-1- الفصل الاول
" انا احب رواياتك ! "
" وابطال قصصك رائعون !
" كانت فكرة جيدة جدا ان تضعي رواياتك ضمن أطار تاريخي ! الا يتطلب ذلك منك أبحاثا كثيرة ؟
كانت بريانا سان كلير تجلس في وسط مكتبه في دالاس تقدم أهداء آخر رواية لها 0 كان ضجيج قرائها المعجبين يزعجها قليلا , مع ان نجاحاتها المتتالية علمتها منذ مدة طويلة كيف تتخطى خجلها وخوفها الطبيعي 0
منذ ساعتين طويلتين والناس يتزاحمون حولها , يرهقونها بالأسئلة , وبالمديح , ويعطونها نسخا لتوقيعها 0 وكانت بريانا تتقبل ملاحظاتهم بطيبة قلب , وتجيب على اسئلتهم بمحبة واهتمام , وتبتسم رغم تعبها ومللها , والجميع سعيدون بالثرثرة, ولو للحظات مع كاتبتهم المفضلة 0
عند الظهر, بدا لها أخيرا إن الازدحام خف قليلا0 فتنهدت ومدت يدها اليمنى0 لقد كتبت اهداءات كثيرة حتى أصبحت تشعر بألم بأصابعها000 ألقت نظرة إلى الشارع من خلال زجاج النافذة , ولاحظت أنها تمطر بغزارة 0 يا إلهي تمتمت بصمت00 لم تكن قد حملت معها مظلتها 0000 من المؤكد أنها ستصاب بالبلل حتى عظامها قبل أن تصل إلى السيارة التي استأجرتها هذا الصباح0 ! ألم يكن من الأفضل أن تستعمل السيارة مع سائقها التي خصصتها لها دار النشر ؟0
كانت قد رحلت من 3 أسابيع للتأكد من الإقبال على كتابها الأخير 0 لقد ملت المطارات والفنادق وسيارات الليموزين والمجاملات0 بدأت تشعر بحاجة للتمتع بقليل من الحرية 0 وهكذا قررت أن تذهب بوسائلها الخاصة الى سان انتونيو حيث ينتظرها موعد هام غدا0
كانت بريانا قد نشأت في ريف بنسلفانيا , ومع ذلك أعجبت كثيرا بتكساس 0 وعندما علمت أن هذه الولاية ستكون آخر مرحلة في سفرها 0 اصرت على الذهاب إلى سان انتونيو 0 منذ مدة طويلة كانت تحلم بأن تجعل أحداث إحدى قصصها تدور في هذا الإطار الساحر بروح الهيبة والوقار0 كانت المدينة القديمه رومنطيقية! والأجمل من ذلك أنها تضم بين جدرانها مؤسسة تكسان الثقافية, التي تقدم لبريانا كل الوثائق الضرورية000
قطع حبل أفكارها فجأة وصول معجبة متحمسة جدا0
" هل أنت حقا بريانا سان كلير ؟
" نعم 00" أجابتها بريانا مبتسمة بلطف0
كانت صورها تملأ جدران المكتبة ومع ذلك لم تكن هذه المرة الأولى التي يطرحون عليها هذا السؤال 0 كان الناس مندهشين عندما اكتشفوا أن كاتبتهم المفضلة لا تزال شابة وفاتنة 00
" غير معقول! قالت محدثتها بمزيد من الحماس " أحب كثيرا ماتكتبينه! أبطال رواياتك رائعون 0 ! ومشاهد الحب000 آلا تنفعلين وأنت تقرأينها من جديد؟
" احيانا 00" اجابتها بريانا بصدق محاولة المحافظة على أبتسامتها0
" كنت متأكدة من ذلك ! وكيف لا ؟ يوجد فيها الكثير من الانفعالات والأحاسيس000
انزعجت بريانا كثيرا من كلام محدثتها الحماسي فحاولت أن تغير موضوع الحديث0
" أتريدين أن اوقع على 00
لكنها للأسف لم تتمكن من إنهاء كلامها0
" أتعلمين أنك تشبهين شخصياتك الأناث ؟ وخاصة هذه00 وأشارت بأصبعها إلى المخلوقة المرسومة على غلاف آخر رواية لها0
" هذا مثير حقا! ألحت محدثتها : " نفس الوجه تماما الفم الرقيق ,العيون الخضراء , الشعر الأشقر, 000"
ودون أن تهتم لانزعاج بريانا الظاهر , بدأت تقرأ بصوت مرتفع الملخص الموجود على آخر صفحة من الكتاب00
" الأرض كلها كانت تبدو مشتعلة00 الشمس تلمع في السماء 00الرمال كانت تحترق, وديسموند يضم بحرارة بين ذراعيه جسد ديانا العاري 00 وكأنت لشدة سعادتها تتأوه بضعف000" تحركت بريانا على مقعدها بتوتر00 إذا تابعت محدثتها قرأءة النص بهذه اللهجة , فإنها ستبدأ بالصراخ, كما وأن كل الموجودين في المكتبة التفتوا نحوها يراقبونها 0
" يبدو هذا مثيرا حقا ! أتسمحين لي بأن توقعي لي على نسخة منها ؟ سرت بريانا بهذا الطلب وتمالكت نفسها لكي لا تكتب لها الى بان كتبت عبارتها المعتادة " مع كل مشاركتي الوجدانية"
بعد أن ارهقتها الأمرأة بالشكر 0 ابتعدت بسعادة كبيرة0 أسندت بريانا ظهرها جيدا وتنهدت 0 بالطبع أن يكون المرء كاتب قصص عاطفية ناجحا أمر متعب أحيانا !
فجأة شعرت بأنها مراقبة , فأدارت رأسها بسرعة0 على بعد خطوات منها, يقف رجل سبق لها أن لاحظته عدة مرات وينظر إليها كأن منظرها يسليه 0 بالتأكيد لم يكن قد فأته ما جرى بين الكاتبة وبين تلك الأمرأة المبالغة بحماسها0
كان أنيقا ببدلته الجميلة , وشعره الأسود وجاذبية ملامحه 0 لم يكن جميلا حقا, بكل ما تعنيه هذه الكلمة0 إلا أنه يملك سحر مدهشا 0 وتنبعث منة قوة غريبة 000
وعندما ابتسم إنثنت زوايا عيونه بتجاعيد دقيقة, كان بكل بساطة رجلا لا يقاوم0
أقترب من الطاولة, وتناول كتابا تصفحه بحركات آلية0
" لا تقل لي أنك أنت أيضا مغرم بقصص الحب؟ قالت له بلهجة مضحكة كما كلمتها معجبتها السابقة0
فضحك الرجل, وأحست بريانا بالارتعاش , يا إلهي, هذا رجل يملك جاذبية تجعل الصخري ينفعل 0!
وانتظرت أن يتكلم ببعض القلق والاضطراب0 وقد لا يخرج من فمه سوى صوت يشبه نعيق الغراب او يشبه أزيز آلة مزعجة , كانت تعلم أن بعض الأشخاص يفقدون كل سحرهم عندما يفتحون فمهم00
" وأنا أيضا أتمنى أن توقعي لي على نسخة000" أجابها أخيرا0
بإمكان أكبر مطربين الكرة الأرضية أن يغيروا مهنتهم ! كان صوته عميق وعذبا , ارق من المخمل , عذبا مطعما باللهجة التاكسانية 0
تناولت الفتاة نسخة من كتابها بيد مرتجفه 0
" ما هو اسمك ؟" سألته وهي تتناول قلمها0
" رايدر كنترل 00
رائع! من المستحيل تخيل اسم آخر لشخص مثله000
حاولت إخفاء اضطرابها , وكتبتت عبارتها المعتادة ووقعت تحتها 0 ثم ناولته الكتاب وهي تبحث عن شيء ذكي تقوله له 0
ولكن للأسف فقدت حيويتها فكرها فجأة , والكلمات التي تتردد في حنجرتها مجنونة جدا" أنت الشخص الأكثر سحرا رأيته في حياتي 0 أتسمح لي بتقبيلك؟
بالطبع إذا لفضت هذه الكلمات فأما انه سيهرب راكضا, او 00 سيأخذ بكلامها جديا0 وكلا الاحتمالين سخيفين محرجين0
" زهرة الرمال00 تمتم وهو يقرأ عنوان الكتاب 0 وتأمل صورة البطلة الموجودة على الغلاف, ثم تأمل بريانا طويلا 0
" إنها حقا تشبهك" أضاف مبتسما0
أحست بريانا بأن خديها يشتعلان 0
" بالفعل000"أجابته متلعثمة " لقد استلهم الرسام من ملامح وجهي في رسم الصورة " وسكتت ولم تضف بأن الباقي كان من الخيال الفنان 0 وكان رايدر كنترل لطيفا فلم يعلق أكثر على الموضوع إلا أن البريق الذي لمع في عيونه كان كافيا 00
" حسنا00 أعتقد أنني سأسهر هذه الليلة على قراءة روايتك هذه كلها"
" أتمنى أن تعجبك"
" أنا متأكد من ذلك"
وساد صمت ثقيل بينهما0 ولكي تتمالك نفسها أخذت بريانا توقع آخر نسخات أمامها على الطاولة 0
" لقد حصلت على عدة نجاحات"
" نعم هذه الرواية نجحت بشكل مميز"
" ألم يكن الأمر كذلك دائما؟ سألها بفضول فضحكت بريانا بمرح0
" الآن بلى! ولكن كان يجب أن تراني منذ بعض الوقت , لم أكن قادره على التخلص من كتبي 0 حتى ولو وزعتها مجانا0
" لا أستطيع تصديق ذلك00
" إنها الحقيقة لم أكن أملك دعم الفريق الذي يحيط بي الآن 0 كان يجب علي أن أقوم بنفسي بالدعاية لرواياتي وتنظيم عددا من احتفالات التواقيع0 وعندما كنت أصل إلى المكتبات كان الناس ينظرون إلي وكأنني وقعت فجأة من الكوكب مارس 0 واعترف أنني أحيانا0 كنت أشعر بأنني نوع من المخلوقات الغير أرضيه ضاعت وسط الصحراء 0 !
" آلم يخطر ببال أحد أن ينقذ هذه المخلوقات الماريسية؟
" هذا ليس00
لم تتمكن من إجابته لأنه أحدى القارئات اقتربت منها وطلبت منها أن توقع لها على نسخة من زهرة الرمال 0 ابتعد رايدر كنترل بينما أجابت بريانا بلطفها المعتاد على أسئلة محدثتها الجديدة , وبعد قليل شكرتها وضمت الرواية جيدا تحت أبطها كأنها تحمل كنزا وخرجت0
وضعت بريانا قلمها في حقيبة يدها ونهضت0
" هل انتهيت؟ سألها رايدر وهو يقترب منها0
" نعم 00"
" هل تناولت غداءك ؟
أحست الفتاة بتسارع دقات قلبها 0 كانت تذكر أنها وضعت مثل هذا المشهد في كتبها 0 ولكنها لم تعيشه واقعيا 0 ماذا كانت تفعل بطلات قصصها في مثل هذه الحالات؟ كن يبتسمن بكل بساطة ويجبن 0
" لا 00"
" أتريدين مرافقتي ؟
اضطرت لتمالك نفسها كي لا تقفز من فرحها0 كانت ترغب بالتعرف أكثر على هذا الرجل! لو لم يدعوها لكانت ماتت من الخيبة0
" حسنا ! أجابته بعد تردد شكلي " وبما أنني غريبة عن دالاس سأترك لك حرية اختيار المطعم0"
" عظيم00 المكان الذي افكر به قريب جدا من هنا0 بإمكاننا الذهاب مشيا على الأقدام لنصل إليه0
في الخارج كانت الأمطار قد توقفت, وظهرت أشعة الشمس خجولة بين الغيوم0 هذا اليوم ينبؤ بأنفراجات 0 فكرت بريانا في حماس طفولي 0
لكان المطعم الذي اصطحبها اليه يشبه تماما ما تخيلته عن ذوق رفيقها 0 هادئ شاعري وحميم00 جلسا حول طاولة صغيرة وطلبا المقبلات 0 وكانت عضلات بريانا كلها متقلصة بعد الجلوس طويلا في تلك المكتبة0 وكتفاها يؤلمانها 0 فتنهدت بعمق وهي تسند ظهرها على الكرسي0
أنت متعبة؟ سألها رايدر بلطف 0و تأملها بنظرات عميقة وأنفرجت شفتاه بابتسامة صغيرة0
" جدا 00" أجابته وردت إليه ابتسامة0
" هل مضى وقت طويل في حملتك إلأعلانية هذه؟
" منذ بداية الشهر000
في هذه اللحظة أقترب الخادم ووضع المقبلات أمامهما على الطاولة0 فصمت كلاهما قليلا0
" احقا أنت تدعين بريانا سان كلير , أم أن هذا اسم الشهرة؟
" انه اسمي الحقيقي000
والتقت نظراتهما كأن كلا منهما يحاول أن يخترق فكر الآخر 0 وكانت عيون رايدر كنترل زرقاء غامقة تشع بالجاذبية0
" أنا أجده اسما جميلا جدا0" همس رايدر بحنان0
ارتعشت الفتاة " إنه يحاول اغرائي أنا مدركة جدا لخططه 0 ولكن هذا لا يخيفني بل على العكس000
" أي تعيشين , ابريانا ؟
يا إلهي إن الطريقة التي يلفظ بها اسمي غريبة! كيف ستقاوم كل هذه الرقة والعذوبة في صوته 0؟
" في بنسلفانيا , مدينة صغيرة قرب بيتسبرغ 0
" اوه أنت إذا بعيدا جدا عن منزلك؟
هذه اللحظة كانت رائعة, حلم00 أبدا لم يسبق لها أن عرفت في حياتها شيئا مربكا كهذا00
" ايوجد احد ينتظرك هناك؟ سألها رايدر بهدؤ 0
" هرة فقط !اجابته ضاحكة " ولكني لست متأكدة 00تركتها عند اختي , لابد انها سعيدة مع اولاد اختي الثلاثة الأشقياء 0 وقد تكون نسيتني تماما 000
شرب رايدر جرعة من كأسه وهو يتأمل رفيقته 0
" لا 0 من المؤكد انه يوجد هناك شخص آخر غيرها 0 كم عمرك بريانا ؟ أثنا وعشرون عاما ؟
" بل سبعة وعشرون 00واكرر لك , هذه الهرة هي الوحيدة التي تنتظرني هناك 0
" هل رجال بنسلفانيا مكفوفي النظر ام انهم أغبياء ؟
" لا هذا ولا ذاك " اجابته ببعض الأنزعاج " انني انا من لا يهتم بهم كثيرا 000
" حقا ؟"
" ولماذا انت مندهش هكذا ؟
" حسنا , كنت اتخيل انك بكتابتك قصص الحب تملكين بعض الخبرة 000
تحركت بريانا بتوتر على مقعدها 0 ان رفيقها لمس نقطة حساسة جدا 0
" ايجب بالضرورة ان يكون كتاب الروايات البوليسية اما مجرمين او جواسيس ؟ سألته بسخرية 0
" اتحاولين ان تقولي لي بأنك بيضاء كالثلج ؟
فاخفضت نظرها , واحمر خداها 0
" لا , ولكن 0000
" هذا افضل ! انت طمأنتني 000