* * *
ارتفعت ضحكات ( رمزي ) و هو جالس في مقعد وثير في صالة منزل نور و هو يتطلع إلى ألبوم صور هذه الأخير ويقول في إعجاب :
هذه الصور رائعة يا نور متى التقطتها بالضبط ؟
أجابه نور و هو يمسك بصورة ما :
حيناما سافرنا معا إلى الماضي في مهمة دكتور خالد رضوان . لقد استغلت الفرصة و التقطت صورا لي مع امنحتب و بعض الفراعنة هناك .
تسائل ( رمزي ) في استغراب :
يالك من خبيث يا ( نور ) . كيف تلتقط صورا لشخصيات شهيرة كتلك دون ان تخبرنا وقد كنا معك هناك ؟
أجابه ( نور ) بابتسامة صافية :
صدقني يا ( رمزي ) . طاقة المصورة لم تكن كافية لالتقاط الكثير من الصور ولذلك لم اخبركم .
أومأ ( رمزي ) برأسه متفهما وقال :
لا عليك يا صديقي كنت أمزح فقط .
ثم ابتسم وهو يشير بيده إلى صورة أخرى :
ناولني تلك الصورة يا نور .
ناوله نور الصورة فتأملها رمزي في إعجاب وقال :
ياله من شرف ! أخذت صورة مع ليوناردو دافنشي نفسه ؟
ناوله ( نور ) صورة اخرى و أردف :
بل أخذت صورة مع راسبوتين أيضا ! أنظر .
التقط ( رمزي ) الصورة في دهشة و قال :
راسبوتين ؟ لا أذكر اننا التقينا راسبوتين في عمليتنا ضد خالد رضوان !
أجابه ( نور ) مصححا :
لا . هذه الصورة لم ألتقطها في تلك الرحلة . بل في رحلة أخرى سرية
ثم ناوله صورة أخرى قائلا :
و هذه صورة لي مع المناضل الشهير تشيغيفارا .
التقط منه رمزي الصورة و قال له في إعجاب :
لم تعد تفاجئني يا نور أبدا . لن استغرب لو وجدتك وقد أخذت صورة مع جني . هههههه
ابتسم نور لدعابته و أراد أن يعلق عليها إلا أن مشيرة هتفت بغتة و هي تتوجه إلى جهاز حاسوب نشوى :
فكرة !! . لما لا نجربها !!
التفت إليها نور و قال :
ما هي هذه الفكرة يا مشيرة ؟
أجابته و هي تضغط عدة أزرار بيديها بسرعة :
لحظة يا نور حتى اتأكد من فكرتي .
استمرت تضغط أزرار الجهاز للحظات ثم انعقد حاجبيها و هي تتطلع إلى الشاشة في انتباه قبل أن تهتف في ظفر :
نعم .. لقد صدق حدسي يا نور ، تعالو إلى هنا لترو يا رفاق .
هب الجميع إلى جهاز الحاسوب ليرو ما هنالك ، و لم يكد يفعلوا ، حتى ارتفعت حواجبهم عن آخرها في دهشة واستغراب ..
فما وجدوه كان مدهشا ..
مدهشا إلى أقصى حد ..
هتف ( نور ) في دهشة هائلة :
لا يمكن ، مستحيل ، كيف أكون مصورا إلى جانب الرئيس ( جمال عبد الناصر) شخصيا وأنا لم يسبق لي أن سافرت إلى زمنه على الإطلاق ؟
هتفت مشيرة في خبث :
خمن سر تلك الصورة و ستجد الجواب يا نور ، أنا واثقة من ذلك
هتفت ( نشوى ) في حماس :
ربما استخدمت برنامج الفوتوشوب يا مشيرة ، لدي هذا البرنامج و انا استخدمه دائما .
اشارت ( مشيرة ) برأسها نفيا و هي تراقب ملامح ( نور ) الذي استغرق في تفكير عميق . لم تمض لحظات حتى تألقت عيناه بشدة أضاءت فضاء الحجرة بأكمله فأغمض الجميع عيونهم و هتفت ( سلوى ) في فرح و هي تصفق بيديها كالأطفال :
نور . لقد وجدت الحل . مرحى لقد وجد زوجي الحل .
اما نور فقد استمر بريق عينيه و هو يقول :
الحل بسيط يا مشيرة . لقد اخترقت سجلات الكمبيوتر في الصحافة العالمية المكتوبة و بحدثت عن أية معلومات تتعلق بي .. فوجدت هذه الصورة . أليس كذلك ؟
أشارت مشيرة بيدها و قالت :
أحسنت يا نور . ولكن كيف تتفق معطيات هذه الصورة مع ما اكدته أنت منذ قليل حينما قلت بأنك لم يسبق لك أن أخدت صورة مع سيادة الرئيس جمال عبد الناصر ؟
أجابها نور ببساطة :
وجود هذه الصورة أكبر دليل على أنني سافرت إلى تلك الحقيبة من تاريخ مصر . ولكني اكدت أنني لم أسافر من قبل . وهذا يعني إما أنني سافرت إلى ذلك الزمن في عملية غاية في السرية و تم مسح ذاكرتي بعدها بوسيلة متطورة كما حدث لنا من قبل * فلم اعد اذكر شيئا ، أو ....
توقف عن الكلام فجأة فقالت نشوى و اللعاب يتساقط من شفتيها في نشوة و ترقب :
ثم ؟
أكمل نور و هو يمد يده بمنديل و يمسح به لعاب ابنته قائلا :
إما أن ( نور ) قد سافر إلى هناك فعلا ! ولكن ليس انا ، بل ( نور) المستقبل ، أي أنني سأسافر إلى هناك مستقبلا في مهمة ما .
تطلع إليه الجميع في إعجاب و قال رمزي في احترام :
أنت صادق في كل ما قلته يا نور ، على الأقل انت مؤمن بصحته ، و هذا رأي خبير نفسي يا نور ، بل أشهر خبير نفسي في مصر كلها ، بل في التاريخ بأكمله .
" يا إلهي .. لم تلاحظوا بقية الصور التي عثر عليها جهاز الحاسوب .. انظرو "
هتفت مشيرة بهذه العبارة في توتر . فالتفت الجميع إلى الجهاز فوجدوا صورتين أخريتين ، التقطت مشيرة واحدة منهما و كبرتها ، ولم تكد تفعل حتى تصاعدت صرخة ارتياع من حلق سلوى ..
صرخة زوجة تآكل قلبها من الهلع ..
فما رأته على شاشة جهاز الحاسوب كان رهيبا ..
رهيبا إلى أقصى حد ..
" رويدك يا عزيزتي .. إنها مجرد صورة لا داعي لكل هذا القلق "
هتف نور بهذه العبارة و هو يرمق زوجته الباكية فأجابه رمزي :
ولكنها صورة بشعة يا نور ، ألا ترى جثتك واضحة و تلك المخلوقات البشعة تلتهمها ؟ إنها صورة رهيبة يا نور .
التفت إليه نور و قال له في حزم :
و ماذا يعني هذا في نظرك باعتبارك خبيرا في الطب النفسي ؟
التقط رمزي انفاسه و قال :
يعني شيئا واحدا ، أنك ستسافر إلى زمن ماض وستموت مأكولا من طرف هذه المخلوقات البشعة .
أجابه نور في حزم :
لا دليل في الصورة يؤكد بأنني قد مت ، ربما كنت فاقدا الوعي فحسب . بل ربما كانت تلك الجثة مجرد دمية للتمويه لا أكثر و لا أقل .
لم يكد يكمل عبارته حتى ارتفع رنين ساعة يده فرفعها بسرعة وهتف عبرها :
هنا المقدم نور ، من المتحدث ؟
لم تجبه سوى همهمة شخص يتألم وكانه يحتضر فقال في قلق :
من المتحدث ؟ اجبني ، هل انت على مايرام ؟
تعال صوت الدكتور ناظم و هو يقول في مرارة :
لقد مات محدثك منذ قليل يا نور .
و كان هذا الإتصال يعني شيئا خطيرا ..
خطيرا للغاية ..
* * *