مما لاشك فيه أن
الخيانة الزوجية جريمة كبيرة يمكن للزوج أو الزوجة أن يقترفاها ..
وتختلف شدة هذه الجريمة .. والأشكال المخففة منها تأخذ شكل النظرة الخاصة أو الليونة في القول أو القيام بحركات تثير الجنس الآخر. وهناك أشكال متوسطة الشدة مثل الخلوة وتبادل الإعجاب والاستلطاف والكلام الخاص. وأما الأشكال الشديدة فهي اللقاء الجنسي بكافة أشكاله ودرجاته.
والخيانة الزوجية هي إثم ومعصية وانحراف عن القيمة السليمة وفي جانب آخر يمكن للخيانة الزوجية أن تكون تعبيراً عن العدوانية والغضب وأن تكون سلاحاً ضد الزوج أو الزوجة.
وهذا السلاح مدمر بالطبع لكلا الطرفين .. والزوجة مثلاً حين تخون زوجها يمكن لها أن تشعر بنوع من القوة، وتزداد في نظرها أهميتها وتقديرها لذاتها، كما تشعر بأنها قد فرغت غضبها على زوجها وأنها انتصرت عليه ولو بشكل منحرف.
ومما لاشك فيه أن
الخيانة الزوجية ليست واسعة الانتشار في بلادنا .. بينما تنتشر بشكل واضح في المجتمعات الغربية وغيرها، ويعود ذلك إلى عدد من الأسباب .. ومنها تعذر الطلاق في المجتمعات الكاثوليكية أو تعذره لأسباب أخرى .. كما أن ميوعة الأخلاق والقيم لها دور واضح في ذلك. إضافة لقيم الحياة الاستهلاكية والمادية التي تؤكد على مبادىء اللذة والمتعة وتتهاون في ضرورة ضبط الإنسان لرغباته ولذاته.
ومن الأسباب أيضاً ازدياد الصراع بين الرجل والمرأة والاقتتال بينهما .. وغير ذلك من الأسباب.
ومن الناحية التاريخية نجد أن المرأة قد ارتبطت بها صفات مخيفة من حيث غرائزها وتقلبها وعلاقتها بالشيطان وصفاتها السلبية المتعددة. وقد لعب جهل الرجل بالمرأة وما يتعلق بها من حمل وإنجاب ودورة شهرية وغير ذلك دوراً هاماً في زيادة مخاوفه منها ومنافسته لها ومحاولته ضبطها وتقييدها وظلمها، إضافة للعوامل الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وقد ساهم ذلك الضبط والظلم باستعمال المرأة لسلاح الجسد وكأسلوب ترد فيه على قهرها ... ولا يمكننا أن نقول إن المرأة تخول "بطبعها" وأنها جبلت على
الخيانة فالرجل يخون أيضاً. ولابد من ضبط النفس ونوازعها وشرورها لدى الجنسين.
ويمكننا القول من الناحية النفسية إن
الخيانة الزوجية جريمة يشترك فيها الزوجان .. حيث يساهم الرجل بضغوطه وإيذائه لزوجته وهضمه لحقوقها بتشجيعها على
الخيانة ومن ثم على الانتقام منه بشكل خاطىء.
ومن المتوقع أن زيادة القهر والظلم تؤدي إلى الفعل العدواني والذي يمكن له أن يأخذ شكل
الخيانة الزوجية عند المرأة.
وأيضاً فإن خيانة الزوج لزوجته تشجع على خيانة المرأة لزوجها.
ومن الناحية العيادية نجد أن اضطراب الشخصية يساهم في الوقوع في
الخيانة الزوجية مثل بعض حالات الشخصية الحدودية والتي تتميز بالاندفاعية والسلوكيات الخطرة وتقلب المزاج والغضب، وأيضاً بصعوبات في العلاقات مع الآخر من حيث تناوب المبالغة في تقدير الآخر أو تحقيره، إضافة لاضطراب صورة الذات ومحاولات الانتحار أو إيذاء النفس وغير ذلك من الصفات.
وأيضاً فإن الشخصية المضادة للمجتمع والتي لا تتورع عن القيام بمختلف الأعمال المضادة للقانون والأخلاق يمكن لها أن ترتكب
الخيانة الزوجية وبشكل متكرر ومتعدد.
وأما الشخصية الهستريائية والتي تتميز بالمبالغة وجذب الانتباه والإثارة الجنسية والاستعراض وتقبل الإيحاء والتأثر السريع بالآخرين ومنهم، وسطحية الانفعالات والتفكير وحب المغامرة والإرضاء الفوري وغير ذلك من الصفات .. فإن صفاتها الأساسية وسلوكياتها تثير الريبة .. ولكنها في كثير من الأحيان لا تصل إلى درجة
الخيانة الفعلية إلا إذا ترافقت شخصيتها مع صفات مرضية أخرى مثل صفات الشخصية الحدودية أو المضادة للمجتمع.
ونجد أيضاً أن الأشخاص الذين يحملون عقداً خاصة مرتبطة بالجنس أو العدوانية أو من تعرضوا للإيذاء الجنسي أو الجسدي أو الإهمال وعدم الرعاية في طفولتهم .. يمكن لهم أن يندفعوا ويتورطوا في سلوك جنسي خاطىء مؤقتاً أو بشكل متكرر.
وفي بعض الحالات النفسية الشديدة مثل الفصام أو الهوس يمكن للاضطراب النفسي أن يؤدي إلى سلوك جنسي غريب وغير متناسب مع طبيعة الشخص وذلك بسبب اضطراب المنطق أو المزاج.
ولابد من الإشارة إلى أن الغيرة الزوجية في أشكالها المختلفة تعكس قلق الزوج أو الزوجة من
الخيانة الزوجية .. والقلق العادي هنا شعور طبيعي يهدف إلى المحافظة على الشريك الزوجي وربما يصل هذا القلق إلى درجة الهذيان أو ما يقرب منها. ويساهم الزوجان عادة في تطور الغيرة الزوجية من خلال غموض أحدهما أو تصرفاته غير المناسبة .. ولابد من التفريق بين الغيرة الزوجية وبين
الخيانة الزوجية الفعلية، وقد يصعب ذلك في بعض الأحيان.
وفي النهاية لابد من التأكيد على أن الإنسان يحمل في داخله نوازع الخير والشر معا ً.. ولابد من تزكية النفس وضبطها والابتعاد عن الشبهات في القول والفعل.
ويمكن تفسير بعض أسباب
الخيانة الزوجية في بعض الحالات دون أن يكون ذلك تبريراً لها. والإنسان مطالب بالتصرف المناسب والسلوك الناضج والواعي .. والمرأة تستطيع أن تفعل ذلك بالطبع ... وإذا كانت حياتها غير سعيدة أو مرضية مع زوجها فإن عليها أن تتجدد وتسعى للحياة التي تناسبها بشكل منطقي وأخلاقي ودون جريمة ... وعليها بالطبع أن تحاول أن تحل مشكلاتها المنزلية والاجتماعية وأن تصلح ما يمكن إصلاحه وأن تصبر على ما لا يمكن إصلاحه.
وكثيراً ما نجد بعض الشخصيات ترمي بأخطائها على غيرها، وهي تعدد الأسباب والتبريرات التي أدت إلى جرائمها محاولة التنصل من المسؤولية ... ولكن ذلك لا يعفيها من مسؤولياتها ولا يخفف عنها العقاب.
ولابد من التوبة الصالحة واتباع الطريق القويم ... ولابد أن يسعى الإنسان ليصلح من نفسه ومن أهله مما يؤدي إلى صلاح المجتمع.