ريا وسكينة موديل 2008!!

السلاام عليكم







الجريمة الكاملة وهم يغري الاغبياء بارتكابها!
الجريمة.. لاتفيد.. حقيقة لايدركها المجرمون إلا بعد فوات الآوان.. وحكمة تنقذ العقلاء من الوقوع في المحظور!
هذه الجريمة التي دارت وقائعها في مركز ببا ببني سويف ظنت مرتكبتها انها لن تكتشف ابدا.. وبعد ان وقعت في ايدي العدالة ادركت انها ارتكبت خطيئة العمر كله!
المتهمة اخت القتيلة.. ذبحتها بمساعدة ابنتها طالبة الثانوي.. واخفت معالم جريمتها باشعال الحريق في شقة القتيلة.. لكن تحريات المباحث واقوال الزوج وسائق الحنطور كشفوا الحقيقة بعد 4 ساعات فقط.. وتوالت المفاجآت التي اعادت للأذهان بشاعة جرائم ريا وسكينة!
فماذا حدث هناك.. في ببا؟!

دبت حركة الحياة في شوارع مدينة ببا في السادسة صباحا.. ازدحمت بتلاميذ المدارس الذين يستعدون للتوجه الي مدارسهم.. داخل غرفة نوم نهلة تلميذة الثانوية العامة التي تقطن بشارع صلاح الدين.. كان جرس التليفون يدق في اصرار.. تحاول نهلة أن تمتد يديها لتلتقط السماعة لكن آلام المغص الكلوي بدأ يعاودها ويجعلها تتلوي في سريرها طوال ساعات الليل.. لكنها أثرت أن تكتم آلامها حتي لاتشعر بها أمها.. اسعفتها ذاكرتها.. أخبرتها أن المتحدث علي الجانب الآخر مؤكد انها زميلتها بالمدرسة (...).. استجمعت قواها ورفعت السماعة وفعلا تحققت ظنونها.. ها هي نفس زميلتها تلح عليها مؤكدة ضرورة اعداد نفسها لتمر عليها لتذهبا معا الي المدرسة كعادتهما كل صباح.. لكن صوت نهلة في هذا الصباح لم يكن عاديا.. جاء.. مهزوزا.. اعتذرت لزميلتها عن عدم ذهابها للمدرسة في هذا اليوم لشعورها بارهاق شديد.. أغلقت نهلة السماعة.. وعادت الي مخدعها تروض آلامها.. حتي جاءها النعاس لينقذها ويأخذها الي عالم آخر!

وداعا يا أختي!
الساعة تجاوزت العاشرة والنصف صباحا.. الام فاطمة 38 سنة عادت من السوق بعد أن اشترت لوازم المنزل.. لكنها استلقت علي اقرب مقعد.. عيناها شاردتان.. تخفيان خلفهما لغزا يعذبها.. يفسد عليها طعم الحياة منذ فترة طويلة.. سحابة قاتمة من الصراعات والمشاكل تحولت الي دوامة غرقت فيها فاطمة كل يوم.. أثناء مواجهاتها الدائمة مع أشقائها وشقيقاتها البنات الذين يقطنون معها في نفس العمارة التي يملكها والدهم التاجر.. هذه المشاكل التي حولتها إلي بقايا انسانة.. فجأة تسود الدنيا أمام عينيها من جديد وهي تراجع شريط الذكريات المؤلمة.. يثور داخلها بركان الانتقام.. تضعف في مقاومته.. تتخلص من محاولات فرض قيود عليها وهي تطلق صيحة مدوية:



نهلة.. نهلة!
نعم ياماما!


تعالي هنا بسرعة!
حاضر.


روحي شوفي خالتك سحر وحدها.. وللا جوزها لسه مانزلش لشغله.
دقائق تعود بعدها نهلة.. تخبر أمها أن خالتها سحر بمفردها داخل الشقة.. حيث نزل زوجها إلي عمله.. بسرعة قرأت نهلة ما يدور في عين أمها.. فدوامة المشاكل التي تطحنها كل يوم لم تكن أحداثها غريبة علي نهلة.. الهدف المطلوب استجوابه الآن لم يكن بعيدا عن فاطمة.. لايبعد عنها سوي امتار قليلة.. الشقة المقابلة لشقتها بنفس الدور.. حيث تقيم شقيقتها التي تصغرها بعشر سنوات 'سحر' مع زوجها تاجر الأدوات الكهربائية الثري وطفليها الجميلين رشا وهشام.. أمرت فاطمة ابنتها ان تتبعها حيث شقة سحر.. دخلت الشقة تسبقها نظرات غريبة.. تحمل بركانا يوشك علي الانفجار.. استقبلتها سحر بترحاب.. اغلقت فاطمة باب الشقة خلفها!
دقائق.. تخرج فاطمة.. تبدو متوترة.. تحمل بين يديها شيئا ذو حجم كبير تحمله بصعوبة ملفوفا داخل ملاءة سرير.. اغلقت باب الشقة علي سحر بالقفل من الخارج.. ثم غادرت العمارة هي وابنتها وهي تحمل هذا الشيء الكبير في هدوء!

حريق وجثة!
دقائق تمر بسرعة.. بعدها يتجمع عدد كبير من الجيران أسفل العمارة يرددون في صوت واحد:
حريقة.. حريقة!
وهم يشيرون الي شقة سحر.. أبلغوا العقيد عمر عبداللطيف مأمور مركز ببا.. تحضر سيارات المطافيء.. يحاول رجال الانقاذ دخول الشقة لمكافحة النيران.. لكنهم يفاجأون بقفل مغلق علي الباب من الخارج.. يكسرون الباب.. يكتشفون ان مصدر النيران من غرفة النوم.. اسرعوا باطفائها قبل أن تمتد النيران الي باقي الشقة.. لكن المفاجأة التي لم يتوقعها رجال الاطفاء عندما عثروا علي سحر مسجاة علي وجهها بأرض الغرفة.. موثوقة اليدين من الخلف.. مكممة الفم بقطعة بلاستر. ومذبوحة بعدة طعنات قاتلة حول الرقبة والصدر والدماء تغرق أرض الغرفة!
خلال دقائق.. ازدحمت العمارة الفسيحة برجال مباحث بني سويف الذين حضروا لكشف لغز مقتل الزوجة الشابة سحر.. العميد عطية مزروع مدير مباحث بني سويف يحاصر زوج القتيلة 'بكري' صاحب محل أدوات كهربائية بعشرات الاسئلة.. وداخله شيء من الشك في الزوج في باديء الأمر.. فضابط المباحث في مثل هذه الحالات يستسلم للشك في أي شيء حوله مهما كان تافها تنفيذا لمنطق 'الشك أسرع الطرق لكشف الحقيقة'..
قال الزوج لمدير المباحث:
خرجت من منزلي صباح اليوم في العاشرة والنصف الي عملي تاركا زوجتي الحاصلة علي معهد فني كمبيوتر.. بالمنزل في قمة سعادتها.. كانت طبيعية جدا.. ودعتني حتي باب الشقة بابتسامتها الحلوة التي كانت تزين حياتي منذ ان عرفتها وتزوجتها واثمر زواجنا طفلين سارة (ثانية ابتدائي) وهشام بالحضانة.


وازاي عرفت بالحادث؟
أحد الجيران اتصل بي وأبلغني باندلاع حريق بالشقة.. فحضرت هنا بسرعة.. وفوجئت بالكارثة الأكبر عندما عثرت علي زوجتي مقتولة بهذه البشاعة.

تفتكر مين قتل مراتك؟
مش عارف.. بس أكيد الجاني ليس غريبا علي المكان.. اكيد من داخل العمارة ويعرفنا كويس!



عرفت ازاي؟
لان زوجتي طول عمرها حريصة جدا.. لاتفتح باب الشقة لأحد مهما كان الا بعد أن تتأكد من شخصيته جيدا.. وواضح ان باب الشقة سليم.. يعني اللي دخل الشقة وارتكب الجريمة دخلها بعلم زوجتي!


يقاطعه مدير المباحث: فيه حاجة اتسرقت من الشقة؟
ايوه الخزنة الخاصة بي.. داخلها مبلغ 37 ألف جنيه ومجوهرات زوجتي حوالي نصف
كيلو ذهب داخل علبة القطيفة.



من هم سكان العمارة؟
كلهم اسرة سحر.. والدها ووالدتها.. واشقائها التسعة.. كل واحد في شقة مع أولاده!
بعد هذا الحوار السريع.. شعر مدير المباحث ان لغز الجريمة أوشك أن ينكشف.. انحصرت شكوكه في سكان العمارة.. عائلة سحر.. يهمس للعقيد بكري الصوفي رئيس المباحث الجنائية بسرعة فحص واستجواب كل سكان العمارة (اسرة سحر.. والتركيز علي طبيعة المشاكل التي بينهم ان وجدت.. وأخر مشاجرات لسحر بينهم.. كذلك تكثيف التحريات عن العائلة من خلال فريق بحث اخر تولاه المقدم طارق بحر مفتش المباحث والرائد نور مقرب رئيس مباحث مركز ببا.. لم تمض اربع ساعات من البحث المكثف.. واستجواب سكان العمارة حتي تكشف خيوط هامة ازالت السحابة القاتمة التي ظللت علي الجريمة!
الأب الحاج شحاته.. رجل طيب.. مكافح.. يتاجر في النحاس.. يحب أولاده.. لم يرد لهم أن يعيشوا بعيدا عنه.. بني لهم هذه العمارة.. جمعهم فيها.. كل واحد شقة باستثناء التوءم سلوي وايمان اللتان تزوجتا وأقامتا في الفيوم مسقط رأس الأب .. حاول الرجل أن يوفر لأولاده حياة سعيدة رغدة.. لكن الوحيدة من بين بناته التي لم تفارقه طوال رحلة كفاحه وتقف معه في المحل 'فاطمة' 38 سنة حاصلة علي دبلوم تجارة ومتزوجة من موظف بالصحة ولها أربعة أولاد.. خلال الشهور الأخيرة انقلبت حياة هذه الاسرة رأسا علي عقب.. تبدد الحب.. تحجرت القلوب.. تبخرت المشاعر الدافئة بين الأشقاء.. بسبب شائعة تسربت الي منزل العائلة.. تتهم زوج فاطمة بوجود علاقة مشبوهه مع امرأة أخري.. اعتبر الأشقاء أن هذا التصرف عارا عليهم.. فتحوا النار علي فاطمة.. أبلغوها بما سمعوه.. طالبوها بوضع حد لتصرفات زوجها التي تسيء الي سمعتهم.. لكن فاطمة طاوعت قلبها.. ولم تطاوع كلامهم.. قلبها يقول أن زوجها يحبها ويحب أولاده الاربعة ويقدس بيته.. وضميرها يستبعد خيانته لها.. دافعت عنه بكل قوتها.. لكن هذه الاحداث سرعان ما تصاعدت وتحولت الي مناقشات ومواجهات تشتعل بين الاشقاء كل يوم خاصة سحر المجني عليها التي نهرت شقيقتها فاطمة أكثر من مرة وطلبت منها ان تضع حدا لتصرفات زوجها.. كما اتهم الأشقاء فاطمة بأنها تأخذ نصيب الأسد من دخل وثروة أبيها التاجر الثري الذي يمر بظروف صعبة خسر خلالها الكثير وسقط صريعا لمرض القلب.. الحقد ملأ الصدور.. لكن كل ما كان يهم فاطمة ليس اتهامها بانها كوشت علي نصيب الأسد من ثروة أبيها.. لكن اتهام زوجها.. الذي ظلت تدافع عنه حتي آخر لحظة رغم انه سبق أن طلقها وأعادها الي عصمته.. طلبت فاطمة من سحر اكثر من مرة ان تقدم لها أدلة اتهام زوجها أو أدلة براءته.. لكنها لم تهتد الي اجابة تخمد نارها.. اسودت الدنيا في وجهها خاصة بعد ان لفظتها امها التي تلازم الفراش منذ عدة سنوات بعد اصابتها بالشلل وكذلك الأب الحاج شحاته الذي كان يعتبر فاطمة شريكته في كل شيء ولايخفي عنها سرا.. أصبح يلفظها.. يرفض مشورتها او التحدث اليها.. هواجس الشر زحفت لقلب وعقل فاطمة.. همست اليها أن سحر هي بوابة هذا الجحيم الذي يدمر حياتها كل يوم!

سيناريو الحادث!
صباح يوم الحادث.. لم تنم فاطمة هذه الليلة.. ظلت طوال الليل تستعيد شريط الأحداث التي عاشتها خلال الشهور الستة الماضية.. قادها شيطانها الي جريمتها لتقتل أعز الناس إلي قلبها شقيقتها الصغري سحر.. داست علي قلبها.. تحجرت مشاعرها.. لبست عباءة الشيطان.. حملت أدوات القتل.. سكين وحبل وقطعة بلاستر.. اصطحبت معها ابنتها نهلة طالبة الثانوي.. دخلتا شقة سحر في هدوء ونفذتا فيها حكم الاعدام بوحشية!
في نفس الوقت تقفز معلومة فوق سطح الاحداث لتكشف أن فاطمة وابنتها شوهدتا تركبان عربة حنطور وفاطمة تحمل بين ذراعيها شيء كبير ملفوف داخل ملاءة.. توجهت به إلي حماتها وتركته معها علي سبيل الأمانة في نفس وقت اكتشاف الجريمة.. وعندما عادتا واكتشف الأمر تظاهرتا بالحزن والدموع!
يلقي النقيبان مجدي لطفي وياسر طنطاوي معاونا مباحث مركز ببا القبض علي فاطمة وابنتها امام ذهول الأسرة.. يتم مواجهتهما بالتحريات واعترافات عربجي الحنطور وحماتها.. حيث توجه اليها الرائد نور مقرب ليسألها عن الأمانة فيكتشف انها لم تكن سوي الخزنة المسروقة بما فيها من أموال وذهب!
تنهار فاطمة وتحكي تفاصيل جريمتها الي العميد عطية مزروع مدير المباحث!

اعترافات فاطمة!
لم أكن أدري ماذا افعل في هذا الصباح.. كان لابد من البحث عن اجابة تطفيء نار الشك داخلي.. هذه النار التي اشعلتها سحر بالذات كل يوم وهي تشككني في زوجي وتستعديني بسببه وتؤلب علي كل الأسرة التي احبهم فردا فردا.. بل كنت اعتبر نفسي مسئولة عن الجميع.. اصطحبت معي ابنتي نهلة التي غابت عن المدرسة هذا اليوم.. وطلبت من سحر أن ترد علي أسئلتي.. فقالت لي سحر:


حاضر يافاطمة.. انا حاريحك.. وأعملك اللي انت عايزاه.. ومدت يديها الي ابنتي نهلة لتوثقها بالحبال وكأنها كانت تستعجل ذهابها الي قبرها.. بعد أن أوثقتها نهلة من الخلف أعدت عليها اسئلتي لتقدم لي اجابة رسمية تبريء زوجي من التهم التي ألصقتها به لكنها رفضت.. ادخلتها غرفة النوم.. لم أدر بنفسي وانا أوجه اليها طعنات السكين في رقبتها من كل اتجاه بعد ان وضعت البلاستر علي فمها.. ثم حملت الخزينة بما فيها.. ثم أشعلت عود كبريت في بعض الورق القديم والملابس بغرفة النوم.. غادرت الشقة وأغلقتها عليها بالقفل من خارجها!
يتابع اللواء دكتور رجب غراب مدير أمن بني سويف اعترافات القاتلة وابنتها علي جريمتهما البشعة ويطلب من مدير المباحث تحرير محضر بالواقعة واحالة المتهمتين الي نيابة مركز ببا.. ويتولي معهما التحقيق رمضان محمد وكيل أول النيابة باشراف المستشار هاني عبدالجابر المحامي العام لنيابات بني سويف الذي قرر حبسهما علي ذمة التحقيق بتهم القتل العمد المقترن بالسرقة والحريق العمد.

آه يا سحر!
عندما حضرت الينا فاطمة.. كانت تبدو هادئة.. لكن عينيها كانتا تخفيان سحابة حزن دفين ربما لم يشعر به سواها.. فمؤكد أن كل الناس من حولها لن يصدقوها بعد ان سردت اعترافاتها المثيرة بجريمتها البشعة التي هزت كل بيت في مدينة ببا الهادئة.

سألتها: كيف ولدت داخلك فكرة قتل اختك؟
قبل الحادث بثلاثة أيام كنت اتابع مسلسل تليفزيوني.. وشدني مشهد مشابه لما فعلته مع سحر في نفس اللحظات التي كنت افكر فيها في دوامة المشاكل التي عكننت علي حياتي.. فنفذت الفكرة.

كيف طاوعك قلبك علي قتل أعز الناس اليكي؟
مش عارفة.. ما كنتش حاسة بحاجة!

تفتكري هذا الدافع كاف لارتكاب هذه الجريمة؟
كل اللي انا عارفاه ان كان لازم أشوف أي مخرج لبركان الحزن والهم اللي حول حياتي لجحيم.
تشرد فاطمة قليلا وهي تمد يدها لتلتقط دموعها وأعود لأسألها:

الدموع دي ليه؟
تسبقها تنهيدة ساخنة ثم نقول في أسي وحسرة:
آه.. يا سحر!


لا حول ولا قوة الا بالله........