المنتدى :
سلاسل روايات مصرية للجيب
تصورات من عالم الخيال العلمي ..
تصورات من عالم الخيال العلمي
بسم الله الرحمن الرحيم .
يوجد الكثير والكثير من الأفكار والتصورات والمفاهيم والنظريات والفرضيات
والآراء والحوداث والقصص والأسرار والبواطن والأمور العجيبة والغريبة الغير
مألوفة في عالم الخيال العلمي ! ، والملاحظ لما يصدر في عالم الأدب القصصي
العلمي الخيالي يتعجب في قرارة نفسه من كثرتها وتنوعها الكبير ! ،
ويتساءل في قرارة نفسه كذلك :
" أين فكر العالـَم من هذا العالم القصصي الغريب ؟! " .
وكم أتذكر من سنين مضت أني كنت لا أهضم المواد الأدبية كثيراً ، في المدرسة
وخارجها – برغم حبي للقراءة والكتابة – ! ، وفي نفس الوقت كنت أميل كثيراً
للمواضيع والمقالات العلمية المختلفة – حتى التي تفوق مستواي الدراسي –
ولكن كنت مولعاً بقراءة القصص أيـَّــاً كانت ، وتدريجياً سقطت في يدي قصص
من نوع عجيب ومشوق ، لاحظت بعدها أنها تشير بخفاء إلى أمور علمية ، ولكنها
فوق المعتاد ، وتدريجياً بلا شعور – وربما عن قصد – أدمنت على قراءتها في اي
وقت محلقاً مع أحداثها ومتغيراتها إلى عالم عجيب فريد أشعرني بشئ ما في
كياني ؛ وبمعنى أمور لا أفهمها في العالم الواقعي ! .
ولم أدرِ كم مضى بي من الوقت حتى أحببت الأدب رغماً عني ، ذلك بسبب وجود
" إزدواج " علمي وأدبي في قصص الخيال العلمي ! .
كم هو بارع أسلوب الأديب وهو يدخل في فكرك شيئاً علمياً غامضاً لامفهوماً
طوعاً وإختياراً منك ! ؛ بعد جولة قصيرة أو طويلة من الأحداث الهادئة والصاخبة
الخيالية القصصية ! .
كم هو عجيب ذلك الأسلوب المربك أو المعقد الذي تصل إليه الأمور في أحداث هذه
القصص في نتائجها ؛ بوضع يجعلك كثير الحذر لدى قراءتك الصفحات الأولى
لقصص أخرى مثلها ! .
كم هو رائع ذلك الخيال البعيد المغناطيسي الذي يختفي بإشعاعه المعنوي المبهم
بين سطور قصص الخيال العلمي وأحداثها ! ..
وكثيراً ماتجد نفسك أثناء وبعد قراءتك لإحدى هذه القصص العجيبة تتساءل عن
إمكانية وجدوى تلك الأمور الفوق الطبيعية ! ، ولكن لايمكن التكهّن إلى أي مدى
يمكن أن يصل إليه علم البشر ! .
أحداث القرون الماضية علــّمت البشر أن هنالك مايُرى كأنه سحر أو مستحيل
أو صعب جداً – على أقل تقدير – ثم يدور الزمن دورته عبر السنين أو العقود
ليجعل من ذلك الشيء المرفوض فكرياً حقيقة علمية حاضرة أمام العيون
والعقول ! ، إذن هو التطور العلمي البشري عبر العصور الذي لايمكن تحديداً
قياس درجاته الصاعدة ! .
ودائماً ترى في مثل هذه القصص شيئاً يكسر الحواجز العادية والنمطية ؛ ثم يقفز
بك عبرها إلى عوالم غريبة مجهولة أو أسطورية – وربما شيطانية – ويريك فيها
أنواعاً وألواناً من الأحداث التي يختلط فيها الرعب مع الإثارة والغموض والذكاء
والمفاجاءات والمقطوعات الدرامية والتحدي ! ، في خليط عجيب وصفه غريب ! .
ورغم وجود " تشابه " في " مواد و مواضيع " الخيال العلمي المقروء والمرئي
المسموع بين " الكـُتـَّاب والأدباء والمؤلفين والمخرجين " ؛ إلا أن تعدد واختلاف
أساليبهم الروائية والإخراجية يجعل القارئ لها أو الرائي يُحس كأنها جديدة لم
يرها قبلاًً – مع أنه قد عَلِمَ عنها قبل ذلك شيئاً – وذلك بسبب نوع خاص من الفهم
بين هذا وذاك ! ، ويبدو كثيراً أن أهدافهم " تتوحَّد " في دائرة واسعة كبيرة في
النهاية ولكن من إتجاهات مختلفة وبوضع متجدد ! .
ونركز في هذا الموضوع عن الخيال العلمي عن " أمور معنوية " ترتكز عليها
قصصه الأدبية والمرئية ، اهمها :
1 – الزمن :
منذ أن أطلق العالم الألماني المنشإ ( ألبرت انيشتاين ) – المهاجر فيما بعد إلى
أمريكا – نظريته النسبية ؛ التي توغلت بشكل غير مسبوق في عالم المكان
والزمان ؛ والضوء والسرعة ؛ وهي تسيح في الأرض شرقاً وغرباً ، وتعربد
في عقول علماء الفيزياء والكونيات ، وتمتحن ذكاء ومواهب وخيال أكثر العلماء
الذين يؤيدون الجديد والغير عادي في مسيرة العلم ! .
الكثير منهم – وإلى الآن – حاول وشرح بمحاولات متواضعة وجادة ومكثفة
لتفسير " البعد الرابع " الزمني من منظور النظرية النسبية ! ، ولكن يبدو أن
( أنيشتاين ) فهم " شيئاً " بواسطتها عن الزمن وقوانينه النسبية لم يفهموه تماماً
علماء عصره وعصرنا ، شيئاً غامضاً علمياً ثورياً عرفه منذ بدايات القرن
العشرين يتعلق بـ " لـُبِّ " أحد القوانين المجهولة للزمن ، ليس الزمن في أرضنا
وحدها ، بل بالمقياس الزمني عموماًً في أي مكان في الكون ! .
وكم هو مثير وعجيب أن يسافر أحد شخصين في الفضاء ويكون الآخر في عالمنا
الأرضي :
( الأول ) – يسافر بسرعة الضوء ( وهي سرعة هائلة جداً تبلغ ثلث مليون
كيلومتر في الثانية ، أي أكثر قليلاً من 1 تريليون كيلومتر في السنة الأرضية ) ،
التي لم تصل إليها سرعة آلة إلى الآن من صنع البشر ! .
( والثاني ) – كما هو معتاد أن يكون هنا ،
ثم تدور الأرض مثلاً 20 دورة شمسية ( سنوات ) ؛ بعدها يعود الشخص الأول
ولم تمر على جسده أو ملامحه مكث تلك السنوات ! ، بينما الثاني يكون قد طرأت
عليه " آثار الزمن " في تلك السنوات العشرين ! ؛ مع العلم أنه قبل سفر الأول
كان عمرهما واحداً ! ، أليس هذا عجيباً ؟! .
في المثال المذكور نرى كأن الزمن إختفى أو تقلص مع الشخص الأول ؛ وظهر
وأثــَّر في الشخص الثاني ، مع ملاحظة وجود " إختلاف في المكان " لهما ؛
وكذلك " السرعة " التي تتعلق بمكانيهما ( موقعهما ) ! .
بعد هذا المثال " البسيط " من عالم النسبية ستجد فكرك إنطلق إلى محاولة
تفسير أو تبرير هذه النظرية ، ولكن أنت تفسر شيئاً لم يُجرَّب على أرض
الواقع ؛ إلا أن هذا الشيء رغم " فرضيته " تــُحِس أن وراءه شيئاً أو سراً كبيراً
( قانون معين ) ولكنك لاتستطيع التعبير الواضح عنه حتى يفهمك غيرك ! ،
وإذا حاولت نفيه من المعقولية الفكرية المنهجية ترى كأن في الأمر قانون أو لغز
أو أحجية علمية لم يأت وقت حلــِّها بعد ! ، لذلك فإن ألغاز الزمن وأحاجيه
" مادة خصبة وثرية " في قصص الخيال العلمي ! .
وما أكثر " آلات الزمن " في هذه القصص ، التي بمقدورها أن تعبر بك زمنياً
– زمكانياً بالأصح – إلى الأمام أو الخلف في شيء تصوري يشبه النهر ؛
كمسمى ( نهر الزمن ) ! ، وفجأة يجد الراكب لهذه الآلة العجيبة أنه في
زمان آخر ، قد يبعد عنه لمئات أو آلاف القرون ! ، هذا من ناحية " الزمان " .
أما من ناحية " المكان " فلا تقلق ! ، فستجد نفسك في أحد المجرات والكواكب التي
تبعد عنا آلاف أوملايين السنين الضوئية ! ، وأختر وأنت في آلة الزمن أي مكان تريد
أن تكون في الكون !! ، وبعد كل هذا بالطبع لاتسأل عن مصير الآلة والوافد ! .
ستواجه الكثير في هذه القصص من المواقف الزمنية عن شخص أتانا فجأة من
المستقبل أو الماضي ! ، أو شخص – وربما مجموعة أشخاص – ذهبوا إلى المستقبل
أو عادوا إلى الماضي بوسيلة من الوسائل ! ، ومن تلك الوسائل مثلاً لا حصراً :
(/) آلة الزمن .
(//) الفجوات .
(///) مخلوقات فضائية أو غير بشرية .
ومازال الزمن بأسراره وقوانينه يدغدغ بمفهومه " البَيـِّن الخفي " البسيط والمعقد
عقول بعض العلماء والأدباء ويضيف إلى قصص الخيال العلمي بعداً غامضاً وجاذباً
في وقت واحد ! .
( والتصور الزمني غير العادي المذكور ) يحتاج إلى :
خيال قوي ، وتركيز فكري ، ووصف تعبيري خاص ، يجعله مفهوماًَ
– أو شبه مفهوم على الأقل – لدى عقول القراء أو المشاهدين بخصوص ما يتعلق به
في هذا العالم العجيب !! .
ومن أنواع هذه التصورات الزمنية في قصص الخيال العلمي :
( مفهوم الفجوة الزمنية ) :
التي يعبر خلالها المسافر الزمني إلى زمن آخر قبل زمنه أو بعده وهذه الفجوة تكون
في " مكان ما " في عالمه وزمنه ؛ وتكون في نفس المكان أو مكان آخر في العالم
الذي وصل إليه زمنيا أو زمكانياً ! ، وشكلها التخيلي غالباً يكون كدائرة مضيئة ،
أو لامعة ، أو شعاعية ، أو رعدية متشكلة ، وأحياناً تتكون من كتلة شعاعية ولزجة
من مادة أو مواد غامضة ! .
كل هذا طبعاً بعد وصفات وألعاب معقدة ومتشابكة حسابية وحاسوبية ورياضية
لتحديد الإحداثيات المطلوبة : س وَ ص وَ ع وَ وأخواتها هذا بالإضافة إلى بقية
الشخصيات والدوَّال الرياضية غير الطبيعية التي يخاف منها أكثر طلبة المدارس !! .
وهنالك تصور آخر زمني عنها هو :
( مفهوم الأضواء المختلطة السريعة جداً ) :
التي تمر بشكل خاطف أمام ناظر المسافر الزمني ! ، على أساس أنها تشكل
خيالياً أحداث زمنية كثيرة جداً تمر بلمح البصر كشريط سينمائي أمام وخلف
زمنه ! – طبعاً لن تنجو هي الأخرى من حصار وفخ شبكة المعادلات الرياضية
البشرية المترصدة لكل شيء فيه مقدار وعدد وكمية ونِسَب –
وهذه التصورات الزمنية الغريبة وغيرها تفترض " عبوراً " بين الأبعاد
المكانية والزمنية ، على معنى وجود أبعاد " وسيطة " بكيفية مجهولة
في المحيط المكاني والزماني تصل بينها بقانون سري غير معلوم ! ..
2 – الحضارات الأخرى :
منذ قديم الزمان سادت حضارات هنا وهناك على ظهر الأرض – خصوصاً
في قارات العالم القديم الثلاثة – حيث طغى التمدّن والتحضر لفئة من البشر
على البداوة وحياة الصحراء ، فأقامت هذه الفئات تجمعات مدنية عمرانية
في مساحات من الأرض على شكل دول أوأقاليم أو إمارات ، ومن تطورها
النسبي بين دول حولها برزت حضارتها أكثر من غيرها على أساسيات
تعتمد على التفوق الكلي أو الجزئي .
ومن أمثال هذه الحضارات ؛ الحضارات :
الرومانية ، الفارسية ، الفرعونية ، الأشورية ، البابلية ، الكنعانية ، اليونانية ،
البيزنطية ، الإسلامية : ( الأموية ، العباسية ، العثمانية ) ، وغيرها .
هذه الحضارات البشرية القديمة أثــَّرت في مجمل أوضاع البشر في الأرض
عبر السنين في أزمانها ، وامتدت جذور بعضها حتى وقت حاضرنا المعاصر ؛
ولا عجب إن قرأت شيئاً عنها في قصص ٍللخيال العلمي ، وذلك يكون على
الأغلب – كما يظهر في سياق القصة – بواسطة " إنتقال زمني " مقصود أو
غير مقصود من ذلك الزمن أو إليه بوسيلة زمنية ما يحصل لعناصرها ! .
ما ذكر من الحضارات هي حضارات حقيقية ، ولكن ماذا عن حضارات أخرى
" مجهولة " عاشت على ظهر هذه الأرض ؟ ، هنا خاض الخيال العلمي أكثر
وأعمق ؛ وتصوَّر مثلاً وجود قارة مفقودة بين المحيط الأطلسي الشمالي وقارة
أفريقيا ؛ سميت ( أتلانتس ) – لاحظ تشابه إسمها وإسم محيطها – على معنى
أن حضارتها فاقت جميع حضارات الأرض في شتى النواحي العلمية
والتقنية آنذاك - وربما حتى الآن - حتى قيل أن أصلها من عالم كوكبي آخر ! .
وطبعاً لايقتصر الحال على " أتلانتس " وحدها في هذه القصص المشوقة ؛
بل يوجد المزيد من الحضارات في أرض عالمنا مطمورة تحتها أو مغمورة
بمائها وبحارها ! ، وأيضاً يوجد المزيد والمزيد هناك في كواكب فضاء السماء
في مجرات بعيدة جداً عن كوكبنا أو مجرتنا من هذه الحضارات العاقلة المتطورة
أو البالغة التطور ( طبعاً ) ، وفي هذه القصص تشعر بشيء ما مبهم عن معنى
وجود " مخلوقات " أذكى منك بمراحل – تساؤلاً ! – ، وإلى هنا فقد وصل
الخيال العلمي أقصى درجاته ؛ وكأنه كلما توغل في مجاهل الكون زاد
في مداه وغرابته !! .
وأحياناً تشعر أن في الإنسان شيء يريد ولايريد معرفة شيء عن مخلوقات
أخرى حوله أو بعيدة عنه ؛ وأنت تقرأ أو تتأمل هذه القصص العلمية الخيالية ! ،
فتارة يُرجّـِح عقله وجودها ، وتارة تتأرجح نفسه وتتذبذب ليعود وينكرها عقله ! ،
وهكذا حتى يصل إلى قرار باطني بشأنها ! .
والتصور العلمي الخيالي عن حضارات بشرية وغير بشرية ، معلومة أو مجهولة ،
هنا في الأرض أو هناك في الكون ؛ يضع المهتمين من المفكرين والباحثين أمام
تلميح قوي وإشارة واضحة إلى وجود غيرنا من العوالم ! ، ويدلهم بشيء من
الغرابة إلى أن العنصر البشري مازال قاصراً عن فهم " شيء ما " من الكون ؛
شيء ربما غير مصير تطور كوكبه إن عرفه واستفاد منه كما يجب ! .
ونرى أن هذه التصورات الحضارية التخيلية تقود المفكر أو المتأمل عنها إلى عالم
أوسع وأرحب من العالم الواقعي الحالي ! ، ثم تثير فيه شيئاً كامناً خيالياً يحلق به
إلى البعيد والبعيد ! ؛ ربما فهم عالمه من زاوية تصورية من عوالم أخرى ! .
3 – المخلوقات الأخرى :
خلق الخالق تعالى ما شاء من خلق في وجوده الخلقي ، وهذه الخلائق كثيرة جداً
ومتعددة ، وإن كان أكثرها – كما يعرف أكثر البشر – مخلوقات جمادية مادية .
ولكن لإيمان أكثر البشر بوجود مخلوقات خفية تعيش معهم في الكيان الكوكبي
الأرضي تـُعرف بـ " الجنّ " بمسمى عام ؛ تجد في أكثر قصص الخيال العلمي
إيحاء لوجود مخلوقات غير الجن في العالم الأرضي ، مخلوقات من عوالم
أو أبعاد أخرى مجهولة عند البشر ! ، ولعل بعص المشاهدات الحقيقية الموثقة
التي رؤيت في بعض دول العالم الأرضي عن أجسام طائرة أو أطباق فضائية
مجهولة الهوية وغريبة الشكل والتصميم هي أحد " الشرارات الفكرية " التي
تدفع أدباء الخيال الأدبي إلى إنتاج غير محدود لقصص وروايات فيها هذا
العنصر الروائي العجيب !! .
وكم هي كثيرة ومتنوعة هي هذه المخلوقات الغريبة ! ؛ التي تـُتـَصَوَّرُ بشتى
الهيئات والأشكال والأوضاع الشاذة والعجيبة ! ، ففي بعضها نوع من الرعب
والشذوذ الشكلي عن هيئات البشر ، ومنها نوع فيه تشابه قريب من الصور
البشرية ، وبعضها له نوع شيطاني مخيف في صورته ، في حين تجد نوعاً
آخر منها له صورة أثيرية أو سحابية أو دخانية يمكن أن تتشكل هي الأخرى
بصور أخرى ! ، وفي بعضها كذلك بعض اللمحات الكوميدية المقصودة في
كل أو بعض أعضاء المخلوق ( قرونه ، عينه أو أعـيُنه ، بشرته ، رجله ، يده ،
لسانه ، أنفه ) هذا على سبيل المثال ! .
وما يزيد الأمر تعقيداً وإثارة في فكر القارئ أو المشاهد لما يتعلق بهذه المخلوقات ؛
هي أنها رغم هيئاتها المخيفة أو البشعة – بالنسبة لنا أو كما تظهر لنا – يجد أن لها
" عقلاً " تفكر به كالإنسان ، وقد يكون " مستوى " هذا العقل لها يفوق مستوى
عقل الإنسان أو يماثله أو دونه ؛ مع ملاحظة أن أكثرها في روايات الأدب
الخيالي لها طابع فكري عدواني أو وحشي سادي في أكثر الحالات ! ، ما يجعلك
تتصور أحياناً أن كل مخلوق غير بشري يعادي البشر ! ؛ وذلك طبعاً حسب نوع
وإتجاه القصة وتكتيك أحداثها المثيرة الغامضة ! .
وأحياناً تجد في حيثيات القصة أن منها مايصادق البشر ويعاون الإنسان بخصوص
مواجهة مخلوقات أخرى شريرة أو بخصوص أمر آخر ! .
والمصدر البديهي لهذه المخلوقات في هذه القصص – غالباً – هو من الفضاء
الكوني ، من أحد المجرات أو الكواكب القريبة من مجرتنا أو من مجرة أخرى ! ،
وإذا كانت من العالم الأرضي البشري فستجد في آخر الأمر أن لها أصلاً كونياً
وليس أرضياً ! .
نرى في تفاصيل هذه القصص أن هذه المخلوقات تجيد " الإختباء " في عالمنا
الأرضي ، في اليابسة ، أو البحار ، وقد تــُكـْتـَشـَف أو تكشِف نفسها بسبب حدوث
أمور غامضة ترتبط بها أو تتسبب فيها ، وإذا حصل ذلك تحدث تلك المواجهات
والمغامرات الروائية التي لاتستطيع التكهن تماماً عن نتيجتها وآثارها ! ،
فقط ترى شريط أحداثها مموّج مختلط ببراعة روائية ، وحذق أدبي ، وترتيب خيالي ؛
يعطي القصة بعداً غامضاً مشوقاً ! .
" وأسباب " وجود مثل هذه المخلوقات الخيالية في عالم البشر – حسب فكر ورأي
الروائي في قصته – هو أن منها ما كان موجوداً في الأرض منذ آلاف السنين – او
أو ملايينها – خـُلِـقَ فيها أو أتى من مكان ما من الكون إلى الأرض ! ،
أو أن منها ما أتى لغرض كبير مخيف هو غزو العالم الأرضي
( بكل ما له وعليه ! ) ،
أو أتى لغرض علمي أو إختباري بحت ! ،
وغير ذلك من أسباب منطقية خيالية تحتاج لتصور قوي بارع من فكر خيالي خلاق
عن سبب وجودها في عالمنا الأرضي ! .
وتـَصَوُّر أمور تخص هذه المخلوقات الخيالية – إن كانت في الأرض أو الكون –
في قصص علمية أو خيالية يحتاج إلى إستحضار ذهني غير عادي عن كيفيات
غريبة وأحوال عجيبة يمكن أن تتعلق بها روائياً !! ..
4 – القدرات الباراسيكلوجية :
" الباراسيكلوجيا " أحد العلوم الحديثة التي ظهرت في أوائل القرن
العشرين – ولكن أساسياته ومبادئه تعود الى عصور موغلة في القدم – والتي
تعتني بمعرفة ودراسة الظواهر الخارقة والفوق الطبيعية والغير عادية التي
تحدث بين البشر وتصدر منهم على شكل قدرات غريبة تفوق المعتاد ؛ على معنى
أن في البشر " فئة نادرة " قليلة تبرز فيها مثل هذه الأمور الخلقية ؛ التي تحاط
في أكثر الأحيان بضباب اللامفهوم .
وهذا العلم الحديث " يحاول " أن يصنف مثل هذه الأمور الغريبة البشرية
ويرتبها موضوعياً ، إلا أن هنالك " صعوبة حقيقية " تعترضه لبلوغ ذلك
بشكل تام ، وذلك بسبب ضباب " المجهول واللامعلوم " الذي يحيط حول هذه
القدرات ويَحُولُ دون معرفتها بشكل واضح مقنع ؛ بشكل يجعلها في متناول سيطرة
البشر وبوضع يرضي طموحهم بها ! .
" إن الإنسان من أعجب المخلوقات الإلهية ؛ بما أودع الله سبحانه فيه من أمور
وأشياء تستعصي أكثر الأحيان على فهمه هو نفسه ! " .
فمن التخاطر العقلي ، إلى الحاسة السادسة ، فالتنبؤ ، وقراءة الأفكار ،
وتحريك الأشياء عن بعد بتركيز عقلي ( أو نفسي روحاني ) ،
ومعرفة ماحصل في الماضي في مكان ما من أحداث " بشكل غير عادي " ؛
حتى الإتصال بأرواح الموتى يقظة ! ، وغيرها .
وكل هذه الأمور إلى الآن لم تــُعرَفْ ماهيتها بالضبط بشكل قطعي مع وجود
مئات – أو ألوف – الأبحاث العلمية في مدى إمتداد العالم الأرضي عنها ؛
لمحاوله إدراك قعرها المعلوماتي ! .
إن معرفة مثل هذه الأمور الغامضة العجيبة التي يفعلها بعض البشر إرادياً
أو لاإرادياً ؛ من مصادرها العلمية المتخصصة يحتاج من الدارس أو الباحث
لها أن يكون إدراكه وفهمه العلمي رفيعاً ، أي أن يكون فوق المستوى العادي
الثقافي ، ولكن ليس كل الناس لديهم تلك الثقافة العالية أو المركزة للمعرفة الكافية
لهذه الأمور ! ، ومن هنا كانت قصص الخيال العلمي " وسيطاً ذكياً " في إفهام
المثقفين العاديين ومن دونهم لهذه القدرات البشرية العجيبة ؛ عبر أسلوب
روائي خيالي مدروس يثير إنتباه الفكر لفهمها أو لفهم شيء أساسي عنها ! .
أما فوق المثقفين أو المتخصصين أو الباحثين لهذه القدرات البشرية العجيبة
فقصص الخيال العلمي تقدم لهم بعض التبريرات شبه المنطقية أو المساعدة
لمعرفتهم عنها ؛ في سبيل الوصول لتصوّر محدد بشأنها .
فتجد في بعض القصص العلمية الخيالية مثلاً :
شخصاً يطيح بخصومه بلا رحمة بدون لمسهم بقوة عقلية فائقة ! ،
وآخر يتجسس على معلومات وذاكرة العقول ! ،
وذاك يتصل بآخر عقلياً من مسافات بعيدة ! ،
وآخر يحوّر أو يغير شفرات وأكواد كمبيوتر مركزي عملاق لصالحه وبدون
أي جهاز وسيط ! ،
وآخر يسيطر على إنسان أو حيوان بنظرات عينيه المركزة – التي فيما يبدو
تغوص داخل عقله أو نفسه الشعورية – ولا يملك الطرف المُسَيطــَر عليه
من ذلك فكاكاً ( تنويم مغناطيسي فائق ) ! ،
ومثل ذلك ، بشكل يلمح إلى أنه في الإمكان ( بشكل ما ) أن يفعل إنسان ما مثل ذلك
أو قريباً من ذلك في حالات خاصة – وذلك طبعاً حسب درجة الاستعداد النفسي والتقبل الشعوري الروحي للشخص الموهوب بها –
فأوضاع هذه الأمثلة القليلة عن هذه القدرات البشرية الخارقة شيء غريب ،
نادر ، مثير ، يثير التعجب والرهبة في آن واحد !! .
ولتقريب الصورة إلى الأذهان أكثر ، لك أن تتصور أن شخصاً ما يواجه سوبرماناً
بشرياً ؛ أو قل " عفريت بشري " يمتلك قوى جسدية خارقة للمألوف إلى حد
أسطوري مخيف ! ، فيقتلع حجارة ضخمة تفوق وزنه أضعافاً مضاعفة ؛
ويلقيها بكل بساطة على ذلك الشخص المنكوب ، الذي – وبدون أي شك –
سيطلق كل قوة ساقيه لأيــَّةِ رياح فراراً من غول بشري يستطيع تمزيقه في
لحظات كورقة مسكينة عفا عليها الزمن بيديه العاريتين !! .
وبرغم بعض المبالغات فيما ذكِر ؛ إلا أن مجرد تصورها في نفس وفكر القارئ
أو المشاهد – أو حتى المستمع – يجعله يحتمل وجود شيء مثل ذلك بصورة
أو بأخرى ، على أساس " شيء يشبه الشيء ! " .
والتصورات البشرية الخارقة والفائقة في قصص الخيال العلمي تحتاج إلى :
دراية أساسية عن القدرات البشرية الفوق الطبيعية ؛ مع بعض التعليلات
والإفتراضات غير العادية بخصوصها ؛ مع مراعاة أنها " شيء وهبي "
في حقيقته ؛ وعدم وضعها في قوالب تفسيرية تعارض جوهرها الخلقي .
5 – الغزو الفضائي والإحتلال الأرضي :
حروب وإحتلالات وغزوات كثيرة جرت في عالم الأرض عبر إمتداد التاريخ
البشري ، ومع الطفرات والتطورات المرحلية الزمنية في الحِقب والعصور
أخذ شكلها ووضعها يختلف من صورة إلى أخرى ، إلا أنها كانت كلها بسبب
الإنسان وبين البشر ، وفي كل هذا كانت الأرض تتعرض لأخطار " جزئية "
في أحد أو بعض قاراتها أو دولـِها ! .
قصص الخيال العلمي تعدَّت ذلك ، إلى حد أن كوكب الأرض بأكمله يكون في
خطر " كلــّي " من نفس الأرض ؛ بسبب " إنسان " دكتاتوري متسلط تصور
له طموحاته المسعورة أن يحتل أو يسيطر على عالمه ! ،
أو بسبب " غزو فضائي ما " من مخلوقات فضائية فضائية متفوقة علمياً
وتقنياً على البشر ! ؛ تأتي من غياهب الكون الفسيح لتحتل عالم الأرض جميعه !! .
وإن كان في بعض هذه القصص العلمية الخيالية " سبب " داخلي أرضي أو
خارجي فضائي لغزو الأرض ؛ فإنك تلاحظ التصاعد الدرامي للأحداث في
القصة والمغامرات والمخاطر المتعددة فيها ؛ التي تتدرّج في ذكاء روائي
أو إخراجي مترابط ؛ وصولاً إلى الأحداث الساخنة المحورية فيها ، التي يحاول
فيها الكاتب أو المخرج أن يوهم ويقنع القارئ أو المشاهد بقرب سقوط كوكب
الأرض بالفعل في قبضة الغازي ! ، إلا أن أكثر هذه القصص تكون نهايتها نجاة
الأرض من شرور المحتل ؛ حسب ظروف القصة ونوع بدايتها ! .
ولايقتصر الحال طبعاً في هذه القصص على إرادة إحتلال الكوكب الأرضي
والسيطرة عليه ! ؛ بل يخبرنا مؤلفها في أحداثها التي تحبس الأنفاس أن المحتل
أو الغازي يمكن أن يقود الكوكب الأرضي ( بكتلته ومساحته وضخامته وتضاريسه
ومخلوقاته ! ) إلى الهلاك والفناء المحقق ! ؛ إما إنتقاماً مجنوناً مبيتاً ! ؛ أو عجزاً
عن تحقيق رغبته المريضة في السيطرة على كل هذا العالم ! ؛ وذلك من خلال
خطة تدميرية شاملة يمكن بها أن يحصل الفناء لكوكب الأرض !!! .
بلا شك أن الكاتب أو المخرج لذلك النوع من القصص يبرع في تصوير تلك
الشخصيات الغازية ، ويبرر ويبرز أهدافها بشكل ملفت ، ويجعلها تبدو أسطورية
أو شبه أسطورية في أدائها القصصي ! ، وكم تكون عواقبهم وخيمة ! ، فكثيراً
ماينقلب الحال عليها في نهاية القصة بأسلوب كارثي مأساوي ؛ يرتاح القارئ
أو المشاهد له وبحدوثه للمجرم ! ؛ طبعاً بعد تضحيات ومغامرات مهولة
ومواجهات خطرة جداً يشيب لها شعر الرأس تكون لأبطال القصة مع المجرم
وزمرته ! .
والتصورات القصصية والإخراجية عن غزو أو إحتلال الأرض تحتاج إلى :
تفخيم وتضخيم معنوي في أسلوب القصة بما يتعلق بأداء المجرم أو البطل ،
وكذلك إلى التعميم القصصي بجعل حوار القصة ينصب على أن كوكب الأرض
جزء من منظومة شمسية صغيرة كونية من محيط الكون الهائل ! ؛ وذلك لجعل
القارئ أو المشاهد يتصورها من منظور كوني بعيد ! ؛
إذ ذلك يجعله يستوعب أكثر معنى " ماهية " غزو وإحتلال عالم الأرض
أو فنائه ! .
وفي هذه التصورات المذكورة " تلميح وتذكير ما " بخطر النزعات البشرية
السادية الأنانية ؛ التي تعادي الإنسان ، وتريد إبادة كل إنسان ، وتهدد كيانه وحياته
على كوكبه الأزرق المسالم ؛ بسبب " رغبات " في نفوس معتـلــّة حصولها في
عالم الواقع لحسن الحظ هو في حكم المستحيل ! .
6 – الآلات والمعدات التقنية بالغة التطور :
على مدار العقود الماضية إخترع الفكر البشري الآلاف من الأجهزة والآلات
والمُعدات في مختلف النواحي العَمَلِية والعِلـْمية ، وما زال " التطور " يقف
بالمرصاد لدعم تلك التوجهات الإختراعية البشرية ، يضاف معه
" الطموح الكبير " لأن يرتاد بني البشر مجالات تطبيقية وعلمية بالآلة كانت
ولا تزال أبوابها موصدة وبعيدة عن سيطرة الإنسان ! .
ذلك العجز لوصول الإنسان إلى " مستوى أسطوري تقني " حَوَّل تفكير بعض
الأدباء ذوي التوجهات العلمية المستقبلية إلى " صياغة " تلك المفاهيم المستحيلة
وشبه المستحيلة العلمية ؛ بأسلوب قصصي أدبي خيالي ! ، حيث تزخر قصص
الخيال العلمي بالكثير من الأمثلة عن وجودٍ " إفتراضي " لآلات فائقة جداً
في أدائها التقني ! .
ولأن هنالك أموراً علمية تبرز شيئاً فشيئاً في الوسط العالمي هي
بين " النظرية " و " التطبيق " من حيث صحة منطقها النظري وصعوبة
أو إستحالة تصميمها التطبيقي الواقعي ؛ فإن هذا النوع من القصص العجيبة
وفــَّر لها " أرضية " ومساحة تصورية إفتراضية ليقترب الفكر الإختراعي
منها أكثر وأكثر ؛ لعل ذلك يجعل هذه الأمور العلمية تقترب من مستوى
التطبيق الفعلي ! .
إنك لتتعجب وأنت بين سطور وتفاصيل ومشاهد أحدى هذه القصص من شيء
أسمه " آلة الزمن " ، تلك الآلة التصورية الخيالية التي تغازل بعض الأفكار ؛
التي بإستطاعتها نقل راكبها أو ركابها أو من يكون محاطاً بها إلى أمام أو خلف
الشريط الزمني من نقطته الزمنية الآنية ! ؛ بالإضافة إلى وظيفة النقل المكاني ! ؛
ليجد نفسه في مكان وزمان آخر ؛ وربما هناك في مكان آخر في أغوار الكون !! .
وأين القارئ أو المشاهد في هذه القصص من " الإنتقال الآني " ، تلك التقنية
الخيالية التي تنقل " ذرَّات " جسمك المادي في لحظة واحدة من آلة الإنتقال
( الإرسال الذري الحيوي ) إلى مكان آلة أخرى وظيفتها عكس وظيفة الأولى
( الإستقبال الذري الحيوي ) ! ؛ وأحيانا مع إغفال ذكر كيف تعود الذرات
في الآلة الثانية إلى حالتها الطبيعية !! .
وهنالك بالطبع الكثير من مسدسات ومدافع " الليزر " ( أحد أركان تطور العلم
الحديث ) في العمليات الأمنية والعسكرية والمخابراتية والفضائية في تفاصيل هذه
القصص ! ، فهي غالباً " صامتة " وليست مُدْوية مثل أسلحة هذا العصر ، وطلقاتها وقذائفها أسرع بكثيرجداً من طلقات وقذائف أسلحتنا الحالية ! ،
ولكن بسبب " خاصيتها " الضوئية الشعاعية تستطيع " مرآة " طفولية مرحة
أن تشتت أو تغير من مسارها الشعاعي المميت ! ، ولكن أيضاً فعلماء ذلك العصر
لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الظاهرة الفيزيائية الطريفة ! .
وربما أخترع أحدهم في لحظة حظ وتفاؤل شعاعاً خاصاً يضحك من خاصية
التشتيت العاكس الضوئي هذه ! ، أقول ربما !! .
ولاتنسى ! ، ففي هذه القصص الخيالية العلمية " مركبات فضائية " ذات سرعة
هائلة ، وتطوّر مخيف ، وشكل رهيب ، وتصميم عجيب خارق ، وضخامة تثير الحيرة ! – بعضها طبعاً تيسربسرعة الضوء ! ( ألم أقل لك أنه خيال علمي ! ) –
وللأسف فبعضها أذكى وأروغ من ذلك ؛ حيث تختصر مسافات هائلة جداً عبر
الكون بواسطة الفجوات الكونية أو " الثقوب السوداء "
( يعني .. دروب فضائية مختصرة ، طبعاً لاتسألني كيف هي أو أين ! ، أنا شخصياً
أحاول إستيعاب ماهيتها ) ! .
وهذا غير السيارات الصاروخية ( التي تشبه صاروخاً ذكياً يمشي في الشوارع ) ،
والساعات الذرية ( طبعاً ممنوعة من الخلل الزمني مهما وصلت كمية الأصفار ) ،
والحواسب الآلية ( والتي تختلف عن كل كمبيوترات هذا العصر قلباً وقالباً
وربما وصل عدد معالجاتها المركزية " السي بي يو " للكمبيوتر الواحد
إلى أكثر من 100 معالج مركزي صغير مجهري في نفس الوقت ؛ أقصد في نفس جزء من بلايين الأجزاء من الثانية !!! ) ،
والمُدن الفضائية ( مدن ضخمة طائرة تمرح كما يحلو لها في الفراغ الفضائي ) ،
والروبوتات الآلية شبه البشرية ( التي تـُسَيـِّرُها أقوى وأعقد التقنيات البرمجية ) ،
وغير ذلك من آلات عجيبة ومعدات خاصة ذات غرابة في شكلها ووظيفتها
المعقدة والمتنوعة ؛ تظهر حسب الطلب في أي موقع في القصة
حسب نوع الحدث ! .
والتصورات التقنية والآلية غير المحدودة في قصص الخيال العلمي تحتاج إلى :
سعة غير طبيعية في تخيلها ،
وذكاء تقني نادر ،
ومعرفة عميقة عن المفاهيم التكنولوجية ،
وأمل مستقبلي قوي ،
وإتجاه تجديدي متميز ! .
7-– التجارب العلمية :
هنالك علوماً كثيرة تـُعرَف بالتطبيق التجريبي بما يتعلق بها ؛ وذلك من جهود
علماء متخصصين أو جهات علمية مختصة ، وهذه التجارب نوعان :
مضر ، ونافع .
وفي كلا النوعين للتجارب العلمية تكون عملياتها محاطة بغطاء أمني خاص سري
لضمان عدم تسرب نتائجها المصيرية لجهات عدوّة أو يخشى منها ؛ أو جهات
تسبب نوعاً من العراقيل بخصوصها ! ، وهذا بخصوص التجارب المدعومة
" حكومياً " .
أما بخصوص التجارب العلمية " الشخصية " ؛ التي يجريها أحد العلماء أو
مجموعة منهم بدون علم الدولة ومؤسساتها الحكومية فهي تجري بالخفاء
بعيداً عن أنظار الدولة ، ويمكن بشكل أو بآخر أن تصل إلى يد الدولة أو في يد
دولة أخرى حسب توجّه من قام بها ومبدئه ! ،
وأحياناً لاتقع نتائج أبحاثها هنا أو هناك ، بل يحتفظ بها القائمين عليها لأسباب
خاصة ! .
إلا أن طبيعة مثل هذه التجارب وما يصاحبها من أهمية وسرية يجعلها تخوض
في أمور علمية عويصة أو نادرة أو خطيرة أو محورية ؛ مثل الأبحاث :
الوراثية ، والبيولوجية ، والفضائية ، والباراسيكلوجية ، والنووية ، والحربية ،
والجيولوجية ، والطبية ، والإليكترونية ، والفيزيائية ؛
وغيرها مما هو في درجة أهميتها البشرية العلمية والعالمية ! .
" وخطورة " هذه الأبحاث والتجارب العلمية المختصة تكمن في
" نتائجها المصيرية " ، التي يمكن أن تنفع البشر إذا اُحسن إستغلالها ،
وبالمقابل يمكن أن تضر البشرية إذا اُسيء إستخدامها ؛ لأن العلم هو نفسه
سلاح ذو حدين على حسب ووعي مستخدمه ! .
وتــُصوِّرُ للقراء أو المشاهدين بعض قصص الخيال العلمي جوانب مختلفة
ومتعددة من النتائج العلمية التجريبية والبحثية " الإيجابية والسلبية " – وإن كانت
في معظمها تركز على الجانب السلبي – حيث تظهر في حيثيات القصة
" الدوافع البشرية " الخيّرة والشريرة لتلك التجارب والإختراعات ؛ مابين فئة
تريد الخير لبني البشر من نواتجها ، وأخرى تضمر الشر لتفعله بواسطتها ! .
ويلاحظ القارئ أو المشاهد للقصص المذكورة بخصوص هذا الجانب المهم أن
فيها " نداءً خاصاً " لِلـَجْم أطماع البشرية التي لاتنتهي ؛ التي قد تقود فئة منها
إلى الإضرار بالباقي على حسابها ! ، وأن كان فيها كذلك بعض التصورات
المتفائلة في رقي مستوى البشر في طفرات كبيرة متسببة من جهود خيّرة مخلصة في تلك المجالات العلمية التي تــُطبَّق في أرض الواقع ! .
والتصورات العلمية عن نتائج تجريبها في قصص الخيال العلمي تحتاج إلى :
تفهُّم خاص لطبيعة التجارب العلمية التي تحدث في أماكن مختلفة في أرض العالم ،
وإلى فهم آلية النفس البشرية الراغبة نفسها ومدى طموحاتها وأهدافها ،
وإلى إجادة نشر الوعي الفكري في أهمية المعرفة عن إتجاهات التجارب العلمية ،
وكذلك إلى إتساع المدى الفكري في العمل الأدبي التوعوي .
8 – المغامرات :
هنالك أمور تحدث ذات أهمية قصوى ، تحتاج إلى نوع خاص من " التحرّك "
تجاهها ، في سبيل الوصول إلى " نتائج " حاسمة بشأنها ، وهذا التحرك في هذه
الحالة يأخذ شكل الجرأة والعزم للوصول إلى تلك النتائج .
فتجد في كل القصص العلمية الخيالية نوعاً ما من المغامرة والمخاطرة ، بخصوص
" عناصرها " القصصية ، وتكون غالباً ذات طابع تدريجي أو تسارعي ؛ يجعل
القارئ أو المشاهد في حالة من الإثارة الداخلية التي ربما انسجم معها بشكل ما ،
فللمغامرة وِقع خاص في النفس يشعرها بمعنى الكفاح لأجل فعل شيء
أو الحصول عليه ! .
ولا تسأل عن أنواعها وأوضاعها المتعددة ؛ التي يتفنن الأدباء أو المخرجين في
صياغتها بصور شتى ! ، ففي أي مغامرة في مثل هذه القصص الشيقة تلاحظ
أن النفس البشرية – مُمثلة مثلاً في شخصيات أبطال القصة – تحاول بعدة صور
دحر الخطر الذي يهدد مايتعلق بها ! ، وتلاحظ كذلك كيف يحاول الإنسان الإحتفاظ
بحياته والفرار من الهلاك قدر طاقته ! ، وربما واجه الخطر أو تصدى له لحماية
غيره أو نفسه ! .
والتصورات في قصص الخيال العلمي عن مغامراتها تحتاج إلى :
حذاقة الكاتب المؤلف أو المخرج في تراكيبها اللفظية المؤثرة المعنوية ،
وإلى إيجاد المخرج المنطقي القصصي للبطل ومعاونيه أو بعضهم ،
وإلى إجادة الصياغة التعبيرية التصويرية لأحداث المغامرة ،
وإلى وضع نهاية مأساوية مناسبة للمجرم ومعاونيه ،
وإلى إدراج اللمحات المناسبة فيها التي تحوّر أو تبعد فكر القارئ من معرفة
حقيقة نهاية المغامرة ،
وأيضاً إلى إدراج جوانب درامية عاطفية وشعورية مؤثرة في أحداثها المتغيرة .
9 – الألغــــــاز :
" الشيء " الذي لايعرفه الإنسان أو يجهله قد يثير في عقله التساؤلات في سبيل
فهمه أو معرفته ، ولكن هنالك " أشياء " تحدث ليس لها تبريراً واضحاً قريب
من الفهم ! .
والغوامض والمجهولات – كما يبدو – هي أكثر من المدركات المعلومات ،
ورغم " كثرتها " إلا أنها تظهر أحياناً في عالم الإنسان المادي بشكل رمزي ،
لتتحدى أو تغير بعض ما ألِفه من فهموم وعلوم ! .
" واللغز " وما يتفرع منه من غموض ، وأسرار ، وأحاجي ٍ ، ومبهمات ،
وخفايا ، وغرائب ، وعجائب ، ومجهولات ؛ هو من أكثر الأمور التي تحير فكر
الإنسان وتثير فضوله ، وقد يثير فيه هذا اللغز كوامنه العقلية والإنسانية الفطرية
ذات المستوى الفائق ( مواهبه ) ليسبر أغواره ويفهمه بشكل واضح أو معقول ! ،
أضف إلى ذلك أن " الغموض " ومترادفاته اللغوية هو عامل جذب قوي للنفس
البشرية المفكرة والمتسائلة ! .
وكثيراً ما تبدأ " مرحلة اللغز " في أحد قصص الخيال العلمي في بدايتها ،
أو وسطها ، ومن النادر أن تكون تلك المرحلة في نهايتها – إلا إذا أراد الكاتب
أن تكون " شرارة " فكرية قصصية لما بعدها من قصص ! – ثم تبدأ الحيثيات
الأخرى والأحداث في القصة ذات العلاقة بهذا اللغز لإكتشاف معانيه
وفهم ماهيّته ! .
ويرى القارئ لمثل هذا النوع من القصص العجيبة أن " حـَلَّ اللغز " فيها يكون
في أكثر الأحيان بأسلوب غير عادي أو غير متوقع ! ، وقد يكون جواب اللغز
فيها :
إنساناً ،
أو مخلوقاً من عالم أو بُعد آخر ،
أو مؤامرة أرضية أو فضائية ،
أو حتى نظرية علمية يصعب فهمها تكون من وراء أحداث القصة
بغموض ساحر وتعقيد فكري جذاب !! .
وغالباً ما تجد في السياق القصصي لقصة من هذه القصص أن بعض حلــّها يظهر
فيها في " حوار كلامي " يشبه العادي من الكلام ،
أو في تلميحات مقصودة من المؤلف الأديب في أحداث معينة فيها ؛ تمهّد للفكر
تدريجياً لكي يستوعب القارئ " حلَّ اللغز " ، الذي يكون هو الآخر غالباً بعيداً
عن الأذهان !! .
والتصورات الغامضة واللامفهومة في قصص الخيال العلمي على شكل ألغاز
تحتاج إلى :
إستطاعة روائية خاصة في الإيهام والإبهام ،
وإلى إجادة إيجاد التعقيدات الفكرية المعنوية ووضعها في سياق القصة بشكل
لامحسوس ( بخصوص اللغز ) ،
وإلى إحاطة لغز القصة بجوانب مثيرة ومرهبة ومصيرية ! .
10 – المفاجــــأءات :
كل شيء لايـُتــَوَقــَّعُ حدوثه هو " مفاجأة " ، ولها أثر خاص في النفس بأي
أنواعها ، وهي الشيء الذي يحدث على غير توقع وبدون أي سابق إنذار .
وهي من ضمن أساسيات الجوهر القصصي في قصص الخيال العلمي ،
حيث تظهر بشتى الأنواع والأوضاع فيها ؛ بشكل يعطي القصة بعداً رائعاً مؤثراً .
فيجد القارئ لها في سياق أسلوبها أحداثاً تبدو إعتيادية ، ومايلبث أن يرى فيها
دخول " أحداث أو عناصر قصصية " غير مرتقبة وغير متوقعة ؛ يكون لها دوراً
خاصاً أو محورياً في متن القصة ، وبالطبع يكون تأثيرها في القصة هو الآخر
غير عادي كذلك ! .
وفي المفاجأة القصصية نوع من التجديد ، ومسحة من الإثارة والتشويق ؛
مع شيء من الترقب عن حدوث تداعياتها وآثارها ؛ كونها تحمل معها شيئاً
مجهولاً للقارئ يؤثر في مسار القصة ! .
ويتفنن أكثر الأدباء ذوي الإتجاه العلمي غير العادي في تنويع " نوع المفاجأة "
في القصة ، فيجد القارئ نفسه أمام مفاجأة غير مرضية لأبطال القصة ؛ وما يلبث
مع تسلسل الأحداث فيها حتى يجد نوعاً آخر من المفاجأءات المفرحة أو الإيجابية
التي تدعم أبطال القصة لينسى القارئ تلك المفاجأءات السلبية التي حصلت ! ،
وأحياناً يبرعون في صياغة سلسلة من المفاجأءات المختلطة أو المعينة
في أسلوب القصة ؛ ليجد القارئ نفسه تتذبذب هنا وهناك جيئة وذهاباً مع أحداثها
المختلفة ! .
والتصورات التي تكون في قصص الخيال العلمي التي تعني بالمفاجأءات
تحتاج إلى :
قوة الإبداع الروائي ،
وإلى إجادة المزج الروائي بين العادي وغير العادي عبر أحداث قصيرة وسيطة ،
وإلى البراعة في إدراج عنصر المفاجأة في أحداث وفصول معينة في القصة ،
وإلى توقع الكاتب أو الأديب لما يمكن أن تستشعره نفس القارئ في حدوث
المفاجأءات القصصية ! .
11 – الأدوات الإحترافية الأدبية :
يحتاج الأدباء والمؤلفين والكــُتــَّاب في صياغة كتاب أو مقال أو موضوع إلى
" أساليب " تأليفية أو روائية خاصة ؛ تحافظ على " جوهر " الفكرة أو القصة
من جهة ؛ ثم تستطيع من جهة أخرى إيصال المعنى أو المفهوم النصي إلى فكر
القارئ بعدة أساليب فكرية معنوية .
والمواضيع العلمية وغير العادية منها إذا اُريد صياغتها في قالب أدبي قصصي
فتحتاج إلى إبداع خاص وجهد إضافي من الأديب الكاتب ؛ لتوضيح الجانب
" العلمي " في أرضية " أدبية " حوارية ؛ قد تكون فيها مؤثرات خيالية نابضة ! .
فأساليب :
التشويق ، والإثارة ، والإغماض ، والتشبيه ،
والتأثير النفسي ،
والربط المعنوي ،
والتدرّج المرحلي ،
وإتفاق الأحداث ،
وتناقض المصالح ،
والصراع بين الخير والشر ،
وتوافق الرغبات ،
وانسجام التوجهات ،
والتعليلات ،
والإفتراضات ،
والمحادثات ،
ووصف التعابير الشعورية والشكلية لعناصر القصة ؛
وغير ذلك ، فكل ذلك في الأعمال الأدبية المميزة تحتاج إلى :
سمو فكري راق ٍ ،
وحس أدبي فائق ،
وموهبة خاصة أدبية ! ،
وذلك مايجعل التصور الفني والعلمي لها خانة المرغوب والمفضل
لدى كل قارئ ,,
//// ( خاتمة ) \\\\
ماذِكر في هذا الموضوع عن الخيال العلمي هو محاولة جادة مني لعرض
" نقاط مهمة محورية " عن أمور أراها مهمة في أدب الخيال العلمي
وتشعباته الموضوعية المختلفة ، كون ذلك يسهم بشكل ما في تجميل وتحسين
التأليف والإبداع الروائي في وطننا العربي الحبيب ، ويسهم أيضاً لأن يعرف
الإنسان جوانب أخرى غامضة أو غير عادية في عالمه الرحب الذي هو من
منظور آخر عالم صغير جداً في الكون .
وماذكِر كذلك هو رسالة شكر ومودة لكتابنا وأدبائنا العرب الذين أخلصوا
لنا بأقلامهم الرائعة المبدعة ، وبآرائهم الهادفة السامية .
وأشكر كل من قرأ هذا الموضوع وفهمه أو فهم شيئاً منه ،
والحمد لله رب العالمين ،،
التعديل الأخير تم بواسطة ak-spl ; 28-02-08 الساعة 04:09 PM
|