المنتدى :
الادباء والكتاب العرب
سيرة الأمير حمزة البهلوان ( الجزءان 1 و 2 و 3) , دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع
".. وبالاختصار إن الملك كسرى أنوشروان كان أغلى ملوك العالم وكان يحب الرفقة والزخرفة والعظمة حتى وصل إلى درجة تفوق العقل الإنساني. ففي أحد الأيام دخل سرير منامه وهو يفكر فيما وصلت إليه دولته وما ناله من الحكم وطاعة العباد، وبعد أن استغرق في نومه حلم حلماً قبيحاً استيقظ مرعوباً منه وخائفاً، وأقام أكثر من ساعتين مضطرباً إلى أن عادته سنة الكرى ثانية وما لبث أن رأى نفس الحلم وشاهد ما شاهده أولاً، فاستيقظ ثانية مضطرباً اضطراباً عظيماً أكثر من الأول ولم يعد يأخذ نوم قط وهو ينتظر قدوم النهار ليخرج إلى ديوانه ويتخلص من أوهام تلك الليلة وليعرض على وزيره بزرجمهر تفسير هذا الحلم لعلمه بما هو عليه من سعة المعارف والاطلاع على ظواهر الأمور وخفاياها فضلاً عن معرفته بلغات العالم أجمع. وعند اتيان النهار وإشراق شمسه لامعة على الناس لبس ثيابه وخرج بموكبه حسب عادته غير أن الناس كانت تتعجب من خروجه في مثل هذا الوقت ولا أحد يعلم السبب وبقي سائراً إلى أن دخل الإيوان وجلس على سريره في صدره وبعث إلى حاشيته وبطانته من أهل المناصب والمراتب في ديوانه وجاء واحداً بعد واحد وعند وصول كل واحد منهم يسجد للملك ويرجع إلى كرسيه وما منهم من يجسر أن يسأل الملك عن حاله بل كانوا ينتظرون مجيء وزيره إلى أن وصل بختك من قرقيش وبعد أن استقرّ إلى جانبه قال له أحيت النار سيدنا الملك وخدمته السعادة... أفدنا عن حالك وما السبب لغيظك واضطرابك وكدرك الذي نراه يعلو وجهك.. قال أعلم أني رأيت حلماً كدرني وأقلقني... وأني أحب أن أستفسر من وزيري بزرجمهر عن هذا الحلم وتعبيره. قال بختك إن شاء سيدي أخبرني بهذا الحلم.. قال رأيت نفسي جالساً في إيواني أشعر بجوع عظيم وإذ قدم إلى مائدة من الذهب عليها صحن من العاج منقوش بالنقوش الفارسية وداخل الصحن المذكور وزة كبيرة تاقت نفسي إلى أن أتناول منها وأسد رمقتي وإذا بطلب هائل المنظر.. هجم عليها ونبح فيَّ فجفلت ورجعت إلى الوراء وبعد ذلك تقدم من الوزة فأخذها في فمه وأراد الخروج من إيواني وأنا أتحرق وأتململ والجوع يأخذ بي ويزدني ضعفاً ولا أقدر على استخلاص طعامي من فم الكلب. ومن ثم رأيت أسداً عظيماً قد دخل من الباب قبل أن يخرج الكلب وحالما وصل إليه ضربه بيده ألقاه ميتاً وتناول الوزة من فمه وأعادها إليَّ دون أن يلحق بها ما أكره فاستيقظت بعد ذلك من نومي مرعوباً.. وبينما الملك والوزير بختك يتحايران بذلك.. وإذ ببزرجمهور الوزير قد أقبل ودخل الديوان وتلقاه كسرى بالترحاب وكأن هماً سقط عن قلبه وحال جلوس الوزير قال له الملك: رأيت في الليلة الماضية حلماً هائلاً راعني جداً وألفاني باضطراب عظيم ولا أرتاح من هذه الحالة إلا إن أظهرت لي تفسير هذا الحلم.. ثم إن كسرى أنوشروان قصّ على وزيره المنام ولما سمع الوزير من الملك حلمه أمعن وأطرق إلى الأرض برهة وهو يسأل الله توضيح الحقيقة... وبعد أن بان له كل ما يدل عليه ذلك الحلم وعرف بمساعدة الله سبحانه وتعالى ما يكون على البلاد رفع رأسه فقال: اعلم يا مولاي أن الله سبحانه وتعالى وهو الإله الذي أعبده يدير الكون بمعرفته ويدير العباد بعنايته لا تأخذه سنة الكرى ولا يغفل عن أمر قط... قصد في هذه المرة أن يظهر لكم ما سيكون على دولتكم وما يأتي عليها قبل بسنين وأعوام، فالمائدة هي مدينتك والصحن والوزة هما خزينتك وسريرك، والكلب الذي اختطف الوزة هو فارس يظهر في بلاد الحجاز عظيم القدر والشأن".
وهكذا استطاع الوزير تفسير حلم كسرى ليظهر فعلاً الأمير الفارس حمزة البهلوان حمزة العرب ولتتوالى أحداث هذه الحكاية التي تروي شجاعة هذا الأمير الفارس الذي استطاع التغلب على كسرى وملكه ليعلي كلمة الحق والإسلام في بلاد فارس.
سيرة الأمير حمزة البهلوان أو حمزة العرب، كما في التسمية العربية، رواية لسيرة شعبية تؤرخ للإمبراطورية العربية - الإسلامية وفق رؤية شعبية وأسلوب روائي عبقري.
سيرة عربية لأن بطلها الأصلي عربي، ولد في ربوع مكة في تاريخ موغل في القدم، تاريخ مجهول الحدود لكن ملامحه قد تبدو مأنوسة وفقا للحوادث المختزنة في ذاكرة منطقتنا العربية الإسلامية.
وهي إسلامية وفق اصطلاح الإسلام الحنفي، دين سيدنا ابراهيم الخليل"ع" وليس الإسلام المحمدي.
وحمزة في هذه السيرة يجسد شخصية بطل عربي، ينهض من أعماق رمال الصحراء العربية، حيث التفرق والضعف والفقر والشرك، ثم ما يلبث أن يخلّص جزيرة العرب من اليمن حتى بلاد الرافدين، من تلك الحالة المتردية، فينشر فيها نور التوحيد، ويبث فيها القوة والتوحد والعزة والكبرياء.
ثم يدخل بلاد فارس ويفتحها بعد أن يخلّص كسرى وبلاده من عدو خارجي شرس، احتل عرشه وكاد أن يقوّض سلطانه، ثم ينطلق حمزة غربا ليفتح بلاد الشام والروم ومصر والحبشة والمغرب والأندلس، وينشر فيها الدين الاسلامي الحنيف، ثم يرتد إلى بلاد الشرق ليفتحها أيضا ويخلصها من أديان الشرك ومظاهر الظلم والقهر والاستبداد.
تتألف هذه السيرة من أربعة أجزاء في الأصل، لا نتوفر منها حاليا إلا على الجزئين الأول والثاني، وهما جاهزان للرفع منذ مدة طويلة، في انتظار الحصول على البقية، ولكن المدة طالت فقررنا وضع المتوفر منها هنا، لعل أحدا آخر من أعضاء المنتدى الكرام يتكرم بالباقي.
التعديل الأخير تم بواسطة dali2000 ; 09-05-12 الساعة 09:20 AM
سبب آخر: اضافة الجزء الثالث لتوفره
|