المنتدى :
الطفولة
الطفل العربي ولغته أمام العولمة
الطفل العربي ولغته.. أمام العولمة
من أجل مواجهة التحديات التي تهدد اللغة العربية وتحد من قدرة الطفل العربي علي تشكيل هويته وثقافتة العربية, انعقد المؤتمر العالمي الذي نظمته جامعة الدول العربية أخيرا بالتعاون مع المجلس العربي للطفولة والتنمية الذي يرأسه الأمير طلال بن عبدالعزيز تحت عنوان لغة الطفل العربي في عصر العولمة وشاركت فيه 19 دولة عربية و7 دول أجنبية حيث طرح المشاركون الذين بلغ عددهم 5 آلاف شخص تجاربهم في الحفاظ علي لغتهم الام.
في البداية أكد د. عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافية أن تعرض أي مجتمع للعولمة يؤدي إلي حدوث ظاهرة تسمي (التلوث اللغوي) التي تعد مدخلا لسلب الهوية وإضعاف الشخصية وإكراه الافراد والجماعات علي الذوبان في الثقافات الأجنبية وهكذا أصبحت لغة الطفل العربي من الهشاشة بحيث يجب دق ناقوس الخطر ومعرفة أن الإصلاح ينبغي أن ينطلق من دور الحضانة ورياض الأطفال.
-وذكرت مني كامل مديرة إدارة الأسرة والطفولة بالجامعة أن المسألة ليست مجرد استبدال كلمة إنجليزية بأخري عربية, بل هي عملية تغيير جوهري في أسلوب الحياة ولذلك كان اهتمام السيد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية بهذا المؤتمر الذي يعد تتويجا لإعلان قمة الخرطوم في العام الماضي لتطوير طرق وأساليب التعليم في الدول العربية بعد أن لوحظ اندثار اللغة العربية الفصحي كما أعلنت مني كامل عن وضع استراتيجية سيعلن عنها قريبا لحماية لغة الطفل في عصر العولمة.
لأن اللغة العربية لغة حية ومتطورة, أدت ولا تزال تؤدي دورا حيويا في تاريخ البشرية فضلا عن كونها لغة الذكر الحكيم لذلك يستوجب اتخاذ كل الإجراءات من أجل حمايتها. وقال الدكتور سليمان إبراهيم من الكويت أن المدرسة لم تعد المصدر الوحيد الذي يتعلم منه الطفل اليوم اللغة, فهناك جماعات الأصدقاء والاسرة في البيت, وإذا أضيفت إلي كل هذه المصادر المؤثرات غير التقليدية, عبر وسائل الإعلام فسنجد تغييرا في سلوك الأطفال وتبديلا في لهجتهم, وتعديلا في لغتهم.
وإذا كانت الهوية هي مجمل السمات الفكرية والملامح الثقافية والنزعات الروحية التي يتميز بها أي مجتمع عن غيره فإن أبرز سمات وملامح الهوية هي اللغة لأنها مستودع التراث وديوان الأدب ومجال الأفكار والعواطف. وبهذا يصبح للغة الدور الأبرز في الدفاع عن الذات, وعن الوجود, من خلال تجسيد الهوية. وتطرق د. سليمان إلي نقطة غاية في الأهمية وهي الرسائل التي تبثها أفلام الرسوم المتحركة الغربية لأنها تكرس مفاهيم غربية, كأن يدرك الطفل أن الصراع هو جوهر الحياة وأن السلام والتعاون لحظات نادرة وعابرة, وهي قيم تصلح للمجتمعات الغربية التي يعتبر فيها التنافس أقرب إلي الفضيلة ولكن هذه القيم لا تصلح في المجتمعات الشرقية التي تري أن فضيلة التعاون أهم من التنافس.
-وتحدثت الدكتورة فيحاء عبد الهادي أستاذة الأدب العربي من دولة فلسطين عن(القص) وما يحتله من مكانة كبيرة في مرحلة الطفولة حيث يستمع الطفل للحكاية بآذان صاغية وعيون مفتوحة, ودهشة غير محدودة, يطلق خلالها العنان لخياله, معبرا عن توق فطري لدي الإنسان منذ نشأته, إلي عالم سحري, ولكن الطفل العربي منذ أن يبدأ بالتساؤل, خلال رحلته المعرفية يواجه سدا من المعوقات والممنوعات ونظاما تربويا واجتماعيا أبويا يحاصره في البيت والمدرسة والشارع مما يفرز شخصية اتكالية ضعيفة خاضعة تكون مرتبطة بالقبيلة بعيدا عن الكون الواسع الرحب, وعن التفكير العلمي. ومن الممكن أن يساعد عصر العولمة وتكنولوجيا المعلومات الاطفال علي الانفتاح علي الثقافات الأجنبية وتجارب الشعوب واكتساب المعرفة والاطلاع علي أحدث التقنيات العلمية, مما يكسب اللغة العربية أبعادا متنوعة ويضيف اليها مفردات جديدة تجددها.
-وأشارت هالة الأتاسي من سوريا إلي توصيات مؤتمر الطفل العربي في مهب التأثيرات الثقافية الذي عقد أخيرا وطالبت بضرورة الوعي بأهمية امتلاك الطفل للغة الام, والاعتماد علي جميع الوسائط الثقافية والاعلامية المتاحة والمرادفة لعملية التعليم..
وقد انتهي المؤتمر إلي مجموعة من التوصيات منها:
1 ـ الاستفادة من المشروعات والنشاطات التي تدعم لغة الطفل في بعض الدول العربية ونشرها في أرجاء الوطن العربي ومن ذلك مشروع مهرجان القراءة للجميع والمكتبات العامة.
2 ـ وضع مخطط علمي لمنهج متكامل لتعليم اللغة العربية يبدأ بمرحلة ما قبل المدرسة وينتهي بالصف السادس.
3 ـ العمل علي رفع المستوي الاقتصادي للأسرة العربية باعتبار أن الإمكانات المادية تقوم بدور مؤثر في توفير الوسائط اللازمة للارتقاء بلغة الطفل.
4 ـ اعتماد اللغة العربية لغة برامج الأطفال الإذاعية والتليفزيونية في البلدان العربية. وتشجيع الإنتاج التعليمي والترفيهي الموجه للاطفال علي الأداء باللغة العربية مع الحرص علي عرض تلك المواد بطريقة جذابة وشائقة.
5 ـ إنشاء قنوات مخصصة كليا للأطفال علي أن يكون التداول فيها بالعربية.
6 ـ إنشاء مسابقات للقراءة والكتابة باللغة الفصحي من خلال وسائل الاعلام علي مستوي الدول الأعضاء لتشجيع الأطفال علي النطق والكتابة بها, والاستماع إليها.
7 ـ الاهتمام بكتاب ومؤلفي أدب الأطفال العربي للارتقاء بهذا الأدب وجعله منافسا للآداب العالمية.
8 ـ تشجيع الدراسات التي تعني بأدب الطفل العربي ولغته ودعمها.
9 ـ تيسير وتسهيل عرض كنوز التراث العربي للأطفال من خلال الأعمال الفنية.
د/ تهانى القيعى
|