المنتدى :
الحلويات
كعكة البانيتوني .. حلوة العيد في إيطاليا
كعكة البانيتوني .. حلوة العيد في إيطاليا
حب من اللقمة الأولى
يبلغ عدد سكان ايطاليا حوالي 59 مليون نسمة وبلغت هذا العام مبيعات كعكة البانيتوني المحبوبة خلال أعياد الميلاد ورأس السنة أكثر من 69 مليون قطعة، ضاربة الرقم القياسي في المبيعات للكاتو البسيط الذي تتباهى به مدينة ميلانو الشمالية وينتظره الصغار والكبار بلهفة وشوق كل عام. تقول إعلانات البانيتوني المتكررة على شاشة التلفزيون الايطالي هذه الأيام ان «بابا نويل» جاء من القطب الشمالي وخرج من المدفأة مخاطبا الأطفال: جئتكم بالبانيتوني فافرحوا والا فكيف أدعي أنني بابا نويل من دون البانيتوني! الكعكة عبارة عن خبز ذهبي اللون من الدقيق الأبيض مخلوط بالزبد والبيض والسكر ينضج في قالب بشكل قبة اسفنجية منفوخة لأنه يحتوي على خميرة تجعل العجين حامضا ويضاف اليه الزبيب وبعض الفاكهة المجففة كقطع من قشرة الليمون أو البرتقال ويبلغ علو الكعكة 15 سنتيمترا ووزنها كيلوغرام واحد وتقسم الى قطع عمودية قبل تناولها. تختص ميلانو بهذا النوع من الحلويات الموسمية منذ أيام الامبراطورية الرومانية قبل أن يعرفوا السكر الذي نقله العرب الى اوروبا في القرون الوسطى وكانوا يستعملون العسل أو عصير العنب لتحلية «الخبز العريض» (باللغة اللاتينية التي نشأت عنها الايطالية) أو مربى السفرجل. تقول الروايات إن البانيتوني هو خبز الأثرياء المعتمد على الوصفة الرومانية القديمة، وأن أحد أبناء الطبقة النبيلة اعجب بابنة الخباز الفقير المدعو توني في ميلانو في القرن الخامس عشر، لذا تخفى كخباز مثل أبيها وصنع لها كعكة من الدقيق والخميرة والزبد والسكر أطلق عليها اسم «خبز توني» التي تحولت بالايطالية الى بانيتوني، ولما علم حاكم ميلانو الدوق سفورزا بالقصة وافق على زواج الشاب والفتاة بحضور الفنان المشهور ليوناردو دا فينشي وذاع صيت تلك الكعكة منذ تلك الواقعة. اقتبس الفكرة في أوائل القرن العشرين أحد الخبازين الناجحين في ميلانو ويدعى أنجلو موتا وأعطى للكعكة شكلها الحالي عام 1919 بعد أن ترك العجين يتخمر ليوم كامل كي ينتفخ أثناء خبزه في الفرن. ما زالت شركة موتا قائمة حتى الآن وكبيرة الشهرة وقد اشترتها اخيرا شركة نستلة السويسرية للشوكولاته والأطعمة، بينما قام خباز آخر في ميلانو يدعى جواكينو ألمانيا بتعديل الوصفة قليلا عام 1925 وما زالت الشركتان تتنافسان في صنع البانيتوني حتى الآن وتبيعان أكثر من نصف الانتاج في وسط وجنوب ايطاليا، لأن الزبائن هناك لا يستطيعون مقاومة إغراء الحلويات القادمة من الشمال خلال الأعياد والمناسبات. ودخلت في العقد المنصرم شركتان جديدتان لزيادة المنافسة وهما باولي وتريه ماريه، لكن عددا من المخابز الخاصة أصبحت تصنع تلك الحلوى الشعبية بشكل طازج يتحاشى استعمال المواد الكيميائية الحافظة للانتاج على المستوى الصناعي. كما تعدت شعبية البانيتوني الى فرنسا واسبانيا والمانيا والولايات المتحدة وانجلترا والبرازيل والارجنتين.
أما في ايطاليا فهناك نوعان آخران من حلويات عيد الميلاد ورأس السنة التي تنافس حلويات ميلانو التقليدية فهناك «الخبز القوي» (بان فورته بالايطالية) من مدينة سيينا التاريخية بوسط ايطاليا في مقاطعة توسكانا وعاصمتها فلورنسا وهو مزيج كثيف من اللوز والفواكه المجففة محلى بالعسل والتوابل الحلوة مثل الزنجبيل والقرفة وعود القرنفل وجوزة الطيب.
وهناك «الخبز الذهبي» (باندورو بالايطالية) من مدينة فيرونا الشمالية القريبة من البندقية (فينيسيا) ويحتوي على الدقيق الأبيض الفاخر والبيض والسكر وليس له حشوة بل يضاف السكر الناعم على سطح الكعكة قبل تناولها. زد على ذلك أصناف حلويات النوغا المعروفة في جميع بلدان البحر الابيض المتوسط ويسمونها في ايطاليا «توروني» وتصنع من العسل وبياض البيض واللوز أو الفستق وكانت تستعمل في أيام الرومان أثناء الاحتفالات الدينية. الكثيرون لا يعرفون أن الرومان كانوا يتناولون أيضا التفاح والاجاص والجوز واللوز، كما أنهم كانوا يستوردون التمر من شمال افريقيا والمشمش من أرمينيا الذي يقال إن ثمرته جاءتهم من سورية، أما الامبراطور قسطنطين الذي أنشأ الامبراطورية البيزنطية، فكان يتناول حلوى الأرز بالحليب المحلى بالعسل، بينما كان أغنياء الروم يتناولون الطعام بعد الاستحمام وهم يتكئون على جانبهم الأيسر ويلتقطون الطعام من اللحم أو السمك المطبوخ بأصابعهم، ثم يختمون عشاءهم بالفاكهة الطازجة أو الحلويات.
يقول الشيف جان فرانكو فيزاني صاحب أحد أشهر المطاعم في ايطاليا في تصريح لـ «الشرق الاوسط » إنه مع اقتراب موسم الأعياد على الطهاة وصانعي الحلوى أن يفكروا في ابتكار وصفات جديدة «لأن اساس الحلويات الايطالية حاليا مبني على السكر الذي نستعمل منه كميات وافرة تضم الكثير من السعرات الحرارية التي من شأنها ان تزيد الوزن من دون فائدة». يتساءل فيزاني «لماذا لا نفكر في استعمال الشمر واليانسون ففيهما حلاوة طبيعية. وماذا عن الفريز (الفراولة) البري والتوت الشامي والعنب؟. هل حكم علينا باستعمال الشوكولاته والسكر والقشدة والكريما؟ التهام كعكة البانيتوني تقليد سنوي، لكن هل نتوقف عند ما ابتدعه الرومان قبل ألفي سنة»؟
* وصفة تحضير البانيتوني
* المواد:
* للكعكة: - دقيق أبيض نوع 00 للحلويات (200 غرام).
- زبد غير مملح (50 غراما).
- سكر (50 – 60 غراما).
- صفار 3 بيضات.
- ذرة من الملح (للمساعدة على انتفاخ العجينة).
- كوبان من الماء الفاتر قليلا.
- خميرة.
للحشوة: 3 ملاعق كبيرة من الزبيب المنقوع في الماء، ثم يجري تجفيفه.
50 غراما من قشر البرتقال والليمون المحلى والمجفف، ثم يتم تقطيعه الى قطع صغيرة ملعقتا زبد.
طريقة التحضير:
اخلط الدقيق بالماء والخميرة وذرة الملح في جو المطبخ ذي الحرارة الطبيعية (أي 22 درجة سانتيغراد أو 72 فهرنهايت) واستعمل ماكينة للعجن، ثم اترك العجينة لمدة 3 الى 5 ساعات في جو دافىء وهي مغطاة بقطعة قماش حتى يتضاعف حجمها. أضف الزبد والسكر وصفار البيض واعجنها جيدا ثم اتركها ساعة اخرى. اخبز الكعكة في فرن لا تتجاوز حرارته 200 درجة سانتيغراد (أو 400 فهرنهايت) بعد اضافة الزبيب وقشر الفاكهة المجففة ومزيد من الزبد، وانتظر حوالي ثلاثة أرباع الساعة حتى تنضج.
نصيحة: لكل صانع حلوى وصفته الخاصة، فاذا لم تنجح محاولتك في المرة الاولى بامكانك تعديل هذه الوصفة الأساسية لأن بعض العوامل قد تؤثر في طريقة التحضير مثل نوعية الدقيق وصنف الخميرة وحجم الكعكة وطبيعة الفرن. في ايطاليا يفضلون شراء البانيتوني جاهزا ولا حاجة للتعب أو القلق أو اضاعة الوقت في اجراء التجارب!
|