2- في قبضة يده
لم يكن في نية ليجي ولو لمرة واحدة ، سرقة آلة تسجيل فيكتور دوما رشيه ، ولا الاستماع لما يكون مسجلاً فيها 00التهور المفاجئ الذي دفعها لأخذها ، مبعثه رغبة بسيطة لإحباطه 00ومع أنها كانت حركة تافهة إلا أنها بدت كطريقة صغيرة للانتقاممنه00فقد ملأها الغضب والرغبة السوداء للانتقام عند ذكره لكورسيكا0
خارج غرفة الطعام ن وهي تنتظر المصعد ، ليحملها إلى غرفتها في الطابق الثاني والعشرين 00ذهلت لأنها نفذتما فعلته من دون ارتجاف أو عاطفة ن لكنها من الداخل لم تكن هكذا 00الذكريات التي أثارتها ذكره لكورسيكا كانت لا تزال تؤ لمها 0
دخلت المصعد 00وحدثت نفسها بمرارة :
منتدى ليلاس أتسمين هذا انتقاماً ؟ هذا العمل الطائش المثير للإشفاق بالكاد يصل لاسم انتقام ! كل ما فعلته هو حرمانه مؤقتاً من بضع أرقام هاتف !! رمت حقيبتها في غرفتها بكل ما تحتويه بازدراء في زاوية طاولة الزينة ، حقاً 00إذا كان هذا أفضل ما تستطيعيه من الانتقام لأجل أختها ، فمن الأفضل التخلي عن الفكرة 0
خلعت حذاءها ونزعت عنها السترة 0 ثم اتصلت بخدمة الغرف :
- كوب من الحليب الساخن أرجوك 0
ربما سيساعدها هذا على النوم 00لقد عرفت أنه من الصعب نومها بسهولة0
لقد كانت مجنونة عندما أخذت المسجلة !! من أي زاوية نظرت للمسألة ؟ فالحقيقة أن ما فعلته كان سخيف تماماً حتى من زاوية اعتباره انتقاماً 0 فرجال مثل فيكتور دوما رشيه يبحرون في الحياة دون اكتراث 00ودون أن يستطيع أحد أن يتحدى
منتدى ليلاس تصرفاتهم 00إنهم ماكرون 00ةلا يدفعون ثمن جرائمهم 0
رجال مثل هؤلاء ليسوا قلة 00فوالدها كان واحداً منهم ، تخلى عن زوجته ، وابنتيه الصغيرتين منذ أكثر من عشرين سنة 0
وبالطبع كان هناك جيريمي مؤخراً00000
أبعدت الذكرى عنها 00فقد أصبح جيريمي من الماضي الآن 0لكنه مازال مثالاً يذكرها بالقسوة التي يتصرفون بها الرجال 00مع أنها تشك في أن يصل إلى قسوة الرجل الفرنسي فيكتور دوما رشيه في هذا المجال 00
تناولت الروب القطني ووضعته عليها قبل أن تدخل الحمام 00كلما فكرت بالأمر أحست بمدى غبائها لمخاطرتها مع فيكتور دوما رشيه00فأخذ آلة التسجيل غباء ومن الأفضل إعادتها غليه 00وفي أسرع وقت ممكن 00ودون أن يشك في أنها لعبت دور في إخفائها 0
شدت حزام الروب حول خصرها النحيل ، وانحنت لتدير حنفية
منتدى ليلاس الماء الساخن 00يمكنها التفكير في كيفية إنجاز مهمتها وهي مسترخية في المغطس 00ترشف كوب الحليب 00
ابتسمت لنفسها عندما سمعت طرقة حادة على باب غرفتها واستقامت ، لقد كانت خدمة الغرف سريعة في تلبية طلبها 0
نادت بعد سماع دقة أخرى :
- قادمة !
فتحت الباب مع ابتسامة شكر 0لكن ابتسامتها خبت لما رأته عند الباب 0
قال بلهجة غير ودية :
- تقابلنا ثانية 00لم أكن أتوقع هذا الشرف سريعاً0
كان رد فعلها الفوري أن صفقت الباب في وجهه 00لكن سيئاً في وضعية جسده الطويل بدا مهدداً و يملأ الباب ويتسبب في تجمد أصابعها الفوري على مقبض الباب 00كانت ردة فعله أسرع منها بالتأكيد ، إذ دفع الباب للوراء قبل أن تغلقه نصف إغلاقه ،فليس لديها الرغبة أن تنقلب هذه المواجهة جسدية0
هكذا دفعته ، وكأنما هي في خجل من ملابسها الخفيفة ,وقالت :
- أخشى أن تكون فاجأتني في لحظة غير مناسبة 00كنت استعد لتوي لدخول الحمام0
تبخر الأمل الضعيف في أن يكون فهم التلميح فجأة وهو يخطو إلى الأمام 00نظر مباشرة لعينيها :
- لنبدأ بالأهم أولاً 00أظنك تملكين شيئاً يخصني ؟
في تلك اللحظة كان أمامها خياران 00إما أن تتوسل غفرانه وتعيد إليه آلة التسجيل , وإما أن تنكر كل صلة بما يتحدث عنه ، آملة أن تستطين أن تقنعه ببراءتها 00لم تأخذ أكثر من ثانية لتتخذ القرار وهي تنظر لعينيه الغير متسامحتين 0
رفعت حاجبيها متعمدة ، وقالت :
- أخشى إن لا تكون لدي أدنى فكرة عما تتحدث عنه 0
الاعتراف سيكون دعوة مفتوحة للمتاعب ومن الأسلم خداعه 0
- آوه 000لا ؟ ما أتكلم عنه آنسة دايلي هوآلة التسجيل التي حملتها معك بكل ذكاء 0
تقطب حاجبيها أكثر :
- آلة التسجيل ؟ وما الذي جعلك تظن أنني أخذتها ؟
وأطلقت ضحكة تجاهل مكملة :
- لا حاجة لي بآلة تسجيلك سيد دوما رشيه 0
لو أنها التزمت موقفها فلن يكون لديه خيار سوى التراجع وتصديق كلمتها 00ثم أول ما تفعله في الصباح تحضير خطة لإعادة آلة التسجيل إليه 0
- إذن تنكرين انك أخذتها ؟
- بالطبع أنكر 0
آنسة ديلي ، أنا أرى أنك
منتدى ليلاس لست لصة فقط بل كذلك وقحة, فضلاً عن أنك كاذبة غير صالحة !
دفع الباب على مصراعيه ، ليرسلها للخلف متعثرة واقتحم غرفتها بغضب 0
وقف وسط الغرفة و وكأنه غضب غير مكبوت مندفع من الظلام 00وطافت نظراته مفتشة هنا وهناك 00ثم قال :
- أخبريني ماذا فعلت بها بكل لطف0
- قلت لك أنا لم أفعل بها شيئاً ! ثم أي حق تظن نفسك تملكه لتقتحم غرفتي بهذا الشكل ؟
فجأة وقعت عيناه على الحقيبة الموضوعة على طاولة الزينة ك
- آه 00!
بخطوتين وصل إليها وأمسك بها 00برعب راقبته وهو يفتح السحاب ثم يستدير إليها ممسكاً المسجلة بيده 0
- لا تعرفين شيئاً عنها 00أليس كذلك ؟ إذن أرجوك أن تفسري لي كيف وصلت إلى هنا ؟
كانت ليجي قد توقفت أنفاسها ، وأحست أنه سيغمى عليها وتمتمت :
- لست أدري 00أقسم أنني لا أدري 0
وقف أمامها :
- أرى مزيداً من الأكاذيب إضافة إلى أنك لصة وقحة وكذابة! أنت كذلك كما أرى جبانة تثير الشفقة 00على ألأقل ليكن عند الشجاعة للاعتراف بفعلتك !
ابتلعت ريقها بخشونة وقالت :
- لا بد أنها وقعت من فوق الطاولة إلى حقيبتي ! دون أن الحظ ذلك ، 00أنه التفسير الوحيد الذي استطيع التفكير به0
- ويا له من تفسير ضعيف واه 00أتتوقعين مني جدياً أن أصدقه ؟ إذا كنت تضنيني مغفلاً فأنت ترتكبين خطأ فادحاً0
وهذا ما تعرفه جيدا 00قيكتور دوما رشيه ليس مغفلاً00إنه عابث جريء قاسي متسلط متعجرف ن مسلح بذكاء قاطع 00وعليها أن تجد ماهو أفضل من هذا لتقنعه 00لكنها لم تتوصل لشيء 0
- لماذا لا تصدقني ؟ لماذا ارغب في آلة تسجيلك ؟
ابتسم بتهجم و وهو مازال ينظر إليها :
- هذا سؤال من السهل الرد عليه 0هناك أشياء في هذا الشريط قد تهم زميلاً عالماً، وكما قلت لك استخدم الشريط كدفتر مذكرات ، أخزن فيه الأفكار وأرقام الهواتف 00ألهذا السبب أخذته ؟ هل أنت جاسوسة صناعية
- يا إلهي لا! يالها من فكرة منافية للعقل !
- أخشى أنني لا أجدها منافية للعقل أبداً00بل على العكس أعتبرها التفسير الأكثر احتمالا0إلا إذا استطعت الخروج بتفسير أفضل 00طبعا0
كادت ليجي أن تقول الحقيقة 00لكن هذا سيقودها لكافة أنواع المتاعب والتفسيرات التي تتجنبها 00لذا سارعت تؤكد بصوت صغير صادق :
- أي شيء آخر يمكن أن أكون ، فأنا لست مجرمة 0
نظر إليها طويلاً 0
- سنرى إلى أي مدى سيقتنع الآخرون بنكرانك 00لأنني أنا لا زلت أشك في ذلك 0
مد يده وضغط زر الإقفال في المسجلة وأعادها لجيبه وهي تتابع ما يفعله برعب وأضاف بتلذذ ساخر :
- كما ترين ، حديثنا كله أصبح مسجلاً0
أحست أن لغماً انفجر في وجهها 00نظرت إليه ببلاهة وسألته بارتجاف:
- ولماذا سجلته ؟
- كدليل 00لأستخدمه ضدك 00لو قررت أن أفعل 0
وابتسم لها ابتسامة القرش المفترس 0
ابتلعت ريقها بصعوبة , فأحست بالمرارة :
- لاستخدامه 00ضدي 00كيف ؟
هز كتفيه :
- أستطيع الآن رميك خارج المؤتمر ، كبداية0
ورفع يده ليفرقع أصابعه في وجهها مكملاً:
- هكذا 00وفي دقيقتين ! ولو صممت ، لاستطعت على الأرجح أن أرميك خارج عملك0
جمدت ليجي ، فاقدة القدرة على الكلام 00كيف يعقل أنها لتحرك غبي ، انهالت كل الكوارث على رأسها ؟
أشاح بنظره عنها ، عيناه تتجهان إلى الحمام ك
- لكن ، أخشى أن يكون لديك الآن مشكلة فورية ، فإذا لم أكن مخطئاً 00أسمع صوت ماء يجري 0
الحمام 00! لقد تركت الماء مفتوحا في المغطس ، ونسيته تماماً وسط كل هذه الورطة 0
استدارت بشهقة مخنوقة وركضت للحمام 0لابد أن المكان كله يطفو الآن بالماء ! رأت أنها على حق 00كانت المياه الساخنة في شلالات يتصاعد منها البخار تتدفق من فوق المغطس أما الأرض فكانت مغمورة بإنشين من الماء الساخن على الأقل 0
ويا للأسى ، ليست كافية لأن تغرق نفسها فيها 0
الطيف الأسمر عند الباب كان يراقب الأضرار بعين غير مهتمة :
- يالها متورطة 00لكن لا تقلقي ، ستجف وحدها 0
أشار إلى ثقب معدني مستدير وسط الأرض الزرقاء 0
- البالوعة ستبتلع معظمها 00أفض شيء تفعلينه هو تركها لفترة 0كان على حق فالبالوعة فعلاً قد بدأت تبتلع بشدة الماء المتدفق إليها00نظرت إليه نظرة جانبية ، شاعرة بالسرور لوجوده 00ثم أدركت فوراً مدى غباء هذا الإحساس 0فما كان جرى ما جرى لو انه لم يلهها 0!
عاد تفكيرها ببؤس لآلة التسجيل ، فانتزعت منشفة ولحقت به إلى غرفة النوم 00جففت قدميها المبتلتين ، ورمت المنشفة على السرير 00
حين رفعت نظرها إليه ، أبصرته يقف هناك يراقبها ن يمد يده بكوب حليب طويل0
- خادم الغرف جاء بهذا وأنت في الحمام 00من الأفضل أن تشربيه وهو ساخن 0
ياله من اهتمام ! أخذت الكوب الساخن حذرة لتتجنب أصابعه كانت تفكر أن هناك شيء مربك في قدرته الرهيبة على التعامل بطريقتين مختلفتين في آن واحد ن في لحظة ن يكون المتسلط الغاضب ن وفي الأخرى يسدي إليها النصيحة في مسالة الحمام!! ويبدي اهتمام بكوب حليبها0وتسالت أي جانب منه ستواجه الآن ، 00وعاد المتسلط00
- كما كنت أقول 00يمكنني أن اسبب لك مشاكل كثيرة لو شئت 0
لم يخطر ببالها أبداً الشك في هذا 0فقد أدانت نفسها بفمها وهو قد سجل ذلك ، وسيكون من السهل رميها خارج المؤتمر 0
انقلب قلبها رأس على عقب ، ياله من موقف مشين ! مع أنه قد يكون مبالغ قليلاً حين هدد برميها خارج المؤتمر ، إلا أنه لديه القدرة لتأخير ترقيتها ، وهذا أمر سيء بما يكفي 0 أحست بدوار فسألته :
- وهل ترغب في هذا ؟
نظر إليها طويلاً :
- لم أقرر بعد0
ربت على الجيب الذي يحوي المسجلة ، وابتسم بسخرية متعمداً تعذيبها :
- طالما أبقي الدليل في أمان ، أستطيع أن أقرر متى شئت 00من يعرف ؟قد يكون من مصلحتي أن أبقي الأمر سراً بيننا0
أحست ليجي بأصابع باردة تمر على ظهرها 00هل هذه إشارة ذكية لنوع من الابتزاز ن ضاقت عينيها :
- إذا كنت تفكر بشيء من الابتزاز ، أستطيع أن أعدك بأنك تضيع وقتك 00فأنا لا أملك مالاً أعطيه لك 0
ابتسم مشمئزا :
- لا تقلقي ، لست بحاجة لمالك 0لدي منه ما يكفيني 00لكن ربما لديك ممتلكات أخرى تهمني 0
فتح الباب وهي تحترق تحت نظراته ن وخرج مكملاً ك
- حين أصل إلى قراري سأعلمك 0أما في الوقت الحاضر ( عزيزتي ) تمتعي بحريتك 0
أصبح التمتع بأي شيء فجأة بعيد عنها00حتى حين دخلت المغطس ، وأطبقت عليها المياه الساخنة ، لم تتمكن من نفض الثقل عن قلبها0استلقت بين الفقاعات ن وأغمضت عينيها 00ألم يوقع ما يكفي من ضرر بعائلتها ؟
كان تفكيرها مع تدفق اللم والغصب فيها ، يعود لكورسيكا ، إلى ذلك الصيف منذ ست سنوات 0حين بدأت مأساة أختها 00
كانتا قد طارتا إلى هناك في إجازة ، هي وأمها بناء على إلحاح اليانور 00الحب الذي كان يزهر بينها وبين فيكتور منذ أشهر ، بعد ذهابها للعمل مباشرة ، بدا يتجه إلى النهاية السعيدة 00فقد كتبت تقول أنهما سيعلنان الخطوبة قريباً0
من الطبيعي أن تبتهجا لأجل اليانور00فالشقيقة الفاتنة المغامرة الشقراء الشعر ، المختلفة تماما عنها ، كان يحق لها ببعض السعادة في حياتها الخاصة 00فمنذ سنة سبقت انتهى زواجها القصير بالطلاق 0وقبل ذلك مرت بسلسلة من العلاقات ، تحطمت كلها 00وكان من الرائع أنها وجدت أخيراً الحب الحقيقي 0
لكن ليجي اضطرت لتغيير رأيها بطريقة أو بأخرى منذ اليوم الأول لعطلتهما القاتلة0
كبداية لم يكن هناك دليل على وجود فيكتور ، وأخبرتهما اليانور عن السبب بشيء من القلق :
-أظنه متوتر الأعصاب لأجل لقائكما 000لا تقلقا ستريانه في الغد 0
وفعلا ظهر في الغد ، مفاجئاً الثلاثة ومصراً بسحر كبير على تقديم العشاء لهن تلك الليلة 00وكان العشاء رائعاً 00وكان فيكتور فيه المضيف الكريم 00مه أن ليجي كانت تراقب دون إعجاب الطريقة الآلية التي كان يعامل فيها اليانور 0لم تر شيئاً من حبه في مواجهة العينين المتسعتين لأختها 0
كذلك لم يكن هناك أثر للتوتر الذي نسبته له اليانور 00فيكتور دما رشيه ، كما استنتجت ليجي بسرعة ، كان رجل أعصابه من حديد 00ولذلك كان أقلهن عجباً للكارثة التي حلت في الأمسية التالية 0
قال لهن أنه سيكون مشغولاً في الأمسية التالية واقترح تناول العشاء تلك الليلة في الفندق الذي تنزل فيه ليجي مع أمها 00وكاد أن يحصل لولا تدخل القدر 00
قالت ليجي متحدية أختها بتهور :
- سمي لي أفضل مطعم اسماك على الجزيرة ؟
حين أجابت اليانور ، قالت بإصرار:
- فلنذهب إلى هناك الليلة 00على حسابي !
كانت تقصد بذلك إبهاج اليانور وطرد النظرة الحزينة مت عينيها 00ولم تكن تخمن ولو بعد كليون سنة ذلك العذاب الذي ستأتي به تلك الأمسية 0
لم يمض على وجودهن في المطعم أكثر من نصف ساعة، حتى دخل فيكتور دما رشيه وفتاة جميلة في ذراعه 0
بدا أنه لم يلحظ وجود اليانور في البداية 00وهذا لم يكن عجيباً نظراً لانشغاله مع شريكته 0كل السحر الذي كان ينقصه وهو في رفقة اليانور ، التي وعدها بالزواج ، كان يشع من وجهه الآن 00
راقبت ليجي بألم اللون يجف من على خدي شقيقتها 00واضطرت للتخلي عن سكينتها وشوكتها 0 ثم وقفت بشكل أخرق وتمتمت لليجي وأمها ك
- أعذراني 00أنا آسفة لكنني لا استطيع البقاء عنا 0
بعد لحظة كانت تسير متهاوية نحو الباب ، وعيناها مليئتان بالألم والدموع ن تاركة ليجي وأمها مسمرتين على الطاولة 0
بدا إن فيكتور لحظتها فقط لاحظ ما جرى فانتقلت عيناه من الطيف المنسحب ، إلى الأخرتين الجالستين بكلالة إلى الطاولة 00وللحظة خاطفة ، أظهر وجهه بعض آثار الندم التي زالت بسرعة 00وحل مكانه عدم اكتراث بارد متعجرف 00
بدت كراهيتها له في تلك اللحظة بالذات ن ولولا تدخل أمها قائلة :
- أظن أن علينا المغادرة كذلك 0
لكانت مستعدة ن أن تذهب إليه وتمزق وجهه بيديها العاريتين 0
طبعاً تدمرت العطلة 00وأمضت اليانور الأيام التالية باكية 00وابتعد فيكتور دما رشيه عن طريقهما لما تبقى من إقامتهما 00
عادت اليانور إلى انكلترا بعد الحادثة بقليل ، وناضلت بشجاعة قرابة السنة 00لكنها كانت ميتة في داخلها 00لقد ماتت منذ ذلك اليوم في كورسيكا 00وما تبقى مسألة وقت فقط0
عضت ليجي على شفتيها تمنع شهقة بكاء وهي تتذكر ذلك اليوم ، منذ خمس سنوات ، حين تلقت اتصال يقول أن اليانور ماتت 00وجدت وحيدة في شقتها منهية حياتها الشابة بجرعة كبيرة من الأقراص المنومة00
استمطرت ليجي اللعنات على اسم فيكتور دما رشيه أمام الخبر المريع ن فهو الذي قتلها وكأنه أطلق النار على رأسها 0
طوال هذه السنوات لم يتصل بالعائلة ليقدم التعازي000مع أنه لا بد قد عرف بموتها 00والحقيقة القاسية أنه لايهتم 00فلديه أشياء أفضل من أن يضيعها في الحزن والندم 00
ارتجفت ليجي وهي تتذكر هذا 00هذه أخلاق الرجل الذي وقعت بين براثنه000
لم تنم ليجي سوى قليلاً تلك الليلة ، وكانت أول صورت تقفز لرأسها وهي تصحو في الصباح ، لـ فيكتور دما رشيه00
تباً له ! فليلاحقها إذا أراد لكنها لن تسمح له بتعذيبها !!
أيمكن أن ينفذ تهديده ويرميها خارج المؤتمر ؟؟00لا 000فلديه أشياء كثيرة يقوم بها أفضل من أن يزعج نفسه بها 00طالما ستكون حذرة في البقاء بعيدة عنه 00فستبقى آمنة00
أحست بعد الفطور أنها أقل تأثراً ففي يدها ورقة رابحة !! فهي تعرف من هو ن وماذا فعل باليانور ؟ بينما هو لا يعرف هويتها 0
لم تكن كيف تستخدم هذه الميزة 00ولكن قد تمكنها أخيرا في قلب الطاولات في وجهه0
بعد الفطور ارتدت تنورة جذابة وبلوزة زرقاء مخططة 00وأسرعت لحضور المؤتمر 00أرادت أن تحل مشكلة الطاولة ، لكنها قررت أن لا وقت لديها 00وفي الوقت الحاضر ستبذل جهدها لتبقى في الطرف البعيد من المحاضرات !!
لحسن الحظ ، وقعت عيناها عليه حال دخولها 00كان يجلس في الصف الأمامي يدير ظهره إليها وهي تدخل القاعة 00أحست ليجي بقلبها يعتصر كراهية وهو ينظر حوله ليعلق على شيء لصاحبه 0لمحت بنظرة سريعة جانب وجهه00من القساوة أن يمتلك هذه الجاذبية المكتملة هذا الرجل غير المكتمل الأخلاق!
أول محاضرة كانت لمدير شركة أبحاث من دوسلوروف في ألمانيا ، وكانت ملفتة للنظر0
0 إذا كان هذا هو المستوى الذي نتوقعه ن أستطيع القول أني سعيد لمجيئي 0
التفتت ليجي إلى جارها المتكلم
منتدى ليلاس لتجد نفسها تنظر إلى عينين بنيتين في وجه ودود 0
وأكمل يقول بمرح:
- مرحباً ، أنا آلن ، من فيلادلفيا0
ثم استدار إلى شاب أحمر الشعر قربه :
- وهذا كاري ، إنه من بوسطن 0
كان فيهما شيء دفعها للاستجابة لهما فوراً 00قالت مرحبة :
- مسرورة بلقائكما 00أنا ليجي من انكلترا 00كنت أفكر لتوي بما قلته 0لقد سمعنا محاضرة مثيرة 0
- أعتقد أن التالية ستكون جيدة كذلك 00فمن سيلقيها اضطر إلى ملء فراغ شخص اضطر للغياب 00سمعته من قبل منذ سنتين ، وهو يعرف تماماً ما يقول 00لدينا نصف ساعة قبل البدء 0ما رأيك بالانضمام إلينا لفنجان قهوة ؟
لم تتردد وهي تقول ك
- أود ذلك 0
فيكتور دما رشيه لا يمكنه إزعاجها وهي برفقة الآخرين 00
- سيرا أمامي ، أكاد أموت شوقاً لفنجان قهوة !
كانت نصف ساعة لطيفة جداً 00آلن وكاري يعملان في نفس الحقل الذي تعمل فيه ، كان للثلاثة الكثير ليتحدثوا عنه 00حين قرع الجرس توجهوا إلى مقاعدهم 00أحست ليجي بالاسترخاء 00لقد حلت مشكلة الطعام 00فما إن ذكرن مشكلتها ن مع إغفال فيكتور دما رشيه، حتى سارع الشابان لدعوتها للانضمام إليهما 00
نسيت مؤقتاً وهي مستقرة بسعادة في مقعدها لسماع المحاضرة التالية ، كل شيء عن فيكتور دما رشيه لكن آلن لكزها في ذراعها :
- هذا هو 00الرجل الذي أخبرتك عنه ، الذي اضطر للحلول بدل الشخص الآخر0
رفعت نظرها للمنصة ، مع تفجر
منتدى ليلاس عاصفة التصفيق ، انخلع قلبها وتلاشت ابتسامتها 00بالطبع كان يجب أن يكون هو 00ومن غيره ؟00 فيكتور دما رشيه0
راقبت مشدودة الشفتين ن ساخطة لارتفاع التصفيق الرجل الطويل يسير بثقة عبر المسرح إلى المنصة 00ألا يمكن لشيء أن يزعج هذا الرجل ؟ 00ألا يمكن أن لا يبدو مسيطراً على كل شيء ؟ألا يمكن لشيء ، ولو جزئيا ، أن يقلقه ؟
أسر اهتمام مستمعيه بعرض مهني لساعة كاملة ، حتى ليجي وهي تنضم لعاصفة التصفيق في نهاية محاضرته كانت متأثرة ولو بشيء من الضغينة 00أنه لم يأت إلى هنا لمجرد إضافة انتصار جديد إلى لائحة علاقاته!!
مال آلن يصيح في أذنها ك
- ألم أقل لك إنه جيد ؟
- أجل قلت لي 0
كانت تتمنى لو أن النظارة يعرفون
منتدى ليلاس الرجل المختبئ وراء واجهته0فليس من العدل ولا من المناسب لمن هو مثل
فيكتور دما رشيه أن ينظر إليه عالمياً بهذه الرفعة 0
قاطع آلن أفكارها :
- هذه آخر محاضرة في الصباح 00فلنذهب لنتناول الغداء 0
وافقته ليجي :
- فكرة جيدة 0
أحست بالابتهاج يسري في جسدها لتفكيرها بأن فيكتور دما رشيه سينتظر عبثاً أن تنضم لمائدته 0
قال آلن :
- فلنحاول الوصول لغرفة الطعام قبل أن يتدفق الجمع إليها 0
انفصلت ليجي عن صديقيها الجديدين بسبب الزحام 00أخذت عيناها تبحثان في بحر الرؤوس والوجوه 00أين اختفيا بحق الله ؟
- أتبحثين عني ؟
استدارت مرتبكة لسماعها صوتاً ، متوقعة أن ترى آلن أو كاري 00لكن بدلاً منهما وجدت نفسها تنظر لوجه مألوف وعينين زرقاوين مشعتين ، طويلتي الرموش 0
بازدراء أجابت :
- لا00أنا لا أبحث عنك بكل تأكيد !
تراجعت للوراء واصطدمت برجل فترنحت
منتدى ليلاس بشدة لفقدانها توازنها ، وكادت تسقط 00لكن يد قوية امتدت لتعيد إليها توازنها 0
- تعالي ، دعيني أرافقك بعيداً عن هذا الحشد 0
قبل أن تلتقط أنفاسها 00كان يجرها جهة الباب وهو يقول :
- استفقدتك عند الفطور 0خاب أملي 00هل أطلت النوم ؟
- لا 00تناولت فطوري في غرفتي 00والآن هل تسمح بكل لطف أن تتركتي 00فلدي موعد للغداء 0
- حقاً 00لكن الموعد معي عزيزتي ، وستتناولين الغداء على طاولتي 0
أحست بقلبها يهبط ، واحتجت :
- هنا أنت مخطئ 0
- أنصحك أن لاتحاولي الجدال 00وتذكري حديثنا ليلة أمس 0
أحست برعب 00إذن اعتقادها أن تهديداته ليست جدية لم تكن إلا اعتقاد واهم 000
وهي تشيح بنظرها عنه مهزومة ، قادها نحو غرفة الطعام 0 وقال مشيرا برأسه إلى الشابين :
- أنظري 00صديقاك ينتظرانك 0من الأفضل أن تذهبي لتعلميهما إنك غيرت خططك 00لكن لطفاً ، أسرعي قدر المستطاع 00سأنتظرك على الطاولة 0
بساقين متصلبتين سخطاً ، فعلت ليجي ما قيل لها 0فإذا كانت تكرهه من قبل ، فهي الآن تخافه أيضاً لإذلاله لها 00أيها الوغد فيكتور دما رشيه00سأجد طريقة تجعلك تأكل التراب حتى لو كان هذا آخر شيء أفعله !
*********************************************