كاتب الموضوع :
ربيع عقب الباب
المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
اقتباس :-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع عقب الباب |
عصافير للفضاء 00عصافير للأقفاص
حين أخذ محمد القفص الملون من والده ، واندفع به صوب بيت عمه ؛ كان قلبه يخفق بشدة ، ويحس أن له جناحين يحلقان به ، وأن ثمة شيئا غريبا كان يتحكم في خطوه ، ورأى النجوم فى السماء أكثر تلألؤا علي غير العادة
بش العم فى وجهه ، وهش لحضوره غير المفاجئ ؛ فبيت عمه كان دائما البيت المحبب إليه 0
وعندما أبصر العم القفص يتدلى بين أصابعه الرقيقة تذكر وعده لمحمد :" عندما يفقس البيض ، لك منها عصفوران 0
هتف العم قائلا :" هيا اختر ما تشاء منها "0
تهدجت أنفاس محمد من الفرح ، وحدق بعناية وتركيز في القفص ، وراح يتابع العصافير ، كان بعضها يحلق ، وينتقل في فضائه مغردا ، وبعضها إما ساكنا يقف معلقا أو مختبئا فى الحجرات الداخلية 0
لوح محمد قائلا :"أريد هذه "0
ضحك العم وقال :" تريدها كلها 00 سم ما تريد !!"0
ارتبك محمد ، ولكنه تماسك ، وعاد يحدق بعناية وتركيز، ليحدد من جد يد أيها يريد ، والعم ينظر إليه ، فرحا به ، وهو يتوقع أن يعلو صوت محمد فى أي وقت ،وبالفعل لم ينتظر كثيرا ، فقد وقف محمد،وهو يردد :"هذه يا عم 00 تلك التي تتحرك هنا وهناك!!"0
حين كان محمد يقطع الطريق إلى البيت كان عقله مشغولا بأفكار مدهشة تخص العصافير ، وكان يردد:"العصافير للفضاء ، سوف أطلب من أبى قفصا أكبر حتى يكون لها فضاء أرحب و أوسع "0
وبالفعل استجاب الوالد لرغبة محمد ، مع إبداء دهشته ، لكنه انتظر حتى يرى ما وراء هذه الرغبة 0
كان محمد ينفق الساعات أمام قفص العصافير ، يقدم لها الماء والحب ، والأطعمة الشهية التي لم تكن تقربها ، كان يشهد حركتها الدائمة في فضاء القفص الكبير ،ويتمنى لو غنت ، ولكنها لم تكن تستجيب له ،فظن أن القفص الكبير ليس كبيرا ، وأنها لا تحس بالحرية الكافية ، فطلب من والده أ ن يشترى له قفصا أكبر ، مما أثار عجب والده ، فقال له :"ماذا تريد أن تفعل ؟"0
قال محمد وهو زائغ العينين :"إنها لا تحس بالحرية ، إنها حزينة "0
ابتسم الوالد،وقال:"هذه العصافير للأقفاص 00ليست مثل الأخرى الطليقة "0
هتف محمد بصوت مختنق :"أليست عصافير يا أبى ولها جناحان ،وتستطيع الطيران "0
أجاب الوالد:"نعم هي عصافير ولها جناحان وتستطيع الطيران ولكنها للأقفاص وليست للفضاء "0
تحرك محمد وهو يحس بحصار والده:"ولكنها حزينة لا تغنى مثل الأخرى 00 لن تغنى إلا في قفص أكبر وأوسع "0
أمام إصراره لبى الوالد طلبه ،وأحضر له القفص الكبير ، وأعاد الأصغر للبائع ،وانتظر محمد ليرى فرحة العصافير بالقفص ،بالفعل زادت حركتها ، وراح صوتها يتردد بالغناء لأوقات طويلة ممتدة ،ولكن محمدا كان يردد :"هذه العصافير فى القفص أجمل وأروع ومع ذلك لا تتمتع بالحرية مثلما تتمتع هذه التي تحلق فى الفضاء "0
حين نثر بعض الحب حوله ،استجابت العصافير الطائرة لدعوته الكريمة ، وحطت عليها تلتقطها ،وتنط، ثم تطير ،وتعود لتحلق قريبا منه ، لكنه فشل في الإمساك بإحداها ، لاعبته ،وداورته ،وانطلقت مبتعدة ،وهى تصوصو،وتغنى بفرح ،قال فى نفسه :"لم لا أطلق هذه العصافير ، إن الله خلقها حرة ،ولم يخلقها فى قفص ،في الفضاء سوف تكون أجمل و أروع ، سوف تكون سعيدة بالحرية ،وسوف تسعد الأطفال ،ولكنها قد تطير ولا تعود !! "0
فكر كثيرا ،قلب الأمر في رأسه الصغيرة ، ثم أسرع بفتح باب القفص ، ودفعها لكي تخرج ، فتختبئ منه فى الحجرات الداخلية ، لكنه يستمر في تحريضها على الخروج0
مر وقت طويل قبل أن تفهم العصافير ما يريد لها محمد، فانطلقت خارجة، تتمطى ،وتهز ريشها الجميل ، الملون ،وتنتقل هنا وهناك، لكنها لا تطير ، فأسرع خلفها يهشها ، ويحثها على الطيران ،جرت على الأرض ، حلقت على ارتفاع منخفض جدا ،وعادت تجرى على الأرض ، فطاردها ، وطاردها دجاج والدته ،وراحت تنقرها ،فزاد محمد من تحريضها،وهو يكاد يبكى :"هيا طيري00إن لك جناحين جميلين00 هيا طيري مثل بقية العصافير 00 هيا إنك أجمل وأرشق "0
لكنها لم تستجب ،وحين حاصرها الدجاج كان يسرع فينتشلها قبل أن تقضى عليها ، ثم يعيدها إلى القفص ،وهو يشعر بالفشل !!
ظل محمد يفعل هذا لأيام،وكل مرة كان يرفعها بين أصابعه،ثم يتركها لتطير ، أول الأمر كانت تسقط على الأرض ، ثم بعد ذلك حلقت قليلا ،وحطت على الأرض ،وفى المرة الثالثة كانت أكثر تحليقا ،وسرعان ما أصابها التعب ،وحطت على الأرض 0
لم ييأس محمد، كان مصرا ،أعاد المحاولة مرات ومرات ،وفى كل مرة كانت تتقدم، وتحرز نجاحا باهرا ،وفى المرة الأخيرة ارتفعت كثيرا فى الفضاء ، بينما عينا محمد تتابعنها فى فرح ،حتى اختفت تماما عن ناظريه ، وهو مفعم بالفرح والانتصار ، هلل وتشقلب ، ثم طوى الدرج إلى أسفل ، ووقف أمام والده وهو يردد:"ليس هناك عصافير للأقفاص وعصافير للفضاء 00كلها للفضاء يا أبى! "0
|
احببته ياربيع هذا الطفل محمد ....كم هو بريء وذكي ...وشجاع عندما اطلق عصافيره التي يحبها
...ليثبت انها خلقت للفضاء .....جميلة واستمتعت بها جدا.....الله يعطيك العافية
|