المنتدى :
الادباء والكتاب العرب
يوسف القعيد , الكتاب الأحمر
الكتاب الأحمر
رحلاتي في خريف الحلم السوفييتى
يوسف القعيد
"لا أحب لهذا الكتاب أن يتحول إلى سرادق من الورق، أتلقى فيه العزاء، في حلمنا جميعا، الذي تجسد على الأرض فعلا، في وطن الاشتراكية الأول، الذي تحول ـ بعد ذلك ـ إلى وطن الاشتراكية الأخير. لأنني أفصل بين الاشتراكية كحلم بشري، وبين التطبيق الذي جرى لها هناك. ولأنني أومن بأنه ما دام على أرض ظلم اجتماعي، وأن هناك شمالا مترفا وجنوبا جائعا. وما دام في داخل حدود الوطن الواحد من يموتون من الجوع ومن يموتون من التخمة. ما دام الحال هكذا، لا بد أن يبقى حلم الاشتراكية، معلقا في ضمير البشرية وأحد أهداف العمل الإنساني ضمير البشرية وأحد أهداف العمل الإنساني.
حتى هذه الديمقراطية الشكلية، الديمقراطية المتمثلة في كل هذا الصبر الذي تلوث به صحف زماننا. والتي جاءت في الأصل كشرط من شروط معونات القمح القادمة إلينا من الغرب. أقول إن هذه الديمقراطية ستبقى لا قيمة لها ما دامت لا تملك سوى تقديم حلول سحرية لحرية تذكرة الانتخاب وتنسى أو تتناسى حرية لقمة الخبز. علاوة على أن ديمقراطية البطون الخاوية، والأميات: أبجدية وثقافية وسياسية، تبقى دائما ديمقراطية القطيع. ما علينا، أعود إلى موضوعي. وأكتب، أن بلاد الحلم السوفييتي، كانت بالنسبة لي بلا دين. بلاد قرأت عنها، تحت مظلة الطموح الناصري الذي لامس سقف الكون. وفي زمن التراجع الساداتي الذي أعادنا إلى ما قبل المربع رقم واحد. بدأت القراءة في حقول الأدب. كانت هذه البلاد بالنسبة لي. ذات حضارة عظيمة، فهي البلاد التي عاش فيها وكتب عنها ولها: دستفويسكي أهم كاتب في تاريخ البشرية. كتب عن أعماق النفس الإنسانية. وتولستوي الذي تعلمنا منه، كيف يكتب النص الروائي الذي لا يعرف أبدا، أين تنتهي الملحمة. وأين يبدأ النص الروائي، وتشيكوف، العبقري الذي حاول نثر الحياة اليومية إلى قصائد من الشعر القصصي، والذي جعل سأم وملل ورتابة الواقع اليومي خيالا قصصيا نادرًا. والذي جعلنا نحدق طويلا في البؤس الإنساني، دون أن يتسلل إلينا اليأس أبدا.بعد هذا الزخم الثقافي. كنت أحاول أن أرسم تضاريس الواقع اليومي من خلال متابعاتي وقراءاتي. كنت أتساءل هل يمكن أن تحدث المعجزة في زمن قال للمعجزات وداعًا؟ هل يمكن أن تتساوى الرءوس؟ أن يحصل كل إنسان على عائد عمله بدرجة من التساوي الكامل. إن العدل الاجتماعي بالنسبة لواحد مثلي، خرج من واقع اجتماعي فقير، يصبح قضية العمر المحورية. ولأن كل التجارب كانت تنتهي إلى الفشل. كنت أقول لنفسي: إن ما سيحدث لنا هو ما جرى لمن كانوا قبلنا. نحلم، وعندما نحاول الخروج من مناطق الأحلام الضبابية إلى أرض الواقع، تحدث الكارثة.كنت في الضفة الأخرى لليأس، كنت قد آمنت بأنه في أعماق كل تجربة إنسانية بذرة فشلها وفناؤها والقضاء عليها في النهاية، وأنه لا أمل على الإطلاق، بل لقد حدثت لي حالة من انعدام القدرة على الحلم. مع أن الدنيا بدون أحلام تصبح هي الجحيم على الأرض. "
الرابط
أو
شاكرا اهتمامكم
وعلى امل اللقاء بكم قريبا !
|