عدت وبأي حال عدت ياعيد_
لايمكن لأحد ان يتخيل فقدان شخص عزيز على قلبه فكيف عندما يفقده غدرا ولايعلم قاتله؟كيف وهو لايعلم من وكم سيفقد بعده؟
غريب في وطني شعار كل عراقي يعيش في العراق
عراقنا الذي نعشق ترابه دنسه الاحتلال ومن يخطو خطاهم ومن يتبعهم من ازلام الطائفية المرتزقة....
في الايام الأخيرة للشهر المبارك رمضان الخير كان محمد عائدا من المسجد القريب من بيتهم مع صديقه عمر في طريقهم الى المنزل....
كان محمد شابا في ال17من العمر_كان مايزال بالنسبة لوالديه طفلا_ بالرغم من خشونة ملامحه وطوله بحيث يمكنك ان تقدره في ال20من العمر الا انه يملك تلك الابتسامة الطفولية التي تجعل الجميع يحبه_ كذلك مشاكل الدراسة التي تخلق توترا مع والده الا انه بالنسبة لأبيه اعز اولاده كيف وهو بكره والكبير الذي ينتظر اليوم الذي يشاركه بأعباء الاسرة ومشاكل اخوته الاطفال الصغار؟
لم يبق إلا ساعة على وقت الافطار ولايزال محمد يسير مع عمر في زقاقهم الصغير ويسلم على اولاد الجيران واصدقاء والده....
محمد:: السلام عليكم;كيف حالك ياعمي؟
ابو علي:: وعليكم السلام;مرحبا يابني انابخير الحمدلله_لم ارى والدك اليوم في المسجد ارجو أن يكون بخير؟
محمد:: الوالد خرج مبكرا اليوم ليزور عمي في سجن(ابو غريب) وسيعود قبل المغرب إن شاءالله...
ابو علي:: إن شاءالله يفك اسر عمك وجميع اسرى المسلمين ويعود لكم بصحة وعافية....
****
كان ابو محمد جالسا في احد سيارات النقل التي تقل العائدين من السجن وفي الطريق الى المنزل كان سعيدا لأنه استطاع ان يرى اخوه بعد أسر دام 3اشهر في سجون الاحتلال والحمدلله إستطاع ان يحصل على الموافقة للزيارة....
نصف ساعة جلس فيها مع أخيه شعر إن اخيه الصغير كبر عشرين سنة وظهر الشيب في شعره لايمكن ان يكون هذا هو اخوه الشاب الذي لم يتجاوز30من عمره....أخوه الطيب الملتزم الذي لايمكن أن يؤذي أحدا كيف لهم أن يتهموه بالإرهاب؟
لااحد يعلم متى سيفرجون عنه؟
وهل سيفرجون عنه بالفعل؟
كم من الابرياء ماتوا في هذه السجون ولااحد يعلم مكان جثثهم على الاقل!
اقشعر جسمه لمجرد هذه الفكرة واستعاذ من الشيطان ودعا ربه أن تجتمع عائلته مرة اخر معا وتعود البسمة الى شفتي والدته العجوز ووالده المريض.....
****
محمد:: عمر ...انظر هناك كأنه انفجار؟ إنه قريب جدا...
عمر:: هيا يامحمد دعنا نعود فلمكان خطر ...
لم يكمل عمر جملته حتى دوى صوت انفجار آخر كان قريبا جدا وبعدها بدأ الامريكان بأطلاق النار عشوائيا على الناس دون سبب يذكر _استمر الامريكي الغاضب(الارهابي) بقتل الناس الابرياء لمجرد أن احد زملائه أصيب في ذلك الانفجار
لم يكن محمد محظوظا إذ اصيب برصاصة في كتفه واصيب عمر برصاصة مرت قريبا من رأسه سببت له خدوشا واصيب بجروح طفيفة أخرى لكنه كان افضل حالا من محمد الذي كان جرحه بليغا ويحتاج الى إسعاف فوري إمتد نظره عبر الزقاق المدمى وجثث الابرياء وأنين الجرحى يملأ المكان ولكن جنود الاحتلال أغلقوا المداخل والمخارج ولم يسمحوا لأحد بأسعاف الجرحى إلا بعد نصف ساعة في ذلك الوقت كان محمد ينزف بقوة حتى فقد وعيه وعمر يحاول أن يوقف جرح صديقه الذي يفارق الحياة أمامه غير مبال بجروحه وآلامه والجميع ينتظر فك اسرهم والسماح للأسعاف بنقل الجرحى لكن لاحياة لمن تنادي المهم الآن التأكد من صحة وسلامة جنودهم أما الابرياء ف(بستين داهية)
****
في البيت كان بال أم محمد مشغول على محمد وابو محمد وتشعر بضيق لاتعرف سببه لقد حان وقت الأذان ومحمد لم يعد بعد وهو ليس من عادته أن يتأخر كل هذا الوقت!
في تلك اللحظة رن هاتف المنزل ...
ام محمد::الوو؟...
....::السلام عليكم أختي...
ام محمد(بخوف)::وعليكم السلام ...منو حظرتك؟
....:: اختي انا اتصل من مستشفى ال...... حظرتك والدة الشاب محمد ال.....؟
ام محمد:: نعم... محمد؟ ماذا به؟ لماذا في المستشفى؟
....:: اختي... عظم الله اجركم... ابنك محمد إن شاءالله من الشهداء....
تجمدت ام محمد في مكانها وتجمدت دموعها في عينيها لايمكن أن يكون هذا حقيقة محمد ابنها الذي ربته 17سنة يقتل كيف؟ كان معها قبل ساعتين....وعدها ان يعود قبل الافطار ليساعدها.... كيف سيتلقى ابو محمد الخبر؟
مرت جميع هذه الافكار برأسها ومر في مخيلتها شريط حياتها مع ابنها محمد طفولته مراهقته وبداية شبابه....لتسقط بعدها مغشيا عليها....
****
وصل ابو محمد للبيت ليرى الناس تدخل وتخرج وعلامات الحزن بادية عليهم ....لاحظ ان الجميع يتجنب الكلام معه لم يخبره احدهم بمايحصل لهذا ادرك ان مكروها اصاب احدا من اهله....
دخل بسرعة للبيت ورأى اخته تقف بأنتظاره عند الباب لتؤكد شكوكه...
ابو محمد:: عبير... ماذا هناك؟ ماذا حدث؟ابي؟امي؟ هل هم بخير؟
عبير::نعم بخير...
ابو محمد:: اذا ماذا حدث ماذا هناك؟
عبير:: ابنك محمد... اصيب برصاصة وكان ينزف و....
ابو محمد سقط على ركبه وكان يرتجف من الخوف وسقطت دموعه لا إراديا ومااصعب من دموع الرجال....
ابو محمد:: ماذا؟ محمد ابني؟ كيف؟
عبير:: خلي إيمانك بالله قوي ولاتضعف... إنما المؤمن مبتلى...
ابو محمد(من بين دموعه):: اين امه؟
عبير:: لازالت تحت تأثير الصدمة... الله يرحمه ويصبرنا....
****
دخل ابو محمد غرفة ولده ليراه على سريره كالنائم ولكنه ميت.... في فجر اليوم التالي سوف يدفنوه...
بكى كالطفل على صدر ابنه ...
بعد 5ايام سيأتي عيد الفطر...
من كان يعلم ماكان سيحدث؟
كيف للسعادة أن تعرف طريقها إليه بعدما سلبوه فرحته الاولى في الحياة وتبخرت جميع آماله .....
((عدت وبأي حال عدت ياعيد....أبما مضى ام لأمر فيك تجديد))......
ودمتم بخير