كاتب الموضوع :
نوسي 2007
المنتدى :
البحوث الأدبية
الفصل الثاني
الإطار النظري للدراسة
H تمهيد :
H الطفولة وتشكيل الشخصية
H أهمية مرحلة الطفولة المبكرة :
H رياضالأطفال وأهميتها التربوية
H الدور التربوي لرياض الأطفال:
H ترسيخ القيم عند الطفل
H طرق استيعاب الطفل للقيم :
الفصل الثاني
تمهيد :
يشكل الأطفال ثلث عدد سكان العالم تقريباً ، إلا أن أهمية الطفولة لا تنبع من مجرد ضخامة العدد في حد ذاته بل من كونهم نواة المستقبل ، أو هم المستقبل ذاته لأنه ملك لهم ويجب أن نهيئ الظروف المناسبة لكي يسيروا نحوه في خطى قوية وثابتة .
ويمثل الاهتمام بتربية الطفل ورعايته منذ مرحلة الطفولة الباكرة واحداً من أهم المعايير التي يمكن أن يقاس بها تقدم أي مجتمع ومدى تطوره ، كما أن رعاية الأطفال وتربيتهم هو إعداد لمواجهة التحديات الحضارية التي تفرضها حتمية التطور والتغير الاجتماعي ، خاصة بالنسبة للمجتمع الفلسطيني الذي يتسم بطبيعة خاصة وظروف متفردة وتحديات حضارية واجتماعية وسياسية يندر أن يواجهها أي مجتمع آخر ، مما يحتم عليه الاهتمام برعاية أطفاله والاهتمام بتنشئتهم منذ السنوات الأولى من حياتهم التي تعد من أهم المراحل في تكوين شخصيتهم ، ففي هذه المرحلة يكون شديد القابلية للتأثر بالعوامل المختلفة المحيطة به في الأسرة والمجتمع بصورة تترك بصماتها الواضحة عليه طوال حياته وخاصة من الناحية الجسمية والعقلية والنفسية ( ميادة الباسل ، 1987 ، ص3 ) .
الطفولة وتشكيل الشخصية
وتعتبر هذه المرحلة فترة تكوينية حاسمة في حياة الإنسان ، لأنها فترة يتم فيها وضع البذور الأولى للشخصية التي تتبلور وتظهر ملامحها في مستقبل حياة الفرد ، حيث ويكون فيها الطفل فكرة سليمة عن نفسه ومفهوماً متكاملاً عن ذاته الجسمية والنفسية والاجتماعية في الحياة والمجتمع ( سعدية بهادر، 1987 ، ص15 ) .
وقد شهد هذا القرن اهتماماً فائقاً بالمراحل الأولى من حياة الطفل لاسيما من قبل المتخصصين والآباء ، لأن الطفل في هذه المرحلة يكتسب كثيراً من معارفه واتجاهاته ، ومهاراته وهي مرحلة لها أهميتها القصوى من الناحية الاجتماعية من حيث غرس القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تدعم روح المواطنة الصالحة والمبادئ القويمة ، لذا تشير كثير من الدراسات إلى الأثر الراسخ لمرحلة الطفولة في شخصية الفرد سلبياً أو إيجابياً تبعاً للظروف البيئية والخبرات الحياتية التي يعايشها ، ويبرز هذا الاتجاه واضحاً في فكر فرويد Freud وأتباعه من أصحاب مدرسة التحليل النفسي الذين يركزون على مرحلة الطفولة ، وعلى الأخص السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل ، وأثر ذلك في شخصيته مستقبلاً ( نايفة قطامي، محمد برهوم ، 1989 ، ص18 ) .
كما تعتبر هذه المرحلة من أهم الفترات التأسيسية لبناء شخصية الفرد وتشكيل سلوكياته المكتسبة ، حيث يبدأ الطفل في هذه المرحلة في تعلم المعايير والقيم الأخلاقية ، ويشير معنى المعايير والقيم الأخلاقية هنا إلى المقبول والمرفوض في مجتمع الطفل وإلى الأوامر والنواهي . فالطفل لابد له من أن يتعلم قول الصدق وأن يلعب بلطف مع رفاقه وأن يطيع والديه ( مفيد حوشين ، وزيدان حوشين ، 1989 ، ص111 ) .
وتعد دراسة القيم من الموضوعات الهامة في مجال علم النفس والتربية ، وتحظى تنمية القيم الأخلاقية بأهمية بالغة في الوقت الحاضر في المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء ( عفاف عويس ، 1987 ، ص47 ) .
ويشمل موضوع القيم الأخلاقية كافة جوانب نشاط الإنسان وتفاعله مع بيئته وتصرفاته وسلوكياته التي تنظم علاقته بالله وبالكون وبالمجتمع ( لويس ملكية ، 1979 ، ص277 ) .
ويعتمد النظام الأخلاقي لأي مجتمع على مجموعة من القيم يتعارف عليها أفراده ، وتتسق مع عقائده الدينية ومعتقداته ، ويتم اكتسابها من خلال عملية التطبيع الاجتماعي للطفل منذ نعومة أظافره بما يفرضه المجتمع من قيود على سلوك الفرد منذ مرحلة باكرة في حياته ، والتي تبدأ في بيئته المحددة بأسرته التي يولد فيها ، وما توفره له من خبرات على شكل أنواع من المسموحات ، والممنوعات ، والتفرقة بين ما هو جميل وقبيح ، وما هو خير وما هو شر ، بما يحدد السلوك المرغوب فيه فتتكون بموجبه القيم الأخلاقية والاجتماعية ، التي تستمد قوتها من مدى تقبل المجتمع أو رفضه لها ( حسن شحاته ، 1989 ، ص90 ) .
وتعد تنمية الأخلاق من أهم وظائف التربية ، وذلك بحكم الارتباط العضوي للقيم الأخلاقية بثقافة المجتمع وقوة تأثيرها فيه ، لأنها تعبر عن القيم التي اختارها المجتمع لتحديد سلوكياته وأهدافه وأساليب تطوره ونموه ، كما أن التربية تستمد أهدافها الأساسية من هذه القيم وتستند إليها في اختبار أنواع المعرفة المقدمة للطلاب والأساليب التي تتبعها في تحقيق أهدافها التربوية ، وفي ضوء القيم أيضاً يتم اختيار الأنماط السلوكية التي تسعى التربية إلى ترسيخها في نفوس الأطفال ( إبراهيم عصمت مطاوع، 1990 ، ص123 ) .
يجب أن يعمل مجتمع الروضة على تكامل المعلومات والمعارف والخبرات الانفعالية والوجدانية ، لأن الاقتصار على الشكليات والجانب النظري فقط يؤدي إلى الازدواجية ما بين القول والعمل وإلى فشل المؤسسات التربوية والتي تبدأ بالروضة في تحقيق أهدافها الفعلية في إعداد الإنسان القادر على تحقيق ذاته وخدمة مجتمعه والنهوض به .
وعلى الرغم من تلك الأهمية الحيوية لدور القيم الأخلاقية في حياة كل المجتمعات والأمم فإن هذه القيم وتنميتها خاصة لدى أطفال الرياض لم تحظ بالاهتمام اللائق بها في مجتمعنا العربي بعد ، هذا بالإضافة إلى أن مجتمعنا الفلسطيني الناهض - بظروفه الخاصة والمتفردة - أكثر احتياجاً إلى تدعيم القيم الأخلاقية والروحية والإنسانية لدى أبنائه منذ المرحلة الباكرة في حياتهم حتى يمكنهم النهوض بمجتمعهم من الناحية التكنولوجية والعملية جنباً إلى جنب مع تنمية الجوانب الروحية والأخلاقية ، حيث تؤدي قوة القيم الاجتماعية والأخلاقية وثباتها إلى ثبات المجتمع واستقراره لأنها أشبه بالأعمدة القوية التي تدعم المجتمع ويستند عليها بنيانه ، وهي بمثابة الأعمدة الواقية للفرد وللمجتمع الذي يمكن أن يحمي من أي غواية أو انحراف .
وإذا كان الطفل في مرحلة الطفولة الباكرة يتمتع بالقدرة الفائقة على التعلم والمرونة والقابلية للتغير والتأثير بالمحيطين به خاصة من الأشخاص ذوي الأهمية في حياته ولاسيما والديه ومربيته في الروضة ، لذا فإنه ينبغي التأكيد على أهمية اكتساب الطفل للقيم الملائمة والتي يرى المجتمع ضرورة غرسها في نفسه خلال هذه المرحلة العمرية ( علي الدسوقي ، ميادة الباسل 1995 ،ص 6 ) ، لأن ما يتعلمه الطفل ويكتسبه في صغره باق ومستمر مهما أحاطته ظروف عصبية أو تغير اجتماعي أو اقتصادي ، وكلما اهتم المتخصصون في التربية بدراسة القيم منذ المراحل الباكرة في حياة الطفل كلما أمكن تعديلها أو تغييرها بما يحقق الأثر الفعال والقوي في بناء الإنسان الأفضل وفقاً لفلسفة المجتمع وأهدافه ( أمل حراك ، 1990 ، ص3 ) .
ويؤكد بياجيه Piaget أن القيم الأخلاقية ليست قيماً فطرية يولد الطفل مزوداً بها ، بل أنها قيماً مكتسبة ومتعلمة يتشربها الطفل من خلال تمثله للمعايير الأخلاقية والاجتماعية السائدة في بيئته وتكيفه معها وخضوعه لتأثيرات الوسط الأسري الذي يعيش فيه منذ بداية حياته ( غسان يعقوب ، 1982 ، ص44 ) .
ولطفل الروضة مهارات تلقائية تجعله قادراً على التقبل أو الرفض فقد يعمد على تقبل بعض ما يقدم إليه من قيم ويرفض البعض الآخر ، إلا أن ذلك الرفض ، والقبول لا يعتمد إلى عملية الاستحسان أو الكره فقط ، بل أنه يعتمد أيضاً على طريقة التفاعل وصور تقديم تلك الخبرات التي تؤدي إلى القدرة على الاستيعاب أو الرفض ( يوسف أسعد ، 1979 ، ص51 ) .
ومن هنا جاء الاهتمام بغرس القيم باعتباره أحد الأهداف الرئيسية التي تعنى بها التربية ، ذلك لأن الفرد الذي يفقد قيمه يفقد اتزانه ، ويربط جون ديوى الأخلاق بالتربية ، ويرى أن الأخلاق يمكن تهذيبها عن طريق التربية لأن عملية التربية والعملية الأخلاقية شيء واحد ، وقد تناول ديوى (1948) الصلة بين الأخلاق والتربية في كتابيه : الخبرة والتربية Experience & Education ، والمبادئ الأخلاقية في التربية Moral Principles in Education ، وقد تحدث في كتابة الأخير عن الفهم والإدراك الجوهري للمبادئ الأخلاقية في التربيةA Fundamental Understanding of Moral Principles of Education ( سامية عبد السلام ، 1992 ، ص117 ) .
وتمثل القيم بالنسبة للمجتمع أعمدة البناء التي ترتكز عليها البناية الاجتماعية بأكملها ، لذا كان غرس القيم ضرورة فردية واجتماعية في آن واحد ( شفيق علاونة وآخرون ، 1991 ، ص108 ) .
ولا تقتصر أهمية دراسة القيم الأخلاقية على مجال واحد فقط مثل المجال الفلسفي أو الاجتماعي ولكنها تتعدى ذلك لترتبط بجميع الميادين وتمس جميع العلاقات الإنسانية في كافة صورها وأشكالها لأنها ضرورة اجتماعية موجودة وواضحة في كل أسلوب منظم ، وهي تتغلغل في الأفراد في شكل اتجاهات ودوافع وتطلعات وتظهر في السلوك الظاهري الشعوري واللاشعوري للفرد ( فوزية دياب ، 1966 ، ص34 ) .
ومما لاشك فيه أن روضة الأطفال هي المؤسسة التي تلي الأسرة مباشرة في تنشئة الطفل أخلاقياً لما لها من دور كبير في تكوين القيم الأخلاقية والتنشئة الاجتماعية السليمة من خلال استخدام المناهج الملائمة الموجهة مباشرة نحو الهدف ، ومن بين هذه الوسائل نجد أن التربية من خلال البرمجة هي الأكثر تأثيراً وأهمية وانتشاراً ، إلا أن تلك البرمجة ليست غاية في حد ذاتها ولا نموذجاً صارماً ومحدداً ، يتحتم على الطفل تعلمه والتكيف معه ، ولكنها وسيلة وطريقة تهدف إلى تنمية شخصية الطفل وهذه البرمجة يجب أن تتناسب مع الأطفال من حيث واقعهم وإمكاناتهم واحتياجاتهم وطاقاتهم الكامنة ، كما يجب أن تتسم بالمرونة والقابلية للدراسة والتمحص المستمر ، ويجب أن تهدف أساساً إلى حث وتعزيز النمو السوي للأطفال ، بحيث تكسبهم معاني وقيماً جديدة ، مع صقل خبراتهم ، والربط بين الثقافة والجوانب الإنسانية وتشجيع مراحل النمو الأساسية في حياتهم ( تشيكويتي بيوكنكتي ، 1996 ، ص37 ).
ويعتبر التخطيط الدقيق والمبتكر للبرامج الموجهة لأطفال الرياض ضرورة قومية ملحة في العصر الحاضر الذي تفجرت فيه سبل المعرفة وتدفقت لتغمر عالم الأطفال وتثري بيئتهم ، وأصبح لزاماً على المسئولين عن الإعداد والتخطيط التربوي للأطفال أن يعدوا البرامج التي تزودهم بالمفاهيم والخبرات والتي تكسبهم الاتجاهات والميول والعادات ، والتي تمكنهم من الحياة في مجتمع الميول وتساعدهم على فهم البيئة التي يعيشون فيها مع الحفاظ على أصالتهم من خلال التمسك بقيم وتقاليد مجتمعهم في مواجهة الغزو الثقافي ورياح العولمة العاتية ( سعدية بهادر ، 1994 ، ص27 ) .
كما يمكن للطفل الصغير أن يتعرف من خلال تلك البرامج على القيم الملائمة والمستحسنة اجتماعياً مما يمكنه - وبصورة تدريجية - من تبني أساليب الحياة وقواعد السلوك مما يمكنه بعد ذلك من أن يتبنى هو نفسه مواقفه الذاتية المستقبلية ، نتيجة نضج قدراته وخبراته الشخصية ، وبفضل تمثله نماذج الحياة التي تحيط به ، وما يتوفر له فيها من خبرات ، وكلما كبر الطفل كلما كف عن التصرف والسلوك بدافع من احتياجاته فقط ، ولكن يتعدل سلوكه بناءً على قوة مبادئ الحياة وقوة القيم الإنسانية والروحية والأخلاقية والشخصية التي اكتسبها ( تشتكويتي بيوكنكتي ، 1996 ، ص16 ) .
والقيم الأخلاقية قيم أساسية لا يمكننا الاستغناء عنها إذ أنها من صلب الدين الإسلامي الحنيف الذي ندين به في مجتمعنا العربي ، ولكي يكون لها دور واضح في حياتنا يجب ربطها بالواقع الذي نعيش فيه حتى يؤمن الأفراد بقيمتها العملية إلى جانب إيمانهم بقيمتها النظرية .
وينتج عن اتصال الأخلاق بالواقع الذي يعيش فيه الإنسان إنها لا تصبح مجرد قائمة من القواعد التي يتم تطبيقها بدون تفكير لأن دخول التفكير وقيامه بعمله في ميدانها هو الذي يضفي عليها قيمتها الأخلاقية ، وبذلك يستطيع الإنسان أن يحدد مواطن الصعاب التي تعترضه والمغريات التي تواجهه ، وأن يحدد المساوئ والشرور التي يصادفها ، مما يمكنه من التوصل إلى حلول مناسبة وسبل ملائمة للقضاء عليها ( محمد النجيحي ، 1974 ، ص259 ) .
وتكتسب برامج التربية الأخلاقية لطفل الروضة في المجتمع الفلسطيني أهمية خاصة نظراً لما يعانيه ذلك المجتمع من ظروف الاحتلال والتغيرات والتحولات الاجتماعية الكبيرة والعنيفة والمتلاحقة التي يمكن أن تعرض الطفل لتشوه بناء نظامه القيمي ، خاصة بالنسبة للقيم الأخلاقية التي يعايش الطفل الفلسطيني كل يوم خبرات قاسية لانتهاكها تحت وطأة الاحتلال اليهودي لأراضيه وممارسته القمعية المستمرة التي يمكن أن ترسخ في نفوس الأطفال قيماً همجية هي أبعد ما تكون عن قيم ديننا الإسلامي الحنيف .
ويؤكد مخططو المناهج الفلسطينية في مرحلة الرياض على ضرورة التمسك بالقيم الأخلاقية واحترام الحريات الفردية والاجتماعية وتنظيم فكر الطفل وسلوكه ، وذلك من خلال الأنشطة التعليمية التي تبدأ بوادرها في مرحلة الرياض ، والتي تهدف إلى :
1. خلق المواطن المعتز بهويته الوطنية وعروبته وإسلامه .
2. المعتز بوطنه الفلسطيني والمنتمي إليه .
3. المعتز بلغته العربية والقادر على التعبير عن حاجاته والواعي بتراثه الوطني .
4. المشجع للمبادرات الفردية والجماعية ، المنتجة والمحافظة على حقوق الآخرين وممتلكاتهم ( فاطمة صبح ، 1999 ، ص14 ) .
لذا فقد اتجهت الباحثة - مع تلك الأهداف التي يتطلع إليها المجتمع الفلسطيني - إلى السعي نحو تحقيق جانب هام من تلك الأهداف والمتمثل في تنمية القيم الأخلاقية لدى أطفال الرياض ، حيث تمثل هذه المرحلة الباكرة في حياتهم البداية السليمة لتشكيل شخصياتهم المشبعة بقيمنا الأخلاقية العربية والفلسطينية الأصلية .
أهمية مرحلة الطفولة المبكرة :
يعد الاهتمام الباكر بتنمية شخصية الطفل بمختلف جوانبها وأبعادها ، والتي من أهمها الجانب الأخلاقي من المهام الأساسية التي يجب أن يتصدى التربويون والقائمون على العملية التعليمية للقيام بها ، لأن الاهتمام بالطفولة الباكرة يعد من أهم المعايير التي يقاس بها رقي الأمم وتحضرها حيث لا يجب أن يترك الأطفال في هذه المرحلة الهامة في حياتهم للنمو بصورة عشوائية دون تخطيط علمي دقيق ومنظم لأساليب تربيتهم ووسائل رعايتهم مما يجعلهم يواجهون المستقبل بإمكانات واستعدادات ضعيفة ودون المستوى ، لا تمكنهم من الرقي بمجتمعاتهم ( حامد الفقي ، 1986 ، ص7 ) ، خاصة وأن ما يكتسبه الطفل في هذه المرحلة من حياته من قيم وعادات وسلوكيات قد يصعب - إن لم يكن من المستحيل - تغييرها في المراحل اللاحقة من حياته ، مما يستدعي ضرورة إعداد البرامج الإثرائية التربوية والإرشادية التي تساعد على تنمية شخصية الطفل بمختلف جوانبها ، نظراً لما تؤكده الدراسات النفسية والتربوية من أهمية مرحلة الطفولة الباكرة ، وضرورة إمداد الطفل بالمثيرات الحافزة لنموه حيث يحتاج النمو في هذه المرحلة إلى مثيرات بيئية ثرية وتهيئة مواقف اجتماعية تسمح باستغلال وتوظيف قدرة الطفل الفائقة على التعلم في هذه المرحلة ، خاصة وأن الجميع من آباء ومربين ومعلمين يحرصون على تنمية القيم الأخلاقية لدى الأطفال دون معرفة السبيل إلى ذلك .
ويعد تدريب الطفل ومساعدته على تنمية القيم الأخلاقية لديه في هذه السنوات الباكرة أمراً في غاية الأهمية والخطورة لأن تنمية القيم الأخلاقية تعد مطلباً حيوياً وهاماً من أجل إعداد الأطفال الناشئة للقيام بأدوارهم المستقبلية والمشاركة في بناء المجتمع بصورة سوية وفعالة .
فقد أجمع معظم علماء النفس والتربية على أن سنوات الطفولة الباكرة ذات أثر حاسم في تحديد شخصية الفرد خلال المراحل التالية من عمره ، ويؤكد عبد العزيز القوصي ( 1980 ، ص145 ) أن فترة الطفولة الباكرة هي فترة نمو مستمر في جميع النواحي يتلقى الطفل خلالها دروساً للعادات والتقاليد والقيم السائدة في مجتمعه ، وهي مرحلة تتميز بالمرونة والقابلية للتعلم .
لذا أكد بياجيه Piaget على أهمية السنوات الأولى في حياة الطفل في تكوين المفاهيم والقيم لديه ( سعديه بهادر ، 1994 : 9 ) .
ويشير فروبل - هو من الرواد الذين أسهم في رياض الأطفال على المستوى العالمي - إلى أنه ينبغي الاستفادة الجادة من الاستعدادات والقدرات الخاصة المتوفرة لدى الطفل في مرحلة الطفولة الباكرة وتوجيهها نحو مسارها السليم ( كاميليا عبد الفتاح ، 1989 : 15 ) .
كما أكد أيضاً على أهمية دور رياض الأطفال في تحقيق النمو المتكامل لشخصية الطفل ، حيث تعد رياض الأطفال من أهم المؤسسات التربوية والاجتماعية التي ترعى الطفل منذ مرحلة باكرة في حياته.
ويربط " جون ديوي " بين الأخلاق والتربية ، ويرى أن الأخلاق يمكن تهذيبها عن طريق التربية ، واكتساب الطفل للقيم الأخلاقية القومية ، لأن التربية والعملية الأخلاقية شيء واحد ( سامية عبد السلام ، 1992 : 117 ) .
ويتضح مما سبق أهمية دراسة القيم الأخلاقية لدى الأطفال وتنميتها لديهم منذ المرحلة الباكرة في حياتهم ، ويمكن إيجاز أهمية القيم الأخلاقية للأطفال في عدة نقاط من أهمها :
1. تساعد القيم الأخلاقية الطفل على تنمية وتدعم بنائه وتكوينه النفسي بصورة إيجابية وفعاله من خلال التغلب على المشاكل والاضطرابات النفسية التي يمكن أن تصيب الطفل في المراحل العمرية الباكرة من حياته .
2. تسمو القيم الأخلاقية بوجدان الأطفال وتنير أمامهم الطريق إلى كل ما هو إنساني ونبيل بما يتفق مع المعايير والقيم والأخلاقيات السائدة في مجتمعهم .
3. تعد القيم الأخلاقية عاملاً هاماً في تحديد هوية الجماعة وتزايد تماسكها وربط أفراد المجتمع ببعضهم البعض من خلال توحيد الأهداف والقيم التي تربط بين الجميع وتوجههم نحو هدف واحد .
4. تمثل القيم الأخلاقية أساساً متيناً وإطاراً مرجعياً دقيقاً يساعد الفرد على تقييم سلوكياته وتصرفاته في مختلف جوانب الحياة .
5. تعد القيم الأخلاقية الأساس الأول لبناء المجتمعات الراقية حيث لا يمكن أن تستقيم حياة المجتمع دون تلك المنظومة الأخلاقية التي تعد القيم أول وأهم لبنة فيها .
6. تمثل القيم الأخلاقية عاملاً هاماً في تزايد قدرة الفرد على التكيف مع البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه من خلال تفهمه لتلك المبادئ والقيم الأخلاقية والالتزام بها .
7. تساعد الفرد على تعلم الانتظام والالتزام في حياته حيث يتعود الطفل منذ مرحلة باكرة في حياته على الالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية والعمل بها .
8. تعد القيم الأخلاقية الأساس الأول في بناء الشخصية الأخلاقية لدى الطفل مما يساعده على تنمية الشخصية السوية البعيدة عن الاضطرابات والصراعات النفسية .
رياض الأطفال وأهميتها التربوية
تعتبر رياض الأطفال مؤسسات تربوية واجتماعية تسعىإلى تأهيل الطفل تأهيلاً سليماً للالتحاق بالمرحلة الابتدائية وذلك حتى لا يشعرالطفل بالانتقال المفاجئ من البيت إلى المدرسة، حيث تترك له الحرية التامة فيممارسة نشاطاته واكتشاف قدراته وميوله وإمكانياته وبذلك فهي تسعى إلى مساعدة الطفلفي اكتساب مهارات وخبرات جديدة، وتتراوح أعمار الأطفال في هذه المرحلة ما بين عمرالثالثة والسادسة.
ويحتاج الأطفال في هذه المرحلة إلى التشجيع المستمر من معلماتهذه الرياض من أجل تنمية حب العمل الفريقي لديهم ، وغرس روح التعاون والمشاركةالإيجابية، والاعتماد على النفس والثقة فيها، واكتساب الكثير من المهارات اللغويةوالاجتماعية وتكوين الاتجاهات السليمة تجاه العملية التعليمية ( شبل بدران ،2000 ، ص 118 ) .
ويعتبر الطفل فيالمناهج الحديثة هو المحور الأساسي في جميع نشاطاتها فهي تدعوه دائماً إلى النشاطاتالذاتية، وتنمي فيه عنصر التجريب والمحاولة والاكتشاف، وتشجعه على اللعب الحر،وترفض مبدأ الإجبار والقسر بل تركز على مبدأ المرونة والإبداع والتجديد والشمول،وهذا كله يستوجب وجود المعلمة المدربة المحبة لمهنتها والتي تتمكن من التعامل معالأطفال بحب وسعة صدر وصبر.
إن مرحلة رياض الأطفال مرحلة تعليمية هادفة لا تقلأهمية عن المراحل التعليمية الأخرى كما أنها مرحلة تربوية متميزة، وقائمة بذاتهالها فلسفتها التربوية وأهدافها السلوكية وسيكولوجيتها التعليمية والتعلمية الخاصةبها، وترتكز أهداف رياض الأطفال على احترام ذاتية الأطفال وفرديتهم واستثارةتفكيرهم الإبداعي المستقل وتشجيعهم على التغير دون خوف، ورعاية الأطفال بدنياًوتعويدهم العادات الصحية السليمة ومساعدتهم على المعيشة والعمل واللعب مع الآخرينوتذوق الموسيقى والفن وجمال الطبيعة وتعويدهم التضحية ببعض رغباتهم في سبيل صالحالجماعة (حنان العناني ،2002 ، ص50 ) .
ومع أن منهاج رياض الأطفال لا يقوم على أسس أكاديمية أو خبرات محددةوإنما يقوم على توفير مختلف الخبرات والتجارب التي تخدم الطفل وتكسبه الخبرةاللازمة وتعمل على تنميته في مختلف مجالات النمو وهذا الأمر مختلف من روضة إلى أخرىومن منطقة إلى أخرى وهنا المطلب الملح والضروري بأن تقوم الجهات الرسمية المسئولةبوضع منهج موحد يعمم على الجميع ويجب الاعتناء بمعلمات رياض الأطفال وتحسين أدائهنالمهني وعمل دورات تدريبية لهن وتحسين رواتبهن حتى يتماشى مع طبيعة رسالتهن في بناءاللبنات الأولى في حياة الأجيال القادمة ( شبل بدران ،2000 ، ص 119 ) .
ومما سبق يمكن تلخيص أهداف رياضالأطفال فيما يلي:
§ إمتاع الأطفال في جو من الحرية والحركة.
§ إكساب الأطفالالمعلومات والفوائد المتنوعة من خلال اللعب والمرح.
§ تنمية القيم والآداب والسلوكالمرغوب عند الأطفال.
§ تنمية الثقة بالنفس والانتماء لدى الأطفال.
§ تدريبالأطفال على تحمل المسئولية والاعتماد على النفس.
§ تحفيز الأطفال وخلق الدوافعالإيجابية عندهم نحو العمل.
§ تنمية المهارات المختلفة والقدرات الإبداعية لدىالأطفال.
§ تعويد الأطفال على حب الجماعة والعمل التعاوني.
§ المساهمة في حل كثيرمن المشكلات لدى الأطفال كالخجل، والانطواء والعدوان....الخ.
§ إطلاق سراح الطاقاتالمخزونة عند الأطفال وتفريغها بطريقة إيجابية.
§توطيد العلاقة بين الطفل ومعلمتهمن خلال التفاعل معه بصورة فردية ( شبل بدران ،2000 ، ص 120 ) .
|