كاتب الموضوع :
غموض
المنتدى :
القصص المكتمله
/
\
/
\
كعادتي كل يوم أمشي هائما لا أعلم اين أذهب والى اين اسير وكيف
هي نهايتي .. ألاف الناس يسيرون معي في نفس الطريق
منهم من يضحك ومنهم من يقهقه بصوت عالي .. ومنهم من يمسك
بذراع اطفاله او زوجته .. اهم سعيدون ام يتصنعون السعاده؟
إنني احسدهم فالضحكة تملئ وجوههم برغم كل شيء ..
ليس لديهم مايعكر صفو حياتهم ..
كم أنت قاسيه أيتها الحياة اخذتي مني كل شيء ..
كل شيء حتى الضحك الذي يمتلكه أبسط الناس سلبته مني ..
إلى متى سأظل هائما أتعثر بخطاي وأنتظر المزيد من الطعنات ..
طعنات أشد من القتل تدمي ولا تلتأم
ياترى ماهو القدر الجديد المخبئ لي؟؟ ..
اهو مزيد من الألم أم مزيد من الضياع والتشرد ..؟؟
أشعر بالجوع .. ولكن ليس لدي مال لأشتري أي شيء
فقد جردني أبي من كل شيء .. ذلك الوغد كم أكرهه لقد حول حياتي للجحيم !!
ماذا أفعل الان والجوع يعتصرني ..؟؟
حالي غريب فقد جردت من كل شيء الا من عاطفة الحزن والجوع لما لم يسلبا مني بعد؟ ؟
لما كل الظروف تأتي محايدة لما اريد؟
ماذا افعل والدنيا .. حتى الدنيا لاتقبل بي .. فهي ترميني تارة
لأبي وتارة لزوجته ..
حتى امي .. حبيبتي .. صديقتي.. غاليتي .. أبت الدنيا
ان تتركها لي ..
فجعلتها تموت قهرا .. غيظا.. وحزنا .. وحتى حين ماتت، ماتت
بسببي .. انا من قتلتها ..
بتهوري وطيشي .. لم تحزن من ابي انما ماتت
مني انا .. فأبي قد تعودت على ظلمه ..تعودت على
هجره الدائم لنا .. وحتى على تصرفاته واطباعه السيئة ..
اماه ضميري يقتلني .. يعذبني.. يكويني
.. وابي لازال يظلمني .. فأين المفر؟! .. واين المصير..
والى من سأذهب من بعدك؟!
عاهدتك ان لااسرق.. عاهدتك ان لا اسكر.. عاهدتك ان لااعمل
الفواحش.. عاهدتك ان اجلب لكي المال من رزق طيب وحلال ..
لكنك لم تعطيني أية اجابة على حديثني إنما ابتسمت ورحلتي..
اماه يانور عيني .. انا اليوم ضائع.. تائه .. مشرد..
لااحد يقبل بوجودي هنا ..
حتى ضميري لايحبني .. يأنبني ليل نهار ..
سأجلس هنا علني أرى في أحدى هذه الصحف من
هو بحاجة لموظف .. لديه مؤهلاتي ..
/
\
/
\
وفجأة وبينما كان محمد تارة يقرأ وتارة
اخرى يذهب بفكره الى البعيد اتى صوت من بعيد .. ليناديه
بسام وهو يلهف من شدة ركضه
: مر زمن طويل منذ آخر لقاء لنا .. افتقدتك يا أغلى واعز صديق
رفع محمد رأسه وإذا به يرى تلك
الملامح نفسها ..لم يغيرها الزمان .. انه صديقه بسام
.. بسام الذي كبر معه وتحمل كل
منهما هم الآخر .. بسام الذي كان
يحتضنه وينصحه ويرشده دوما .. بسام
الأخ والصديق والحبيب له.. بل كل شيء في حياته .. فأسرع لضمه
.. وظل يتأمله لفترة ..
محمد ودموعه على وشك الإنهيار :
بسام لقد ضعت ، ضعت بدونك ..
بسام لقد ماتت أمي .. وطردت من المنزل ..
كجرو لم يعد له أهمية في البيت .. حتى جدتي التي كنت احسبها
تحل محل أمي وفي أول لجوء لها أخبرتني انه قد انتهت علاقة امي
بها منذ ان تزوجت ابي .. ولم تطع امرها ..
أحلفك بالله أي قلب تملك هي؟ ابنتها تموت وحفيدها يضيع
وتتركه ؟.. وابي ، أبى ان يحتضنني عنده وكل مااستطاع فعله
هو الإتيان بعشيقته الى المنزل فور موت أمي .. وتزوجها
ولم يحن على وفاة أمي اسبوع واحد .. ماهذه الدنيا؟؟!!
/
\
/
\
حاول بسام ان يهدء من روع صديقه
ويأخذ بخاطره ..
بسام وهو يحتضن
محمد ويمسح له دموعه : كل ماقلته يااخي لدي علم به
.. هي الدنيا التي تدمينا في كل وقت وكل حين ..
فماذا ترتجيئ منها؟
ولكن يجب الا نخضع او نستسلم لها .. بل يجب
ان نقف في وجهها ..
كم مرة أخبرتك بأن هذه الدنيا متاهات كبيرة يجب ان
نحاول ان لانغوص في اعماقها .. كم مرة حذرتك ان
لاتضع رأسك مع رؤوس القروش ولكنك ابيت واستكبرت ..
هذا الوقت ليس بوقت العتاب .. سآخذك الى حيث اسكن
.. هناك في منزل كبير .. به عشرات من الناس كلا منهم
يحتضن ألمه ويعتصر أحزانه ..
هناك أسكن وهناك أيضا يجب ان تسكن .. ولكني سأخبرك
بشيء ما .. لابد ان تفعله .. ان صاحب هذا المنزل من
أكبر مجرمي البلد .. قد يحرضك للسرقة او للقتل او حتى
الإدمان ولكن حذاري ان تطيعه ..
اكسب رزقك بوجه حلال طيب .. ولاتعيره أي اهمية ..
وكن محبوبا لدى جميع من في المنزل
تعجب محمد من كلام
بسام .. كيف يحذره بسام ..
وبسام منذ صغره يعيش في هذا المكان ولم يفكر ان يخرج منه ..
/
\
/
\
ذهبوا معا وتعرف محمد على صاحب
المنزل .. رجل في الخمسين من عمره .. تكسو وجهه
ملامح الطيبة .. والضعف .. لايريد ان يناديه أحد بأسماء
اولاده انما يناديه الجميع بأسم فاضل ..
فاضل وهو يربت على كتف
محمد : ونعم الأخ يابسام
.. محمد أنت ابنا لي واي
شيء تحتاجه لن نقصر معك أبدا .. ولا نريد أي مقابل جراء
سكنك .. يكفينا فخرا أنك صديق بسام ..
سكت محمد وبدأ يتذكر ماقاله له
صديقه ولكن كيف لرجل شرس ان
تكسو وجهه ملامح الرحمة هذه ..؟
ايعقل ان يكذب بسام على صديق عمره؟
استقر محمد في المنزل وتعرف
على اجزاءه .. وساكنيه ..
فالمنزل كبير بحجمه بل وضخم ايضا تكسوه الأشجار .. في
قرية بعيدة يسكنها القليل من الناس ..بنيانه قديم الا ان كل
ركن من اركانه به قصة مؤلمة ..
رافق بسام محمد
الى غرفته لكي يرتاح قليلا ..
وبعد ان جلس محمد بغرفته أخذ
ينظر بالنافذه .. ماسر هذا المنزل .. ولما جميعهم هنا؟
وفجأة دق باب الغرفة بهدوء ..
/
\
/
\
محمد : من الطارق ..؟
وإذا بصوت ناعم من خلف الباب : أنا ابتسام
أتيت لك بالطعام ..
فتح محمد الباب سريعا : ورأى فتاة
يكسوها الخجل بدت عليها ملامح البؤس والحزن .. جميلة
بروحها وبشكلها .. ينساب شعرها الطويل على وجنتيها
فيغطي ملامحها
محمد : تفضلي ادخلي ..
ابتسام بإرتباك : لا لا اشكرك
تفضل اكلك وانا ذاهبه في الحال ..
تبسم محمد واخذ الأكل منها وجعلها تذهب ..
بسام وهو يصفق بكلتا يديه
ليلفت نظر محمد : نحن هنا .. الا يحق لنا ان نأكل معك ؟
ضحك محمد وقال : عذرا
كنت سأغلق الباب لم انتبه لقدومك .. فقد اتت فتاة
تدعى ابتسام وقدمت الطعام ورحلت ..
صمت بسام قليلا بعد ان سرح
ثم استئذن بحجة ان يترك محمد
ليأكل براحته ويرتاح وخرج ..
محمد .. : بالفعل هو بيت غريب حقا ..
بدأ محمد يتناول طعامه وانتبه لدموعه
التي نزلت دون أي استئذان فقد اتت له فجأة ..
اجل فقد اتت له امه كما كانت تأتي له دوما وتمازحه
بالضرب على يده .. ولكنها اتت له كذكرى وليس حقيقة اتت
قائلة : (سمي بالله ثم كل ) تبسم
محمد بعد ان مسح دموعه وغاص في بحر الذكريات ..
في هذا الوقت بالذات وفي حديقة المنزل في الطابق السفلي ..
/
\
/
\
و في حديقة المنزل علا صوت لمياء
لتنادي بالحرية من وجهة نظرها .. لمياء
فتاة قست عليها الأقدار فجعلت منها فتاة معقدة تارة تنادي
بالحرية واخرى تنادي بالضغط والكبت .. تارة تضحك واخرى تبكي ..
ومااثارها هذا اليوم هو بكاء صديقتها ريم وحنينها لأهلها ..
ورغبتها في العودة اليهم ..
لمياء وهي تصرخ بشده : ماذا تريدين
من أهلك ؟؟ اتطمحين منهم الحضن الدافيء ؟ ام الحنان؟
ليكن في علمك ان الحياة بدون أهل كالجنة بلا نار .. ماذا
ترتجين من أهل في اول خطأ لك طردوك؟
وماذا يعني لو ان فتاة حملت دون زواج ؟ خطأ وكلنا نخطيء ..
ام انهم يدعون النزاهة ؟
اتعلمين ان من تحنين اليهم .. هم واهلي سواء؟
فأهلي كي يضمنوا عدم زواجي وكي يضمنوا ان لايذهب
راتبي لأحد سواهم باعوني لأنجس شخص .. متناسين مشاعر
ابنتهم متناسين انها انسانه ..
ومدركين جيدا ان لا احد سيقبل بي بعد فعلتهم ولن اتزوج ابدا ..
امااهلك فقد باعوك بمجرد انك وقعتي في يد ذئب بشري
وليس الذنب ذنبك .. إدعوا النزاهة والشرف وليس لهم
منه أي شيء ..
فليذهب الجميع الى الجحيم .. ولنعش حياتنا بحرية دون
أي رقيب او حسيب ..
لنضحك ونلهو ونلعب .. حتى ان رمينا بأنفسنا في النار لن
يسأل عنا أي احد فلسنا الا ارواح بلا جسد ..
رن صوت هذه الكلمة في أذن محمد
بغرفته وانصدم لمعرفة واقع هذه الفتاة المرير كذلك
بسام الذي كان بالحديقة وراى
المشادة التي حصلت بالكامل .. لسنا سوى ارواح بلا جسد .
. فهم كذلك حالهم كحالها فمن يهتم لوجودهم ؟
لكن هذه الدار مليئة بالمآسي فهواءها يخنق .. يقتل .. هواء
مليء بآهات الزمان ..
/
\
/
\
فقرر بسام ان يأتي مسرعا نحو غرفة
محمد ليداري عما حصل وكي
لايتأزم صاحبه ..
بسام : محمد دعنا نخرج لنتنفس في الهواء الطلق قليلا ..
محمد بسخريه: هه عن أي هواء
تتكلم؟ اعن الهواء الذي تلطخه ذنوب الأبناء وغضب اهاليهم؟ ..
ام الهواء المليء بالجرائم ؟. .. لماذا اتيت بي الى هنا ..
اليس الطريق افضل مكان لي ولك ؟
بسام وقد بدا على وجهه الأسى
والدموع تملئ عينيه : محمد إني
احتاجك ، احتاج لوجودك هنا .. والأيام كفيلة ان تثبت مدى
حاجتي لك .. محمد انت جناحي
الذي لااستطيع التحليق الا به .. محمد
انت رمز قوتي الان ..
لم يفهم محمد مغزى عبارات
بسام ولكنه اسرع الى ضم صديق
عمره والأخذ بخاطره .. وخرجوا معا لحديقة المنزل ..
محمد والبسمة تعلو وجهه وهو يحاول
ان يخفف عن بسام : قل لي ياصاحبي
الفتيات هنا بعدد ذرات الرمال الم تفكر ان تتزوج احداهم؟؟
فقد لاحظت ان لك احترام هنا ومكانة لايحلم بها احد في
مكان كهذا .. حتى صاحب المنزل يميزك عن الجميع ويحبك
حبا جما .. فلو طلبت يد احدهم لن ترفض .. انسى الكآبة
ياصاحبي وعش حياتك ..
ابتسم بسام وهو يمسح دموعه
وقال : لم يحن الوقت بعد .. حلمي ان اجعل هذه الدار دار
سعادة .. ان اساعد كل مهموم .. ان اجعل كل منهم ينسى آهاته ..
وفي هذه الأثناء اتى صوت صراخ من الجهة الأخرى
فأتى محمد و
بسام راكضين ليروا ماذا يحصل..
محمد بهرع : ماهذا ..!!
ماالذي يحصل ؟؟
/
\
/
\
فاضل بغضب : لقد حذرت لأكثر من
مرة وفهمته بأن مايقوم به اكبر خطأ ولكن لاحياة لمن تنادي
ففيصل دائم الشرب ودائم السكر ..
لايهمه احد ولايكترث او يسمع لأي أحد ..
مؤخرا بدأ يأخذ الأبر المخدرة .. مما ادى الى تشنجات له
في بعض الأحيان بالرغم من تعذبه الا انه يأخذهم في كل
مرة وهذا حالنا معه ..
كاد محمد ان ينهار مما
يسمع ومن هول مايرى ..
وقال والخوف بعينيه : خدوه الى اقرب مشفى حالا!! انتم بلا رحمة
فاضل : لا لاحاجة لذلك فقد تعودنا
على وضعه لقد اخذوه الان لغرفته سويعات قليله وستراه
يمشي هنا معكم بالحديقه .. لاتخف ياابني فكلكم ابنائي
ولن يهدأ بالي إلا اذا خلصته من هذه السموم القاتله ..
هو الان لايدرك مايفعله ولكن صدقني انا من
سيهديه للطريق الصحيح ..
/
\
/
\
بدأ بسام يربت على كتف صاحبه
ويسحبه ليذهبوا بعيدا .. علا على وجه
محمد الإكتئاب والحزن من هول مارأى ففي اول يوم
له رأى مصائب وهموم لم يعلم بوجودها .. فكأنه اتى
هنا ليجدد حزنه
فبدأ بسام يسرد
لمحمد قصة فيصل ليهدأ من روعه ..
بسام : اتعلم يا
محمد ؟ حين اتى فيصل
لهذه الدار قبل عشر سنين كان عمره خمس سنوات فقط ..
يتيم الأبوين .. فأمه كانت تعمل معلمة في العاصمة ..
لكنها تسكن في احدى القرى .. قررت ام فيصل ان
تبني بدخلها المحدود بيتا لها ولزوجها وبدأو بحب يبنون
بيتا تملأه الأفراح والأحلام .. في قريتها وبعد مدة
حان وقت رجوع الطلاب للمدارس وكان لابد من عودة ام
فيصل للعاصمة فذهبت هي وزوجها
ووليدها واثناء طريقهم
للعاصمة .. اتت شاحنة كبيرة واصطدمت بسيارتهم .. كان
كل مايهم ام فيصل هو كيف تحمي
وليدها فوضعت ثقلها على ابنها واخدت تنادي زوجها بكلمات
غير مفهومة وكأنها توصي والد فيصل عليه بعدها فارقت
الدنيا .. اما والد فيصل فقد ظل لثلاث ايام في العناية بعدها
اخذته الرحمة الآلهيه .. بعدها بأسبوع واحد فقط
اتى الينا فاضل بطفل صغير وجهه
كالبدر في يده بعض الكسور وتعلو وجهه الكآبه ..
محمد : وبيته؟؟ الم تقل لي ان اهله
كانوا يجهزون لهم بيت ...
تبادل النظرات محمد و
بسام واخيرا نطق
بسام : لقد استولى عليه اعمام
فيصل وقالوا انه لهم وليس لأم فيصل .. بل لقد
وصلت بهم الدناءة ان يقولوا بأن فيصل
ليس ابن اخاهم ..
محمد بلهفه وخوف : واهل ام فيصل اين
هم اين موقعهم .. لاتقل لي انهم كأهل والدتي ..
بسام : لا ولكن ام فيصل ليست من
هذه البلد فمن الصعب علينا ان نصل لأهلها ..
صمت بسام ثم اكمل حديثه
قائلا: ارأيت لقد نشأ فيصل معذبا
واخشى ان يموت كذلك .. لكم يألمني منظره حين تأتيه
نوبة التشنج .. فيصل اعتبره طفلي ..
اخي الصغير.. ليت بيدي شيء لأفعله له ..
صمت محمد والحيرة والتساؤلات
تملأ عقله .. ماالذي يجبر هؤلاء بالعيش هنا؟
لم لايذهبون للمصحات ويتعالجون .. لما لايبحثون عن عمل ..
العمل؟؟ أي عمل سيجدون في هذا الزمان؟؟ سيموتون
جوعا وهم يبحثون عن عمل .. او سينحرفون فبقائهم
هنا هو الأفضل لهم ..
بسام وهو يربت على كتف
محمد : حسنا الا يجب ان ترتاح
الان؟ الم تتعب ؟؟
/
انا ذاهب لعملي وانت أذهب لتسترح قليلا ولتعلم كما
في هذه المنزل مآسي أناس فهنالك قصص حب جميلة
تحتاج لئن تتوج بالزواج .. تبسم بسام بوجه محمد ورحل ..
مرت أيام عديدة .. لايوجد بها أي تجديد.. انما تتجدد
الأحزان والأوجاع ..
وفي أحدى الأيام وبينما كان محمد
وبسام كعادتهما في
الحديقة وإذا بصوت آت من بعيد .. صوت غناء ام لطفلة ..
أسرع محمد ليرى لمن تغني
تلك الفتاة .. إنها حتما مجنونة .. فهو هنا منذ شهرين
لم يجد أي فتاة ..
بسام وهو يمسك ذراع
محمد: الى اين انت ذاهب؟ ..
اتركها بمفردها .. اعلم ماالذي يدور في رأسك إنها ليست مجنونة ..
ولديها طفلة بالفعل ولكن تتحاشى ان تريها لأحد ..
محمد : ينظر
لبسام وعلامات التعجب تملأ وجهه
محمد: ان كانت لاتريد ان يراها
أحد اذن لماذا تخرج بها في حديقة المنزل؟
بسام منذ اول يوم أتت وهي تخفي
طفلة بيدها .. ابت ان تريها لأحد حتى حين تمرض الام
لا أعلم اين تخبيء طفلتها ..
/
\
/
\
ندى فتاة أحبت شخص بجنون ..
ولكن لسوء الحظ كان هذا الشخص من الذئاب البشريه ..
دخل اليها من مدخل انه سيحررها من قسوة زوجة ابيها ..
وسيحررها من التفكك التي تعيشه بين امها وابيها اللذان
انفصلا منذ طفولتها وكلا منهم تزوج وتناساها ..
وفي احدى الأيام وقعت ندى في
حبال حبيبها .. وبعد فترة علمت بحملها .. وماان علموا اهلها بذلك
طردوها وتبرأو منها متناسين تفككهم الأسري واهمالهم لها
منذ الصغر .. كما تركها من يدعي بحبها فقد استولى على
مايريد .. وحقق هدفه
ندى فتاة انطوائيه تعشق اهلها
وتحن اليهم بجنون .. تحقد على كل شخص يحاول الإقتراب
من ابنتها لأنها تخاف من ان تخطف ابنتها من حضنها .. لذا اتركها
يا اخي وشأنها بما انها فرحة وتغني دعها تغني عل الفرح يدخل
الى دارنا هذه ..
محمد بتعجب: لاكثر من اربع سنوات
لم تروا ابنتها ولا يوم واحد؟؟!!
بسام : لا ، ولا نريد ذلك فلقد حاولت
ابتسام ان تراها وانهارت ندى فور طلب
ابتسام منها على الرغم من ان
ابتسام تعد الأقرب لها ..
صمت محمد وتوعد في نفسه ان يرى
طفلة ندى ويخرجها من عزلتها .. فهو قد تعلق بالبيت بآلامه واحزانه ..
و اصبح الجميع كأسرته ..
محمد : حسنا يابسام لقد طلبت من
فيصل ليلة البارحة ان نخرج لنتنزه سويا
فأعذرني الان .. او ان شئت تعال معنا ..
بسام : لا اذهبوا بمفردكم أنا سأظل
مع ابتسام فحرارتها مرتفعه ولابد من
ان يكون شخص بالمنزل لينقلها الى المستشفى لو ساءت
حالتها لاسمح الله ..
محمد والضحكة تملأ
وجهه : وهنالك قصص حب بحاجة لتتوج بالزفاف هذا
ماقلته لي قبل شهرين .. بســـــــــــــام
وابتســــــــــام اسمان متناسقان جدا
بسام والإبتسامة في
وجهه : اخفض صوتك قليلا .. لانريد ان يسمعنا احد ..
/
\
/
\
ذهب محمد لإصطحاب
فيصل معه ..
و في الطريق ..
محمد بحنان : أترى كيف يمشي الناس سعداء .
. كل منهم فرح بما يجنيه في هذه الدنيا ..
فيصل يابني .. عد الى ربك .. وصلي له وادعوه ..
فيصل بتملل: ان كنت ستتكلم
في موضوع كهذا فالعودة الى البيت افضل..
محمد: لالا دعك معي ارجوك ..
( وبعد صمت دام للحظات )
محمد: فيصل
مارأيك بمالك المنزل؟
فيصل : انه شخص خلوق منذ ان
سكنت معه لم يطلب مني اجر ابدا .. انه ابي الذي حرمت منه ..
امي الحنون التي لم اضل في حضنها طويلا ذاك هو
فاضل ..
محمد بإستنكار : حسنا ولماذا يرفض
ان ندعوه بأسماء ابناءه؟
فيصل : لأنه لا ابناء له ..
فاضل لم يتزوج ابدا وليس لديه أي ولد .. ونحن ابناءه ..
دارت في رأس محمد تساؤلات عدة
ولكنه لم يبين قلقه لفيصل الذي بدا مسرورا للخروج معه ..
فيصل : حسنا هل لك أن تريني منزلك؟؟
محمد بإبتسامه بها لوعة الحزن
: ان اصبح لدي منزل ستكون انت اول من يراه ..
فيصل : منذ متى تعرف
بسام؟ فهو لم يحدثنا عنك اطلاقا وانما وخلال الأشهر
الماضيه ادركت مدى تعلقه بك ..
محمد : بسام
هو رفيق طفولتي .. هو من يأخذ بيدي .. تعاهدنا منذ
طفولتنا ان نحيا سويا او نموت معا .. اذاقتنا الحياة من مرها فأنا
فقدت امي بسبب طيشي وتهوري .. وهروبي الدائم من
مواجهة واقعي ..
أما بسام فقد فقد امه التي منذ ان
ولدته بدت متعبه شاحبه مريضه .. فماتت امه .. ماتت وهو لم
يشبع بعد من حضنها وحنانها .. فبدا ذلك الطفل الحزين الذي
تعلو وجهه ملامح البؤس .. فكبر واصبح شابا تملئ قلبه الطيبة ..
ولكن من ينظر لعينيه لأول وهلة يرى فيهم حزنا عظيما ..
بسام ذلك الشاب المناضل الذي
افتخر لمعرفتي له نزل الى الشارع وعمره 9 سنوات .. 9 سنوات
فقط استطاع ان يوفق وهو في هذا العمر بين عمله ودراسته ..
كان يلقي بنفسه في أي وظيفة كانت .. على ان لايطلب من
أبيه شيئا ..
تجاورنا وتصاحبنا .. بل وحتى همومنا لم نتقاسمها انما
تساوينا فيها ..
فيصل : ان من ينظر للحياة ياصاحبي
يرى فيها عجبا عجاب . فالدنيا بيت عنكبوت من دخل في حبال
وبيت هذا العنكبوت لايخرج ابدا ..
هكذا الهموم فمن ابتلاه الله بها تتالت خلفه ولم تتركه ..
ولكن رحمة الله وسعت كل شيء ..
وماهذه الا ابتلاءات من رب العباد ..
جلس فيصل على جسر بحيرة
كانوا قد مروا بها فأردف قائلا بمرح قليل
فيصل: دعنا نجلس قليلا هنا
محمد والدهشة على وجهه : اذن انت تعلم
بالدنيا جيدا وتعلم بأن هنالك اله اليس كذلك ..
اذن لما تأخذ ماحرمه الله؟
فيصل : حسنا أنا عائد الى المنزل .. اراك لاحقا ..
محمد محاولا ان يلحق به : انتظر قليلا لم
يكن قصدي ازعاجك عد ارجوك
( ولكن لاحياة لمن تنادي غادر فيصل مسرعا )
/
\
/
\
بات محمد لدقائق يمشي في الطريق ..
لايعلم الى اين يسير .. ولا يعلم الى اين تأخذه قدماه وأخيرا توقفت تلك
القدمان لدى بيت قديم في حي شعبي .. لايسكنه سوى البسطاء ..
يكسو هذا البيت الفقر .. ولكن تملئه المحبة ..
تردد محمد في ان يطرق الباب او يعود
من حيث أتى لكنه قرر اخيرا بطرق الباب ..
طرق الباب ليأتيه صوت عجوز من بعيد يسأل من خلف الباب ..
إنها تلك الجده الحنون جدة
محمد وأم أبيه .. عجوز في الستينيات من
العمر .. هي من كانت تضمد جراح قلب حفيدها .. هي البلسم
الشافي له .. هي الأم الحنون التي ولدت وربت اباه ..
الجدة : من الطارق ؟
محمد: انا .. أنا
محمد .. الم تعرفيني بعد؟! ..
اسرعت الجدة في فتح باب منزلها
خوفا من ان تفقد نور عينها .. فهي لم تراه منذ خمس سنين مضت ..
اسرع محمد لضم
جدته وقبلها على رأسها واجهش كلاهما في البكاء ..
كيف لا وهذه الجده هي من كانت الأم
الحنون لحفيده من بعد موت والدته ..
كيف لا وهي من كانت تقسم معه مايجلبه لها الجيران مع فلذة كبدها ..
ام أيمن هي امرأة تزوجت في سن متأخر فلم يرزقها الله الا
بأيمن الذي ماان كبر حتى تنكر لأغلى مافي الوجود ..
هو لم يتنكر لها فقط بل تنكر لأبنه وحتى لدنياه وغرق في
شهواتها وملذاتها ..
ناسيا محمد وامه .. ووالدته .. وكل
مايهمه كيف يسعد من يجري خلفهم ..
اما زوج الجدة فقد تزوج بأخرى ونسي
ام ايمن هو الآخر ..
الجدة وهي تبكي في صوت ارهقه
التعب وطول البعد ومرارة السنين : لقد ظننت انك لن تعود ابدا ..
اما كفاك هجرا .. الا تعلم انك عيني التي ارى بها ..
ام كبرت وتناسيت جدتك كما فعل ابيك ..
ولدي يانور عيني لقد اظناني البعد عنك .. وارهقني الزمن بدونك ..
حتى جيراني جفوني فهم يرون ان من لااهل له لايستحق العيش ..
بني اعدت لرفقاء السوء؟! .. الم تعدني انك ستتركهم ..
ام تريد ان اموت كما ماتت امك ؟!
سارع محمد لوضع يده على فم
جدته وازداد في البكاء ..
محمد : عزيزتي حبيبتي غاليتي
ومن يستطيع نسيانك؟ .. ان جفوت حالي لااستطيع ان اجفوك .
. لقد وعدتك ووعدي دين في رقبتي ..
ولكن كل ماهنالك ان عمي كان يعتقد انني حين آتي اليك .. ليس
حبا لك انما طمعا في منزلك .. جدتي
لو كنت طامعا في منزلك لسكنت معك منذ ان ماتت امي ..
او لسارعت في بيعه منذ ان اعطيتني عقد ملكية المنزل ..
كذلك اتهمني بأني استرق النظر في ابنته التي كانت تأتي
لخدمتك اثناء غيابي .. وهددني ان اتيت ثانية لمنزلك سيبلغ الشرطة ..
أي قلب يملك لكي يقول بأن ابن اخاه يعاكس ابنته .. أي قلب
يملك حتى يظلم ..
الجدة : لقد اعمى الطمع اعين
الناس فعمك الذي تتحدث عنه لم يكفه منزل امه فقط .. انما
وحسب ماسمعت من ابنته فقد سرق من مجوهرات امه ..
وقال بأن وصية امه هي اعطاءه هذا القدر من المجوهرات لانها
تدين له بمبلغ من المال
لاحظ محمد التعب الذي بدا على
وجه جدته فحاول ان يريحها ويجعلها تتوقف عن البكاء .. واخذ يعدها
انه لن يتركها مجددا .. بل سيأخذها معه الى حيث يسكن فهنالك
اخوات يعتز بمعرفته بهم .. ولتترك مكانها وتعيش معه ..
محمد : جدتي
لقد عملت في احدى الدوائر الحكومية وحالتي الان جيده
جدا وماينقصني هو وجودك معي .. كفانا جراحا وغدرا ..
كفانا ألماً ولنلملم حالنا ونرحل سويا .. لنذهب الى عالم لايسكنه سوانا ..
عالم من يسمع فيه هموم ومشاكل الآخرين يرى مصائبه اقل
من مصائبهم .. اسكني حيث أنا اسكن .. هنالك العديد من
الفتيات واللاتي اعتبرهم اخوات لي .. لم يملوا من رعايتك
والاهتمام بك ..
لقد قصرت في حقك كثيرا ولكن ظروفي كانت اقوى مني بكثير ..
لكني لن أسمح للظروف ان تأخذك مني مجددا ..
جدتي من عمل جهده من اجل ان
يشتري سعادته وراحة باله سيتعب ولن يحصد سوى المصاعب ..
فالسعادة لا تشترى بأي مال .. بل لابد ان نصنعها نحن بأيدينا ..
لنرحل .. ولنعش حياتنا معا .. دعينا نغلق صفحة متعبه من حياتنا
ونبدأ صفحة تملئها السعادة بوجود غالية مثلك فما رايك؟
الجدة وملامح الحزن على وجهها : ولكن يابني هذا منزلي
ولا احب ان اتركه اطلاقا ..
محمد والابتسامة تملئ وجهه
: حسنا الان ليس وقتاً للنقاش والمجادلة .. سأذهب الى
المخبز لأحضر مانأكله فأنا اليوم اريد ان ابقى مع ملاكي ..
/
\
/
\
قبل محمد يد جدته
ورأسها وخرج .. وابتعد عن الحي الذي تسكنه الى ان
وصل الى المخبز .. في هذا المخبز وقبل خمس سنوات كان
محمد لايستطيع اقتناء حتى نصف
رغيف بسبب حالته الاقتصادية السيئة .. و
جدته كذلك ..
هاهو اليوم القدر يبتسم له ويجعله يجدد جميع صفحاته ويبدأ مجددا ..
سيبدا صفحته مع جدته ..
وفي اثناء سرحانه .. وإذا بأحدهم يقول له ..
العامل : كيف استطيع ان اخدمك ..؟
التفت محمد بإن دوره قد اتى فتبسم
فأردف قائلا : اريد خبز ساخنا .. واكون شاكرا لك ..
بعد ذلك بثواني اخذ مايريد وبدأ يسير في الطريق وهو يفكر كيف
ستصبح حياته مع جدته .. كيف سيبدأ من جديد .. فقد قرر نسيان
كل الماضي سوى جدته ..
وفي هذه الأثناء كاد ان يسقط لشدة اصطدامه في احدهم ..
/
\
/
\
محمد وملامح الخجل على وجهه
: آسف .. اعذريني لم اكن اقصد ذلك انما كنت افكر قليلا ..
وائل بعصبية شديدة : الا ترى اني
شاب؟؟ ام ان عيونك خلقت للنظر في الفتيات فأصبحت
لاتفرق بين الفتاة من الفتى؟؟
محمد والخجل علا وجهه اكثر من
ذي قبل : اعتذر منك ارجوك اعذرني .. لم اقصد ازعاجك
وحتى اصطدامي بك لم يكن مقصود ..
وائل : لا بأس ولكن انظر في الناس
جيدا كي تفرق من هو الفتى ومن هي الفتاة ..
محمد وهو يحدث نفسه : حسنا وان
كانت ملامحه كالفتاة مثلك كيف لي ان اعرف .. فحتى صوتك
صوت فتاة .. ماهذه الدنيا العجيبه .؟
وائل وهو في عجلة من امره : حسنا وداعا الان ..
محمد : انتظر مهلا ارجوك .. إنني اليوم
أسعد شخص في العالم واود ان تشاركني سعادتي ..
فأنا اليوم التقيت بجدتي بعد هجر
خمسة اعوام .. ارجوك اقبل دعوتي ولنذهب معا الى منزل
جدتي لنأكل معا .. بعدها اذهب
الى حيث شئت .. واعتبره اعتذار بسيط مني لك ..
نظر وائل مطولا في وجه
محمد ثم اردف قائلا : لا بأس سأعتبره
اعتذار منك على إهانتك لي ونعتي بفتاة ..
/
\
/
\
ضحك محمد وسارا معا في عودتها
للمنزل وبعد مضي دقائق اخذ بعضهما على بعض فبدأ محمد يسأل
وائل عن اسمه وحياته ..
وائل هو شاب يبلغ من العمر اربع
وعشرون عاما .. له اخوة و اخوات جميعهم متزوجون ماعداه ..
وائل هو ذلك الطفل المتمرد في طفولته
فبعد انفصال امه عن ابيه رغب ان يعيش مع ابيه .. فنسي امه ..
ولكن هيهات ان يظل وائل تحت
حضانة ابيه و والده قد قرر الزواج كيف لزوجة اب ان
تقبل بوجود فتى تربيه؟؟
مما ادى الى انتقال وائل الى منزل عمته
التي عاش معها وهرب من منزلها بعد ان تلقى شتى وسائل
التعذيب من زوج عمته ..
وهاهو اليوم يسكن في شقة بمفرده لا يستطيع العودة الى
حضن امه التي كرهته حينما قرر المكوث مع ابيه وهو لايدرك
شيئا .. ولايعلم بأي شيء حصل بينهما .. كما انه اليوم لا يستطيع
ان يضع وجهه في وجه اخواته ..
/
\
/
\
هذا كل ماقاله وائل
لمحمد .. فلم يستطع ان يعرف اكثر فسرعان ماوصلوا
الى منزل جدته .. دخل
محمد الى منزل الجدة
وادخل معه وائل ..
ولكن يال هول مارآه فماالذي يراه أمامه ؟؟
جدته ونور عينه ملقاه على الأرض
اسرع نحوها .. فوجدها تسعل بشده ..
محمد والخوف يملئ عينيه :
ماالذي يؤلمك ؟؟
هل تشعرين بالتعب ارجوك تماسكي سإخذك للطبيب مهلا
مهلا .. انني ذاهب لأحضر جلبابك لنذهب الى الطبيب ..
الجدة وصوتها يتقطع : خمس سنوات
انتظرتك فيها ووعدت نفسي انني لن اموت الا اذا اتيت ..
لن اموت الا اذا امليت عيني بالنظر فيك .. تماسكت من اجلك ..
وهاقد اتيت .. بني لااستطيع الذهاب معك الى حيث تسكن ..
لقد عشت هنا وسأموت هنا ..
بدأت حالة الجدة تزداد وسعالها يشتد .
. واخذت تنزف بشده من فمها ..
هنا انهار محمد وصرخ ليستغيث بمن هو
واقف بعيدا كالحجر ودموعه تنهمر على وجهه
محمد وهو يصرخ :
وائل اني ارى الموت في عينيها .. ارجوك تصرف افعل أي شيء ..
واخذ يخاطب جدته
ودموعه تنهمر ..
تحدثي الي اريد ان اسمعك .. خذيني الى احضانك ودفيني بهم ..
انا من جعلك تصلين الى هذا الحال !!
انا من جعل حالتك تسوء .. ارجوك خذيني الى احضانك ..
اريد سماع أي كلمة منك .. اهينيني اضربيني وان شئتِ
اشتميني ولكن لا ترحلي ..
تعبت وانا اهرب من ذنوبي .. وحين اتيت لجنتي القاها
سترحل مني .. جدتي
لقد وفيت وعدي لك واصبحت رجلا يعتمد عليه وها
انا اليوم اتيت لاخذك معي ..
جدتي ارجوك اريحيني .. اريد ان
اسمع منك أي كلمة .. مابال نور عيني صامت هل
طغى النعاس عليك؟؟
هل اخذك النوم مني ام تعبتي من كثرة شكواي ؟؟ ..
/
\
/
\
في هذه الأثناء دخل وائل مسرعا ومعه
الطبيب وامر محمد ان يبتعد كي يترك
مجال للطبيب لفحصها ، ففحصها و ماان فحصها حتى اماء برأسه
بأنه قد فات الأوان ..
محمد بأنهيار :
جدتي لا.. لايمكن ان تموت انت بالطبع مخطيء ..
جدتي لن تموت ..ولم تمت ..
جدتي إصحي .. إصحي ارجوك
واخبري الجميع بأنك لاتتركيني ولن تتركيني ..
ذهبتي وتركتني بغرقي .. ذهبتي وتركتي لي مرارة الزمن ..
انا من ألقاك بيديه هنا .. واتيت لك مفلس من كل شيء من
رضا امي ومن رضاك ..
جدتي احلفك بالله ان تصحي
او تأخذيني معك ..
حاول محمد ان يهز
جدته ليصحيها فقد اصيب بحالة إنهيار هنا تدخل
وائل وهم بتغطية وجه جدته ..
وحاول الأخذ بخاطر محمد ..
محمد : إتركني فأنا من سببت لها
كل هذا .. انا من اهملتها ولم اعلم بمرضها .. انا من تسبب
في قتل امي والان تسببت في قتلها .. قتلت شخصين
ومشيت في جنازة امي كما سأمشي في جنازة جدتي ..
ايوجد قاتل لديه قوة قلب كقلبي؟
اين سأذهب الان .. بدونها انا لا قيمة لي الان .. بدونها
لا استطيع العيش لابد ان اموت معها .. نعم افضل حل ان
اموت معها لعلي حين ارحل من هنا ارتاح من تأنيب ضميري ..
/
\
/
\
وائل : ولكنك لن ترتاح من عذاب الله ..
لانك تهرب من الدنيا وتجعل انتهاء حياتك بيدك دون مشيئه ..
دعنا ياصاحبي نسرع في دفن جدتك فإكرام الميت دفنه
ووكل الله عز وجل ..
محمد والدموع في عينيه : لماذا انا هكذا لماذا
كل الناس تعيش في سعادة وانا حتى اقرباء لايوجد لدي ..
ضم وائل محمد
الى صدره واخذ يبكي معه .. فهو في اول يوم تعرف فيه
على فتى استطاع ان يرتاح له .. فقد من تعرف عليه اغلى مايملك
في هذه الدنيا ..
امن أجل ان تدخل صداقه جديدة في حياتنا لابد ان نفقد احد في
حياتنا لدخول هذا الشخص؟؟ الهذا الحد ضاقت الدنيا ولم
تعد تستوعب وجود احباء معا؟؟
هذا السؤال الذي دار في رأس وائل وهو يحاول تهدئة
محمد ..
/
\
/
\
وبعد انتهاء مراسم العزاء .. ضل وائل
الى جانب محمد فلم يتركه
للحظة واحده .. فقد لاحظ ان محمد
لا احد له .. ولم يأتي اليه احد ..
فقرر ان يضل الى جانبه ليواسيه .. فقد خاف عليه من الإنتحار
لأن افكاره قد ملئت بأنه لابد ان يرحل مع جدته .. ومع امه ..
وان لامكان له هنا ..
مضى شهر كامل ومحمد لازال
يصارع نفسه ويجول في دوامة احزانه .. وفي احدى الأيام
وبينما كان محمد نائما قرر وائل ان
يبحث في اشيائه الخاصة واخيرا لم يجد في محفظته سوى
رقم كتب تحته .. بسام رفيق عمري ..
لم يتردد وائل للحظة واحده في ان
يطلب هذا الرقم .. فقد قرر ان يتصل ويترك الاقدار هي من تقرر
ان كان بسام يستحق هذا اللقب ام لا..
فإن كان رفيق عمره حقا سيأتي ويساعده للخروج مما هو فيه ..
تأكد وائل من نوم
محمد .. واسرع في اقفال الغرفة عليه بعد ان تأكد من
عدم وجود أي اداة حادة او مضره .. وذهب سريعا الى اقرب مركز
اتصال .. وبدأ في ضرب الأرقام ..
/
\
/
\
اتى صوت من بعيد .. صوت شاب هاديء صوته يوحي بأنه في
ريعان شبابه .. ارتبك وائل ماان سمع الصوت .. واخيرا قرر ان
يتحدث ..
وائل : السلام عليكم من فضلك هل
لي ان اتحدث مع بسام ؟.
بسام بتعجب : أنا بسام من معي؟
وائل : أنا
وائل حادثتك كي اخبرك ان كان يهمك صديقك
محمد فلتأتي الى الحي القديم ..
شارع الريان .. منزل الجدة ام ايمن ..
اسأل من هم في ذلك الحي وسيخبروك بمكان المنزل ..
اما ان استغنيت عن صداقته .. ففضلا انسى مكالمتي هذه ..
ولكن قبل ان اغلق محادثتي لابد ان تعلم انني حصلت على
رقمك بالصدفه .. وانه كتب تحت اسمك رفيق عمري فأتمنى
ان تكون تستحق هذا اللقب ..
بسام بلهفة وخوف: ماذا به
محمد فقد اختفى فجأة ولم نعرف
عنه أي شيء احلفك بالله ان تطمئني عنه ارجوك هل
اصابه مكروه ..
وائل : هو بخير لكنه بحاجتك ان
كان يهمك فأنا في انتظارك .. استودعك الله الان مع السلامة
بسام : في امان الله ..
/
\
/
\
رجع وائل الى المنزل وفتح غرفة
محمد ليطمئن عليه ..
وائل في نفسه : حمدلله مازال نائما ..
مسكين هو ماان يخرج من مشكله حتى تأتيه الأخرى فتفصم ظهره ..
أي صبر واي قلب يملك هو ..
إنني احسده فهو لم يحاول الهروب من ذاته ابدا .. وحاول ان يثبت
حاله ولكنه للأسف فشل ..
في هذه اللحظات شعر وائل ب
طرق الباب فسارع لفتحه ..
وتقابل الوجهان معا ..
وائل : اهلا وسهلا من معي ؟
أأنت بسام؟
بسام : اذا لم اكن مخطئا فأنت
وائل اين محمد؟؟
حاول بسام ان يدخل ليملي
عينه برؤية صاحبه فإذا بيد تمسكه لتمنعه من الدخول ..
وائل بإبتسامه بسيطة : ليس الآن
فهو نائم .. هو بحاجة للراحة ..
بسام بقلق : اذا ارجوك هلى طلبت
من جدته المجيء؟؟
سارع وائل في انزال رأسه بعدما سبقته
دموعه التي ابى ان يراها بسام وقال
بصوت يصتنع فيه القوة : وهذا مادعوتك من أجله .. فجدة
محمد قد فارقت الحياة ..
ومحمد حالته النفسية تدهورت ..
وانت اختفيت ولم تسأل عنه ..
بسام بملامح علاها التوتر والحزن :
انا لله وانا اليه لراجعون ، لاتلمني ياصاحبي فقد بحثت عنه طويلا ..
حتى لأبيه ذهبت وقد قوبلت بالطرد ..
ولم يخبرني اباه عما حصل بأمه ..
وائل بسخريه : اتعلم ان اباه لم يأتي
لأمه ولم يحضر حتى في دفنها .. فكيف ترتجي منه
ان يخبرك بمكان ابنه؟؟
/
\
/
\
وفجأة خرج من الغرفة شخص وقطع حديثهم .. شخص من يراه
يحسبه في الأربعين من العمر .. يعاني من اصفرار البشرة ..
وكثرة الهالات تحت العين ..
مرت لحظات من تبادل النظرات وعم الهدوء فجأة .. حاول
بسام الاقتراب من صاحبه .
. ولكن في هذه المرة محمد
لم يقترب انما ظل متجمدا في مكانه ..
وصل اليه بسام واخذه في حضنه
وبدأ يبكي .. بينما محمد ظل ينظر
اليه ولم يبدي أي عاطفة او اية مشاعر وبعد لوم وعتاب
من بسام لصاحبه انفجر محمد
بالبكاء وسارع ليضم صاحبه ..
هنا ابتعد وائل وذهب لغرفة اخرى
وتركهم يتحدثون معا .. ليشكي كل منهم عن حاله ..
وليواسون بعضهم البعض ..
قرر وائل ان يرى من النافذة مايحصل ..
فرأى ان صاحبه محمد الذي اعتزل عن
الحديث والذي لم يكن يأكل الا بشق الأنفس يتحدث مع صاحبه ..
/
\
/
\
هنا قرر وائل ان يجهز القليل من الطعام
قبل ان يرحل .. فمحمد سيأكل بالتأكيد بوجود بسام .. فهو الان
يبتسم ويتحدث ..
وبعد مرور دقائق خرج وائل وهو يحاول
ان يمسح دموعه .. اجل فهو كان يبكي فقد اعتاد على محمد
على الرغم من صمته الدائم الا انه احب
هذا الصديق فاعتبره اخ له ..
لكم هو صعب ان يصارحه بأن لاحاجة لوجوده من اليوم فصاعدا ..
اصطنع وائل الابتسامة وقال بكل
حب : سبحان من اجمع قلوب الاحبه .. واراد لقائهم من جديد ..
هاقد حان وقت الغذاء هيا يابسام
وهيا يامحمد كلوا معا .. وابتهجوا وكفاكم حزنا ..
وسارع بالذهاب ..
/
\
/
\
بانتظار ارئكم لاكمال القصه
اختكم
المؤدبه
|