لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القسم الادبي > الخواطر والكلام العذب > خواطر بقلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

خواطر بقلم الاعضاء خواطر بقلم الاعضاء


عقدى أجمل

عقدي أجمل .................

موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-01-08, 09:26 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مميز


البيانات
التسجيل: Aug 2006
العضوية: 10109
المشاركات: 1,430
الجنس ذكر
معدل التقييم: ربيع عقب الباب عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ربيع عقب الباب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي عقدى أجمل

 

عقدي أجمل .................
مهداة إلى روح جدة زميلتنا " نهى " مع خالص تعازي


قال أحمد لجدته ، وهى تستعد لتحكى له حكاية قبل النوم :" سنتبادل الأدوار الليلة يا جدتي 00 أنا أحكى ، وأنت تنامين "0
اعترضت الجدة أول الأمر ، لكنها حين سمعت نبرة الحزن تملأ صوته ، وافقته ؛ ليفض ما عنده ، ويتخلص من أرقه ، وحزنه ، وكما تفعل معه ، فعل معها ، قعد إلى جوارها ، واستلقت هي فى فراشه ، ثم أخذ بيدها ، وراح يحكى لها عن الأميرة ، التي صحت ذات يوم من نومها فزعة ؛ فالعقد الذي كان يزين رقبتها ، لم يكن فى مكانه !
دارت في أرجاء القصر ، واستدعت وصيفاتها وجواريها ، ثم جمعت الحراس ، لكنها لم تصل لشيء ؛ فالجميع أنكروا معرفتهم بمكان العقد الضائع ، انهارت الأميرة باكية ، بكت نعم ، حتى احمرت عيناها ، وتبدلت أحوالها ، فانطفأت نضارة وجهها الجميل ، هكذا مرة واحدة ، وذبلت وردة خدها ، وفجأة أحست باختناق ، كان يزداد رويدا 00 رويدا ، حتى أصبحت على وشك الهلاك 0
أصاب الذعر والهلع كل من بالقصر ، حتى السلطان حار أيما حيرة ، ودار هنا وهناك باحثا عن سبب كل هذا ، واحتار أكثر فى البحث عن سر هذا العقد ، الذي يفعل في الأميرة كل هذا ، وأخيرا عرض على الأميرة أن يأمر كل الصائغين فورا بالوقوف بين يديها ، وأنها سوف تجد لديهم ما يعوضها عن عقدها ، ووافقته أخيرا ، لكنها ظلت على حالها ، فكلما أقبل صائغ ، واختار أجمل ما عنده ، كانت تقول بألم :" عقدي أجمل 00 وأين هذا من عقدي ؟ "0
إنها تريد عقدها هي ، عقدها الذي لم يفارقها لحظة منذ مولدها ، وعليه أرسل السلطان رجاله فى كل مكان ، يبحثون فى بلاد الله عن العقد الضائع ، وعاد كل الرجال يحملون عقودا في غاية الروعة والجمال ، وراحوا يقدمون ما جلبوا ، والأميرة تقول :" عقدي أجمل 00 وأين هذا من عقدي ؟ "0
بعث السلطان بالأعوان إلى كافة الممالك ، يعلنون بين العامة :" من يعثر على عقد الأميرة ، يكون زوجا لها "0
جاء الخطاب من كل الممالك ، يحملون من الهدايا ، ما تعجز العين عن رصده وحصره ، وكانت الأميرة تقول :" عقدي أجمل 00 وأين هذا من عقدي ؟"0
ويعود الخطاب من حيث أتوا منكسرى الخاطر ، والأميرة في فزع ، تختنق ، وتحيط بها الرطوبة صيفا وشتاء ، بل تجنبتها رفيقاتها من بنات الوزراء وعلية القوم ، لانقلاب مزاجها ، وتدهور صحتها 0
فجأة انتاب وجه الأميرة ما أفزع المملكة كلها ؛فقد ظهرت بثور وتقرحات كانت تنتشر ، وتزحف على وجهها كله ، وبسرعة عجيبة ، والسلطان حائر ، يستدعى الأطباء واحدا تلو الآخر 00 ولا جديد !!
الأميرة حبيسة مخدعها ، مع الألم والعذاب ، تبكى الجمال الذي غادرها ، حتى أنها كانت تخشى النظر فى مرآتها البلورية ، والجياع والفقراء الذين كانوا ينعمون من فيض عطاياها باتوا حزانى 00 متوجعين ، يبكون فى صمت ، ويتركون المملكة 00 يتركونها إلى بقعة أخرى ، سعيا وراء رزق جديد 00 أميرة أخرى ، وربما عثروا على عقد أميرتهم الضائع خلال سعيهم !
جذب انتباه القوم شيء عجيب ، الألم الذي كانت تعانى منه الأميرة كانت كل نساء المملكة يعانين منه ، وكانت نفس الاختناقات ، نفس البثور ، نفس التقرحات فى الوجوه ، حتى تحولت المدينة لمدينة بائسة 00 دميمة ، وما عادت تجتذب أحدا للعيش فيها ، والسلطان أرق أشد ما يكون الأرق ، معذب ، يحبس نفسه بعيدا ، حتى لا يرى ابنته الوحيدة بهذا الشكل ، ومر وقت طويل 00 طويل ، والشوق إليها يعذبه ، ولكنه لا يحب أن يراها وهو عاجز عن فعل شيء ، وأخيرا استدعى السحرة والمنجمين وأهل الفراسة ، فما استطاعوا فك أو حل هذه الألغار التي تحيط بالأميرة ، فقد قال السحرة :" إن نجمها السيار يضمحل 00 إنه في برج نحسه "0
وقال المنجمون :" أعداؤها يا مولاي يكيدون لها .. نرى عملا معلقا فى طرف النجم المذنب ". كما قال أهل الفراسة :" ليس العقد مايبكيها ويؤلمها ؛ إنه اللغز الذي فشلنا جميعا في حله ".
في ليلة أرق السلطان ، وقرر أن يزور ابنته فورا ؛ فقد اشتاق كثيرا لرؤيتها ، وبسرعة انطلق نحو جناحها ، تحف به الحاشية وكأنما انشقت عنهم الأرض ، فأومأ إليهم ، وطلب أن يتركوه وحده ، لكنهم لم يبتعدوا إلا بعد أن رأوا إلى أي مدى وصل إصراره ، ولم يبق معه سوى ياوره الخاص ، الذي أوفده إلى جناح الأميرة ليبلغها بزيارة السلطان لها ، وعندما دخل السلطان حجرتها كانت مشعثة الرأس ، حزينة ، ذابلة الجفنين ، ولم تعد تهتم بشيء ؛ اللهم إلا هذه النظرة التي مسحت بها المكان ، حين سمعت وقع أقدام السلطان ، وحفيف ثوبه .
توقف السلطان فجأة ، وباستغراب شديد كان ينظر إلى عنق الأميرة ، التي كانت جميلة رغم كل شيء ، فرأى شيئا ما ألجم لسانه ، وعقده عن الكلام ، ثم دنا منها متهللا :" ابنتي .. منذ متى لم تقفي أمام المرآة ؟ ماذا لو أنك قمت الآن ؛ فرأيت مايبهجك ؟ ".
تطلعت الأميرة في وجه أبيها الذي رأته مبتسما ، فشجعها على القيام ، قامت متهادية نحو مرآتها ، نظرت . كان العقد يتلألأ على رقبتها وتتوهج ألوانه ، فترسل مزيجا سحريا من قوس قزح .
حاطها السلطان بذراعيه وهو يهتف :" هذا عقدك الضائع .. هذا عقدك الضائع ".
استدارت تواجهه ، ثم تنهدت بألم عجيب ، وهى تهمس :" لا .. ليس ما أبحث عنه .. ضاع عقدي الجميل الذي كان يغمرني بصافي النسائم ، وطيب الرائحة ، ويجعل الكون من حولي جميلا ، فضفاضا ، ينشر الخير على كل الوادي ، فيجد الفقير وصاحب الحاجة مرامه ، ويتنعم بخيره ، كان يجعلني ملكة يا أبى ، فتأتى الخلائق لتتنسم في ظله الحياة ؛ يا أبى .. لعقدي خضرة الحقول ، ولون الدماء في الشرايين ، وصدحان الطير ".
احتار السلطان فيما تقول ، امتلأ غضبا وخوفا ، غضبا من الأميرة ، وخوفا عليها ، وظن أن ما قالته لم يكن سوى هذيان ، لف حول نفسه ، وهمهم وزمزم ، ثم قال بعد تردد وهو يتصنع الضحك :" احترت في أمرك والله يا بنيتي .. عقد هذا أم لغز ؟".
أخذت الأميرة نفسا عميقا ، ودموعها تجرى على وجهها ، ثم أسرعت تجاه الشرفة وهى تتمتم :" سمه ماشئت أيها السلطان .. لكنهم سرقوه ". ولم تكمل ، مما زاد من حيرة السلطان ، وقلقه ، فراح يجاريها فى الحوار :" من يا بنيتي ؟ من سرق العقد .. تكلمي .. دلى أباك على السارق ؟".
تحركت كأنها تجر قدميها من فرط التعب و الوهن ، وقالت :" سل وزراءك وشركاءك .. سلهم عن عقد كان يطوق جيد الأميرة ، له لون الفضة ، يموج فترى فى بحره كائنات ، وعلى جانبيه تقوم المدينة ببيوتها وغيطانها ، ويرتمي فى أحضانه الحران و الجوعان و الظمآن .. أرجعوا لي عقدي و إلا مت .. أرجعوا لي عقدي وإلا مت .. أرجعوا .........". وانهارت الأميرة ، على أرض المكان فاقدة الوعي !
عند عودة السلطان من زيارته لابنته المحبوبة ، بعد إسعافها ، والاطمئنان عليها ، استدعى كل الوزراء ، ورؤساء الشركات ، وحكى لهم ما دار بينه وبين الأميرة ، وأصدر أمرا بحل هذا اللغز فورا ، وإلا قتلوا جميعا ، ودون استثناء ، ثم نادى على مسرور السياف ، حتى يكون قريبا منهم ، وانتظر ما تسفر عنه مداولاتهم ومشاوراتهم !
هنا توقف أحمد عن قص حكايته ، بينما الجدة تحدق فى وجهه باهتمام ، وترى حجم أحزانه وتألمه لأجل الأميرة ، وإشفاقه على مصير الوزراء فى حال فشلهم فى حل اللغز العجيب لعقد الأميرة .
قالت الجدة هامسة :" وبعد يا أحمد ؟".
رد أحمد عابس الوجه :" ومازال الاجتماع منعقدا يا جدتي ومسرور ينتظر الفرصة ليعبر عن ولائه لعظمة السلطان ".
اعتدلت الجدة متألمة من شدة التعب ، ثم التقطت أنفاسها ، وبشت فى وجهه قائلة :" تريد أن تعرف سر عقد الأميرة يا أحمد ؟".
زقزق طائر قلبه بفرح ، وهتف :" نعم .. نعم يا جدتي ".
راوغته الجدة مبتسمة :" ولماذا تريد أن تعرف ؟ ".
على الفور أجاب أحمد دون تردد :" لأنقذ الأميرة ، وأبعد عنها الحزن ، وأرجع لوجهها جماله الذاهب ، وبالتالى أنقذ الوزراء من سيف مسرور .. هكذا قال المعلم : من يكتشف السر سوف ينقذ هذه المملكة ، ويقضى بقية حياته فى هذه المدينة المسحورة ".
قالت الجدة بتؤدة :" اعلم يا أحمد أن عقد الأميرة ليس عقدا مثل بقية العقود .. لا إنه شيء كبير له جانبان ، وبينهما شيء يجرى بلون الفضة ، وعلى جانبيه بيوت وغيطان ، وأشجار ، وناس كثيرون ، وقد اختفى هذا الشيء ، الذي تطلق عليه عقدا بفعل يد ؛ ربما كانت خبيثة وغير أمينة ، وربما كان لها أسبابها .. إنه النهر يا حفيدي العزيز .. نهرنا .. والأميرة هي مدينتنا التي أصابها الانكسار .. كان النهر يطوقها بمائه الصافى ، ويرطب هواءها ، ويزينها ، كما كان يطعم الخلائق بمافيه من خيرات !".
فجأة اندفع أحمد راقصا مدبدبا :" عرفت السر .. سوف أنقذ الأميرة .. سوف أنقذ الأميرة ".
انسحبت الجدة بهدوء فرحة ، راضية بما قامت به الليلة ، وجذبت باب غرفة أحمد ، الذى نام باسم الثغر ، مفعما بالسعادة !

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة وردة دجلة ; 23-06-11 الساعة 03:18 PM
عرض البوم صور ربيع عقب الباب  

قديم 03-01-08, 10:16 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Feb 2006
العضوية: 2802
المشاركات: 818
الجنس ذكر
معدل التقييم: عاشق المستحيل عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 46

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عاشق المستحيل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ربيع عقب الباب المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي

 

مع حار التصفيق لك استاذي الغالي

 
 

 

عرض البوم صور عاشق المستحيل  
قديم 03-01-08, 11:11 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
شهرزاد ليلاس


البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 35699
المشاركات: 6,654
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الخيال عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 48

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الخيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ربيع عقب الباب المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
  
عقدي أجمل

قال أحمد لجدته ، وهى تستعد لتحكى له حكاية قبل النوم :" سنتبادل الأدوار الليلة يا جدتي 00 أنا أحكى ، وأنت تنامين "0
اعترضت الجدة أول الأمر ، لكنها حين سمعت نبرة الحزن تملأ صوته ، وافقته ؛ ليفض ما عنده ، ويتخلص من أرقه ، وحزنه ، وكما تفعل معه ، فعل معها ، قعد إلى جوارها ، واستلقت هي فى فراشه ، ثم أخذ بيدها ، وراح يحكى لها عن الأميرة ، التي صحت ذات يوم من نومها فزعة ؛ فالعقد الذي كان يزين رقبتها ، لم يكن فى مكانه !
دارت في أرجاء القصر ، واستدعت وصيفاتها وجواريها ، ثم جمعت الحراس ، لكنها لم تصل لشيء ؛ فالجميع أنكروا معرفتهم بمكان العقد الضائع ، انهارت الأميرة باكية ، بكت نعم ، حتى احمرت عيناها ، وتبدلت أحوالها ، فانطفأت نضارة وجهها الجميل ، هكذا مرة واحدة ، وذبلت وردة خدها ، وفجأة أحست باختناق ، كان يزداد رويدا 00 رويدا ، حتى أصبحت على وشك الهلاك 0
أصاب الذعر والهلع كل من بالقصر ، حتى السلطان حار أيما حيرة ، ودار هنا وهناك باحثا عن سبب كل هذا ، واحتار أكثر فى البحث عن سر هذا العقد ، الذي يفعل في الأميرة كل هذا ، وأخيرا عرض على الأميرة أن يأمر كل الصائغين فورا بالوقوف بين يديها ، وأنها سوف تجد لديهم ما يعوضها عن عقدها ، ووافقته أخيرا ، لكنها ظلت على حالها ، فكلما أقبل صائغ ، واختار أجمل ما عنده ، كانت تقول بألم :" عقدي أجمل 00 وأين هذا من عقدي ؟ "0
إنها تريد عقدها هي ، عقدها الذي لم يفارقها لحظة منذ مولدها ، وعليه أرسل السلطان رجاله فى كل مكان ، يبحثون فى بلاد الله عن العقد الضائع ، وعاد كل الرجال يحملون عقودا في غاية الروعة والجمال ، وراحوا يقدمون ما جلبوا ، والأميرة تقول :" عقدي أجمل 00 وأين هذا من عقدي ؟ "0
بعث السلطان بالأعوان إلى كافة الممالك ، يعلنون بين العامة :" من يعثر على عقد الأميرة ، يكون زوجا لها "0
جاء الخطاب من كل الممالك ، يحملون من الهدايا ، ما تعجز العين عن رصده وحصره ، وكانت الأميرة تقول :" عقدي أجمل 00 وأين هذا من عقدي ؟"0
ويعود الخطاب من حيث أتوا منكسرى الخاطر ، والأميرة في فزع ، تختنق ، وتحيط بها الرطوبة صيفا وشتاء ، بل تجنبتها رفيقاتها من بنات الوزراء وعلية القوم ، لانقلاب مزاجها ، وتدهور صحتها 0
فجأة انتاب وجه الأميرة ما أفزع المملكة كلها ؛فقد ظهرت بثور وتقرحات كانت تنتشر ، وتزحف على وجهها كله ، وبسرعة عجيبة ، والسلطان حائر ، يستدعى الأطباء واحدا تلو الآخر 00 ولا جديد !!
الأميرة حبيسة مخدعها ، مع الألم والعذاب ، تبكى الجمال الذي غادرها ، حتى أنها كانت تخشى النظر فى مرآتها البلورية ، والجياع والفقراء الذين كانوا ينعمون من فيض عطاياها باتوا حزانى 00 متوجعين ، يبكون فى صمت ، ويتركون المملكة 00 يتركونها إلى بقعة أخرى ، سعيا وراء رزق جديد 00 أميرة أخرى ، وربما عثروا على عقد أميرتهم الضائع خلال سعيهم !
جذب انتباه القوم شيء عجيب ، الألم الذي كانت تعانى منه الأميرة كانت كل نساء المملكة يعانين منه ، وكانت نفس الاختناقات ، نفس البثور ، نفس التقرحات فى الوجوه ، حتى تحولت المدينة لمدينة بائسة 00 دميمة ، وما عادت تجتذب أحدا للعيش فيها ، والسلطان أرق أشد ما يكون الأرق ، معذب ، يحبس نفسه بعيدا ، حتى لا يرى ابنته الوحيدة بهذا الشكل ، ومر وقت طويل 00 طويل ، والشوق إليها يعذبه ، ولكنه لا يحب أن يراها وهو عاجز عن فعل شيء ، وأخيرا استدعى السحرة والمنجمين وأهل الفراسة ، فما استطاعوا فك أو حل هذه الألغار التي تحيط بالأميرة ، فقد قال السحرة :" إن نجمها السيار يضمحل 00 إنه في برج نحسه "0
وقال المنجمون :" أعداؤها يا مولاي يكيدون لها .. نرى عملا معلقا فى طرف النجم المذنب ". كما قال أهل الفراسة :" ليس العقد مايبكيها ويؤلمها ؛ إنه اللغز الذي فشلنا جميعا في حله ".
في ليلة أرق السلطان ، وقرر أن يزور ابنته فورا ؛ فقد اشتاق كثيرا لرؤيتها ، وبسرعة انطلق نحو جناحها ، تحف به الحاشية وكأنما انشقت عنهم الأرض ، فأومأ إليهم ، وطلب أن يتركوه وحده ، لكنهم لم يبتعدوا إلا بعد أن رأوا إلى أي مدى وصل إصراره ، ولم يبق معه سوى ياوره الخاص ، الذي أوفده إلى جناح الأميرة ليبلغها بزيارة السلطان لها ، وعندما دخل السلطان حجرتها كانت مشعثة الرأس ، حزينة ، ذابلة الجفنين ، ولم تعد تهتم بشيء ؛ اللهم إلا هذه النظرة التي مسحت بها المكان ، حين سمعت وقع أقدام السلطان ، وحفيف ثوبه .
توقف السلطان فجأة ، وباستغراب شديد كان ينظر إلى عنق الأميرة ، التي كانت جميلة رغم كل شيء ، فرأى شيئا ما ألجم لسانه ، وعقده عن الكلام ، ثم دنا منها متهللا :" ابنتي .. منذ متى لم تقفي أمام المرآة ؟ ماذا لو أنك قمت الآن ؛ فرأيت مايبهجك ؟ ".
تطلعت الأميرة في وجه أبيها الذي رأته مبتسما ، فشجعها على القيام ، قامت متهادية نحو مرآتها ، نظرت . كان العقد يتلألأ على رقبتها وتتوهج ألوانه ، فترسل مزيجا سحريا من قوس قزح .
حاطها السلطان بذراعيه وهو يهتف :" هذا عقدك الضائع .. هذا عقدك الضائع ".
استدارت تواجهه ، ثم تنهدت بألم عجيب ، وهى تهمس :" لا .. ليس ما أبحث عنه .. ضاع عقدي الجميل الذي كان يغمرني بصافي النسائم ، وطيب الرائحة ، ويجعل الكون من حولي جميلا ، فضفاضا ، ينشر الخير على كل الوادي ، فيجد الفقير وصاحب الحاجة مرامه ، ويتنعم بخيره ، كان يجعلني ملكة يا أبى ، فتأتى الخلائق لتتنسم في ظله الحياة ؛ يا أبى .. لعقدي خضرة الحقول ، ولون الدماء في الشرايين ، وصدحان الطير ".
احتار السلطان فيما تقول ، امتلأ غضبا وخوفا ، غضبا من الأميرة ، وخوفا عليها ، وظن أن ما قالته لم يكن سوى هذيان ، لف حول نفسه ، وهمهم وزمزم ، ثم قال بعد تردد وهو يتصنع الضحك :" احترت في أمرك والله يا بنيتي .. عقد هذا أم لغز ؟".
أخذت الأميرة نفسا عميقا ، ودموعها تجرى على وجهها ، ثم أسرعت تجاه الشرفة وهى تتمتم :" سمه ماشئت أيها السلطان .. لكنهم سرقوه ". ولم تكمل ، مما زاد من حيرة السلطان ، وقلقه ، فراح يجاريها فى الحوار :" من يا بنيتي ؟ من سرق العقد .. تكلمي .. دلى أباك على السارق ؟".
تحركت كأنها تجر قدميها من فرط التعب و الوهن ، وقالت :" سل وزراءك وشركاءك .. سلهم عن عقد كان يطوق جيد الأميرة ، له لون الفضة ، يموج فترى فى بحره كائنات ، وعلى جانبيه تقوم المدينة ببيوتها وغيطانها ، ويرتمي فى أحضانه الحران و الجوعان و الظمآن .. أرجعوا لي عقدي و إلا مت .. أرجعوا لي عقدي وإلا مت .. أرجعوا .........". وانهارت الأميرة ، على أرض المكان فاقدة الوعي !
عند عودة السلطان من زيارته لابنته المحبوبة ، بعد إسعافها ، والاطمئنان عليها ، استدعى كل الوزراء ، ورؤساء الشركات ، وحكى لهم ما دار بينه وبين الأميرة ، وأصدر أمرا بحل هذا اللغز فورا ، وإلا قتلوا جميعا ، ودون استثناء ، ثم نادى على مسرور السياف ، حتى يكون قريبا منهم ، وانتظر ما تسفر عنه مداولاتهم ومشاوراتهم !
هنا توقف أحمد عن قص حكايته ، بينما الجدة تحدق فى وجهه باهتمام ، وترى حجم أحزانه وتألمه لأجل الأميرة ، وإشفاقه على مصير الوزراء فى حال فشلهم فى حل اللغز العجيب لعقد الأميرة .
قالت الجدة هامسة :" وبعد يا أحمد ؟".
رد أحمد عابس الوجه :" ومازال الاجتماع منعقدا يا جدتي ومسرور ينتظر الفرصة ليعبر عن ولائه لعظمة السلطان ".
اعتدلت الجدة متألمة من شدة التعب ، ثم التقطت أنفاسها ، وبشت فى وجهه قائلة :" تريد أن تعرف سر عقد الأميرة يا أحمد ؟".
زقزق طائر قلبه بفرح ، وهتف :" نعم .. نعم يا جدتي ".
راوغته الجدة مبتسمة :" ولماذا تريد أن تعرف ؟ ".
على الفور أجاب أحمد دون تردد :" لأنقذ الأميرة ، وأبعد عنها الحزن ، وأرجع لوجهها جماله الذاهب ، وبالتالى أنقذ الوزراء من سيف مسرور .. هكذا قال المعلم : من يكتشف السر سوف ينقذ هذه المملكة ، ويقضى بقية حياته فى هذه المدينة المسحورة ".
قالت الجدة بتؤدة :" اعلم يا أحمد أن عقد الأميرة ليس عقدا مثل بقية العقود .. لا إنه شيء كبير له جانبان ، وبينهما شيء يجرى بلون الفضة ، وعلى جانبيه بيوت وغيطان ، وأشجار ، وناس كثيرون ، وقد اختفى هذا الشيء ، الذي تطلق عليه عقدا بفعل يد ؛ ربما كانت خبيثة وغير أمينة ، وربما كان لها أسبابها .. إنه النهر يا حفيدي العزيز .. نهرنا .. والأميرة هي مدينتنا التي أصابها الانكسار .. كان النهر يطوقها بمائه الصافى ، ويرطب هواءها ، ويزينها ، كما كان يطعم الخلائق بمافيه من خيرات !".
فجأة اندفع أحمد راقصا مدبدبا :" عرفت السر .. سوف أنقذ الأميرة .. سوف أنقذ الأميرة ".

انسحبت الجدة بهدوء فرحة ، راضية بما قامت به الليلة ، وجذبت باب غرفة أحمد ، الذى نام باسم الثغر ، مفعما بالسعادة !

ياللروعه ياللجمال ......اكاد اتطاير فرحا بما قرات استاذنا الجميل والراقي ربيع عقب الباب
والله انت مبدع وشهادتي بك مجروحه ...جذبت كل حواسي وانا اقرا ..واكاد ادخل بعالم من السحر
مليء بالبهجة .....نعم عقدنا اجمل من كل عقود الدنيا ..نعم ربيع انت الاجمل والاصفى بيننا

 
 

 

عرض البوم صور همس الخيال  
قديم 03-01-08, 11:15 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Dec 2006
العضوية: 18373
المشاركات: 2,214
الجنس أنثى
معدل التقييم: سدن عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 18

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سدن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ربيع عقب الباب المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي

 

مابالك يااستاذي هذا القصه عن الجده آلمتني واحزنتني واني ابكي فقدكي ياجدتي رحمكي الله
سامحك الله ياستاذي ربيع
حنان

 
 

 

عرض البوم صور سدن  
قديم 03-01-08, 11:25 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مميز


البيانات
التسجيل: Aug 2006
العضوية: 10109
المشاركات: 1,430
الجنس ذكر
معدل التقييم: ربيع عقب الباب عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ربيع عقب الباب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ربيع عقب الباب المنتدى : خواطر بقلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهى12 مشاهدة المشاركة
   مابالك يااستاذي هذا القصه عن الجده آلمتني واحزنتني واني ابكي فقدكي ياجدتي رحمكي الله
سامحك الله ياستاذي ربيع
حنان

أو كنت نسيت نهى ؟؟؟
أظنك لم تنسى جدتك .. أنا لم أنس جدتى الجميلة .. ولن أنساها أبدا .. نعم .. لا تتألمى
فجدتك هنا .. أنا أراها .. هاهى فوق رأسك .. ترقيك .. من شر حاسد إذا حسد ... هاهى
ألا ترينها نهى .. هاهى .. يالجمالها .. تنظر إليك وإلى أحمد ولى .. وتحكى لكما هذه القصة
التى أحبها كثيرا ..... نهى .. آسف .. إن كنت آلمتك .. فما قصدت هذا .. !!!!

إياك .. نهى .. لا تنسى .. هى من تحكى هذه القصة .. وإلى روحها الرائعة أهديها !!!

ربيع عقب الباب

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب ; 03-01-08 الساعة 11:32 PM
عرض البوم صور ربيع عقب الباب  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, بقلم الاعضاء, عقدي اجمل
facebook




جديد مواضيع قسم خواطر بقلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:32 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية