للذكري
facebook




جديد مواضيع قسم روايات منوعة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t88149.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 18-07-14 06:55 PM


الساعة الآن 09:23 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية