كاتب الموضوع :
dr_e
المنتدى :
التاريخ والاساطير
(3)
قصة سنوحي:
تعد هذه القصة من اشهر القصص في الادب الفرعوني (بالاضافة الى قصة ايزيس واوزوريس)
وترجمت قصة سنوحي الى العديد من اللغات وقدمت ايضا في فيلم
وتحكي هذه القصة عن طبيب مصري شهيرفي احدى فترات الاضطراب التي مر بها التاريخ المصري. بعض الروايات لهذه القصة تحكي انه كان في عصر تال لاخناتون, والبعض يقول في عصر امنمحات, لكن المؤكد انها فترة مضطربة من حكم مصر فيها العديد من المؤامرات والدسائس.
كان والده يعمل بالطب, وتعلم منه سنوحي تلك المهنة,حتى صار طبيبا بارعا بالرغم من صغر سنه, وترقى حتى صار طبيبا خاصا للفرعون.
اشتهر سنوحي باجراء الجراحات الصعبة وبعلمه الغزير, ولكن هناك اقاويل حول نشأته, حيث قيل انه من ابناء فرعون من احدى جواريه ولكن امه خافت عليه من بطش الملكة فالقت به في النهر في قارب وعثر عليه والداه اللذان ربياه حتى صار شابا يافعا.
وبغض النظر عن كون ذلك حقيقة ام لا, فانه مما لاشك فيه ان سنوحي كان قريبا جدا من فرعون ,ولكن توفي الملك نتيجة بعض المؤامرات, وخاف سنوحي من اتهامه بالاشتراك فيها,فهرب مسرعا من البلاد الى الشام, وتنقل هناك بين المدن وعاونته شهرته كطبيب على الوصول الى مكانة عالية.
لكن بعد ان تقدم به العمر, استبد به الحنين لموطنه,وارسل لفرعون مصر يستعطفه كي يعود لبلاده, ليموت ويدفن في ارضها, وعفا عنه فرعون, وعاد سنوحي لبلده.
وهناك عدة صياغات للقصةوبعضها فيه احداث اخرى, وسأترككم مع بعضها:
وصل مبعوث من مصر الى بلاد الشام , وبينما كان يتحدث مع الحاكم طلب الحاكم من سنوحي ان يتحدث اليه فقال المبعوث مندهشا: "سنوحي؟ لكن هذا اسم مصري".
أمونينشي": "إنه مصري.. لقد عثرت عليه وهو مشرف على الهلاك من العطش والخوف منذ ثلاثين عاماً مضت.. وبقي معنا وتعلم كيف يرعى الغنم ويحميها من الأسوُّد.. لكن بذور الخوف مازالت مزروعة بداخله".
"ومما يخاف؟"
"سوف يخبرك هو بنفسه"
وبعد دقائق معدودات، رأى "باحور" رجلاً عجوزاً رمادي الشعر هزيلاً متغضن الوجه. إليك ما سمعه من هذا الرجل:
اسمي "سنوحي".. رافقت "سنوسرت"، الابن الأكبر وولي عرش الفرعون "أمينمحات".. حيث عسكرت قوات فرعون التي كانت تحت قيادة "سنوسرت" على الحدود مع "البدو". ولكن في إحدى الليالي، اختفى "سنوسرت" صقر السماء مع أقرب أصدقائه وأخلص حاشيته. لم يعرف أحد من الجيش إلى أين ذهب. ونادتني الروح الشريرة التي تسمي "الفضول" وحثتني أن أقترب من إحدى الخيام. وسمعت أصواتاً تقول، إن فرعون محيا السماء وطلعتها البهية اختفى وراء الأفق، فقد ارتفع حاكم مصر العليا والسفلى إلى السماء ولحق بالشمس.. وإن هذا الذي لا أريد أن أنطق باسمه هو الذي وقع عليه الاختيار وعليه أن يسرع إلى البلاط قبل أن يصل إليه "سنوسرت".
وحينما سمعت ما كانوا يقولونه، ارتجفت من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي. فلسوف ينشب في العاصمة نزاع وتثور فيها فتنة وتحل بها الكارثة.
واختبأت بين الأغصان، بينما الجنود يتدافعون ذهاباً وإياباً. ظننت أنهم يبحثون عني أنا من علمت السر، ومن ثم لبثت في مخبأي. وعندما حل الظلام، انطلقت في طريقي. ووصلت إلى نهر النيل، عبرته في قارب. وعاونتني الريح الغربية. وسرعان ما وصلت إلى جدار مبني كحائط صد ضد البدو. وزحفت إلى ما ورائه من بين الأغصان؛ لأنني لم أرد أن يراني الحراس. وإلى جانب البحيرة السوداء العظيمة، أحسست بالعطش. وكانت الرمال تحشو ما بين أسناني، وهذا هو ما اعتقدت أنه طعم الموت.
ثم سمعت ثغاء الأغنام. فعاد قلبي إلى ما بين ضلوعي. وأعطاني الرعاة البدو الماء لأشرب ثم الحليب المغلي. وتنقلت من أرض إلى أرض، حتى وصلت إلى أملاك القائد "أمونينشي". وطلب مني البقاء.. ووثقت فيه.. وزوجني ابنته الكبرى، وتركني أختار قطعة أرض، طرحت عنباً وتيناً. ورزقت بثلاثة أبناء. إنهم الآن رجال، وكل منهم شيخ قبيلة. لكن قواي تخور وتضعف، ووهن العظم مني، وفقدت عيناي البريق. وأنا لا أريد أن أموت في بلد أجنبي. فوفقاً لعادات أهل هذه الأرض، يقذف بجثث الموتى للضباع الكاسرة والطيور الجارحة.
قال "المبعوث": "إن قسمتك ونصيبك يدعوان إلى الرثاء يا سنوحي.. إنك كثور تائه في قطيع غريب عنه. إن قلبي ليأسى لك.. فهنا لن تكون لك مقبرة وسوف تشارك البدو مصيرهم".
خر "سنوحي" على الأرض، وجسده يهتز من النشيج ويرتج بالنحيب.
قال باكياً وهو يتعلق بقدمي "المبعوث": "اعمل لي معروفاً.. أبلغ الرب أنني علمت سراً ملكياً عن طريق الصدفة، لكنني حملته معي إلى أرض بعيدة، ولم أسبب ضرراً لأي أحد".
قال "المبعوث" وهو يطلب من الرجل أن ينهض: "الرب رحيم.. وهو سيغفر لك ذنبك إذا ساعدتني على أن أعود إلى مصر".
صرخ "سنوحي" في سعادة بالغة: "نعم، نعم.. سأفعل كل شيء تقول به".
مرت سنة. وأتت قافلة تجارية إلى أرض "ريجنو". أتت معها رسالة موجهة إلى "سنوحي". قرأالرجل العجوز لفافة البردي التي أُعطيت إليه، وانهمرت الدموع على خديه.
تقول الرسالة: "لقد سافرت بعيداً.. دفعك قلبك الخائف إلى أن تهرب من بلد إلى آخر. عشت سنوات كثيرة مع البدو، وكنت مثل بدوي أنت نفسك. لكننا نتذكرك كما كنت في يوم من الأيام. لذلك عد إلى العاصمة وقَبِل ترابها. ولسوف تعود قذارة جسدك إلى الصحراء. سوف تُعطى ملابسك إلى هؤلاء الذين يعيشون وسط الرمال. ولسوف يدهن جسدك ويضمخ بالزيوت العطرية ويُلف بالكتان المندى. لن تموت في الخارج. سيصنع من أجل مومياوتك صندوق من خشب الأرز، ويوضع جسدك على عربة تجرها الثيران المخصية، وتتقدمها مسيرة المنشدين، ويرقص الأقزام على باب مقبرتك. فهيا عد يا سنوحي، هيا ارجع".
منقول بتصرف
وهناك حكاية اخرى لسنوحي يقال انها من مذكراته:
يقول (سنوحي) في مذكراته:
(كنت أمشي في شارع من شوارع مصر و إذا بالرجل الوجيه الشريف الثري المعروف (إخناتون) ملقى على الأرض مضرجاً بدمائه و قد قطعت يداه ورجلاه من خلاف و جدعت أنفه و ليس في بدنه مكان إلا و فيه طعنة رمح أو ضربة سوط و هو قاب قوسين أو أدنى من الموت، فحملته إلى دار المرضى و جاهدت جهاداً عظيماً لإنقاذه من الموت، و بعد شهرين أو أكثر و عندما أفاق من غيبوبته قص عليّ قصته المحزنة المفجعة قائلاً:
لقد أمرني الفرعون (أمفسيس) أن أتنازل له عن كل شبر أرض أملكه و أن أهبه أزواجي و عبيدي و كل ما أملك من ذهب و فضة، فاستجبت لما أراد بشرط أن يترك لي داري التي أسكن فيها و معشار ما أملكه من الذهب و الفضة لأستعين بها على معيشة
أولادي، فاستثقل فرعون هذا الشرط و استولى على كل ما كان عندي، ثم أمر بأن يفعل بي تلك الأفاعيل الشنيعة و ، أطرح في الشارع عارياً لأكون عبرة لمن يخالف أوامر الإله (أمفسيس).
ودارت الأيام و إخناتون المسكين يعاني الفقر و الحرمان و كل أمله في هذه الدنيا هو القصاص من فرعون الظالم و لو على يد غيره.
ومات الفرعون و حضرت مراسيم الوفاة بصفتي كبير الأطباء، فكان الكهنة يلقون خطب الوداع مطرين الراحل العظيم و كانت الكلمات التي يرددونها لا زلت أتذكرها جيداً، فقد كانوا يقولون: (يا شعب مصر، لقد فقدت الأرض و السماء و ما بينهما قلباً كبيراً كان يحب مصر و ما فيها من إنسان و حيوان و نبات و جماد. كان للأيتام أباً و للفقراء عوناً و للشعب أخاً و لمصر مجدداً. كان أعدل الآلهة و أرحمهم و أكثرهم حبّا لشعب مصر. ذهب (أمفسيس) لكي ينضم إلى الآلهة الكبار و ترك الشعب في ظلام).
ويضيف (سنوحي):
وبينما كنت أصغي إلى كلام الكهنة و دجلهم في القول و أندب حظ مصر و شعبها المسكين الذي يرزح تحت سياط الفراعنة و الكهنة معاً، و بينما كانت الجماهير المحتشدة التي لقي كل فرد منهم على حدة من بطش فرعون و سياط أذى و عذاباً تجهش بالبكاء: سمعت رجلاً يبكي كما تبكي الثكلى و صوت بكائه علا الأصوات كلها؛ و يردد عبارات غير مفهومة، فنظرت مليّاً و إذا صاحب البكاء هذا هو إخناتون المعوق العاجز الذي كان مشدوداً على ظهر حمار.
وأسرعت لأهدئه بعض الشيء، فقد ظننت أنه يبكي سرورا و ابتهاجاً على وفاة الظالم ظلمه إلى حد الموت بالتعذيب، و لكن إخناتون خيب مالي عندما وقع نظره عليّ أخذ يصرخ عالياً بقوله:
(يا سنوحي؛ لم أكن أعلم أن (أمفسيس) كان عادلاً و عظيماً و بارّاً بشعبه إلى هذه المرتبة العظيمة الا بعد أن سمعت ما قاله كهنتنا فيه(!!) و ها أنا أبكي يا سنوحي لأنني حملت في قلبي حقداً على هذا الإله العظيم بدلاً من الحب و الإجلال طوال سنوات عديدة، حقّاً لقد كنت في ضلال كبير).
ويقول (سنوحي):
وعندما كان إخناتون يكرر هذه الكلمات بإيمان راسخ كنت أنظر إلى أعضائه المقطوعة و صورته المشوهة و أنا حائر فيما أسمع و كأنه قرأ ما يدور في خلدي و إذا به يصرخ فيّ بملء شدقيه:
(لقد كان (أمفسيس) على حق فيما فعله بي؛ لأنني لم أستجب إلى أوامر الآلهة و هذا هو جزاء كل من يعصي الإله الذي خلقه و أحبه، وأي سعادة أعظم للمرء من أن ينال جزاء أعماله الذي يستحق على يد الإله لا على يد غيره)!!
من هو (أمفسيس) هذا؟
كان (أمفسيس) كاهناً صغيراً في شبابه يشرف على تحنيط و دفن الموتى في المقابر العامة و يأخذ أجراً زهيداً مقابل عمله؛ فادعى في غفلة من الزمن ملكية المقابر و زاد في أجره؛ فقبل الناس ادعاءه و خضعوا لما فرضه عليهم من ضريبة جديدة.
ثم ادّعى ولاية المدينة فخضع الناس لولايته بدون اعتراض؛ فبدأ يحكم الناس و هم بما يأمرهم مطيعون.
ثم ادعى الملكية؛ فبايعه الناس على ذلك؛ فأصبح الملك (أمفسيس).
وعندما رأى ان ارادته تفرض على الناس بدون أدنى مقاومة أو أي اعتراض ادعى الألوهية؛ ووافق الشعب بذلك؛ وسجدوا له طائعين؛ فكان (أمفسيس) فرعون مصر. ثم بدأ يحكم الشعب بالنار و الحديد فكان عهده عهد خراب و دمار لم يكن له مثيل من قبل.
وأصبح فرعون من فراعنة مصر، حكمها بالنار و الحديد طوال عشر سنوات، دخل في حرب خاسرة مع بلاد النوبة الجارة؛ قتل فيها خمس شعب مصر، خرّب المزارع؛ و قطع الأشجار؛ و أباد شباب مصر متهماً إياهم بالهزيمة في الحرب التي شنها ضد النوبة، وأحرق العاصمة في إحدى ليال مجونه كما فعل بعده (نيرون) بسبعة قرون؛ الذي أحرق روما عاصمة الرومان.
لقد كان عهد (أمفسيس) أسوأ عهد عرفته مصر في تاريخ الفراعنة الذين حكموها مبتدئاً من الأسرة الأولى حتى الأسرة الخامسة التي كان (أمفسيس) أول أفرادها.
منقول
تدعم هذه القصة فكرة ان سنوحي كان في اواخر عهد اخناتون وبداية عهد تال له
لكن هناك شيء غير مفهوم, فقد قتل اخناتون بيد الكهنة ثم تولى بعده زوج ابنته توت عنخ امون, وهذه الاحداث لاتتفق مع ذلك, ترى هل تدخل الخيال في كتابة هذه المذكرات؟ ام ان بها قبس من الحقيقة؟
التعديل الأخير تم بواسطة dr_e ; 15-06-08 الساعة 01:19 AM
|