الفصل الرابع:
ثم وضعت حذاءها الرياضي بعض ان غسلته جيدا على درجات السلم, وعادت الى المطبخ حافية القدمين, وبحثت في الثلاجة عن شيء تأكله, فإذا كان هذا المتعجرف مصر على طردها خالية اليدين, فعلى الاقل, يجب ان يقدم لها فطورا. لن ترحل ومعدتها خالية ابدا, فحتى المحكوم عليهم بالاعدام يحق لهم بوجبة اخيرة...
ثم ابتسمت بمرارة , هذا صحيح, انه يحكم عليها بالاعدام!
ولحسن الحظ , وجدت البيض والجبنة والمرتديلا في الثلاجة. ووجدت مقلاة تحت المغسلة, فقررت ان تعد عجة بالبيض كي تنس طعم العشاء الذي اعده ذلك الرجل الفظيع مساء امس. وراقبت التوست جيدا, وحصلت على عجة لذيذة رائحتها شهية.
وقررت ان تتناول طعامها بهدوء , طالما ان كل شيء يسير بشكل سيء, فلن يحصل ماهو اسوأ منه, المشكلة الاصعب الان هي في الصمود حتى يحين موعد الرحيل. هذا العمل كان يمثل ضربة حظ بالنسبة لبيلي بعد اشهر قضتها في التقتير والتقشف ... وها هي الان تجد نفسها تعود لنقطة الصفر.
وكان الطقس جيدا اليوم والشمس مشرقة, ستكون رحلة العودة اجمل بكثير من الرحلة الاولى... ثم تنهدت بمرارة , لماذا تفسد لذة هذه الوجبة بالافكار القاتمة؟ وابتسمت فجأة وهي تتخيل وجه كنت تايلور عندما ستقول له صفاته السيئة! كيف لا وقد جعلتها تقطع كل هذه المسافة لكي يرمي بها في اول فيري كأنها كيس غسيل وسخ! طبعا لانه يعتقد ان الرجل وحده قادر على القيام بالاعمال التي سيطلبها منه.... ياله من رجل غير طبيعي!
وامام فكرة الشتائم التي ستكيلها له, شعرت بيلي ببعض الراحة. فحملت طبقها الى غرفة الطعام ووضعته على الطاولة الكبيرة قرب النافذة المطلة على البحر الرائع. ليس فطورها فقط سيكون لذيذا. بل المنظر ايضا رائع , كل هذا كاف لتهدئة الاعصاب المتوترة.
ولكن ما ان وضعت الشوكة في صحنها حتى سمعت صوت غليان الماء في ابريق القهوة. فأسرعت الى المطبخ لتعد قهوتها.
ولكن وللاسف , لم تجد البن لا بأس بفنجان من الشاي... وعادت الى غرفة الطعام ولكنها تجمدت امام الباب.
انه كنت تايلور جالس مكانها يلتهم طعامها بشهية.
"هاي! انه فطوري!".
"لابأس به ؟ انه شهي!".
"اليس هذا طبقي؟ لقد وضعته في مكاني".
" في مكانك ام في غير مكانك, انا لست معتادة على تحضير الطعام لاناس لا اعرفهم. اعد الي فطوري!" ثم وضعت كوب الشاي من يدها.. وسحبت صحنها من امامه.
" اسمعي ". قال وهو يبتلع اخر لقمة نجح في سلبها.
" سأعرض عليك فكرة, طالما انني بدأت بتناول العجة, دعيني انهيها, وسأعد لك البيض المسلوق فيما بعد اتفقنا؟"
كادت بيلي ان تخنقه.
"بالتاكيد لا ! فبعد وجبة مساء امس, اشك بمواهبك في فن الطبخ, سيد تايلور..." ثم نظرت مباشرة الى عينيه واضافت:" وكي اقول الاشياء بصراحة وبأسلوبك مطبخك قذر جدا!"
وبدأت بتناول طبقها, ثم نظرت اليه خلسة, فرأت انه لم يبعد نظره عنها ولا عن العجه...
لقد افسد شهيتها للطعام بنظرة اليها هكذا! وبعد لحظات , وبانزعاج شديد, استسلمت وواقفت على ان يشاركها طعامها.
ابتسم كنت ابتسامة النصر ولم يرفض, بل اقترب منها واكلا بصمت. ثم حملت بيلي كوب الشاي وشربته وهي تتأمل مياة البحر التي تتلألأ تحت شمس الصباح انه منظر جميل جدا ... هل تأتي الى هنا كل صيف؟"
"لا , وانا لا اتي من اجل التمتع بالمناظر", قال لها باستخفاف." بل لكي اكون وحدي".
"الاحظ ذلك.." وكانت متأكدة انه لايرغب بالكلام عن نفسه, ولا بأن يكون لطيفا. كل مايريده هو ان يتخلص منها وباقرب وقت ممكن. فنهضت وحملت صحنها ودخلت الى المطبخ. فتبعها كنت بسرعة .
" اسمعي , انسة اندرز.. لقد فكرت بكل ماقلتيه لي مساء امس, بالنسبة لسوء التفاهم حول اسمك ... اريد ان اصدق بانك صادقة". ثم ابتسم واضاف:" كل هذه القصة , مدرسة الصبيان وخيم الترفيه واسمك الذي يدل على المذكر , كل هذا يبدو سخيفا."
"سصخيفا , نعم ! كان يجب ان اكون اكثر حذرا , وخاصة امام هذا الراتب المغري الذي تعرضه! بالنسبة لك لا يستحقه سوى رجل , على كل حال انه مبلغ لم يعرض على منذ ان بدأت العمل. كم هو جميل لو كان صحيحا... تفضل بقبول اعتذاري بالنسبة لاسمي السخيف . وكفى".
ولشدة غضبها, ادارت له ظهرها وبدأت تجلي الاطباق وتصدر ضجيجا يدل على غضبها.
" لمعلوماتك, انسة اندرز, هذا الراتب كانت تتقاضاه سكرتيرتي المعتادة, انا سيد عمل متطلب جدا, اريد سكرتيرة متفرغة, تكرس كل وقتها للعمل, وتضحي بساعات الفراغ وتتخلى عن حياتها الخاصة, الافضل ان اعيد السيدة هلين".
" وماذا حصل لها؟"
" ستصبح جدة للمرة الاولى, لقد ذهبت لقضاء الصيف في سيتل كل تكون الى جانب ابنتها اثناء الوضع. افضل ان تعتبرها اجازة طويلة, والا تتخلى عني للابد".
" هلين... ياله من اسم سخيف... لرجل!"
" الا يمكنك ان تكفي للحظة عن مزاحك السخيف, انسة اندرز؟"
" ولكني حرة, سيد تايلور, حرة! طالما انك لم تواقف على استخدامي, فأنت لايحق لك ان تملي علي تصرفاتي!"
همّ كنت ان يتركها ويخرج من المطبخ, لكنه فجأة توقف... فنظرت بيلي الى الاتجاه الذي ينظر اليه, واصابها الارتباك والحرج.. ان حاملة نهديها الدانتيل التي كانت قد نشرتها على احد الاغصان , طارت مع الهواء وحطت على حافة النافذة والهواء ينفخها كالبالون. نظر كنت اليها نظرة استفهام.
" لقد.... لقد استعملت الة الغسيل هذا الصباح... ولكنني لم اجد حبالا, فعلقت ملابسي في الخارج و...يبدو ان الهواء هو الذي...."
" مثيرة جدا , حاملة النهدين هذه! اتنوين تركها هناك طويلا! هذا لطف منك ان تفكري بالترفيه عن الرجال الغابات بإثارة مشاعرهم, ولكن كان بامكانك ان تعلقيها جيدا..." ورمقها بنظرة حادة وخرج مسرعا وصفق الباب وراءه بعنف.منتديات ليلاس