كاتب الموضوع :
ola_mfs
المنتدى :
المنتدى الاسلامي
الترحال بين مدن وسط أوروبا
وبعد تأمل طويل لما حوله من أحوال وظروف تمر بها أوروبا في مطلع القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الأولى، وكل ما رآه وفهمه من هذه الأمور ملأه قلقًا، وجعل من العسير عليه متابعة دراسته الجامعية، فترك الجامعة واتجه إلى مهنة الصحافة، رأى أن الصحافة هي أقرب الطرق إلى المجد، فقرر السفر إلى برلين خفية عن أبيه الذي كان يريد منه أن يتم دراسته الجامعية، وبرغم اعتراض والده، غادر فيينا في يوم من أيام صيف 1920م، وأخذ القطار إلى براغ وبعد فترة أمضاها هناك وبعد سنة من المغامرات في مدن وسط أوروبا قام خلالها بجميع أنواع الأعمال القصيرة الأجل.
الترحال إلى برلين
ثم سافر إلى برلين، حيث لاقى الأمرين في البحث عن عمل في صحيفة من الصحف دون جدوى واضطر للعمل مع مدير أفلام كمساعد سينمائي لمدة شهرين، المخرج السينمائي "فريدرش مورناو"، ثم العمل مع شخص آخر في كتابة عدة سيناريوهات لأفلام سينمائية أخرى. وهناك في برلين ابتدأ "ليوبولد" سلسلة من المغامرات صادفه الحظ في إحداها بأن يقتحم عرش صاحبة الجلالة، نجح أخيرًا في الدخول إلى عالم الصحافة، وكان ذلك في خريف عام 1921م، وقد عمل كناقل بالتلفون للأخبار إلى صحف المقاطعات، وظل كذلك إلى أن استطاع الحصول على حديث صحفي من زوجة "مكسيم جوركي" الأديب الروسي الشهير عن طريق مساعدة من صديق له يعمل بوابًا بالفندق الذي كانت تقيم به، ورقّي بسبب ذلك إلى وظيفة مخبر صحفي وصار أخيرًا صحفيًّا ليصبح بذلك صحفياً شهيراً ملأت شهرته الآفاق.
كان أول طريق النجاح في هذه التجربة تعيينه في وظيفة محرر في وكالة الأنباء "يونايتد تلجرام"، وبفضل تمكنه من عدة لغات لم يكن صعباً عليه أن يصبح بعد وقت قصير نائباً لرئيس تحرير قطاع أخبار الصحافة الاسكندنافية بالرغم من أن سنه كانت دون الثانية والعشرين، فانفتح له الطريق في برلين إلى عالم أرحب حين تردد على مقهى "دين فيستن" و "رومانشية" ملتقى الكتاب والمفكرين البارزين ومشاهير الصحفيين والفنانين، فكانوا يمثلون له البيت الفكري وربطته بهم علاقات صداقة توافرت فيها الندية.
الرحلة الأولى إلى الشرق عام 1922م
الترحال من أوروبا إلى بلاد الشرق الإسلامية "أفريقيا وأسيا":
في عام 1922م ولما بلغ عمره اثنين وعشرين عاما زار الشرق الإسلامي، يقول "محمد أسد": "في سنة 1922م غادرت موطني النمسا للسفر في رحلة إلى أفريقيا وآسيا لأعمل مراسلا خاصا لبعض الصحف الأوربية الكبيرة . ومنذ تلك السنة وأنا أكاد أقضي كل وقتي في بلاد الشرق الإسلامية. وكان اهتمامي باديء الأمر بشعوب هذه البلاد التي زرتها، وهو ما يشعر به الرجل الغريب".
العالم الإٍسلامي آنذاك (تقريبا في عام 1922م) كان يعيش حالة الانهيار والهزيمة، وإذا كانت المفارقات تنبّه النفوس وتحرّك العقول، فلا شكّ أنّ "ليوبولد" بعقله النيّر قد لاحظ هذه المفارقة التي تزامنت آنذاك بين الأيّام القريبة لصولة الدولة الاسلاميّة، واتّساعها شرقاً وغرباً لتحتلّ حتى جزءاً من وطنه النمساويّ، وبين حالها بعد الحرب العالميّة الأولى، وهكذا بينما كان صاحبنا منبهراً بالقوّة الكامنة في الاسلام، كان في الوقت نفسه، يحسّ بالاشفاق والعطف على هذه الأمة التي غدت حائرة تنشد طريقاً للخلاص ونهاية للمحنة كل ذلك تحوّل الى اهتمام جارف لدى "ليوبولد" بوضع المسلمين.
الترحال بين كبريات عواصم الشرق
كان لـ "ليوبولد" موعد مع الشرق، الذي عاش فيه متنقلاً بين كبريات عواصمه كقدس فلسطين، قاهرة مصر، دمشق سوريا، عمان الأردن، بغداد العراق، ليبيا، الجزائر، إسطنبول دولة الخلافة العثمانية "تركيا"، مكة المكرمة المملكة العربية السعودية، المدينة المنورة المملكة العربية السعودية، طهران إيران، كابول افغانستان ونيودلهي الهند، متجولاً بقلبه قبل جسده، لقد رأى السكينة والوقار، رأى الهدوء، رأى الوجوه المبتسمة الراضية بحالها المقتنعة به، لا تلك الوجوه الكالحة العابسة، التي اعتاد رؤيتها في الغرب البائس، رغم ما تنعم به من ثراء فاحش.
وكان "ليوبولد" قد وقف منذ البداية موقف الرافض للفكرة الصهيونية. وكانت فكرة تأسيس دولة يهودية على النمط الأوروبي تبدو له مشبوهة فهي أقرب إلى فكرة تخدم مصالح السيطرة الأوروبية أكثر من أي شيء آخر، وهي فكرة يصعب على الشعب العربي أن يقبلها. إضافة إلى أن فكرة تأسيس دولة يهودية في فلسطين كانت تمثل في نظره انحرافا مشوهاً للتراث اليهودي. كما أنه غادر أوروبا الحديثة وفي نفسه شعور بالاغتراب ليجد لدى المهاجرين اليهود نفس الهوس الأوروبي بالقيم المادية- الذي لم يحدث له إلا أن انتقل إلى عالم المشرق. بينما بدا له في مقابل ذلك أن العرب بثقافة حياتهم التي لا تزال محافظة على طابعها الساميّ "هم السكان الحقيقيون لهذه البلاد"، كما عبر عن ذلك فيما بعد في مذكراته. دوّن "ليوبولد فايس" كمراسل خاص لصحيفة "فرنكفورتر تسيتونغ" مثل هذه الملاحظات وغيرها، وقد أرسل تلك المقالات إلى أهم الصحف الألمانية آنذاك، التي رفضتها جميعا عدا "فرنكفورتر تسيتونغ". ثم عرضت عليه هذه الأخيرة عقد مراسل خاص لإنجاز سلسلة من التقارير الصحفية وكتاب صدر سنة 1924م عن دار "سوسييتيتس فرلاغ" تحت عنوان "مشرق مجرد من الرومنطيقية، من يوميات رحالة" وفي إطارمهمته الصحفية هذه سافر "ليوبولد فايس" إلى القاهرة وعمان، ثم إلى بيروت و دمشق خفية ومشيا على القدمين، لأن الإدارة الفرنسية رفضت منحه كنمساوي تأشيرة للدخول.
كانت مقالاته ملتزمة جريئة في تحاليلها وراقية في أسلوبها، لكنها انتقادية تجاه الحركة الصهيونية بطريقة جعلت إدارة التحرير في فرنكفورت ترى نفسها مجبرة على التباين مع موقف كاتبها. ومع ذلك فقد استطاع "ليوبولد" لدى عودته إلى ألمانيا خريف سنة 1923م أن يعاين عن كثب إلى أي مدى كانت مقالاته ناجحة، ثم عرض عليه رئيس التحرير "هاينرش سيمون" رحلة أخرى، فارتحل مجددا صحبة زوجته الرسامة البرلينية "إلزا شيمان" وابنها "هاينرش" من مصر عبر بغداد وأفغانستان باتجاه إيران، حيث أقام لمدة سنة ونصف وتمكن من متابعة صعود "رضا خان"مؤسس السلالة الحاكمة الذي اعتقد أنه رأى فيه مؤسس دولة قومية لائكية على النمط التركي الكمالي.
الترحال مرة ثانية إلى أوروبا 1923م
عاد مرة أخرى إلى أوروبا في خريف 1923م بعد أن استغرقت رحلته الأولى إلى الشرق حوالي ثمانية عشر شهرًا لتقديم نفسه إلى إدارة الصحيفة الألمانية التي كان يراسلها وهو في الشرق "فرانكفورتر تسيّتونج "، ووافق رئيس التحرير على عودته إلى الشرق مرة ثانية.
علاقته بالوالد
كتب يقول: "توقفت بضعة أسابيع في فيينا واحتفلت بتصالحي مع أبي الذي سامحني على ترك دراستي الجامعية ومغادرتي منـزل الأسرة بتلك الطريقة الفجة، على أي حال كنت مراسلاً لجريدة (فرانكفورتر تسيّتونج) وهو اسم يلقى التقدير والتبجيل في وسط أوروبا في ذلك الوقت، وهكذا حققت في نظره مصداقية ما زعمت له قبل ذلك من أني سأحقق ما أصبو إليه وأصـل إلى القمة".
الرحلة الثانية إلى الشرق 1924م
وفي ربيع عام 1924م بدأ رحلته الثانية إلى الشرق من القاهرة، حيث استغل إقامته بها لزيادة معرفته حول حقائق الإسلام، وهناك جالس الكثير من الشخصيات العلمية، ولكنه توقف طويلاً عند الشيخ مصطفى المراغي إمام الجامع الأزهر آنذاك.
رحلاته الثلاث إلى الشرق
1.) رحلته الأولى إلى المشرق كانت في عام 1922
2.) رحلته الثانية: في ربيع عام 1924م بدأ رحلته الثانية إلى الشرق من القاهرة.
3.) في شهر يناير 1927 في رحلته المشرقية الثالثة منذ تلك اللحظة ارتدى المسلم الجديد "محمد أسد" اللباس المشرقي، وبدأ يتكلم العربية عوضا عن الألمانية. وكانت وجهة رحلته الأساسية في هذه المرة مكة. هناك فقدَ زوجتَه إثر وفاة مفاجئة وعمّق معرفته بالقرآن.
اللغات التي تمكن منها
لعل قدراته اللغوية ساعدته كثيرا على تفهم العالم من حوله فقد اتقن
1. العبرانية لغة التوراة
2. الآرامية لغة الكتب السابقة عن الإسلام
3. اللغة الألمانية لغة الإمبراطورية النمساوية المجرية التي ولد في عهدها
4. الفرنسية فقد قرأ بها القرآن الكريم في مرحلته الأولى قبل تعلم العربية
5. الإنجليزية
6. اللغة الفاريسية
7. وأظن إجتهادا مني حسب سيرة حياته الأولى أنه عاش بين بولندا وأوكرانيا فلعله قد تمكن من لغة هذه البلاد، إذ مكث هناك 13 عاما
8. لغة القرآن الكريم "اللغة العربية"
وللحديث بقية
|