المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
الأسد الذى ظن نفسه غـزالا
الأسد الذي ظن نفسه غزالا
كان لابد للأسد "سنان" أن يفكر جيدا ،فى طريقة جديدة ومبتكرة بعد الهزائم التي منى بها أمام الأسد " وردان " لفرض سيطرته وسطوته على الغابة ، لقد خاض ثلاثين حربا ،خسرها جميعا ، ولم ينل من ورائها سوى الجراح ،وتلك الغنائم التي كان اللصوص من جماعته يسرقونها ، ولم تكن قليلة ، فلم تكن حروبه نزيهة وشجاعة بل كانت تحمل من الخسة الكثير ، حيث كان يهاجم الأشبال والرضع ، و الأمهات بغتة ، ولولا يقظة "وردان" لقضى على من بالغابة ، وأنهى ما كان يريد منذ زمن بعيد 0
الغريب فى الأمر أن الأسد"سنان" كان يستخدم الكثير من الحيل والخداع ،ولكن كل هذا لم يمكنه من خصمه ، فامتلأ صدره غيظا وحنقا، وجمع كل أشباله ،وطاح فيها ضربا وركلا وعضا ، حتى أثخنها بالجراح ، ثم أمرها أن تستعد لمعركة فاصلة مستخدمة أساليب أكثر خسة وغرابة 0
قال أحد الأشبال :" السبب فى هزائمنا أننا نحارب منفردين00 ماذا لو أوغرنا صدور بقية الأسود في الغابات الأخرى "0
وقال ثان :" نضربها ضربا خاطفا 00 جماعة منا تتسلل إلى غابتها ، ثم تنقض عليها ،وقبل أن تستعد نكون قد أنهينا مهمتنا "0
وقال ثالث :" عندي حيلة أذكى 00عندنا من السحر ما يجعل ماء غابتها زجاجا ،وكل ما في الغابة من طعام حجارة00أو سموم !! "0
أنصت الأسد"سنان " لاقتراحات أشباله ، وأخذها على محمل الجد،وظل لليال طوال يفكر ويدبر ، في كيفية تنفيذها جميعا فى حربه القادمة0
بينما الأسد "وردان"يقيم ما تهدم ،ويعيد ترتيب الغابة ، فوجئ بهجوم مروع ، فتجلد ، ودافع عن سلطانه وأرضه ، لكنه حين أحس بالضعف ،كان يتحرك متخفيا إلى خارج الغابة ، واختبأ بعيدا فى كهف من الكهوف ،وهو يردد :"لقد كبرت ووهنت قوتي ، لقد كلفتني الحروب التي شنها على الأسد"سنان " أشبالي ولم يعد معي أحد"0
هكذا راحت الظنون تتلاعب برأس الأسد"وردان"، الشيء المؤسف أنه صدق هذه الظنون :"نعم كبرت وما عدت أصلح للقتال "0وتخير مكانا منعزلا ،اختفى فيه عن الأنظار ، بينما كانت جماعات الأسد"سنان" تبحث عنه لتضع نهاية سعيدة لحربها المشينة ،وتفرض سيطرتها كاملة على الغابة ، فأطلقت مكبرات الصوت فى كل الغابة تردد:"أيها الغزال وردان إننا نسامحك على غفلتك ،وسوء تقديرك إذ ظننت نفسك أسدا حقيقيا "0
دارت المكبرات أياما لا تنقطع أصواتها ليلا أو نهارا حتى صدقها الجميع فى الغابة ، وردان نفسه صدقها ، ونسى تماما كل الحروب التي خاضها ،وكسبها جميعا ، وظل فى مخبئه ، بينما "سنان"وجماعته تبحث عنه ،و لا تكف عن ندائها المضلل !!
كان وردان يعيش على أوراق الشجر و الثمار ، يعيش كغزال بالفعل ، حتى حط على جسده يوما ببغاء وراح يردد :" أنت أسد لست غزالا 00 أنت أسد لست غزالا "0
وحين مر من أمامه قطيع من الغزلان كان الببغاء يردد:"هيا يا أسد00 هيا يا أسد00 إنك جائع 00 هيا 00 الفريسة أمامك00 أنت أسد أسد أسد "0
تحرك الأسد وردان ، نفش شعره ، زأر ، كان الصوت ضعيفا ، أعاد الكرة ، كانت أقوى ، وحين عضه الجوع لم يستطع أكل الورق والثمار مثلما كان ، مر وقت طويل ، سنة ، سنتان ، ثلاث ،وهو يصيد الأرانب و الفئران ، وعاد الببغاء ،ولكنه عاد ومعه جماعته ، التي راحت تردد :"أنت أسد00 أنت أسد00 لست غزالا 00 هيا 00 هيا 00 أنت أسد" كانت أصواتها تمتد فى كل الغابة ، نشيد كان له وقع السحر ، فى كل نفوس حيوانات الغابة ، وفى نفس وردان على وجه الخصوص ، وما أن مر قطيع من الغزلان ، حتى اندفع الأسد وردان بقوة ، يطاردها ، فشل فى صيدها ، وفى اليوم التالي مر قطيع من الوعول ، هاجمها بقوة ، بقوة ،كاد يفلح فى صيدها ، ولكنها أفلتت ، وفى اليوم الثالث مر قطيع من الغزلان ، هاجمها ، بشراسة وقوة ، حاصر إحداها ، لاحقها ، وثب عليها ، أصبحت بين مخالبه 0
وقف أمام الفريسة ، فكر طويلا ، أحس بقوة عجيبة ، تذكر كل شيء ، تذكر حروبه مع سنان ، عض على نواجذه ، حدق فى الفريسة ، جاءته فكرة ، من فوره راح يخلع ثياب الفريسة ، ثم أكل ما شاء له منها ، وعاد لثياب الغزال مرة أخرى ، راح يقيسها عليه ، لبسها ، وسعها من جهة ، وضيقها من جهة، لبسها ، وتحرك فى اتجاه الغابة ، لم يعد يسمع الأصوات ، يتسلل ، يتوقف ، ينتظر حتى يأتى الليل 0
كان شكله مضحكا ، لم يكن أسدا ، كان أقرب لغزال مشوه ، تحرك فى الليل صوب مقر الأسد " سنان "، حاذر أن يراه أحد،، و إلا أصبح وليمة للأسود ، انسل داخل مقر سنان ، أمامه الأسد نائم ، شد وثاقه ،وهو لا يجد مقاومة تذكر ، بل كان الأسد سنان يضحك من الغزال المشوه الذي يلاعبه ، ثم راح وردان يخلع ثيابه ، ويلبسها لسنان ،وهو أكثر حيوية وقوة ، بينما الآخر مذعورا ، يحاول المقاومة فلا يستطيع شيئا ، ثم لطمه وردان عدة لطمات ،وضربه ضربا مبرحا ، وحل وثاقه ، ثم تركه يفر من أمامه0
فر الغزال المشوه ، فلحقت به الأسود من كل جانب ولم تتركه حتى أصبح مجموعة من العظام،ولم تتصور أنه قائدها سنان إلا حين كشفت عن وجهه !!
وهكذا وضع سنان نهايته بيده بمساعدة الأسد وردان ،ومن يومها لم تحاول الأسود مهاجمة غابته ، وفرض سيطرتها عليها مخافة أن يصيبها ما أصاب سنان !!
|