كاتب الموضوع :
darla
المنتدى :
البحوث العلمية
صنع اسمن على قيد الإنشاء ( من اخطر المصانع تلويثا في العالم ) . اضغط لقراءة المقال - اخبار الخليج
مصانع الإسمنت.. خطرٌ بيئي قادم!
اخبار الخليج - العدد10804 الأثنين11 شوال 1428هـ22 أكتوبر 2007 م
كتبت ــ مريم أحمد:
حذرت دراسة هامة أعدتها جماعة الخضر البحرينية «تحت التأسيس« من مخاطر التلوث البيئي الذي تسببه الصناعات القذرة، وعلى رأسها صناعة الإسمنت. وقال عضو الخضر البحرينية لـ «أخبار الخليج«: إن الدراسة هذه قد تكون الأولى من نوعها في هذا الميدان محليا، وتنبع أهميتها في هذا الوقت بالذات حيث التوجه الرسمي إلى إنشاء مصنع للإسمنت في البلاد - وفي جو وعسكر تحديدا- الأمر الذي يخالف رغبة الأهالي وقبلهم المختصين والنشطاء البيئيين.
وأشارت الدراسة - التي تنفرد «أخبار الخليج« بنشر تفاصيلها- إلى أن صناعة الإسمنت تسبب تدهورا بيئيا وصحيا خطيرا، نتيجة لما تسببه من تلوث في الهواء داخل مصانع الإسمنت وخارج البيئة المحيطة بها. ولفتت إلى أمراض خطيرة تنتج عن هذه الصناعات لما تحويه من تراكيب مثل الكربون والهيدروجين والجزيئات العالقة والفسفور والأتربة والدخان والضباب والأبخرة وغيرها، وهذه العناصر تسبب عدة أمراض أهمها التأثير على الجهاز العصبي والجهاز التنفسي وصعوبة التنفس والتأثير على الأغشية المخاطية والتهاب القصبات وتهيج البلعوم.. وغيرها كثير. وعزت الدراسة سبب كون البحرين إحدى مناطق الجذب الهامة للصناعات القذرة، إلى انعدام قوانين التأمين الصحي الشامل على المواطنين وعدم وجود قانون للضمان الصحي فضلا عن غياب الرقابة البيئية المستمرة وعدم وجود محكمة بيئية نظرا إلى غياب المعايير البيئية أصلا. الاسمنت مادة يتم صنعها تحت درجات حرارة عالية وتتكون من مواد طبيعية مثل الحجارة الكلسية، الغضارة، الجير الكلسي، وتختلف مواصفات الاسمنت من نوع لآخر، فهناك الاسمنت المقاوم للحموضة واسمنت البورتلاند، بحسب بنيتها الكيميائية تضم العديد من المركبات والاكاسيد، مثل اوكسيد الكالسيوم، واكسيد المغنيزيوم، واكسيد الألمنيوم، واكسيد الحديد، واكسيد الحديد الثلاثي، وثالث اوكسيد الكبريت، واكسيد المنغنيز، وثاني اوكسيد السيليس، وماءات الكالسيوم، ومواد قلوية، ومركبات الكروم الثلاثية والسداسية، ومركبات الكوبالت. وبالإضافة إلى المواد الكيميائية التي تدخل ضمن التركيب الكيميائي لمادة الاسمنت تسبب مرض الاسمنتوز نتيجة لاستنشاق اغبرته، تشكل النعومة العالية لمخلفات الاسمنت وصناعة الاسمنت من الاغبرة التي تصل ما بين 20 و100 ميكرون، والكلوريدات والكبريتات والقلويات والجير الحي مصدر الخطورة في هذه الأتربة الشديدة النعومة من الناحية الصحية والبيئية، وتسمى هذه النواتج عن صناعة الاسمنت (BY PASS) التي تسبب تدهورا صحيا وبيئيا خطيرا نتيجة لما يسببه من تلوث في الهواء داخل مصانع الاسمنت وخارج البيئة المحيطة بالمصنع، حيث تعد الأتربة الناجمة عن صناعة الاسمنت، والتي يطلق عليها اتربة (الباي باص) من أخطر مصادر تلوث البيئة، وبسبب دقة حبيبات هذه الاغبرة فإن أقل قدر من الهواء يمكن أن يحمله بسهولة، وينشره على مساحات واسعة من المناطق المحيطة بمصانع الاسمنت وعندما يستنشقه الناس يؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي والرئة، وهو السبب الذي يجعل كثيرا من الدول المتقدمة تترك هذه الصناعة للدول النامية، وذلك للمحافظة على بيئتها نظيفة، كما أن تراب الاسمنت يمكن أن يلوث مياه الشرب عن طريق انتشار وتسرب الغبار إلى البحار والأنهار والمجاري المائية، وأصبحت هذه الأغبرة مشكلة بيئية خطيرة تكلف بعض الدول التي تقوم بدفنه مئات الملايين من الدولارات سنويا وتراب الاسمنت ليس اسمنتا، ولا عنصرا يمكن أن يستخدم عبر إعادة التدوير لصناعة الاسمنت مرة أخرى، وخاصة إذا علمنا أنه يحتوي على كميات كبيرة من القلويات والكبريت والكلوريدات التي تطلقها مصانع الاسمنت، حيث يحتوي هذا التراب على اكسيد الكالسيوم واكسيد الألومونيوم واكسيد البوتاس، كما يحتوي هذا التراب على مواد قلوية واكاسيد أخرى مختلفة. متى يكون الهواء نقيا؟ إذا عرفنا أن الهواء النقي الذي نستنشقه هو مجموعة غازات، ولكي نستنشق هواء نقيا يجب أن تكون نسب هذه الغازات ثابتة بحيث يشكل غاز النتروجين 084 و78% والاوكسجين 20.946%، وثاني اكسيد الكربون 0.033% إضافة إلى بخار الماء وبعض الغازات الخاملة الأخرى ويشكل الاوكسجين أهم مكون للهواء بالنسبة إلى حياة الإنسان وباقي الكائنات الحية، وله دور حاسم في البقاء على استمرارية الحياة، وهو العنصر الأهم لتنفس جميع الكائنات الحية، وبهذه المعادلة البسيطة تستطيع الجزم أن كل شيء طبيعي ومن دون ملوثات أو شوائب قد تهدد هذا الصفاء البيئي. متى يكون الهواء ملوثا؟ إن الأغبرة السامة المنبعثة من المصانع والغازات ودخان وعوادم السيارات والمبيدات الحشرية والمواد والأبخرة السامة والبكتيريا والإشعاعات الصناعية والأتربة التي تنفثها المصانع وغيرها تشكل عناصر إضافية جديدة في تركيب الهواء الجوي، وفي هذه الحالة لم نعد نستنشق ذلك الهواء النقي الذي أشرنا إليه بعد أن اختلط بعناصر وشوائب وغازات وأبخرة أخرى مضافة على مكون الهواء الطبيعي، ولذا أصبحت رئاتنا تستقبل عناصر جديدة لم تألفها وليست من طبيعتها مما قد يتعبها أو يحمل إليها الكثير من الأمراض بحسب خطورة هذه الغازات والأبخرة والجراثيم وغيرها، وهو السبب الرئيسي في الاختلال البيئي، الذي يؤدي في حاله تفاقمه إلى أضرار وخيمة على الإنسان والنبات والحيوان والحياة بكاملها من هنا تكمن الأهمية للمراقبة المستمرة لنسب الملوثات في الجو، وتوعية الناس بمخاطرها ومنها على سبيل المثال مصانع الاسمنت التي ينتج عنها زيادة الملوثات الضارة في الجو والتي تؤدي إلى تناقص الاوكسجين، وتكون كارثية في ظل عدم وجود مساحات خضراء، حيث تتسبب في اختلال التوازن البيئي على حساب صحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى. مصانع الاسمنت الأضرار أكثر من المنافع ينتج عن صناعة الاسمنت أمراض خطيرة لما يحويه من تراكيب مثل الكربون والهيدروجين والجزئيات العالقة والفسفور والأتربة والدخان والضباب والأبخرة وغيرها وهذه العناصر تشكل سببا مباشرا لانتشار العديد من الأمراض إذا لم تعالج، وأهمها التأثير على الجهاز العصبي والجهاز التنفسي وصعوبة التنفس والتأثير على الأغشية المخاطية والتهاب القصبات وتهيج البلعوم، والتأثير المباشر على الجملة العصبية، حيث ثبت من الدراسات انه يؤدي إلى نوع من خمول في القدرة على التفكير، وتهيج ملتحمة العين وانعدام الرؤية وأمراض الرئة كالربو والسل، وآلام في الصدر والتهاب القصبات الهوائية، وفقدان حاسة التذوق والشم، والتصلب الرئوي وأمراض الجلد وتورمات خبيثة في أنسجة الرئتين وأمراض الحساسية والإصابة بالسرطان وتشوه الأجنة والإصابة بمرض التليف الرئوي (السليكوز) الناجم عن استنشاق الغبار المنبعث من مداخن مصانع الاسمنت والإصابة بمرض الصفراء (اسبيستوزز) الناجم عن غبار الاسبتوس وأمراض الصداع الدائمة، إضافة إلى إصابة الإنسان بأمراض مختلفة أخرى تتفاوت حدتها بحسب مناعة الجسم، وتفيد بعض الدراسات بأن الملوثات الثابتة، وخاصة الغبرة التي تطلقها مصانع الاسمنت تلحق أضرارا بيئية واسعة بالأرض والزرع وقيعان البحار والانهار، حيث تشكل في حالة البحار المجاورة طبقة رغوية شبه هلامية تقضي بالكامل على المحيط البيئي في تلك المناطق البحرية، كذلك على صحة الأطفال ففي دراسة حديثة عن أمراض الأطفال تشير إلى أن الصناعات الملوثة أدت إلى تدهور صحة الأطفال، فنسبة تعرضهم للإصابة تعادل ثلاثة أضعاف الكبار، فالصناعات الملوثة للبيئة وخاصة صناعة الاسمنت والسيراميك والسماد أدت إلى إصابة الملايين من أطفال مصر وحدها، حيث تسببت في انتشار أمراض صدرية مثل الربو والحساسية وغيرها من أمراض الجهاز التنفسي. لماذا صناعة الاسمنت في بلادنا قد تكون البحرين إحدى مناطق الجذب المهمة للصناعات القذرة، حيث انعدام قوانين التأمين الصحي الشامل على المواطنين كذلك لا يوجد قانون للضمان الصحي بالمعنى المتعارف عليه بعد أن أقر النواب قانونا للمساعدات الاجتماعية تحت مسمى (قانون الضمان الاجتماعي) وغياب الرقابة البيئية المستمرة، ولا توجد في بلادنا محكمة بيئية نظرا إلى غياب المعايير البيئية، ومن نتائجها التدمير البيئي المستمر، وخير مثال خليج توبلي واختفاء السواحل والمساحات الزراعية وتحويل البحر إلى مستوطنات غريبة عن الحياة الاجتماعية للمواطن البحريني. رؤية علمية لمخاطر صناعة الاسمنت إن الدراسات والبحوث التي أجريت على صناعة الاسمنت تؤكد جمعيها ومنها دراسة للدكتور أشرف حسن أستاذ طب الأطفال بجمهورية مصر العربية أن مصانع الاسمنت يمتد أثرها إلى المناطق المحيطة بالمصنع، حيث نجد أن الهواء في تلك المناطق يحمل جزئيات سامة تنبعث على هيئة أغبرة تتصاعد من مداخن تلك المصانع فالهواء في تلك المناطق يحمل جسيمات الاسمنت ويرسبها على أوراق الشجر، فيسد الثغور ويعوق عملية التبادل الغازي، فتتكون طبقة ناعمة مما يؤدي إلى تساقط الأوراق وجفاف النباتات، كما يؤثر على العمال والسكان المحيطين بالمنطقة الذين يتعرضون لاستنشاق الهواء الملوث بجسيمات الاسمنت لفترة طويلة، مما يؤدي إلى إصابتهم بمرض التحجر الرئوي المعروف باسم (السليكوز) ويزداد التأثر به عند الأطفال بالإضافة إلى هذا تتزايد الإصابة بأمراض العيون نتيجة لقيام تلك المصانع بإلقاء المخلفات الناتجة عن صناعة الاسمنت وخاصة (الباي باص)، أتربة الممرات الجانبية للأفران، التي تعتبر من المواد عالية القلوية، والاسمنت يعد من أكثر الصناعات التي ينتج عنها الأغبرة الدقيقة التي تؤدي إلى أمراض صدرية عديدة، قد تصل إلى السرطان، فضلا عن حرق الوقود المستخدم في هذه الصناعة وخاصة المازوت (الديزل) وما ينتج عنه من ثاني اكسيد الكبريت، فتكون النتيجة اننا ندفع الثمن من صحتنا عندما نساهم في زيادة حدة التلوث، والأخطر من ذلك عندما تستخدم تلك المصانع بعض المخلفات القابلة للحرق بديلا للوقود بهدف زيادة أرباحها من دون أي اعتبار لكوارثها البيئية والصحية الخطيرة. الصناعات القذرة ليست من أجل تنمية بلادنا إن قوة الرأي العام في الدول المتقدمة أصبحت قادرة على فرض السياسات البيئية والتأثير على القرارات السياسية والاقتصادية المتعلقة بطبيعة الصناعات التي يمكن قبولها أو رفضها، لذا أصبحت الرأسمالية في تلك الدول تواجه ضغطا ورفضا عاما للصناعات القذرة التي تهدد صحة الإنسان وتسبب كوارث بيئية حتى لو كانت تدر مليارات الدولارات لاقتصادياتها، والرأي العام في البلدان المتقدمة يتشكل بفعل قوة المؤسسات السياسية والمدنية والنقابات العمالية القادرة على فرض شروطها على سياسات الدولة في مجال الصناعات القذرة أو الملوثة للبيئة أو لصحة الإنسان، ومنها فرض درجة عالية من الضمانات الصحية، إضافة إلى أجور عالية قياسا بالصناعات الأخرى مع الالتزام الكامل بشروط القوانين والمعاييرالبيئية، إضافة إلى الضرائب الكبيرة وغيرها من الأسباب التي جعلت أصحاب رؤوس الأموال في هذه البلدان يلجأون إلى البحث عن أماكن أخرى من العالم تنعدم فيها القوانين والمعايير الدينية، ولا أهمية لصحة الإنسان وخاصة تلك البلدان التي تنعدم فيها الحماية الصحية والبيئية لمواطنيها، والتي تسمح بالاستغلال الرأسمالي من دون قيود أو ضرائب، ويعبر عنها قبول مواطني تلك الدول العمل بأجور منخفضة، وعادة تفضل هذه الشركات البلدان التي لا توجد فيها نقابات عمالية أو أحزاب أو جمعيات ومؤسسات مثل برلمانات ومجالس بلدية فاعلة وقوية وقادرة أن ترفض تلك الصناعات القذرة الملوثة للبيئة، أضف إلى ذلك أن مفاهيم التنمية في هذه البلدان النامية لم تراع أن تكون إنسانية وان تكون تنمية مستدامة ومادام الإنسان ليس هدف التنمية وليس وسيلتها فإن رعايته الصحية لا قيمة لها لأن هذا الإنسان لا قيمة له اطلاقا في تلك البلدان، وهي ظواهر ومعطيات تشكل إغراء لجذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في المجالات التي تلاقي صعوبات في بلدانها، لذا نلاحظ معظم هذه الاستثمارات تتجه إلى الصناعات القذرة أو الاستثمارات الخدمية والعقارية السريعة الربحية في البلدان النامية وعند هذه الحدود علينا أن نحصد التلوث البيئي والصحي، وهي تحصد الملايين من الأرباح على حساب التدمير البيئي والصحي للمواطنين. ردود الفعل العالمية نحو الصناعات القذرة يتفق جميع الخبراء البيئيين أن صناعة الاسمنت تشكل أحد أسباب التلوث البيئي لأنها تسهم بأنشطتها في تلوث الهواء وتعرف مصانع الاسمنت بالصناعات القذرة التي تؤدي إلى أمراض خطيرة بالعاملين والمحيطين بتلك المصانع، فصناعات الاسمنت والسيراميك والاسمدة والحديد والصلب التي تفرض عليها قيودا وشروطا صحية وبيئية كبيرة، لسبب أن هذه الصناعات ينتج عنها الكثير من الأمراض، ونظرا إلى التلوث البيئي والصحي الذي ينتج عن هذه الصناعات، فقد تراجعت الدول المتقدمة ونظرا إلى التلوث البيئي والصحي الذي ينتج عن هذه الصناعات، فقد تراجعت الدول المتقدمة عنها وقامت بتصدير مصانعها القديمة للدول النامية، فدخلت الاستثمارات الغربية واليابانية وغيرها بمليارات الدولارات، ولكن المستثمرين في هذه الصناعات واجهوا انتقادات ومعارضة شديدة في معظم دول العالم، ورفضا قاطعا بفعل قوانين حماية البيئة والصحة العامة، فضلا عن جمعيات وأحزاب البيئة، التي نجحت في غلق هذه الصناعات منذ سنوات طويلة في تلك البلدان الصناعية المتقدمة، الأمر الذي دفع بالمستثمرين في هذه الصناعات إلى البحث عن أماكن أخرى من العالم لا يراعى فيها الاهتمام بالمعايير البيئية أو أية أهمية لصحة الإنسان، ولا شك أن الدول النامية هي المكان المفضل، وللأسف كانت البحرين إحدى أماكن جذب هذه الاستثمارات، ومكانا آمنا لهؤلاء المستثمرين لإقامة مشاريعهم ونقل مصانعهم إليها، من دون قيود أو معارضة أو ضمانات صحية فبراحة شديدة يجنون أرباحا خيالية على حساب العمالة الرخيصة وصحة المواطنين وتدميرالبيئة نتيجة للقوانين الرخوة لحماية الصحة العامة والبيئة. إن خطورة مصانع الاسمنت أجبرت الدول الأوروبية على التوقف عن إنتاجه واتجهت إلى الدول النامية، التي أصبحت بعد أن تحولت إلى سوق للصناعات القذرة ومنها صناعة الاسمنت والاسمدة وغيرها من الصناعات الملوثة، للبيئة وصحة الإنسان. وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد وإدارة الأعمال بجمهورية مصر العربية: «في ظل العولمة تغيرت أساليب التخصص الدولي، فبعد أن كانت الدول النامية مثل مصر والأردن والسودان والكثير من الدول الآسيوية والإفريقية ودول أمريكا اللاتينية تتخصص في إنتاج وتصدير المواد الأولية والمواد الخام، بينما تتخصص الدول المتقدمة في المنتجات الصناعية، أصبحت الدول المتقدمة تتخصص الآن في تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد المعرفي والخدمات المتقدمة ولم تعد بحاجة إلى الصناعات القذرة مثل النسيج والسيراميك والاسمنت والصناعات الكيماوية الملوثة للبيئة. مخاطر أخرى تنجم عن الصناعات القذرة «الاسمنت«: تعتبر الصناعات القذرة ومنها صناعة الاسمنت من أخطر الصناعات الملوثة للبيئة والأكثر تأثيرا على صحة الإنسان والحيوان والنبات، وتدخل صناعة الاسمنت ضمن قائمة الصناعات القذرة والملوثة للبيئة وخاصة الهواء سواء داخل بيئة العمل أو البيئة المحيطة لما يسببه من انتشار الغبار والأبخرة الغازية في الجو بدءا من المقالع إلى أقسام التعبئة، ويعتبر الغبار والأتربة المنبعثة من مداخن معامل الاسمنت المشكلة البيئية الأخطر في هذه الصناعة، حيث انبعاثات الغبار الأصفر، واكاسيد الازوت واكاسيد المبريت، وأول اوكسيد الكربون والمركبات الهيدروكربونية، والديوكسين والفوراتز، وثاني اوكسيد الكربون، وغيرها من الملوثات الصلبة والسائلة والتي ينتج عنها التلوث البيئي الأكثر خطورة. وفي هذا الصدد يقول الدكتور عصام الحناوي خبير البيئة بالأمم المتحدة: هناك اتجاه بدأ منذ وقت طويل في الدول المتقدمة بعد التشدد في قوانين البيئة وخاصة البلدان الأوروبية، لنقل جميع الصناعات الملوثة للبيئة إلى الدول النامية، ووجدت الحل في الدول النامية التي قبلت بالاستثمار في هذه الصناعات، وأوجدت المناخات المناسبة لها مثل الاستفادة من انخفاض سعر الطاقة، والمواد الخام الأخرى والأهم من كل ذلك أن المعايير البيئية ليست متشددة، والقوانين ليست حازمة، بالإضافة إلى رخص الأيدي العاملة عن مثيلاتها في الدول الأوروبية. نماذج من المدن العربية الملوثة بسبب مصانع الاسمنت: مدينة حلوان المصرية مدينة حلوان إحدى المدن المصرية التي عرفت بالمصحة الطبيعية، وكانت منطقة هامة للاستشفاء لبيئتها النظيفة، وقد تحولت إلى مدينة منكوبة بعد السماح بقيام صناعات الاسمنت فيها، وتحولت من مصحة طبيعية إلى أكبر مدينة ملوثة في العالم، حيث زاد معدل التلوث فيها على الحد المسموح به دوليا، ويشير تقرير البنك الدولي للوضع الصحي والبيئي المتدهور في هذه المدينة إلى أن خسائر مصر بسبب التلوث الصناعي فقط وصلت إلى 20 مليار دولار سنويا، إن هذه الخسائر تتحملها ميزانية الدولة على حساب الشعب والاقتصاد الوطني المنهك، من دون أن تتأثر تلك الصناعات القذرة. مدينة طرطوس السورية ذكرت صحيفة تشرين السورية الصادرة يوم الأحد 15/7/2007 «صناعة الاسمنت من الصناعات التي تنجم عنها اغبرة كثيرة تؤدي إلى تلوث الهواء وتدني نوعيته مع ما يترتب على ذلك من ازدياد في إصابات الجهاز التنفسي، إصابات في العينين، كما أن الغبار يؤدي إلى انخفاض في نمو الأشجار وكمية الأوراق ووزنها ومساحتها، كما يؤدي إلى موت أجزاء منها، إضافة إلى تدني الإنتاجية للنبات والتربة، ويؤدي التلوث بالعوائق إلى أمراض خطيرة في الجهاز التنفسي مثل أمراض الربو والسعال والانتفاخ الرئوي وتصلب الرئة وقصور في وظيفة الرئتين والقلب، وتتوقف التأثيرات البيئية والصحية للعوائق على حجمها، ويتم استجرار المواد الأولية اللازمة لصناعة الاسمنت في معمل طرطوس من المقالع القريبة من المعمل، حيث يتم استخراج المواد من هذه المقالع بوساطة المتفجرات، وتقدر تراكيز الغبار المنطلقة عبر مداخن المعمل بحوالي (5000 - 10000) مليغ م3، ومثل هذه التراكيز تتجاوز المعايير الوطنية والدولية المسموح بها بمقدار (50-100) إضافة إلى الغبار الناتج عن مداخن تلك الأفران وطحن المواد الأولية، وهناك العديد من مصادر الانبعاث العابرة والممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى إطلاق الغبار في بيئة المعمل والبيئة المحيطة، وبمقارنة التراكيز التي تم قياسها في مواقع بيئة العمل في بعض أقسام المعمل مع الحدود القياسية المسموح بها في بيئة العمل والمعتمدة من المنظمات الدولية أن نجد جميع المواقع التي تم القياس فيها ضمن بيئة العمل كانت أعلى من الحدود القياسية المسموح بها بمقدار يتراوح بين 2.3 وحتى 35 ضعفا. الأخطار الناجمة عن صناعة الاسمنت دراسة لمنظمة الصحة العالمية بالتعاون مع دائرة البيئة في وزارة الصحة السورية: قامت منظمة الصحة العالمية (المكتب الإقليمي للشرق الأوسط) بالتعاون مع وزارة الصحة دائرة صحة البيئة السورية بدراسة ميدانية الهدف منها معرفة نسبة انتشار واحد أو أكثر من الأمراض التنفسية المزمنة بين العاملين في معمل الاسمنت والقاطنين في محيطه، ضمن دائرة نصف قطرها (9كم) والقاطنون في مناطق تبعد (15) كم، وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن (49%) من جميع العاملين في مصنع الاسمنت مصابون بالسعال، منهم 30% بشكل مستمر.. أما نسبة المفرزين للقشع، فحوالي (49%) من مجموع العاملين، والذين يشعرون بضيق تنفس وصل إلى (55%) والذين صرحوا بوجود ربو قصبي وصل إلى (4%) والذين يعانون من نوبات شبيهة بالربو (11%) أما المصابون بالسعال التحسسي وصل إلى (54%) كما بينت النتائج أن النسبة العامة للإصابة بمرض تنفسي مزمن كانت (71%) وتفاصيل الإصابات هي التهاب قصبات مزمن (52%) والتهاب الرئة (83%) ونفاخ الرئة (4.4%) وربو قصبي (6%) أما نسب الإصابة بالتهاب القصبات المزمن فكانت من أعلى النسب في معمل الاسمنت، تراوحت بين (48-58%) في 8 أقسام من أصل 10 أقسام بالمعمل، أما بالنسبة إلى الفروق بين الإناث والذكور فالإصابة بالتهاب القصبات المزمن في الفئة العمرية (41-50) سنة (50-57%) بينما في العمر الأصغر (31-40) كما تبين أن حالات الربو القصبي نسبتها أعلى عند بدء العمل في عمر أصغر، حيث وصلت إلى (20%) عند بدء العمل دون 20 سنة والتهاب القصبات المزمن نسبته مرتفعة، كذلك نفاخ الرئة، وتبين أيضا أن (40%) من المصابين بتحسس في الجهاز التنفسي سابقا تحولت لديهم الحالة إلى التهاب قصبات مزمن و(20%) منهم أصيب بالربو القصبي. التأثيرات الصحية لأغبرة الاسمنت في المحيط السكني: في إطار دراسة التأثيرات الصحية والتنفسية المزمنة على القاطنين بمحيط المصنع ضمن تجمعات سكنية تبعد (15/كم) عن المعمل، ويفترض أنها لا تتعرض نهائيا لأغبرة المعمل، وكانت النتيجة أن (24) تجمعا سكنيا تتعرض لأغبرة معمل الاسمنت في أوقات وفترات زمنية متفاوتة ومتغايرة، ويتعرض (16) تجمعا سكنيا لأغبرة الاسمنت حوالي 4 شهور في السنة و5 تجمعات تتعرض معظم أيام السنة أي بين 5-9 أشهر، و3 تجمعات سكانية تتعرض للأغبرة طوال العام، وقد بينت نتائج هذه الدراسة أن (17%) من العينة تعاني الربو القصبي و(28%) التهاب القصبات المزمن و(1%) التهاب القصبات المزمن الحاد و(1%) من نفاخ الرئة، وهؤلاء يتعرضون لأغبرة الاسمنت و(20%) نسبة انتشار التهاب القصبات المزمن وهناك (37%) من العينة يعانون السعال التحسسي من أغبرة الاسمنت، أما (5%) المتبقية فتعاني السعال التحسسي الدائم، وكان الربو القصبي عند النساء (25%) وعند الذكور (10%) أما التهاب القصبات المزمن عند النساء فكان (15%) و(40%) عند الذكور، وقد دلت نتائج الدراسة أن قياسات الغبار تشير إلى أن تراكيز الغبار في بعض المناطق المجاورة والمحيطة بالمعمل كانت أعلى بحوالي 7 أضعاف التركيز اليومي المسموح به وفق المواصفات السورية لجودة الهواء، كما بينت النتائج أن تراكيز الغبار في بعض أقسام المعمل أثناء التشغيل أعلى بحوالي (41) مرة من التركيز المسموح به في بيئة العمل لذلك اقترحت الدراسة ضرورة وجودة مواقع ثابتة لقياس تراكيز الغبار في هواء المناطق المحيطة بالمعمل ضمن برنامج دائم للقياس والمراقبة، والعمل على الحد والتقليل من انبعاثات الغبار، وتزويد العاملين بأجهزة الوقاية الفردية وتطوير آلات المعمل بما يضمن الحد من انبعاثات الأغبرة وغيرها
|